العاجز!

داخل الظلام، كان يوجد جسد صغير بتجول بدون هدف.

ذلك الجسد كان لجول، سار هناك فقط.

وجهه كان يبدي تعابيرا باردة وميتة.

فجأة لمع أمامه ضوء، لذا بيده غطى عينيه من شدته.

" ج... جو...جو...".

رن صوت هادئ جميل عبر الفضاء. لم يكن واضحا ما يقول. لكنه إستمر في الصدى عبر أذني جول، لقد شعر بالإطمئنان نوعا ما.

" جو... جول... جول!...".

-" أ-أمي؟!".

-" جول! بني...".

-" أمي! هل أنت بخير؟ أين أنت؟!".

-" جول!...".

-" نعم، أمي!".

عندما أدرك جول أن هذا الصوت يعود لأمه، إبتهج وجهه وصار ينادي عليها ليطمئن على حالتها. لكن...

-" لقد خيبت ضني!".

-" إيه؟!".

" تخليت عنا جميعا وهربت...".

-" مذا؟ أنا لم أفعل ذلك! أبي!...".

-" عندما كنا جميعا في خطر، فإنك هربت لحياتك وتركتنا..".

-" لم أهرب! لقد كنت أنا من أبعد بارتاس عنكم".

-" لا أصدق أني أنجبت إبنا عاقا مثلك!".

-" أبي! أمي! لما تقولان هذا؟!".

" جول! لما فعلت ذلك؟!".

" أخي!".

-" أخي ويل؟! جوانا؟!".

*" لست أخانا بعد الآن!".

" لست إبني!".

" أنا لم أنجب جبانا وعاقا مثلك!".

-" ه- هيه؟!..".

كان وجه جول يظهر صدمة لا مثيل لها. لم يتوقع مطلقا سماع كلام كهذا، سمع صوت كاتيانا تتحدثت أولا، ثم ماركوس، ويليام وجوانا.

جول لم يفهم من كلامهم شيئا، لقد لاموه، لكنه في الواقع كان يلوم نفسه.

ت-توقفوا! إنتظروا! لما تفعلون هذا؟ أنا-أنا آسف، أرجوكم...*لهاث، لهاث...* إ-إنتظروا!...".

صرخ جول بقوة بينما يكض خلف الضوء الذي صار يبتعد في الأفق ويختفي.

* ضرب...*

" اللعنة! لماذا؟ لماذا...لماذا!؟!؟! كان-كان علي حمايتهم! كان يجب أن أفي بوعدي! لقد جعلتهم يتأذون جميعا! لم-لم أستطع فعلها! عائلتي الوحيدة...فقدتها...مجددا!!...".

بعدما إختفى الضوء تاركا خلفه صوت تمتمات، سقط جول على ركبتيه بعدما لم يستطع اللحاق به.

وبقوة بدأ بضرب قبضته على الأرض بينما يلعن ويلوم نفسه. (كسووووو... يقول).

" عاااا...اااه ".

صرخ مجددا.

فتح عينه الخضراء الجميلة بقوة، لقد كانت مليئة بالدموع.

نهض بقوة جالسا فوق سرير، سرير عادي لكن لا بأس به من ناحية الجمال.

كان جول يمد يده نحو الأمام.

" ككيييكك!!".

لم يثبت على وضعه السابق طويلا حتى أصدرا صوتا متألما بينما يحضن نفسه بذراعه الأيمن، ليسقط بعدها نائما عل السرير.

وضع جول الحالي كان سيئا بحق؛ رأسه كان ملفوفا بالعديد من الضمادات حتى غطت عينه اليسرى الحمراء، كلا من كفي يديه تم لفهما كذلك، وذراعه اليمنى مغطات بضمات أكثر ومعقودة على رقبته كما لو كانت مكسورة، وجهه كان مغطى بعدة خدوش، ورقبته كانت ملفوفة بالضماد هي الأخرى.

بدى حاله مزريا حقا.

" أين...هذا المكان؟".

تساءل جول بينما يدير رأسه في أنحاء الغرفة، كانت غرفة صغيرة وأنيقة بصبغة بيضاء، السرير الذي نام عليه جول كان في منتصفها ( أي الغرفة)، وعلى جانب السرير كانت توجد طاولة مستيرة صغيرة بارتفاعه.

