لم افكر يوما عما يقبع خلف عالمنا هذا
لا وجود لما يثير انتباهي حقا بعيدا عن ذالك فقد ماتت مشاعري للوجود منذ زمن بعيد
اعيش على الهدوء و الظلام كطالب ثانوية عادي يبلغ من العمر 17 سنة متجنبا كل ضوضاء المراهقين تلك و كلماتهم السخيفة عن أنها الفترة الأمثل في حياة الفرد
كانت مجرد تفاهات متعبة و مؤلمة في رأسي تجعلني احيانا اعي كمية البؤس الذي اعيش فيه وحيدا بدون اية معنى للحياة
حسنا لست وحيدا فبصدفة ما قد حصلت على حبيبة جميلة ذات شعر بني كالقهوة و أعين مماثلة لخاصتي في اخضرارها لكنها حية بطريقة عجيبة تقودني للهلاك و الغوص فيها
كان ذلك صادما و لا تزال ثنايا الصدمة تعتريني من حين لآخر كيف لا وهي قد اختارت و مالت لشخص زملائه في الصف لا يعرفون وجوده حتى و اني اجزم لو غبت نهائيا لن يلاحظوا البتة
كالصنم دوما في علاقاتي لكنها بطريقة ما تقبلتني و احتضنتني في دفئها العاتي
عادتي اني لا احب الخيال و لا اؤمن به لكن يبدو انها جنيتي من نوع ما و حدودي قد كسرت امامها دون ان اعي
عالمها واسع جدا ليتسعه عالمي و فكري المنحصر على الوحدة فهو يبدو كالجزء المظلم من حياتها
هي دوما محاطة بالناس من كل الجوانب ترمي الابتسامات اللطيفة هنا و هناك و ظللت اشاهدها من بعيد و هي تقدم لي تلك المشاعر دون خجل بادي عليها احيانا حتى احمرار خديها عندما تكلمني تحت غروب الشمس يجعلني بعالم اخر تحيط به السعادة الساكنة على قلبي لا اقوى على البوح بهذه الكلمات امامها ابدا بل لا استطيع الحديث معها فينعقد لساني دوما الا انني و بحق اهيم فيها
هذه كانت حياتي في سن السابعة عشر مجرد حياة هادئة و باردة حتى تغير كل شيئ منذ بداية ذاك الكابوس المظلم
انه نفس الحلم مجددا
يتكرر كل مرة اذ ان الامر تطور و صار كلما اغلقت عيناي تتوارى الى ذهني تلك الشاشة السوداء و تماثيل بضوء غريب يسلط عليها و هي بوضعية العبادة و الصلاة للثمثال الكبير في المكان تلك الأوجه...الفريدة من نوعها تبعث القشعريرة
ولا يزال مخيفا كمية الضغط الذي يكون بالمكان و كأني احس بها و تلك الأصوات التي نادرا ما اسمعها
اصوات خافتة جدا تكاد تسمع للمتلقي المتصنم في مكانه تقول بصوت واحد رنان كهبوب الرياح فوق التلال
"انك المختار"
في البداية لم أعي ما يحدث لي و رحت ارفض و اقنع نفسي انه لا سوى تأثير للأفلام التي يتحدث عنها زملاء الصف دائما من جماعة دود الكتب تلك لكن يبدو أنها بدأت تؤثر علي حقا الان
رفعت بنظري للسماء اراقب لونها المحمر الذي دل على غروب الشمس و هاهو وقت العودة للبيت يحين
أصبحت العودة رفقة كيت أمرا روتينيا رغم كون طرقنا تتقاطع في مرحلة ما من المسير لكن يبدو انها قد وصلت فعلا للملعب حيث كنت مستلقيا أغوص في الفضاء البرتقالي وهي تراقبني الان بعد ان فتحت عيناي للواقع من ذلك الحلم
انها تعلم بشأنه لم اضطر حتى للتفوه بالأمر و قد استنتجت كل شيئ بمفردها و كأنها تقرأني ككتاب قديم تحفظه عن ظهر قلب
"نفس الحلم مجددا؟!"
