الهجوم!...

" اللعنة! هلا أوقفتم هذا الكلام عن العائلة! أبي...بني...نانانا...هاذا مقرف!!".

فجأة صدر صوت غليض وساخر من الفضاء وصدى عبر القاعة.

نظر جول نحو أحد الجدران بفراغ. عينيه صارت أكثر ظلمة ودون مشاعر.

فجأة عبر ذلك الحائط المزخرف، خرجت ثلاث كيانات لرجال ذوي قامة متوسطة.

ملابس رسمية ارتداها الشخص الذي في المنتصف والذي بدا القائد، بشعر رمادي غريب وعينان حمراوتان تنبعث منهما الشر نظر بوجه ميت.

الإثنان الآخران لم يرتديا شيئا مميزا. فقط أحدهما حمل قوسا أسود كبير على غير العادة، كان قصيرا وذو مظرة مخيفة، بدا تماما كالمجرمين.

الرجل الآخر كان ضخما ومليئا بالعضلات. ترك جسده العلوي بارزا ليظهر قوته.

لم يختلف هؤلاء الثلاثة عن أي أناس غيرهم، لكن تلك الأشياء البارزة على رؤوسهم واللون المميز في أعينهم جعلهم معروفين بشكل خاص.

"شياطين!!".

قال جول بتعبير بارد نوعا ما.

هؤلاء الضيوف الغير مرغوب فيهم، ميزهم جول من أول نظرة، القرون ذات الألوان المتباينة، العيون الحمراء الدموية الخالية من الحياة، ذلك الوجه الشرير، كان هذا ما ميزهم عن أي جنس آخر. الشياطين !!.

" هاه؟ أ-خي؟!"

قالت كاتيانا بوع من الفجأة حين ظهر الرجال الثلاثة.

في الواقع... لم تكن فجأة عادية، خلف الرعشة الخفيفة التي أظهرتها، شعر جول بخوفها.

نعم... جول شعر بنبض والدته يصير أسرع، وحتى ذبذبات المانا خاصتها صارت مضطربة.

"أخي؟".

تساءل ماركوس حين نظر لوجه زوجته المرتعب.

" إنه...أخي! كارتاس!!!.."

" مذا؟ بارتاس؟ مالذي يفعله هذا الوغد هنا؟".

-" لا أضنه خيرا!".

ضاقت عينا جول وهو يسمع كلام والدته. لم يتوقع مثل هذا التعريف. لكن بما أن الشياطين هاجمت فطبيعيا يجب أن تكون لوالدته علاقة.

" أبي! هلا شرحت!".

قال جول بوجه جاد. نظر نحوه ماركوس بوجه خال من التعابير، لكنه في عميقه متفاجئ من أن ابنه بإمكانه أظهار هذا الوجه وتحدثه بهذه الصيغة.

" لابأس! ضيفنا الواقف في الوسط يكون خالك، أخ والدتك الأكبر. أنا لم يسبق أن التقيت به، لكن بما أنه كان أكبر معارض لزواجنا أنا ووالدتك، علي معرفته بالاسم! الإثنان الآخران لاشك أنهما تابعيه".

أعاد جول نظرته الحادة نحو الثلاثة بينما يفكر حينما شرح والده.

' تربطني بالشياطين مثل هذه العلاقة؟ إن العالم صغير حقا! لم أتوقع أن ألتقيهم بهذه السرعة!'

فكر جول، قد تكون والدته من نفس نوعهم، لكنه لم يفكر بها بتلك الطريقة أبدا.

" كاتيانا! ستعودين معي!".

فجأة تحدث الرجل الواقف في المنتصف، بدا أنه في منتصف العمر، على الرغم من حقيقة عمره الكبير، لقد كان أكبر من ماركوس سنا.

" بارتاس! مالذي تهذي به بحق الجحيم؟!؟! أنت لم تقتحم بيتي فقط، بل حاولت قتل زوجي فتأذى إبني، والآن تقول لي عودي؟ أتركت أجزاءا من دماغك في الجدار الذي مررت منه!؟".

تحدثت كاتيانا بكلمات من رصاص ردا على كلام أخيها. لكن لم يظهر أي رد فعل، بدلا عنه تحدث الرجل القصير والنحيل ( المجرم).

" اللعنة عليك يا امرأة! رغم أن سيدنا تحدث بأدب لك، لكنك تهينينه؟ يبدو أن البشر غسلوا عقلك ".

