حفل، لكنه...

~~

كانت القاعة ضخمة وفخمة بمعنى الكلمة.

إنتشرت عدة طاولات مستديرة تحيطها الكراسي، زينت جدرانها الذهبية بمختلف الزينات.

في آخرها كان يوجد درج طويل وعريض مفرش ببساط أحمر وممتد إلى الأعلى حيث يتفرع إلى طريقين -يمين وشمال-.

داخل القاعة، تحرك العديد من الشخصيات ذهابا وإيابا، بينما وقف آخرون حول الطاولات وتجاذبوا الحديث.

جميع من كان بالقاعة كان لهم قاسم مشترك واحد، وهو أنهم ارتدوا ملابس فخمة وأخرى رسمية، كانوا هم النبلاء الذين تمت دعوتهم لحضور الحفل المنعقد في قصر الدوق، بينما الذين إرتدوا ملابس الخدم فكانوا خدم قصر الدوق من رجال إلى نساء.

في مكان ما وقف الرجل الوسيم ذو العيون الخضراء والشعر الأشقر، على خلاف سائر الأيام كما اعتاده جول، فقد إرتدى ماركوس ملابسا رسمية فخمة، بدا وسيما حقا وأصغر بعشر سنوات بينما الإبتسامة المطبوعة على ثغره بدت تشع نورا.

مقابله وقف رجلان آخران، أحدهما بدين للغاية، ملابسه كانت مبهرجة للغاية ومتعددة الألوان، بدا أنه مهرج العيد، مع وجه سمين وعيون حادة وابتسامة زائفة تبدي أسنانه المذهبة، قال أنه أمكر الثعالب التي مرت على تاريخ البشرية.

أما الرجل الآخر كان على عكس سابقه تماما، بدا أنه أكثر طيبة، لم يبدو شابا بل بدى كهلا في طريقه إلى العجز، كان شعره أشيبا، وعينيه بنيتان ناضحتان بالحيوية، ابتسامته كانت تدب دفئا في أحجر القلوب، ملابسه لم تكن نسقة كثيرا كسابقه، بل أنيقة وهادئة.

كلا الرجلان تجاذبا أطراف الحديث مع ماركوس، فكلاهما كانا من النبلاء.

في زاوية أخرى وقفت كلمة الجمال بنور بهي يشع عنها، كاتيانا ذات الشعر الأسود الحريري والعينان الدمويتان إرتدت هذه المرة فستانا أسودا جميلا مع عدة إضافات حمراء، كانت المرأة بجمالها تسحر كل العقول، وقفت مع عدة نساء، رغم رقائهن ونبلهن إلا أنهن لم تستطعن مواكبة حتى أدنى شعاع من نور كاتيانا.

بالقرب من والدتها وقفت فتاة العشر سنوات بأناقة، شعرها اللولبي الأشقر كوالدها وكذلك عيناها الخضراوتان، إرتدت هذا اليوم فستانا أصفر جميلا مزركشا بعدة ألوان تلاءمت مع عينيها، كانت هذه الصغيرة الأنيقة هي جوانا.

في إحدى الزوايا المظللة وقف فتانا الصغير مع نظرة حادة ومظلمة على وجهه، ملابسه كذلك كانت أنيقة مدرجة من الأسود إلى الأبيض، إتكأ على الحائط بينما انسدل شعره الأبيض المزين بعدة خصل حمراء على عينه اليسرى، تاركا عينه اليمنى الخضراء واضحة، كان جول بنظرته السابقة يتفحص حالات جميع الحضور من كبار إلى أطفال، وضع كفه الأيسر على عينه اليسرى وفكر بنظرة قلقة.

' ماهذا الشعور الذي يعتريني؟ لما أشعر بهذا القلق؟ يبدو أن شيئا سيئا قد يحصل'.

منذ عودة جول في وقت الغروب سابقا تملكه هذا الشعور الرهيب، وازداد خاصة عند دخول النبلاء المختلفين.

في هذه الليلة كان ماركوس يعقد الحفل الذي أخبر عنه لجول.

فجأة على كتف جول وضعت يد صغيرة، أدار جول رأسه ليجد الشاب أسود الشعر أخضر العينين ينظر له بابتسامة.

" مالي أراك حائرا أخي الصغير؟".

سأل ويليام بتعبير دافئ.

" آه! أخي ويل، لا لاشيء أبدا، إنما أنا قلق بسبب أن هذه المرة الأولى لي بين العديد من الناس".

كذب جول ليريح أخاه من التفكير كثيرا بشأنه.

" أهو كذلك؟ لا تقلق لايهم عدد الناس الذين حولك، فكر فقط بنا نحن عائلتك وستكون بخير".

" بالتأكيد! لكن... هناك شيء ما يقلقني".

قال جول بعدما عاد إليه القلق من جديد، نظر إليه ويليام باستغراب لم يفهم مقصده، لذا على الفور حاول تغيير الموضوع.

" حسنا حسنا، أنت في الخامسة الآن ليس عليك التفكير كثيرا بهاذا الشأن، بل يجب أن تكون صداقات مختلفة مع باقي الأطفال اللذين في سنك، هيا الآن! إذهب والعب مع الأطفال الآخرين".

أمر ويليام بينما يدفع جول نحو وسط القاعة، قلق هذا الأخير كثيرا، لم يسبق له أن لعب مع الأطفال في مثل سنه من قبل طوال حياتيه السابقتين، دعنا لا نتحدث عن اللعب، هو حتى لم يحض بطفولة مطلقا، لذا لايعلم حتى ما يجب عليه فعله في هذا الموقف، حاول إيقاف شقيقه ببضع حجج، لكنه لم يصغي بحجة <أنت طفل، لذا تصرف كطفل>.

