على بعد بضع الكيلومترات
كان يون ويليان يتجول بين أزقة المدينة المزدحمة، يشتري بعض الأعشاب النادرة التي طلبها معلمه
الشمس كانت تميل نحو الغروب، مطلية السماء بظلال حمراء داكنة
فجأة، سمع همسات من مجموعة من المزارعين يقفون عند زاوية الشارع
"سمعت أن عائلة غان أمسكت بأحد الصاقلي الشيطانيين"
"صاقلة شيطانية؟ حقاً؟ لكن كيف؟"
"يقال أنها كانت أحد تلاميذ طائفة النجم الأرجواني..."
توقف يون ويليان فجأة، عيناه تتسعان "وو روشيان صاقلة شيطانية؟"
قبل أن يتمكن من التفكير أكثر، اهتز الخاتم في إصبعه، وظهر صوت منخفض من داخله"يون ويليان، هذه فرصتك الذهبية."
"معلم؟" همس يون ويليان، ملامحه تغيرت فورا
"وو روشيان الآن في أضعف حالاتها. إنقاذها الآن سيجعلك البطل في عينيها... وربما يحل محل ذلك التلميذ الغبي في قلبها."
ابتسم يون ويليان بخبث. "لكن كيف سأنقذها؟ عائلة غان لديها حراس على مستوى عال."
"لدي خطة. لكن عليك التحرك الآن قبل أن ينقلوها إلى سجن آخر"
في زنزانة بعائلة غان
كانت وو روشيان في وسط غرفة ، لم يتم تقييدها كونها أصبحت عديمة الفائدة بعد أن كسر دانتيانها
لكن الإصابات الداخلية كانت موجودة ، عيناها الزرقاوان كانتا نصف مغلقتين من الألم، لكن شفتيها كانتا مضغوطتين بإصرار
كان عقلها يعيد تكرار اللحظات السابقة الأخيرة مرارا و تكرارا"إذا هذا ما كان يشعر به تشانغ يونغ عندما فقد دانتيانه"
لكن بشكل ما كانت مرتاحة داخليا'ربما...من الأفضل أن أتخلى عنه ، كل هذا الوقت كنت أسبب المتاعب له ، كل ما أريده هو أن يكون بخير ، لكن أعتقد أني كنت أنانية بخياري'
فجأة، سمعت صوت انفجار بعيد، ثم صيحات حراس. الأرض ارتجفت تحت قدميها، والغبار تساقط من السقف
"ماذا يحدث؟" همست بصوت أجش
بعد دقائق، سمعت خطوات سريعة تقترب. الباب الحديدي للزنزانة انفتح بعنف، ليكشف عن شاب بشعر أسود طويل وعيون سوداء
"أخت وو؟ أنا هنا لإنقاذك." قال يون ويليان وهو يقترب بسرعة
وو روشيان رفعت رأسها ببطء، عيناها الزرقاوان تتسعان في ذهول. "يون ويليان؟ كيف...؟"
لا وقت للشرح!" أمسك بيدها بقوة وسحبها نحو الباب. "يجب أن نخرج من هنا الآن!"
مع ذلك أوقفته وو روشيان و هي تفكر قليلا"انتظر لحظة واحدة"
بعد لحظات قصيرة ، خارج الزنزانة، كان المشهد فوضويا، أعمدة من الدخان الأسود تتصاعد من أحد أجنحة القصر، والحراس يركضون في كل الاتجاهات.
استغل يون ويليان الفوضى ليقود وو روشيان عبر الممرات الجانبية.
"انتظر..." توقفت وو روشيان فجأة، وهي تمسك بجانبها المتألم. "كيف عرفت أنني هنا؟ ومن الذي فجّر القصر؟"
التفت يون ويليان إليها، عيناه السوداوان تومضان بضوء غريب. "كل شيء سيكون على ما يرام، فقط ثقي بي."
قادها يون ويليان بالفعل عبر حفرة أحدثها في الجدار سابقا
بعد أن خرج يون ويليان وو روشيان من حفرة الجدار، وجدوا أنفسهم في غابة كثيفة على مشارف أراضي عائلة غان.
كان الهواء ليلاً بارداً، وصوت صراصير الليل يملأ الفضاء
وو روشيان، التي كانت ما تزال تعاني من آلام كسر الدانتيان، توقفت فجأة عند شجرة ضخمة. "انتظر... دقيقة واحدة فقط."
يون ويليان التفت إليها بقلق. "ليس لدينا وقت، سيتبعوننا قريباً!"
