فصل بأسرع مايمكنني بمناسبة ذكرى ميلادي (10/6) الذي لا يذكره غيري ، وأهدي نفسي تعليقاتكم الجميلة.


وأنوه على أن الفصل القادم قد تطول مدته لأكثر من ثلاث أشهر ، وعذري أن سوء حظي لقاتلي.


مهمة إغتيال


في رواق متوسط ​​الطول نسبيا ، سار جسدين بهدوء على طوله. تحرك جسد رشيق لشابة شقراء بملابس رسمية في المقدمة ، وجهها الهادئ والمتورد قليلا كان جميلا حقا. وبنية قوية لشاب غلب عليه سواد ملابس وشعره كان يسير خلفها ، وبسيف أسود كبير معلق على ظهره. تعابير وجهه -الوسيم- المملة غلبها النعاس بينما يحدق في أرجاء المكان.


كان جول يتابع موضفة الإستقبال نحو غرفة رئيس النقابة ؛ قبل قليل عندما كان مايزال في قاعة النقابة يقوم بالتسجيل ، نوهت عليه آيلا بأن رئيس النقابة يود مقابلته ، لذا قد تبعها للطابق الأعلى إلى غرفته.


أخرج جول بطاقة النقابة وعاد لتفحص مختلف المعلومات الموجودة فيها. الإسم ، الرتبة ، الإنجازات ... لم تحتوي على شيء آخر حساس كالمستوى والأملاك مثلا.


"لقد وصلنا ، رئيس النقابة ينتظرك في الداخل".


كسرت آيلا تفكير جول الذي كان يعيد البطاقة لمخزنه. أشارت نحو باب يبدو عاديا وهي تتحدث.


تقدم جول نحوه ودخل ، كانت الغرفة بسيطة ؛ مكتب ومقعد عاديين ، أريكتين متقابلتان بينهما طاولة خشبية ، تصميم غرفة بسيطة ، قطع متنوعة موجودة على مختلف الرفوف والمساند. بدت غرفة عادية تماما بالنسبة لشخص مشهور كرئيس النقابة الذي وقف وسط الغرفة ينظر لجول.


لم يقل فيليب شيئاً، اكتفى فقط بالنظر برهة نحو جول وكأنه يقيمه. حرك يده المتكئة على العكاز الخشبي وأشار نحو الأريكة. دخل جول وخلفه آيلا، سار جول حتى وصل الأريكة وجلس، في حين وقفت آيلا على رأس الأريكة المقابلة له والتي جلس عليها فيليب.


" دعني أعرفك نفسي بشكل أفضل، أنا فيليب جوهارتمرز، رئيس فرع النقابة لهذه المدينة".


عرف فيليب نفسه بينما عيناه مغمضتان، في حين كانت نظرة جول مملة وكأن هذا لقاء عادي بين شاب ورجل عجوز، في الواقع كانت أفكاره مختلفة تماما عن نظرته.


'هل هو يشعر بالإهانة مني لدرجة أن ينوي التخلص مني في الظلام؟'.


كانت هذه الفكرة الوحيدة التي دارت في خلد جول، إعتقد أن ما حدث قبلا في قاعة النقابة قبل الإمتحان قد تسبب في جرح كرامة فيليب فقرر الإنتقام.


" أدعى كرو، تشرفت بلقائك!".


ورد جول بكلمات بسيطة.


" فهمت، سيد كرو إذن؟ لقد كنت الحصان الأسود لامتحان هذه السنة".


-" أجل، شكرا على الإطراء. على أي حال لما أنا هنا؟".


ومباشرة دخل جول في صلب الموضوع بوجه هادئ، فضحك فيليب بعفوية متخلي عن وجهه الجاد، حتى آيلا تفاجأت من ردة فعله.


-" هههه... يبدو أنك رجل مباشر هاه؟ جيد جيد، إذن...سبب قدومك هنا في المقام الأول لأجل طلب مهمة!".


-" طلب مهمة؟".


- " صحيح، لكن أولا لنتحدث حول الإختبار".


بعدما أعلن فيليب عن هدفه الحقيقي من طلبه قدوم جول، قرر التحدث في أكبر موضوع حساس معروض على الطاولة حاليا. صارت نظرة جول أكثر جدية.


- " أعتقد أن آيلا...أقصد موضفة الإستقبال قد أطلعتك على معلومات زعيم الطابق التاسع عشر من الزنزانة بالفعل، لن يستطيع هزيمته سوى من فاق مستواهم التسعين وأكثر، لكنك قد قضيت عليه بثلاث ضربات وبسهولة".


-" ثم؟".


بعد سؤال جول الأخير، ابتسم فيليب بنظرة حادة وماكرة مشيرا بيده لآيلا. تحركت هذه الأخيرة وجلبت جهازا غريبا ووضعته على الطاولة. قرص نحاسي -ذو قطر يقدر بحوالي 30 سنتيمترا- موضوع على قاعدة حديدية، وكرة بلورية بحجم القبضة مثبتة على القرص.


-" هو أداة سحرية تكشف مقدار قوة الفرد وقدراته".


عندما لاحظ فيليب النظرة المحتارة على وجه جول بادر بالشرح. لقد اوضح وضيفته وماهيته لجول، ولكن على الرغم من كون جول يعلم بالفعل ماهو بفضل التقييم لكن لم يتحدث.


' جهاز لكشف الحالة؟ لم يكن شيء بهاذا التطور موجودا في حياتي الأولى'.


حاول جول استعادة ذكرياته من حياته الأولى في هاذا العالم، لكنه لم يفلح بتذكر جهاز كهاذا، وهاذا يعني أن اختراعه قد تم على الأقل قبل مائتي سنة. لذا لخص إلى أن تطور العلوم قد كان السبب.


" وبعد؟ لما قد تريني شيئا ثمينا كهذا؟".


ومجددا طرح جول سؤالا آخر بعد تفكير سريع.


-" آه! في الواقع إن لم تكن تمانع...أريد فحص حالتك!".


ورد العجوز فيليب بصراحة، على الرغم من قوله ذلك بصيغة الطلب، إلا أنه بدى إلحاحا وفضولا لا ينتهيان، لدرجة أنه عندما فتح فيليب عينيه دائمتا الإنغلاق بدتا كما لو تلمعان بشدة.


" *تنهد*... لابأس! ".


-" حقا؟ شكرا لك. ضع كفك فوق الكرة البلورية لفترة قليلة".