اردفت قائلة و شعرها البني كالصنوبر يتدلى على كتفها يلامس وجهي بعد ان انحنت نحوي توقظني
همهمت دون حاجة للحديث انه انا.. الفتى قليل الكلام الذي يزعجني الصخب و الثرثرة طوال الطريق.
اخدنا في المسير نعبر الطرقات المنعكس عليها ضوء الشمس التي تغرب بهدوء و صوت السيارات بدء يقل في هذا الشارع العام الذي يكون مسلكا لطريقنا
لكن يبدو أن من بصحبتي اقنعتني بطريقة ما بالذهاب للمكتبة العامة القابعة في آخر الطريق الرئيسي
انها مكتبة متوسطة الحجم تحتوي على كتب محدودة و نادرة و ذلك عائد لظروف هذه المدينة الجبلية الصغيرة من دولتي العظيمة
ما ان وصلنا فقد دخلنا من باب خشبي ضخم مزخرف بنقوشات متمازجة متناسقة في مظهرها و قد اوحى ودل على أن المكتبة قد كانت كنيسة من قبل فتم تحويلها الى ما يناسب هذا المكان رائحة الغبار القادم من الكتب تعم الأرجاء خاصة من فوق الرفوف ذات اللون الخشبي المحمر المماثل للون الطاولات الطويلة التي كانت عادة تستعمل للعشاء في المياتم و الكنائس
و قد تواجد بعض الطلاب الذين يظهر عليهم انهم مقبولون للاختبارات حولها و بيدهم دراستهم منشغل كل احد في همه ناسيا الدنيا و ما حوله
شردت لبضع لحظات و انا اراقب الأوضاع الهادئة و الانوار الحمراء فوق الثريا الضخمة المتدلية من السقف المرتفع
بعدها ابعدت نظري ابحث عمن كانت بجانبي قبل وقت وجيز إلا أنها اختفت بسرعة البرق فظللتها و بقيت وحيدا انا و عقلي الذي لا يصمت من التفكير
رجلاي لم تطيقا البقاء في مكان واحد و اخدت اتمشى بين تلك الرفوف و ادور في دوائر لعلي اجد كتابا يعيد لي شغف القراءة الذي اختفى منذ زمن بعيد جدا حتى اني اكاد انسى ما هو آخر كتاب قرأته
لوهلة ما قد توقفت في أحد الزوايا لهذه المكتبة الكبيرة و قد جذب انتباهي الذي نادرا ما يثار باب صغير منطوي على نفسه يشبهني في اغلب الاحوال
اقتربت منه فاتحا اياه من مقبضه الحديدي الطويل و ذلفت للغرفة المكسوة بالغبار ذات الحجم الصغير و المطلية بطلاء رمادي يكاد لا يظهر من حلكة و ظلمة تفاصيلها تصطف بها كراتين يعلم الخالق ما بداخلها
كم اني متشوق للعودة إلى المنزل الذي يوجد به اكثر ما احب الا و هو سريري الهادء والدافئ و حساء امي اللذيذ
ما إن حاولت الخروج من ذاك المكان و رجلي قد اصطدمت بأحد العلب التي كحبات الدومينو قد تتابعت و سقطت كلها فوقي مغرقة اياي تحتها و تحت غبارها الذي اتحسس منه لم استطع ابدا مسك نفسي من العطس المستمر و احمرار اعيني بسرعة التي تتابع وضعي بذرف الدموع و العطاس من الغبار
رفعت بجذعي للامام احاول الوقوف إذ بشيئ غريب فوق وجهي يبدو كورقة كبيرة بني فاتح لونها فوقها ورقة اخرى تشبه الغلاف الاخضر
مظهر هذا الشيئ يوحي للمخطوطات الصينية القديمة التي شاهدتها في بعض المانجا اليابانية و بعض الافلام الاخرى
شعوري في تلك اللحظة كان مختلطا بين الصدمة والفضول الكبيران اللذان اعتريا عقلي و وجهي ايضا اين ظهرت ملامح غريبة يقودها التوق لمعرفة ما بداخلها فرحت افتحها بأصابعي ذات اللون الشاحب و النحيلة بشكل طويل