أدار جول رأسه لليمين ليجد نافذة مفتوحة تطل على المنظر المميز خارجها، كان المنظر يصور مشهدا للعديد من الناس الماشين ذهابا وإيابا، يمينا ويسارا. بدى كالسوق، وفي الأفق تمتد العديد من المباني المختلفة والنباتات المتنوعة من أشجار وحشائش، بل وحتى توجد نافورة جميلة في منتصف المدينة بالخارج.

جول لم يتمكن من رؤية الناس بشكل جيد، ذلك لأن الغرفة مرتفعة عن سطح الأرض. لقد قدر أنه بالطابق السابع أو الثامن.

" لاا..جدي! لا تهرب..أنا لا أستطيع اللحاق بك...".

فجأة تخلل صوت لطيف متثائب أذن جول، فأدار رأسه لجانبه حيث مصدر الصوت، ليجد بعد ذلك جسدا صغيرا متكئا على جانب جول فوق السرير.

شعر فضي طويل وجميل، وجه صغير مستدير، بشرة بيضاء نقية، آذان طويلة. كان بوسع جول أن يقول أن هذه الطفلة الإيلف التي بدى أنها في الخامسة مثله ستكون من أجمل نساء العالم عندما تكبر.

جلس جول بصعوبة ونظر في وجه الجميلة النائمة قربه قليلا ليدير وجهه مجددا نحو النافذة.

ㅡㅡㅡ

" هاااااه * تثاؤب* يبدو أنني قد غفوت!".

فجأة تحركت الطفلة النائمة وتثاءبت بلطف.

إنتبهت أن هناك شيئا ما أمامها، فرفعت عيناها الخضراوتان بينما تحكهما من بعد نومها لتعرف من كان.

أمامها كان جول ينظر باتجاه النافذة لذا ماقابلها منه كان منظر شعره الأبيض يتحرك مع النسيم وعينه الملفوفة بالضماد، مرت أشعة شمس خفيفة عبر النافذة وضربت جول فبدى المكان ينير حوله.

عندما علمت الصغيرة من كان، تفاجأت قليلا في البداية، ثم كما لو تحولت تماما فقد صار وجهها يحمر بسرعة حتى بدت كالطمام.

" أه! صباح...الخير!".

قال جول بوجه بارد نوعا ما عندما علم أن الصغيرة قد استيقضت، عندها في تلك اللحظة إنفجر الدخان من وجه الفتاة الذي صار حبة طماطم ناضجة الآن.

" أ-أ..أنا آسفةةةة...!!".

فجأة صرخت الفتاة بعدما تحدثت بارتباك، وبسرعة شديدة خرجت من الغرفة وأغلقت خلفها الباب بينما تصرخ متأسفة.

" أ- آاه!..".

مد جول يده نحوها في البداية ليوقفها لكنها هربت بسرعة بالفعل، لم يجد ما يقوله غير التنهد هكذا.

"*تنهد* لا أصدق أنني...صرت عاجزا!!".

تنهد جول بينما يسقط نائما في فراشه ويغطي وجهه بكتف الأيسر.

" الحالة!".

قال جول بنوع من التعب وهو يبعد كتفه قليلا عن عينه، لتضهر بعد رنة صغيرة نافذة حالته.

الحالة:

الإسم: جوليان فون فيلدمينت، المستوى:0، السرعة:25، الخفة:20، القوة:40، التحمل:30، المانا:0، رشاقة:10، ذكاء:300، العناصر:11 (مختومة).

النوع: 50% شيطان،25% إيلف،25% بشري.

الفئة : لاشيء.

هالة القتال:غير محدودة.

الألقاب : الإبن المعجزة، الإبن الثالث لعائلة الدوق فيلدمينت.

المهارات:غير محدودة (مختومة)..

القدرات: -الذاكرة المعجزة، النظام، إرادة الشيطان.

الحالة الجسدية: سيئة.

الحالة النفسية : متدهورة (آثار لهجوم نفسي ما تزال متبقية).

المستخدم تعرض لهجوم نفسي من عنصر الظلام، عدو الظلام هو الضوء، لعلاج آثار الظلام المتبقية في جسدك تحتاج لتطهير بعنصر الضوء.