*توتوتوووووووت* (صوت بوق ^-^)

بينما ويليام يدفع جول، أوقفه وجذب إنتباه جميع من في القاعة صوت بوق، دخل صوته الذي عزف ألحانا متجانسة عبر الباب الكبير المقابل للدرج، فجأة دخل رجلان مسرعين وركضا بانتظام إلى باب القاعة، حيث إلتفتا نحو الخارج وفرشوا بساطا أحمر عريض ذاهب للخارج، وقف بعدها الإثنان وقفة ثابتة وحازمة على طرفي البساط الذي يدخل منه الشخصيات المشهورة.

لم يفهم أحد بالقاعة مالذي يجري، لكن ذلك المشهد المنظم قد جذب إنتباههم عنوة، فلم يحركوا ساكنا يرجون رؤية نهايته.

إستمر صوت البوق الجميل بالتردد في آذان الجميع، حتى توقف فجأة عندما دخل رجل آخر بزي رسمي أنيق، وقف هاذا الأخير عند الطرف الأيمن للبساط أمام الباب، ثم رفع بيديه ورقة ملفوفة مزركشة، فتحها وصرخ بانتظام حتى تردد صوته في القاعة.

" لقد وصل جلالة الملك فرديناند نيكولا دي بورغو وعائلته!".

مباشرة عندما قال الرجل كلامه تفاجأ الجميع وسارعوا ليقفوا بثبات في خط منسق وجميل، على الفور ركض ماركوس ليقف أمام البساط حين وصلت زوجته كاتيانا وابنته جوانا ليقفا بثبات هناك، أدرك ويليام ما يحدث بسرعة وتوقف عن دفع جول ليمسكه من يده ويذهب هو أيضا.

في خط واحد وقف أفراد أسرة فيلدمينت بالترتيب، وقف ماركوس في المنتصف، على يمينه وقفت كاتينا وبجانبها جوانا، بينما على يسار ماركوس وقف ويليام، وجول كان في أقصى اليسار.

فهم جول تصرف ذويه، فهو يذكر أنه في حياته الأولى عندما كانت مملكة بشرية ما تدعوه لحفل، دائما ما يحيي المسضيف الضيف.

عادت أصوات الأبواق بقوة أكبر هذه المرة، جميع الذكور من المشايخ إلى الأطفال وضعوا كفوفهم اليمنى على صدورهم وطأطؤوا برؤوسهم قليلا بينما هم مغمضي العيون، كذلك جول فعل مثلهم، بينما الإناث من عجائز لأطفال، ضممن كفوفهن أمامهن وطأطأن رؤوسهن كما الذكور.

بعدما حدث كل ذلك، من الباب وفوق البساط سارت أربعة كيانات بثبات، في المقدمة سار رجل كهل يرتدي ملابس أنيقة، وفوق كتفيه رداء أحمر مزين بالفرو في أعلاه، وجهه كان معتدل الوسامة، بعينين حيويتين زرقاوتين وشعر بني، فوق رأسه إرتدى تاجا ذهبيا فخما، كان هاذا هو الملك. بالقرب منه وخلفه قليلا سارت امرأة جميلة، لم تكن بقدر جمال كاتيانا لكنها ما تزال تعتبر من أجمل نساء عصرها، بشعر أشقر جميل وحريري وعيون سوداء لامعة، إرتدت فستانا أبيضا متدرجا للأزرق، وعلى رأسها وضعت تاجا فضيا مزينا بحبات ألماس جميلة، ابتسمت بهدوء بنظرة تقول بقوة < أنظروا إلي!...أنا الملكة!'>. خلفها سار كيانان صغيران، طفل وفتاة. الفتاة التي بدا أنها في الرابعة عشر كانت جميلة وأنيقة، سارت بأناقة مجسدة للقبها -أميرة-، تحرك شعرها البني قليلا أمام عينيها الزرقاوتان الهادئتان وهي تسير ببهاء بفستانها الوردي الداكن قليلا خاطفة كل الأضواء، وضعت تاجا صغيرا جميلا ملائما لها، مباشرة بعدما دخلت من الباب لمعت عيناها الزرقاوتان بنوع من الفجأة والفرحة وهي تنظر إلى الشاب الوسيم الواقف في المقدمة، توردت وجنتاها فورا وهي ترى ويليام واقفا بقوة، فابتسمت بخفة جعلت جميع المراهقين الموجودين في القاعة تتورد وجناتهم، أما الفتى الذي سار بقربها فبدا أنه نسخة طبق الأصل عن أمه، شعره أشقر وعيناه زرقاوتان لامعتان، مثل أي طفل في عمر الخامسة سار بسذاجة وابتسامة بريئة، لكنها رغم ذلك تقول عنه أنه مدرك لكل شيء، كان هذا الصغير هو الأمير.

قبل لحضات هذه العائلة التي دخلت بأناقة للقاعة، كانت الأسرة الملكية، الملك -فرديناند نيكولا دي بورغو-، الملكة -سوزان دي بورغو-، الأميرة -ليليان دي بورغو- والأمير -غوستاف شاغرو دي بورغو-. كانت هذه أسماءهم الكاملة.

وسبق وأن قام ماركوس بإعلامهم لجول، لذا هو يعرف أسماءهم.

" أسرة الدوق فيلدمينت... تحيي الملك! ".

على الفور قال ماركوس بنبرة جادة محترمة، نظر جول بابتسامة خفيفة لوالده وهو يراه يظهر جانبه هاذا لأول مرة فيه، لكن...

" هاهاها...! ماركوس أيها العجوز! لقد صرت أكثر وسامة، أيها النذل! ألم أخبرك أن تنتظرني؟ ".

" هاهاها...! أعتذر أليك حقا نيكولا! لكن وسامتي لا يسعها الإنتظار أكثر ".

مباشرة ما إن رفع ماركوس بصره ليرى الملك حتى خاطبه هذا الأخير بضحكة عفوية تعلو محياه.

لكن الأمر لم يتوقف هنا، حتى المخاطب لم يعر أي اهتمام للملك، فرد بضحكة أخرى غير أنيقة على الإطلاق وخاطبه باسمه مباشرة.

إستمرت هذه الضحكات بين الإثنان، وجول الذي يرى هاذا متفاجؤ حتى صميمه، ومازاد فجأته هو حينما انتبه لأفراد الأسرتين يبتسمون على الإثنان.

