أعتذر حقا على التأخير الكبير، لكن الضروف تأبى تركي. و وباء الكورونا زاد الطين باللة. أدعوا الله أن يحفظ جميع بلاد المسلمين.

إختبار المصنفين.

في السوق المكتضة ككل صباح، الباعة ينادون، الناس يتحدثون، الأطفال يركضون ويلعبون. كان منظرا منعشا للعين، منظرا يوحي لك بأن هذا السلام لن ينتهي أبدا.

بين جموع الناس، سار شاب مختلف ومميز بشدة عن الآخرين. كل مكان مر عبره إلا وترك العديد من النظرات تسقط عليه. كان شعره الأسود يتحرك مع الريح، عيناه الرماديتان،قميصه، بنطاله، وحتى حذاؤه السود تلاءموا بشكل مثير للدهشة، ليس هذا الشيء الوحيد الذي ميزه، وجهه الوسيم جذب أغلب النظرات، بالتأكيد نظرات النساء فقط، أما ذلك الشيء المعلق على ظهره جذب بقية النظرات، نظرات الرجال.

على ظهره كان يعلق سيفا طويلا وضخما حقا، قبضته كانت طويلة هي الأخرى، شفرة السيف الفضية لمعت مع ضوء الشمس وأعمت العيون.

كان المقصود من كل ذلك الكلام السابق بطلنا جول، جول اليوم كان متجها نحو النقابة ليتم الإختبار ويسجل كمغامر مصنف.

ㅡㅡㅡ

كانت تلك الموضفة من أمس، تتكئ على مكتبها وتنظر شاردة في السقف، يدها أسندت بها رأسها، والأخرى كانت تمسك بها قلما وتديره في جميع الإتجاهات.

كانت تفكر في ذلك الشاب الغامض أمس، لقد جاء ورحل هكذا دون حتى أن تسأله عن اسمه.

" *تنهد* لقد...كان وسيما حقا!".

تنهدت الموضفة، لم يسبق لها أن رأت وجهه هنا في المدينة، بلا شك هو وافد جديد. وبدى أنه لا يعلم نظام المغامرين، ربما هو جديد عليه حتى ولا يعلم عنه شيئاً. لكنه أطاح بذلك الضخم المزعج ذو التصنيف 'سي' بحركة واحدة، ذلك يدل على قوته الكبيرة. ربما يمكنه المرور عبر الإختبار ويصير مصنفا، ذلك سيكون رائعاً.

عدما وصل تفكير الموضفة للنقطة الأخيرة تنهدت بابتسامة.

*دينغ ... دونغ...*!.

فجأة تردد صوت قوي عبر المدينة، بدى بعيدا وقريبا في الآن ذاته، لم تكن المرة الأولى التي يدق فيها الجرس هذا اليوم. هذه الدقة لليوم، كانت الدقة الثانية.

" ياللهول! لقد حان الوقت، لكن ذلك الشاب لم يحضر بعد، وعلي أن أقود بقية المتقدمين لاختبار المصنفين. هل...أؤخرهم؟ لا! إن فعلت ذلك سيعاقبني الرئيس. أععععه!... مذا أفعل؟ مذا أفعل؟...".

إنتفضت الموضفة عندما سمعت الجرس، أول ماتبادر على ذهنها كان جول. كما قد أخبرته الأمس، فإن إختبار المغامرين المصنفين سيجرى اليوم، ومهمتها هي قيادتهم لمكان إمتحانهم، لكن جول لم يحضر بعد. ذلك جعل أفكارها تتشعب في البحث عن حل، لم تدري ما عليها فعله.

" آنسة موضفة؟ لقد حان الوقت، صحيح؟".

فجأة تقدم شاب بني الشعر والعينين، بدى في العشرينات من عمره. كان وسيما هو الآخر، ملابسه البيضاء بدت عادية وفخمة في الآن ذاته. تحدث بابتسامة للموضفة، لكنها لم تبدي رد فعل غير أنها صارت أكثر ارتباكا.

