كانت ليلة ميلاد أوزوماكي ناروتو هي الليلة التي كان يُفترض أن تكون فجر أمل جديد لقرية كونوها المُختبئة بين أوراق الشجر. لكن السماء لم

تُضيئها النجوم، بل أضاءتها ألسنة اللهب الحمراء. هدير وحشٍ ضخم، هدير الكيوبي ذي الذيول التسعة، كان يهزُّ أساسات القرية، صدىً عميقاً

يُنذر بنهاية وشيكة. صوت الانفجارات المدمرة، التي تُلقي بالنينجا كالحصى، كان يختلط بصرخات العجز والأنين.

في قلب الفوضى، وبينما العالم الخارجي يتحوَّل إلى رماد، كانت هناك غرفة محصنة بآخر أملٍ للقرية، داخل كوخ سري مُحاط بدوائر ختم معقدة

رسمها ميناتو ناميكازي، الهوكاجي الرابع. كانت الجدران ترتجف، والضوء خافتاً، مُركزاً على منصة حجرية. هنا، كانت تكمن التضحية الكبرى.

كوشينا أوزوماكي، امرأةٌ ذات شعر أحمر مُشتعل كالنار، كانت مُثبتة بسلاسل تشاكرا مُضيئة، جسدها المُتعب، الذي عانى للتو من الولادة، بالكاد

يحمل وعي اللحظة. كانت السلاسل الحمراء، القوة القديمة لعشيرة الأوزوماكي، هي الشيء الوحيد الذي يُبقي الكيوبي مُقيَّداً بقيد هش.

كانت كل نَفَسٍ تتنفسه كوشينا يُمثل صراعاً ضد الألم المُبرح واليأس. بين ذراعيها، كان يرقد الرضيع ناروتو، ملفوفاً بقماط أبيض، يصرخ بصوت

خافت يُغرقُه هدير الكيوبي.

في زاوية الغرفة، بعيداً عن أضواء الختم المُتوهجة، كان يجلس طفلٌ في الخامسة من عمره، هو أوزوماكي ريو، الأخ الأكبر لناروتو. كان يضم

دمية خشبية قديمة إلى صدره، عيناه الزرقاوتان صافيتان بشكل مُخيف، تُراقب بتركيز شديد وجه أمه المُتألم ووالده المُنْهك. لم يكن في نظر

ريو خوفٌ طفولي، بل كان هناك ترقُّبٌ بارد، وكأن جزءاً عميقاً منه كان يعلم أن هذه اللحظة، هذه الفوضى، هي اللحظة التي طالما انتظرها.

قوةٌ لم يكتشفها ريو، قوةٌ كامنة في أعماق جيناته، كانت تتململ، تتوق للانفجار.

"ميناتو... سأحافظ على هذا القيد... مهما كان الثمن... استغل آخر لحظة لديك." همست كوشينا، تبتسم بمرارة، فيما بدأت التشققات تنتشر في

سلاسل التشاكرا الحمراء، مُعلنة قرب نهاية صمودها.

كان ميناتو يقف، جسده مُغطى بالدماء والعرق، وعلامات الهوكاجي الرابع على رأسه تبدو كالوسام الحزين. لقد استخدم تقنية الانتقال الآني

لمواجهة الرجل المُقنع، أوبيتو، ومن ثم نقل الكيوبي بعيداً عن كونوها. الآن، لم يتبقَّ لديه سوى تقنيته الأخيرة والمُدمرة.

"أعلم يا كوشينا. سأستخدم شيكي فُوجين (ختم شيطان الموت) لأختم النصف المُظلم من الكيوبي في داخلي. سأدفعه معي إلى عالم

الأموات... وسأترك النصف المُضيء، تشاكرا الحياة النقية، لناروتو... ليكون درع كونوها." كانت كلماته مُتقطعة، لكنها تحمل ثبات قائدٍ يكتب

وصيته الأخيرة بدمه.

تغلغل شعور اليأس في قلب كوشينا. إنها تضحية الهوكاجي الرابع، خسارةُ روحٍ أسطورية من أجل إنقاذ جيلٍ قادم. وبينما كانت تستجمع آخر ما

لديها من قوة لإحكام قبضتها على الكيوبي المُتأرجح، شعرت بنبض حياة ناروتو الصغير، وبثقل نظرة ريو المُريبة.

