بعد رحيل الراهب، لم ينبس أحدهم بكلمة. سارت المجموعة على الطريق الممتلئ بالأشجار الميتة، وكل منهم غارق في أفكاره

الهواء كان خفيفًا، يحمل برودة تسللت إلى العظام، لكنها لم تكن السبب في القشعريرة التي شعر بها تشانغ يونغ

كان في المقدمة، يخطو بهدوء ، و بدت نظرته باردة ، كان سيتخذ قرارا في صميمه

لكن لم يكن ذلك مهما ، بل كان المهم هو ان كان راضيا به

فالسبب الأول و الأخير في ظهور شياطين القلب ، هو عدم الرضا و الندم

تشانغ يونغ لم يكن يملك ترف التردد ، او بالأحرى لم يملك الوقت لذلك ليس الآن و ليس لاحقا أو حتى أبدا

في لحظات سارت المجنوعة بأقصى سرعة لحوالي النصف ساعة، ركزت عينا تشانغ يونغ و ظهر ظل في المقدمة

رداء أخضر و شعر أسود طويل و مظهر يدل على العجرفة، ماو زيدونغ

ماو زيدونغ لم يتحرك ، وقف في منتصف الطريق وكأنه ينتظرهم، ذراعيه متشابكتان خلف ظهره، ونظرة باردة ترتسم على ملامحه

"لم أرك منذ مدة تشانغ يونغ ، إذا لقد نجوت"

رفع تشانغ يونغ يده و على الفور ظهر سيفه في يده"ليس لدي وقت لهرائك ال-"

مع ذلك قبل أن يتكلم تشانغ يونغ تحركت موجة من الطاقة عبر جسده و تم دفع كل من وو روشيان و لونغ يوليانغ للخلف بعيدا و في لحظة ظهر خدش بسيط على خد تشانغ يونغ

ضاقت عينا تشانغ يونغ قبل أن تتسع فجأة"اخترقت الى عالم المبجل ، هذه نكتة"

"نكتة؟" قال وهو يُميل رأسه قليلًا، "هذا الوقت الذي قضيته في البقاء مع جميلتين ، كنت أصقل مهاراتي ببطء، هذا الحاجز العازل الذي أنشأته سيسمح لي بالتعامل معك شخصيا"

رفع يده اليمنى ببطء، ومع حركة بسيطة من أصابعه، خرجت عشرة ظلال ضخمة تكسوها طبقة من تشي الموت الكثيف

بعد التركيز قليلا عليها بدت ملامحها تتوضح ، غوريلات ، أجسادها المتوحشة مغطاة بشعر خشن رمادي قاتم، و عيونها الحمراء مغطاة بنية القتل كل واحدة منها كانت تُطلق زئيرًا منخفضا

لكن الاهتزاز الخافت الذي تبع ذلك في الأرض كان كافيًا لإثبات خطورتها

ماو زيدونغ لم يتحرك من مكانه، لكنه تحدث: "كل واحدة منهن خضعت لي بالكامل ، غوريلات نشأت في أرض الموت من الدرجة الخامسة دعني أراك تقاوم!"

أشار بيده، وانطلقت الغوريلات نحوه كالسهم.

ضغط تشانغ يونغ الأرض تحت قدميه و اندفع نحو الغوريلات

سيفه يشق الهواء بانسيابية ، كانت أول غوريلا تقترب منه بحجم عربة ضخمة، وقد رفعت ذراعها الثقيلة لتسحقه بضربة واحدة لكنه لم يتباطأ

خطا الى الجانب و تجاوز الذراع الضخمة و قفز مخلفا جرحًا طوليًا امتد من الخاصرة حتى الحلق

لم يسقط الوحش على الفور، لكن خطواته تزعزعت، ودم أسود غليظ بدأ يتدفق من جسده.

لم يمنحه الباقون فرصة للراحة اثنان اندفعا من الجانبين، وثالث من الأعلى بقفزة مفاجئة

رفع تشانغ يونغ سيفه بيد، وباليد الأخرى اندفع لهب الشمس العظيمة

تحولت حرارة الهواء من البرودة إلى لهيب مستعر ، انفجرت موجة نارية عملاقة نحو الغوريلا التي هاجمته من الأعلى، فاحترق فراؤها، وتعالت صرخة حادة

في اللحظة التالية، اندفع الجانبان نحوه. انحنى تشانغ يونغ، مرّر سيفه من أسفل نحو ركبة إحداهما، قاطعًا الأوتار، ثم دحرج جسده على الأرض و تجاوزها

"هجماتهم متناسقة..." تمتم بصوت منخفض، ثم قفز إلى الوراء، وهو يراقب الثلاثة المتبقين يغيرون مواقعهم

لم يكونوا وحوشًا بلا عقل. تحت سيطرة ماو زيدونغ، كانوا كالجنود المدرّبين ، و ربما حتى تجاوزوهم من ناحية الطاعة

اختراق ماو زيدون أعطى دفعة لقدراته على الإستعباد

فجأة رفع ماو زيدونغ نايا فولاذي في يده

فجأة، رفع ماو زيدونغ ناياً فولاذيًا في يده، وكان النور الخافت المنبعث من فتحاته كافياً ليجعل الهواء من حوله يثقل

الناي على شفتيه، ونفخ فيه نفخة قصيرة

لم يخرج صوت، لكن تشانغ يونغ شعر بشيء يتغير.