فكر جول بتزييف حالته باستعمال الوهم، لكنه عدل عن الفكرة عندما شعر بالفضول يكاد يقتل العجوز بل وحتى آيلا التي استمر تحديقها نحو جول بترقب. الأهم من ذلك أن تزييفها قد يؤدي إلى زيادة المشاكل في المستقبل.


لكن ذلك لم يمنعه من العبث بأشياء أخرى؛ قرر إخفاء كل ماهو ضروري من اسمه، نوعه، عمره، وإمكانية استعماله لعنصر الظلام.


حرك جول يديه وبسطهما فوق الكرة البلورية، لم يلبث عدة ثواني حتى ظهرت ألوان شبيهة بقوس قزح تطفو فوق البلورة التي لمعت بأضواء جميلة. وبسرعة نبع شكل دائري ذهبي منها، لم يكن الوحيد فسرعان ما ظهر آخر، لكن الثانية لم تكن مكتملة، جزء منها أقل من الربع تقريبا غير موجود.


كانت الدائرة الثانية أكبر من الأولى، طافتا حول البلورة ودارتا بتقاطع. ظهرت عدة جزيئات مانا بألوان مختلفة من الأزرق والأحمر والأصفر، تلألأت بشكل جميل جاعلتا من ذلك المنظر إبداعا لاينتهي.


اندمج كل من فيليب وآيلا بذلك المنظر النادر، واستمرا على تلك الشاكلة حتى مايقارب الدقيقتين، حتى قطع اندهاشهما صوت جول الذي سعل عمدا فانتبها له.


"* أحم!!...إذن... مالنتيجة؟".


-" أه! *سعال* إعذرني. الأمر فقط...لايصدق".


سعل فيليب ليغير الجو وقال كلماته بعناية، وجهه الهادئ عادتا بدى مصدوما بشكل غريب، لقد شبك يديه معا وهو يقول آخر كلمة.


في حين جول حافظ على وضع وجهه العادي الممل، ليس الأمر جديدا ولاغريبا عليه، لكن بغية عدم إثارة الشكوك أكثر تابع طرح الأسئلة كما لو أنه لايفهم.


" ماذا تقصد؟".


-" كما قلت...وضعك غير معقول! ليس فقط مستواك وقوتك الجسدية المخيفة، حتى المانا وعناصر السحر لديك مخيفة. أنت مستخدم ثلاثي، ذلك مدهش ببساطة!".


وعلق فيليب بدهشة، في حين كانت آيلا نفسها مندهشة من تعليقه.


" مستخدم ثلاثي؟ ما ذلك؟".


-" من المؤكد أنك لم تعرف عن قوتك، المستخدم الثلاثي هو من يستطيع استعمال ثلاثة عناصر سحرية، وفي حالتك فهي جميعها عناصر أساسية، أترى تلك النقاط المضيئة بألوان مختلفة؟ إنها تدل على نوع العنصر السحري؛ الزرقاء لعنصر الماء، الحمراء للنار والصفراء للأرض!".


-" ماذا عن هذه الدوائر الغريبة؟ ولما الدائرة الثانية غير مكتملة؟".


-" تمثل هذه الدوائر المستوى، دائرة واحدة تعني مائة مستوى، وأنت تملك الدائرة الأولى، والثانية على وشك الإكتمال، هذا يعني أن مستواك يكاد يصل إلى المائتين، هذا ببساطة يتحدى البشرية".


ووضح فيليب الأمر بشكل -قد يبدو- مبالغا فيه رغم صحته. وضع جول يده على ذقنه مفكرا بآلية عمل هذه الآلة، لكن فكرة وحيدة تبادرت إلى ذهنه.


' هل يعقل أن يكون...!؟'.


بعد أبعد من ذلك يده عن الجهاز إختفت تلك الدوائر برفقة جزيئات المانا وسحبت داخل البلورة.


"ما الطلب الذي جلبتني لأجله؟".


بفضل مزيد من الإنتظار دخل جول مباشرة صلب الموضوع ، شبك فيليب يديه بوجه جاد ومفكر.


"أولا لدي سؤال! بما أنك انضممت لنقابة المغامرين الدولية فهاذا يعني أنك لن تملك أي صلات خارجية تفوقها ، وطالما أنك عضو ... آمل منك الإلتزام بمبادئنا ، هل أنت موافق؟".


قدم فيليب سؤاله بطريقة غريبة ، فقط من أجل طلب بسيط هو قد وضع الشؤون الدولية على الطاولة وقرر العبث بها. رد جول بعد فترة بعد فكر.


'يبدو الوضع جديا!'.


- "لا تقلق بشأن ذلك ، حتى الطلب لن يتخطى هذه المملكة فالأمر بخير بالنسبة لي ، ليس وكأني أملك أدنى صلة بهاذا البلد!".


'هاذا البلد؟ أهذا يعني أنه أجنبي؟ ذلك قد يصعب الوضع إن لم يرد التدخل في الشؤون الدولية.


فكر فيليب سريعا بينما يضع الإحالات والإستنتاجات أمام عينيه ، لكنه أراد أن يجرب حظه بما أن جول قد قال أنه موافق. لذا بينما يباشر بتوضيح المهمة فتح إحدى عينيه بشكل حاد.


"سيد كرو! المهمة السرية وذات رتبة * أس * ، ... طلب ​​إغتيال !!".


بهدوء وقلق فيليب بينما ينتظر رد فعل جول. لكن هذا الأخير لم يغير في نظرته شيء ؛ لقد كانت طلبات الإغتيال شيئا عاديا ، لكنها لا تقدم سوى لنخبة النخبة الموثوقين.


"لما قد تقدم مهمة جادة كهذه لجديد مثلي؟ أيضا ألست قويا كفاية لتتولاه بنفسك؟".


- "لقد رأيت مهاراتك أثناء مقاتلة النمر الوحشي ، لقد تحركت بسرعة كبيرة في مواجهته ، وأنا لست بالمهارة الكافية بسرعة بسرعة والتسلل. لاتقلق بشأن الأمر كثيرًا ، عينا هذا العجوز لاتكذب!".


قال فيليب بابتسامة مطمئنا في الأخير بمحاولة لإقناع جول واكتساب ثقته.


"* تنهد *! ... لك ذلك! من الهدف؟".


- "إنه ... لورد هذه المدينة!".


-" ياله من شخص مسكين ليحقد عليه سكان مدينته!".


-" في الواقع صاحب الطلب شخص أكثر نفوذا من مجرد مواطني مدينة بسطاء!".


-" أهاذا ماعنيته بقولك شأن دولي؟".