كانت عينا جول ميتتان وباردتان تماما بينما ينظر لحالته، نظرته كانت مركزة أكثر على مستواه مهاراته وعناصره المختومة، حالته النفسية والوصف أسفلها.

رغم أن إحصائياته منخفضة جدا، فهو لم يولي اهتماما كبيرا لها حقا. ربما كانت إرادة الشيطان هي السبب، لكن بالنسبة لحالته النفسية وكل ماختم من مهارات وحتى عناصره كانت بالتأكيد بسبب سديم الهاوية التي فرضها عليه بارتاس.

لكن...كل ما كان جول متيقنا منه، هو أنه الآن...عاجز، عاجز تماما، مهما حاول التدريب للصعود بمستواه فلن يفلح. لذا لفظة العاجز تصفه بشكل جيد.

لقد سبق له وأن مر بحالات مثله في الماضي، لذا هو يعلم عن حالته جيدا.

* كرراااك...صرييير*.

كسر تفكير جول ذلك الصوت المزعج قبل قليل، إنتبه إلى وجود أشخاص عند الباب لذا إعتدل في جلوسه ونظرته الحادة موجهة نحو القادمين.

أمام الباب وقف رجل عجوز نسبيا، متوسط الطول، ملابسه كانت عادية نوعا ما لكنها أنيقة. لم يبدو كعجوز عادي، بل بدى أكثر قوة وحيوية عن غيره. عيناه الخضراوتان كانتا ناضحتان بالحيوية، قسائم وجهه كانت معتدلة، شعره كان أشقر مائلا الأبيض. ماميزه حقا كان شكل آذانه الطويلة والمدببة عند الطرف.

خلف العجوز كان جسد صغير مختبئ بينما يمسك بعباءة العجوز، كانت الفتاة الصغيرة سابقا تمسك العجوز بوجه مرتبك ومتورد.

' إيلف!!'.

فكر جول بنظرة باردة على وجهه، كان قد فكر في ذلك بالفعل من قبل، لكن الآن تأكدت شكوكه، هو متواجد حاليا بالتأكيد في أرض الإيلف.

الجو الطبيعي في الخارج، الفتاة الصغيرة والآن العجوز. وخاصة حالة العجوز التي رآها جول قد أثبتت كل شيء، الألقاب: الملك السابق لمملكة الإيلف فوميونت.

" إذن فقد استيقضت! كيف حالك ياصغير؟".

-" لا بأس!".

قطع حبل أفكار جول صوت العجوز الهادئ بوجهه المبتسم الحنون، فأجابه جول بوجه وصوت باردين.

-" هل تشعر بالألم في أي مكان؟".

-" قليلا".

-" هذا مدهش! كونك مازلت على قيد الحياة واستيقضت الآن! لقد وجدناك في حالة مزرية حقا وكنت على وشك الموت، لولا إصرارك في الحياة لما كنت لتوجد بعد الآن!".

تحدث العجوز بينما يظهر وجهه تعبيرا مندهشا. بلا شك، بالنسبة له فإن جول يعتبر حالة شاذة تماما.

نظرة جول كانت فارغة نحوه، عندما رآها العجوز شعر بهاوية كبيرة داخله، ثم كمن ضربت فكرة ما دماغه، ضرب العجوز قبضته بكفه وقال بوجه بشوش.

" آه، صحيح! لم أعرف نفسي بعد، أنا أدعى زويباك فوميونت، وهذه الصغيرة الخجولة تكون حفيدتي تورييل فوميونت".

بينما يعرف بنفسه، كان العجوز الذي دعى نفسه بزويباك يداعب رأس الفتاة التي دعاها حفيدته، في حين كانت هذه الأخيرة واقفتا بجانبه بوجه خجول وعيناه بالكاد تستطيع تثبيتهما على جول.

" أ-أنا...أنا آسفة!".

قالت الصغيرة بارتباك، بينما وجهها يصير أكثر توردا.

-" على ماذا؟".

-" أ-أعني...لقد...نمت في جانب...في جانب السرير! ربما...أكون قد آذيتك!...".