لم يكن الوحيد الموجود هناك، خلفه وقفت العديد من الشخصيات، رجل ضخم يحمل فأسا على ظهره، فتاتان تشبهان بعضهما ترتديان ملابس سحرة وتحملان صولجانين سحريين، امرأة ترتدي زي كهنة، ورجل يرتدي رداءا داكنا غطى كامل جسده ولم يظهر من تعابيره غير أسفل وجهه.

' هوااه! مذا أفعل؟! لقد حان الوقت لكنه لم يحضر بعد!...'.

صارت الموضفة تقوم بحركات مرتبكة وتتحرك في مكتبها في كل زاوية. ابتسم ذلك الشاب بنوع من المكر وهو ينظر لردة فعل الموضفة.

' هههه...! حتى موضفة مكتب الإستقبال تبدو متأثرة جدا بوسامتي، هه! بالتأكيد جمالي سيسحر كل العقول. إنتظريني أيتها الكاهنة ديفا، سأوقعك أنت الأخرى لي!'.

فكر الشاب بنظرة نرجسية وهو يطلق لمحة كل قليل نحو الكاهنة، كانت تبدو شابة هي الأخرى، شعر وعينان ذهبيان، إبتسامة هادئة ودافئة، ووجه جميل يوقع الكل له. بلا شك جعل جمالها الشاب سابقا يقع له هو الآخر، ولكن هذه الكاهنة قد رفضته تماماً، ذلك جعل إصراره يزيد أكثر فحسب. وتصرف موضفة الإستقبال جعله يضن أنها قد أعجبت به. (لا يدري المسكين أنه لايقارن ولا بذرة وسامة واحدة من جول).

* بوووم *

فجأة جذب انتباه كل من كان في القاعة صوت صدم وضرب. تنبه الجميع إلى من كان مصدره، في آخر القاعة وأمام الباب وحول جمع المغامرين المختلفين، كان جسد ضخم واقف هناك ويمسك بيده جسدا آخر واهنا مقارنة به، لم يكن الإثنان بالغريبين عنكم، كان جول صاحب الجسد الصغير وذلك الضخم الذي حاول أمس مهاجمته.

كان الضخم يمسك بقميص جول من رقبته بوجه غاضب منتفخ، في حين كان جول يظهر تعابيرا مملة وباردة، ما حدث كان أن هذا الضخم قد جمع المغامرين وقرر تأديب جول -حسب قوله- لأنه قام بإهانته بعد أن باغته في الأمس.

" أنظر إلى وجهك، لقد تجمدت تعابيرك من شدة خوفك. أين شجاعتك التي تزعمتها عندما باغتني بالأمس؟ هاه؟!".

-" ماذا تقصد؟".

-" اع-...أ-أيها الجبان! لقد باغتني بالأمس وأنت تسألني ماذا أقصد؟ ما أقصده هو أنك تحتاج للإعتذار مني هنا وأمام جميع المغامرين، وقد أقوم بمسامحتك عندما تتذلل لي، أنت لا ترغب بإثارة غضب هؤلاء العصبيين. هاهاها...!".

بعدما سأل جول بوجه ممل تحدث الضخم بغضب ثم ضحك في الأخير وهو يشير للرجال المختلفين حوله، وجميعهم أبدو ابتسامات خبيثة وضحكة شريرة وهم ينظرون لجول.

جول أطلق لمحة خفيفة على وجوههم، يحيطه حوالي العشرة وأكثر من من يملكون أسلحة، وثلاثة آخرين يحملون عصيا سحرية.

" همم؟ جبان؟ ألست تصف نفسك؟ لقد جمعت الرجال علي لأنك لم تستطع هزيمتي، هذا هو فعل الجبناء!".

-" أ-أيها ال... فلتعتذر لي حتى أفكر بتركك حيا اليوم!".

عندما خسر الضخم المعركة اللفضية عاد للتهديد، شد قبضته على رقبة جول.

" * تنهد * أبعد يدك عن قمصي!".

بعد تنهيدة تنم عن فراغ الصبر، قال جول ونظرته صارت مرعبة، إرتعش الضخم على إثرها وتراجع خطوة لا إراديا، ترك قميص جول الذي وقف بثبات ورتب هندامه، نظرته المرعبة لم تترك وجهه وهو يهدد الضخم.

" لا تظهر وجهك أمامي مجددا...إن كنت ترغب بالحفاظ على حياتك لفترة أطول!".