-" تماما! في الواقع نبيل ذو مكانة رفيعة يدعم اللورد من الكواليس، والذي يعتبر من المنافسين على العرش، ونبيل آخر والذي يعد عدوه اللدود قدم هذا الطلب مباشرة، لأن اللورد هنا بمكره يعطي الأفكار والخطط للنبيل".


-" منافسين على العرش؟ ماذا حل بملككم؟".


-" لسوء الحظ هو يحتضر، ولأنه لايملك أي خليفة فالعرش من حق النبيل ذو التأثير الأقوى".


بعد نقاش طويل وضح فيه فيليب كل التفاصيل، إنتهى جول إلى التفكير مجددا بشأن هذه المهمة، لقد شعر بأن وضع هذه المملكة الداخلي في وضع لاتحسد عليه.


' إذن مالذي يفعله البطل المختبئ فيها؟، هل مات هو الآخر؟'.


لكن أكثر سؤال تبادر إلى ذهن جول هو عن البطل المختبئ في هذه المملكة، أحد الأبطال السبعة.


" سؤال آخر، قبول هذا الطلب وتنفيذه...ألن يجعل النقابة تتواطأ في شؤون المملكة الداخلية رغم مبادئكم؟ وألن يجعلكم هاذا عدوا للنبيل الآخر؟".


-" بشأن ذلك...فالنقابة قد سنت شروطها الصارمة على الطلب، وأيضا...النقابة منضمة أكبر وأقوى مما تضن حتى تتضرر من مجرد نبيل".


-" ... ماذا عنك؟".


-" عني؟".


-" لقد كنت فارسا ملكيا سابقا، صحيح؟ ألابأس بما يحدث لبلدك وأنت تشاهد؟".


ودخل جول مباشرة في موضوع حساس بوجه عادي بيدي الملل، عينيه شبه النائمتان نظرتا نحو فيليب بعمق كما لو كان يقرأ أفكاره.


تنهد فيليب وهو يشعر بروحه تسقط في هاوية تلك العينين، لذا فكرة الكذب بشأن شيء ما لم تخطر بباله مطلقا من البداية حتى الآن، لذا استسلم فقط وأجاب عن سؤال جول بوجه مبتسم ولكن حزين بينما يسترجع بعضا من ذكرياته.


" بالنسبة لكوني فارسا ملكيا سابقا، فأنا لم أعط ولائي سوى لشخص واحد، ولكن ذلك الشخص قد مات منذ زمن طويل، ولذا أنا لا أملك أي ارتباط بهذه المملكة بعد الآن. تستطيع الإطمنان من أنني لن أخونك وما شابه".


بعدما أدلى فيليب بآخر ملاحظة، تعمق جول في نظرته نحوه، ثم تراجع وعاد لوضعه الطبيعي بينما يعدل جلسته.


طوال الوقت مع كل سؤال يطرحه جول وجواب يتلقاه كان يفحص أي تغير يطرأ على فيليب، لقد إستعمل عنصر الهواء لمعرفة أي تغيرات وأبسطها على ترددات نبض فيليب، كان يفحص تنفسه وأدنى حركة من تحركاته. لقد حاول اكتشاف أي كذبة قد يدلي بها نظيره، ولكن حتى السؤال الأخير كانت كل كلمة قالها فيليب صادقة تماما.


" لا بأس الآن! سأقبل الطلب!".


-" شكرا على ثقتك، آيلا سلميه ورقة المهمة!".


ابتسم فيليب براحة وشكر جول، ثم أمر آيلا التي قدمت لجول ورقة تشرح فيها المهمة، استلمها جول وتفحصها حتى عاد فيليب للحديث مجددا قبل أن يقاطعه جول.


" بالنسبة لمكافئة المهمة-...".


-" دعك منها الآن! فأنا كانت لي زيارة عاجلا أم آجلا للوردكم الخائن!".


-" خ-خائن؟!".


قال جول واصفا لورد المدينة بالخائن، وعندما حاول فيليب الإستفسار عن ذلك قوبل بسؤال آخر من جول.


" ودليلي عن أن المهمة قد تمت؟".


-" لاتقلق! فقط سماع خبر موته اليوم التالي يكفي".


-" جيد!".


-" عن ماقلته قلب قليل...".


-" سيد فيليب، أود إبقاء موضوع قوتي سرا".


وقال جول، كانت هذه نقطة حساسة له، كانت نظرته عادية حتى قال الجملة التالية؛ صارت نظرته أكثر حدية وزادت قتامة هالته وضغطه، حتى فيليب ذو الدائرة الأولى لم يتمكن من التنفس بشكل جيد. وببريق قاتل أطلق جول نية قتله.


" لكن...إذا سمعت كلمة واحدة عن هذا خارج هذه الغرفة...فلن أكون مسؤولا عما يحدث بعدها!".


وهدد جول بكلمات واضحة المعنى. بلع فيليب ريقه بصعوبة، وقطرات عرق بارد ظهرت على جبينه بينما يتراجع لاإراديا بسبب هالة جول الطاغية، في حين آيلا -الموضفة البسيطة التي لم يتجاوز مستواها العشرين- كانت تمسك برقبتها وكأن نفسها قد انقطع، كانت تحاول جاهدة السعال عل تنفسها يعود، لكن الضغط الذي ما انفك يرتفع ويضغط عليها جعل حياتها على المحك.


" ل-لا تقلق!...لن...يعرف أحد عن ذلك!".


ورد فيليب سريعا محاولا الحفاظ على رباطة جأشه.


عندما لاحظ جول خوف فيليب من القوة الطاغية ونية قتله قرر سحبها، وعلى الفور اختف ضغطه ونية قتله كما لو لم تكن أصلا، عندما عاد تنفس آضيلا صارت تتنفس بعمق وتسعل بشدة كغريق نجى من الموت، هدأ جول نفسيتها سرا بعنصر الضوء فهدأت وعاد تنفسها طبيعيا.


وقف جول ثم هم بالمغادرة واضعا ورقة المهمة في جيبه بينما يضعها في مخزنه سرا.


وقفت آيلا من الأرض تحدق في ظهر جول المغادر.


" سيدي! ماذا سنفعل؟".


-" مالذي قد نفعله؟ هاذا الرجل...نية قتله تلك ليست عادية! حتى أقوى مغتال لن يمتلك مثلها، لا تتسببي في إزعاجه بأي طريقة! واحذري من أن يفعل أحد آخر! لست في عمر يسمح لي بالمشاكل".


وأوضح فيليب بقلق ناصحا آيلا، من الواضح أن فعلة جول قبل قليل قد أثرت بعمق فيه. ألقت آيلا نظرة أخيرة عليه قبل أن تهم بالإنصراف هي الأخرى بوجه قلق.