قالت الفتاة المدعوة تورييل بارتباك شديد وهي تخفض رأسها وتشيح بنظرها بعيدا عن جول.

نظر جول نحوها بوجه هادئ، ثم تغيرت نظرته لتصير أدفأ قليلا وترتفع أطراف شفتيه قليلا بابتسامة جميلة ويقول.

" لا بأس".

-" ح-حقا؟".

-" أجل، أعني...إنه ليس خطأك كونك كنت متعبة، أيضا...أنت كنت خفيفة جدا على أن تؤذيني، لذا بإمكانك الإطمئنان!".

-" همم...شكرا لك".

في النهاية خفضت رأسها بينما تشكر جول محمرة الوجه كالعادة.

" إذن، من تكون يافتى؟!".

فجأة قال زويباك بوجه تحول للجاد وعيون باردة بينما يتقدم نحو جول ببطئ ويقف على جانب السرير.

أعاد جول نظرته الباردة بينما يحدق في زويباك.

" *تنهد*...أعتقد أنك تعرف بالفعل!".

-" مذ-...!؟".

-" أنت تملكها صحيح؟...كشف الحالة!".

قال جول بنظرة جدية فارغة جعلت زويباك يفتح عينيه متفاجئا، لم تستمر دهشته طويلا حتى غيرها سريعا لابتسامة، لكن رغم ذلك ظلت الجدية تلوح في وجهه.

-" هه! أنت محق، لكن إن دل هاذا على شيئ إنما دل على أن-...".

-" أنني أملك نفس المهارة!".

-" ... أنت بالتأكيد لست فتى عاديا!".

-" أظنك تعلم ذلك بالفعل!".

-" هاهاها...! جيد!...جيد جدا يا فتى! أنا أحب الأولاد المباشرين مثلك!".

-" إذن، لدي بعض الأسئلة".

-" إسأل! إسأل! سأجيبك على كل ما أستطيع!".

-" أولا! من عالج جراحي؟".

-" همم...إذن أنت قلق بشأن ذلك؟ فلتطمئن، لقد كنت أنا الوحيد من عالجت جميع جراحك".

-"...أين هذا المكان؟".

-" هنا مملكة الإيلف الوحيدة، مملكة فوميونت! وبالتحديد هذا القصر الذي نحن به حاليا يقع في أقصى شرق القارة العظيمة!".

-" همم...' بعيد! هذا المكان بعيد جدا عن مملكة بورغو!'... من وجدني؟"

-" أنا وبرفقتي بعض الحراس، كنت أنا وحفيدتي نتنزه هناك حتى سمعنا صوت تفجير، ولما وصلنا وجدنا شيطان يحاول قتل فتى يحيطه دخان أسود غريب، بما أن شيطانا كان يتواجد في مجال الإيلف، فعلينا طرده بكل بساطة، بدى أنه قد استنفذ كل قوته لذا هزيمته وقتله لن يكون صعبا علي، لكنه اختار الهرب، وتركك عندما علم أنه كان محاصرا ولا أمل أمامه في الفوز...".

كان شرح زويباك واضحا، توقف جول للحظة ليراجع ما قاله نظيره، ثم رفع رأسه وعاد ليسأل.

" كيف كانت حالتي عندما وجدتموني؟".

-" *تنهد*... كيف أقول هذا؟ ...لقد كنت ميتا!".

-" هااه؟!".

-" كما قلت، لقد وجدناك ميتا. لكن...بينما أنا أفحص جسدك المحاط بالضباب...إمتصه جسدك فجأة. وفجأة كذلك عاد نبضك!...كان الأمر كالمعجزة!".

تحدث زويباك بوجه يظهر ارتباك شديدا، بدى أن الأمر كان كالصدمة القوية على نفسيته.

أعاد جول يده تحت ذقنه مفكرا.

' توقف نبضي، ثم عاد!...وجسدي امتص ضباب تعويذة بارتاس الغريبة، سديم الهاوية؟! بالتأكيد هناك سر خلفها!'.

فكر جول قليلا، ثم بسط يده اليسرى أمامه وتأملها قليلا.

" ما المدة التي أمضيتها نائما؟".

-" أه! بخصوص ذلك، لقد كانت أربعة أشهر ونصف!".