-" يالها من كلمات جريئة تلك التي تخرج من فم جبناء أمثالكم! تهاجمون طفلا بتسلل، ثم تهدوننا عندما علمتم بضعفكم؟ هه! لا أضنكم تركتم أجزاءا فقط من أدمغتكم في الجدار، لقد صار الشياطين ضعفاء حقا! ".

كذلك بمنطق يشبه الرصاصة، وكلمات ضربت قلب النحيل، تحدث جول.

كتم جميع أفراد أسرتهم ضحكتهم، لم يتوقعوا هذا الرد القاطع من جول الذي تحدث واصفا الشياطين بإهانة.

" كغككك! أيها الوغد الصغير! سأريك من يكون الشياطين على حقيقتهم!".

تحدث النحيل مجددا بعدما صر على أسنانه، لقد تجرأ طفل صغير لم يرى العالم بعد على إهانة الشياطين؟ لا يغتفر!.

متحججا بذلك، إختفى النحيل فجأة من مكانه تاركا خلفه ضبابا مظلما.

مباشرة عندما اختفى فتح جول عينيه بقوة بينما ينخفض سريعا على الارض.

لم يكن تصرف جول هكذا من فراغ، لانه في تلك اللحظة ظهر ظل فجاة قرب جول ليضرب بركلة في الهواء على ارتفاع بقدر طول جول واقفا.

كان ذلك النحيل الذي اختفى من مكانه خلف خال جول، ليظهر بعد ذلك قرب جول ويضرب بركلة.

على الارض حين انخفض جول متجنبا ركلة النحيل، استدار برجليه بينما يتكا على يديه، بحركة كحركات راقصي البوب، ضرب جول بقدميه رجل النحيل المتبقية في الارض.

لم يستطع هذا الاخير مواكبة ركلة جول التي ضربت بقوة على العضلة الخلفية لساقه، فسقط جالسا الأرض، لكنه تدحرج للخلف كنوع من الحماية.

اعتدل على الارض بينما يظهر وجهه تعابير مصدومة، بعد كل شيء ان يتفادى صفل هجوم شيطان مباغت، ويرده بهجوم قوي آخر لهو أمر غير ممكن مهما فكر فيه.

" اللعنة!".

لعن النحيل حين توقف عن الإنجرار على الأرض تراجعا،

" أترى؟ لم يعد الشياطين بتلك القوة، طفل مثلي رد هجومك بسهولة!".

قال جول باستهزاء وابتسامة بينما يعتدل في وقفته، وحين رأى النحيل ابتسامة جول المستهزئة زاد غضبه كثيرا حتى ظهرت العروق على رقبته وصار وجهه أحمر.

" اللعنة عليك أيها الصغير! سأجعلك تعض أصابعك ندما على كلامك!!".

صرخ النحيل مجددا، بسرعة خاطفة تحرك من مكانه كأنه صاروخ سريع، تحرك بسرعة شديدة.

عندما رأى وجه جول يظهر تفاجؤه، اتسعت ابتسامته، لكن...

' هل هو...يبتسم؟'.

فكر النحيل وهو يرى ذلك. لم يبدو جول خائفا كما توقعه، بدلا من ذلك ارتفعت جوانب شفاهه لتظهرها...إبتسامة شدة قساوتها لايمكن حتى للشياطين إظهارها.

' اللعنة! هو مازال يسهزئ بي!'.

هو لم يفهم الموضوع، لم يدرك الأمر على حقيقته على الرغم من وضوحه. لو كان علم ماسيحدث في اللحظة التالية لم يكن ليستمر بهجومه.

" أحمق!".

همس جول بنفس الوجه القاسي. كان النحيل أمام جول بالفعل، لقد شعر بالخطر، رغم ذلك كان الأوان قد فات بالفعل، لذا أخرج خنجره من جانب خصره كمحاولة أخيرة وهاجم جول، الذي مايزال يظهر ابتسامة مخيفة.

* بووووووم*

في الجدار الذي خرج منه الشياطين، وبالتحديد في أعلاه حيث وقف الإثنان الآخران بنظرات جامدة صارت مصدومة... حدث إنفجار قوي وكبير، مع صوت الصدم على الجدار، تاركا خلفه دخانا كثيفا وغبارا ناتجا عن تحطم الجدار.

رفع الشيطانان الباقيان نظرتهما المصدومة نحو مكان الصدم.