لكنها تجاهلته، وانحنت ببطء، وبدأت تحفر في الأرض بأصابعها المرتعشة. بعد لحظات، أخرجت شيئاً صغيراً ملفوفاً بقماش أسود ودفنته بعمق تحت جذور الشجرة
"ما هذا؟" سأل يون ويليان بعينين متسعتين.
"لا شيء مهم..." همست وو روشيان، لكن عينيها الزرقاوين تومضان بضوء غامض
بدا يون ويليان غير مقتنع، لكنه لم يضغط أكثر. "حسناً، لنذهب. أمامنا طريق طويل."
بعد ساعات من السير المتواصل، وصل الاثنان إلى حافة شق صخري هائل، يمتد لمسافة غير مرئية في الظلام. كان العبور الوحيد هو جسر حجري ضيق، بالكاد يتسع لشخص واحد
"هذا الطريق سيأخذنا إلى حدود الغابة. من هناك، سنكون بأمان." قال يون ويليان وهو يتجه نحو الجسر مع ذلك طارت كرة من اللهب الأصفر نحوه و لم يستطع المقاومة في الوقت المناسب
انتشر اللهب عبر جسده بأكمله و بدأ بالإحتراق و الصراخ في ألم
فجأة، انفجرت سلاسل سوداء من العدم كالثعابين التفت حول جسد وو روشيان
في تلك اللحظة ظهر تشانغ يونغ بينما أشرق ضوء القمر على وجهه ، عيناه الحمراوتان تتوهجان في الظلام كجمرتين متقدتين ، يده اليمنى كانت مشدودة في قبضة
"لم أتخيل بأني سأستطيع التخلص منك هذا اليوم ، وو روشيان ، أم علي القول ، الشيطان السماوي"قال تشانغ يونغ بالصوت الأكثر هدوءا في العالم
"م... ماذا؟" همست بصوت مكسور.
"هل تعتقدين حقاً أنني لم أكن أعلم؟" قال بصوت هادئ"سأكون أحمقا ان لم أفعل"
وو روشيان حاولت التحرك، لكن السلاسل السوداء كانت تشدّها بقوة. "تشانغ يونغ... هذا..."
"كفى أكاذيب!" انفجر صوته فجأة، موجات من تشي الموت تتصاعد من جسده. "كل تلك 'المصادفات' التي جمعتنا.كل تلك المرات التي حاولت فيها إنقاذي... كلها كانت جزءاً من خطتك، أليس كذلك؟ كل ذلك فقط لكي تحصلي على بنيتي ، بنية الحياة و الموت"
عينا وو روشيان اتسعتا بشكل مخيف، الدموع بدأت تتساقط على خديها الشاحبتين. "لا... ليس تماماً كما تقول..."
"اوه حقا الآن؟"نظر تشانغ يونغ بتقزز نحوها "الشيطان السماوي العظيم ، ذو الثلاث مئة عام من الخبرة ، أتخبريني أنه ليس لديك مخططات لإمتلاك بنيتي؟ قبل سنة عندما عرضتي مساعدتي رحلتي الى وادي الشيطان المتهالك؟ و لا عندما حاولتي مساعدتي على الهرب ، و لا عندما واجهنا مبجلا معا ، أو عالم الحدود السماوية ، كلها كانت محاولات للتقرب مني حتى تملكي القدرة على الحصول عليها"
عينا وو روشيان امتلأتا بالدموع، لكنها لم تحاول الإنكار هذه المرة. "نعم... في البداية كان الأمر كذلك." همست بصوت مكسور. "لكن..."
"لا وجود للكن" قطعها تشانغ يونغ بصرامة، السلاسل السوداء تضيق حول جسدها أكثر"لقد شككت ، عندما تم اتهامي من قبل الشيوخ كالقاتل ، لقد كنت أنت من دعاني الى ذلك المكان و تم اكتشافي و أصبحت ضحية"
نظرت وو روشيان للأسفل كانت نظرتها متألمة "أجل...فعلت لكن..."