في تلك اللحظة، تمكن الكيوبي، الذي يُدفع إلى حافة الهلاك، من التحرر جزئياً بصرخة كسر قيود مدوية. أدرك الوحش أن ناروتو هو الهدف. إذا

دُمِّرَ الوعاء الجديد، سيعود الكيوبي إلى الوجود لاحقاً دون قيد أو شرط.

"أَيُّهَا الوَعَاءُ الصَّغِيرُ! سَأَمْحُوكَ! وَسَتُدْفَنُ عِشِيرَتُكُم بِرُمَّتِها تَحْتَ رَمَادِ هَذِهِ القَرْيَة!"

اندفع ذيل الكيوبي الهائل، المشتعل بالتشاكرا الحمراء السامة، كالرمح من خلال الفتحة التي خلقها في الحاجز. لم يكن مُتوجهاً نحو ميناتو أو

كوشينا، بل نحو الرضيع ناروتو مباشرة. كانت الضربة سريعة وقاتلة، لا يمكن إيقافها بأي سرعة نينجوتسو.

"لاااا!" صرخ ميناتو وكوشينا في وقت واحد، لم يكن لديهما خيار سوى التضحية بأجسادهما. اندفعا كدرع بشري، واعين تماماً أن الذيل

سيخترقهما معاً. هذا هو القدر. هذه هي النهاية.

لكن النهاية لم تأتِ.

في تلك الأجزاء الضئيلة من الثانية، وبينما الذيل على بُعد سنتيمترات من جسدي الأبوين المُضحّيين، تحرك ريو.

لم يتحرك ببطء طفل، بل كانت حركته انفجاراً. اندفع نحو الأمام، وعيناه الزرقاوان تشتعلان فجأة بلون برتقالي ناري. دقات قلبه تضاعفت،

والتشاكرا الكامنة، التي كانت نائمة لسنوات، انفجرت من جسده بضغط هائل، سوداء وكثيفة، وكأنها فراغ يبتلع الضوء.

"لَنْ تَقْتُلَهُ!" دوى صوته الطفولي، لكنه تحوَّل على الفور إلى هدير عميق ومُشَوَّه، يُشبه صوت الصخور التي تتكسر.

في لحظة واحدة، حدث التحوّل الكامل. الجسد الطفولي انكمش وانفجر، ثم تمدد بكتلة عضلية ودروع صخرية سميكة. عظامُه تكسَّرت وأُعيد

تشكيلها بسرعة تفوق التصوّر. لم يكن هناك دخان أو ضباب أو حتى ذيول، بل كان وحشاً كاملاً، آلة حرب حيوية من اللحم الصخري الرمادي الداكن.

الكايجو 8. عملاقٌ طوله يتجاوز ثلاثة أمتار، وقوته الخام تخترق كل معايير القوة المعروفة في عالم الشينوبي.

استقبل الكايجو 8 ضربة ذيل الكيوبي القاتلة بكتفه الأيمن المُدرَّع.

اصطدام مُعدنيّ مُزلزل! صوت تكسر ذيل الكيوبي المشتعل كان حاداً ومُدويّاً، تلاه اهتزاز عنيف في الأرضية. لم يُصب ريو بأذى. لم يتزحزح. القوة

المدمرة ارتطمت بدرع لا يُقهر.

شعر الكيوبي بصدمة حقيقية. هذا الكيان... هذا الحاجز المفاجئ... لم يكن بيجو، ولم يكن بشرياً! طاقته لم تُصدر أي إشارة تشاكرا مألوفة.

ميناتو وكوشينا، اللذان كانا يتوقعان الموت، كانا ينظران برعبٍ وفخرٍ مختلطين إلى المخلوق الهائل الواقف أمامهما.

"ريو؟... ما هذا الذي أصبحته؟" همس ميناتو، لكنه لم يجد وقتاً للتفكير. الأهم هو البقاء على قيد الحياة.

ريو (في هيئة الكايجو 8) نظر إلى والديه. كانت عيناه البرتقاليتان تحملان وعيه الكامل، لا وجود للجنون أو فقدان السيطرة. كان الأمر كما لو أن

الطفل الصغير قد ارتدى بدلة خارقة لا تستهلك طاقته النفسية أو الجسدية.

"أبِي... أُمِّي... قُوما بِالخَتم. لا تَقِفا عاجِزَين. هَذا هُو وَعدي." جاء صوته عميقاً ومُدويّاً، أشبه بالصدى في قاعة ضخمة.