بسرعة رفع جول -المتعجب- رأسه لويليام وجذبه من قميصه ليشد انتباهه، راغبا بذلك فهم ما يجري.

-" مهلا...أخي ويل! لما أبي يتصرف هكذا؟".

-" هاه؟ آه لا تعر لذلك بالا إنه يفعل هاذا كلما التقى بالملك ".

-" ألا بأس حقا لأبي بفعل هذا؟... أعني أن هذا هو الملك بعد كل شيء ".

-" لا تقلق! إن أبي والملك صديقان قديمان، لذا هذا أمر عادي لكلاهما، فوق كل ذلك كلتا الأسرتان قريبتان قبل أن تكون بينهما علاقة حاكم ومحكوم ".

-" مالذي تعنيه بقريبتان؟".

-" أه! هههه...! ل-لا تهتم! ستفهم الأمر حين تكبر".

-" همم؟!". (متعجب)

بعدما سأل جول حول تقارب العائلتين، توردت وجنتا ويليام وراح يحك خده خجلا، وكمحاولة منه ليغير الموضوع؛ قال أن الأمر أكبر من جول ليفهمه الآن.

ماتزال الضحكات متعالية بين الصديقين اللذان صارا يحضنان بعضعهما، حتى اقتربت سوزان -الملكة- من كاتيانا وعلى الفور دخلا إلى صلب الموضوع من محادثات شائعة بين النساء، بدتا صديقتين هما أيضا.

رفع جول رأسه مجددا لويليام ليسأله أكثر عن الأسرة الملكية لكنه وجده محمر الوجنتين من جديد، بل حتى أن وجهه صار أحمرا بالكامل، وشعر بدقات قلبه تتزايد بقوة وهو ينظر أمامه، أدار عينيه للأمام، ليجد جول الحسناء الصغيرة ومعها الأمير الصغير يقتربان نحوها بابتسامة تعلو وجهيهما، لم تكن ابتسامة الأمير مميزة على وجه الخصوص، لكن الأميرة أظهرت خجلها وفرحتها من خلال خديها المحمران وعينيها اللامعتان.

جول ودون أي تلميحات أخرى، فهم سريعا أن الشابين -ويليام والأميرة- يكنان مشاعر لبعضيهما.

-" ويليام! كيف حالك؟".

-" أ-أ..أنا... بخير! شكرا على سؤالك، ج-جلالتك".

-" مووه! ها أنت تفعلها مجددا! ألم أخبرك أن تنادني باسمي؟".

-" ل-ل..لكن...جلالتك...أنا- ".

-" آ-آ... لست جلالتك، أنا...". ( بإصبعها نافية، ثم مترقبة).

-" ح-حسنا، ليليان". (بهمس)

-" لم أسمعك جيدا!".

-" ل-ليلي..." (بخجل).

سمع جول محادثة الإثنان، فضحك في داخله على عصفوري الحب أمامه.

" ههه...! أه! ويل، ألن تعرفني بالسيد الصغير الواقف بجانبك؟".

بعدما ضحكت ليليان -الأميرة- بخجل سألت ويليام قاصدتا جول.

" أه! إنه جول، أعني... جوليان فون فيلدمينت، أخي الصغير".

قال ويليام بنوع من الفخر وهو يقول اسم جوليان كاملا.

قد يكون غير مدرك للأمر، لكن زخم جول جعله يشعر بالفخر في صميمه عن جول.

" أووه! هكذا هو الأمر؟ لما يبدو لي أنه ذو شأن عالي، خاصة طريقة كلامك عنه جعلته يبدو كملك".

قالت ليليان بفجأة، ثم تحدثت كمن أدركت شيئا.

قد يكون ويليام غير مدرك، لكن الأميرة بدت أنها ترى كل شيء بعينها اللماعة هذه.

انتاب جول الفضول حولها، لقد شعر بشيء غريب بشأن عينها.

لمعت عيناه حين نشط مهارة كشف الحالة.

فحص مهاراتها وقدراتها بعناية، لكن ما جذب انتباهه حقا هو قدرتها :^ رؤية الهالة^.

علم جول مباشرة حول هذه القدرة، ^رؤية الهالة^ تمكن مستخدمها من رؤية هالات الناس، وعادة قوة الهالة تتحدد حسب قوة الروح، بما أن جول قد عاش حياتين لأكثر من خمسة قرون، فطبيعيا هالته ستتجاوز الحدود، و طبيعيا جول يعلم حول هذه القدرة، خاصة وأن 'البطلة لونا' لها نفس القدرة.

جول في جسده الضعيف هذا، لم يتمكن من إظهار هالته أو التحكم بها، لكن رغم ذلك تسرب القليل منها للخارج.

" مالذي تعنينه بأن جول ذو شأن عال؟، وأيضا... أنا تحدثت عنه كما لو أنه أخي الصغير لا ملك!"

تحدث ويليام مستغربا، لم يفهم مقصد ليلي كما دعاها.

" أمم! (تحرك رأسها نفيا)... على أي حال، لما لا تنهي تعريفك لنا؟".

حركت ليليان رأسها نفيا، حاولت تغيير الموضوع بعدما نظرت قليلا لعيني جول، شعرت بهاوية كبيرة فيهما، لكنها حاولت تغيير الموضوع بسرعة.

' يبدو أنها تخفي قدرتها'.

استنتج جول، لا يعلم حقيقتا إذا كانت تخفيها عن عائلتها أو عن ويليام، لكنه علم أنها تتكتم عن نفسها.

" أه صحيح! جول، هذه الأميرة ليليان دي بورغو، إنها ابنة الملك فرديناند نيكولا دي بورغو (ما أطول إسمه)".

-" إنه لشرف كبير لي أن أتمكن من مقابلتك شخصيا ورؤية جمالك الخلاب".

قال جول فجأة بطريقة رسمية، بينما يضع كفه الأيمن وينحني باحترام.