ㅡㅡㅡ


كان جول حاليا يسير في الرواق عائدا يفكر بشؤون كثيرة.


' نقابة المغامرين، كانت قبل مائتي سنة كجمعية صغيرة، كل من أنضم لها كان باحثا عن قوت عيشه حتى ولو كلفه حياته، وأنا كنت كذلك أيضا. لكن...من حسب حديث العجوز يبدو أنها كبرت لتصبح منظمة عالمية، حتى طلبات الإغتيال صارت تقدم لها. هاذا يعني أن نقابة المغتالين لم تنمو أبدا بعد ذلك الحادث قبل خمسة قرون من الآن؟ علي البحث أكثر عن هذا لاحقا!'.


إستمر جول بالتفكير كثيرا إلى أن قاده ذلك إلى قرار حاسم في نهاية استنتاجه، وبينما يعزم أمره كان قد نزل الدرج إلى الطابق السفلي، أراد المرور بسلام والخروج من النقابة ليشرع في تنفيذ مهمته، لكن...


" إنه هنا! الوحش الأسود! نحن حزب الإبادة نريدك أن تنضم لنا!".


" لن يحدث! حزب السيافين أحق بوحش سيف مثله!".


" حزبنا يملك أقوى المغامرين بالنقابة، إنضم لنا!".


" حزبنا يملك ساحرا سيترقى للرتبة *أس* قريبا، ستكونان فريقا رائعا، لتنضم لنا نحن!".


مباشرة وحتى قبل عبوره للباب أسفل الدرج، إستوقفته التهاليل ونداءات الحماسة، مغامرين من أحجام وفئات مختلفة استوقفوه وحاصروه.


" م-ماذا؟ و-وحش؟! حزب... ماذا؟ ساحر؟!".


جول الذي صدم حقا كان يتحدث بشكل متقطع وهو يحاول إيقافهم بيديه من دعسه. لم يتمكن جول من حماية نفسه واستمر جمع المغامرين بمحاصرته.


كانت نظرتهم موجهة نحو بإعجاب وحماسة كبيرة، حتى لمحوا شكل وجه يستشيط غضبا خلف جول، فارتعش جميعهم دون استثناء وتراجعوا خوفا منها.


كانت آيلا تقف خلف جول في نقطته العمياء، بشكلها المخيف الغاضب والنيران تشكل هالتها الحادة المخيفة. جميع المغامرين الذين أحاطوا جول ارتعبوا منها دون استثناء وتراجعوا بعيدا عن جول خوفا منها، عندما أدرك جول أن شخصا ما خلفه التفت ليقابله وجه آيلا البشوش، لقد تغيرت في ضرف جزء من الثانية لحالة الإبتسامة الهادئة على وجهها الجميل.


" أه! آنسة...؟".


قال جول سريعا، فتابعت عنه آيلا وتقدمت أمامه ثم خاطبت جمع المغامرين المرعبين منها.


" تستطيع مناداتي بآيلا. جميعا! هذا السيد كرو، وهو مغامر مصنف من الرتبة *أس*. سيد كرو، كل من هنا يطلب منك الإنضمام لحزبه، هل لديك أي خطط خاصة؟".


-" ل-لا! حاليا لا أنوي الإنضمام لأي حزب أو فريق مهما كان".


صرح جول بعد سؤال آيلا له، فبادلته بابتسامته الراضية والتفتت مجددا نحو الجمع مغيرة ابتسامتها الراضية لابتسامة مرعبة.


-" لقد سمعتموه! لا تحاولوا إعتراضه أو إزعاجه مجددا رجاءا!".


-*" م-مفهوم!".


ودون اعتراض أجابوا جميعا في صوت واحد متردد، ودون مزيد من الإنتظار بادروا بالرحيل وفتح الطريق أمام جول.


" شكرا لك آنسة آيلا".


-" لا تقلق بشأن ذلك إنه واجبي".


-" في الواقع لدي سؤال بشأن مهلة الطلب".


-" ليس محددا، بإمكانك تنفيذه متى تشاء، وتستطيع إستلام طلبات أخرى خلال تنفيذه".


-" فهمت، سأذهب إذا".


-" حظا موفقا".


سار جول بهدوءه المعتاد خارجا من النقابة بينما مختلف الأنظار مسلطة عليه.


في الخارج كان الوقت أثناء الغروب بالفعل. سار جول في طريق السوق، الطريق الذي لن تجد لك موطئ قدم فيه من الإكتضاض صباحا؛ كان الآن خاو على عروشه بالمعنى الحرفي. فقط بعض المارة هنا وهناك وبائع أو اثنان يحزمان سلعهما مستعدين للعودة.


لم يعد جول مباشرة للفندق، لقد تابع مسيرته تحت ضوء الشمس البرتقالية نحو مركز المدينة، وجهته كانت معروفة؛ منزل لورد المدينة.


لم يبدو حقا كمنزل، بدا أكثر كنصف قصر، كان فخما حقا مع حديقة أمامية جميلة وبوابة كبيرة. مشى جول أمام البوابة ببطئ بينما يتفحصه، كان أمام بوابة القصر حارسان يرتديان بزة سوداء، ألقيا على جول نظرة محذرة.


' أشعر بالعديد من الكيانات داخل المكان، يبدو أن لورد المدينة هاذا حذر هاه؟ '.


فكر جول مستمرا في سيره بينما فعل إحدى مهاراته؛ الكشف! لقد تمكن من الشعور بكل الكائنات الموجودة في المبنى لكنه ركز بشكل أكبر على الحراس فعلم عددهن وقوتهم وأماكن تمركزهم.


" لا يهم! لنعد الآن!".


قال جول وهو يضع يديه خلف رأسه ويسير باسترخاء مغمضا عينيه، فعاد هدوء الحارسين وتابعا عملهما. لم يلغي جول مهارته تلك حتى سار على بعد العديد من الأمتار.


' هاه! ما هاذا؟!'.


فكر جول حين توقف عن السير فجأة وهو يدير رأسه نحو سور القصر. مهارة الكشف لديه كشفت عن العديد من الحراس مجتمعين في مكان واحد محيطين بكايانات أخرى، لكن حسب الخريطة الذهنية التي أظهرتها المهارة، فهؤلاء الجمع كانوا في مكان خالي من أي بنايات كبير عدا عن مبنى صغير بحجم الغرفة، لكنه لا يتسع لهاذا العدد الكبير وفي مكان كثيف بالأشجار والنباتات ضمن محيط القصر. لذا كان الإستنتاج واضحا.