صر الضخم على أسنانه، لقد كان في حالة عجز ورعب تماما. لكنه تخلص منها سريعا ورفع سبابته تجاه جول وأمر صارخا في الرجال الآخرين.

" أ-أهجموا يا رجال! أمسكوه وأبرحوه ضربا!".

قفز الرجال القريبين من جول بصرخة وهجموا عليه. كان جول واقفا هناك يظهر تعبيرا مملا، تنهد وحك خلف رأسه قبل أن...

ㅡㅡ

" ياللهول! ...ع-عراك؟ توقفوا! أوقفوا الشجار! إنه ممنوع داخل قاعة النقابة!".

خرجت الموضفة من مكتبها وسارعت نحو مكان الشجار، كانت قد رأت أن جول هو الهدف، لكنها لم تنس واجبها وسارعت للقول. لكن قبل أن تخطوا خطوة أخرى، أوقفتها يد. كان الشاب الوسيم سابقا يمسكها من مرفقها ويخبرها بوجه جاد.

" تمهلي يا آنسة! إنهم في حالة غضب، حتى لو كنت تملكين قوانين النقابة فإن ذلك لن يمنعهم من إيذائك بحجة أنك تدخلت".

-" ل-لكن...ذلك الشاب في خطر!...أ-أعني رئيس النقابة سيغضب!".

ردت الشابة بنظرة قلقة في البداية وبهمس، ثم عندما أدركت كلامها إحمر خديها ونفت بارتباك سريعا.

صارت نظرة الشاب تحمل نوعا من الغضب والكره العميق، كان من الواضح أن الأمر لم يعجبه لكون تلك الموضفة معجبة بجول، ألقى نظرة خاطفة على الكاهنة وتفاجأ بنظرتها القلقة وهي تنظر لساحة الشجار. صر على أسنانه وعاد تفكيره الخبيث.

' يبدو أن الكاهنة ديفا قلقة عليه، ل-لا شك لأنه واجبها كونها كاهنة! إذن...سأنقذه! سأنقذ ذلك الشاب وأجعله ممتنا لي، وأكسب ثقة وحب الكاهنة. سأضرب عصفورين بحجر واحد!'.

صارت ابتسامة الشاب خبيثة وهو يسير نحو ساحة الشجار بينما يسحب سيفه المعلق على خاصرته من غمده.

" لا داعي للقلق! سأنقذ ذاك الشاب!".

أومأت الموضفة وهي تسمع كلمات الشاب، رغم أنها ليست واثقة من صدقه وقدرته لكنها رغم ذلك وضعت فيه القليل من الإيمان.

إبتسم الشاب بخبث وهو يرى وجه الكاهنة يظهر القليل من الإطمئنان، يبدو أن فكرته قد تنجح باستمالتها. لكن بينما هو يتقدم نحوهم لم يركز نظرته على القتال أمامه، لقد ركز نظرته الخفية على الكاهنة وهو يسير، لكن تغيرت نظرة الكاهنة القلقة لتصير مصدومة عن آخرها. ذلك التغير حير الشاب فغير نظرته نحو بقية المتقدمين والموضفة فوجد نفس النظرة تطغى وجوههم. أعاد نظرته للكاهنة ولكن قبل أن تصل صورتها إلى عينيه سمع صوتا -بث القشعريرة في بدنه- يرن في أذنيه.

" أنت... تعترض طريقي! ".

غير الشاب نظرته نحو مصدر الصوت، أمامه. وكذلك هو قد تغيرت تعابير وجهه. أمامه كان يقف شخصا مظلما -كما تهيأ له- شخص بنفس طوله تقريبا أو أقل، شخص كان من المفروض ألا يكون أمامه بل أن يكون مشغولا بالعراك وحتى مصابا ومضروبا كما ضن. أمامه كان جول واقفا بنظرة مملة.

" م-مذا؟! ك-كيف؟ كيف تكون...!؟".