كان الغبار يغطي المكان لذا لم يبدو شيء، لكن حينما انقشع ظهر ذلك المنظر الدموي المخيف.

في حفرة كبيرة مخلفة على الجدار، إلتصق بمنتصفها جسد غطت الدماء كل جزء منه.

ذلك الجسد كان وبوضوح الشيطان النحيل.

تعابير وجهه المدمى كانت مصدومة كأنه لم يتوقع ما حصل، ذراعه كانت ملتوية وساقه مطوية للخارج بمنظر مخيف.

ماحدث قبل قليل كان أنه عندما حاول النحيل مهجمة جول بخنجره، خرجت يد من الفراغ لتلكمه بقوة مانا عظيمة.

نعم... كانت تلك يد ماركوس، ماركوس استخدم مهارة <التعزيز الجسدي المضاعف>.

المهارة مكنته من ضخ كمية كبيرة جدا من المانا نحو كل جسده، لكنه هو استخدمها بالذات وركز كل المانا لديه في قبضته التي لكمت النحيل بكل قوة، حتى صار ماركوس يتنفس بصعوبة على إثرها.

" أحسنت بني!".

شكر ماركوس ابنه بينما يربت على رأسه.

على الرغم من قوة ماركوس الكبيرة، إلا أنه بدون مساعدة جول -الذي شتت إنتباه النحيل باستفزازه- لم يكن ليتمكن من فعلها.

لأنه وبكل بساطة... ماركوس... أضعف من النحيل.

يعتبر النحيل الأضعف بين الثلاثة، لكن رغم ذلك كان أقوى من ماركوس.

جول فحص حالاتهم جميعا، مستوياتهم...لايمكن للبشر تخيلها.

النحيل كان في المستوى 120، مقارنة بماركوس الذي مايزال في المستوى 87، فإنه يعتبر عدوا صعبا بحق.

صاحب العضلات كان في المستوى 150 .

لكن الكارثة الكبرى كانت الأخير. بمستوى يصل إلى 200، كان من الصعب إيجاد عدو بشري قوي.

قبل بداية هجوم النحيل، كان جول قد أخبر والده -الذي تفاجأ بقوة- بالفعل عن مستوياتهم عبر مهارة <التخاطر>، لذا كان على ماركوس إستغلال الفرصة التي أوجدها ابنه بأن جعل النحيل يفقد دفاعه نحو ماركوس.

بقفزة واحدة، وصل الشيطان صاحب العضلات إلى رفيقه النحيل الذي مايزال بذلك الوجه المصدوم وصار يتفحص نبضه.

تأمل خال جول نحو ماركوس بتعبير غاضب مكبوت ينتظر الخبر.

" لقد مات!".

مباشرة بوجه صريح قال صاحب العضلات دون تعبير.

' هااه؟ مات؟ بهذه الضربة البسيطة؟ كنت واثقا أن قوة أبي وحدها لن تكفي لجعله يطير للخلف قليلا، لذا قمت بضخ بعض من المانا الخاصة بي سرا إلى قبضته، لكن أن يموت بهذه السهولة...الشياطين صاروا أضعف حقا!'.

فكر جول بوجه متفاجئ، كما شرح قفد كان ناتج الهجمة بفضله أيضا. لكن لم يضن أنها كافية لجعله يموت.

بعد كل شيء، كما يذكر جول من حياته الأولى فإن الشيطان الذي بالمستوى 100 كان يعادل بقوته بشريا من المستوى 150، لكن هذا النحيل ذو المستوى120 عادلت قوته بشريا من المستوى 130 .

" همم! ماركوس! يبدو أنك مازلت ماكرا كما عهدتك!".

-" بارتاس! وأنت صرت منافقا أكثر مما عهدتك! ".

-" أيها اللعين! سأجعلك تذوق ألم الموت!".

-" تقدم لنرى من سيفعلها أولاً! ".

بعد هذا الحوار الحاد بين بارتاس وماركوس، بسرعة إختفى بارتاس من مكانه تاركا خلفه *همف* وظلا أسودا تلاشى سريعا.

ماركوس لم يواكب الأمر بعد، لذا على حين غرة ظهر الشيطان أمامه.

إلتفت جول بسرعة لوالده بوجه مصدوم، لم يدرك الأمر حتى ظهر أمام والده، كشر هذا الأخير عن أسنانه بنوع من الرعب والفجأة، حين رفع الشيطان قبضته مستعدا للكم ماركوس، فرفع هذا الأخير يديه وقطعهما أمام وجهه بغية حمايته.

