قد يجد البعض أن الحكايات الخيالية مكانها الكتب الورقية ذات الطابع المزخرف فقط و قد يجد البعض الآخر ان الامر اكبر بكثير من مجرد كلمات منحوتة على الورق البني قد تكون عالما كبيرا حياة لبعض من الناس و لكن هل حقا قد تكون حقيقة….
منذ عديد من السنوات تداول البعض من قبائل سيفارا حكاية لم تكن كمثلها… حكاية طواها الزمن واندثرت مع الرمال في الصحراء… حكاية عنوانها كان كاردل الرجل العائد من الفراغ التجسيد للشر المطلق لا رحمة… لا شفقة… كله ظلام في ظلام فقيل إنه كان يسكن اعماق الارض و أوحش الأماكن مثله تماما رجل من نار و حمم له مئات من التابعين البؤساء من حميم ثم فجأة وكأن شيئا لم يحدث اختفت الحكاية دون أثر حتى من أذهان الناس قال الجميع ان كاردل السبب لكن كيف و متى و أين ستتسبب اسطورة بضياع ذكرى..
. .
خيوط من اشعة الشمس كانت قد تسللت ناحية غرفة خشبية و على وجه بشرة بيضاء انعكست تعكر تعابير وجهه توقظه من سبات دام طويلا و دون وعي من المستلقي على الفراش الأبيض كان قد وضع يديه على عينيه يمنعان وصول ما بقي من ضوء له و زفرت طويلة خرجت من ثغره لا يخالجه تفكيره الا الفراغ حتى مرت ثانية تجر اختها و نور الذكريات عاد للاشتغال سرب من الصور القاتمة لراسه تدفقت كأنهار هائجة جعلت عيناه تعكس رعبا مخفيا في كيانه فأشتدت يداه على ذاك اللحاف المماثل للون اعينه الخضراء و قد جال بهما في محيط تلك الغرفة يمينا و شمال يأمل بعدم وجود أي شيء خارق للطبيعة يعيده لما عاشه قبل أيام زفرة عميقة تسللت من ثغره و يديه ارتخت مجددا يلقي بجذعه للوراء مغمضا عينيه
"انتهى.. انتهى ذلك الكابوس.."
صمت خالج الغرفة و ظلامها لا يزال حالكا و فتى في أوهامه غارق حتى ثم استقام يتجه ناحية النافذة يفتحها يتوق لضوء الشمس و مظهر البيوت و صوت الاطفال… لضجيج المدينة الصباحي لكن النوافذ كشفت من ورائها منظرا غريبا خاطف للقلوب حيثما تمازجت تلك الأشجار ذات السيقان الطويلة المتداخلة في بعضها و أوراق خضراء عملاقة تحجب بنيانا دائريا ضخما يتواجد على بعد قريب و كأن المكان جزء من الغابات الاستوائية لم يكن يستوعب ما رأى و على تلك الأرض الخشبية كان قد جلس يائسا لا يظهر أي رد فعل يذكر
و على مايبدو فأن الصدمة منه استنزفت و وقعا غارقا في مآسيه التي لا تنتهي شروده دام طويلا و بدنه لا يزال مقشعرا خصلة من شعره الأبيض تنسدل على اعينه تحجبها وذهنه فارغ لا يفكر بأي شيئ كانت ثواني ثقيلة على كاهله كأنفاسه حتى انفتح الباب يظهر من ورائه شاب آخر لم يرفع الجالس على الأرض ناظريه ناحية الوافد إنما استمر متسمرا في مكانه و دنى الآخر منه ببطئ
_ لقد استيقظت…
لم يجبه لسانه ثقيل كفاية ليفعل و لكن ما ان سمع زئيرا مضويا صادرا من وراء النافذة جعله ينتفض يرى ما هناك حتى قابله كائن غريب أخذ يقترب ببطئ فحجب اعينه التي تبدو بشرية كل مساحة النافذة