لم يتدارك الشاب ذلك فقال بينما نظرته تتحول بين جول ومكانه السابق، لكن عندما رأى حال منطقة الشجار غمره الرعب. كان جميع المغامرين -الذين اجتمعوا على جول- من مختلف التصنيفات والفئات، مختلف الأحجام والقوى ملقين على الأرض ببساطة، لم يبدوا أنهم مصابين بأية طريقة، فقط...عيونهم كانت مفتوحة على مصراعيها تظهر نظرة رعب شديدة وهم يرتعشون، بدو أنهم واعون لكنهم متسمرون على الأرض لايستطيعون الحراك.

كان كل المشاهدين يظهرون نظرات الصدمة وهم يحاولون الربط بين جول وكل من ألقي على الأرض.

"م-مذا حدث؟ كيف صار الوضع هكذا؟".

" لا أدري! كل ما حدث أنهم سقطوا على الأرض فجأة!".

" مذا؟! ما الذي فعله هذا الشاب؟".

" يبدو أنه ليس هينا كما يبدو".

على الفور اندلعت الأحاديث داخل المشاهدين كل من لم يحضر المشهد من بدايته تساءل بدهشة، وحتى من حظره لم يستثنى منها، هم فقط وصفوا المشهد بأن الرجال سقطوا هكذا فقط على الأرض، حول جول، لكن هذا الأخير وقف بينهم دون أن يبدي ردة فعل ولا حركة واحدة، غير أنه سار نحو مكان مكتب الإستقبال بعد أن أدلى بنظرة مستحقرة نحو الرجال. فلم يكن بإمكانهم سوى الربط بين جول وماحدث.

سمع الشاب مختلف أحاديثهم ووجهه يبدي الصدمة أكثر فأكثر، لم يعلم حقا ما يفترض به فعله في مثل هكذا وضع. لم يكن عليه الإستهانة بهذا الشاب، حتى لو كان هو ذا المستوى الذي يفوق الأربعون لم يمكنه التصرف مع مجموعة رجال متوسطي المستوى يفوق عددهم العشرة بهذه السهولة، قد يستغرق الأمر ساعة وأكثر للتعامل مع جميعهم كل على حدى.

" ألم تسمع؟".

فجأة أعاد صوت الجول الذي صارت تعابيره قاتمة أكثر فأكثر وعي الشاب لمكانه.

-" ه-هيه؟! م-م-".

-" أنت تعترض طريقي!".

لم ينتظر جول الشاب حتى ينهي كلامه المرتبك وقال مجددا بفارغ الصبر، لكن الشاب المتوتر نظر لنفسه بينما يوكوك (يتحدث بشكل متقطع).

-" م-م-مذا؟ أ-أ-أنا...أ-أ-أنت...".

-" إن مزاجي معكر الآن، أن كنت تنوي الإنضمام للبقية... فلتظل على حالك هذه لثانية أخرى!".

-" إييك!!".

لا أراديا... أصدر الشاب صوتا مرعوبا بينما يقفز سريعا للجانب. شعور الشاب في تلك اللحظة التي قال فيها جول آخر كلمة وهو ينظر لعيني الشاب أمامه كانت كشعور نملة تنظر لفيل ضخم. ذلك الشعور التعجيزي الذي شعر به الشاب كان لا يمكن وصفه بالكلمات ببساطة، هو فقط... إرتعب! هو كان فقط مرعوبا حتى الموت ( ركزوا على فقط!).

" * تنهد*!".

تنهد جول وسار من جانب الشاب الذي نظر نحوه برعب، جول فلتت منه هالته قليلا واستخدم 'هيمنة الملك' دون إدراكه، لكن ذلك لم يمنعه من التراجع وتركها تسقط الرجال سابقا، لو لم يكن لها لكانت قاعة النقابة غارقة في حمام الدماء الآن!.

" مالذي حدث هنا؟!".

قبل أن يتم جول خطوته نحو موظفة الإستقبال رن صوت جهري بث القشعريرة في بدن كل من سمعه (بطبع عدى عن بطلي جول). رفع الجميع نظرهم نحو مصدر الصوت، نحو الرجل الواقف أعلى الدرج الذي كان في زاوية القاعة بنوع من التعجب.