كانت عبارة عن خطوط؟! لم ارى يوما لغة بهذه الكتابة خطوط متعرجة تشبه الرسومات و نقاط كثيرة متوزعة على طول الورقة الهشة التي تمزقت بالفعل في أحد زواياها
مؤكد تماما انها لغة لم أدركها يوما و لم اعرف من اين تأتي فقد تكون كتابة لأحد القبائل النائية من الأمازيغ التي لم يتم اكتشافها بعد؟
قد صفنت لبضع دقائق و لم اسمع ذاك الطرق على الباب المتواصل لشدة انغماسي في رؤية ما بين يداي حتى فتح الباب دفعة واحدة
من ورائه قد ظهر طيفها الباهي المشع للطاقة الايجابية و شعرها يتطاير للخلف بسبب الرياح القادمة من النافذة في الغرفة و التي من خلفها قد اوضح ان المغيب قد انتهى و بعدها حل الليل المظلم للشتاء القارص
لم أفكر حقا كثيرا في تلك المخطوطة الغريبة عكس ذلك فأني قد رميتها للوراء و رحت اتبع كيت للخارج
لقد وجدت مسعاها حيث كان الكتاب ذو الغلاف بني يغطيه نقوش ذهبية تدل أنه رواية رومنسية دافئة مثلما تحبها هي
قد انتهى ذاك اليوم و نحن نمشي على الطرقات الشبه الفارغة و المظلمة التي لا ينيرها سوى الانارة القادمة من أعمدة الكهرباء الموزعة على طول الرصيف بمسافات متفاوتة و بعد لحظات قليلة كان الأمر قد انتهى من رؤية بعضنا البعض عند ذلك الدوران و الفيلات الفارهة لم يطاوعني قلبي حقا ان اتركها تمشي لوحدها في هذا الظلام و قد اخدت عاتق ان يوصلها لمنزلها في منطقتهم الخاصة بالأغنياء التي كلما دخلتها تذكرت ان جيبي فارغ اكثر من حياتي
ودعنا بعضنا البعض بذاك العناق الدافئ الذي تلامست فيه معاطفنا المتشابهة ذات اللون البيج و كل منا راح في طريقه هي دخلت منزلها تحت تراحيب الخدم لها و انا رحت امشي لوحدي بذلك الطريق النائي الذي بدا يقل منه السكان و مبانيهم
منزلي بعيد حقا من هنا و لا حل لي غير ان امشي بسبب عدم وجود الحافلات بعد الساعة التاسعة ليلا لايصالي
كانت لحظات هادئة حقا و انا امشي مع نفسي قد مر زمن منذ اخر مرة فعلت بها هذا و يمكنني الان ان افكر مع عقلي الباطني براحة و ستائر اعيني انغلقت ترحب بسرور نسيم الهواء البارد مع وجهي ثم تنهيدة عميقة خرجت من فاهي و عديد من الأفكار ارتطمت مع صخور التفكير منها علاماتي المتدنية و اخرى انعزالي عن المجتمع و ايضا اختي الصغرى التي لا تكف عن إزعاجي ان اشتري لها هدية بمناسبة عيد ميلادها بشكل غريب امرا لم اعتقد ابدا اني قد افكر به طرأ على بالي.. ماذا كانت تلك اللغة؟! تلك الكتابة المعوجة و المزخرفة بالخطوط المائلة والمستقيمة منها
كلها كانت غريبة و قد اخدت تفكيري لبعيد حقا و ظللت افكر لمدة لا اذكرها من الزمن
حتى عدت من شرودي أنظر ما حولي من مكان مألوف جدا لي.. إنه الطريق الذي أمر عليه كل يوم.. الطريق الرئيسي
لكن مهلا.. مرة أخرى اليوم جذب انتباهي شيء آخر و هذا حقا امر نادر أن ينجذب عقلي لشيئين بنفس اليوم
رأت اعيني الخضراء شيء لم يسبق لها أن رأته
المكان الفارغ بنهاية الطريق الذي لم يتم بناء فيه أي شيء اليوم هو ممتلئ....