" ياللهول! ويل هل قمتم بتدريبه ليتحدث بهذه البراعة؟"

-" ماذا؟ لا لم نفعل ذلك، تركنا جول ليعيش حياته كما فرض عليه سنه".

بسرعة نفى ويليام وقال بينما يلوح بيديه، هو أيضا تفاجأ كما فعلت ليليان وسألت بدهشة وهي تلوم ويليام.

في الواقع... جول قال كلاما أكبر من عمره، لم يدرك ذلك، لكن بالنسبة له فهو حاول التحدث بطبيعية قدر الإمكان.

" الحقيقة أن جول عبقري حقيقي، منذ صغره أظهر علامات النبوغ".

-" أهذا معقول؟... هاااه*تنهد*، لن أتفاجأ حقا، والدك، أنت وجوانا أظهرتم جميعكم أنكم لستم من هذا العالم، لاأعلم حقا عن الخالة كاتيانا، لكنها بالتأكيد لاتقل شأنا عن بقيتكم".

-" أههههه...! ش-شكرا لك على مدحك".

بعدما تنهدت ليليان باستسلام، ضحك ويليام بتهكم، هو يعلم حقا قصد ليليان، لكنه تظاهر بالسعادة.

نظرت ليليان مجددا لويل بغضب مكبوت. ثم أردفت له.

" على كل حال، ويل لما لم تقدمني بشكل أفضل؟ جول، ربما ويل خجل من هذا، لكن بما أنك شقيقه الصغير فلتعلم أن ويل...خطيبي !!".

تحدثت ليليان لجول بوجه جاد في البداية، ثم صار وجهها يشع بقوة حينما قالت آخر كلمة بابتسامة كبيرة وهي تمسك مرفق ويليام وتحضنه.

" مذا؟".

-"ههههه، لاشك أنك لاتعلم، أنا وويل مخطوبين لبعضنا منذ كنا رضع، إنه قرار متبادل بين والدينا، لكننا... نحب بعضنا بالفعل".

قالت ليليان بحماس ثم أمسكت مرفق ويليام الذي راح يحاول إيقافها بوجه خجول.

بينما ليليان تعترف بحبها احمر وجهها بالفعل ووضعت يدها تحت خدها بتعبير خجول.

حينما قالت آخر كلماتها، شعر جول بالنظرات الحاقدة ودموع بعض المراهقين بين جمع النبلاء.

'ههه... أخي، يبدو أنك ارتكبت محرمة لهؤلاء الشباب'.

ضحك جول في خاطره وهو يرى هذا المنظر، حين قاطعت أفكاره كلمات الأميرة الغريبة.

" بالمناسبة جوليان، كيف تنادي أخاك؟".

-" أه؟ ك-كيف أناديه؟ أناديه... أخي ويل (ويل-ني-سان، باليابانية /\).

-" إذن من الآن فصاعدا ناديني أختي ليلي، حسنا؟" (ليلي-أوني-تشان).

-" لكن هذه ستكون وقاحة في حقك وفي حق الأسرة الملكية"

-" موووه! ستناديني أختي ليلي، وأيضا لايمكن لأحد أن يعتبرها وقاحة، هذا أمر! وسأرى من يجرؤ على عصياني، سأريه أشد العذاب!!".

-" كما تريدين، أختي ليلي"

-" هم هم هم هم...! هذا جيد، هذا جيد!".

ضحكت ليليان بتهكم ثم قالت برضى.

' الفتايات مخيفات حقا!'.

فكر جول، ليست هذه أول مرة يتعرض فيها لموقف كهذا.

في حياته الأولى، تعرض لتوبيخ شديد من قبل امرأة لم تصل حتى لمرحلة خدشه في معركة، البطلة ميلور، إحدى الأبطال السبعة الذين كانوا أصدقاء معه، ذات مرة رفض الملك آرثر الذهاب لإحدى الممالك التي قامت بدعوته بنزوة منه، لم يعجب بالملك الذي يحكمها من أول نظرة، حين سمعت 'ميلور' هاذا أمسكته من أذنه ووبخته كالأطفال الصغار، لم يجد آرثر ما يقول لها أو مايفعل، كل ما سيطر على تفكيره آن ذاك كان الخوف...بالطبع...بسبب تأثير النساء.

حينما عادت هذه الذكرى المخيفة له، إرتعش عمود جول الفقري.

" أه! جوليان-".

-" تستطيعين منادتي جول، أختي ليلي".

-" أوه! ههه... أكيد، جول... أريد أن أعرفك بأخي الصغير".

أزال صوت ليلي الهادئ رعشة جول ولفتت إنتباهه حينما قالت كلامها بينما تشير للطفل الصغير الواقف بجانبها الذي ابتسم بحيوية وبراءة.

فقال هذا الأخير بصوت شعر منه جول بنوع من الرقي، بابتسامة عريضة لطيفة بدأ تعريفه بنفسه.

" أنا الأمير الوحيد لهذه المملكة، ابن الملك والملكة الأخير، إسمي غوستاف شاغرو دي بورغو، أه! تستطيع مناداتي كما تشاء، لا داعي لقوله كله".

-" أنا لا أجرؤ جلالة الأمير، ولي كامل الشرف بالتعرف على حضرتك وفرصة محادثتك".

-" ياللهول! أنت تفعلها مجددا. إسمع، من اليوم لست بالنسبة لك أميرا، أنا فقط أريد تكوين صداقات حقيقية، لا أريد أولائك المزيفين اللذين يريدون مصادقتي بسبب مكانتي... أنا...أنا...*شهيق*...أنا أريد... صديقا...*شهيق*...حقيقيا...*شهيق*".

تفاجأ جول من ردة فعل الأمير الأخيرة. ربما توقع منه كلامه الأول، لكن أن يبدأ فجأة بالشهيق والدموع على أطراف عينيه... أمر لا يمكن له فهمه.

رغم أنه عاش حياتين سابقا، إلا أنه لم يجرب المشاعر البشرية الحقيقية، كل ماعاشه في حياته الأولى من كد جعله يفقد شعوره.