-" هيه! كل هذا المدة؟!"

-" صحيح! وطوال هذا الوقت لم تظهر علامة واحدة على الاستيقاض قريبا!".

تفاجأ جول بذلك الخبر الصادم.

أربعة أشهر؟ مالذي حدث لعائلته في هذا الوقت؟.

كان هذا السؤال الوحيد الذي تبادر على ذهن جول. أحداث كثيرة كانت لتحدث بحلول هذا الوقت.

" ماذا عن عيني؟ لما هي مضمدة هكذا؟".

-" آه! بشأنها، لقد كانت تنزف بشكل غريب، كلما حاولت فتحها لمعالجتها كان النزيف يزيد، لذا غسلتها من الخارج وضمدتها فقط".

قال زويباك بينما يحك رأسه بوجه معقد، لمس جول عينه اليسرى مفكرا. هو لايتذكر أبدا أنه قد أصابها أثناء المعركة، لذا فشرح زويباك جعل أفكاره تتشعب أكثر.

" شكرا لك على اهتمامك بي سيد زويباك!".

فجأة قال جول بنفس الوجه الهادئ والجاد، تأمله زويباك قلبلا بدهشة ثم رد بابتسامة.

-" لاعليك! على كل حال، عليك شكر هذه الصغيرة هنا، لولاها لكنا تركناك في الغابة ومت بحلول الآن. عندما رأتك مصابا أصرت علي بشدة على علاجك وأخذك معنا، لقد اعتنت بك كذلك طوال هذا الوقت. إنها الصغيرة الوحيدة في هذه القلعة، وهي وحيدة دائما لذا لما وجدت طفلا بمثل عمرها فقد كان هذا مفرحا لها".

قال زويباك بينما يربت على رأس حفيدته التي صارت محمرا مجددا وهو تنظر نحو الأرض.

أعاد جول نظرته نحوها ثم حنى رأسه قليلا بينما يشكرها.

" شكرا لك آنسة تورييل".

-" ل-لا...لا داعي...ل-لشكري...ه-ه-هذا...هذا- واجبي...!".

إنفجر وجه تورييل المحمر دخانا، وقالت بارتباك وخجل شديد.

-" كلا! لولاك لما كنت حيا الآن، لذا هذا واجبي أنا!".

رد جول بابتسامة جميلة جعلت تورييل تطأطئ رأسها حياءا، بالتأكيد هي فتاة خجولة جدا.

" سيد زويباك، أعلم أن هذا أناني بالنسبة لشخص غريب لكن...لدي طلب إن لم تكن تمانع!".

قال جول فجأة بوجه جاد وعينه الخضراء صارت حادة.

" ب-بالتأكيد! تستطيع طلب أي شيء طالما كان في مقدوري ذلك!".

تفاجأ زويباك من فعلة جول الغريبة، لكنه رد عليه بالقبول.

-" هل بإمكانك أن تستعمل إحدى مهاراتك؟".

-" أي مهارة تقصد؟ ولماذا؟".

-" الإستبصار! أنا من مملكة بورغو، وأثناء هربي من الشيطان إنتقلت هنا دون أن أعلم أين هذا المكان. لقد تركت عائلتي في خطر، وأنا أرغب بمعرفة أحوالهم الآن".

شرح جول لزويباك بنبرة تحمل نوعا من الحزن، إنتبه لحزنه زويباك لذا أومأ سرا بتعبير دافئ.

" لا تقلق! بما أنك كنت قويا لدرجة العودة من الموت، أنا واثقة أن عائلتك كذلك سيكونون مثلك!".

فجأة قالت تورييل الصغيرة بوجه دافئ ويظهر حزنا هو الآخر بينما تمد يديها الصغيرتين لتمسك يد جول وتطمئنه.

تفاجأ جول من فعلها، لقد تخلصت تماما من خجلها وطمأنته. شعر جول بصدق مشاعرها فأومأ بينما يحاول إخفاء قلقه.

إبتسم زويباك ثم حك رأسه وهو يسمع كلام حفيدته.

" لا بأس إذن! سأستعملها!".

-" حقا؟ شكرا! شكرا جزيلا لك جدي!".

