"كارمن .." همست آدا بصوت مرتعش اسم المرأة التي عاشت بجانبها لوقت طويل تحميها و تساعدها بكل شيء ..
كارمن .. الاخت الكبرى لكل من آدا و فراي ستارلايت ..
بمجرد استيقاظ آدا و كارمن ، كان العداد قد بدأ و المحاكمة لن تتوقف الآن الا في حال موت احدهما ، فهذه هي الشروط التي وضعها مايكا بنفسه ..
سواءا آدا او كارمن ... كلاهما كانتا تعرفان الوضع بشكل كامل ، فالميزان نقل المعلومات اللازمة لعقولهما بشكل فوري بمجرد استيقاظهما ..
لقد علموا بان مايكا .. ابن كارمن هو المسؤول عن وضعهم الحالي. .
هذا الاخير تربص بهم بمجرد بدئ الهجوم الشيطاني على الإمبراطورية .. وقتها قام بغدر كارمن بهجوم مباغث تسبب باضرار جمة لها ، ما جعلها تخسر لاحقا بالقتال الذي دار بينهما .
سواءا كارمن أو مايكا ، كلاهما كانا في الفئة SS ..و كارمن لم تكن لتخسر لو تقاتلا بشكل مباشر و عادل ..
مايكا كان على دراية تامة بهذا ، لذلك اختار الوقت الامثل للضرب و انهاء الامر ، اما آدا ..
فهي لم تكن بالمقاتلة ، لذلك اسقاطها كان سهلا بعد ذلك ..
ببطء .. الدموع تشكلت حول حواف اعين آدا .. مدركةً حجم مأساوية وضعهم الحالي .
هي ، أو كارمن .. لابد من موت احدهما اليوم .
كان هذا قاسيا .. قاسيا جدا ، كارمن كانت جزءا من العائلة ،و فردا لن تتحمل خسارته بهذه الطريقة .
لذلك منذ البداية ، آدا رفضت القتال ضد المرأة التي ساندتها لسنين ..
لكن و من جهة أخرى ، النظرة على وجه كارمن اوحت انها لا تشاطر ادا الرأي ، فهي بوضوح كانت تنوي اراقة الدماء على غير المتوقع ..
"كارمن .. مالذي تحاولين القيام به الآن ؟" سألت آدا بحذر ، بينما اقتربت كارمن منها أكثر ببطء .
"لا خيار امامنا .. آدا ، يجب أن تموت احدانا ..."
"لا !" صرخت آدا ردا ، بينما تراجعت بضع خطوات للخلف ..
"ارفض الخضوع لهذه الاداة الملعونة .. و ارفض القتال ضدك يا كارمن .." قالت آدا بحزم محدقة بالمؤقت الذي اشار لمضي دقيقة بالفعل ..
من جهة أخرى ، ابتسمت كارمن بتكلف ازاء سماع ذلك ..
"انت تسيئين فهم شيء ما هنا يا ادا .. انت لا تستطيعين القتال ضدي ، ولا ضد تلك الاداة ، لانك ضعيفة جدا ." قالت كارمن بنبرة ثقيلة رافعةً قبضتها بوجه آدا .
"أستطيع قتلك بسهولة من مكان وقوفي ، على الرغم من أنني لست حتى من أقوى 10 داخل الإمبراطورية .. لهذه الدرجة انت ضعيفة كقائدة عائلة. "
نبرة كارمن كانت قاسية .. و مغايرة تماما لطبيعتها المتهورة و المراعية بالعادة ..
حاليا ، كانت آدا على دراية بما فعلته كارمن بابنها ..
كيف تخلت عنه ، و كيف عاشت حياتها بقذارة بعيدا عن الاعين ..
هي لم تكفي برمي ابنها الوحيد بعيدا ، بل و قامت بقتل والده أيضا .. قبل حتى ان يعرف انها حاملة بابنه ..
كارمن حقا قامت ببعض الاشياء التي لا يمكن غفرانها ، لكن ذلك لم يغير من مكانتها داخل قلب آدا اطلاقا ..