للمرة الأولى من أكثر من خمس قرون لم يمر بهاكذا موقف.

كرد فعل غريزي، رفع يديه وراح يحاول تهدئته.

" م-مهلا جلالة الأمير-أعني غوستاف..أعني شاغرو...أ-أعني غوس- غوس، مارأيك؟ هذا مناسب، صحيح؟ دعنا نكون صديقين، لن أكون مزيفا ".

-" *شهيق*.. ه-هذا يعني... أنك ستكون صديقي؟".

-" بالتأكيد!". ( يومئ)

-" لن تكون مزيفا؟" (يمسح دموعه)

-" بالتأكيد!".

-" لن تصادقني لأنني أمير، صحيح".

-" بالتأكيد! بالتأكيد!".

-" ستلعب معي إذن، صحيح؟".

-" بالتأكيد! بالتأ- كيد؟".

-" هههه...!( يضحك بخبث) أذن بما أنك صديقي وستلعب معي ستريني القصر!".

-" هه؟!؟".

_ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _··...·· _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _

بعد مدة داخل قاعة الحفل، سار جول بينما الأمير يسير خلفه بين الحشد. كلما تقدم إلا ونظر له مختلف النبلاء بتعابير معقدة وابتعدوا عن طريقه، لم يعلم جول إن كان السبب الأمير، أم هالته الغير مقصودة، لم يفكر بهاذا كثيرا وتابع سيره.

لقد كانا يتقدمان نحو الأفق حيث تظهر ثلاث شخصيات واقفة معا تعلو وجوههم البسمة.

في الأفق وقف الملك وجانبه رجل عجوز هادئ يرتدي قلنسوة رمادية ويحمل في يده صولجانا كبيرا، أما مقابله وقف ماركوس.

تحدث ماركوس مع الملك بينما استمر الرجل العجوز في الإيماء، لم أقدمه سابقا ( ﻷنني نسيت *-*) لذا فهو يكون ساحر البلاط الملكي، لم يشعر منه جول بالأمان إطلاقا من أول نظرة، لكنه لم يكلف نفسه عناء تفحصه.

بعد لمحة خفيفة له، وقف جول بعيدا قليلا، حين ركض غوستاف لوالده.

" ...أبي، أبي! لقد أخذني جوليان لجولة في القصر، ولعبنا في غرفته قليلا".

بعد انحناءة خفيفة وضربه لصدره، تحدث غوستاف بسرعة وحماسة لوالده.

-" هووه؟ لا بد أنكما استمتعتما باللعب معا؟".

-" هم!" (يومئ بقوة).

-" هههه..! هذا جيد! آسف على تسبيب المتاعب لك ياا...؟".

" جوليان... جوليان فون فيلدمينت، جلالتك!".

تحدث الملك لابنه حين جاءه وخاطبه بحماس، فضحك الملك قليلا بينما يربت على رأس ابنه، ثم حينما قال لجول بترقب، عرف هذا الأخير نفسه بينما يحيي الملك بنوع من الوقار.

فتح الثلاثة أعينهم بفجأة، حتى ماركوس تفاجأ لكلام ابنه. ضحك عندها غوستاف لرد فعلهم.

عندها دون أي كلمة أخرى، نظر الملك نحو ماركوس بتعبير غاضب يقول:< أنت من فعلها!>. فرد ماركوس نظرته بأخرى تقول:< صدقني، لم أفعلها!>. أدرك جول عندها بسبب دهشتهم.

' هل كلامي يبدو ككلام بالغ لهذه الدرجة؟'.

تساءل جول في فكره، لم يسبق له أن كان طفلا ولا تعامل مع واحد، لذا هو لايعلم ماللذي يجب عليه فعله في هذه الحالة، لذا تصرف عفويا.

" على أي حال، جلالة الملك! علي تعريفه للحضور لذا نستأذنك بالذهاب".

" لك الإذن!".

غادر ماركوس بينما يشير لابنه ليلحقه، لم يفهم جول مقصد والده بينما تحدث مع الملك، فتبعه بنظره مستغربة.

... * تنك، تنك، تنك*

فجأة تردد صوت ضرب ملعقة بكأس زجاجية داخل القاعة، رغم أنه صوت ضئيل إلا أن جميع من في القاعة سمعه بفضل تردد بعض الموجات السحرية.

انتبه الجميع والتفتوا نحو مصدره، نحو ماركوس الواقف أعلى الدرج، وبقربه جول الذي نظر لحشد النبلاء الغفير.

" جميع الحضور! أنا أشكركم جزيل الشكر على قبول الدعوة والحضور، في الواقع كما تعلمون هذه ليست مجرد حفلة، هو لا يعلم لأنها مفجأة، لكنها حفلة ذكرى المولد الخامسة لابني الثالث، جوليان فون فيلدمينت!!".

بعد تمهيد خفيف، قال ماركوس بحماسة والضحكة تعلو وجهه، لقد عرف الحفلة المقامة أنها على شرف ابنه جول.

لم يتمكن جول من استيعاب الأمر حتى بدأ جميع النبلاء بالتصفيق تاركين خلفهم تعليقات المباركة وإلى ذلك، فهم جول الآن مغزى الحفل، إبتسم بهدوء وهو يذكر أن هذا الشعور لم يتملك مطلقا في حياتيه السابقتين، حتى تلك الحفلات التي أقامتها الممالك على شرفه في الحياة الأولى، لم يشعر منهم حقا بصدقهم، كل مايتذكره هي ابتسماتهم المتكلفة المزيفة.

" كل عام وأنت بخير، أخي!".

-" عيد ميلاد مبارك، جول!".

-" دمت لنا بخير ، صغيري!".

فجأة سمع أصوات أفراد عائلته يباركونه، أسفل الدرج قليلا وقف ثلاثتهم - جوانا، ويليام وكاتيانا- وهنؤوه بالترتيب بينما يصفقون.

