في غرفة أحد المشافي في مدينة كالبانا كان هنالك فتاةُ مستلقية على السرير غائبة عن الوعي.شعرها أسودٌ طويل كالحرير .. أهدابها طويلة كالسحر ..أنفها كرويٌّ قليلاً .. بشرتها بيضاء تبدو شاحبة قليلا .. وجهها مدوّرٌ وشفتاها الممتلئتان بشكل كيوبيد يكادان يفقدان لونهما.
تفتح إيتانا عينيها شيئاً فشيئاً ليفاجئها ضوء الشمس الساطع في الغرفة عاكساً لون العسل فيهما. بجانبها تجلس امرأة تبدو في أواخر الأربعينات من عمرها. عندما تلاحظ المرأة أن إيتانا قد فتحت عيناها تقترب منها بسعادة وقلق...
إيف :يا إلهي! حبيبتي .. كيف تشعرين؟ هل يؤلمك أي شيء؟؟ انتظري سأنادي الطبيب..
هرعت إيف إلى الرواق باحثة عن د.آدم تاركةً إيتانا في حيرتها..
هنا لاحظت إيتانا قناع الأكسجين ف أزالته وبدأت تستطلع ماحولها بعينيها محاولة استيعاب مايجري..
بعد مابدا كساعات يدخل د.آدم برفقة إيف..
د.آدم :كيف تشعرين آنستي؟
إيتانا :رأسي يؤلمني كثيراً .. وأحسّ بتعبٍ في كامل جسدي
د.آدم :همم..حسناً .. آنستي هلّا أخبرتني باسمك؟؟
إيتانا :....اسمي!! أنا ... اسمي
د.آدم :لا داعي للعجلة خذي وقتك
إيتانا:...
د.آدم :هل تعرفين من هذه؟
مشيراَ إلى إيف
إيتانا :
تتمعن بوجه إيف *
إيف بقلق وهلع: إيتي انظري إليّ جيداً .. هل حقاً لا تتعرفين عليّ؟! .. كيف لك ألا تتعرفي على والدتك؟!..حبيبتي
يقاطعها د.آدم :سيدة بيرسي أرجوكِ اهدئي .. هلّا أتيتِ معي للحظة لنتكلم في الخارج..
ثم يوجه الكلام ل إيتانا التي زادت حيرتها ويبدو على ملامح الرقيقة بعض الألم
يخرج د.آدم وإيف من الغرفة وبينما تجلس إيف على كرسيّ الانتظار في الرواق .. يقترب منها رجلٌ أسمرٌ طويلُ القامة
ألكسندر : إيف حبيبتي ..ماذا حدث؟ألم تخبريني بالرسالة أن إيتانا استيقظت لماذا لستي معها في الداخل؟؟! د.آدم هل ابنتي بخير؟
د.آدم:سيد بيرسي .. من فضلك اجلس قليلاً سأشرح لك كل شيء
يجلس ألكسندر بجانب إيف التي تبدو غائبة عن العالم ممسكاً بيدها
د.آدم:أخشى أن ابنتك تعاني من فقدان في الذاكرة ..
يعم صمت مؤلم لثوانٍ ثم يكمل
ألكسندر :وإن لم يكن كذلك؟وهل ستؤثر إصابةٌ كتلك عليها؟
د.آدم:حسناً.. هنالك عدّة أسباب لفقدان الذاكرة وقد يكون أحدها الصدمةُ النفسية والجسدية التي تعرضت لها إثر الحادث.. ولكن .. دعنا لانستبق الأمور ونتمنى الخير فقط.. *
يستغرق لحظة ثم يكمل*
يساعد ألكسندر إيف كي تقف بينما تنهمر دموعها بغزارة
إيف : ألسكندر انتظر لحظة .. آه طفلتي الصغيرة .. هي في ال25 من عمرها لا تزال في ريعان شبابها كيف لي أن أتحمل هذا ..لقد نظرت إلي ولم تعرفني ..ألكس
يحتضنها ألكسندر ويهدئها:حبيبتي .. عليكي أن تهدئي وتكوني قويةً لأجلها .. أرجوكِ
تحاول إيف مسح دموعها بلا جدوى .. ولكنها تبذل جهدها كي تتمالك نفسها بينما يدخلون الغرفة
د.آدم:هل تشعرين بتحسّن آنستي؟
إيتانا :أجل .. قليلاً..
د.آدم:سأخبرك الآن ببضعة أشياء وأتمنى أن تتحضري لتسمعيها
إيتانا :اسمك هو د.آدم صحيح؟؟*
يومئ د.آدم برأسه*
د.آدم متفاجئاً قليلاً:أجل لقد تعرضتي لحادثِ سيارةٍ منذ أسبوع ويبدو أنّك قد أصبتي بفقدان الذاكرة نتيجة ذلك.. و
تقاطعه إيتانا :منذ أسبوع؟
د.آدم: أجل لقد كنتي في غيبوبة طوال الأسبوع الماضٍ
إيتانا :هل سأكون بخير؟
د.آدم:حسناً هذا ما نحاول معرفته .. سنجري بعض الفحوصات وصور الرنين المغناطيسي للتأكد من وجود أي إصابةٍ في الدماغ...*
يتردد الطبيب للحظة ثم يكمل*
مشيراً إلى إيف وألكسندر*
تنظر إيتانا إلى والديها :أنا لا أشعر أنني أعرفهما ..
د.آدم:لا أريدكِ أن تقلقي هذا طبيعي في حالتك*
يتوجه بكلامه إلى والديّ إيتانا
يخرج د.آدم ويعمّ الصّمت لبعض الوقت ثم يقترب ألكسندر ويجلس على حافّةِ السرير
ألكسندر :إيتانا.. قطتي المدللة.. أنا أعرف أنّكِ قد لا تتذكرين من أنا وتنظرين إليّ كالغريب الآن*
يختنق بكلماته وتنزل دمعةٌ واحدةٌ على خدّه الأيمن..ثم يكمل*
تقترب إيف وتريح يدها على كتف زوجها:كلانا هنا لأجلك ياصغيرتي ..ليس عليكي القلقُ أبداً .. حتى لو لم تتذكرينا ستبقين دائماً إيتي خاصّتنا
بعد إجراء جميع الفحوصاتِ اللازمة اتضح مع الأطباء أن سبب فقدان إيتانا لذاكرتها لم يكن إصابة في دماغها بل على الغالب بسبب الصدمة النفسية.. وبعد يومين سمح الطبيب بإخراجها من المستشفى وأخذها إلى البيت مع بعض التنبيهات والتأكيد على الاتصال به في حال وقوع أي مكروه وأوصى بطبيبة مختصّة بعلم النفس لتساعد إيتانا على فهم حالتها أكثر وتحاول استرجاع ذاكرتها
في السيارة خارج المشفى .. إيف : علينا المرور على شِقّة إيتانا لنجلب بعض الملابس والحاجات الضرورية
إيتانا :هل أعيش وحدي؟
ألكسندر :لقد انتقلتي خارج المنزل بعد أن بدأتي العمل منذ سنتين .. أردتي أن تكوني مسؤولةً ومستقلّة
إيتانا : وماذا أعمل؟
إيف : تعملين في قسم التسويق في شركة "حلمِ المستقبل" ياعزيزتي
....
تقف إيتانا في شقتها التي من المفترض أنها أمضت سنتين من عمرها فيها.. "أشعرُ بالغربة والاختناق.. كل شي غير مألوف .. هل حقاً سأكون بخير؟"