عواء خافت صدر من الغوريلات المصابة. الغوريلا التي احترق فراؤها، توقفت عن الصراخ، والدم الأسود الذي نزف من جراح الأخرى بدأ يجف ببطء.

الأوتار المقطوعة على ركبة إحداهن بدأت تتقلص و تعود لمكانها

"يتم علاجهم؟"تسائل تشانغ يونغ و هو يراقب بهدوء

ضحك ماو زيدونغ بخفة، وانخفض صوته وهو يقول: "ليست فقط العلاج، بل التجديد، والتوحيد ، لا وجود لخوف او تردد ، البيادق الأمثل"

ثم أطلق نغمة طويلة هذه المرة، ومعها، تغير شكل الغوريلات

جلودها تقشرت، كاشفة عن طبقة عضلية داكنة أكثر سمكًا، وأسنانها أصبحت أكثر طولاً وحدة. تشانغ يونغ لاحظ رموزًا سوداء بدأت تظهر على جلودهم

لم ينتظر أكثر.

في لحظة، انفجرت موجة تشي الموت من جسده و بدأت الهالة تضغط على جسده أكثر و تزداد عمقا

"تشي الموت؟!..." تمتم ماو زيدونغ، ثم لوّح بيده بسرعة وهو يعزف لحناً مضطربا

ركضت الغوريلات العشر مجددًا، لكن هذه المرة لم تكن فقط هجمتهم أكثر قوة بل أيضًا أكثر تنظيمًا

أحدهم انقض من الأمام، والآخر قفز من الأعلى، بينما الأربعة المتبقية شكّلوا دائرة لإغلاق أي منفذ للهروب البقية تمركزوا في الخلف كموجة ثانية

اندفع تشانغ يونغ إلى الأمام دون تردد، استدار سيفه في قبضته، وانخفض جسده حتى لامس تقريبًا سطح الأرض و طعن مباشرة نحو حلق الغوريلا بقوة

رفع الغوريلا ذراعها و صدت طرف السيف بجلدها القاسي

على الرغم من الصد، اندفع تشي الموت من نصل السيف، واخترق الجلد القاسي

ارتج جسد الغوريلا فجأة، وتوقف للحظة، استغل تشانغ يونغ تلك الثغرة، ورفع قدمه و ركل صدر الغوريلا بكل قوته، مما أدى إلى دفعها للخلف، محطمة شجرة ميتة خلفها

لكن لم يكن هناك وقت لالتقاط الأنفاس

غوريلا ثانية ظهرت من اليمين، ذراعها الضخمة تضرب أفقياً، مستهدفة خصره

قفز تشانغ يونغ فوق الذراع و لكن نزلت غوريلا ثانية من الجانب العلوي و سحقت جسده مع الأرض

تحت ضغط الهجمة المزدوجة، ارتجّت الأرض بقوة، وتصاعد غبار كثيف غطى المكان

رفعت الغوريلا التي أسقطت تشانغ يونغ ذراعيها و بدأ بضرب جسده مع الأرض مرارا و تكرارا ، كل ضربة كانت تكسر التربة تحته وتترك حفرة صغيرة في الأرض

الغبار الكثيف غطى المشهد، وصوت العظام التي تتعرض للضغط بدأ يعلو

في لحظة ما، توقفت الغوريلا عن الحركة. رفعت رأسها، تشمّ الهواء كما لو أنها لاحظت شيئًا غريبًا. ثم، دون سابق إنذار، انفجرت موجة مرعبة من تشي الموت من تحتها

تراجع جسدها إلى الخلف وهو يهتز، بينما خرج تشانغ يونغ من تحتها، جسده مغطى بالغبار والدم، لكن عينيه كانتا تلمعان بشراسة

ذراعه اليمنى كانت متضررة، لكن يده ما زالت تقبض على السيف بقوة.