الجميع يرتكب الاخطاء ، و ما يهم هو الطريقة التي يختارون ان يعيشوا حياتهم بها بعد ذلك ..
كارمن كانت خير مرشد و حامي لها ، و هذا كان كافيا لآدا لكي تتمسك بها حتى النهاية ..
"مهما حدث .. انا لن اقاتلك .." قالت آدا هذه الكلمات مرة أخرى ، و كأنها تحاول تقوية موقفها ، و تشجيع نفسها .
بسماع ذلك ، توسعت ابتسامة كارمن ..
"إذا لم امت انا ، إذا هل ستموتين انت بالمقابل يا آدا ؟" محدقة بآدا ، ضغطت كارمن أكثر .
"هل ستقتلين نفسك الآن ، من اجل انقاذي بدلا منك ؟"
مع كل جملة .. كانت كارمن تقترب خطوة تلوا الاخرى .
"هل ستتخلين عن حياتك ؟ و كل ما عشت من اجله حتى الان ؟"
"هل ستتركين فراي خلفك ، و تموتي بعيدا عن انظاره ؟"
على هذا السؤال .. اجابت آدا بحزم .
"لا انوي الموت ، و لن ادعك تموتين .. لا احد سيموت الليلة .."
"عزيزتي آدا .. انت تعلمين جيدا ان هذه ليست بالطريقة التي تسير بها الأمور .. ليس بالعالم الذي نعيش فيه .."
قوانين اللعبة كانت واضحة ، ولا احد يستطيع مخالفتها ..
لكن آدا لم تكن تمزح ، فهي ارادت تحدي كل شيء في سبيل تحقيق ما آمنت بأنه الاصح ..
من بين ذراعيها .. حملت آدا اداة غريبة حافظت عليها بحوزتها منذ وقت طويل جدا ..
الاداة التي اعطيت لها من قبل ذلك الرجل .. هو قال لها بوضوح ، ان تستعملها عندما تشعر و كأن عالمها قد انهار تماما .. و ان كل شيء قد انتهى ..
هذا الوصف لا ينطبق حقا على موقفها الحالي .. لكنها حقا احتاجت القوة لكسر ذلك الميزان الملعون الذي رهن حياتها ، و حياة كارمن ..
الادة كانت على شكل زناد اسطواني الشكل .. لا احد يعرف ما فائدته ، ولا ما يستطيع فعله ..
لكن آدا آمنت أن تلك الاداة لم تكن بالشيء البسيط اطلاقا ، لذلك و بدون تردد .. هي ضعطت الزر بتصميم شديد ..
من اجل اخراج نفسها و كارمن من موقفهم ذاك ، ضغطت بدون تردد ..
الاداة التي لا تستعمل سوى مرة واحدة ، و التي يفترض بها ان تكون الورقة الرابحة الاخيرة و السلاح النهائي لها قد تم اطلاقه بهذه السهولة ..
هذا لم يثبت سوى شيء واحد .. و هو كم احبت آدا نظيرتها كارمن .. لدرجة استعدادها للتضحية بكل شيء من اجلها .. مادام كلاهما يخرج حيا .
آدا راهنت على الاداة التي حصلت عليها من المهندس لقلب الوضع و تدمير الميزان ..
بمجرد ضغطها على الزناد ، الاداة توهجت لوهلة مرسلة موجة اورا غريبة جعلت كل من تواجد بالقرب يجفل لوهلة ..
لا شك بذلك ، الزناد كان يخفي شيئا مرعبا و مهولا ، لدرجة ان فراي نفسه قد تفاجأ من تلك الموجة العجيبة ..
برؤية ذلك ، ارتفعت آمال ادا .. التي راهنت على الزناد بكل ما تبقى لها ..
الجهاز توهج لبضع ثواني تحت انظار كارمن ، مايكا و فراي المتفاجئة .. لكن و في النهاية ، حدث ما لم يكن بالحسبان .
الجهاز بشكل سحري ، قد انطفأ بريقه ، و اختفت تلك الاورا العجيبة بشكل سحري .. ليعود الزناد لسكونه و خموله ..
