بعد عدة أيام من الهروب المتواصل، وجدت المجموعة نفسها في عمق الغابة الجبلية
على الرغم من انتقالهم بعيدا لعدة كيلومترات ، إلا أن الخطر لم يزل
الغابة كانت مختلفة تماماً عن المناطق الثلجية التي مروا بها سابقاً. أشجار صنوبر شاهقة تحجب معظم ضوء الشمس، ونباتات متشابكة تجعل السير صعبا
هواء رطب وبارد يحمل روائح الأرض والعفن، وأصوات حيوانات غريبة تسمع من مسافات البعيدة.
"علينا إيجاد ملجأ." قال تشانغ يونغ صوت منخفض وهو يمسح العرق من جبينه. "لن نستطيع الاستمرار في التحرك بهذا المعدل."
بسبب عدم توقف الترحال ، فهذا جعل تشانغ يونغ ذو الذهن المرهق أصلا يزداد ضعفا
سو مينغ نظر حوله بحذر. "سأبحث عن مكان مناسب. ابقوا هنا ولا تتحركوا."
بعد ساعة من البحث، عاد سو مينغ ومعه أخبار جيدة. "وجدت كهفاً خلف منحدر صخري. مدخله مخفي بالشجيرات، ويبدو آمناً."
الكهف كان ضيقاً في المدخل، لكنه يتسع من الداخل. الرطوبة كانت عالية، لكنه على الأقل يوفر الحماية من الرياح والحيوانات البرية
"هذا سيكون منزلنا المؤقت." قال تشانغ يونغ وهو يتكئ على جدار الكهف. "علينا تنظيم أنفسنا."
”إلى أين نحن متجهون على أية حال ؟“ ليو يان لم يسعها إلا أن تسأل.
لم يستطع تشانغ يونغ الإجابة على السؤال ، كان لديه بالفعل أولوية ، المجيء الى هذه القارة كان أولويته ، و لكنه وجد بأن ما فعله كان خطوة متسرعة بدون أي استعداد
حتى أنه أقحم البقية في هذا الأمر
'حسب معلوماتي القليلة ، من المفترض أن تكون عائلة تشانغ موجودة هنا ، و لكن تقديم الختم من العدم سيكون مشكوكا فيه و قد ينتهي باستجوابي او حتى بمقتلي'
كان تشانغ يونغ يدرك بالفعل الوضع الذي هو فيه ، و بالتالي لم يمكنه التوجه الى موقع عائلة تشانغ بهذه البساطة
بعد لحظة من التفكير العميق، نظر تشانغ يونغ إلى رفاقه بعينين حمراوين جادتين
"سيكون علينا أولا أن نحدد موقع أي مدن قريبة ، ثم بعدها يمكننا أن نحدد ما يتوجب فعله"
بعد أيام قليلة من الراحة في الكهف، استعاد تشانغ يونغ جزءاً من طاقته العقلية. قرر استخدام تقنية مكتبة الغوامض للحصول على بعض التوجيه
جلس في وضعية التأمل، مركزاً عقله على سؤال واحد: "أين أقرب مستوطنة بشرية آمنة؟"
قام بتقدير المناخ و البنية الأرضية و امتيازات المواقع الجغرافية و كل العوامل الأخرى ، ثم حصل على احتمال أن تكون أقرب واحدة على بعد 100 حتى 150 كيلومترا
"150 كيلومترا؟" قالت ليو يان وهي تهز رأسها بإحباط. "هذا يعني أسابيع من السفر في هذه الغابة"
"ليس بالضرورة." تدخل سو مينغ. "إذا تحركنا بسرعة وتجنبنا المواجهات، قد نصل في غضون بضعة أيام قليلة."
لم يستطع تشانغ يونغ سوى أن يحدق برفاقه ، مهما كان الثمن ، سيعيدهم الى الوطن
بعد يومين من الراحة الإضافية ، كانوا جاهزين للقيام بالرحلة
كانت الرحلة شاقة بشكل لا يصدق ، حيث بدا كما لو أن وحوش الدرجة الرابعة و الخامسة تمطر عليهم من السماء
لحسن الحظ ، تمكنوا من الركض و الهرب بعيدا متفادين القتال و استنزاف الطاقة
في اليوم الخامس من الرحلة، واجهوا أخطر تهديد حتى الآن مجموعة من الذئاب الشيطانية
كانت هذه الوحوش حزمة ذئاب من الرتبة الرابعة، سريعة وشرسة، مع فراء أسود يمتزج مع الظلال وعيون حمراء متوهجة
الذئاب هاجمت من جميع الجهات، تتحرك بتنسيق مذهل. سو مينغ قاتل بإرادة سيفه ، بينما ارسلت ليو يان تعاويذ سهام الماء الحلزونية
لكن الذئاب كانت كثيرة جداً. بدأوا يحاصرون المجموعة ببطء، يضيقون الخناق عليهم.
