نظرت إيسفيرييلا حولها. كان الجميع راكعين أمامها، باستثناء "لين" الذي وقف مذهولًا، غارقًا في أفكاره.

ثم جثا سريعًا.

"اللعنة، يا لي من أحمق."

قالت إيسفيرييلا بصوت بارد:

"اليوم جمعتكم جميعًا للتضحية بعشيرتين من العشائر الحية هنا. لقد تلقيت أمرًا من ملك التنانين بأن أُعِدَّ الأرض لقدوم التنانين. لذا اليوم ستقاتلون جميعًا. الخاسرون سيختفون مع عشائرهم. لا أريد ضعفاء في أرضي."

ساد الذعر بين الحاضرين.

لم تُكمل حديثها. رفعت يدها برشاقة، فانطلقت موجة من هالتها القوية لتفتح باب الكهف. ارتجت الأرض واندفع الجميع إلى الخارج، يهبطون بعنف فوق الثلج. لم يجرؤ أحد على النهوض، فذلك سيُعدّ قلة احترام وقد يثير غضبها.

وبحركة يديها الساحرة، شكّلت ساحة للقتال. السحر الطاغي نسج عرشًا مهيبًا لها. حينها فقط أدرك لين الفجوة بين قوتها وقوة البقية. كان الأمر أشبه بمقارنة إنسان بنملة.

قالت بهدوء وهي تعلن القوانين:

"الذئاب البيضاء والغيلان ذو الشعر الابيض سيقاتلون ضد الجان الزرق والأفاعي. كل جانب سيُرسل ممثلًا واحدًا في كل جولة. يُسمح بأن يتكوّن الفريق من عضوين إلى ثلاثة.

ستكون هناك أربع جولات.

الجانب الخاسر سيمحى اليوم. هذا يعني أن عشيرتين لن تريا فجر الغد."

رفعت أميرة الأفاعي ذات الشعر الأسود سؤالًا:

"مولاتي… هل يمكننا الانضمام إلى عشيرة أخرى؟"

كان ذلك بمثابة صفعة على وجه أورليانا.

ضحكت إيسفيرييلا بمتعة، مستمتعة بالمشهد. أعجبها هذا التوتر.

وافقت وسألت إن كان هناك آخرون يرغبون بالانضمام لعشيرة جديدة.

قبل أن تتمكن من المتابعة، غادرت الأميرات الثلاث من الأفاعي وانضممن إلى الغيلان البيض. كان ذلك ضربة قاصمة لأوريلّيانا والجان الزرق.

لين توقّع ذلك مسبقًا.

أشارت الأميرة ذات الشعر الأسود إليه لينضم إليهن وإلى الأشباح. أما الأخريان فقلن له إنهن سيمنحنه كل شيء: الحرية من أورليانا، ثلاث نساء، قوة، وأكثر.

لكن لين هز رأسه نافيًا.

"لماذا أنضم إلى خائنات؟" كان يعلم في قرارة نفسه أن لا ثقة بأفعى. الخيانة طبيعتهم.

وفوق ذلك، كان قد أثار بالفعل غضب العشيرتين الأخريين في الاجتماع. كما أنه يحمل علامة محفورة في قلبه؛ إن خان أورليانا سيموت فورًا.

كان ذلك مقامرة خاسرة.

أصبحت أورليانا بلا أقوى أوراقها.

من بعيد، رمقها ملكة جان القمر الياقوتي بابتسامة ساخرة، كأنهم يشفقون على ملكة بلا عرش.

أشارت إيسفيرييلا للجميع أن يختاروا أول مقاتليهم.

اختارت الملكة أخاها فايلون. أما أورليانا فبدأت بإلينيوس.

تقدّم الجني ذو الشعر الأزرق والعيون الخضراء، الذي شوهد سابقًا.

دخل فايلون وإلينيوس إلى الساحة.

في مواجهتهما، أرسل الاغيلان ذي الشعر الابيض ثلاثيًّا: الغول معصوب العينين ذو الأسنان الحادة، ورجل ذئب ضخم، وليوسينتا. كان واضحًا أنهم يعتمدون على الأعداد.