ذلك البؤبؤ كان يتحرك و يبحلق بالجالس الذي نزل معه العرق متصببا والآخر أخذ يقهقه يبعد تلك العين الغريبة من ذاك الشيئ العجيب مظهره كان كالتنين عكس ان جلده ليس بخشن إنما ريش ملون كالطاووس و ارجل كالنسر وجهه بشري كالقناع خالي من المشاعر و التفاصيل
حجمه كان كبيرا كفاية ليغطي مساحة غرفتين
_ لا تخف.. انه ميلس صنف من الطيور تسمى ميلس كما انه اليف
اخذ يداعب ريشه و ميلس ذاك كان يبدو مرتاحا فهدأ و طار بعيدا أما الجالس فقد عجز فمه عن وصف ما يراه بالحروف
_ا.. اليف؟؟؟ اين الالفة في الموضوع هذا وحش…
_ بحقك أنه لا يتناول اللحوم.. الحية على الأقل
بقي شاردا لا يستوعب ما يحدث من حوله حتى طرح سؤال ضل يخالجه منذ فترة
_ كم مر علي و انا في الفراش؟ ماذا حدث كل ما اتذكره هو سحبك اياي نحو تلك القبة و بعض من اللقطات المشوشة من وسط ذلك الضباب
_ لست من يملك جوابا لهذا.. اتبعني هناك من يريد مقابلتك و سيخبرك بكل شيئ
امسك حنطي البشرة بيد الفتى بقوة و اذ به يسحبه خروجا من تلك الغرفة الى الرواق مرورا بعدد لا يحصى من الأشخاص ذوي المظهر الغريب منهم من امتلك جلدا اسودا و اخرين ذوي آذان طويلة و منهم من امتلك ذيولا غريبة اجنحة ملونة قرون و أرجل طويلة تبدو كمزيج من الحيوانات و البشر
فراح يبحلق فيهم بفاه ساقط لا يكاد يصدق ما يراه وهم نفس الشيئ بالنسبة لهم راحوا يتهامسون فيما بينهم بشأنه بصوت خافت يكاد لا يسمع يتبادلون النظرات و يتفحصون جسده بشكل دقيق
حتى انتهى الرواق و وقفا كليهما امام غرفة سوداء الباب مطرزة بخيوط ذهبية تشكل رمزا لطائر الفينيق الخيالي
فتح الباب واتجهت الأنظار كلها ناحيتهما خاصة ذاك الفتى الغريب الذي ذاع صيته في أنحاء المدرسة و خارجها اثر ما حصل منذ ثلاث ايام ولت
اتجها ناحية احد الطاولات من تلك الغرفة التي كانت مجلسا كبيرا و كأنها غرفة استراحة تضم أغلب الطلاب و قد اتخدت لونا احمرا قاتم يختلط بالسواد و الذهبي
جلسا يقابلهما شخص يعرفونه حق المعرفة كان نورمون التي جلست بجنبه سوداء الشعر صفراء الأعين فحيح
قابل نور وجه الفتى و قد ادرك انه لا يعرف اسمه حتى
فراح يتكلم بصوت هادئ حازم يخلو من الليونة التي اعتاد أن يكون عليها
_ ما اسمك؟
_ وعد.. وعد آل ويتشر
نطق بصوت خافت يراقبه بأعينه الخاملة التي سلب منها بذور الأمل في الحياة
_إذا يا وعد.. من انت؟!
كان نورمون هو الوحيد الذي يتكلم في تلك الجماعة فحيح و احمر الشعر المسمى بديوس استلزما الصمت بهدوء يراقبان
اما وعد فقد تكلم بصوت ثقيل و كأنه بدأ يفقد صوابه بما يحدث من حوله
_ فتى انا مجرد فتى يقطن بمدينة ريفية كل سكانها بمثل مواصفاتي
_ إلى أي أرض تنتمي؟ سكايبيا؟ اوركا.. هايا؟ ويمكن أن تكون سيفارا؟!
