وقف فتى صغير في وسط فناء ، و كان يحمل في يده سيفا خشبيا ، لوح به بقوة

فجأة سقط السيف من يده على الأرض

"آه ، يدي"

نظر الفتى نحو يده و كانت هناك علامات لنتؤات و تورمات على ذراعه

لكنه حمل السيف الخشبي و بدأ بالتلويح به مرة أخرى ، تساقط العرق من جبهته بقوة

بعد حوالي الساعة كان قد عاد الفتى الى غرفته ، و كان جالسا على سريره و كان بجانبه فتاة رقيقة أكبر سنا و هي تمسك بيده و تقوم بلف الضمادات عليها"لقد بالغت في التدريب كثيرا ، سو مينغ"

ابتسم الفتى على كلمات الفتاة"لم أبالغ في شيء يا أختي ، مازلت ضعيفا و أمام طريق طويل"

'هذا صحيح ، طريق طويل حتى يعترف بي أبي'

تنهدت الفتاة و قامت بقرص خد سو مينغ الصغير بلطف" أنت ضعيف ، لكن هذا سيتغير بمرور الوقت ، لكن لا تجهد نفسك بالتدريب"

"آه أختي توقفي عن قرص خدي ، أنا لست فتا صغيرا"

ابتسمت الفتاة بحنان"أنت ستبقى أخي الصغير في نظري دائما"

أمسك سو مينغ بمكان القرص و ابتسم"أجل ، و لكن إني أريد القوة"

وقفت الفتاة من السرير و مشت خارجا"العديد من الأشخاص يريدون القوة ، و البعض قد وصل لها ، لكن ما أريده أنا هو أن تهتم بنفسك أكثر"

وقف سو مينغ ومشى خلف أخته"أنا سأهتم بنفسي لا تقلقي علي يا أختي"

غادر سو مينغ بوابة المنزل و غادره ، وكل ما يحمله في يده كان سيفه الخشبي

غادر منطقة عائلته و سار نحو جبل صغير ، على قمة الجبل ، كانت هناك شجرة واحدة راسخة في مكانها

جلس سو مينغ البالغ من العمر تسع سنوات أسفل تلك الشجرة و تأمل في الشمس أمامه ، وانطلقت كلمات من فمه "جميل ، كم أحسدك أيتها الشجرة ، يمكنك البقاء هنا و مشاهدة غروب و شروق الشمس دائما"

ثم استدار وربت على الشجرة "لكن أليس بقائك وحدك هنا مؤلما ، أليس البقاء وحيدا موحشا"

في تلك اللحظة ، هي التي أدرك فيها سو مينغ شيئا ، القمة كانت موحشة ، البقاء وحيدا ، هذا ببساطة ، شعر كما لو أن ذلك لم يخلق له

حتى لو وقف على القمة ، سيقف وحيدا ، لأنها تتسع لشخص واحد فقط

وقف بهدوء من مكانه و بدأ بالتلويح بسيفه الخشبي

كان هذا السيف أول و آخر هدية قدمها له والده

لم يكن والده يطيل البقاء في المنزل ، و قد ازدادت تلك المدة بعد وفاة والدته ، لكنه لم يشعر أبدا بغيابها ، كانت أخته تهتم به بعمق

لكن لأن والده لم يكن يمكث في المنزل بسبب العمل ، أراد سو مينغ أن يصبح قويا ، حتى يستطيع حمل الثقل عن أكتاف والده

لوح بسيفه منذ بدأ في تعلم الفنون القتالية كل يوم ، حتى عندما تورمت يداه و بدأت تؤلمانه استمر بالتلويح حتى خرج الدم ، حتى عندما هطلت الأمطار وكانت الأرض موحلة وطينية ، لم يزعجه الوسخ والقذارة ، بل كان سعيدا بها ، حتى عندما تساقطت الثلوج وكان من الصعب الحركة في الجليد كان يلوح به ليدفأ نفسه

عندما كانت هناك حرارة الصيف حتى لو أنهكه العطش الشديد كان يشرب الماء و يكمل تلويحه

لكن شعر بأن كل هذا بلامعنى ، فطوال هذه السنوات مهما رآه والده لم يثني عليه و إنما أعطاه نظرة عابرة ، و لكن ذلك لم يحبطه ، شعر فقط بأن الجهد الذي كان يبذله لم يكن كافيا

و ماذا لو لم يملك جسدا مقدسا؟ ، و ماذا لو لم يملك موهبة عظيمة؟ شعر فقط بأن عمله الجاد سيأتي ثماره

