في منتصف الليل حيث لا صوت يعلو صوت الحشرات التي تزحف في الطبيعة ، استيقظ ناوتو من نوم عميق
"لا!"صرخ بكل الم و هو ينهض من سريره من حلم بشع
المأساة التي حدثت له
كان جسده ممتلآ بالعرق البارد ، بينما كانت تتصاعد انفاسه
"انه ذلك مجددا ، يبدو ان هذه ليلة اخرى بدون نوم"رفع يده و نظر اليها قبل ان يهدأ نفسه تلقائيا
غادر سريره من اجل مسيرة ليلية خفيفة ، طان يعلم أنه لن يخلد الى النوم في أي وقت قريب
فور ان غادر غرفته بدأ بالمشي ، لكن لاحظ فقط كم كان قلبه ينبض بسرعة في صدره
كان قد راوده هذا النوع من الكوابيس عددا من المرات ، لكنه كرهه و لم يكرهه في نفس الوقت
كرهه لأنه ذكره بخطأه الذي لا يغتفر و لم يكرهه لأنه استعمل كحافز يدفعه في الوقت الحالي
بشكل غير متوقع سمع صوتا في اذنيه، صوتا جميلا و عذبا ، صوت أداة موسيقية
عندما سمع هذا الصوت بدأ تنفسه ينتظم و دقات قلبه تتباطئ و تسترخي
جذبه هذا الصوت بشكل لا إرادي ، و لاحقه كما كان الصوت يقترب أكثر فأكثر ، استمر بالمشي بهدوء حتى خرج من بين الأشجار الى بحيرة جميلة لامعة عكست صورة القمر بوضوح
كما سار ببطء لاحظ شخصا يجلس على جذور شجرة ، كانت الشجرة مقابلة للبركة
عندما نظر ناوتو بوضوح ، كان ذلك الشخص فتاة
كانت الفتاة ترتدي ثوبا ابيض جميل و رفرف شعرها الأسود من الرياح كشلال ينهمر على الأرض
عند سماع خطوات خلفها استدارت الفتاة نحو ناوتو ، ذلك عندما رأى ناوتو وجهها ، كانت ترتدي عصابة عينين بيضاء ، ببشرة بيضاء كالثلج
نظرت الفتاة الى ناوتو ، و شعر ناوتو كما لو ان هذه الفتاة تنظر من خلاله تماما ، مع استدارتها كان قد توقف صوت العزف ، كما ملأ صوتها ذلك الفراغ"اوه انه انت"
عند انتهاء العزف استعاد ناوتو بعضا من رشده و سأل"من....انت؟ الأخت ليو يان؟"
ضحكت الفتاة بخفة و استخدمت يدها لاخفائها" اذا افترض انهم لم يخبروك؟ انا و اختي توأمان لذا أفهم لما اختلط عليك الأمر خصوصا مع وجود فتاة وحدها في مثل هذا المكان في الليل"
بشكل لا إرادي بدا ان وجه ناوتو تحول للأحمر قليلا قبل ان يستعيد توازنه"اه آسف ، أخبرتني الأخت ليو يان بأن لديها أختا لكن لم تخبرني أنهما كانا توأما ، لذلك اختلط علي الأمر"
ظهرت ابتسامة على وجه الفتاة"حسنا افترض ان الأمر كذلك خصوصا مع قلب مضطرب كخاصتك"
اتسعت عيون ناوتو كما نظر الى تعبير الفتاة"كيف لك ان تعرفي ذلك؟"
استدارت الفتاة كما تحدثت"انه صاخب للغاية ، الكائنات الحية غير الواعية و التي تعتمد على الغريزة تبدأ في الهرب من مثل هذه الأصوات، اه اعتقد اني قلت شيء غير لائق ، و يبدو انك اتيت الى هنا بعد ان سمعت صوت عزفي اليس كذلك؟" استدارت كما ربتت على مكان بجانبها"تعال اجلس بجانبي"
لسبب ما لم يستطع معارضتها ، تقدم و جلس بجانبها بهدوء ، بينما كانت تحمل في يدها آلة قانون خشبية
و ببطء بدأت بتحريك يديها عبر الاوتار و بدأت بالعزف ، كان الصوت هادئا و جلب السكينة الى نفس ناوتو و هو بدوره اعجب بالصوت
في حياته السابقة لم يكن حقا يهتم بأمر كالموسيقى و لكن الآن من كان يتوقع انه سيصبح معجبا بها
بعد فترة كانت الفتاة قد انتهت من العزف ، كما رفع ناوتو ذراعيه امامه"شكرا للأخت الكبرى ، لكن هل لي معرفة اسمك"
انتبهت الفتاة للحظة"نسيت اني لم اخبرك باسمي ، انا ادعى يين ، ليو يين"
نظر ناوتو بشكل فارغ نحو ليو يين قبل ان يسأل"الأخت يين ، هل لي ان اسأل ، لما ترتدين عصبة العين هذه ، ايمكن ان تكوني عمياء؟ اذا كان الأمر كذلك ربما اعرف طريقة لعلاجه"