" ذلك اللعين!".


وقال جول بينما نظرته صارت حادة ومظلمة، صر على أسنانه بغضب وشد قبضته بينما يلعن.


" *تنهد* علي أن أعود الآن".


وعاد للقول باستسلام بينما يستمر في مسيرته، حك خلف رأسه بنظرة غاضبة مرعبة، طقطق على لسانه حين عاد بنظرته للقصر قبل أن يتابع طريقه.


ㅡㅡㅡ


بعد مرور الوقت وفي منتصف الليل،


جلس جول وحيدا في غرفته في الفندق ، جلس على سريره بينما يمسك بين يديه سيفه الكبير ويمسح عليه بقطعة قماش ، رغم ظلام الليل الهادئ والحالك ، تسلل ضوء القمر من النافذة المفتوحة لينير المكان.


'هذا غريب ، رغم رؤيتي لضوء غريب يتسرب داخل السيف عندما قتلت الوحش ، إلا أنني لا أكتشف شيئا مهما فحصته'.


فكر جول بينما يسترجع صورا من ذاكرته في الوقت الذي قتل فيه الوحش ودمر جوهرة روحه ، فمباشرة عند فعله لذلك تسرب ضوء أبيض من جبهة الوحش نحو مركز السيف ، لم يفلح جول مهما حاول من اكتشاف ما حصل ، حتى من ذكريات حياته الأولى.


* فوووش * ...


هبت نسمة رياح عليلة من النافذة ، وضع جول سيفه جانبا بينما يرفع عينيه نحو الهلال الفضي الجميل ، فتح مخزنه وأدخل سيفه في الدائرة السوداء التي تبدو شبيهة بالثقب الأسود.


لم يخرج يديهه مباشرة ، استمر بتحريكهما كما لو أنه يبحث عن شيء ، وفي الأخير أخرجهما وبهما خنجران متماثلان ؛ قبضتيهما سوداء طويلة قليلا مقارنة بالخناجر العادية ، نصليهما الفضيين كانا ذو طول متوسط ​​وعليهما العديد من النقوش الحمراء ، عكسا أشعة القمر مما يجعل من النقوش تبدو كدماء لماعة.


أمسك جول الخناجر بشكل عادي ، وفجأة بدأ يديرهما بين أصابعه بسرعة شديدة يعكسان الأشعة الفضية ، استمر بإدارتهما لعدة ثوان حتى أوقفهما فجأة وأمسكهما وهم بشكل مقلوب. كان عرضا رائعا حقا.


"يالها من ليلة جميلة وهادئة! ... مناسبة للتنضيف!".

وقال تلك الكلمات بابتسامة قاسية.


ㅡㅡ


لنغير المكان الآن لقصر لورد المدينة، داخل أسوار القصر حيث كان الحراس يتجولون ذهابا وإيابا حول بناية المنزل الرئيسية...


*فوووش*


رفقة نسيم الهواء تحرك ظل أسود بسرعة لاتبصرها العين، انتبه أحد الحراس لشيء يمر قربه فأمسك سريعا غمد سيفه وقبضته بتأهب، وقف باستعداد يفحص محيطه.


" مالأمر؟".


قطع تركيزه صوت حارس أخر يأتي لجانبه ويسأله بينما يقف باسترخاء.


" لاشيء! لقد ضننت أن شيئا تحرك بقربي".


ورد الأول بينما يخفض دفاعه ويعود لوضعيته العادية.


" يبدو أنك متعب، لنعد ستنتهي مناوبتنا الآن!".


-" نعم".


تحرك الحارس الأول بعدما وافق الآخر وسار خلفه عائدين لداخل المنزل.


على جدار يسار المكان، إختبأ كيان أسود، كان جول مندمجا مع الظلام بينما لمعت عينيه الرماديتان بقسوة.


لكن هذه المرة كان شيء مختلف به، فمن قبل كان السيف الضخم على ظهره يميزه، هذه المرة كان يلبس حزاما علق عليه الخنجرين بغمديهما بشكل متقاطع.


" سحقا! كم أكره التسلل!... لو لم تكن مهمة إغتيال لدمرت المكان عن بكرة أبيه!".


قال جول بملل واستسلام وهو يخرج شعلة صغيرة كشعلة القداحة على إصبع سبابته اليسرى. شد قبضة يده تلك وأخفى الشعلة بينما يتنهد.


" لحسن الحظ لدي عنصر الظلام! لكن لو كان تحكمي به وصل إلى 10% لأنهيت الأمر سريعا".


وعاد للقول بينما تظهر هالة قاتمة على قبضته تلك؛ لقد كان عنصر الظلام الذي لايستخدمه غير الشياطين. جول الحالي بامكانه استعمال سوى 5% من طاقتها الكلية.


رغم صعوبة التدريبات التي قام بها لتحسين النسبة لم يتمكن سوى من رفعها 4% طوال السنين التسع الماضية، وفي الوقت الذي استعمل فيه إرادة الشيطان ضد بارتاس إرتفعت حتى 7% ثم انخفضت مجددا للواحد.


فقط بنسبة قليلة كتلك تمكن تقريبا من مواجهة شيطان بمستوى المائتين، من الصعب تخيل قوتها عندما تبلغ 50% فما بالك ب100%. حتى في حياة جول الأولى كان الشيطان الأقوى يتحكم سوى بنسبة تصل 40%، أما الآن...من الصعب الجزم حقا.


" علي الإسراع!".


حث جول نفسه وهو ينظر بحزم للأمام، توسعت الهالة الظلامية من يده حتى غطت كامل جسده بطبقة رقيقة، ثم كالنفط...صار شكل جول. صار أسودا بالكامل دون بياض واحد، كل ماتبقى كان هيئة سوداء، صار فجأة سائلا بينما يتدفق نحو الأرض. لكن لم يظل شكلا ماديا، صار كالظل فقط. ودون جسد يتبعه تحرك الظل سريعا جدا لدرجة لاتبصرها العين داخل القصر.


تحرك جول سريعا داخل الظلال هنا وهناك، حتى الخدم والحراس الذين تحركوا في المكان لم يكتشفوه، تحرك حتى وصل غرفة ذات باب كبير مزخرف يقف أمامه حارسان، قرر جول الدخول فتنقل من مكانه عند زاوية مظللة من عمود حجري قرب أحد الحراس وسار في ظله حتى دخل من تحت الباب.