لكن...

* بووووووم *

ماحدث تاليا جعل عقل جول مخدر.

لم يضرب ماركوس، ولم يحدث شيء لبارتاس، لكن ماحدث حقيقة كان...

كاتيانا!! ... هذه المرة تدخلت كاتيانا. أمام قبضة بارتاس وقفت هناك ممسكتا لها.

نظر الجميع بوجه مصدوم لها. ماركوس الذي كان مايزال يحمي وجهه نظر به بتعبير مصدوم.

تفاجأ جول من المنظر أمامه. أليست كاتيانا في المستوى 90؟ إذن كيف أوقفت لكمة بارتاس صاحب المستوى 200؟.

لكن تذكر جول أنه عندما رأى حالة والدته آخر مرة كانت بقرب المستوى علامة إستفهام، فعل المهارة مجددا وفحصها، كان ذلك صادما؛ المستوى 190 .

" بارتاس! مالذي تضن نفسك فاعله، تهاجم زوجي بنية القتل؟ أمللت من الحياة؟!".

-" هه! كاتيانا! يبدو أنك لا تفهمين الوضع، لم تعودي كما كنت سابقا، لا يمكنك هزيمتي الآن كما من قبل! إن لم تعرفي... أنا بالمستوى 200 الآن!".

-" هه! مالمميز بشأن هذا لتجعل الفوضى حوله هكذا؟ دعني أخبرك بهاذا... أنا لن أعود معك! الآن خذ صديقيك وغادر من هنا!".

-" ليس الأمر بتلك السهولة، الناب الأحمر! لقد استدعاك المجلس!!".

-" م-مذا؟ المجلس؟ كيف يمكن ذلك؟ لقد سبق واستقلت منه، لما تريدونني الآن؟".

-" دعيني أذكرك، لقد نجوت من الموت سابقا بسبب أن القائد حينها كان يعزك كثيرا، لكن هذه المرة تم إختيار قائد جديد، ولاشك أنك تعرفينه جيداً! ".

-" الناب الأسود!!".

-" صحيح، إسمعي! رغم كل شيء تظلين أختي الصغيرة، لذا إتبعيني بهدوء لعلك تنقذين حياتك!".

-" بارتاس أخي! كلامك أسعدني، لكنك تعرف الناب الأسود، لن يدع الأمر يمر مرور الكرام حتى وإن عدت معك! وقد تتأذى أنت أو عائلتي، فقط عد هناك وتظاهر بأنك وجدتني ميتة!".

-" أختي!! ألا تفهمين؟ إن هذا أمر لا يمكنني فعله، تعرفين التعهد، الحقيقة لا مفر منها!".

-" هذا يكفي أيها الناب الرمادي! أنا لن أعود! ولاتهمني الحقيقة، أخبرهم أن الناب الأحمر غير موجود، كاتيانا هي الموجودة! وليأتي بنفسه إن أرادني".

صرخت كاتيانا بقوة في الأخير. لقد دارت هذه المحادثة بينها وبين بارتاس مليئة بعبارات غامضة تاركة ماركوس وأولاده الثلاثة بعيون تكاد تخرج من محاجرها.

المجلس؟ الناب الأحمر؟ الناب الأسود؟... ماهذا بحق الجحيم؟!؟!

صارت عينا جول حادة

' يبدو أن للشياطين مسائل لا أعرفها!'.

فكر جول، مهما حاول التذكر فإنه لا يجد أي صلة بينما تحدثت به والدته وخاله وبين ما كانت عليه الأمور في الماضي.

" كاتيانا ستعودين معي! لا يمكنني المخاطرة بحياتك!".

-" إنك ترمي بنفسك وبي للتهلكة بقيامك بهذا! أنا لن أعود لذلك الجحيم! إذهب واخبر ذلك اللعين أن كاتيانا ليست دميتك لتأمرها!".

صار كلام الشقيقين حادا وصاخبا، كاتيانا ترفض الذهاب معه ولكن الخال مايزال مصرا على رأيه.

' هذا سيء!'.

{ أبي! سأستعير منك المانا!}.

-' مذا؟'.

-{ لا تقلق بشأن ذلك! بسرعة أطلق كل ماتملكه!}.

- ' ح-حسنا! '.