رفعت ليو يين يديها كما شرحت"لا ، انا في الحقيقة لست عمياء حقا ، الأمر فقط ان عيني اقوى من ان اتحمل النظر بهما بشكل طبيعي" ثم ظهر عبوس طفيف في وجهها"ليس كأني احتاج الى رعاية كذلك؟ انت اعمى في الحقيقة اكثر مني"
التغير الذي حصل في سلوك ليو يين جعلته يحتار قليلا"اه الاخت الكبرى مالذي تعنيه"خدش ناوتو رأسه قليلا بغباء
"هذا ما اتحدث عنه ، انا لا اتحدث عن كونك اعمى البصر ، لكنك اعمى البصيرة"
كما قالت تلك الكلمات اقشعر جسد ناوتو لا اراديا ، شعر بان ما قالته كان له معنى و لكنه لم يدركه
تغير تعبير ليو يين من العبوس لتعود الى تلك الابتسامة"في الحقيقة السبب في اخفاء لعيني ، هو اني امتلك عين القدر"
كما قالت ذلك سأل ناوتو "و ماذا تكون هذه؟"
تنهدت الفتاة كما ابتسمت"الامر حقا كما قالت اختي ، انت لا تعرف شيئا ، هذه العيون هي شيء ولدت به ، و هي شيء خطير في نفس الوقت ، لأنها تسمح لي برؤية المستقبل"
كما سمع ناوتو تلك الكلمات اندفع حماس مفاجئ في دمه"يمكنك رؤية المستقبل؟ شيء كالعرافة او ما شابه؟ مع قدرة قوية كهذه كيف لا يمكنك فعل شيء كحكم العالم او حصول على امبراطورية او ما شابه"
عند رؤية حماسة ناوتو ، مازالت ليو يين تبتسم"انت تبالغ في تفكير ، انت لا تعرف كم هي خطيرة هذه القدرة ، بالطبع يمكنني رؤية المستقبل ، لكن لكل شيء جانب خطير"
امسكت ليو يين بغصن شجرة جاف على الأرض و بدأت بالرسم"فكر بالزمن كنهر ، و البشر و الكائنات الحية هي مجرد اسماك تسير مع التيار ، لكن مالذي يحدث اذا قفزت سمكة من النهر؟"
ظهرت فكرة في عقل ناوتو عقب ذلك"ستستطيع السمكة رؤية النهر التي قفزت منه ، و ذلك هو معنى رؤية المستقبل ، لكن في سبيل ذلك هو ان السمكة لن تقع في نفس المكان الذي قفزت منه و قد ينتهي بها بالقفز خارج النهر"
لمعت عيون ليو يين باعجاب عند سماع ذلك"يبدو ان ما تملكه هو نقص في المعلومات ، لكن لديك القدرة على الفهم ،لكن امر كالخروج من نهر الزمن ممكن ان تم استخدام هذه القدرة مرة تلو الأخرى ،لكن تلك ليست المشكلة الوحيدة ، كما قلت البشر هم اسماك لذا عندما تقفز كل ما يمكنها هو رؤية النهر ، لا يمكنها مثلا وضع الحجارة على النهر ، و الا سيتغير المجرى و سيفتح مستقبل جديد ، و لا أحد يعلم ان كان جيدا او سيئا"
استمع ناوتو بهدوء"هكذا اذا"
ثم اكملت"شيء اضافي ، قدرتي تعمل على البشر ، و لكن يجب ان انظر الى هذا الشخص بشكل مباشر ، و فور ان انظر الى مستقبله لن يتغير هذا المستقبل و سيصبح ثابتا دائما لذلك اذا لم اراه قد تكون هناك فرصة ليتغير بلا نهاية ، لكن فور ان انظر اليه لن يتغير مرة اخرى"
نظر ناوتو الى الرسم للحظة و تنهد قبل ان يرفع رأسه نحو البحيرة
حقا كان القدر قوة غامضة في حد ذاتها ، و على الأرجح قد يكون من الجيد ألا يتعامل معها في الوقت الحالي
"اترغب بالإطلاع على مستقبلك؟ لقد اخبرتك بظروف هذه القدرة حتى تعلم"سألت ليو يين مع ابتسامة
بقي ناوتو صامتا و هو يتأمل ما قالته ، قد يكون معرفة مستقبله شيئا يريده ، لكن فور رؤيته سيبقى ثابتا
لكن لأي سبب سيبقى ثابتا؟
لأن القدر و السماء لا يسمح بذلك؟
أهذا بسبب ان البشر مقيدون بأغلال القدر؟
إذا كل ما عليه هو تدمير تلك الأغلال
ألا يمكن تدميرها؟
اذا سيكون عليه فقط ان يدمر القدر نفسه فحسب و يغير المستقبل
ابتسم ناوتو بجرأة"اريد ان اعرف مستقبلي ، قد يبدو ان هذا انانية مني لطلب ذلك"
ابتسمت ليو يين برقة"هذه ليست أنانية ، الجميع دائما يقلق على مستقبله ، و لا يفكرون في ما لديهم الآن ، لكن الأشياء دائما تتغير بلا نهاية ، الى حين آخر قطرة من نهر الزمن"