و كأن شيئا لم يحدث .. استمر مؤقت المحاكمة بالمضي ، و عاد الجميع لنقطة الصفر ..
بتلك اللحظة ، اعتلت الصدمة وجه آدا ببطء ، بينما هربت شهقة من شفتيها ..
"هاه ؟"
هي لم تفهم ما حدث ..
هل الجهاز معطل ؟ رفض ان يعمل ؟ مالذي حدث بالضبط ؟
"آدا .." همست كارمن من جهة اخرى ، بعدما رأت ما حاولت آدا القيام به ..
"مالذي تحاولين فعله بالضبط ؟ اتعتمدين على شيء لا تفهمينه أساسا لقهر الوضع الذي وجدت نفسك محاصرة به ؟"
ظهر أثر لخيبة الامل على وجه كارمن بتلك اللحظة ..
هي لم تعلم ما كانت تلك الاداة بالضبط ، لكنها علمت أن آدا حصلت عليها من مصدر مجهول .. اداة يفترض بها أن تفعل شيئا ما ، بوقت ما و موقف ما ..
كل شيء كان عشوائيا عندما يتعلق الامر بتلك الاداة ، لكن ادا لعبت على الحظ بسذاجة ، و اختارت الاعتماد عليها ..
و كنتيجة لذلك ، الاداة رفضت ان تستجيب ، و عادوا لنقطة الصفر ..
"الوقت المتبقي : 3 دقائق "
استمر المؤقت بالنزول شيئا فشيئا ..
كان لا يزال امامهم 3 دقائق فقط لاتخاذ قرارهم ، و الا مات كلاهما ..
في تلك اللحظة ، بدا و كأن كارمن قد حسمت قرارها بالفعل ، على عكس آدا التي بدأت تنهار شيئا فشيئا بعد فشل سلاحها السري الاخير ..
"لماذا .. لا يعمل ؟"
قيل لها أن تستخدمها عندما تفقد الامل .. عندما ينهار كل شيء ، لكن في النهاية ابت الاداة أن تستجيب .
و كأنها تقول لآدا .. ما هذا المكان مكاني ، و ما هذا الزمان زماني .. بل صنعت لشيء و هدف آخر تماما .
و هل سيهم هذا الهدف الآن يا ترى ، إذا ما ماتت آدا بذلك المكان ؟
من بعيد ..
راقب كل من مايكا و فراي الموقف بمشاعر مختلفة تماما ..
مايكا بدا سعيدا بما رآه ، خصوصا عندما رأى كارمن تعول على قتل آدا ..
بهذه الطريقة ، كل ما حضر له سيتحقق بشكل مثالي لدرجة انه بدا اشبه بحلم .
"علي ان اعترف .. موجة الاورا العجيبة تلك اثارت قلقي قليلا ، لكن آدا ستارلايت لا تزال ضعيفة كما كانت دوما ، و لن تستطيع تغيير شيء "
ببطء ، استدار مايكا ناحية فراي .
"و الآن يا فراي ، فالتشاهد بعينيك اللون الحقيقي للعاهرة التي وثقت بها كثيرا .. "
استفز مايكا فراي أكثر ، لكنه أُخرس بالقوة عندما اطلق فراي هالته جاعلا اياه يركع ارضا من شدة الضغط .
واضعا اصبعه على شفته .. اشار فراي لمايكا ان يصمت بتعابير مرعبة جعلت كيان مايكا نفسه يهتز خوفا ..
"فالتختر كلماتك بحكمة ، فانت بكل الاحوال لم يتبقى لك سوى 3 دقائق لتعيشها ." قال فراي ، مؤكدا انه سيقتل مايكا بمجرد انتهاء الدقائق الثلاث تلك ..
بل و كان سيقتله بالفعل لولا الشرط الذي يجعل آدا و كارمن تموتان إذا ما مات هو اثناء المحاكمة ..
هذا الشرط الوحيد الذي حافظ على رأس مايكا حتى الآن ، و يمكن القول ان فراي كان ساخطا ازاء ذلك ..