حين شعر جول بالشرارات تتزايد بين الشقيقين، على الفور خاطب والده عبر التخاطر.

رغم أن مستوى كاتيانا كبير، إلا أنها ماتزال ضعيفة مقارنة ببارتاس.

لذا وكتدبير وقائي طلب من والده أن يمنحه المانا، لم يفهم ماركوس طلب ابنه، لكنه نفذه دون إعتراض، والسبب الأول في ذلك أن ثقته به عمياء.

* بوووم*.

*سووووش*

فجأة تغير مشهد الحوار بين الشقيقين إلى مشهد صراع.

لكن ذلك المشهد لم يكن واضحا لأحد هناك، كل ما بدا كانت شرارات ملونة مرفوقة بصوت ضرب قوي وصوت طيران سريع.

بعد كل شيء كانت معركة بين أصحاب المستوى 190 و 200، ماركوس بعيون مندهشة كان ينظر نحو الشرارات التي تظهر وتختفي بسرعة، الشيطان الثاني بدا أنه يستطيع رؤية القتال، حيث كان يحرك وجهه من مكان لآخر بهدوء.

لكن رغم مستواه الضعيف فقد كان باستطاعة جول رؤية المعركة بسهولة كذلك. بينما وقف خلف قرب والده، كان يمتص المانا التي حررها هذا الأخير بينما يتابع المعركة بنظرة جادة.

* بووووووم *

مجددا صدر صوت اصطدام قوي خلف إنفجارا قويا في الجو. على إثر قوته طارت كاتيانا وبارتاس عدة خطوات للخلف، لكن المسافة التي طارتها كاتيانا كانت ضعف المسافة التي طارها بارتاس. هذا دل على قوته الكبيرة.

كان واضحا تماما أن كاتيانا أضعف من بارتاس.

" هذا يكفي!".

فجأة صرخ بارتاس وهو ينظر لكاتيانا بغضب، لقد استنفذ صبره بالفعل. إذا استمرا على هذا الحال فإنه لن يستطيع إعادتها معه. لذا كان عليه اللجوء لخيار آخر.

" سديم الهاوية!!".

قال بارتاس بصوت غليض تردد صداه عبر القاعة، بينما رفع يده اليمنى ووجهها نحو كاتيانا.

فتحت هذه الأخيرة عينيها بنوع من الصدمة حينما سمعت كلام أخاها.

على الرغم من كون علاقتهما بتلك القرابة، إلا أنها لايجب عليها خفض دفاعها، خاصة بما أنها لاتعلم عن المهارة أو التعويذة التي أطلقها.

لذا كتدبير وقائي، نشرت المانا خاصتها خارج جسدها وجعلتها كدرع.

في ذلك الوقت، كان بارتاس قد أكمل إلقاء تعويذته بالفعل، حيث ضباب أسود صار يحوم حول كفه بهدوء، ثم فجأة إنطلق كالصوط نحو كاتيانا بسرعة شديدة.

" إنتبهي أمي! إنه هجوم نفسي!".

صرخ جول فجأة حتى جعل كل من سمعه ينتفض.

لقد أدرك ذلك تماما وهو يرى النافذة المحذرة بشأن هجوم بارتاس.

لكن... كان الوقت قد تأخر بالفعل على كاتيانا لإعادة ضبط دفاعها، لذا كل ماكان بإمكانها فعله هو رفع يديها لتحمي وجهها بنظرة مرتعبة.

كالثعباس السام تحرك الضباب الأسود سريعا مهاجما كاتيانا.

حين وصل أمامها مباشرة ضرب رأسها وتسرب داخله حتى جعلها تنتفض

*آاااااااه-آاااااااااه، عاااااه*!!!

فجأة صدى صوت الصراخ في القاعة، ذلك الصراخ لم يكن كأي صراخ عادي. ما حمله من ألم سيجعل أقصى القلوب تقشعر.

كان هذا صوت صراخ كاتيانا... تلك المرأة الهادئة والأنيقة، صارت تصرخ وهي تمسك برأسها بقوة وتنفضه. بدت الآن كالمجانين تماما.

"كاتيانا!!!".

صرخ ماركوس فجأة وبقوة وهو يرى حال زوجته. بسرعة طار بقربها على أمل مساعدتها، لكن...

* بوووم*.

صوت صدم قوي تردد داخل القاعة. كان ماركوس قد قذف عدة أمتار للخلف.

