27 - تحطم اللهيب الأبيض الحقيقي

بدأ إيلينيوس في سحب لين خارج الغرفة.

كان الجميع قد غادر بالفعل—باستثناء أوريانا.

وحين تأكدت من خلو المكان، سعلت بعنف، متناثرة قطرات الدم في يدها.

"اللعنة... هذا الحمل يضعفني أكثر فأكثر،" تمتمت، ثم نادت على خادمتها:

"جهزي المسار العلاجي... الآن."

وقف إيلينيوس أمام لين، بعينين باردتين لا يمكن قراءتهما.

"أختي أمرتني بأن أُعِدّك،" قال بصوتٍ خالٍ من الدفء. "ولن أخيب ظنّها."

وأشار إلى الخنجر الملقى على الأرض:

"امسك بخنجرك. هذا سلاح الوريث. يجب أن تتعلم كيف تستخدمه."

اقترب أكثر، ونبرته أصبحت أكثر حدّة:

"حاول أن تتعلم بسرعة... لأنك إن لم تأخذ الأمر بجدية، قد تفقد ذراعًا. أو ساقًا."

ثم تحرّك.

بسرعة عمياء، التمعت صورته حول لين قبل أن يسدد لكمة عنيفة إلى بطنه.

شهق لين، وقد طارت أنفاسه من الصدمة، وارتطم بأرض الحلبة.

عضّ على أسنانه، ومدّ يده نحو خنجره.

ركّز المانا داخله، مطليًا النصل بطبقة من السم.

ثم، بزفير حاد، أطلق سلسلة من الضربات.

جمع القوة في ساقيه—وانطلق كوميض برق في ضربة مميتة واحدة.

لكن إيلينيوس لم يكن غبيًا.

تفادى الهجوم بدقة، قفز في الهواء، ودار حول نفسه—

—ليوجه ركلة قوية إلى كتف لين. تردد صوت طقطقة عالية.

طار الخنجر من يده وارتطم بالأرض.

بركلة خفيفة من قدمه، ركل إيلينيوس النصل خارج الحلبة.

قبض لين على قبضتيه.

عيناه أضاءتا بلون أزرق لامع.

انعكاساته تسارعت، وقوته اشتدت، وسرعته تضاعفت.

هاجم—هذه المرة مستخدمًا يده كأنها شفرة، مطلقًا ضربات سريعة ونظيفة.

تغير الجو. لين أصبح جادًا الآن.

ابتسم إيلينيوس وبدأ يتفادى الضربات، ينساب بينها وكأنه يرقص.

ثم هاجم بدوره—

لكمة في بطن لين جعلته ينهار على ركبتيه.

بلا سابق إنذار، حرّك إيلينيوس إصبعين—

عاصفة سامة شقت وجه لين، تاركة جرحًا لاذعًا رفيعًا.

ثم داس الأرض، رافعًا حجارة ضخمة في الهواء.

بضربة سريعة، دفع واحدة منها بسرعة تفوق الرصاصة.

تفادى لين الأولى—لكن الثانية ارتطمت بساقه، سال الدم.

زمجر لين، ثم استدار ممسكًا بصخرة كبيرة ليستخدمها كدرع بدائي.

قال إيلينيوس بهدوء:

"أحسنت يا لين."

ترنح لين واقفًا، يلهث بشدة.

"تبًا لك..." بصق. "هل تحاول قتلي؟"

ابتسم إيلينيوس ابتسامة باردة.

"ربما... حان الوقت أن أتوقف عن اللعب."

رفع يده ببطء.

سكن الهواء.

خفت الضوء.

حتى المانا في الأجواء ارتجفت وتراجعت.

حول ذراعه، بدأت النيران البيضاء تتجمع—

—لكنها لم تكن نيرانًا عادية.

كانت تلتف، تزحف، وتهمس.

خرجت أفعى طيفية من النور، التفّت على كتفه، ثم امتدت إلى خارج الحلبة—

كأنها جلّاد سماوي.

بدأ إيلينيوس في تلاوة تعويذة، صوته منخفض ومهيب:

> "يا أفعى وُلدت من لهيبٍ صامت،

بعيونٍ جوفاء لا يُروَّض فيها شيء—

استيقظي الآن، من فراغ انهضي،

وامتدي بلفائفك نحو السماوات."

> "في صمتٍ مقدس، يُنادى بالحُكم،

فليُطهّر العفن، وليعمّ الصمت.

عبر العظم والدم، عبر الروح والخطيئة،

فليحترق غير المستحق من الداخل."