منزل جديد هناك كيف هذا و منذ نصف ساعة فقط كان فارغا تماما لم اكد استوعب الامر ابدا و انا انظر لهذا البيت المبني من الخشب ذو الحجم الكبير و الفناء الميت من الاعشاب
مظهر مشمئز كئيب يحاوط به و لم افكر مرتين ابدا و اجزم اني لن ادخله بل عدت ادراجي مبتعدا عنه و لعله قد يكون بني منذ زمن و لم الاحظه غير الان
لساعتين كاملتين وجدت نفسي دائم ان طريقي ينتهي بي امامه
قلبي تسارع بشكل مريب و عقلي ملأته مخاوف تحيط به لأول مرة
اين انا بحق الجحيم؟! مالذي يحدث لي الآن؟!
كلما حاولت الابتعاد و اخد طريق المنزل لا اجد نفسي سوى أمام هذا الجحيم
و كأنني بدوامة أو متاهة تتكرر لعشرات المرات الا مالانهاية
ادخلت يدي لجيب سروالي النيلي الخاص بالمدرسة و اخرجت هاتفي رمادي منه.. تبا لحظي.. لم يشتغل
وانتهى أمري! ماذا عساي افعل وانا لا اقوى على التنفس حتى من الرعب المحيط بي
مجددا استدرت لكن.. اختفى الطريق ايضا و انتهت سبلي للنجاة اخيرا
عكس باقي المرات الان لا يوجد طريق اسلكه مجرد فراغ خانق اعساي اني في حلم مجددا ذاك الحلم المزعج الذي يتكرر علي مرارا و تكرارا؟!!! أيا ترى حياتي ستذهب هكذا لو اني اعيش كئيبا خير على ان اعيش مرعوبا
نفس الاحساس بالخنقة و انقطاع الهواء و كأني في الفضاء الذي يحمل بدني المبتل تلك الرياح التي تحيط برقبتي تشد عليها ببطء شديد ثم تليها تلك الكلمات التي سئمت سماعها بحق الجحيم اي مختار انا و اني اعجز حتى للعودة لبيتي؟! لقد سئمت ومللت من هذا الأمر دموعي تأبى الخروج لكني احس بكياني يضعف و يغرق في تلك الظلمات و محيطها الهادئ بمياهها المتجمدة على جسدي النحيل الذي فنى عمره اخيرا
أعيني أغلقت تستسلم للواقع و ككل مرة انتهى كابوسي المظلم باستسلام بدن الشهيد للحرب النفسانية المربكة.
لم اعتقد يوما ان احلام اليقظة تنعكس على الواقع... حتى رأيت بعد حلم طويل جدا في الظلام ذاك الشيئ..
اول ما صادف اعيني التي نظرت للسماء الزرقاء الخالية من الغيوم و كأن الجو عيد ذاك الشيئ بالتحديد الذي دب الرعب فيني و جعل جسدي يستفيق و ينتفظ من مكانه عائد للوراء كرد فعل طبيعي
آخر ما اعتقدت أني قد اصادفه في حياتي البائسة تنينا اسطوريا كمثل الكتب القديمة للأساطير.. الاساطير حقيقية!!
لم أعي ما أفعل أو أقول فقط جسمي تيبس مكانه من الرعب الذي عم أطرافي كان الأمر خياليا كفاية أصاب بالجنون فالحلم ذاك لم ينته بعد.. استقام جسدي اخيرا و الشمس الحارقة صوبت على عيني بقوة فكاد النظر ان يضحى مستحيلا حقا لكن اعتدت على الامر بعد برهة و درت في دوائر حول نفسي ارى اين انا
صدمتي الثانية كانت تجعل قلبي يدق بسرعة كبيرة و الانفاس تنقطع من داخلي ببطء شديد تعذبني في أفكار متتالية عن تلك المناظر التي اراها أشخاص ببشرة شاحبة و كأنهم أولاد القمر و آخرون بأجساد ضخمة و قوية منهم من امتلك قرونا و اخرون اجنحة منهم من كان يتسلى باللعب فوق تلك الوحوش النافخة للنيران و منهم من كانوا عند تلك الشبابيك يكتبون على بضعة ورق
لم اكد اصدق حتى اتضح كل شيء اخيرا عند رؤيتي اللافتة المكتوب عليها "تسجيل" بخط أحمر عريض
من ذاك الحلم الغريب للمنزل المهجور الى هذه المنطقة الخرافية كل شيئ مرتبط ببعضه يعطي معنى للامور و يالا حظي لقد اخترقت مكان تصوير لأحد الأفلام الفنتازية التي حسنا قد اكون قد أحببتها مؤخرا لحماسها!