ابتسم لهم جول بدفء، لأول مرة لأكثر من خمس قرون تأثر جول، حينها لمست كتفه يد خشنة وناعمة، يد ماركوس الذي ابتسم لابنه مباركا له.

" مبارك لك بني!".

-" شكرا أبي، شكرا...شكرا لكم جميعا!" (بابتسامة متأثرة).

-" ههه... هيا! لا تتصرف هكذا!، حسنا، بما أنها حفلتك عليك أن تشكر الحضور! إليك الكلمة!".

-" هم ". (يومئ).

" سيداتي وسادتي! جميع الحضور من مختلف الأجناس والأعمار!... وجلالة الملك!... أنا 'جوليان فون فيلدمينت' -الإبن الثالث للدوق فيلدمينت!، الكلمات تعجز عن شكركم بما يفي حقكم، قسمتكم من وقتكم وتمضيته في ذكرى ميلادي الخامسة ليعتبر شرفا كبيرا لي، نيابة عن كامل عائلتي، فإني أشكركم أيما شكر!".

صمت...

صمت تام، هذه العبارة الوحيدة لوصف القاعة المكتضة حاليا بعد مقدمة جول.

حرفيا...لم يصدر أي صوت ولا حركة.

من كانوا يصفقون ...تجمدوا.

من كانوا يشاهدون ...أعينهم ستنقلع.

*' هل يمكن لطفل في الخامسة التكلم هكذا؟؟!'.

كان السؤال الوحيد الذي تبادر إلى أذهانهم.

لم يستثنى أحد، لا ماركوس لا كاتيانا، لا ويليام، لا جوانا، لا الملك، ولا حتى ساحر البلاط. الجميع دون استثناء إندهشوا لمدى قدرة جول.

' جديا؟ علي أن أغلق فمي!'

فكر جول.

ألا يملك أي من هؤلاء النبلاء إبنا عبقريا؟.

"ههه...! لابأس بني! دعنا ننزل! علينا التحضير للعشاء!".

-" أمرك أبي!".

! ! !

لكن مباشرة في تلك اللحظة التي إستدار بها والده لينزل وتبعه جول، تغيرت تعابير هذا الأخير جذريا وهو يقرأ تلك الإشعارات الحمراء أمام عينيه.

تحذير!

تم اكتشاف وجود ينذر بالخطر على المستخدم.

!!!

لون النافذة الأحمر أخبر فقط عن خطرها وأهميتها.

تحذير!

تم اكتشاف نية قتل ضخمة موجهة نحو الهدف المكنى 'ماركوس'

!!!

تحذير!

توجد طاقة مشؤومة وسلبية مطبقة داخل القاعة.

ينصح المستخدم بمغادرة المكان.

!!!

كفيضان جارف، ظهرت تلك النوافذ الحمراء المنذرة بالخطر أمام وجه جول.

لم يتمكن حتى من قراءتها بتمعن ليفهم مقصدها، كل ما أدركه كان أنهم في خطر.

عندما ظهرت النافذة الأخيرة... شعر جول بضغط خفي فوقه، صارت تحركات جميع من في القاعة صعبة، لكن لم يشعروا بالضغط ولا أي شيء غريب آخر.

حين صارت نظرات جول واضحة...رآه!.

رأى ذلك الشيء الأسود اللماع يتحرك في اتجاههم.

صارت الحركة بطيئة...

كل شيء كان في منظوره...

" أبيي...إحذررر...!!!".

بخطوات ثقيلة نوعا ما، ركض جول نحو والده المقابل له بظهره.

شعر جول أن تلك الفترة كانت دهرا وهي تمر.

أحس أن الأرض زادت جاذبيتها.

' لا...! لا يمكن أن أفشل...! ليس بعد أن حضيت بعائلة سأفقدها مجددا...! لا..! لن أفشل...!!!'

بينما العالم يسير ببطئ شديد وجول يصر على أسنانه، قفز بقوة بينما يحث نفسه.

كانت حركة ماركوس بطيئة وهو يدور بدهشة نحو ولده حين صرخ، لم يتمكن من استيعاب شيء وهو يراه يقفز أمامه.

قفز جول أمام صدر والده متلقيا... .

متلقيا تلك الضربة القاتلة...

أهو حظ؟ ربما صدفة؟ وربما أمر مدبر؟.

إخترق سهم أسود كتف جول بقوة...

عادت الحركة إلى سرعتها الطبيعية.

قذف جول بقوة الضربة على والده.

بينما نظرات البقية ماتزال متجمدة، أمسك ماركوس بجول من كتفيه كحركة لا إرادية،

لكن قوة الضربة أفقدته توازنه وكاد يقذف مع ابنه، لكن الأمر توقف بسقوطه جالسا.

" م-م...مذا؟!".

لم يدرك ماركوس الأمر، ولم يفعله أي أحد آخر.

" جول... ج-جول؟ ج-جوليان! ... جول!...جول بني! جوول!".

حين اتضحت ماهية المشهد أمامه، صرخ ماركوس بقوة على ذلك الجسم الصغير ذو التعابير الغير واضحة، سقطا في حجره والشيء المغروس في كتفه

لم يفكر أن جول تعرض لضربة سهم، كل مافكر فيه أن ابنه ليس على مايرام.

" ج-جول؟...جول؟...جول...جوليان! جول! جوول!!".

صرخت كاتيانا -التي كانت أسفل الدرج- حين أدركت أن ابنها ضحية، بسرعة صعدت الدرج لاتكاد تقوى على ذلك. خلفها ركض ويليام وسبق والدته نحو الأعلى ( نحو جول) في حين عجزت جوانا عن الإسراع بسبب فستانها.

" جووول!"

-" جوليان صغيري!".

-" جول!...جول!".

-" أخي! جوليان".

صرخ الجميع حين وصلوا له، كاتيانا جثت على ركبتيها وراحت تتفحص وجهه وتصرخ عليه.

-" يا إلاهي! هناك سهم على كتفه!!".

-" اللعنة! من الذي يجرؤ على مهاجمة ابني؟ أظهر نفسك إن كنت رجلا!".