"مؤلم…" تمتم بصوت منخفض، ثم بصق دماً على الأرض، "لكن ليس كفاية"

"يبدو أن السيف لا يناسبني حقا"على الفور أرجع سيفه للمخزن و وقف بهدوء

ماو زيدونغ راقب المشهد بنظرات ضيقة، حاجباه يرتجفان قليلاً وهو يرى تشانغ يونغ ينهض من تحت الغوريلا

"ما زلت واقفاً؟" قال بصوت هادئ، لكنه هذه المرة حمل شيئاً من الحذر ، ثم رفع الناي الى شفتيه و عزف

تحركت الغوريلات كما لو أن أرواحها قد اشتعلت، تقافزت بخفة لا تتناسب مع حجمها، وانطلقت نحو تشانغ يونغ بسرعة تفوق المرتين السابقتين

لكن تشانغ يونغ لم يتحرك.

وقف مكانه، رأسه منحني قليلاً، شعره الأبيض يتطاير مع النسيم البارد، وعيناه الحمراوان تحدقان في الأفق الملوث بالغبار

لمعت شعلتا الشمس العظيمة و القمر المقفر في كلتا كفيه و استعد للإشتباك

انفجرت الأرض تحت قدميه بينما اندفعت الغوريلات نحوه، أقدامها الثقيلة تترك حُفَرًا على الطريق القديم

في اللحظة التي وصلت فيها أول غوريلا إلى مدى الهجوم، ارتفع انفجار حراري من جسده، واندفعت شعلتا الشمس والقمر من كفيه، متشابكتين في دوامة لولبية

اصطدمت الموجة بصدر الغوريلا، مزّقت لحمها وأحرقت عضلاتها، وألقتها بعيدًا، جسدها الضخم يتدحرج على الأرض قبل أن يتحطم على جذع شجرة سميكة، جعلتها تنهار كأنها غصن هش

في تلك الحركة البسيطة جعل تشانغ يونغ اللهب ينطلق أسرع و يدور بسرعة مما يعطيه قدرة اختراق عالية للجسد

لكن الغوريلات الأخرى لم تتوقف.

اثنتان قفزتا من الجانبين، وثالثة اندفعت من الخلف. ومع عزف جديد من ماو زيدونغ، اشتعل تشي الموت في جسدهم بقوة ، مما زاد من سرعتها وحدّتها

ارتفع تشانغ يونغ في الهواء، و أرسل كرات من اللهب في جميع الإتجاهات نحو الغوريلات تبعثر اللهب في السماء كأمطار من نار، اصطدمت الكرات النارية بأجساد الغوريلات فأحرقت فراءها وألحقت بها إصابات متفاوتة، لكن لم تسقط أي منها

في الجو، راقب تشانغ يونغ المشهد بعينين حذرتين ، التجديد سيجعل من الصعب هزيمتهم ، و كان لا بد من التخلص من الناي

هبط أرضًا بانزلاق سلس، ولما لامست قدماه الأرض، أطلق دفعة من تشي الموت اجتاحت المكان، شعرت الغوريلات بها، فترددت للحظة قبل أن تندفع من جديد

لكن في هذه اللحظة، تحرك تشانغ يونغ فجأة. لم يهاجم الغوريلات هذه المرة، بل انطلق نحو ماو زيدونغ مباشرة.

عيني ماو زيدونغ ضاقتا، وابتسم ابتسامة ساخرة، ثم عزف نغمة سريعة وحادة، فشكلت الغوريلات سلسلة دفاعية أمامه

"الآن أدركت أن عليك استهدافي؟ متأخر جدا!"

قال ثم عزف ، فأطلقت الغوريلات زئيرًا جماعيًا مزعجًا، ارتجت له الأشجار الجافة، واندفعت نحو تشانغ يونغ كما لو أنها موجة صخرية متحركة

لكن تشانغ يونغ لم يتراجع

"هذا ما أردته ، ان يجتمعوا في مكان واحد

" يرتفع ببطء فوق العالم، وتنطلق النيران من قلب السماء ، حيث يتناثر الرماد والجمر على الأرض، هدوء يسوده الضوء الساطع،يقف فوق الجميع و تشعل الكون المظلم ، الحركة المطلقة للهب الشمس العظيمة-الشعلة المقدسة"

اندفعت قذيفة اللهب المقدس نحو الغوريلات، انطلقت بسرعة هائلة، مشعة بكل قوتها، متوجهة نحوهم

ارتطمت الشعلة بجسد أول غوريلا، فانفجرت لحظة الاصطدام، مقطعةً لحمها وأحشائها، لتترك ورائها هالة من اللهب والرماد.

امتد التأثير نحو باقي الغوريلات، لكن سرعان ما انحرفت بعض منها، محميةً بتقنيات التشويش التي أطلقها ماو زيدونغ بعزف نايه الخافت.

رغم أن اللهب أتى بسرعة وقوة، إلا أن تأثيره لم يكن كافيًا لوقفهم بالكامل.