الان و بكل صبر لا ادري كيف اخرج من محنتي هذه و لا اريد ان يراني الطاقم فأتعرض للطرد
استدرت بأرجلي و ملامح الهدوء قد عادت على وجهي احمل حقيبتي المدرسية على ظهري و اتجه نحو الحافة التي تظهر كبوابة للخروج
رحت اهرول ناحيتها متشوق للعودة الى منزلي اخيرا بعد يوم مرعب و موتر من الاحداث الذي قد قطع روتيني الهادء و ما ان وصلت انشدت ارجلي مثلما فعلت انفاسي تتربص اعيني ذاك الفراغ الذي يحيط بالمكان ذاك السواد المؤلم على القلبي الذي كان كافيا لجعلي ادخل في هيستيرية من الفوضى بداخل عقلي و ترنح جسدي للأمام لسوء حظي فأذ بي مجددا اسقط في ذاك الفراغ الحالك كغياهب السماء يضم جسدي له و يجعلني اتسائل متى يتوقف هذا الكابوس من الجحيم متى يتوقف عن التكرار متى ارتاح وانتهي من حياتي
ثم توقف الزمن بي بين احضان شيء ما.. شيئ صلب كالحجر جعلني أرفع رأسي و أفتح عيني لأرى منقذي إذ هو شخص من أولئك القوم الشاحب فك حاد و اعين زجاجية بلون بنفسجي خفيف تتمازج مع بياض الاعين و تزيد تلك الرموش الطويلة البيضاء كلون شعري الرجل جمالا كبيرا طاغي فأني لو رأى ملاكا لن يكون بربع بهاء طلته هذا
لقد حط هذا المنقذ بأرضية البلاط الرخامية البيضاء و لم استطع ان ادقق في ذلك المكان الذي يعطي مظهرا رومانيا اغريقيا مختلطا
لم تقوى رجلاي على حملي ابدا فقد جلست على الارضية اجمع شتات نفسي انظر بأعين مهتزة منهارة تماما و من بعدها سمعت صوتا مرحا جدا قادما من ذاك الرجل ذو البنية الضخمة
_ بحقك كنت ستسقط في الفراغ الابدي لو لم انقذك!!
صوته كان رجوليا كفاية و لطيفا كفاية لجذب انتباهي له
لساني الثقيل تحرك أخيرا فكلمات متوترة مني قد خرجت مثل انصباب العرق من كامل كياني
_اين ا.. اننا!؟!!
_ بحقك ليس وكأنها أول مرة لك في سوليسيرثا صحيح!
سأل متحيرا و بنبرة تريد جعل الأجواء الطف الا انني اعجز تماما عن ذلك
_سوليسيرثا؟!!!
ما هذا المكان بحق الجحيم.. اين انا و لما انا هنا ما هذا الكابوس الذي لا ينتهي فأني اوشك ان افقد صوابي!
_ اذا انها اول مرة لك هنا! من اي منطقة انت؟ لا تبدو و كأنك من الأرض السفلى! ولا حتى من الأراضي المقدسة هل انت من هايا؟ امي من هايا لكنها لا تشبهك ابدا حسنا انها متسلطة أكثر من اللازم و تستمر بطلب مني الزواج لحمل اسم العائلة و اصبح الحاكم القادم ايعقل هذا!!