دخل جول الغرفة واختفى داخل الظلال يراقب. في الغرفة الفخمة لم يتواجد غير رجل واحد إن لم يتم اعتباره كرجلين، كان بدينا حقا كما لو كان سينفجر في أي لحظة، إرتدى ملابسا فاخرة وعديد من المجوهرات والخواتم في يديه، توقع جول أن يكون نائما لكنه كان جالسا أمام مكتبه الكبير وبين يديه العديد من الأوراق.


" اللعنة! مالذي حدث لذلك اللص اللعين؟! كان يفترض أن يسلم السلع يوم أمس، لكنه لم يظهر، هل قتل في الطريق أم ماذا؟".


وتحدث البدين مجددا، كان واضحا من مظهره فقط أنه اللورد المزعوم، كان يتحدث مع نفسه بانزعاج بينما يلعن المقصود، لقد وصفه باللص لذا سرعان ما استنتج جول بأن شيرالك هو المقصود، خاصة عندما قال بأنه كان من المفروض أن يسلم السلع بالأمس، وهو وقت وصول جول وشيرالك إلى المدينة.


' أيقصد الإلف بقوله سلع؟'.


تساءل جول، وبينما هو على تلك الحالة في الظلال. قام بقرار سريع بإلقاء سحر على الباب، حيث ظهرت دائرتان سحريتان بلون أبيض متقاطعتان على مقبض الباب المزدوج، كان حجمهما صغيرا بحيث لايمكن ملاحظتها سريعا.


تقدم ظل جول من الزاوية المظللة نحو منتصف الغرفة، وعندما لاحظه اللورد تشكلت هيئة الظل، تشكل جسد جول تدريجيا حتى تجسد نهائيا بشكل عادي. مباشرة عند حدوث ذلك رمق لورد المدينة بنظرة قاسية مظلمة.


" م-مالذي...! من تكون يا هاذا؟! أيها الحر-".


* فوووش*


" إهدئ!".


تساءل اللورد وحاول إستدعاء حراسه كرد فعل طبيعي، لكن ما كاد يتلفض كلمة 'حراس' حتى طار بقرب وجهه شفرة سريعة. كان جول قد ألقى سريعا أحد خنجريه، طار ذلك الخنجر بسرعة كبيرة على بعد إنش واحد من إختراق وجه اللورد، حيث استقر على الكرسي الخشبي بقرب وجهه بعد أن اخترقه حتى نصف شفرته.


قال جول تلك الكلمة السابقة بوجه بارد، أدار اللورد رأسه بتردد وبطئ بينما يجعل الرعب وجهه قبيحا للغاية، لمعت شفرة النصل خاصة عند تلك النقوش الحمراء، ذلك البريق الجميل أرسل قشعريرة في اللورد الذي لم يتمكن من إصدار صوت واحد.


" سيدي اللورد! لقد سمعناك تنادي".


" سيدي! مالذي يحدث؟ سندخل الآن!".


صدر صوت الحراس ينادي خلف، لم يبالي بهم جول، هو فقط شرع بالسير بهدوء نحو المكتب الذي تسمر خلفه اللورد في كرسيه، عندما سمع صوت الحراس شعر بسعادة غامرة والتي ارتسمت كابتسامة قبيحة في وجهه، وتوسعت عندما بدأ الحراس بضرب الباب.


جول لم يتوقف عن سيره بل وحتى لم يلتفت للباب، كان كما لو أنه لا يسمع شيئا. بدلا من ذلك أمسك بالنصل المتبقي في غمده وأخرجه ببطئ بينما يصدر صوت الصرير.


فقط بمجرد سماعه لذلك الصوت تحجر اللورد في مقعده، وصل جول أمام اللورد المرتعش في مقعده واتكأ على المكتب.


" م-من تكون؟! وماذا تريد مني؟! ألا تعرف من أكون؟ أنا-".


-" أعرفك! ولا داع لتعرف من أكون، وأما بالنسبة لما أريده...فأنت تعلمه".


سأل اللورد سريعا بتردد متظاهرا بالشجاعة، لكن هاذا النوع من الأشخاص هم الجبناء أمام الموت، والتهديد بالموت يكفي لأسر عقولهم. وبناءا على ذلك أجاب جول سريعا دون منحه فرصة للتعريف عن نفسه.


" م-ماتريد...ال-المال! المال، صحيح؟ أو ربما النساء؟ أ-أنا أملك كلاهما! إن تركتني أعيش -".


-" المعلومات!".


-" م-ماذا؟!".


-" أخبرني كل ما تعرفه عن الإيلف وسأضمن لك أنني سأدعك ترحل!".


-" ال-الإيلف؟ أنت...".


-" مالذي تفعله بالإيلف الذين تمسك بهم؟!".


-" إ-إنه...ذلك...ال-التجارة!".


-" تجارة؟".


-" التجارة... بغير البشر".


كل ما طرح جول سؤالا، أجابه نظيره بتردد حتى وصلا السؤال الأخير حيث قال تلك الكلمات بصعوبة، بالتأكيد علم أن تلك فعلة خاطئة بمعنى الكلمة.


" ماذا؟ التجارة بغير البشر؟ هل صار ذلك فعلا شرعيا؟".


صدم جول حقا عند هذه النقطة، لكن أول ما تبادر إلى ذهنه إن صار ذلك فعلا عاديا.


" ماذا عن الإتفاقية العالمية؟".


سأل جول بينما عينيه تصير أكثر برودة وقتامة.


" أ-أنا..."


-" هل تقوم بمخالفتها؟!".


سأل جول باستمرار وكل مافعل أجابه اللورد باستمرار، لكن عندما وصل السؤال الأخير تردد في الإجابة، وحيث فعل ارتفعت أصوات النداء والضرب خارج الباب.


" يا له من إزعاج!".


قال جول بقسوة والإنزعاج باد على محياه، إلتفت ناحية الباب ورفع كف يده اليمنى نحو الباب حيث تشكلت دائرة سحرية متوسطة الحجم حمراء اللون عليها. ودائرة مشابهة لها لكن أكبر خارج الباب حيث وقف العديد من الحراس.


" مدفع اللهب!".


قال جول عشوائيا ببرودة بينما يتذكر تعويذة ميا.


" آغغغه!.."


" أررغغه!..."


" آاعههه!...".


تلا كلمات جول أصوات تألم قبيحة ومخيفة جاعلة من اللورد يرتعش بشدة. إختفت الدائرة خارج حيث خلفت رمادا أسودا، لكنها لم تفعل من يد جول الذي وجهها والدائرة عاليا، فظهرت شعلة كبيرة ككرة نارية.


" إييييك! ص-صدقني رجاءا! لست أنا الفاعل، لقد كنت أتبع الأوامر فقط".


-" من يعطيك الأوامر؟".