بغضب .. ارسل فراي صوته داخل وعيه ..
"نايملس .. لقد كنت تقف بقمة العالم ذات يوم عليك اللعنة ، اتخبرني انك غير قادر على ايقاف هذه الاداة اللعينة ؟!"
تحدث فراي بغضب ، ليرد نايملس بصوت بارد خالي من المشاعر ..
"لا أستطيع التلاعب بقانون الحياة و الموت بحالتي هذه ، لكنني كنت سأتمكن من عكس الوضع لو تم استعمال الاداة ضدي .. أو ضدك ."
قال نايملس مؤكدا على استحالة ايقاف المحاكمة ..
نايملس كان سيتمكن من التصرف لو سلط الميزان على فراي .. لكن ليس كارمن و آدا ..
ببساطة ، الامر مستحيل حاليا ..
الميزان اداة قوية تنتمي لويسكر ، و تتمع بقدرة حتمية قوية جدا ..
يكون الميزان باقوى حالته عند تفعيله و تلبية شروطه .. و لسوء حظ فراي ، كان كل شيء جاهزا بالفعل ..
فقط لو جاء قبل ان ينتهي مايكا من استعداداته .. أو تمكن بطريقة ما من جعل نفسه هدفا للاداة بدل آدا أو كارمن ..
فقط لو تحقق ذلك ، لكان قد تعامل مع كل شيء بسهولة ..
لكن لا شيء بالحياة قد سار حسب ارادته ، حتى بمساعدة نايملس له ..
لذلك لم يكن له من خيار سوى الوقوف و المشاهدة من بعيد ، متقبلا الحقيقة المريرة ..
"مرة أخرى .. سيكون علي الوقوف متفرجا بينما يموت المقربون مني امام عيني ." بصق فراي هذه الكلمات بغضب ..
من جهة أخرى ، و رغم الضغط الذي جعل رأسه يدفن داخل الأرض عميقا ..
ابتسم مايكا بجنون و هو يرى امه تبلغ آدا أخيرا ..
"الآن ايتها العاهرة اللعينة .. اقتليها و انهي الامر !"
كانت هذه هي اللحظة التي انتظرها ..
"اكشفي للعالم اجمع .. عن الوانك الحقيقية ."
الالوان ، التي ستحفر قبرها .
مايكا كان مؤمنا تماما بان هذه هي شحصية كارمن الحقيقة .. شخص اناني .. لا تفكر سوى بنفسها و لا أحد سواها ..
مشاعره هذه ، و طريقة تفكيره قد كانت نابعة من سنين طويلة نما فيها حدقه كثيرا ، لدرجة مرعبة ..
و بناءا على كل ما قاساه بسببها ..
كل حياته كانت خير برهان و دليل .. ان كارمن ستارلايت مخلوق يعيش لنفسه لا غير .
فراي رأى هذا بوضوح .. و لم يستطع سوى ان يلعن الحياة مرة أخرى على الطريقة الملتوية التي تسير بها ..
"فالتنظر جيدا يا مايكا ستارلايت ، الى آخر مشهد ستراه بحياتك . "
قال فراي بنبرة عميقة ..
مايكا استشعر غضب فراي من كلماته وحدها .. لكن لسبب ما ، هو لم يرى اليأس و السخط الذي انتظر رؤيته منه .
يفترض بأن اخته على وشك الموت امام اعينه ، و لا شك أن آدا هي اغلى شخص بالنسبة له .
فقدانها يفترض ان يدمره ، و يجعله يشتاط هائجا .. لكنه ظل هادئا .
بدا غاضبا .. و ماقتا للوضع نعم ، لكن هذا كل شيء .
في تلك اللحظة ، عادت عين مايكا لداخل المحاكمة ، حيث وقفت كارمن أمام آدا ..
تلك السيدة العجوز ، و الشابة امامها قد حدقتا ببعضهما البعض لعدة ثواني طويلة و صامتة ..
الى ان لم تتبقى سوى دقيقة واحدة بالمؤقت .