رجل بدى عجوزا نوعا ما، ملابسه كانت عادية لكنها أنيقة بطريقة خاصة، شعره الذي غلب عليه الزمن ووجهه العجوز كان بإمكانهما خداع أحنك العقول، لكن قياسات جسده التي قالت أنه ذات مرة كان مدججا بالعضلات لم تهربا من عيني جول، عينيه المغلقتان ووجهه الهادئ قد أشعرا بكل من رآهما الدفء.

شغل جول مهارة كشف الحالة وفحص حالة العجوز.

الحالة:

الإسم: فيليب جوهارتمرز، العمر:75،المستوى:109، القوة:507، التحمل:597، السرعة:490، الذكاء:500، الحكمة:498، المانا:500، العناصر:2 (الماء،الجليد).

الألقاب:زعيم فرع نقابة المغامرين في مدينة جيرغيلان، المصنف ذو الرتبة أس.

المهارات: ...( كثيرة).

القدرات: التنبؤ بالمستقبل، التخاطر.

الحالة الجسدية : سيئة ( إصابات داخلية بسبب إنتشار سم النحل الأسود لمدة أسبوع، السم يقضي على أعضاء الهدف الداخلية ويقوم بأكلها).

الحالة النفسية : جيدة.

المهارات والقدرات المفعلة:لا شيء.

كانت حالة العجوز كما في السابق، جذب إنتباه جول حالة العجوز فيليب الجسدية؛ سم النحل الأسود سم من وحش ذو تصنيف قوي حقا، حتى لو كان مستواه ضعيفا فإن سمه وحده يقضي على عشرة رجال مدرعين جيدا في خلال ساعة. سم النحل الأسود تأثيره لا يكون باللمس أو الشرب والحقن فقط، بل حتى استنشاقه يؤثر بشكل كبير.

لكن هذا العجوز...كان مصابا به طوال أسبوع، دون أدنى علامة بادية على تعفن جسده من الخارج، بل وهو حتى يبدو حيويا وصامدا على خلاف أي شخص قد يكون مسموما.

لم تكن حالته الجسدية هي الوحيدة ما جلب إنتباه جول، أكثر ما كان صادما

لجول...هي عناصره، إضافة إلى الماء...كان يمكن لهاذا العجوز المدعو فيليب أن يستخدم عنصرا محذوفا.

فجأة تنبه جول لذلك، شخص ما كان يراقبه، زعيم النقابة كان ينظر نحوه بعينه الزرقاء التي فتحها بشكل حاد.

" ز-زعيم النقابة!".

قالت الموضفة فجأة بدهشة ورعب وغيرت انتباه الجميع، الكلمتان اللتان قالتهما جعلت الجموع يصدمون.

" مذا؟! زعيم النقابة؟ أهذا هو زعيم النقابة الشهير؟".

" يبدو كذلك، من سيجرؤ على تقلد إسمه؟".

" لقد سمعت أنه قد قام بتصفية زنزانة من المستوى 'بي' بمفرده!".

" لقد سمعت ذلك، زعيم النقابة يعتبر واحدا من أقوى الشخصيات في مملكة زيوس بأكملها".

" يبدو أنه استقال من وضيفته بفرسان المملكة وصار مغامرا بعدما تعرض لحادث لا يعلمه غيره".

" هووووه!!".

إلتهبت النقاشات السابقة بين المغامرين ومختلف الموجودين في النقابة، كان جول يسمعها بوجه هادئ ثابت على نظرة العجوز، بينما كل من تقدم لاختبار التصنيف كان يظهرون تعابيرا مندهشة مع كل ما سمعوه.

" آيلا! لما تأخرت بجلب المتقدمين للإختبار؟".

فجأة قال العجوز بصوت هش وهادئ بعدما غير نظرته الحادة من جول وأغلق عينيه وعاد لوجهه الهادئ، وأداره نحو الموضفة التي دعاها آيلا.

" أه! أ-أنا لم أقصد التأخر، ما حدث أن-".

-" أعلم ما حدث. أيها الشاب! هلا أوقفت ما فعلته على هؤلاء المغامرين!".

لم تبدأ الموضفة بالشرح بعد حتى قاطعها العجوز وهو يعيد وجهه نحو جول مجددا وخاطبه بابتسامة. تفاجأ جول من ذلك، ولكنه لم يرخي دفاعه له، رغم أن العجوز قد طلب لكنه لم يكن كذلك في الواقع بدى تماما كأمر، بدى أنه يقول لجول: <إفعل كما أخبرتك مادمت أطلب هذا برفق!>.