لعن ماركوس قبل أن يقف ويصخ على الحضور في القاعة، إستخدم زخمه كأقوى رجل في مملكته ليوصل رسالته.

" ياللهول! أتقول أن ابن الدوق تعرض لهجوم؟"

" هاذا مستحيل أن يهاجم أقوى رجل في مملكتنا في بيته!".

" لكنك سمعت ماقاله، إذا لم يتمكن من التنبؤ بالهجوم، إذا هو لايمكنه مجابهته".

"هذا يعني أننا لسنا في أمان! لننجو بحياتنا!".

" لنهرب!! أين الحراس بحق الجحيم؟".

" أسرعوا!...*صراخ*".

*صرااخ...*

فهم البعض ما حصل، وباستنتاجاتهم وصلوا إلى أنهم ليسوا في أمان، تغير الوضع فجأة داخل القاعة من هدوء إلى ضوضاء.

تعالت أصوات صرخات النساء وصار الجميع يركض بحثا عن النجاة.

" جبناء!! من فعلها؟ أظهر نفسك!".

صرخ ماركوس مجددا.

من بعيد كانت أسرة الملك قد تجمعت، حين ظهر مجموعة من الحراس وأحاطوهم مستعدين لأي شيء، فأخرجوهم والملك رافض لهذه الفكرة، أراد البقاء بجانب صديقه لكن الساحر بمساعدة الحراس أخرجوهم بالقوة.

في لحضة صارت القاعة خالية.

" عااااه...! أيها الجبناء! من هاجم ابني؟ أظهر نفسك-".

صرخ ماركوس بعدما اعتراه الغضب.

لكن فجأة أمامه...إعترضته يد صغيرة.

وقف جول بصعوبة والدم يتقاطر من كتفه المصاب. لقد زينت قطرات العرق الكبيرة وجهه.

ضمت كاتيانا يديها فوق فمها والدموع كالشلال تنهمر من عينيها.

" جول!".

" أخي~~".

نادى ويليام بمحاولة تهدئة جول ليجلس، في حين تكلمت جوانا بشهيق بكائها دون حيلة.

" جول! بني! عليك أن تجلس لنستدعي لك المعالج! بسرعة-".

-" لا...لاتقلق...هاه...أبي! أنا...هااه هااه... بخير!".

-" جول!-".

تنفس جول بصعوبة بينما أظهر ابتسامة مطمئنة، لم تكن ابتسامة تلائم الموقف إطلاقا. حين كاد ماركوس يعود لنصح ابنه، فاجأة ما يفعله.

بعدما نظر جول للسهم الأسود الغريب على كتفه، فعل مهارة التحليل (مهارة تمكن المستخدم من معرفة معلومات مادة مهما كانت) على السهم، لقد شعر بنوع من البرد القارص يسير على كتفه.

النوع:غرض ملعون

الأداة: سهم

الإسم: السهم الأسود الملعون

B الرتبة:

المادة المستخدمة: سم العقرب الجليدي + لعنة السم.

الوصف: سهم ملعون خاص يستخدم لردع الهدف من استخدام السحر بكل قوته، كلما حاول استخدام المانا ستضعف قوة حياته بشكل كبير، وإذا لم يتم إزالة السم في ضرف شهرين سيتجمد الهدف تماما.

اسودت تعبيرات جول، السم الملعون كان آخر شيء يتوقعه، حتى لو لم يمت المصاب به ستكون آلامه لاتطاق.

' سم ملعون؟! ذلك غير متوقع، إذا استخدمت المانا ستأخذ قوة حياتي؟ هه! دعنا نرى!'.

فكر جول ثم أظهر ابتسامة خبيثة حين أمسك السهم المنغرس حتى نصفه في كتفه.

" تمهل جول! لاتفعلها! إنتظر حتى نستدعي معالجا ليتكفل بالأمر!".

-"جووول!".

-" توقف أخي!".

صرخ الثلاثة وحاولوا إيقاف جول عندما عرفوا نيته بإخراج السهم.

تجاهل جول صرخاتهم وأمسك السهم بقوة.

*صراخ*

صرخت جوانا بقوة وجثت على ركبتيها، أغمضت عينيها الدامعتان وأغلقت أذنيها لاترغب بسماع صراخ جول. ويليام أغمض عينيه وأدار وجهه للجانب الآخر. كاتيانا أغلقت فمها بيديها لكي لايهرب منها صوت بكائها، الدموع أنهمرت على خديها بلا حسيب ولارقيب. ماركوس هو الآخر صر على أسنانه، لقد شعر أنه بدون حيلة حقا.

أمسك جول السهم بقوة وصر على أسنانه حتى شعر أنها ستتفتت.

أصدر صوت صراخ مكبوت وهو يخرج السهم. تحرك السهم ببطئ للخارج تاركا خلفه صوت كشط اللحم.

*تننننك..تنك تنك تنك*

سقط السهم على الدرج المفروش ببساط أحمر. تناثرت منه قطرات الدم وأصدر صوتا بقي صداه في القاعة الصامته.

بصوت بوف سقط جول هو الآخر جاثيا على ركبتيه. وفي نفس الوقت سالت الدماء كالشلال بقوة من الفتحة التي خلفها السهم، لقد أصاب نقطة حيوية حقا من كتف جول.

وضع يده على مكان الجرح في محاولة لأيقاف النزيف.

"جول! إصبر قليلا بني! سنستدعي معالجا!".

-" لا...هاااه-هاااه...لا تقلق...أبي!...أنا...هاااه...بخير...بخير...سأكون على مايرام... هاااه-هاااه...".

أسرع ماركوس نحو جول ليطمئن عليه، فهدأه هاذا الأخير بينما يتنفس بصعوبة.

رغم أن ماركوس لم يظهر هاذا، إلا أنه تفاجأ بقوة ابنه، لقد أزال السهم دون أي صوت، لو كان هو لما فعلها.

في الواقع جول في حياته الأولى كان يزيل السهم عنه كما يزيل الشعرة من العجين.

