انطلقوا وراء دينا حتى رؤاها تدخل بيت، فدخلوا ووجودها تبحث بكل الغرف وهي تصرخ امي .. امي .. امي، حتى جلست على ركبتيها في الأرض وهي تبكي بحرقة، فنزلت نيهان اليها وقالت: (( لماذا اخذوا والدتك قد نستطيع مساعدتك )) .

فنظرت دينا إلى نيهان، وكانت دموعها تنهمر بشده، فقامت نيهان باحتضانها لكي تهدى، بعد ان هدأت قليلاً، ومسحت دموعها، قالت: (( قاموا بأخذ امي وجعلها عبدة. وذلك لأننا لم ندفع تامين الحياة والمعيشة )) .

فقالت لها نيهان: (( وما هذا التامين الذي يجب عليكم دفعة؟! )) .

ـــ انه نضام ندفع به العملات النقدية للشرفاء ليبقوا على حياتنا ويسمحوا لنا العيش في بيوتنا )) .

غضبت نيهان واصدقائها من الذي يسمعونه، ثم قالت نيهان لدينا: (( كيف تقبلون هذه الحماقة! )) .

ـــ لا خيار لدينا يا نيهان، فنحن ضعفاء ولا أحد يهتم بحياتنا، وهم يستخدمون الأسلحة لتخويفنا )) .

تقدم زين إلى دينا، ووضع ايديه على اكتافها، ثم قال: (( لا تخافي. سنعيد أمك اليك. لكن هل تعرفين اين قد يكون مكانها؟ )) .

ـــ اشكرك يا زين. الذي اعرفه انهم في القلعة اعلى الجبل هم يسكنون هناك ولديهم سجن خاص للعبيد )) .

بعد انتهى من كلامه نظر إلى نيهان وراين، ثم قال: (( هل تريدان مساعدة دينا معي؟ )) . وافق الاثنان على مساعدة زين بعد ان فكروا قليلاً بالمخاطر التي قد يقعوا بها، كان زين غارق في التفكير بخطة لتحرير ام دينا، وضمان الإطاحة بهؤلاء المسمون بالشرفاء، لكيلا يعودوا ويأخذون الناس عبيد لهم، اثناء تفكيره طلب من نيهان ان يقوموا بتفقد الجبل الذين يقطنون فيه الشرفاء، لكي يستطيعوا عمل خطة متقنة، فوافقت وركبوا المايسوس حتى نزلوا فوق الجبل، وكان مكان قريب من الشرفاء، عندما اقتربوا اكثر راو جنود يدخلون نساء ورجال وأطفال مكبلين بالسلاسل الى باب امام القلعة، وكان الباب يؤدي الى الأسفل تحت الأرض , فتكلم زين وقال: (( يبدوا انهو هذا السجن الذي يدخلون العبيد اليه! . يا للقساوة والجشع لكي يعامل الانسان بهذه الطريقة المهينة )) .

اعجبت نيهان بما قاله زين، ثم ردت عليه وقالت: (( انت محق. الشجع يجعل الشخص عبداً له. لا يرى في عينية غير المال. لكن هناك الكثير من الجنود لا يبدون أقوياء لكن يفوقونا عدداً، قد يقتلون الذين في السجن ان تقدمنا إليهم بتهور )) .

كانت نيهان محقة فيما قالته، وقد كان زين يدرك هذا جيداً، بمستوى زين ونيهان وراين حالياً ينطبق عليهم المثل الذي يقول " الكثرة تغلب الشجاعة " ، عندما زين كان يراقب الجنود لاحظ اختلاف ملامحهم والوانهم عن اهل الجزيرة، فعندما نزل ميناء الجزيرة كانت صفات أهلها متشابهة باللون والملامح قليلاً، فخمن انهم قد يكونوا مجرد مرتزقة، لا يملكون الولاء، واثناء ذلك دخلت فكرة من احد المواقف التي كان يشاهدها في عالمة، فنظر إلى نيهان وراين وقال: (( لدي خطة قد لا تنجح، لكن يبدوا انهُ ليس لدينا غيرها )) .


فنظرت اليه نيهان وقالت: (( ماهي خطتك؟ )) , كان زين رغم شكوكه حول نجاح الخطة, لكن كان يريد تجربتها, فالتجربة افضل من عدم فعل شيء فقال: (( اغواء الشرفاء وجنودهم, وجعلهم يبتعدون عن هذا المكان بدون المخاطرة بحياة الأبرياء )) , استغربت نيهان من كلامه وتقول في داخلها " ما هذه الخطة التي لا يكون فيها مخاطر عند الدخول إلى مكان العدو " , رغم عدم منطقية ما يقول زين, قالت له نيهان: (( وكيف ذلك يا زين!, لقد قلتها بنفسك هؤلاء الأشخاص عديمو الإنسانية, واذا لاحظوا ما نقوم به, لا شيء سيردعهم من اذية الناس المحتجزين في سبيل تخويفنا )) .