"و ماذا عن آخر ما حدث؟ لقد أرسلت تلك اللوحة بالضبط لتعلميني عن الشيخ ، مع علمك بأني سأخبر معلمي و الذي بدوره سيعلم سيد الطائفة ، و قررت التحرك في هذه الفترة بالضبط ، حيث أن الجميع مشغول ، سيكون من الأسهل ألا يلاحظوا عدم وجودنا في الطائفة ، ثم أرسلتني لسرقة الوصفة مما سيجعلني مجرما و أسهل للأخذ منذ أنه منذ اللحظة التي سيرونني سيقبض علي"
"ثم باظهاري منذ وقت بأني لدي علاقة مع روح الطائفة الحارسة ، كنت على الأغلب ستستدرجينني للعودة ، و كون الحارس سيكون مشغولا بالقتال في خارج الطائفة سيسهل عليك الوصول الى أصل الينبوع و استخدامه ، و بذلك تكونين قد استطعت الحصول الى البنية و على الينبوع بأكمله لتستطيعي استخدامه بينما ستواجه طائفة النجم الأرجواني الهلاك"
عينا وو روشيان امتلأتا بالدموع، وشفتاها ارتعدتا بينما كانت السلاسل السوداء تضغط على جسدها النحيل. "أنت... محق في كل شيء." همست بصوت مكسور. "في البداية... كان الأمر كذلك بالفعل."
نظرت وو روشيان للأسفل ، ضربت كلمات تشانغ يونغ وترا ، و لكن ذلك ايضا كان خطأها
"لقد أفسدت كل شيء ألم أفعل؟ في البداية لقد خططت للحصول على البنية ، و لكن ، كل ذلك الوقت الذي أمضيته معك...جعلني أتراجع عن ذلك بالفعل ، لقد سمحت لي بالشعور ، ما معنى أن أكون طبيعية ، كفتاة عادية"
رفعت وو روشيان رأسها و نظرت الى تشانغ يونغ"سامحني ، أعرف أني سببت لك الكثير من المشاكل ، و...أنا لا أريد أن أسبب المزيد"
كانت الدموع تتدفق بهدوء على وجهها"أنا....أحببتك بصدق...تمنيت لو تقابلنا في حياتي الأولى و لكن...لا أظن أن هذا ممكن ، لقد وقفت في طريقك مرات عديدة ، لذلك هذه المرة...أنهي الأمر"
رفع تشانغ يونغ سيفه في يده"أجل ، سأنهي الأمر بقطع واحد ثم أبتلع ذكرياتك و معرفتك"
ظهرت ابتسامة باهتة على وجهها"ألا يعني هذا أنني سأحيا في ذاكرتك؟ لم أكن لأتمنى أكثر من هذا ، لو كانت هناك حياة قادمة ، سأحاول حينها أن أكسب قلبك بجدارة ، وداعا تشانغ يونغ"
نظر تشانغ يونغ اليها بعيون فارغة هذا لم يكن الوقت المناسب ليملك قلبا ، لا الآن و لا لاحقا"وداعا...روشيان"
بتلويحة واحدة قطع رقبة وو روشيان و انتشر دمها على الأرض
سقط جسد وو روشيان على ركبتيه بثقل، دمها بدأ يتدفق بغزارة، مشكلاً بركة صغيرة على الأرض الصخرية و صبعا ملابسها البيضاء بالأحمر
تشانغ يونغ وقف صامتاً، عيناه الحمراوتان تحدقان في الجثة دون أي تعبير. السيف في يده كان ما يزال يتقطر دما
تنهد تشانغ يونغ بتثاقل بينما ظهر أول إشراق لضوء النهار "لقد كان هذا الوقت الذي قضيته في التخطيط ضدك...ممتعا"
نظر تشانغ يونغ مطولا في جسد وو روشيان قبل أن يمد يده
لهب الإبتلاع الشيطاني-الإبتلاع
انطلق لهب أرجواني من كف تشانغ يونغ و بدأ بالتهام جسد وو روشيان بهدوء
كانت ما تزال هناك ابتسامة على وجهها الميت ، بدت كزهرة ذابلة وسط النيران
لكن تلك الزهرة تحولت لعظام و من ثم الى رماد أسود طار في مهب الريح
السبب الوحيد الذي سمح لتشانغ يونغ بإيقافها حتى الآن ، هو أنه استخدم قدرة عش الدم ، نفس القدرة التي استخدمتها يوان لينغ ، و كان يمتص طاقة وو روشيان الروحية لإضعافها و لذلك حتى بعد سنة من التدريب ، لم تتجاوز مرحلة المعلم بعد
كان قد وضعها سابقا في رحلة عودتهما من وادي الشيطان المتهالك
نظر تشانغ يونغ بعيدا و استدار ، لسبب ما ، ترك الأمر مذاقا لا يستساغ في فمه ، كان مريرا
و لكن مالذي كان مريرا حقا في هذه اللحظة
أنه كان عليه اعتبار نفسه قتل فتاة أحبته بكل صدق ، أم أنه قتل عدوة كانت تحاول استغلاله
أم لنفسه الذي شعر بأنه مجبر على هذا لأنه أراد الحرية
عاد تشانغ يونغ إلى عائلة غان بخطوات ثقيلة، الشمس كانت قد ارتفعت بالكامل في السماء، لكن قلبه كان غارقا في الظلام
الحراس عند البوابات انحنوا له باحترام، لكنه لم يبادلهم حتى بنظرة
"تشانغ يونغ!" ناداه غان لوه وهو يهرع نحوه بمجرد رؤيته. "لقد عدت! أين... أين الصاقلة الشيطانية؟"
ميتة." أجاب تشانغ يونغ بصوت أجش. "احترقت جثتها تماماً."