لذلك وضع هدفا أمام نصب عينيه ، كانت منافسة المدينة للشباب

طالما كان قادرا أن يحقق المركز الأول فلن يستطيع والده تجاهله بالتأكيد

أو ذلك ما اعتقده

بعد إمضائه وقتا على قمة الجبل عاد الى منزل عائلته ، و كان تلك أول مرة يأكل مع والده في نفس الغرفة منذ وقت طويل

جلس سو مينغ و أمامه تم وضع الطعام ، بينما جلست أخته أمامه و جلس والدهما بينها

لم يبادر سو مينغ بأي محادثة مع والده و إنما أكل بهدوء

فجأة تحدث والد سو مينغ"بعد الطعام سأقوم بتعليمك أسلوب عائلتنا في السيف"

عند سماع تلك الكلمات أظهر سو مينغ على الفور بهجته"أتطلع الى ذلك أبي"

شعر سو مينغ للحظة أنه أخيرا سيحظى بفرصة ليمضي وقتا مع والده

بعد الطعام وقف الإثنان في الفناء ، حيث أمسك والد سو مينغ بسيف حقيقي و بدأ بعرض مهارة سيفه

كانت خطواته رشيقة ، و سيفه يتمايل بلطف مع الهواء ، و كل ضربة كانت دقيقة

بعد انتهائه من عرض المهارة أشار لسو مينغ"هذا فن سيف البرقوق الصافي ، فلترني ما لديك"

أمسك سو مينغ بسيفه الخشبي و بدأ بالتلويح به بنفس حركات والده ، و لكنها لم تكن في نفس المستوى

عندنا انتهى سو مينغ من عرض حركاته ، وقف والده بهدوء وتنهد و بدأ يمشي بعيدا"كما توقعت لست مستعدا بعد"

سقطت تلك الكلمات كالحمل الثقيل على كتفيه ، لم يملك والده تطلعات له من البداية ، و مع ذلك أحكم قبضتيه'ليس بعد ، سأجعله فخورا بي ، علي الفوز في البطولة مهما كان الثمن'

غادر سو مينغ المنزل مرة أخرى وعاد الى الجبل ووقف أسفل الشجرة

"لن أسمح لأشياء كهذه أن تلهيني ، طالما أني أبذل جهدي سأتفوق على أي موهبة"

على الفور نفذ سو مينغ الحركات مرة أخرى مجددا و مجددا بدون توقف ، ولم يكن يملك غير سيفه في هذه الأيام

مر الوقت بسيولة وهو يتدرب و عندما عاد الى المنزل ، بعد أسابيع من التدريب على المهارة ، عاد الى والده و أراه قدر ما تدرب

لكن رده كان صاعقا ، لم يتغير رده عن المرة السابقة

مشى سو مينغ بخيبة أمل من المكان ، و لكن لم يدع ذلك يؤثر به ، عاد و تدرب مرة أخرى

في يوم المسابقة صعد سو مينغ على الحلبة في مواجهة خصمه ، بعد قتال العديد من الخصوم في جولاته السابقة وصل أخيرا للنهائيات

وقف سو مينغ على الحلبة و نظر الى الجمهور ، طوال هذه السنوات ، كان يسمع الكثير من الناس ، حسدوه على موهبته

دائما ما يقولون "كما هو متوقع من ابن الجنرال"

كان يقاتل العديد من الأطفال من مدينته ، لكنه فاز في كل مرة ، كلهم يرجعون الأمر الى كونه ابن جنرال ، و أن عليه أن يرقى الى تلك التوقعات التي وضعت عليه وكل هذا بسبب كونه ابن الجنرال

كلهم ينظرون إليه كما لو لم يكن يبذل جهده بتاتا ، و كل ما اعتمد عليه كان الموارد التي توفرها له عائلته

طوال فترة حياته القصيرة التي دامت عشر سنوات ، لم يسمع إلا كلمة ابن الجنرال و ليس اسمه ، لم يكونوا ينظرون اليه كشخص ، بل كصورة طبق الأصل عن والده و أن عليه وصول تلك التوقعات

حمل سو مينغ تلك التوقعات في قلبه و آمن، آمن بأنه ذات يوم سيصبح مثل والده و يخفف عنه الحمل

لكنه لم يعرف أن الحمل الذي أراد أن يخففه ليس بقدر تلك التوقعات التي أراد بلوغها كانت كالسلسلة التي تربطه ، مما تسبب في وجود حمل هائل عليه

لذا كان عليه أن لا يخفق ، إذا أراد بلوغ تلك التوقعات، تلك المرتبة ، القمة ، عليه أن لا يخفق

أعلن الحكم بدأ المباراة ، اندفع سو مينغ نحو خصمه وحمل السيف بشكل أفقي للطعن المباشر ، لكن خصمه قفز للجانب و لوح بسيفه بشكل عمودي على رأس سو مينغ