بدل جول كانت تورييل هي من شكرت زويباك بوجه تملؤه السعادة، بل وحتى ظهرت على أطراف عينيها قطرات من الدموع.

" أجل! شكرا لك حقا! سيد زويباك!" ( مبتسما إبتسامة دافئة).

-" الآن، هذه الابتسامة تستحق بالتأكيد، لذا سأضع شرطا، من اليوم ستناديني جدي أيضا!".

-" مذا؟ أهاذا...هو شرطك؟".

-" بالتأكيد!".

-"* تنهد*...حسنا إذن! سأناديك بالجد زويباك".

-" جيد، جيد، إذن سأستعمل المهارة، تذكر المكان بالتحديد وشكل والديك!".

أمر زويباك بينما يضع كفه فوق رأس جول، أومأ هذا الأخير ليبدأ بعدها زويباك بتفعيل المهارة حيث صارت كلتا عينيه الخضراوتان تشعان بألوان مختلفة، أغلق جول عينيه بعدما أومأ.

داخل وعي جول، كان يتذكر بوضوح تلك الصور الجميلة لعائلته بينما يضحكون حول طاولة الطعام أو أثناء أوقات أخرى.

" حسنا! لقد انتهيت!".

قطع صوت زويباك الذي بدى متعبا تفكير جول.

" والدتك ذات شعر أسود ووجه جميل، بينما والدك أشقر وذو عينين خضراوتين، صحيح؟".

أردف وويباك بالكلام، فأومأ جول بتعبير مترقب.

" لا تقلق! كلاهما بخير، والدتك تبدو نائمة، ووالدك يعمل على أوراق ما ثم كان يتحدث مع أشخاص بزي فرسان".

-" ماذا عن أخوي؟".

-" لم أرى غير هذين الإثنين، ربما لم يكونا هناك!".

-" أنا أرى، شكرا لك مجددا! سيد زويباك".

-" مهلا! تذكر شرطي، صحيح؟".

-" أ-آه! صحيح! إذن أيها الجد زويباك!".

-" أجل، أجل، هذا جيد، إذن سنتركك لترتاح الآن، هيا تورييل!".

طمأن زويباك جول حول والديه، ثم قاد تورييل للخارج.

"* تنهد* الشكر لك يا الله! لحسن الحظ لم يتأذيا!".

تنهد جول وهو يدع ليسقط في السرير بينما يحمد الله.

' الآن المشكلة هي في إسترجاع القوتي! لقد إمتص جسدي ذلك الضباب الغريب، وأيضا عناصري ومهاراتي كلها مختومة ، يبدو أن لذالك السدم علاقة في هذا... لحظة! جسدي إمتص الضباب؟ أذكر من حياتي السابقة أن الصينيين يستعملون شيئا مشابها لزيادة قوتهم وطاقتهم، <صقل التشي>!...'.

تنهد جول بخيبة عندما تذكر أنه فقد كل قوته، لكنه كمن أنار شمعة في الظلام الدامس، تذكر.

تذكر أنه في حياته الاثانية لما قاتل صينيا في إحدى مباريات الفنون القتالية، كان هذا الأخير يستعمل نوعا غريبا من القدرات لزيادة قوته. لما جاءته الفرصة علم أنها قدرة على صقل التشي.

إن كانت المانا جزيئات طاقة في الهواء ويستعملها الساحر استعمالا خارجيا، فإن التشي هي قوة الحياة واستعمالها يكون داخليا ( لن أشرح المزيد كون معظمكم يعلم بشأنها بالفعل).

تجاهل جول آلامه وجلس بطريقة القرفصاء بينما يغمض عينيه ويحاول تصفية عقله.

إستمر على تلك الحال مدة من الزمن، داخل وعيه كان ظلاما دامسا، لم يتغير شيء لمدة نصف ساعة تقريبا، ثم فجأة... ظهرت نقطة ضوء صفراء.

فتح جول عينيه بدهشة، ثم صار يضحك بحماسة، وهو يتأمل يده.

" هاهاها...لقد نجح! لقد نجح حقا! هذا بالتأكيد سيعطي نتائج جيدة!".

بعدما أخمد جول حماسته قليلا، عاد إلى وضعيته السابقة ليكمل الصقل.