رفعت ليو يين يديها و بدأت بنزع عصبة العين بهدوء"فيو هكذا افضل ، احيانا هذه العصبة تكون خانقة جدا"
منظرها بدون العصبة ، كانت بلا شك كنسخة طبق الأصل عن ليو يان ، لكن عينيها كانتا كجوهرة عكست النجوم ، زرقاء سماوية
عند رؤية انعكاسه في عينيها شعر كما لو ان كل شيء اصبح حالك السواد ، لم يعد يرى اي شيء ، او يسمع اي شيء ، او يشعر بأي شيء ، أشبه بحالة من العدمية المزعجة
عندما عادت حواسه كان ما يزال امام البحيرة ،و لكن ، كانت ليو يين تبكي ، خطان من الدموع على وجهها
"الأخت الكبرى؟"
بدا كما لو ان صوته قد اعادها الى الواقع ، عند ادراك منظرها بسرعة مسحت عينيها "اسفة ، علي قول هذا ، كانت هناك نقطة حيث تم منعي من النظر ، كما لو كان هناك جدار ، لكن لا أظن ان عليك لوم نفسك كثيرا ، و الا ستفقد المزيد في المستقبل ، ستفقد نفسك"
اماء ناوتو كما ابتسم"هذا شيء لا يجب عليك القلق منه ، لقد قررت بالفعل انا لا القي اللوم على نفسي ، انا القي باللوم على العالم ، حاولت السماء قتلي و التخلص مني ، لذلك سأبدأ من سماء هذا العالم حتى السماء الحقيقية"
الطريقة التي ابتسم ناوتو بها جعلت جسد ليو يين يقشعر في مكانه، لم يكن هناك شخص عادي اراد قتال السماء ، لكن بدا هذا اشبه بالجنون"عليك التوقف عن التفكير بهذه الطريقة"
رفع ناوتو نظره الى السماء و ضحك"لا عليك ، انا اعرف حدودي جيدا ، ان كان هناك شخص مهم لي فسأقوم بحمايته ، و اذا كان علي قتال السماء لذلك فسأفعل"
تنهدت ليو يين ثم ابتسمت"لا اعرف ان كان علي القول انك مجرد احمق ام شخص يريد تحقيق المستحيل ، لكن عندما نظرت الى حياتك أستطيع القول اني اعرف انك في داخلك شخص طيب و اتمني ان تبقى ذلك الشخص"
فجأة اختفت ابتسامة ناوتو"طيب؟ الطيبة لن تنقذك في هذا العالم ، بالتخلص من شيء كالطيبة يمكنني ان اصبح شخصا اقوى ، لأن الطيبين محكومون بمبادئهم فذلك يضعفهم و يمنعهم من اتخاذ القرارات الصائبة القاسية ، لن أسمح لنفسي بأن اكون ضعيفا في هذه الحياة"
ذعرت ليو يين عند سماع ذلك"ذلك! ذلك ليس اكثر من المسار الشيطاني!"
ظهرت ضحكة كبيرة على وجه ناوتو"و ماذا في ذلك؟ لا يهم اكان المسار الصالح او الشيطاني ، طالما سأصبح أقوى ، فأنا لا امانع السير في كليهما او حتى صنع طريقي الخاص ، المسار الصالح مجرد منافق و المسار الشيطاني هو مجرد حقير ، اذا كان السير على الطريق الشيطاني سيجعلني اقف على قمة العالم ، سأصبح الأكثر شيطانية في العالم ، ان كان الطريق الصالح سيجعلني بلا منازع ، فأنا على استعداد لأصبح قديسا"
لم يبقى إلا تعبير مصدوم على وجهها فقط ، بالنسبة لها كفتاة عاشت حياة واحدة فقط ، بدا لها أن كلمات ناوتو مظلمة للغاية ، مما جعلها تتسائل عن نوع التجارب التي عاشها و التي جعلته هكذا ، ذلك عندما أدركت ، هذا الشخص لا يمكن إصلاحه
لكن لم تستطع البقاء واقفة و هي تشاهده يدمر نفسه"إذا ، ستخطو على هذا الطريق مهما كان الثمن؟"
نظر ناوتو اليها من زاوية عينه ، ثم عادت الى السماء ، تشكلت الغيوم عاليا بصوت مضطرب ، لكن على عكسها كان عقله هادئا ، استدار نحوها و نطق بكلماته النهائية"الأخت الكبرى ، لقد اتخذت قراري ، مهما كان الثمن الذي علي دفعه ، حتى لو كان علي اقتلاع عيني أو قطع أطرافي ، طالما ذلك يجعلني أقوى ، فأنا لا أمانع ذلك ، لقد سبق و خسرت ما أمكنني خسارته"
"هذه شخصيتي ، شخصية يائسة"
مع تلك الكلمات ضرب الرعد في السماء كما لو أن السماء ابتلعت كلماته و اعتبرتها كتحد لها و سرعان ما هطلت الأمطار من السماء على شعره الأشعث و لكن ذلك لم يخفي بريق عينيه الذهبي الذي أظهر غطرسة لا حدود لها