و كان ذلك عندما تحدثت كارمن اولا ..
"آدا .. انظري إلي ، انظري الى نفسك ، و انظري الى وضعنا هذا ."
قالت كارمن ، بينما وضعت يدها فوق رأس آدا بهدوء ممسدة إياه .
"هذا العالم الذي نعيش فيه .. قائم على القوة ولا شيء سواها .. مهما بلغت كفاءتك و ذكاءك .. انت لن تستطيعي تحقيق شيء بدون القوة . هذا ما تعلمته طيلة الحياة التي عشتها حتى الآن .."
لو كانت آدا قوية مثل قادة العوائل الآخرين .. اما استطاع آدا اسرها قط بهذه الطريقة ..
لو كانت قوية مثل اخيها فراي ، فوضع كهذا لم يكن ليحدث من الأساس ..
"لن يتواجد الأشخاص من حولك على الدوام لحمايتك .. آدا ، عليك الاعتماد على نفسك ، و على قوتك ولا شيء سواها ."
"سيكون لك حلفاء ، و هذا جيد ، سيكون لك اعداء و هذا طبيعي .. ستقاسين الكثير ، لكن تأكدي أن قوتك وحدها ما سيكون المفصل ، تخلي عن ضعفك و افتحي اعينك للعالم ، فلم يتبقى لك الكثير من الوقت .."
قالت كارمن ، قبل ان تبتسم بلطف ..
"اما انا ، فوقتي المتبقي اقل منك بكثير .. هاها .. أنا آسفة حقا .. آدا ، آسفة "
في تلك اللحظة ، ايقنت آدا شيئا مهما ..
"كارمن .. مالذي .."
كانت آدا على وشك السؤال .. لكن الاوان كان قد فات على ذلك حتى ..
فبسرعة الصوت .. توهجت ذراع كارمن بضوء عظيم ، قبل ان ينفجر شيء ما بالقرب و تتطاير الدماء بكل مكان ..
آدا لم تستجب بالسرعة الكافية ، لكن فراي و مايكا رأوا كل شيء بوضوح .
فكارمن فقعت صدرها بقوة ، مقحمة يدها عميقا بالداخل مدمرة قلبها بالكامل ..
الدماء تطايرت على وجه و جسد آدا التي عانت لتستوعب ما رأته ..
اما كارمن ، فقد انهارت ببطء فوق الأرض ، بينما تسربت دماءها بسرعة شديدة ملطخة كل شيء بالاحمر ..
في البداية ، و امام جثة كارمن الدموية ..
هربت شهقة من فم آدا ..
"هاه ؟"
شهقة دلت على عدم استعابها للوضع ، ثم بعد ذلك .
توقف المؤقت عن المضي قدما معلنا نهاية المحاكمة ، و مؤكدا على امر مهم ..
كارمن ستارلايت .. كانت الشخص الذي تلقى حكم الاعدام .. بارادتها الخاصة .
"لا .. كارمن .. كارمن .. لماذا .. من اجلي .. لماذا !!"
انهارت آدا فوق جسد كارمن بينما عم صراخها المكان .. صرخة ألم و حزن شديد .
ففي تلك اللحظة ، آدا شعرت لاول مرة بجزء من ألم فراي .
الم ان يموت شخص ما في سبيل نجاتها ..
لقد ماتت كارمن ، لكي تواصل آدا الحياة .. لكنها لن تواصل العيش بشكل طبيعي بعد الآن ، لان وزن تلك الروح المهدورة سيتمسك بها لوقت طويل ..
فراي كان يعلم هذا أكثر من أي شخص آخر ..
منذ البداية ، هو لم يكن خائفا على حياة آدا قط ، لانه علم ان كارمن ما كانت لتؤذيها قط .
فكارمن احبت كلاهما حبا جما ، و كانت مستعدة للموت من اجلهما منذ وقت طويل .
فراي لم يفقد ثقته بكارمن قط ، حتى عند معرفته بما فعلته بابنها .. لكنها موتها كان له اثر عميق عليه رغم ذلك ..