ㅡㅡㅡ

~ بعد ثلاثة أيام~

كان جول في غرفته كالمعتاد، وبنفس وضعيته. لقد ظل على تلك الحال طوال الأيام الثلاثة.

لكن هذه المرة لم يكن وحيدا، مقابله كانت الصغيرة تورييل متكئة على السرير بتعبير وجه يشعر بالملل، لقد استمرت بزيارة جول من طلوع الشمس إلى غروبها، طوال هذه الأيام.

جلست هناك بينما تنظر لجول الذي لم يتحرك إنشا واحدا.

فجأة فتح باب الغرفة، غيرت تورييل نظرتها نحو القادم، كان زويباك يتقدم بابتسامة تعلو وجهه نحو حفيدته.

" تورييل؟ أما تزالين تزاولين زيارة جوليان؟".

-" هم (تومئ)! لكنه كان جالسا هكذا منذ أن تركناه قبل أيام!".

ردت تورييل بوجه يظهر الحزن، أدار زويباك وجهه نحو جول، لم يستمر على تلك الحال لفترة طويلة حتى فتح عينيه بدهشة كبيرة.

إرتعش جسده قليلا بينما يتقدم نحو جول مترددا.

" ه-هذا مستحيل! إن-إن المانا...تدخل جسده؟!!".

قال زويباك بارتباك شديد وصار يدور حول جول متسائلا.

" غير صحيح!".

فجأة قال جول، تفاجأ زويباك.

فتح جول عينيه فخرج شعاع بارد منهما جعل زويباك يرتعش لا إراديا.

" م-مالذي تعنيه؟!".

-" إن كنت سأمتص المانا هكذا فإن ذلك سيجعل جسدي ينفجر لأن تركيز الطاقة فيها كبير، أنا أمتص هالتها، بما أن جزيئاتها تشبه الكرية المملوءة بالهواء، جزيئات المانا عبارة عن غشاء يخزن داخله الطاقة، لكن تلك الطاق تتسرب أحيانا للخارج، وهذه تسمى الهالة، وأنا أمتصها لفتح الختم على طاقتي!".

شرح جول بوضوح بينما كان زويباك يفكر في كل ماقاله. لقد فتح جول عينيه حقا.

" لقد فهمت! إذن هذا يعني أنك لم تفقد طاقتك تماما وصرت عاجزا، بل تم ختم قوتك؟".

-" صحيح!".

-" *تنهد* جديا! من تكون؟! لقد جعلت شيطانا يطاردك ويفعل كل هذا بك، وفوق كل هذا... أن تملك مثل هذه المعلومات التي حتى أنا لا أعرفها رغم أنني في القرن الثالث من حياتي!".

قال زويباك بنوع من الإستسلام بعدما تنهد.

" لا تقلق بشأن ذلك! على كل، لقد اقتربت من كسر الختم، سأعود للتدريب، سأحتاج أن أبقى وحدي حتى لاتضطرب الطاقة التي امتصصتها فهذا قد يؤدي لموتي!".

-" فهمت! إطمئن! لن أدع أي أحد يزعجك، تورييل عليك ترك جوليان حتى يتدرب لاتزعجيه! إتفقنا؟".

-" هم (توافق بحزن) جوليان! لا ترهق نفسك كثيرا! سأحضر لك الطعام كل غداء وعشاء، لا تنس تناولهم!".

-" أمرك! لا تقلقي تورييل!".

قال جول بضحكة جميلة يطمئن بها تورييل التي بدت متضايقة. لقد تخلصت سريعا من خجلها تجاه جول، كان ذلك سريعا حقا.

" لنعد للتدريب!".

قال جول بينما عادت نظرته الجادة، في حين كان زويباك وتورييل قد خرجا.

ㅡㅡㅡㅡㅡㅡㅇ-ㅇ ㅡㅡㅡㅡㅡ

لقد أنهيت الفصل سريعا حقا ㅇ_ㅇ

لا تنسوا التعليق فقد حاولت كتابة الفصل بأسرع مايمكنني.

زويباك يلفض زو ي باك.

2020/02/13 · 792 مشاهدة · 2963 كلمة
Abir Bell
نادي الروايات - 2024