ـــ سأشرح لك يا نيهان .. في عالمي عندما نريد الإطاحة بحاكم ما, يخرج العامة كلهم الى الشارع حتى تتوتر الأوضاع ويفقد السيطرة على زمام الأمور, ولا يستطيع أي حاكم المساس بالعامة لان العواقب تكون وخيمة )) .

ـــ حسناً لا اعلم عن عالمك يا زين لكن! . هنا قد يقتلوهم إذا رأوهم يعارضون اسيادهم )) .

ـــ لا يستطيعون ذلك يا نيهان )) .

ـــ كيف تكون متأكد من ذلك يا زين )) .

ـــ العامة يعتبروا هم مصدر النقود بالنسبة لهؤلاء اللصوص المسمون بالشرفاء ان خاطروا وقاموا بأذيتهم فسيفقدون ثروتهم وهذا ما يكرهه الشجعاء أمثال هؤلاء )) .

ـــ يبدوا كلامك محقاً لكن. لسنا متأكدين من ماذا سيفعلونه هؤلاء الأشخاص )) .

ـــ مع ذلك يجب علينا تنفيذ هذه الخطة والمخاطرة، لان اهل الجزيرة لن يستطيعوا العيش تحت جحيم هؤلاء الشرفاء الجشعون )) .

وافقت نيهان وراين على خطة زين ومساعدته، نزلوا من الجبل مباشرة بعد ان انتهوا من نقاشهم، عندما نزلوا طلبوا من دينا ان تجمعهم بالناس الذي يستطيعون تحريك العامة، فاستجابت لطلبهم وجمعت كبار الجزيرة وتحدثوا إليهم فوافقوا على طلبهم وانتظروا ليبدؤوا الخطة في المساء. جاء المساء وخرج العامة كلهم من بيوتهم وتجمعوا متجهين الى فوق الجبل ببطء وكانت اعدادهم كبيرة، راءهم أحد جنود الشرفاء الذي يحرسون مقدمة الجبل، وتوجه مباشرة ليحذرهم، فركض الى قلعة الشرفاء اعلى الجبل وهو يصرخ سيدي ... سيدي ... سيدي، عندما دخل القلعة توجه إلى الصالة التي يجلسون بها الشرفاء، سمع صراخه قائد الشرفاء، فقال له: (( ماذا بك أيها الجندي تصرخ كالدجاجة )) .

ـــ اعتذر سيدي ان ازعجتك. لكن ان العامة يجتمعون بأعداد كبيرة متجهين الى الجبل )) .

ـــ العامة الملاعين. هل يريدون تحدي اسيادهم!؟ )) .

امر قائد الشرفاء بتوجه الجنود الى امام الجبل ليمنعوا العامة من الصعود الية, ونبههم بعدم إيذاء العامة لكي لا يفقدوا مالهم وامر ببقاء بعض الافراد ليحموا سجن القلعة, بالفعل وقعوا بالفخ واتجه الجنود الى حماية مقدمة الجبل, وذهب الشرفاء معا الجنود ينظرون ما لذي سيفعله العامة, تقدمت نيهان وراين نحو الجنود الذي يحمون السجن, ولم يكونوا الجنود أقوياء فأطاحوا بهم وكان زين خلفهم لأنه لا يملك القوى التي عند نيهان وراين, حرروا العامة المسجونين وطلبوا منهم النزول من الطريق الذي حفروه العامة سراً قديماً ليستخدموه لمقاتلة الشرفاء, ولكن عندما انتهوا من حفره, مات قائد الحركة ولم يستجرا أحد على القيادة من بعدة , وبعد ان نزلوا كل العامة , قال زين لنيهان وراين: (( يجب الان تدمير مركز قوتهم )).


فردت نيهان على كلامه وقالت: (( هل تقصد تدمير قلعتهم؟ )) .

ـــ نعم. اتمنى لو كان عندي بارود ونار لكنت فجرته في لحظات )) .

استغربت نيهان من كلامه. ثم قالت: (( أستطيع ان أحل امر النار ما هو البارود؟ )) .

ـــ لا أضن انني ساجده هنا يا نيهان. لكن يكفيني النار لأحرق قلعتهم، أنتم من ارض الهواء هل تستطيعون اخراج الهواء من جسدكم او شيء من هذا القبيل ؟! )) .

ـــ نستطيع اخراجه والتحكم به ايضاً )) .

ـــ جميل. سأجمع بعض الورق لتكون الشرارة )) .

قام راين ونيهان بمساعدة زين وجمعوا ورق الشجر وقطع خشب وزعوها بداخل القلعة، اضافة لقد وجد زين بعض الزيت الذي يستخدموه لشواء المخلوقات الكبيرة التي يقومون بصيدها من البحر وقام برشة على كامل القلعة والسجن، ، قال زين بعد ان اكملوا جمع ورق الشجر وبعض الخشب : (( حسناً فتلبداي يا نيهان بإشعال النار )) .