أرجع سو مينغ جسده للخلف وحمل سيفه فوق رأسه و صد الضربة

أمال سو مينغ بسرعة سيفه نحو الأرض حيث انزلق سيف الخصم نحو الأرض واستدار سو مينغ ولوح بقوة هادفا لعنقه

انحنى الخصم قليلا وسدد ركلة نحو سو مينغ أبعدته خمس خطوات للخلف

أمسك الخصم سيفه بسرعة و تقدم نحو سو مينغ

سو مينغ فاقد التوازن قفز للجانب و تجنب خصمه

أحكم سو مينغ سيفه و كما استدار خصمه و التقى السيفان في لحظة

على الفور اهتز سيف سو مينغ و ضرب السيف بلطف و طار من يد خصمه في الهواء انحنى سو مينغ على الأرض و سحب قدمه خلف خصمه و أوقعه أرض و حمل سيفه نحو عنقه

كان يلهث سو مينغ بشدة ، ما استخدمه الآن كانت مهارة سيف زهرة البرقوق الصافية التي علمها له والده

على الفور أعلن الحكم"الفائز هو سو مينغ"

وقف سو مينغ و أعلن نفسه منتصرا ، شعور بالفرح و البهجة غمر قلبه بسرور ، كان على وشك سماعها ، سماع ضحكة والده الفخورة به

لم يطق سو مينغ الإنتظار و ركض بسرعة الى بيت عائلته و سارع الى أبيه

"أبي أبي ، لقد فعلتها لقد فزت في البطولة" ابتسم سو مينغ بسعادة ، منتظرا أن يغدقه والده بالمديح ، لكنه كان كمن كان ينتظر بئرا جافا أن يولد الماء من تلقاء نفسه

أعطاه والده نظرة عابرة ، كما لو لم يكن ينظر اليه مباشرة ، وهز كتفيه"و ماذا في ذلك؟ ينبغي أن يكون شيء كهذا عاديا بالنسبة لك ، إنها مجرد بطولة تافهة"

شعر سو مينغ بتلك الكلمات كما لو كانت مليئة بالسم. الازدراء في صوت والده، والرفض العرضي لما انجزه، كل ذلك سقط عليه مرة واحدة ، عمل لسنوات بتفاني والدم والعرق والدموع، كل هذا من أجل ماذا؟ مجرد تافه لوالده

تعثرت ابتسامة سو مينغ، وتبخرت فرحته مثل الضباب في الشمس الحارقة. شعر بثقل في صدره، كما لو أن ثقلًا من الرصاص يضغط على قلبه، ويعتصر أنفاسه من رئتيه ، كان الحمل الذي حمله سقط عليه و كان أثقل مما تصور

"هل هذا كل ما أنت قادر عليه يا بني؟ كنت أتوقع المزيد منك"سخر والده ، وضاقت عيناه إلى شقوق ، قبل أن يستدير و يغادر تاركا سو مينغ هناك

اتسعت عيون سو مينغ في حالة رعب وهو يعالج كلمات والده. لقد شعر وكأنه على وشك القيء، وكأن أحشائه قد تمزقت. كيف يمكن أن يكون والده باردًا جدًا، بلا قلب؟ بعد كل شيء، بعد كل ما فعله، ألم يهتم والده على الإطلاق؟ سقطت دمعة واحدة على خد سو مينغ وهو واقف هناك، مشلولًا من الصدمة

"لقد بذلت كل شيء من أجل هذا، لأصبح ما يريد مني أن أكون. ومع ذلك، فهو لا يزال لا يراني. لا يعترف بي كشيء أكثر من مجرد انعكاس مخيب للآمال لنفسه"

ما هو الهدف من أي منها؟ لماذا حاول حتى؟ للحظة، تساءل سو مينغ عما إذا كان ينبغي عليه أن يستسلم، وإذا كانت الحياة حقًا قاسية وبلا معنى كما تصورها والده

لم يقبل به والده فكيف يقبل هو بنفسه ، دفعة واحدة نطح جبهته مع الأرض ثلاث ، تقديما للإحترام لوالده للإعتناء به كل هذه السنوات

ثم رفع رأسه حيث نزف من جبهته و غادر المكان ، حمل أغراضه في كيس قماشي صغير ، وحمل سيفه الخشبي معه ، ودون أن يلتفت للوراء غادر تاركا كل شيء ، تاركا عائلته ، تاركا المدينة ، حيث في قلبه حمل إرادة واحدة

وماذا لو لم يعترف بي بملء إرادته ، سأجبره على أن يعترف ذات يوم ، وهذا وعد على نفسي

2024/08/17 · 70 مشاهدة · 1713 كلمة
نادي الروايات - 2025