حال نطق سيفارا من فم نورمون فإن معالم فحيح قد تغيرت للاضطراب تلقي بالا اكثر للمحادثة غير ذلك فقد ظلت صامتة
_ لا ادري لا يوجد أي بلدان بهذا الاسم في المكان الذي عشت فيه لقد كنا نسمى بالمقاطعات.. كنت أنتمي للمقاطعة 31 و هي قرية بسيطة بعيدة عن العاصمة
تحدث وعد بتلعثم يجلس على الكرسي المباشر لنورمون
نور نظر له لثواني
_ مقاطعة..
_ لست من النظام!!!
صرخ ديوس دون ان يعي يجذب الانظار له لوهلة و عم صمت غريب في المكان وعد انزل رأسه و نورمون اعترى وجهه الهدوء و كأنه فهم الأمر برمته كليا
فحيح ايضا استوعبت و خاطبت نور بصدمة تهمس له بخفوت
_ لا يعقل.. انك تفكر في ذلك!!
_لا شيئ غريب فحيح من الزلزال للنبوة ثم الطفل!!!
_ انت تدرك ان هذا غير منطقي!! انه مجرد فتى ضعيف كيف لك ان تفكر بأنه المختار!!
قالت فحيح تنظر لنور بعدم تصديق و ديوس يبدو شاردا بأفكاره لوهلة
_ماذا حدث بعد الزلزال.. بماذا تفكرون.. فل تشرحوا لي ما يحدث!!
وعد سأل يستفسر عن ما جرى أي حال دخوله لتلك القبة الزرقاء المضوية و من بعد هذا راح نور يسرد ما رأى
.
.
.
كان منظرا مهولا
حفرت الارض الى الاسفل مشكلة حفرة ضخمة لا تضم سوى ذاك الحقل الذي اخد يكبر شيئا فشيئا كل الحدائق الجميلة مسحت و البنيان راب و اصبح طعاما للقبة
و من حولها اي فوق جبل من الركام تواجد بضع من الحراس الناجين اضافة للبعض من الطلاب و المدرسين من بينهم نورمون و فحيح
كانت اوضاعهم صعبة و هم يحاولون التمسك مقاومة لأي خطأ يسحبهم داخل القبة
رفعت بضع اسلحة يشكلون حاجز و نورمون كان أساسه الجليد يحيط بهم من كل جهة يحميهم ريثما تأتي فرقة الدعم
_ حسنا على الاقل وقع الطلاب على وثيقة تنازل في حالة اية اضرار
كان صوت استاذة تقوم بتهدئة الوضع نوعا ما و قد تشكل صنف من المدرسين يوحدون قوتهم بشكل غريب يحيطون بالقبة من كل جهة وأردفت فحيح باستغراب
_ ماذا يفعلون؟!
_ يحاولون الحد من قوة الحقل.. لكن يبدو أنه سيكبر مجددا… الكارثة ستأتي مجددا لا يبدو أن هذا الحقل الطاقوي يملك من يعارضه في الطبيعة!
كان أحد الجنود الموجودين هناك و هو يراقب من بعيد يبدو انه يفهم نوعا ما الوضع الذي هدأ
و قد بقي نورمون يحاول تهريب أكبر قدر ممكن من التلاميذ كان يتزعم الحشد و ينظمهم للهروب من المكان ناحية البوابة مجددا
_ منسوب المياه مرتفع! ماذا سنفعل!
قال أحد الطلاب بذعر يلاحظ ارتفاع منسوب المياه الذي يفصل بين البوابة والبوابة الاخرى و حتى الحيتان التي قادت القوارب في السابق فقد كانت في حالة اضطراب خارجة عن السيطرة
نورمون بقي حائرا لا يعرف ما يفعل فكر في نفسه لبضع ثواني
"هل اجمده…هل اجمد الماء..هذا مستحيل! انا بالكاد اجيد التحكم بالطاقة.."