"لا يمكننا الاستمرار هكذا!" صاحت ليو يان بينما كانت تطلق تياراً من النار نحو ذئب يقفز نحوها
كانت أعداد الذئاب لا تنتهي، وتتحرك بتنسيق مخيف كما لو كانت عقلاً واحداً
سو مينغ كان يقطع ذئباً تلو الآخر، لكن العدد كان يفوقهم بكثير.
فجأة، من بين الظلال، انقض ذئب ضخم بحجم ثور قائد القطيع - من الخلف مباشرة نحو سو مينغ.
ووش!
طار شعاع من الضوء نحو المجموعة و فتك بحزمة الذئاب
جميع الذئاب توقفت فجأة، ثم بدأت تتراجع بسرعة، غريزتها أخبرتها بالهرب
ظهر رجل عجوز يرتدي ثوباً أنيقاً من الحرير الأزرق الداكن ، مطرزاً برموز فضية غامضة
كان شعره الأبيض مرتباً بدقة، بينما كان لديه لحية بيضاء طويلة وقف بثبات على فرع شجرة عالٍ، ينظر إلى المشهد أدناه
في غضون لحظات، اختفت كل الذئاب في عمق الغابة، تاركة المجموعة في حالة من الصدمة والارتباك.
نزل العجوز من الشجرة بهدوء، حركته أنيقة ومتوازنة. نظر إلى المجموعة بعينين تحملان نظرة تقييم.
لم يتأخر تشانغ يونغ كما تقدم نحو الرحل العجوز "نحن نشكر المحسن على مساعدتنا في أزمتنا"
نظر العجوز إلى تشانغ يونغ بعينين ثاقبتين، وكأنه يحكم عليه. "لا داعي لهذا ، كان هذا طلبا من قبل السيدة الشابة"
"السيد الشابة؟" لم تستطع المجموعة سوى أن تنظر بحيرة
ثم بدأ صوت خشرشة يقترب من المكان ، و خرجت سحلية صفراء عملاقة أمام المجموعة....تصحيح ، كان هناك قطيع بالخلف من وحوش مختلفة ضخمة الحجم و العربات المجرورة على الأرض ، و لكنهم بدوا مشتكرين في شيء واحد ، كانوا يحملون حزما ،و بعض السحالي تملك غرفا أشبه بالمنازل فوق ظهورها
أدرك تشانغ يونغ ما يحدث بالفعل 'إنها قافلة تجارية!'
استمرت القافلة في الظهور من بين الأشجار، مكونة من عشرات الوحوش العملاقة التي تحمل البضائع والركاب. كانت مشهداً مذهلاً، حيث انتظمت الوحوش في صفوف منظمة برغم اختلاف أحجامها وأنواعها
من على ظهر إحدى السحالي العملاقة، من المقصورة ، شعرها الأسود الطويل مربوط في حزمة أنيقة ، خرجت فتاة شابة ترتدي ثوباً أخضر
وعيناها العسليتان تلمعان بالفضول ، كانت تبدو في سن السابعة عشر او الثامنة عشر
في اللحظة التي نظر اليها تشانغ يونغ تجمد للحظة ، قبل أن يشعر بدمه يغلي قليلا
'مستحيل...هي....تملك نفس السلالة؟!'