التفتت نيهان الى راينر, ثم قالت: (( قم بعملك )) , استغرب زين من ردة فعلها, لكن راين تقدم قليلاً ووقف بوضعيه محدده حتى خرج النار من يديه فتفاجئ زين وقال: (( وجه النار للزيت حول القلعة )) , فقام بذلك فاشتعلت القلعة, ثم امر نيهان ان تخرج هواء قليل نحو النار المشتعل لكي تسرع من الاشتعال وتزيد الكميه, فبينما الجنود على ظنهم انهم يحمون الجبل فاذا بالقلعة تحترق وكانت كنوزهم كلها في القلعة ولم يعرفوا ان زين قد اخذ كنوزهم وجعلها مع العامة الذين نزلوا من الجبل, بينما الشرفاء ينظرون للقلعة وهي تحترق جلسوا على ركبهم من الصدمة وكانوا يبكون بحسره.

عندما راو الجنود ان الشرفاء فقدو كنوزهم تركوا اسلحتهم وتركوهم ليذهبوا للعثور على سيد اخر، لأنهم ليسوا الا مرتزقة مستأجرون ليحموا الشرفاء، بعد ان راو العامة ان الجنود لم يعودوا يحمون الشرفاء هجموا على الشرفاء وانهالوا عليهم بالضرب وسجنوهم، ذهبت دينا لتبحث عن امها فكانت تبحث وهي خائفة حتى وجدتها ففرحت فقفزت لتحضنها وهي تقول: (( امي الحبيبة، امي الحبيبة )) ، وكانوا زين ورفاقه متجهون نحوهم، بينما هم فرحون للقاء بعضهم قالت ام لمياء وهي تبتسم: (( اين كنتي يا ابنتي لدي خبر سار اليك )) .

قامت دينا من حضن أمها ونظرت اليها وقالت: (( ما هو يا امي )) .

ـــ لقد اتت رسالة من والدك المختفي منذ اعوام تقول انه بخير ويعيش في مدينة "بارا ديسا " وسياتي للقائنا في أقرب وقت )) .

لم تصدق دنيا ما تسمعه من أمها، فقالت وصوتها خافت: (( هل هل.. هل انتي متأكدة يا امي )) .

ـــ نعم يا ابنتي. انا اعرف خط والدك لذلك انا متأكدة )) .

لم تتمالك دينا نفسها وخرجت دموعها من الفرح، كان اليوم أفضل يوم بالنسبة لها، مسحت دموعها ونظرت إلى أمها وقالت: (( لن انتظره سأذهب للبحث عنه لعلي اجده يا امي )) ، رفضت الام ذهاب دينا، لاكن بعد ان ألحت دينا عليها قالت: (( قد يكون خطراً عليك الخروج من الجزيرة يا ابنتي )) .

ـــ لابأس يامي استطيع تدبر اموري )) .

بعد ان رات نيهان إصرار دينا على الذهاب، تقدمت وقال لدينا: (( فلنذهب معاً. نحن متجهون ايضاً لهاذة المدينة)) .

قبلت دينا عرض نيهان بكل سرور وكان موعد الانطلاق صباح اليوم التالي، اتى الصباح فانطلقوا وهم يودعون العامة في الجزيرة وكانوا كالأبطال بالنسبة لهم، وبينما يطيرون متجهون الى المدينة نظر زين الى نيهان بتعجب وقال: (( هل يستطيع اناس ارض الهواء اخراج النار ايضاً؟ )) ، نظرت اليه نيهان، ثم قالت: (( اراك تفكر بالأمر منذ كنا بالجزيرة يا فضولي. في الحقيقة لا نستطيع الا اخراج الهواء فقط )) .

ـــ اذاً لماذا راينر يستطيع اخراج النار )) .

ـــ راينر ليس من ارض الهواء انما من ارض النار، لا داعي ان تسال أكثر من ذلك )) .

صمت زين وقد كان يعلم انه هناك شيء خاص لا تريده نيهان ان يعرفه بخصوص راين، أكملوا طريقهم ولم يسال زين نيهان أي شيء حول الموضوع بعد كلامها ...|

شخصيات الفصل:4

1ـ دينا

2 ـ ام دينا

3 ـ الشرفاء " أناس يحكمون جزيرة دينا بالقوة ويأخذون ضرائب منهم "

4 ـ جنود الشرفاء " مرتزقة يعملون لأجل المال ولا يحملون ولاء لاحد "

5 ـ كبار الجزيرة " مجموعة من الأشخاص لهم منزله عند أناس الجزيرة ويكون كلامهم قانون بالنسبة لهم "

6 ـ زين

7- نيهان

8- راين


2019/08/24 · 516 مشاهدة · 1624 كلمة
KILLERHIGH
نادي الروايات - 2024