في وسط فراغ أسود كان ناوتو مايزال راكعا على الأرض

"هل هذه نهايتي؟ هل مت أخيرا؟"

كان صوته حزينا كما لو كان مستعدا للموت ،وكان هو كذلك ، لكن لم يكن راضيا

كان متألما غير قادر على تغيير أي شيء ،ولا حتى نهايته

في وسط ذلك الظلام الدامس شع ضوء من خلفه

استدار ببطء ، فحالة جسده كانت متكسرة ، ان نفخ أحد عليه حاليا كان بامكانه اسقاطه

في ذلك الضوء كل ما رآه كان طفلا رضيعا

'طفل رضيع؟ من قد يضع طفلا هنا؟'

لم يستطع ناوتو إلا التفكير هكذا

إذا كانت هذه خاتمته حقا وكان هذا مكان موته ، أفلا يعني هذا بأن هذا الطفل قد قتل سابقا ، أو أنه ينظر الى شريط حياته

ببطء بدأ هذا الرضيع يتغير ، بينما كان ناوتو يراقب بصمت

واصل ناوتو المشاهدة ، في وقت قصير ، كان الرضيع قد كبر ليصبح طفل صغير في عمر الرابعة أو أكثر و استمر الطفل بالنمو

شاهده يكبر ، شاهده يصرخ ، شاهده ينفعل ،شاهده يبكي ، شاهده يخاف ، شاهده يغضب، شاهده يشيخ ببطء الى ان مات ودفن في الأرض

شاهده ناوتو منتظرا للحظة أن يراه مبتسما ، لكنه لم يفعل

شاهد كل تجارب الرضيع ولكن لم يره يفرح ويبتسم لمرة واحدة

في كل مرة كان يأمل أن يفرح الصبي كان يخيب أمله بشدة

غير راض عما شاهده مدى ذراعه في محاولة للاقتراب منه لكن المسافة لم تتغير

أدرك تدريجيا ، كانت محاولاته عديمة القيمة ، إذا لم يستطع تغيير واقع رضيع كيف له أن يغير واقعه

"محزن ، أليس كذلك"

صوت نقي خافت مر على مسامعه ، أشبه بصوته الخاص ، ظهر شاب أمامه بنفس ملامحه

نفس ذلك الشعر الأسود

نفس تلك العيون الذهبية

نظر ناوتو نحوه لكن لم يستطع الحديث

"تلك كانت حيات- لا ، تلك كانت حياتنا في خط زمني بديل ، حيث لم تأخذ جسدي"

تقدم الفتى نحو ناوتو ووقف أمامه

"إذا قلت أني صاحب الجسد الأصلي فستكون كذبة ، أنت هو أنا وأنا هو انت"

"كما رأيت الآن ، لم أعش لحظة فرح واحدة في حياتي ، لم اولد بموهبة ، وكانت شخصيتي سيئة ، عدم حصولي على ما أردت جعلني أغرق في يأس ، وتدريجيا بدأت أصبح فاسدا، أردت تغيير الماضي لكن لم أستطع ، حتى أتيت أنت ، لذلك......أنا أشكرك"

مد الفتى يده وأمسك بيد ناوتو وساعده للوقوف ، لكن ناوتو لم يقدر على ذلك ، طعنت كلمات الفتى عميقا في قلبه

غمره الندم بشدة وبدأت تنهمر الدموع على وجهه"كيف؟.....كيف لك أن تشكر من سرق حياتك ، لقد أخذت منك كل شيء.....حياتك.....عائلتك.....وحتى رفاقك"

شعور بالذنب بدأ يأكله من الداخل ، سقطت الدموع برفق على قبضتيهما المتصافحة

ظهرت ابتسامة صغيرة على وجه الفتى وساعد ناوتو على الوقوف ، رغم الاصابة التي تلقاها إلا أن ناوتو تمكن من الوقوف بثبات بمساعدته

"أنت لم تسرق شيئا ، بل أعطيتني فرصة لعيش الحياة التي تمنيتها ، حتى لو لم تكن مثالية ولكنها كانت أكثر من كافية ، أنا أشكرك بصدق"

فجأة بدأت الساحة تهتز و الأرض الأشبه بالبركة بدأت تنشئ أمواجا منكسرة كما لو كانت ستفرق الإثنين ، لقد بدأ العالم في الانهيار

ابتسم الفتى بهدوء"يبدو أن وقتي قد انتهى ، لقد استخدمت ما تبقى من شظية روحي الملتصقة بجسدي للتحدث اليك"ثم ابتسم ساخرا "رغم أني حاولت التحدث اليك منذ وقت طويل"

