في عالم السماء الخالدة… في الأراضي الشرقية… عند هاوية الرعد والبرق الأرجواني،
وعند بزوغ الشمس المصغّرة، ينبع نهر سماويّ متلألئ تنعكس على صفحته أشعة النجوم الملوّنة.
وبجوار ذلك النهر، ينتصب معبد طاوي قديم متهالك، تفوح منه رائحة العصور الغابرة، وتعلو جدرانه آثار قانون الزمن القاسي.
عند مقدمة المعبد، وقف شاب في الخامسة عشرة من عمره، يرتدي ثوب فنون قتالية قديم الطراز. ملامحه جميلة، وعيناه السوداوان عميقتان يبعثان هالة الخلود ومزاجًا استثنائيًا لا مثيل له. إنّه (شي هاو).
همس بصوت خافت:
«هل يمكن أن تكون… قطعة أثرية من الفوضى البدائية؟»
{معبد تناسخ السماء الأبدية}… يا إلهي! إنّها حقًا القطعة الأثرية الأسطورية من عصور ما قبل التاريخ!
تقدّم (شي هاو) بخطوات ثابتة نحو الباب المتهالك، وما إن تطلّع إلى الفضاء الداخلي حتى تجمّدت عيناه أمام مشهد صادم. كأنّه انتقل فجأة إلى العصر البدائي الموحش، حيث الأجواء قاسية وموغلة في البرية.
الأشجار العتيقة ارتفعت حتى لامست الأفق، وكأنها أعمدة تحمل السماء.
وفجأة دوّى هدير مزلزل هزّ العالم بأسره، فارتعشت الوحوش والشياطين والجبال.
ظهر تنين ذهبي ذو تسعة مخالب، يغطي جسده السماء والشمس، يحلّق عاليًا وينفث هالة قاتلة لا مثيل لها.
عيناه كانتا كهاوية مظلمة قادرة على ابتلاع السماوات. وما إن وقعتا على (شي هاو)، حتى شعر وكأنّه كائن عارٍ من كل الأسرار أمام هذا الجبروت المهيب.
وخز رأسه بقشعريرة، واجتاحته هالة خطيرة قاسية لا ترحم…
تردّد صوت قديم متقطّع، كأنه صادر من عمق الفوضى البدائية، يخاطب الفتى:
«لقد نلت اعتراف القطعة الأثرية من الفوضى البدائية… لك حظ عظيم ومصير استثنائي. ما اسمك يا فتى؟»
قبض (شي هاو) يديه وانحنى أمام الكيان المرعب، وقال بوضوح:
«جونيور شي هاو يقدّم احتراماته للحضور العظيم.»
ضحك الصوت العظيم:
«يا له من اسم رائع… انتبه جيدًا، لا تُفشِ سر امتلاكك لهذه القطعة الأثرية الأسطورية.»
ثم كشف المعبد — {معبد تناسخ السماء الأبدية} — عن لمحة من أسرار قانون التناسخ القديم. اختلّ توازن الين واليانغ، وتعطّل الطريق السماوي، وأصبح من الصعب التنبؤ بالمستقبل والأجرام السماوية ومصير الإمبراطور العظيم.
قال الصوت العتيق:
«لحسن الحظ أني أنقذت روحك البدائية من السقوط في دورة تناسخ لا نهاية لها. همم… لديك سلالة قديمة مهجورة؛ سأمنحك إرثي البدائي.»
مدّ التنين الأسمى أحد مخالبه نحو منتصف جبهة (شي هاو) وقال:
«هذه تقنية طوّرتها بنفسي منذ ملايين السنين، تحوي أسرار الداو العظيم والطريق السماوي بأكمله.»