ابتسم غان لوه بزهو. "عمل رائع! لكن هناك شيء يجب أن أريك إياه."
قاد غان لوه تشانغ يونغ عبر الممرات المظلمة للسجن، حتى وصلوا إلى الزنزانة الفارغة التي كانت تحتجز وو روشيان
الجدران الحجرية الباردة كانت لا تزال تحمل آثار الدم من جروحها
"انظر هنا." أشار غان لوه إلى جزء من الجدار حيث كانت هناك تموج غير متوقع في المنطقة المحيطة بالجدار"هذه ظهرت بعد أن غادرت أنت والصاقلة، لا أحد يستطيع اختراقها ، ان حاولت أنا فقد تنفجر"
اقترب تشانغ يونغ من الجدار، وعيناه الحمراوان تتسعان فجأة، كانت مغلقة بطاقة ذهنية حيث فقط من يملكون شيئا معينا يمكن فتحه ، في هذه الحالة ، كانت تلك تقنية حقيقة الحلم الأبدي
"تشانغ يونغ ، ان كنت تقرأ هذا ، فقد غادرت بالفعل رفقة يون ويليان ، لا أعلم متى قد نلتقي مجددا ، و لكن لا تبحث عني ، أتمنى أن تنجو ، لقد تركت لك غرضا في الخارج ، خططت لتركه مسبقا لك ، أردت منحه لك من قبل و لكن لم أمتلك فرصة ، لذلك سأمنحه لك كهدية فراق
كنت أكذب عليك في الكثير من الأشياء... لكن مشاعري كانت حقيقية ، لذلك ، فقط هذه المرة ، ثق بي"
قلب تشانغ يونغ انقبض فجأة. يده اليمنى ارتعشت دون أن يدرك، بينما كانت عيناه تثبتان على تلك الكلمات الأخيرة
"ماذا تقول؟" سأل غان لوه بفضول
"لا شيء مهم." أجاب تشانغ يونغ وهو يمحو الرسالة بومضة من طاقته. "مجرد كلمات فارغة."
استدار تشانغ يونغ و غادر المكان بهدوء و توجه الى المكان التي ذكرته الرسالة ، و تبع آثار الطاقة المتبقية و وصل الى المكان الذي كانت وو روشيان تحفره سابقا
'كانت تحفر سابقا هنا بعد أن جعلتُ يون ويليان يهرّبها'حفر تشانغ يونغ بيديه في الأرض الرطبة حتى عثر على قطعة قماش سوداء في داخلها لفيفة يشم
قربها و وضعها على جبهته بهدوء و طبعت كلمات مشرقة ',سجلات الشيطان السماوي'
كانت لفافة تقنية ، و المدهش أنها كانت تقنيات تعتمد بالكامل على تشي الموت! ليس هناك تقنيات أنسب منها له
تشانغ يونغ وقف وحيداً تحت أشعة الشمس المتسللة عبر أوراق الأشجار، اللفافة اليشمية ما تزال مضغوطة بين أصابعه
الهواء كان ثقيلاً برائحة التراب الرطب ودماء المعركة التي تلاشت.
"سجلات الشيطان السماوي..." همس وهو يضيق قبضته حول اللفافة
تشانغ يونغ أغلق عينيه للحظة ، كان كل شيء جزءاً من خطتها حتى النهاية ، حتى في موتها، كانت تدفعه إلى الأمام
"ربما إن كانت هناك حياة أخرى و لقاء آخر ، سيكون الأمر مختلفا ، لكن في هذه الحياة إذا ، إسمحي لي أن أصبح الشيطان السماوي التالي"همس لنفسه ب
هدوء كما تراجع بعيدا
كان هذا الوقت ليسير على مساره الخاص ، ليواجه قدره الخاص و يصنع أسطورته الخاصة