-" إ-إنه الماركيز!".


-" ماركيز؟ أي واحد؟".


-"الماركيز دوغلاف! إنه الوحيد، وهو المرشح الأول لخلافة العرش".


-" هل هناك غيره؟ الملك مثلا أو نبلاء آخرين".


-" لا، أنا أستلم الأوامر مباشرة منه لأن غابة الإيلف حدودية مع مدينتي".


-" لمن تتم عمليات البيع؟".


-" لقد سمعت أنها تتم لمملكة فولزوان الشمالية!".


-" فقط؟".


-" نعم!".


-" هل هاذا كل ماتعرفه؟".


-" نعم...هل بإمكانك...تجنب حياتي كما وعدت؟".


بعد إخافة اللورد بالنار، صار يجيب على أسئلة جول بسرعة ودون تردد، وعندما طرح سؤاله بادله جول بنظرة عادية وهادئة. أغلق قبضة يده التي أمسكت بالشعلة فاختفت. وقف من على المكتب وشد قبضته على الخنجر وتقدم نحو اللورد.


" بالتأكيد! سأدعك ترحل...".


قال جول حين أمسك الخنجر المغروس في الكرسي قرب وجه اللورد وبادر بسحبه.


" *تنهد* شكرا لك!".


تنهد اللورد بارتياح مستعدا للوقوف، لكن مالم يعلمه...في اللحظة التي سحب فيها جول خنجره من الكرسي، حركه هو والآخر الذي في يده بشكل متقاطع.


* فووووووش*.


" إييه؟!".


-" لكن...ليس على قيد الحياة!".


عندما لم يدرك اللورد ما حدث بعد كان يستطيع رؤية المنظر من فوق، منظر جول وجسده. جسده؟ لكن جسده كانت بدون رأس والدماء تتدفق منها كالنافورة. فبحركة سريعة وجميلة قطع جول عنق الرجل بشكل حرفي، لقد فصل كلا من الجسد والرأس تاركا العنق وحدها تطير في الهواء خلف الرأس، وسقطا بعيدا وسط الغرفة.


رغم قساوة المشهد، كانت عينا جول باردتان وعاديتان بينما ينظر بملل للجثة المقطوعة أمامه، أمسك نصليه الملطخان بالدماء وأدارهما بسرعة كما فعل سابقا لدرجة جعلت الدماء تتناثر منهما ليعودا نظيفين، وبتلك السرعة أعادهما في غمدهما.


لم يبالي جول بالنظرة المرعوبة التي تجمدت على وجه اللورد وتقدم نحو الأوراق التي لم تلوث ولا بقطرة دماء واحدة على المكتب، أمسك بيديه بضعة أوراق كتبت عليها عمليات التسليم والإستلام للإيلف.


أراد جول قراءتها، لكنه لم يجد الوقت حيث عادت أصوات الحراس خارج الباب، فرمى كل ما أستطاع من أوراق داخل مخزنه، واتجه للنافذة خلفه وفتحها، مجددا غطاه الظلام فصار ظلا وتحرك خارج النافذة واختفى.


عندما فعل ذلك توقف تأثير السحر على أقفال الباب فتمكن الحراس من فتحه والدخول مندفعين، لكن المنظر الذي قابلوه جعل بعضهم يصاب بالغثيان والآخر بالإغماء.


بالنسبة لجول، وجهته كانت نحو المنطقة الخالية التي أستشعر فيها العديد من الحراس رفقة كيانات أخرى. وسط العديد من الأشجار، كانت غرفة حجرية قد تنهار في أي لحظة مخبئة بشكل جيد هناك، وأمامها حارس واحد.


لم يتوقف جول عن التحرك سريعا حتى وصل لظل ذلك الحارس وخرج منه، عندما تشكل جسده كان خلف الحارس يمسك بالنصل أمام رقبته، لم يدرك الحارس ذلك بعد حتى فصل رأسه عن جسده كذلك بينما عينيه تلمعان بأشعة حمراء قاتلة.


أستدار جول نحو الغرفة ودخلها دون أن يعير أدنى إهتمام للجثة خلفه، بدت الغرفة مهجورة من الداخل كما الخارج، لم يتواجد شيء داخلها سوى العديد من الصخور المكومة في مختلف الأرجاء.


جلس جول على إحدى ركبتيه ولمس بيده الأرض مفعلا عنصر الأرض. ثم أغلق عينيه مركزا لفترة قليلة. لم يستمر على تلك الحال كثيرا حتى صدر صوت ضجيج المسننات وزحزحة الصخور من الأرض. وقف جول وتراجع عن منتصف الغرفة.


لم يطل انتظار جول حتى اهتزت الأرضية تحت قدميه، وبدأت تنزاح من منتصف الغرفة، تحركت قطعة أرضية مربعة الشكل وانزاحت فاتحتا الطريق نحو درج مظلم، أظهر جول ابتسامة ماكرة ودخل.


بمجرد وصوله أسفل الدرج، قابلته غرفة أخرى، لم يمكن وصفها بالغرفة حقا، كانت سجنا. وقف ما يقارب السبعة من الحراس أمام القضبان يحرسون من داخلها، كانوا الإيلف، نساء رجال وحتى أطفال، كانوا مجموعة كبيرة تصل حتى العشرين منهم، وجميعهم غطتهم الإصابات ولبسوا أطواق العبيد على رقابهم.


صارت نظرة جول المختبئ عند جدار الدرج غاضبة، بالتأكيد قد غضب. هو لن ينس كرم هاذا الشعب عندما أنقذوا حياته ورحبوا به كغريب بينهم طوال تلك السنوات التسع، ولم يعاملوه بتمييز عن أي فرد منهم. وجول ليس شخصا ينسى الجميل دون رده.


لذا توقف عن التخفي وتقدم مباشرة بينما يسحب النصلين بهدوء من غمدهما. إنتبه أحد الحراس لصوت إحتكاك المعدن فحول نظرته نحو الدخيل.


" م-من تكون ياهاذا؟! كيف دخلت هنا؟!".


صرخ ذلك الحارس بينما يسحب سيفه سريعا من غمده، إنتبه الجميع لذلك وقاموا بنفس الفعل. لم يهتم جول بذلك وتابع التقدم وبيديه النصلين بوجه مظلم.


" من أكون؟ يمكنك أن تقول...آخر وجه تراه في حياتك!".


قال جول بينما يتوضح وجهه بضوء المشاعل المعلقة على الجدران، برزت نظرته القاتلة جنبا إلى جنب مع نية قتله وهالته، لمعت عيناه بضوء أحمر قاتل وهو يتقدم. تلك النظرة وحدها تسببت في شل العديد من نظرائه، فما بالك بنية قتله التي تخطت عنان السماء.