كفّ إلينيوس عن الابتسام. صار جادًا، عاقد العزم على القتل. هدفه الوحيد كان أن يغادر من هنا مع شقيقته بأمان، وبرفقة لين.

قال:

"سأتكفّل بالخائنة والذئب الكبير. أنت خذ الغول الآخر."

أومأ فايلون.

"لنُنْهِ الأمر إذًا."

لم ينتظر إلينيوس.

التفّت ألسنة اللهب البيضاء حول سيفه وهو يندفع كالشهاب.

استهدف الذئب، موجّهًا ضربتين قاطعتين دقيقتين. قفز الذئب متراجعًا بمرونة غير متوقعة، لكن الحرارة أحرقت فراءه.

انطلقت ليوسنتا—الخائنة—مخالبها تتلألأ بثلج ملعون.

لكن إلينيوس كان مستعدًا.

التفّ بجسده في الهواء، وأطلق ضربتين ناريتين. صدّت الأولى بذراعها، لكن اللهب اخترق دفاعها وأحرق جلدها. أما الثانية فقد انفجرت بجوارها، متناثرة شظايا جليد في وجهها. تراجعت مترنحة، عمياء للحظات.

كانت تلك فرصته.

التفت نحو الذئب، عيناه مشتعلة بالغضب.

"انتهى أمرك."

اندفع سريعًا، واخترق صدر الذئب بلهيب أبيض، مثقبًا قلبه.

سقط الذئب جثة هامدة.

ثم عاد نحو ليوسنتا، يتفادى ضرباتها السريعة، وبدأ يتلو ترنيمته:

"يا لهب النور الذي لا يخبو…

أضيء دربي، ولا ترحم ظلام الخيانة…

يا نار العهد القديم…

طهّري، واحرقي، وازرعي الصمت في قلوب الكاذبين…

باسمي… وباسم الذين خانهم النور…

فليحترق الزيف…

وليقف الصادق تحت الفجر."

السحر المتقدم: اللهب الأبيض الملتهم

اندلع اللهب الأبيض حولها، يلتهم لحمها، يحطم عظامها، ويذيبها إلى العدم.

شهق لين. هكذا تعمل البركات إذن. كان إلينيوس يسكب مشاعره في تقنياته المباركة—ما يمنحها قوة مضاعفة.

ظل لين مركزًا عليه. كان التعلم من معركته أفضل من متابعة معركة ذلك الجان ، خاصة أنه فهم مسبقًا أسلوب قتال الأفاعي، الذي قد يكون مفيدًا لاحقًا في خبرته.

لكن الفضول دفعه لينظر إلى المقاتل الآخر.

الغول ما زال واقفًا. جسده مدمّى، ذراعه اليسرى محطمة متدلية بلا فائدة. ومع ذلك، عيناه تلمعان بعناد متوحش.

أما فايلون، فقد قاتل جيدًا لكن الثمن كان فادحًا.

ذراعه اليمنى تقطر دمًا، وعضة هائلة شوهت ساعده، ممزقة الجلد والعضلات حتى ظهرت الأوردة.

ثلاثة من أصابعه قُطعت: اثنان من يده اليمنى وواحد من اليسرى.

رغم ذلك، بقي واقفًا، وجهه شاحب لكنه ثابت.

وبعد أن فرغ إلينيوس من خصومه، تقدّم.

وضع يده على كتف فايلون، فانبعثت شعلة بيضاء هادئة، أحاطت بذراعه. لم تكن تحرق، بل تعالج. توقف النزيف، وبدأت اللحم الممزق يلتئم، وعاد إليه بعض من قوته.

لكن الأصابع لم تعد.

نظر إلينيوس إلى اليد للحظة، ثم صمت.

راقبهم لين بصمت.

الغول تسبب بضرر أعظم مما توقع، لكن النهاية كانت حتمية.

اثنان ضد واحد.

ذراع محطمة، جسد متصدع، دماء تتساقط تحت قدميه.

حتى وإن رفض الانسحاب، فقد انتهى أمره.

2025/08/29 · 6 مشاهدة · 760 كلمة
Dark horse
نادي الروايات - 2025