' المهارات...تفعيل!... مهارة الدمج...ادمج مهارة تنقية السم مع مهارة إزالة اللعنة! ".

تم تفعيل مهارة الدمج.

دمج المهارات...دمج مهارة تنقية السم ومهارة إزالة اللعنة...

وبسرعة نشط جول مهارة الدمج، كما يقول اسمها فهي مهارة تمكنه من دمج مايشاء من مهارات أو ماديات.

جار فحص المهارات...

نتائج الفحص ... إيجابية.

يمكن دمج المهارتين.

عملية الدمج جارية...

نسبة الدمج الحالية: 10%...20%...

تم الدمج...

نسبة الدمج 60%

لقد إرتفع مستوى مهارة الدمج إلى الثاني.

لقد حصلت على مهارة إزالة السم الملعون.

لأنك دمجت مهارتين مميزتين فإن المهارة الناتجة إرتفع تصنيفها إلى فريد.

نسبة التوافق بين المهارتين المدموجتين كبير.

إرتفع مستوى المهارة الفريدة إلى الثاني.

لقد حصلت على 50 نقطة ذكاء.

وكالعاصفة ظهرت تلك النوافذ أمام جول.

' المهارات...تفعيل مهارة إزالة السم الملعون!'.

تم تفعيل مهارة إزالة السم الملعون.

سيتم تنقية جسدك من الشوائب والسموم.

تنبيه:

جسد المستخدم يحتوي على سم ملعون شديد التأثير.

ستتم الآن عملية تنقيته.

مجددا فعل جول مهاراته، مهارة إزالة السم الملعون

فجأة شعر جول بشيء جارف يسير داخل جسده من الأطراف حتى الجرح الذي خلفه السهم، مكان ذلك الدم المتسرب حل دم أسود كثيف وغريب. كانت هذه الشوائب والسم الذي اختلط بدمه.

تفاجأ ماركوس من ذلك لكن لم يفعل شيئا، في داخله صوت يقول أن جول يعلم ما يفعل.

استمر سيلان ذلك الدم الملوث فترة، ثم عاد للونه الطبيعي. عندئذ ظهرت نافذة أخرى.

تمت تنقية جسد المستخدم من السموم.

نظرا لأن مستوى المهارة منخفض لم يتم إزالة تأثير السم الملعون بشكل تام.

تم إزالة تأثير سلب الحياة.

تم إزالة تأثير رادع المانا.

تم تمديد المهلة من شهرين إلى إثنى عشر شهرا.

نسبة إزالة السم: 75%

تنفس جول الصعداء وهو يقرأ النافذة، بإمكانه أن يطمئن قليلا من ناحية رادع المانا.

" شفاء!".

قال جول بصوت مسموع بينما يضع يده على مكان الجرح.

لمعت عينا ماركوس وهو يرى تلك الجزيئات الخضراء المضيئة، علم أن جول يستعمل السحر، لذا التزم الصمت.

بدأ سيلان الدم يتباطأ حتى توقف، إستعمل جول عنصر الماء لينظف الدم المتبقي على كتفه.

" صغيري!".

بقوة احتضنت كاتيانا جول حين تأكدت أن إصابته شفيت.

" إهدئي أمي! أنا يخير الآن!".

قال جول مهدئا والدته بينما ربت بهدوء على كتفها.

إقترب ويليام كذلك من جول ليطمئن عليه، لكن في الخلف بدأت جوانا تبكي بحرارة، لقد كان ذلك صادما لها.

" اللعنة! من تجرأ على مهاجمتك في بيتي؟ ".

لعن ماركوس.

" ليس أنا، بل أنت!".

-" ماذا؟".

-" أنت كنت هدفهم!".

-" !!!".

وضح جول لوالده بوجه جدي.

" لكن... كيف أصبت أنت؟".

-" لقد تلقيتها مكانك".

-" لما فعلت ذلك؟ لو تركتني لأصاب ولم تصب أنت، أصابتك تجعلني أشعر بأنني من تسببت لك بها".

-" لا تفكر هكذا يا أبي! لو كنت تركتك لتصاب...أي وجه سيكون لي لأعيش؟ أيضا... لاأريد خسارتكم...أبدا!".

-" بني...!".

" اللعنة! هلا أوقفتم هذا الكلام عن العائلة! أبي...بني...نانانا...هاذا مقرف!!".

فجأة صدر صوت غليض وساخر من الفضاء وصدى عبر القاعة.

_ _ _ _ _ _ _ -_- _ _ _ _ _ _ _

إنتهىىىى...!! وأخيرا!.

لو تعلموان كم تعبت عليه...أسبوع كامل!

هذا أطول فصل كتبته حتى الآن.

على أي حال، أشكر كل من أستمر في متابعة الرواية حتى هنا. حتى لو لم تعلق ومررت فقط هذا يعني أن الرواية نالت على استحسانك لتتابعها حتى هنا.

صحيح أن جميع الفصول السابقة مملة لكنها كانت تمهيدا لبداية الحماس، أعتذر إن كنت تأخرت عنكم، لكن لكل شخص ضروفه، خاصة أن امتحاناتي النهائية على الأبواب.

على أي حال قد أتأخر كثيرا على نشر الفصل التالي، لاأعلم ربما شهر أو أكثر حتى، لكن سأحاول المواكبة قدر المستطاع.

مجددا شكرا لكل من تابعني ودعمني حتى هذه اللحظة.

ما تعثرت ارتباكا يا حصى...

ولا جنوحا لاختصار الألف ميل...

ليس ذنبي أن دربي ما استوى...

كان ذنبي ثوب أحلامي طويل...

مارأيكم بهذه الحكمة؟ سأجعل لها زاوية في كل فصل.

لا تنسونا من دعائكم الصالح بالنجاح.( أربعون دعوة من غريب مستجابة)...لقد أكثرت الكلام (*_*)

في أمان الله.(^3^).

2020/01/26 · 853 مشاهدة · 4934 كلمة
Abir Bell
نادي الروايات - 2024