بدأت أورالينا في المغادرة وهي تحمل لين.
قفزت عبر أرجاء القصر حتى دخلت من إحدى الشرفات.
سحبته إلى غرفتها دون تردد.
ثم، مستخدمة يدها كسيف، شقت راحة كفّها. بدأ الدم يتقطر—لكن من صرخ كان لين.
مدّ يده نحو خنجره، إلا أن أورالينا أمسكت بشعره الطويل.
"ما زلت تستمتع بالتمرّد، أليس كذلك؟" قالت ببرود.
بدأت تضرب بطنه، مرة بعد مرة—كل ضربة كانت تجبر الدم على الخروج من فمه.
"يبدو أن حملك قد جعلك ضعيفة،" تمتم لين، عيناه نصف مغمضتين، وشفاهه ملطّخة بالدم.
تجمّدت ملامح أورالينا.
لثانية واحدة فقط.
كأنّه لامس جرحًا لم يجرؤ أحدٌ على الاقتراب منه من قبل.
من دون أن تنبس بكلمة، ركلته في وجهه، فاندفع جسده مخترقًا جدارين.
ثم تقدّمت نحوه وبدأت تضرب وجهه، ضربة تلو الأخرى.
"حتى وأنا ضعيفة، ما زلت قادرة على تأديب عبدي،" همست من بين أسنانها.
ثم، من دون أدنى خجل، انحنت نحو الجرح في يده وبدأت تمتص دمه.
بدأت عيناها تتوهّجان. كان بطنها ينتفخ بشكل غير طبيعي مع كل جرعة—كأنها لا تُطعم نفسها فحسب، بل شيئًا آخر… أفظع.
وعندما توقفت أخيرًا، عاد بطنها إلى حجمه الطبيعي. تنفّسها كان ثابتًا. مسيطرًا عليه.
"بما أن الطريقة الجسدية لم تنفع معك،" همست بابتسامة لئيمة، "دعني أريك المعنى الحقيقي للطاعة… يا زوجي العزيز."
بدأت العلامة على شكل التاج في يدها تتوهّج.
ارتجف جسد لين بعنف.
أمسك صدره—قلبه ينبض كأنه يحاول الفرار من قفصه الصدري.
ثم جاءت الصرخات. بدائية. حيوانية.
واصلت شرب دمه لساعة كاملة، كأنها كانت تستنزف روحه مع كل قطرة.
في مكانٍ ما بين الألم والخَدَر، توقّف لين عن الصراخ.
ليس لأن العذاب انتهى—
بل لأن شيئًا داخله قد انكسر.
جدار.
جزءٌ منه كان لا يزال يؤمن أنه يستطيع النجاة من هذا… دون أن يتغيّر.
وعندما شعرت أخيرًا بالملل، أوقفت العلامة.
"ربما تعلّمت الدرس الآن،" قالت بصوت كالجليد.
أمسكت شعره وسحبته عبر أروقة القصر.
ترك جسده خلفه أثرًا من الدم—كشريطٍ قرمزي يقود إلى عرشها.
أثرٌ من الألم… ولكن أيضًا من التحدي.
وعندما وصلا إلى قاعة العرش، تركت رأسه يتدلى بجانبها.
أربعة كراسي تحيط بعرشها—واحد لإيلينيوس والثلاثة الباقية للأميرات.
كنّ هناك بالفعل، ينتظرن.
نظرت الأميرات بصمت، ووجوههن متجهمة ومشدودة بتوتر كأن الهواء نفسه قد تجمّد.
وحده إيلينيوس سمح لابتسامة خفيفة بأن تتسلل إلى شفتيه—
سخرية؟ شماتة؟ أم رضا خفي؟
لكنها تلاشت بسرعة خاطفة، قبل أن يتمكّن أحد من تفسيرها.
جلست أورالينا على عرشها، شامخة وفخورة. ملكية. لا تُمسّ.
لكن قبل أن تستقر أصابعها على مسند الذراع…
ارتجفت. بخفة.
لم يلاحظ أحد.
إلا لين.
بمجرد إشارة من يدها، رمت لين نحو الحائط المجاور لهم.
أنّ بألم وهو يمسك ضلوعه—
"آآاه..."
لكن في أعماقه، كانت تظهر نية سواداوية داخله:
سأقتلك. أقسم… سأجرّ الجميع إلى الجحيم معي.
لم ينطقها،
لكن الكراهية في عينيه قالت كل شيء.
أدارت أورالينا نظرها إلى القاعة.
كان إيلينيوس يبتسم.
أما الأميرات الثلاث، فقد بدت الكآبة على وجوههن.
فجأة، انفجر هالتها، وملأت القاعة بهيمنة خانقة.
انهار لين، وقبّل الأرض من شدة الضغط.
