33 - امير الغيلان ذو الشعر الأبيض لورزاك

غغغغغغغغغغغغغغآآآآآرررررررررهه!!! انفجر صراخ هائل من حنجرة الغول المعصوب العينين.

لن أخسر… لن أخسر أبداً.

صرخ الغول الأبيض مرة أخرى، والطاقة تتجمع حول جسده. فجأة، ظهر نبض فقري بدأ من قاعدة عنقه، ثم اندفع نزولاً عبر عموده الفقري كموجة عاتية. تقوّس ظهره بعنف بينما تمدّد النبض، مطلقاً انفجارات من الطاقة البيضاء كل ثانية. الأرض من تحته تشققت، وارتفعت منها نتوءات عظمية دقيقة اندفعت ببطء من عموده الفقري، تحوم حوله في دائرة رهيبة.

الهواء صار أثقل. وكل من اقترب منه شعر بضغط حاد في صدره، وكأن شيئاً غامضاً يعتصر رئتيه.

قال أحدهم: "أختي، يبدو أن سميلفن قد فقد عقله."

ورد لورزاك ببرود: "سميلفن، استسلم. هذا أمر."

أضافت الملكة البيضاء: "أوقفه، لورزاك، قبل أن يرتكب حماقة."

فأجاب بهدوء: "حسناً."

لكن سميلفن لم يسمعهم. لقد ابتلعته هاوية الجنون. رأسه ارتجف مرة… ثم ثانية… ثم تمزق عصاب عينيه تحت ضغط الطاقة.

عيناه لم تعودا موجودتين.

محجرتان فارغتان، تتصاعد منهما ضبابات بيضاء باهتة.

زمجر بصوت غليظ مشوه، وكأن كائناً آخر يتكلم من خلاله:

"أنا… لا أطيع أحداً."

وفجأة، انطلقت النتوءات العظمية كالسيوف، مغروسة في أجساد إلينيوس و فايلون.

ثم تحرك سميلفن… بسرعة مهولة، تفوق إدراك البصر. انقضّ على الاثنين، بينما أطلق إلينيوس أسراباً من هجماته السريعة، في حين عجز فايلون عن الحركة.

لكن قبل أن يحدث المزيد، رفع الأمير الغولي الأبيض يده قائلاً بهدوء ساخر:

"لقد خسرنا هذه الجولة، جلالتك إيسفيريلا."

وبابتسامة باردة، اختفى.

ظهر خلف سميلفن في طرفة عين.

ومن دون إنذار، اخترقت جسده نبضتان فقريتان مزمجرة، حافرتان في عمقه. غرستا أنيابهما في روحه تمتصان حياته بجشع كالعَلَق. ثم استدار الأمير بأصابعه، فبدأت النبضات تدور كأنصال ملوثة بالدم، محركات لعنات تطحن اللحم والأعصاب. تمزق الجسد من الداخل، تحولت أحشاؤه إلى أشرطة ملتوية، وكليةاه إلى طين أحمر بائس.

وقف سميلفن مشلولاً في مشهد مقزز، قبل أن ينهار جسده بجوار أكوام أحشائه الممزقة.

تراجع لين متقززاً، يكاد يتقيأ. وأدرك أن سميلفن قد مات.

قال الأمير الأبيض بصوت حاد مرتفع:

"عديم الفائدة… تركتك حين قتلت الآخرين، ظناً مني أنك ستطيع. لكنك خيبت أملي."

فهم لين حينها أن القاتل لم يكن سوى الأمير الأبيض نفسه.

استدار الأمير نحوه مبتسماً، شعره يحجب عينيه، فيما انبعثت منه نية قتل خانقة.

أعلنت إيسفيريلا بداية الجولة الثانية بلا فسحة للراحة.

دخل إلى الساحة إلينيوس وفايلون، ومعهما لايميريا، ابنة ملكة الالف اذو الشعر الازرق. لكن إلينيوس كان منهكاً، استنزف قواه حين واجه رجل الذئب و"ليوسينتا".

حذّرته أورليانا من لورزاك، لكن الأخير استدعى الأميرتين الأخريين: إيفارينا وسيربينا.

وهكذا، وقف ستة على الميدان: إلينيوس ، فايلون، ولايميريا في مواجهة لورزاك وحليفتيه.

غير أن إلينيوس كان بالكاد يتنفس، إذ استنزف كل ذرة من طاقته.

وفجأة… ظهر الأمير الأبيض خلفهم.

أطلق ثلاث نبضات فقرية خاطفة.