إبتسم جول بنوع من الخبث وهو يخفض رأسه قليلا، عاد ورفعه بتعبير شبه مظلوم.

" زعيم النقابة! ألست تطلب أمرا غير معقول؟ هؤلاء الرجال هاجموني رغم كل تحذيراتي، لقد كنت أود قتلهم لكني أبقيتهم على قيد الحياة لحقظ ماء وجهك فحسب. أنت لن تقول أنني ظلمتهم لأني أردت حفظ حق الآخرين من التعرض لنفس ما تعرضت له، صحيح؟".

فتح العجوز عينيه المغلقتان قليلا وتعابيره تصير منزعجة، لقد كان كلام جول يمس بكرامته كما ادعى. لقد جعل كلام جول الجميع يندهش من جرأته، وضعت الموضفة يدها على فمها بدهشة، عدا عن الرجل المغطى رأسه لأخمص قدميه، الشاب وكل من تقدم لإختبار التصنيف تفاجؤوا.

" ياللهول! لقد قالها حقا، هذا الشاب قد أهان زعيم النقابة!".

" ألا يعرف قدره؟ لقد سمعت أن رئيس النقابة قد تخطى الدائرة الأولى قبل شهر". (الشرح في الملاحظة آخر الفصل).

" لكنه محق رغم ذلك".

" صحيح! لطالما كان هذا الضخم يتنمر على كل المغامرين الجدد والضعفاء فقط ليثبت نفسه".

كل من تحدث سابقا وأثار البلبلة كان إما متفاجئا من جرأة جول، وإما داعما له. لقد دعم بعضهم جول وخاصة منهم من عانى تحت وطأة تنمر الضخم عليهم، في حين كان البقية يضنون أن جول لايعرف زعيم النقابة وقوته، أو أنه فقط قد فقد عقله.

كان جول يظهر وجها مظلوما يخفي خلفه ابتسامة خبيثة، جول الآن في المستوى الواحد والسبعون بعد المائة، أنى لهاذا العجوز الواهن ذو المستوى مائة وتسعة فقط مجارات جول. دعونا لانتحدث عن المستوى، حتى إحصائيات جول المضاعفة لم يتمكن حتى بارتاس قبل تسع سنوات من الوصول لعشرها.

فتح العجوز عينيه الحادتان قليلا وألقى نظرة خاطفة على جموع الناس وهم يتهامسون، كان من الواضح أن جول من فاز بموقفهم، لذا اغلق عينيه بنوع من الإستسلام وتنهد.

" *تنهد* لا داعي لتقلق بهاذا الشأن أيها الشاب هؤلاء عار على المغامرين، وأنا بصفتي زعيم هذا الفرع للنقابة فأعلن أن النقابة لاتملك صلة معهم. مارأيك؟".

بعد هذا التصريح الجاد والهادئ، عم الصمت من جديد داخل القاعة، بعضهم شهق بدهشة والآخرون اكتفوا بالنظر. لم يتوقع أي منهم أن يقدم زعيم نقابة -مهما كان الوضع- مثل هذا التصريح الخطير. بالنسبة لأي نقابة مغامرين عبر الأراضي البشرية، فإن جمع أكبر عدد من المغامرين مهم. لكن هذا العجوز قد تخلى عن مايفوق الخمسة عشر مغامرا بسهولة، والأكثر من ذلك أنهم جميعا تتراوح رتبهم بين الرتبة 'سي' و'دي'.

هل هذا دليل على أن هذا الزعيم مكتف بما لديه، أو أنه فقط لا يهتم، وربما يريد حفظ ماء وجهه فقط، وربما...

عندما وصل تفكيرهم جميعا لهذه النقطة (وربما...) ، حولوا نظرتهم جميعا دون استثناء لجول، رغم أنهم لايريدون تصديق هذا، إلا أنهم لم يبعدوا هذه الفكرة عن بالهم.

*' وربما... زعيم النقابة خائف!...خائف من هذا الشاب!'.