تم تفرقة الاثنين شيئا فشيئا ، رفع الفتى قبضته و رفعها نحو ناوتو"لا تنسى ، أنت لست فقط هيجاي ناوتو ، أنت تشانغ يونغ ، أنت هو الاثنين معا"

ببطء بدأ شكل الصبي يتلاشى بين الأمواج إلى أن اختفى

فتح ناوتو عينيه على سقف خشبي ، نهض ببطء من السرير وبدأ يستكشف المكان بعينيه ، كان في غرفة نوم

تم فتح الباب ببطء ودخلت فتاة الى الغرفة من عمرها ، ربما لم تكن أصغر ناوتو ، في يدها كانت تحمل نوعا من السلال، عند رؤية ناوتو المستيقظ سقطت السلة من يدها على الأرض"آه، لقد استيقظت ، يجب أن أعلم السيد"خرجت الفتاة من الغرفة بسرعة بينما لم يلقي لها ناوتو اهتماما

نظر الى يديه الخاليتين'إذا لقد نجوت' وتحولت يده لتمسك بصدره'لكن ما فائدة ذلك إذا كان على حساب حياة الآخرين'

ثم سمع صوت خطوات أقدام تقترب ، فتح الباب ودخل رجل في منتصف العمر بشعر أسود و لحية قصيرة

أخذ كرسيا وجلس بجانب سرير ناوتو "كيف حالك يا بني؟"

أماء ناوتو ببطء برأسه

أطلق الرجل تنهيدة مسترخية"هذا جيد ، أعلم أنك ما زلت متعبا وأنا لن أطيل عليك ، عندما تشعر بالراحة للحديث يمكنك البحث عني"

بهذه الكلمات نهض الرجل من الكرسي وغادر الغرفة ببطء

مع صوت اغلاق الباب القصبي ، لمعت شاشة زرقاء أمام ناوتو

(أيها المضيف ، لقد حدث خطأ في النقل ، ولقد حاولت نقلنا الى أقرب عالم آمن ، لكن انتهى بنا الأمر إلى الوقوع في الأكروفيرس ، وهو نقطة التقاء الخطوط الزمنية لعدد من العوالم)

كلمات مثل "خطأ في النقل" أو "أكروفيرس" لم تعد تعني شيئا بالنسبة له

أغمض عينيه لحجب النافذة أمامه ، لكن صور الجميع مازالت ملتصقة بذهنه ، والديه ، جديه ،أخيه

وحتى صورة تشانغ يونغ ،صاحب الجسد الأصلي ،لم يكن يعرف كم من الوقت مضى، ضاع في أفكاره الخاصة

أفكار مثل

ماذا لو

لو كنت

لماذ كان

و ببطء استلقى على السرير وتم سحبه نحو بحره الروحي

وجد نفسه ينجرف عبر مساحة بيضاء شاسعة قبل أن يقف ببطء ، سمع صوتا يناديه ، صوتا اشتاق له لوقت طويل

"يو! ، مرحبا ، ناوتو ، يبدو أني أطلت الغياب"

استدرا ناوتو ليرى يامي واقفا ورائه ، جرى نحوه وعانقه بقوة

ربت يامي على كتف ناوتو وصوته بدا كما لو كان كان على وشك الاختناق"أنا أيضا افتقدتك يا رفيقي لكنك تمنعني من التنفس"

تمتم ناوتو ببطء"لقد فشلت.....لقد فشلت في كل شيء أفعله ، لم أستطع حماية أحد"

أفلت ناوتو منه ببطء بينما كان يامي يدفعه ببطء"اهدأ ، لا يمكن لأحد أن يلومك ، لقد فعلت ما تستطيع فعله"

أحكم ناوتو قبضتيه بقوة "كان باستطاعتي فعل المزيد"

تنهد يامي بعمق"أعلم ، لكن ليس بيدك شيء ، لقد انتهى الأمر بالفعل ، لا داعي لتلوم نفسك أكثر من هذا"

أمسك ناوتو بياقة يامي و سحبها بقوة"إذا لماذا؟ ،لماذا فقط لم تأخذ جسدي وتتركني أنا مجمدا ، لو فعلت ربما لكانت النتيجة مختلفة"

فقد يامي القدرة على الحديث للحظة ، ثم قال"وماذا لو فعلت ، وكانت النتيجة هي نفسها، هل مازلت ستلومني على اختياري"