ماحدث هو أنه عندما حاول لمس كاتيانا ظهر شيء شفاف غريب قذفه للخلف، كان الدرع الذي فعلته كاتيانا قبل أن تصير حالتها هكذا.

" كاتيانا! مالأمر؟! عزيزتي إهدئي!!".

صرخ ماركوس مجددا وهو يقترب منها، لكن حدث ما حدث سابقا، قذف من جديد وعلى مسافة أكبر.

" كاتيانا!!".

-" لا فائدة! لايمكنها سماعك! < سديم الهاوية> تعويذة تربط الروح، وبفضلها سأكون قادرا على غسل دماغها!".

-" مالذي فعلته أيها الوغد؟! أوقف هذا! أعد لي زوجتي!".

* بوووم *

مجددا قذف ماركوس للخلف، هذه المرة ركض نحو بارتاس الذي شرح الأمر بوجه بارد. لكن عندما حاول مهاجمته سعق فجأة وضرب على جدار قريب كما ضرب النحيل قبلا، لكن حالته لم تكن بذلك السوء.

" *سعال*...أ-أيها اللعين!...سأقتلك! * سعال*!".

سعل ماركوس الدماء بينما تحدث بصعوبة.

لكن رد فعل بارتاس كان أنه نظر نحوه بازدراء فحسب، بدا تماما أنه يهين ماركوس بنظرة تقول : < ضعيف مثلك لن يتمكن حتى من لمس شعرة مني>.

سعل ماركوس مرة أخرى بينما مايزال ملتصقا على الجدار. في حين استمر صوت صراخ كاتيانا المتألم.

سار بارتاس بثبات نحو كاتيانا، عندما وصل أمامها وهي ماتزال تصرخ توقف، نظر لأخته الصغيرة بعيون باردة، لم يبدو حقا أنها تقربه بأي صلة.

عندما توقف أمامها نظرت نحوه بوجه مزري حقا؛ شعرها المرتب الجميل صار عكس ذلك، عيناها الهادئتان صارتا كعيني المجانين تماما، كل أناقتها وجماله ذهب مع الرياح الآن. كان من غير الممكن معرفة مقدار الألم الذي تمر به هذه المسكينة.

عندما توقف بارتاس أمامها نظرت نحوه دون تمييز. على الفور تركت خلفها زئيرا مخيفا وقفزت نحوه بأظافرها مستهدفة وجهه، بدت كالزومبي الآن.

لكن هجمتها السريعة هذه تجنبها بارتاس بكل سهولة. ومجددا أعادت هجمتها واستمرت في فعل ذلك بينما بارتاس يستمر بتجنبها.

وعند آخر هجمة جمعت قوة أكبر وهاجمت، لكن هذه المرة رد بارتاس الهجمة بلكمة قوية على معدتها جعلتها تطير عدة أمتار لتسقط على ظهرها.

وقفت بينما أظهر وجهها غضبا، حتى عيناها صارتا كعينا الوحوش بدون ضوء أو حياة، قفزت مجددا لتهاجم بقوة، لكن بسهولة وبراعة كبيرة تجنبها بارتاس كما القصب، فتحرك إلى جانبها، وبينما هي ماتزال معلقة في الهواء، بجانب كفه ضربها على رقبتها، تلك الضربة كانت في منطقة حيوية وحملت كما من المانا.

بعد أنين صغير، فقدت كاتيانا توحشها ووعيها وأغمي عليها، وبينما هي تتهاوى نحو الأرض أمسكها بارتاس على معدتها.

" زاغان! إحملها! سوف نعود إلى المجلس!".

أمر بارتاس بينما يشير للشيطان المتبقي، فتقدم هذا الأخير وسار بهدوء.

" كما تأمر سيدي!".

إستجاب المدعو زاغان بهدوء، ومد يده ليحمل كاتيانا.

أثناء ذلك كان بارتاس يتفحص البقية؛ جوانا كان مغمى عليها، لفتاة ماتزال في العاشرة فإن أحداث اليوم كانت كابوسا واقعيا.

ويليام سقط هناك على ركبتيه بينما الدموع تنهمر على وجهه المصدوم.

ماركوس ظل على ذلك الجدار بينما يقاوم بكل قوته، سعل الدماء بلا توقف كلما قاوم وصرخ باستمرار باسم كاتيانا.

نظر بارتاس ببرود نحوهم. بالتأكيد الأمر كان صادما لهم، بالتأكيد نفسيتهم ستتظرر كثيرا. خاصتا إن كانوا أطفالا صغارا.