> "بأنيابٍ لا تُرى، ونَفَس أبيض،

التهمي النجوم، وامحي الليل.

فلينكسر العُلى، وليشتعل الثرى—

انفجري، واغمري العالم بالنور!"

اشتعلت الأفعى.

فتحت عينيها—بيضاء بالكامل، بلا روح.

لين بالكاد استطاع أن يتحرك. حاول رفع درع، لكن المانا داخله تشتّتت خوفًا.

انطلقت الأفعى نحو الأسفل—

—وفي تلك اللحظة، أصبح العالم أبيضًا.

لا صوت.

لا حرارة.

فقط فناءٌ نقي.

بعد نبضة قلب، اختفى الضوء—

مخلّفًا وراءه حجارة محروقة، أعمدة مشققة، ودخان يطفو في صمت.

في مركز الحلبة المدمرة...

كان لين ممددًا على الأرض.

ينزف من جراحه.

جلده مغطى بعلامات شاحبة تتلاشى—ليست حروقًا، بل محوًا.

وكأنه يختفي من الوجود.

وكأن شيئًا ما يقتله من الداخل.

وكأنه يموت—ليس جسديًا فحسب، بل وجوديًا.

ومع ذلك، وبفضل ثيابه المسحورة، نجا.

لولاها، لكان رمادًا لا أكثر.

لم يكن ميتًا.

لكن الموت لم يكن بعيدًا عنه.

وقف إيلينيوس فوقه، صوته بارد وهادئ:

> "شعرت به، أليس كذلك؟

اللّهيب الأبيض الحقيقي لا يدمّر.

إنه يكشف ما كان ينبغي أن يبقى مدفونًا."

استدار وبدأ في الابتعاد—

تاركًا لين في الصمت، أنفاسه متقطعة، عيناه باهتتان، ورائحة الطهر والخراب عالقة في الجو.

ثم—

صرخة طويلة عالية شقّت الصمت—

"آآآآآآااااهه!!"

خرجت من لين.

لكنها لم تكن من لين وحده.

انفجرت طاقة مظلمة من جسده، اندفعت كموجة مانا فاسدة.

عيناه تحولت إلى سوادٍ مطلق، البياض ابتلعه فراغٌ لا نهائي.

توقفت أنفاسه—لكن جسده تحرّك.

نهض كظل اتخذ شكلًا، أطرافه ترتجف بطريقة غير طبيعية—

كأنّ اللهيب الأبيض لم يحرقه... بل أيقظ شيئًا ما.

في لحظة، اختفى.

إيلينيوس بالكاد استدار، حين—

بام!

قوة ظلّية ارتطمت به، طار خارج الحلبة.

تحطّم، تدحرج على الأرض، يتقيأ الدم.

وبعد ثانية—

كراك!

لكمة مظلمة وقاسية ارتطمت بمعدته، رفعته عن الأرض قبل أن يُسحق بها إلى الأسفل.

تأوه إيلينيوس محاولًا النهوض، الدم يتساقط من فمه.

رجلاه ترتجفان.

نظر إلى لين—لا، إلى ما أصبح لين—

ولأول مرة منذ لقائه به...

تردد إيلينيوس.

ليس من الألم.

بل من شيءٍ أعمق.

الخوف.

رفع يده مجددًا، مستدعيًا اللهيب الأبيض—

لكن بدلاً من أن يظهر بجلاله المعتاد، بدأت النيران تتوهج بشكل غير مستقر...

ترتجف.

وكأنها تذكّرت شيئًا أقدم.

شيئًا دُفن.

اتسعت عينا إيلينيوس.

"...أنت لست ملعونًا فقط،" همس. "أنت... مختوم."

لكن لين لم يرد.

فقط مال برأسه ببطء، كصياد يدرس لعبته المحطمة.

ثم—

بوم!

اختفى لين من جديد، وظهر فوق إيلينيوس بضربة كعبٍ دوارة، سقط بها كنيزك.

ثم—من العدم—

وقف فوقه.

وبكلتا قدميه، وجه له ركلة سحقته إلى الأرض، بصوت طقطقة مرعب من جمجمته.

ارتجفت يد إيلينيوس محاولًا استدعاء اللهيب الأبيض مجددًا—

لكنها توهجت، غير مستقرة... خائفة.

رفع بصره.

لين كان واقفًا هناك—حافي القدمين، جلده متشقق بعروق سوداء، عيناه فارغتان كهاوية.

لا تعبير.

لا روح.

لا رحمة.

2025/07/05 · 34 مشاهدة · 825 كلمة
Dark horse
نادي الروايات - 2025