جال بانظاره في المكان و قد كان سينوي العودة للأستاذة يطلب المساعدة لكن تصنم جسده بجزء من الثانية.. يرى جسدين يتجهان بسرعة ناحية القبة ثم فجأة… داخلها قفزا
تصنم الجميع و هو يراهم و قد انفتحت أعين نورمون فزعا لما يراه يصرخ
_ايها الغريب!!!!!
كانت صرخة قوية كفاية لتجعل شخص عادي يفقد سمعه
لكن داخل القبلة بالنسبة لشخص آخر لم تكن سوى كحقل من المروج الخضراء
صفاء و نقاء نسيم عليل و خضرة كان كالوهم بالنسبة له يحيط جسده يرى في الارجاء باستغراب ثم امامه وقف طفل أشقر الشعر عسلي العينين يبدو في الثامنة ينظر له بشرود.. كلاهما صافن في الاخر و بينهما مسافة معتبرة من العشب يحركه الرياح
تطايرت خصلات شعره بهدوء كوجهه الناعم و قد خطر على بال وعد اسم دون اية سبب
_ كولن….
انقطعت الانفاس لثانية دون اية سبب
و قد اتى صوت هادئ بريء
_ لقد اتيت.. اخيرا!
_ انا..؟!
_ كنا بانتظارك..
ابتسم بهدوء بملامح صافية والنسيم يداعب شعريهما
ثم فجأة… حل الظلام… مجددا ذاك الشعور الخانق و كأنه يغرق بالمحيط الداكن يساوره من كل جهة و كأن ذراعين يخنقانه من رقبته و هدء جسده يقع على الارض مستسلما
انتهى كل شيئ توقفت الرياح توقفت الهزات الارضية و انطفأت القبة كليا يظهر من داخلها جسد وعد المرمي ارضا و كولن الموجود على السرير و شخص آخر.. شخص آخر تعلوه الصدمة والفزع.. الشخص الذي شهد كل شيء
كان ديوس!
الجميع تصنم مكانه و اندفع لهم و يبدو ان الاساتذة اندفعوا بشكل خاص ناحية الطفل المدعو كولن يخفونه عن الجميع كحالة طوارئ ولم يطل الأمر حتى وصلت فرقة الدعم للتحكم بالامور و اخلاء المكان المهدم كليا
.
.
.
كانت كنوع من الذكريات التي تداخلت بعقله تجعله متسمرا كليا و قد طرات على راسه فكرة جعلتهم ينصدمون كليا
_ يجب ان اقابل كولن!
تحدث وعد بفزع ينظر لهم وقد بادلوه النظرات لم يتوقعوا هذا
لم يعرفوا ما يفعلون سوى النظر لنورمون ينتظرون ردة فعل منه ثم هدأ يفكر
_من كولن؟!
سأله نور باستغراب لا يبدو انه يعرف الاسم الحقيقي لذاك الطفل
_انه الطفل!! الطفل الذي كان مستلقيا هناك
_نحن لا نعرف اين هو!
قالت فحيح تعارض الامر بقوة لكن ديوس قال بسرعة
_انا اعرف! هو لا يزال بسوليسيرثا تحت الحماية!
كان يبدو متحمسا للفكرة بشكل غريب
_نحن لن نذهب لهناك!! لن يسمحوا لنا اصلا و لا نعرف طريقة الذهاب! اتعلم كم تبعد بيرث عن سوليسيرثا كما أنه يمنع الذهاب لها انها منطقة حكومية! لو مسكونا سنهلك!!
فحيح كانت تبدو متوترة من الفكرة و تنظر لأي أوامر من نورمون الذي ظل صافنا ثم قال بصوت هادء
_الاسرر كلها عند كولن..إن أردنا معرفة الحقيقة فاليلة سنتجه ناحيته سنكشف هذا السر و نعرف من انت يا… وعد!
نظر ثلاثتهم له باستغراب وقد اومأ وعد يحس بأن قلبه ينبذ بتوتر اخيرا هو اليوم… سيعرف حقيقة هذا العالم..
.
.
.
.
.
تابعوني على الواتباد @wagsvn