' ذلك الطفل...لقد تمكن من عرقلة النحيل، وحتى أنه علم أن التعويذة كانت هجوما نفسيا!...'.

فكر بارتاس بجول، لقد أثار دهشته حقا، أن كيف يمكن لطفل بشري عرقلة النحيل واكتشاف نوع التعويذة.

'!!! لحظة! أ-أين هو؟! لا يعقل أنه هرب صحيح؟!! '.

ثم كالصاعقة التي ضربت رأسه، تذكر بارتاس أنه لم يرى جول بين باقي عائلته، كان الهرب أوب ما فكر فيه، لكن رغم ذلك كيف يمكن لطفل في الخامسة الهرب بسهولة دون أن ينتبه له؟... وأيضا ألم يضحي بنفسه لأجل والده قبل قليل؟ لماذا سيهرب الآن؟...

تدفقت الأسئلة في رأس بارتاس كانهيار جليدي عندما تذكر جول.

*سووووش... بوووف!...*.

قبل أن يتقدم زاغان لحمل كاتيانا، صدر صوت غريب ولكنه مألوف في أذني بارتاس.

قبل أن يعلم ماكان، سقط فجأة ذلك الشيء القبيح بجانبه.

' لما لم يحمل زاغان كاتيانا بعد؟'.

بينما يدير رأسه ليعلم مصدر الصوت، فكر بارتاس فجأة بزاغان.

يمكنها أن تكون مصادفة بالفعل، عن كيف أن الأمران متصلان بهذه الطريقة...

خفض رأسه نحو الأرض.

'مالذي يفعله زاغان؟ لما ترك رأسه في الأرض هكذا؟...'.

فكر بارتاس بطريقة غير منطقية وهو يرى رأس خادمه على الأرض بتعبيره الهادئ.

ما سقط على الأرض كانت رأس زاغان، إستمرت الدماء في السيلان منها دون توقف. بينما مايزال بارتاس عالقا في أفكاره.

* بووووووم *.

صوت السقوط هذه المرة كان لجسده. جسد عضلي ضخم، زين لون الدماء الأحمر أعلاه.

" ه-هيه؟... ز-زاغان؟... رأ-رأسك...وجسدك... لما...هما...منفصلان؟!".

بوجه متجمد عليه ابتسامة غير مصدقة، قال بارتاس.

" ز-زاغاان!!... اللعنة! أيها الحقير الجبان! أتجرؤ على اغتياله؟ أظهر نفسك!!".

صرخ بارتاس فجأة بقوة حين أدرك الوضع. الآن...كان زاغان ميتا بالفعل، رأسه مفصولة عن جسده بطريقة أنيقة ونظيفة. ( بديت أحس نفسي مخبولة =_=)

" يا لها من جرأة! أن تنعت الناس بالجبناء وتنسى أنك من كنت جبانا حين هاجمت أولا!".

فجأة صدر صوت من الفراغ، لم يكن من الممكن تمييزه، نظرا لأنه تردد في أنحاء القاعة.

-" م-مذا؟ ".

لم يجد بارتاس مايقول. هذا صحيح! لقد كانوا هم أول من هاجم بخفاء، لن يكون من المفاجئ إذن دعوتهم بالجبناء.

" اللعنة!".

لعن بارتاس، ثم شد قبضته، ليبدأ بعدها تشكل ضباب أسود خفيف حوله؛ لقد كان يستخدم عنصر الظلام.

كاتيانا كانت ماتزال فوق يده، لذا استعد لوضعها على الأرض، لكن مباشرة قبل أن يفعل ذلك أتته لكمة على صدره جعلته ينجر على الأرض عشرة أمتار تقريبا، وكرد فعل طبيعي وضع قبضته أمام وجهه لحمايته، بينما وضع الثانية على مكان الضربة.

حين أبعد يده من أمامه رأى منظرا لا يستطيع تفسيره.

كانت كاتيانا مستلقية على ظهرها، رأسها كان مسنودا بفضل جول. وضع هذا الأخير يده على رسغ والدته ليتفحص نبضها.