"العم تاي ، هل هم بخير؟" سألت الفتاة بقلق ثم قفزت بخفة من على ظهر السحلية العملاقة واقتربت من المجموعة
نحن بخير، شكرًا لمساعدتكم." أجاب تشانغ يونغ محاولاً إخفاء دهشته "نحن مدينون لكم بحياتنا"
هزت الفتاة رأسها بلطف "لا على الإطلاق ، كيف يمكننا غض البصر عن شخص يحتاج المساعدة"
لم يستطع تشانغ يونغ سوى أن يحدق في هذه الفتاة ، و شعر بفضول نحوها
"السيدة الشابة ، لماذا توقفنا؟" صدر صوت من الخلف ، و ظهر شاب من إحدى المقصورات
كان يرتدي رداءا أسود ، لم يكن فاخرا ، بل بدا عاديا ، كان لديه شعر أسود مزرق طويلاً وعينان حادتان كالصقور , كان يتحرك بسلاسة وثقة و لكنه لم يحمل أي هالة تدريب
لقد وجدنا هؤلاء المسافرين يتعرضون لهجوم من قبل ذئاب شيطانية، تشو يانغ،" شرحت الفتاة للرجل
نظر تشو يانغ إلى المجموعة بتعبير محايد، لكن عينيه التقطتا كل تفصيل بسرعة
فعل تشانغ يونغ فورا عيون الشيطان السماوي على الرجل ، و شعر بشيء خاطئ ، هالة مشاعره كانت حمراء مائلة للأرجواني ، لقد كان منزعجا ، و لكن وجهه أخفى ابتسامة
"اوه ، يبدو أن السيدة الشابة قد غلبتها طيبتها ثانية ، سيكون من الأفضل أن نتحرك ، او قد يكون قائد القافلة هاو مستاء" قال الرجل بابتسامة ، كان واضحا أنه يلمح الى ترك المجموعة و المغادرة
لكن السيدة الشابة كانت أسرع. "لا يمكننا تركهم هنا انظر إلى حالتهم، هم على وشك الانهيار"
نظر تشو يانغ إلى تشانغ يونغ ورفاقه بتفحص، ثم أشار إلى جروحهم البادية وملابسهم الممزقة. "هم حقاً في حالة سيئة." ثم التفت إلى الفتاة. "لكن سيدة شو ، لهذا السبب لا يمكننا فقط أخذهم ، سيكونون عبئا"
لمعت عينا تشانغ يونغ عندما شعر بشيء هذا التشو يانغ ، كان هناك شيء خاطئ معه
كانت هذه فرصة ، المنطقة التي هم فيها حاليا كانت غير معروفة ،و هم متعبون ، و طاقتهم كانت شبه مختومة ، أفضل طريقة للإختباء ستكون الإنضمام الى القافلة
تقدم تشانغ يونغ للأمام و انحنى "اسمحوا لي بالتدخل ، نحن نعلم أنه لا يمكننا الحصول على معروف دون مقابل ، لقد أنقذتنا السيدة الشابة ، ، و لذلك يمكننا الإنضمام الى القافلة كحراس و توفير الحماية"
رفع تشو يانغ حاجبيه بتعبير مثير للاهتمام. "حراس؟ أنتم بالكاد تستطيعون حماية أنفسكم."
ابتسم تشانغ يونغ يونغ "هذا ببساطة لأننا نحتاج الى الراحة، لقد كنا نسافر لمدة شهرين بدون توقف ، و الذي أنهكنا ، و إذا كنت لا تصدقنا..." استدار تشانغ يونغ نحو رفاقه "اخوتي أظهروا مستواكم"
أومأ سو مينغ وليو يان وليو يين بفهم، ثم أطلقوا عن عمد هالات طاقتهم. انفجرت قوة رتبة السلف و المعلم من أجسادهم، مما جعل الغبار والأوراق حولهم تتطاير
كان العم تاي مذهولاً للحظة، ثم ظهرت ابتسامة تقدير على وجهه "ممارسان في رتبة السلف و واحد في أواخر عالم المعلم، مستواكم يعد موهبة نادرة في عمر صغير"
للحظة اختفت الإبتسامة من على وجه تشو يانغ ، قبل أن يصلح تعبيره "يا لي من سيء الخلق ، لقد فشلت في رؤية جبل تاي أمامي ، آمل ألا تؤخذوا أفعالي و أقوالي الى القلب ، أنتم أكثر من كافيين للإنضمام"
لكن سيدة شو هزت رأسها. "لا داعي لهذا، أنتم جميعاً مدعوون للانضمام إلى قافلتنا كضيوف. لا حاجة لكم للعمل كحراس."
نظر تشو يانغ إلى سيدة شو، ثم إلى تشانغ يونغ، وأخيراً أطلق تنهيدة. "كما تريدين، سيدة شو. لكن يجب أن أحصل على موافقة القائد هاو أولاً."
بعد لحظات، عاد تشو يانغ مع رجل في منتصف العمر، وجهه دائري مليء بالبثور، كان سمينًا وبطنه كبير. كانت عيناه تتجعدان عند الابتسام
بعد أن سمع شرحاً للوضع، نظر هاو إلى تشانغ يونغ ورفاقه بتفحص. " ممارسون من رتبة السلف و المعلم... نعم، يمكنهم الانضمام. لكن يجب أن يفهموا أن قوانين القافلة صارمة ، و يجب حماية الحمولة كأولوية و اطاعة الأوامر"
أومأ تشانغ يونغ برأسه بجدية. "نحن نقبل بشروطك، أيها القائد هاو."