عندما استجمع بعضهم الشجاعة لشن الهجوم، سبقه بذلك جول وقفز بخطة واحدة مندفعا نحوهم بينما يدير النصلين ويمسكهما بشكل مقلوب. مر على أول واحد قاطعا عنقه دون أدنى فرصة للمقاومة، رغم تناثر الدماء ناحيته إلا أن سرعة جول الشديدة لم تمنحها الفرصة لتلطيخه.


لم يتوقف جول هنا استمر بمهاجمتهم باستمرا بتلك السرعة قاتلا أربعة من سيئي الحظ دون مقاومة، تبقى أمامه ثلاثة مصدومين، هاجم أقرب واحد منه مدخلا نصله في صدره، إرتعش قليلا ثم حاول إمساك النصل المغروس في صدره.


في ذلك الوقت إستجمع أحد الإثنان الباقين نفسه وألقى تعويذة سريعا، ظهرت كرة نار كبيرة وألقاه سريعا على جول، انتبه جول لذلك فحرك الرجل على نصله مواجها للهجمة كدرع.


" آاااررررغغغ...!".


صرخ ذلك الحارس بألم قبل أن يتلفض آخر أنفاسه بوجه مصدوم، أبعد جول الجثة العالقة بنصله قليلا حتى اتضح نظره على من هاجمه.


كان يظهر وجهه صدمة ورعبا كبيرا، فلم يتوقع من جول تلك الفعلة، كان مرعوبا من أنه قد قتل رفيقه. لكن لم يتمكن حتى من الندم على فعلته، فقد ظهرت مباشرة شفرة طائرة نحو منتصف وجهه دون مصدر.


إخترق نصل جول وجه الحارس المستهدف، مما جعلته قوة الضربة يتراجع مع النصل ساقطا على ظهره، ظهر جول خلف النصل بينما يندفع معه، وتزامن مع سقوط الرجل ودفعه على الأرض بينما يغرز النصل بقوة.


في خضم كل ذلك، أدرك الحارس المتبقي أن لا فرصة أمامه في النجاة لكنه استدار محاولا الهرب، وبينما على تلك الحال يحاول الركض، إنقطع إحساسه فجأة. كانت رأسه تطير بعيدا عن جسده.


عندما حاول ذلك الحارس الهروب بينما يطلق صرخته الأخيرة، ألقى جول بنصله الثاني نحوه بسرعة بشكل لولبي، فطار دائرا أفقيا نحو عنقه وفصل الرأس عن الجسد. إستمر النصل بالدوران ثم عاد من طريقه كسلاح 'البومرينغ'.


أمسك جول بالنصل من قبضته مقلوبا تزامنا مع وقوع الرأس على الأرض، كان واقفا حين حدوث ذلك، مسح بعض قطرات الدماء على وجهه بينما النصلين مايزالا بين قبضتيه يقطران دماءا عند الحواف.


كانت النظرة على وجه جول حادة ومرعبة بينما يلقي نظرة أخيرة على الجثث حوله، عندما أدار رأسه ناحية السجناء تفاجأ بمنظرهم المجمد. لقد تجمدوا حرفيا بينما يشهدون على ذلك العرض المروع من القتل من طرف واحد، كانت مجزرة حقيقية يرونها أول مرة.


كانت بعض النساء تحضن أطفالهن لكي لا يرو تلك المشاهد، لكن بعضهن نسين أنفسهن وتركن أطفالهن يشهدن على تلك المجزرة. أدرك جول مدى ترويع شكله وأعاد النصلين سريعا بعدما نفضهما من الدماء، رفع كفه ووجها نحو القضبان الحديدية للسجن.


أمسكت النساء بأطفالهن خوفا من جول، ولكن دائرة سحرية كبيرة بيضاء ظهرت. سحب جول كفه جانبا بقوة، وتزامن مع ذلك إنزياح القضبان وطيارانها فاتحة المجال. تقدم جول نحو أحد أطفال الإيلف المرعوبين تحت ذراعي والدته فحضنته بقوة.


كانت ساق الطفل مصابة بجرح بليغ، فانحنى جول عليه بركبة واحدة ومد كفه فوقها ليعالجه، التأم جرح الفتى سريعا فتفاجأ وفرح لذلك كما والدته.


وقف جول بينما يظهر ابتسامة دافئة ، رفع كفيه عاليا مفعلا تعوايذا ومهارات ، فأحاطت الأضواء بهم جميعا وعالجت جراحهم وكسرت الأطواق على رقابهم ، تفاجأ الكل لذلك وصاروا يتفحصون ويست ويستون سحرهم بفرح.


"البوابة!".


رفع جول كفه نحو جانبه مجددا بينما يهمس ، ففتحت بوابة تسبه الثقب الأسود ولكن أكثر إشراقا.


"ستقودكم هذه البوابة نحو منتصف غابة الإيلف مباشرة ، تستطيعون العودة!".


قال جول بينما يحاول تخفيف توترهم ، فنظروا لبعضهم مندهشين حتى تقدم رجل عجوز من بينعم وخاطب جول باحترام.


"إعذرني أيها السيد! ولكن من تكون؟ ولما تفعل هاذا لأجلنا؟ فأنت لست منا".


- "أنا أفعل هذا لأرد ديني لبني جنسكم فقط ، رغم أنه لايوفيه ولو بقدر بسيط ، كما أنني لست لست أنتمي إليكم ، فأنا هجين من الإيلف ، لذا تستطيع الثقة بي".


وقال جول بينما يحاول طمأنة العجوز ، فنظر له هذا الأخير بدهشة قبل أن يبتسم ومن معه نحو جول.


"شكرا لك أيها الشاب! لن ننس جميلك هاذا أبدا! سنذهب إذن لموطننا!".


وقال ذلك العجوز بينما يمسك بيدي جول ممتنا ثم يقود بني جنسه نحو البوابة.


أغلق جول البوابة بعد غادر آخر واحد من الإيلف. وضع جول يديه على خصره ومدد ظهره بينما يطلق تنهيدة متعبة.


"* تنهد * ... لنعد إذن!".

ㅡㅡㅡㅡㅡㄱㅅ ㄱ ㅡㅡㅡㅡㅡㅡㅡㅡ

إنتهى الفصل

لقد عدلت صورة المغلف في أول صورة في التعليقات

2020/06/10 · 461 مشاهدة · 5565 كلمة
Abir Bell
نادي الروايات - 2024