رفعت لايميريا درعاً جليدياً مذعورة، لكن الدرع تحطم كزجاج هش، والنبضات اخترقت الأجساد، غارزة في العظام والأحشاء، ماصةً حياتهم.

الملكة زعزعتها الضربة، الدم يسيل من فمها. وإلينيوس بالكاد صد هجمات الأميرتين. التفت فرأى رفاقه يسقطون موتى.

اللعنة… انتهى كل شيء.

لكن لورزاك ظهر خلف إيفارينا وسيربينا، وغرس يديه في ظهريهما، منتزعاً نواتيهما. صرخاتهما تعالت، أرواحهما تُشفط، أجسادهما تذبل كأزهار مسمومة، عيون بلا نور، وانتهتا في أحضانه كدمى محطمة.

تمتم لين: "الحمد لله أنني لم أنضم إليهن."

خطا لورزاك إلى الأمام، يمسح الدم عن قفازه كأنه غبار.

التقت عيناه الباردتان بعيني إلينيوس ، ثم قال بابتسامة فاترة:

"ما رأيك يا إلينيوس ؟ استسلم، ودع ذاك الرجل" ـ مشيراً إلى لين ـ "يقاتل بدلاً منك. صفقة عادلة: أنت تستريح وتشفي جراحك، وأنا لا أحطم عظامك. وكلا الطرفين يربح."

ثم أضاف بصوت جليدي:

"إلا إذا كنت تفضل أن تموت هنا، مستنزفاً، مدحوراً في الوحل كالآخرين."

ساد الصمت.

وافقت أورليانا وأمرت إلينيوس بالانسحاب.

احتج لين: "ما هذا؟ لمَ انتهت المعركة بهذه السرعة؟ ألا تستطيعون الانتظار حتى تشاهدوني وأنا أُقتل؟"

قال إلينيوس وهو يغادر: "آسف يا صهري. لقد بذلت جهدي. حظاً سعيداً."

تنفّس لين بعمق وعدّ الجثث: ثلاثة من الأميرات، اثنان من الإلف الأزرق، ورجل ذئب واحد.

يكفون لخطتي… لكن القتال الآن أفضل من استخدام ورقتي السرية المدمرة.

دخل لين إلى الحلقة الكبرى.

أدار عنقه بيده ليستعد، ثم قال:

"لورزاك… أستطيع أن أشم مانا جسدك. وأقسم أنني متشوق لامتصاصها كلها. هيا أيها الوغد."

اختفى لورزاك فجأة. في طرفة عين، ركل جانب لين بقوة وحشية. رفع ذراعه لصدها، لكنه طار في الهواء وتحطم على الأرض بصوت صاعق.

"آآآآآآآآغغغغغغغغ!"

ارتجّت الساحة، وغمرها الغبار.

وقبل أن ينهض لين، رفع لورزاك يده، فانطلقت خمس نبضات فقرية نحو جسده.

لكن عينَي لين توهجتا بالأزرق القزحي، جسده يتحرك بلا وعي، يتفادى الأولى بشعرة، ثم يتدحرج ببراعة، يتجنب البقية.

قال لورزاك ببرود: "يبدو أنك تملك بعض الحركات الجيدة."

لكن لين كان أسرع الآن، عيناه تلمعان كجليد مشتعل. انخفض فجأة، انزلق على الأرض، وبحركة مباغتة أطاح بتوازن لورزاك، ثم وجه له ركلة لا ترحم… مباشرة بين ساقيه.

"غغغغغغغغغغغ—!"

انحنى لورزاك في ألم هائل.

قبل أن يستعيد توازنه، كان لين قد استل خنجره المسموم.

ضربة واحدة نظيفة.

سقط إصبعان على الأرض.

صرخة وحشية دوّت من حنجرة لورزاك.

قالت أورليانا بدهشة: "كيف تطور هكذا؟"

أجاب إلينيوس مذهولاً: "لا أعلم… آخر مرة واجهته كنت سأُقتل."

أما في الأسفل، فقد مال لين برأسه قليلاً، عينيه هادئتين لكن ساخرَتين:

"تابع غرورك كطفل مدلل… وسأبدأ بقطع ما هو أكثر من أصابعك."

ضحكة منخفضة دوّت في الأرجاء.

وعلى المنصة، لمع بريق في عيني إيسفيريلا، وقد أسرها هذا القتال الغريب، غير المتوقع.

2025/09/07 · 3 مشاهدة · 828 كلمة
Dark horse
نادي الروايات - 2025