سقطت كلماته كضربة على ناوتو، وارتخت قبضته التي أمسكت بياقته"ه-هذا....لكن النتيجة ستكون-"

قاطعه يامي على الفور"لن تكون مختلفة ، أنا أعرف مالذي سيحدث إذا قررت تجميدك و بقيت أنا"

تركت قبضتا ناوتو ياقة يامي ببطء ،كما لو خارتا من القوة

تقدم يامي ووضع يده على كتف ناوتو"أعرف أنك بالفعل مستاء ونادم أشد الندم ، لكن لا يمكنك البقاء كذلك للأبد ، على ما يبدو أننا انتقلنا الى عالم اخر ، حاليا يجب عليك أن ترتاح وتستعيد طاقتك ، حسنا ، مركز الطاقة في جسمك -الدانتيان- مكسور بالفعل ولكن ليس محطما بالكامل ، ومع أكلك لتلك الجرعات تراجعت قوتك الروحية للمرتبة الأربعين ، وبما أنه مكسور وليس محطما لم تخسر تدريبك لكنك لن تتمكن من استخدام الطاقة الروحية، لذلك سنمضي أنا والامبراطورة في البحث عن طرق لحل هذه المشكلة ، اذهب وارتح حاليا"

أماء ناوتو ببطء وغادر بحره الروحي ، نظر يامي وتنهد ، ثم رن صوت أنثوي من الجهة المقابلة"ألا تعتقد أنك كنت قاسيا عليه قليلا"

خرجت امبراطورة الجليد محلقة أمام يامي

"لست كذلك ، عليه أن يدرك أنه حتى لو كنت تملك ما يكفي من القوة ، فهذا لا يعني أنك ستستطيع حماية كل ما تريد ، لا بد من بعض التضحيات ، وهنا يأتي دورك يا امبراطورة ، عليك دعمه ومساعدته" وتمتم بعدها بكلمات لم يسمعها سواه"حتى لو كان مختلفا عن "ذلك الشخص" هناك"

فتح ناوتو عينيه ببطء و نهض من السرير وغادر الغرفة

كان هذا المنزل كبيرا أشبه بدوجو كبير

كان مبنيا بالخشب القديم لكنه كان متماسكا

بينما كان يمشي لاحظ فتاتا تجلس على الأرض الخشبية بينما في يدها ابرة و خيط ، بينما كانت تقوم بالحياكة ، رفعت رأسها لتكشف عن زوج من العيون السوداء و شعر أسود طويل ،

مع تلك الابتسامة الصغيرة على وجهها ، كانت بالتأكيد أصغر من ناوتو ، في عمر الثانية عشر على الأقل"استيقظت بالفعل؟. كيف حال جراحك؟"

انحنى ناوتو قليلا للأمام"شكرا لكم على انقاذي"

ضحكت الفتاة قليلا وابتسمت"لم يمكننا تركك في حالتك تلك" نهضت الفتاة من مكانها ونفضت ملابسها "يمكنك مناداتي زيان ،أفترض أنك تريد مقابلة والدي ، اتبعني"

تبع ناوتو الفتاة عبر المنزل ، مروا عبر عدة أبواب منزلقة لم يستطع ناوتو معرفة ما خلفها ، لكنها لم تكن كثيرة على الأغلب ثلاثة أبواب فقط هي كل ما رأى

"على الرغم من أن لدينا غرف قليلة لكن هذه فقط تستخدم للتخزين ، كما ترى كان يحب أفراد عائلتنا التجميع وكانوا يخرجون كثيرا حول العالم ، ولا سيما عمي غوان"

استمع ناوتو اليها وهو يمشي ، قادته الى مساحة خالية خلف المنزل ، كان نفس الرجل الذي زاره في غرفته يمسك برمح طويل و يتدرب عليه ، كانت حركاته سلسة ودقيقة ، مما أظهر خبرته في تعامله مع سلاحه

عند رؤية الاثنان القادمين توقف وهو يمسح العرق من جبهته"همم ، لقد خرجت بالفعل ، هل أنت بخير الآن؟"

أماء ناوتو برأسه وانحنى قليلا مرة أخرى"أنا أفضل حالا ، شكرا لك لمساعدة شخص لا تعرفه"

همهم الرجل وهو يضع رمحه بعيدا"لا عليك من ذلك ، كان ذلك واجبا علي ، علينا مساعدة بعضنا أولسنا جميعا بشرا" ثم التفت ناحية الفتاة "زيان اير ، هل يمكنك تركنا لوحدنا"