بينما دارت تلك الفكرة ببالهم جميعا، صارت نظرتهم كلهم مرعبة منه عندما وضعوا هذا الإحتمال نصب أعينهم.

بعدما ترك ابتسامة ماكرة خفية، قال جول بينما يرفع يده ببطئ.

" حسنا، إن كان زعيم النقابة من يقول هذا... فلا بأس إن قدمت تنازلا، سألتزم بكلمتي في العفو عنهم إن التزمت بكلمتك!".

عندما أدلى جول بآخر تصريح بنوع من الإستسلام، فتح العجوز عينيه قليلا ونظر بشكل حاد نحو جول. لم تكن نظرة عادية، بل بدى كما لو أنه يحاول كبت مشاعره الغاضبة. من الواضح أن جول نجح باستفزازه.

" آيلا!".

-" ن-نعم زعيم النقابة! ما أمرك؟".

-" اسحبي من هؤلاء بطاقات النقابة! من اليوم...لا تملك نقابتي أي رابطة معهم!".

قال زعيم النقابة بصوت حازم لكنه أجش في ذات الوقت. من الواضح أنه لم يرغب بهاذا، لكن بدا كما لو أنه لا يملك خيارا.

بدت آيلا -الموضفة مترددة وهي ترفع يدها مقابل مجموعة الأجساد الملقية على الأرض، كانت تهمس بكلمات كثيرة وتحرك اصابعها في الفراغ. لم تكن حركة عادية بل كانت في الواقع ترسم نقشا لتعويذة، أو ما يسمى بالدائرة السحرية.

بعد عدة ثواني، أنهت آيلا تلاوة التعويذة. كانت دائرة تحوي العديد من الزخارف على الحواف ورسما لنجم سداسي وصطها يمتد نحو الحواف.

وبنظرة حازمة دفعت الدائرة الطافية في الهواء بكفها، حامت الدائرة سريعا حتى استقرت فوق المغامرين المطروحين بشكل أفقي وتوهجت بلون أخضر جميل. لم يلبث المشاهدون لثانية أخرى حتى شاهدوا بطاقات يتردد لونها بين البرونزي والفضي تطير عاليا نحو الدائرة، كانت هذه البطاقات الرابط الوحيد بينهم وبين أي نقابة للمغامرين حول المعمورة.

حملت البطاقات جميع ترتيباتهم ومستوياتهم وحتى إنجازاتهم. لكنها الآن سحبت منهم كما لو لم تكن شيئاً، حتى لو لم يموتوا سيكون هذا عارا يظل ملامزهم طول حياتهم.

كان جمهور الموجودين داخل القاعة يشاهد الوضع بصمت، بعضهم قد فرح لذلك، وبعضهم الآخر لم يعجبه الوضع. هناك من قد شعر بالشفقة نحوهم، وهناك من قد اعتلاه الفضول بشأن الوافد الجديد. لكنهم جميعا خرجوا باستنتاج واحد:

* إذا كنت ذكيا حقا...فلا تعبث مع هذا الشاب!*

طافت الدائرة السحرية بالبطاقات التي تحوم حولها نحو آليا، ومباشرة عند اختفائها سقطت البطاقات نحو آليا التي التقطتها بوجه شبه حزين.

" لقد حدث ما أردته أيها الشاب!".

قال فيليب فجأة وأعاد الأنظار نحوه. لم يرد جول سوى بابتسامة عابرة وهو يرفع ذراعه مشكلا قبضة، وعندما بسطها ارتفع الضغط المطبق فوق الضخم ورفاقه. عندما شعروا بذلك تحركوا قليلا حتى وقفوا وعلامات الذل بادية على وجوههم. من يعلم مقدار الإهانة والعار اللذان يشعرون بهما الآن.

" غادروا النقابة! لا أريد رؤية وجوهكم المثيرة الاشمئزاز!!".

قال فيليب بينما يدير ظهره لمجموعة المغامرين...المغامرين السابقين بشكل أدق.

" آيلا! أحضري المترشحين لامتحان المصنفين!".

كانت هذه آخر جملة قالها فيليب قبل أن يغادر، كان من الوضح جدا مدى انزعاجه.