ولم تستطع أيٌّ منهن أن تتحرك ولو قيد رمشة.
كانت الكراسي قد تحطّمت بالفعل، وتشققت أرضية القاعة تحت الضغط.
"في المرة القادمة،" حذّرت، "اضبطن ملامحكن… وإلا فلن تكون هناك مرة قادمة."
"...نعم، جلالتك."
"سيربينا،" قالت أورالينا وهي توجّه نظرتها الباردة نحو الأميرة ذات الشعر الأسود والعينين الخضراوين—شَعرها يتلوى كالثعابين السوداء، وأعينها تتوهّج بالأحمر. "إليكِ آخر المعلومات الاستخباراتية."
أشارت بيدها، وظهر أمامهم إسقاط سحري متوهّج.
ثم بدأت:
"عشيرة الذئب الأبيض فقدت ملكها. السبب؟ خيانة.
رغم عدم تأكيدها، إلا أن الشكوك القوية تشير إلى أن ابنته كانت وراء اغتياله.
صراعات داخلية اندلعت، ونفوذ العشيرة ينهار."
ثم وجهت نظرتها إلى الأميرة ذات الشعر الذهبي.
"وأنتِ، إيفارينا—الأميرة الذهبية، التي يرافقها دائمًا ثعبان أخضر ذهبي بعينٍين ذهبتين …
أمير الغيلان البيضاء استيقظ على بركة غامضة.
وفقًا للتقارير، هزم نخبة عشيرته بالكامل في ليلة واحدة—من دون سلاح.
وكان صعوده بهذه المفاجأة، لدرجة أن شيوخ العشيرة لم يجدوا خيارًا سوى الركوع له.
لا توجد لدينا معلومات إضافية عن أخته حتى الآن…
لكن عشيرة الغيلان البيضاء تستعيد شهيتها للتوسّع."
ثم التفتت إلى الأميرة ذات الشعر الأبيض والعينين الزرقاوين، تحيط بها أفاعٍ بيضاء عدّة.
"وأنتِ، لوسينتا—ما أخباركِ؟
ملكة الجان الزرقاء—قد استيقظت عيناها أخيرًا، وتحولتا إلى الذهب.
وحده ذلك يُعدّ زلزالًا سياسيًا…
لكن ابنتها أيضًا نالت البركة.
صحوة مزدوجة نادرة ضمن سلالة واحدة.
جان القمر الياقوتي ينهضون من جديد، ونفوذهم ينتشر عبر أراضي الشمال كالصقيع."
توقفت قليلًا، ثم أضافت ببرود:
"في الوقت الحالي، لا توجد معلومات مؤكدة إضافية."
ساد الصمت… حتى تغيّر نبرتها فجأة.
"أما إسفيرييلا، ملكة التنانين البيضاء—فقد أصدرت مرسومًا:
على كل عشيرة أن تحضر التجمع بعد أسبوع.
لا مزيد من إرسال القرابين فقط—بل الحضور الإلزامي، بأنفسهم.
ومن يرفض؟
وعدتهم بأنها ستريهم الجحيم. تلك كانت كلماتها."
توترت الأجواء.
ضيّقت أورالينا عينيها، ووقفت بثبات.
"كانت في السابق تجلس على عرشها وتتلقى ما يُدفع لها—
باردة، بعيدة، فوق الجميع.
لكن الآن؟
لقد غيّرت القواعد."
كان صوتها هادئًا، لكنه محمّل بالمعاني.
"اللعنة… هي لا تجمعنا فقط.
إنها تُحضّر لشيءٍ شرس.
ويجب أن أكون مستعدة."
نظرت حول القاعة، وعيناها لا يمكن قراءتهما.
"لا يمكننا أن نظهر ضعفًا. ليس الآن. ليس أمامها."
ثم، متوجهة إلى أخيها، قالت:
"إيلينيوس، اجعل من لين قويًا. لا مزيد من الأعذار.
إنه الملك الجديد الآن."
تقدّمت خطوة.
"هذه مسؤوليتك. لا تخذلني، إيلينيوس."
كانت كلماتها كأنها شفرة مغموسة في الجليد.
"أما البقية—استعدوا. أريد من الجميع أن يكون جاهزًا."
رنّ صوت أورالينا بالحسم والقطيعة.
ومع بدء تلاشي التوتر في القاعة، وقف إيلينيوس.
تقدّم نحو جسد لين المحطم، ورفعه بسهولة، ثم قال بصوت هادئ لكن لا يتزعزع:
"أنت الآن تحت رعايتي،" قال.
"وإن نجوتَ مما سأجعلك تمر به…
فقد تعيش أكثر منها."
ثم استدار وغادر حاملًا لين، ودمه لا يزال يقطر وراءه—
مثل بتلات حمراء… مكسورة.