توقفت الغوريلات لفترة قصيرة، عيونها الحمراء تحدق في تشانغ يونغ بحذر، كأنها تدرك أنه قد بلغ نقطة التحول.

عاود ماو زيدونغ العزف مرة أخرى، وتناثرت الأوتار المظلمة لتعيد الحياة إلى الوحوش المصابة

لكن تشانغ يونغ لم يكن ليتوقف هنا. ضرب الأرض بقدمه، وانفجر الجسيمات المظلمة من طاقة تشي الموت التي استدعاها في لحظة واحدة، و انفجرت نية قتل قاسية من عينيه

رفع قبضاته و بدأ باللكم

الضربة الأولى فجّرت صدر غوريلا اقتربت منه، مزّقت عضلاتها من الداخل، ودفعتها إلى الخلف، تتلوى من الألم.

الثانية حطمت فك غوريلا ثانية، وانطلقت الجمجمة تدور في مكانها قبل أن تنهار صريعة تحت قدميه

أما الثالثة، فقد اخترق جسدها مباشرة، خرجت قبضته من ظهرها، ثم سحبها فجأة، فانهار جسد الوحش ككومة من اللحم المتفحم

"هذا ليس بشريًا…" تمتم ماو زيدونغ، لكنه لم يتراجع، بل شدّ على نايه، وبدأ يعزف لحنًا مختلفا ، كان لحناً عميقًا، أكثر بطئًا، أكثر ظلمة

في لحظة بصق تشانغ يونغ جرعة من الدماء ، و بدأت أذناه تنزفان و وجهه أصبح شاحبا فورا

'مالذي؟!...."حدق تشانغ يونغ ، محاصرا بين شعور الغثيان في رأسه و بين ما يحدث لجسده

"أتعلم ، بسبب هذا الناي ظن الجميع أني أنتمي الى مسار الإستعباد ، انها حقيقة أني أتقنت القليل منه ، و لكن مساري الأصلي هو مسار الصوت"ابتسم ماو زيدون ببرود

صرخ ماو زيدونغ معزوفته، وبدأ اللحن يتغلغل في أذني تشانغ يونغ

ثم بدأ يترنح، يده التي كانت تقبض على الهواء بقوة بدأت ترتجف، وركبته انحنت قليلاً

تقدّمت غوريلا جديدة، أحد أولئك الذين نجوا من اللهب، كانت تمشي ببطء، خطواتها ثقيلة لكنها ثابتة رغم الحروق التي غطّت جسدها، لم تتردد

ذراعها الضخمة ارتفعت وسقطت كالمطرقة على جسد تشانغ يونغ الذي بالكاد تفاداها، لكن الضربة لامست كتفه

تشنغ يونغ تدحرج على الأرض، التراب والغبار يعلو فوقه، صدره يرتفع وينخفض بصعوبة

"دعنا نرى ، لنجعلك تفقد سمعك أولا" في لحظة تحولت المعزوفة لتكون حادة كسكين

انفجرت الدماء من أذني تشانغ يونغ و بدأ يرى شفاه ماو زيدون تتحرك و لكن لم يكن هناك صوت

فحص تشانغ يونغ جسده باستخدام طاقته العقلية ، تمزقت طبلة الأذن بسبب النغمة الحادة

"تاليا ، سأسلب حاسة اللمس"ابتسم ماو زيدونغ و بدا مستمعا بالأمر

صرّت أسنان تشانغ يونغ وهو يحدّق في ماو زيدونغ، الألم ينهش أذنيه، والدم يقطر من أنفه وفمه ، ثم ضغط بأسنانه، وبدأ يضخ ما تبقّى من تشي الموت داخله نحو مراكز الإحساس، محاولًا إنعاش نفسه

في العادة يمكنه أن يخترق أي وحش عن طريق ضرب نقاط الإنكسار في الجسد ، و لكن جلد الغوريلات كان صلبا ليصل الى النقاط ، و لكن تشانغ يونغ فقد حاسة السمع و اللمس

باختصار لأن نقاط الإنكسار تتطلب توازن الحواس ، فليس هناك طريقة تمكنه من استخدامها

اندفعت الغوريلا الجريحة من الأمام، قبضتها ترتفع، وتهوي عليه من جديد، هذه المرة لم يستطع تفاديها تمامًا

سقطت الضربة على صدره، وأرسلته يتطاير مترين للوراء، ليرتطم بجذع شجرة، وانكسر أحد ضلوعه جراء ذلك

"آه…" فغر فمه من الألم، لكن لم يخرج صوت. فقد السمع، والآن بدأ يفقد الشعور تدريجيًا، أطرافه أصبحت ثقيلة، و الأصابع بالكاد تتحرك

2025/04/30 · 17 مشاهدة · 1958 كلمة
نادي الروايات - 2025