كان رد فعل البقية مندهشا ومصدوما نوعا ما، لم يجدوا ما يقولنه غير أنهم نظروا نحو بعضهم باندهاش ثم نحو جول، وفي الأخير نحو أولئك المغامرين المطرودين الذي تحركوا بخيبة وغادروا النقابة.

" ارجو من كل من يرغب بمتابعة إختبار المصنفين أن يشاهدها على اللوح السحري هناك!".

قالت الموضفة آيلا بصوت ووجه حازمين مخاطبة لجمع المغامرين.

سارت الموضفة بعدما وضعت البطاقات نحو مجموعة المتقدمين لاختبار المصنفين بوجه هادئ.

" أرجو منكم أن تتبعوني للإمتحان!".

أشارت آيلا نحو طريق يقود لإحدى الأبواب الضخمة.

ㅡㅡㅡ

كانت قاعة النقابة التي تتجاوز مساحتها مساحة ملعب كرة قدم مكتضة على غير العادة، كان المغامرون من جميع التصنيفات والأعمار والأجناس مجتمعين معا. سواء كانوا جالسين أو واقفين فجميعهم دون استثناء وجهوا أنظارهم نحو لوح كبير بحجم تلفاز السينما معلقا عاليا. لم تظهر أي صورة عليه بعد.

" يبدو أن اختبار المصنفين سيبدأ، لقد كنت أنتظر هذه اللحظة من فترة طويلة!".

" أتساءل ما سيكون مضمونه هاذا العام!".

" في السنة الماضية كان موضوعه مبارزة مع زعيم النقابة ثم اختبار الطاقة السحرية".

" هل يختلف اختبار كل سنة عن الآخر؟".

" نعم، سمعت أنه في احدى الأعوام كان الإمتحان نظريا ثم قاموا بقياس سعتهم السحرية".

" هكذا إذن! أنا متحمس حقا لامتحان هذه السنة".

داؤت مختلف الأحاديث بين الجمهور وكان أهم موضوع هو موضوع الإختبار، ولقد أبدى الجميع حماستهم بشأنه.

فجأة تقدمت شابتين ترتديان ملابسا رسمية كلمابس الموضفة آيلا أمام الجماهير، من الواضح أنهما موضفتين هنا كذلك، رفعتا يديهما نحو اللوح بينما تهمسان، عندها ظهرت دائرة سحرية كبيرة وسط اللوح، لتظهر بعدها الصورة والمشهد.

كان مشهد الشباب سابقا واقفين في منطقة مفتوحة، كان جول بينهم أيضا. ومعهم كانت آيلا واقفة مقابلهم بجانب زعيم النقابة فيليب.

ㅡㅡㅡ

في عين المكان...

" حسنا إذن، ستنقسمون مجموعات من فردين لأجل المرحلة الأولى من الإمتحان!".

قال فيليب فجأة بصوت هادئ وواضح في الآن ذاته.

" أعذرني يا زعيم النقابة! لكن... مامضمون الإمتحان؟".

قال الشاب فجأة وهو يرفع يده. كان سؤالا وجيها حقا وبالتأكيد أكثر مايهمهم، صارت نظرة المترشحين مترقبة نحو فيليب.

غير فيليب تعبيره وهو يسمع السؤال ويرى نظرتهم نحوه، أظهر ابتسامة شرسة ومخيفة وهو يستعد لقول الجواب.

" الإمتحان...هو تصفية الزنزانة!".

ㅡㅡㅡㅡㅡ

ياللهول! لقد كانت فترة عظيمة حقا، هل كانت شهرا أو شهرين وربما أكثر؟

آسفة حقا على غيابي الطويل لكني فقدت حماستي وضاعت مني أفكاري، سأحاول تعويضكم ان شاء الله.

على كل...لنشرح أمر الدوائر المرقمة.

من أجل الإختصار سأطلق تسمية الدائرة المرقمة على كل مائة مستوى، مثلا :

الدائرة الأولى>> مائة مستوى

الدائرة الثانية>> مائتي مستوى

...وهكذا..

أترككم في أمان الله.

2020/04/13 · 507 مشاهدة · 3449 كلمة
Abir Bell
نادي الروايات - 2024