أمائت الفتاة ببطء وتركت الاثنين بلمح البصر ، في تلك اللحظة نطق الرجل مرة أخرى"سأكون مباشرا معك ، هل يمكنك أن تخبرني باسمك و من أين اتيت، ومن فضلك لا تأخذ الأمر و كأني أريد استجوابك لكن الحاجة تقتضي ذلك"

مع ملاحظة ناوتو للمكان لم يرى أي فرد أسرة عدا الفتاة والأب ، عندما يرى أن شابا مصابا نائم أمام منزله ، فسيظن أنه ملاحق ، وإذا كان من يلاحقه ما يزال يتتبعه فهذا قد يشكل خطرا عليه وعلى عائلته ، وهذا ما كان منطقيا

"أدعى....تشانغ يونغ" ضربت كلمات تشانغ يونغ الأخيرة في عقل ناوتو ، منذ أنه اعطاه جسده ، قرر ، أنه سيعيش ليس لنفسه فقط بل لتشانغ يونغ ، كما قال هو ، تشانغ يونغ هو ناوتو والعكس صحيح

ثم أكمل"لكن لا أتذكر من أين أتيت"

نظر الرجل بقليل من التعجب"اسم عائلتك تشانغ مثلنا ،لن أسألك عن سبب جراحك لكن يبدو أنه القدر حقا ، لما لا تتناول الطعام معنا"

متفاجئا من لطف الرجل ، لم يرد ناوتو التسبب في أي متاعب ، لذلك أراد الرفض "ل-لا داعي لذلك أنا لا-"

وضع الرجل يده على كتف ناوتو وسحبه بهدوء وعلى وجهه ابتسامة"فقط تعال ، لا داعي لكي تكون محرجا ، زوجتي تجيد الطبخ متأكد أنك ستحب طبخها"

تردد ناوتو في البداية لكن ابتسامة الرجل جعلته يشعر بقليل من الارتياح

تم سحبه الى غرفة طعام بطاولة مستديرة ، كان هناك ثلاث أشخاص جالسين بالفعل ،الفتاة التي تدعى زيان جالسة و الى يسارها جلس فتى صغير على ما يبدو في التاسعة بشعر أسود وعيون سوداء ، و امرأة أكبر سنا ، بينها وبين الفتاة فراغا يتسع لجلوس شخص واحد ،وكان من الواضح أن هذا مكان جلوس الرجل

جلس الرجل أولا ثم لحقه ناوتو وجلس في الناحية المقابلة لهم

ابتسمت المرأة بحرارة لناوتو "مرحبا بك في منزلنا أيها الشاب ، أنا سعيدة لأنك تمكنت من الانضمام إلينا"

أشار الرجل نحو الطعام على الطاولة"هيا كل ، ولا تتردد في طلب المزيد ، لقد عملت زوجتي جاهدا لتحضير هذا"

نظر ناوتو نحو الطعام ثم نحو العائلة ، لم يكونوا أكثر من عائلة طبيعية عادية ، فجأة ظهرت أمامه صورة لعائلته ، لأمه وأبيه وأخيه

بكل هدوء التقط عيدان الطعام وبدأ بالأكل ، بينما كان يتساقط خطان من الدموع على خديه ، وابتسامة باهتة على وجهه

كانت هناك نظرة قلق على وجه المرأة"مالأمر ، هل طعمه سيء إلى هذه الدرجة؟"

هز ناوتو رأسه ، ومازالت تلك الإبتسامة على وجهه "لا....إنه لذيذ لدرجة أني لا أستطيع التوقف عن البكاء"

ظهرت ابتسامة على وجه الزوجين في راحة

بينما استمروا في الأكل

بعد الانتهاء ، عاد ناوتو إلى الغرفة التي استيقظ بها

من فضاء الحيوانات الأليفة أخرج كورو ، كان يبدو أن جراحها قد التأمت إلى حد ما ، تركها ناوتو تستلقي على السرير بينما كان يمسح رأسها برفق

"أنا آسف كورو ،لقد أصبتي بسببي ، لوكنت أمتلك القوة.....لكن هذا لا يهم بعد الآن ، لقد خسرت بالفعل مركز طاقتي ، و لم يعد بامكاني الشعور بقوتي الروحية"

بينما كان يربت على رأس كورو ببطء ، كانت ليلة له بلا نوم

2024/07/27 · 123 مشاهدة · 1979 كلمة
نادي الروايات - 2025