في تلك اللحظة، تدفقت من صدر الكايجو 8 طاقة خضراء نقية. قوة علاجية جبارة لم يكن لها وجود في نينجوتسو الأطباء. غمرت ميناتو

وكوشينا، لتعيد بناء جروحهما الداخلية والخارجية بسرعة فائقة، الأهم من ذلك، أعادت ملء مخازن تشاكراهما المُنْهكة بشكل كبير.

تلك القوة العلاجية كانت هي المُفتاح. لقد أفسدت خطة الكيوبي، ومنحت الهوكاجي الرابع فرصة ثانية غير مُتوقعة.

"إنه... إنه يُشفينا ويعيد لنا التشاكرا!" صرخت كوشينا، وشعرت بالقوة تتدفق في جسدها من جديد.

اندفع الكيوبي غاضباً، لا يستوعب هذا الكيان الجديد الذي ظهر من العدم ليُفسد خطته. بدأ الوحش بتجميع قنبلة البيجو، مُصمماً على تدمير

الغرفة ومن فيها دفعة واحدة.

لكن ريو كان أسرع.

لم يتحرك الكايجو 8 بقفزة، بل بانفجار سرعة. في لقطة واحدة، اختفى من مكانه وظهر مباشرة أمام فم الكيوبي. جمع كل طاقته الهائلة في

لكمة واحدة، ليس فقط قوة عضلية، بل موجة صدمة من التشاكرا المُركزة.

لكمة واحدة وجهها ريو نحو أنياب الكيوبي، أدت إلى تشتيت تشاكرا قنبلة البيجو في انفجار عشوائي، وكسرت فك الوحش بضجة مُروعة. انهار

الكيوبي العملاق، متألماً، مُذهولاً، مُدركاً أنه يواجه تهديداً لم يستعد له على الإطلاق.

ريو (الكايجو 8) قفز على رأس الكيوبي المُتراجع، وغرز مخالبه في جمجمته. ثبَّت الوحش بقوة خام لا يمكن لشيء أن يتحداها. كانت سيطرة

مطلقة، جسد الكايجو 8 يتحرك بذكاء وتكتيك شينوبي محترف، لا بغريزة حيوانية.

"لَنْ تَتَحَرَّك... سَيَنْتَهِي هَذَا اللَيْلُ هُنَا!" هدير ريو يُزلزل رأس الكيوبي.

في تلك الأثناء، وقف ميناتو وكوشينا، وأعينُهما تلمع بقرار جديد، قوة مُستعادة بفضل ابنهما.

"لدينا القوة لإكمال الختم! الآن يا كوشينا!" صرخ ميناتو، يديُه تتحركان لتبدأ في تفعيل ختم شيكي فُوجين (شيطان الموت).

كانت كوشينا تقف، وتشاكرا حياتها تتدفق لإنشاء ختم العناصر الأربعة على جسد ناروتو. في الوقت نفسه، بدأ ميناتو بسحب النصف المظلم من

تشاكرا الكيوبي إلى داخله. الكيوبي يصرخ ويئن تحت سيطرة ريو الصخرية، يشعر بروحه تُسحب بالقوة.

في اللحظة التي تم فيها سحب النصف المظلم، سقط جسد الكيوبي بلا حراك تحت قبضة ريو. لقد تم الختم، لكن بطريقة لم يكن يتوقعها

ميناتو وكوشينا. نجا الأبوين، لكن ميناتو دفع ثمناً باهظاً بالتشاكرا، واضطر شيطان الموت إلى ترك جسده بالكاد يتنفس بفضل طاقة ريو

العلاجية المُفاجئة.

تراجع ريو (الكايجو 8) عن جسد الكيوبي المُختوم جزئياً. وفي ثانية واحدة، بدأ التحول ينعكس. الدروع الصخرية تكسرت واختفت، وتقلص العملاق

ليعود إلى جسد الطفل أوزوماكي ريو، ذي الخمس سنوات، مُنهكاً، لكنه واعٍ تماماً وبلا أي أثر جانبي.

نظر ريو إلى والديه اللذين كانا يتنفسان بصعوبة، وإلى شقيقه الرضيع الذي يحمل نصف مصير العالم. أدرك أن سرَّ قوته يجب أن يبقى سراً.

وصل النينجا الأوائل وفرق الإنقاذ، ليجدوا ميناتو وكوشينا على قيد الحياة، في حالة إعياء قصوى، لكنهما يتنفسان. لم يفهم أحد مصدر التدمير

الغريب الذي أحاط بموقع الختم، ولا كيف نجا الهوكاجي الرابع.

2025/10/25 · 20 مشاهدة · 1234 كلمة
Marwane Arid
نادي الروايات - 2025