ابتسم هاو، مما جعل عينيه الضيقتين تختفيان بين تجاعيد وجهه. "ممتاز! سأخصص لكم مقصورة في مؤخرة القافلة. استريحوا اليوم من رحلتكم و يمكنكم بدأ عملكم غدا"
بينما كانوا يسيرون نحو المقصورة المخصصة لهم، لاحظ تشانغ يونغ أن تشو يانغ كان يرمقهم بنظرة غامضة. كان هناك شيء في عيني ذلك الرجل لم يعجبه.
"لا تثقوا بذلك الرجل تشو يانغ." همس تشانغ يونغ لرفاقه بينما كانوا يستقرون في المقصورة.
"أشعر بنفس الشيء." أجاب سو مينغ بصوت منخفض. "تصرفاته مهذبة جداً، لكن عينيه تخفيان شيئاً آخر."
المقصورة كانت بسيطة لكنها مريحة، مع أسرة كافية للجميع. بعد أسابيع من النوم على الأرض الصلبة، كانت تبدو كنعيم
"أخيراً، سرير حقيقي!" قالت ليو يان وهي ترمي نفسها على أحد الأسرة.
بعد أن استقروا، جاءتهم خادمة تحمل طعاماً ساخناً. كانت الوجبة بسيطة لكنها مغذية، خبز طازج، حساء لحم، وخضروات مطبوخة
"هؤلاء حقا يحترموننا بشدة" لم يستطع سو مينغ سوى أن يندهش من طريقة تعاملهم معهم
قال تشانغ يونغ ببساطة و هو مستلقي على السرير "ببساطة ، كلما ارتفع مستوى قوتك زاد احترام الآخرين لك ، فهل كنت ستجرؤ على إغضاب ملك او امبراطور؟ ، لقد عرض أربعة مقاتلين من رتبة السلف الحماية عن طيب خاطرهم ، و هم مساوون لشيوخ العشائر ، نحن الأربعة فقط قوة قتالية عالية المستوى"
بينما كانوا يستمتعون بأول وجبة دافئة منذ فترة، شعر الجميع ببداية استرخاء حقيقي. لكن تشانغ يونغ ظل يقظاً، فأذناه التقطتا أصوات خطوات خفيفة تقترب من باب مقصورتهم
دق الباب بلطف، ثم فتح ليكشف عن السيدة الشابة شو واقفة بالخارج
انحنى تشانغ يونغ "اوه ، انه لشرف أن تزورنا فاعلة الخير"
رفعت السيدة الشابة شو إصبعها أمام فمها"من فضلك أخفض صوتك ، أردت أن أتأكد فقط من أنكم مرتاحون" قالت بابتسامة لطيفة"و أردت أن أعتذر عن تصرف تشو يانغ ، إنه فقط وقائي للغاية"
'وقائي؟ أشك في هذا ، هناك شيء خاطئ معه'فكر تشانغ يونغ بشكل حذر
"لا داعي نحن نتفهم آنسة شو" قال تشانغ يونغ مع ابتسامة
"أرجوا أن يكون سوء الفهم قد توضح ، أنا أدعى شو يانران، لم أسمع أسمائكم بعد" قالت شو يانران لتلطيف الأجواء
قدم تشانغ يونغ نفسه وأسماء رفاقه المزيفة بسلاسة. بينما كان يتحدث، لاحظ كيف كانت عينا شو يانران تتوقفان للحظة على عينيه الحمراوين، لكن دون أي خوف أو اشمئزاز، فقط فضول لطيف
لم يستطع تشانغ يونغ سوى أن يسأل "هل هناك خطب ما آنسة شو؟"
أدركت شو يانران أنها كانت تحدق بشكل غير لائق قبل أن يظهر ابتسامة خفيفة " اوه آسفة ، الأمر فقط أن عيونك نادرة جداً." قالت بتعاطف. "هل هي سمة عائلية؟"
ابتسم تشانغ يونغ بشكل غامض. "شيء من هذا القبيل."
بدا وكأن شو يانران تريد قول شيء أكثر، لكنها ترددت ثم ابتسمت فقط: "حسناً، استريحوا جيداً، أتمنى لكم رحلة آمنة نحو وجهتكم"
بعد أن غادرت، أغلق تشانغ يونغ الباب بهدوء. عيناه الحمراوان تومضان بتفكير عميق.
'ستكون هذه رحلة طويلة'