كان الشاب يسأل بفضول حتى تغير مجرى حديثه للتنمر حول أمه القادمة من هايا
لم اسمع يوما بهذه المنطقة لا هايا او حتى الأرض السفلى و لا الارض المقدسة ما الذي يحدث في هذا المكان ايعقل اني في مصحة للمجانين؟
ما كدت أن اسأله حتى لحقت امرأة ذات شعر اسود حالك و بشرة حنطية الى جانب هذا الواقف امامي و لم تقف جنبه فحسب انما انحنت له احتراما و تقديرا
_سموك لقد تم التسجيل
صوتها امتلأه الاحترام والتقدير الكبيرين وقد عرفت أن من حدثني يملك شأنا كبيرا رغم انه طفولي تماما بوجه بشوش و جمال صافي
_بحقك فحيح لا حاجة للرسميات اننا في المدرسة كلنا سواسية
ربت الشاب ذو الشعر الطويل على كتفها و قد لاحظت ظهور احمرار على خديها و لمعة عينيها تلك
مدرسة! اية… مدرسة.. نحن
هذه المرة لم أتردد في السؤال و قد عقدت حزمي انه لا وقت للتوتر و الارتباك انما يجب ان استيقظ من هذا الحلم و سأسايره حتى ينتهي او اخرج من موقع التصوير هذا
الفتاة المدعوة فحيح حينما لمحتني كان قد اخدت وضعية الدفاع و وقفت امام السيد الشاب رغم انه يبدو و كأنها التي تحتاج حماية لا هو فلم تتردد ابدا بإخراج من غمدها ذلك السيف ذو الشكل الغريب و كأنه يشبه لسان افعى…
نظراتها الحادة قد اخترقتني و قطعت حقا حقيبة ظهري التي تناثرت من على البلاط و وقعت في الفراغ كما اسماه و لا اظن ان هذا من ضمن النص صحيح
فاهي سقط أرضا من هول الصدمة و كنت سأموت لولا تدخل الشاب الذي ابعدها مخبرا اياها ان تكف عن قلقها الزائد و اني صديقه.. صديق!...
مد يده الي يساعدني في النهوض و قد تم الامر بسرعة الرياح
هؤلاء الاسطورين ليسوا بذلك السوء حقا
_على أية حال القارب ينتظرنا للاقلاع و الطقوس على وشك أن تبدأ
كانت فحيح المتحدثة هذه المرة التي أخذت زمام المبادرة و قادتنا للامام و للان لا افهم شيئا مما يحدث حتما اتجاهل
ثرثرت المدعو بنورموون اجمل رجل على الاطلاق و اتجاهل شخصيته المرحة اللطيفة فاني حتما لا اريد ان اتعلق بصديق من احلامي
و جلت بانظاري أراقب تلك الأوجه المختلفة التي كانت ذات طبع بشري لكن غريبة بشكل عجيب
سرنا للامام و سار الجميع معنا في موكب عظيم من الناس الذي يبدو عمرهم بمثل عمري بعد ان اطفأت الانوار فجأة ليس وكأننا كنا في الصباح منذ ثواني
ثم مجددا قابلني ذاك المنظر الساحر الذي أراه فقط في احلامي ذاك المنظر الذي يقطع الانفاس و يربك النفوس اين الجميع يركب قواربا من خشب تملأها الشموع بلونها الأصفر تطفو فوق المياه التي تشبه الغيوم ذات اللون الأحمر المائل للزرقة و الحيتان بلون برتقالي و وردي تغوص من حولنا كلنا كسرب واحد نتجه للأعلى اين كان طريق من غيوم مضيئة و ذاك النور الساطع الخارج من بين بوابة عملاقة و كأنها سور عظيم فوقنا تماما تواجدت سماء كبيرة بلون الليل تحوم في فضائها النجوم و الشهب بمزيج من الالوان الخاطفة للقلوب و كأنه المغيب تنعكس على وجوهنا ظلالها الزاهية التي بدت على الجميع ملامح الصدمة و السرور خاصة بعد سماعنا لتلك الالحان من الكمان و اصوات النساء كالحوريات
نغمات عالية في هدوء تام يقطع الأنفاس و الدموع لم تستطع مقاومة خلابة المنظر ذاك حتى البدن يصاب بالقشعريرة لما يراه من تمازج في الالوان و نغمات العظمة و نحن نوشك على عبور البوابة التي كانت طريقنا للعالم الآخر العالم الذي سمي سوليسيرثا!...
.
.
.