فحص جول بتعابير مبهمة والدته لفترة، حيث في المرة التالية رفع كفه قليلا فوق رأسها ليتفح المانا خاصتها، ثم فجأة -وهو على تلك الحال- ظهرت جزيئات خضراء قليلة وطفت أمام كف جول لتتسرب بعدها داخل رأس كاتيانا. بعد أن كان وجهها يظهر تعابير غير مرتاحة، هدأ وأظهر إطمئنانا حينما استخدم جول السحر عليها.

حين اطمأن على والدته، وقف جول بهدوء وبنفس التعابير. رفع كفه نحو والده الذي مايزال على الجدار والذي همس باسم ولده متعبا.

ظهرت تلك الجزيئات الخضراء مجددا على كف جول، لتنطلق بعدها بقوة نحو ماركوس، غطت كامل جسده لفترة.

خلالها استخدم جول السحر مجددا ليرفع والدته ويجعلها تطير في الهواء.

طفت كاتيانا أمام جول الذي سار بهدوء نحو مكان أخويه، في ذلك الوقت كان ماركوس يركض نحوهم بالفعل، لم يبدو كما كان سابقا، بل بدا حيويا ومعالجا تماما، كانت هذه نتيجة تعويذة الشفاء التي استعملها جول.

" كاتيانا!! كيف حالها؟ هل ستكون بخير؟ مالذي فعله هذا الوغد لها؟!".

على الفور طرح ماركوس الأسئلة حين وضع جول كاتيانا بهدوء على الأرض قرب ويليام وجوانا.

جلس ماركوس بقربها وأمسكها وصار يتفحصا ويحاول إيقاضها.

" لاتقلق! حياتها ليست في خطر وستستيقض قريبا. ".

-" الشكر لك يا الله! عزيزتي! إفتحي عينيك الآن!".

بعدما شرح جول وضعها، تنهد ماركوس بابتسامة وعاد يحاول إيقاض زوجته.

" جول؟!".

سأل ماركوس وهو يرى ولده يقف بهدوء.

-" أبي! لقد قمت بشفائك تقريبا، لكنك لاتزال لم تستعد المانا التي اقترضتها منك، ويليام مايزال في حالة صدمة، حاول تهدئته، جوانا مغمى عليها فحسب، إنتبه لأن لا تؤذي نفسيتها حين تستيقض!".

-" فهمت!، لكن أين تذهب؟".

-" هناك أمر علي الإهتمام به! يبدو أن هذا الشيطان قد طبق تعويذة ما جعلها على الحال التي هي عليها الآن، لذا إهتم بها جيدا!... الدرع!!".

بعدما تحدث جول بهدوء، إبتعد قليلا عن عائلته تاركا والده في حيرة، ثم على بعد أمتار، رفع كفه عاليا قليلا فوق مكانهم وقال بوضوح. ليبدأ فجأة شيء زجاجي اللون يتشكل فوقهم.

نظر له ماركوس بحيرة وهو يتشكل حتى غطاهم جميعا - عدا جول- على هيئة قبة، كانت تعويذة حماية كما دل اسمها.

" ج-جول! عد إلى هنا! أين تذهب؟ بارتاس ليس عدوا تسهل مجابهته!".

على الفور وقف ماركوس اندفع نحو جدار الذرع، لأنه لم يستطع تجاوزه صار يضربه بقوة وينادي جول بعدما فهم نيته.

" أبي، يوجد مثل صيني يقول < للتنين حراشف لا يجب على أحد لمسها، وإن فعل أحد... سيموت!!!>... وهذا الوغد الذي يدعو نفسه خالي، لم يلمسها فقط، إنما ارتكب محرمة عظمى، لذا..".

تحدث جول بصوت غليض قليلا وظهره مقابل لوالده، ثم بينما هو يقول آخر كلمة، إستدار له.

إقشعر بدن ماركوس وشعر بقطرات عرق بارد تنزل على عموده الفقري، لقد ارتفع رعبه كثيرا وهو يرى تعبير جول المرعب.

"... سيموت!!!".

بابتسامة مرعبة، عينان متسعتان مظلمتان وبؤبؤ ضيق، هالة شريرة وشديدة تحيطه...قال جول.

تلك الكلمة جعلت ماركوس يسقط على ركبتيه مرتعشا.

لم يمكنه تخيل وضع بارتاس بعدها.

一 一 一^。^ 一 一 一

إنتهى الفصل، آمل أن يكون حماسيا كما أردت.

وأيضا...لابأس بتعليق محفز قليلا :(

2020/01/30 · 748 مشاهدة · 3611 كلمة
Abir Bell
نادي الروايات - 2024