فجأة اندفعت إلى بحر روحه ذكريات ورموز داو لا تُعدّ ولا تُحصى، فاستقبلها (شي هاو)…
{تقنية جسد التنين البشري الأسمى}
بدأ (شي هاو) يتفحّص الإرث البدائي، فارتجف وقال بدهشة:
«يا إلهي… إنها تقنية استثنائية! تصقل الجسد والروح البدائية معًا، وتفتح طريق التسامي والخلود. الجسد يتحوّل إلى تنين قديم مهجور، والروح تصبح خالدة لا تفنى…»
أدرك أن التقنية تتكوّن من ثلاثة عشر مستوى، كلٌّ منها يتحدّى السماوات نفسها.
«يا للعجب! المزارعون العاديون لا يتجاوزون المستوى التاسع كحد أقصى، أما أنا… فأستطيع الزراعة بثلاثة أضعاف قدراتهم، والقتال خارج حدود هذا العالم!»
كشف الإرث أيضًا عن خريطة الوجود: العالم مقسّم إلى أربعة عشر عالمًا رئيسيًا.
أما العالم الرئيسي الأول، فينقسم إلى ثلاثة عوالم صغيرة:
1. تلميذ قتالي
2. أستاذ قتالي
3. ملك قتالي
وكل عالم يتفرّع إلى تسع مراحل دقيقة، تمثّل مراتب القوة والتدرّج .
كان (شي هاو) حينها مجرّد أستاذ قتالي في السماء الثانية، يعيش في كوخ خشبي متهالك مع جدّه المريض، بعدما نُفي من عائلته وتعرّض لمحاولة قتله وهو رضيع. لم يعرف شيئًا عن والديه أو عن جذوره الحقيقية.
كل ما يملكه كان قلادة من اليشم الأرجواني، منقوشة عليها رموز رقصة التنين والعنقاء، إرث غامض يربطه بماضٍ مجهول.
نشأ في قرية صغيرة معزولة عن العالم الخارجي، لا يعرف سوى رعاية جدّه المصاب. لكن قبل شهرين فقط، توفّي الجد العجوز، تاركًا وصيته الأخيرة:
«ارتقِ إلى قمة الطريق العسكري، وابحث عن عائلتك، وتحمل المسؤولية العظيمة الملقاة على عاتقك…»
أمسك (شي هاو) القلادة بقوة، وعيناه تتلألآن بالعزم، ثم صرخ بصوت مدوٍّ يخترق الصمت:
«سأرتقي إلى قمة الطريق العظيم… سأنتقم لخطايا الماضي… وأدوس جميع أعدائي تحت قدمي!»
جلس تحت ظل شجرة عملاقة، وبدأ بتداول التقنية: {تقنية جسد التنين البشري الأسمى}.
تجمّعت الطاقة الروحية بين السماء والأرض، تحوّلت من حالتها الغازية إلى موجة متجلّية اندفعت نحو (شي هاو).
بدأ الدانتِيان يمتصّ هذه الطاقة بجنون، كأنّه ثقب أسود لا قرار له. وفجأة اجتاحت المكان تقلبات عنيفة، فانتُزعت روح الحيوية من كل ما يحيط به؛ ذبلت الأشجار والنباتات، وتحولت الأرض من حوله إلى قاحلة، وخفّ سطوع الطاقة الروحية حتى مسافة ثلاثة أمتار.
تردّدت في الهواء أصوات آلاف الخيول العاتية، ثم جاء صوت هادر كالرعد:
«بووووم!»
اخترق حاجز السماء الثالثة — وفجأةً ارتقى (شي هاو) إلى مرتبة أستاذ قتالي في السماء الثالثة.
وأخيرًا…
أكمل (شي هاو) زراعته، فارتفع المعبد القديم نحو أعالي السماء، ثم تقلّص حجمه حتى صار بحجم كف اليد، وانطلق بسرعة خاطفة باتجاه الدانتِيان في أسفل البطن من الجهة اليسرى.
هناك امتصّ الطاقة الروحيّة بشراهة، ثم استقرّ في أعماق الدانتِيان، فانتشرت منه هالة بدائية مهيبة ومرعبة.