ليس بقدر آدا ..
لكن كارمن كانت مهمة .. و جزءا من العائلة .
و هذا هو سبب الغضب العارم الذي انتابه ساعتها .
من جهة اخرى ، بقي مايكا صامتا غير مصدق .
فالعاهرة الانانية التي لطالما كرهها قد ماتت للتو مضحية بنفسها في سبيل شخص آخر .
هي من بين كل الناس ، ماتت من اجل شخص آخر .. لكي يحيا ذلك الشخص الآخر ..
ذلك كان كثيرا عليه ، هو الذي عاش حياته و مشاعر الحقد و الكراهية تتآكله ..
"لا تعبثوا معي ايها الاوغاد !!! توقفي ايتها العاهرة و استيقظي حالا !! انت من بين كل الناس .. انت من بين كل الناس ... تموتين من اجل شخص آخر ؟!"
"لا تعبثوا معي !!!"
نهض مايكا غاضبا بينما توهج جسده بضوء شديد مفجرا الحائط الزجاجي الذي فصل بينهم و بين آدا و كارمن ..
ما رآه لم يكن شيئا سره اطلاقا .. لدرجة انه حاول مهاجمة آدا و جثة كارمن الموجودة بين ذراعيها ..
لكنه لم يدرك قط .. كم كان وضعه بائسا ..
فبمجرد أن حاول القيام بخطوة ، فإذا بجسده يتجمد .. قبل ان يتم سحبه من قبل تيار اورا هادر .. ليجد نفسه بين قبضتي فراي ..
هذا الأخير امسك بمايكا رافعا اياه عاليا بيد واحدة ..
"أخبرتك أولم افعل ؟ اخبرتك .. انك ستموت قريبا ."
بهذه اللحظة بالذات .. فراي بدا مختلفا تماما ، اشبه بحاصد ارواح يستعد لانهاء حياة بائسة أخرى ..
كان قويا بشكل جنوني لدرجة ان مايكا لم يستطع القيام بأي حركة عالقا بقبضته ..
في هذه الاثناء .. انتبهت آدا أخيرا لوجود اخيها بعدما كشف عن نفسه ..
"فراي .."
مشاهدةً اياه ملطخةً بالدموع و دماء كارمن .. ادركت آدا ان اخاها هو الآخر شاهد كل شيء بنفسه .. مازاد من المها مدركة انها تسببت بدون وعي منها من زيادة معاناة اخيها ..
ثم بشكل سحري ، تفاجأ الجميع .. عندما سمعوا صوت تلك السيدة مرة اخرى بعد ..
"فراي .." لقد كانت كارمن ..
راقدة فوق الارض بصدرها الممزق .. كانت كارمن تتمسك لآخر قطرات وعيها ..
هي حدقت مباشرة ناحية فراي ، الذي حمل ابنها الوحيدة بذراعه ..
الابن الذي يمثل ندمها الاكبر .. و خطيئتها الاعظم .
هي لم تعطي ذلك الولد سوى اليأس ، والمعاناة .. و الكراهية ..
هو خطيئة لا غفران لها ، و كارمن كانت مدركة لذلك بوضوح ..
هي لم تعتذر ، لكن بآخر لحظاتها .. وجهت صوتها ناحية فراي .
"ارجوك .. دعه .. دعه يعيش .."
كانت هذه هي آخر كلماتها ..
رغبة كارمن الاخيرة ، كانت ان يُترك ابنها ليعيش ..
قد يرتكب الكثير من الاخطاء .. لكن على الاقل ، لم ترد كارمن أن يقتله فراي بسببها .. لذلك ناشدته بآخر لحظاتها .
فراي استمع لكلماتها بكل وضوح .. مدركا ان هذا آخر ما سيسمعه من كارمن التي عاشت معه لوقت طويل ، و ساعدته دوما ...
هو حدق بها لوهلة ، قبل ان يعيد انتباهه لمايكا .
"لا ."
كان هذا هو جوابه الوحيد .. رافضا ببرود قبل ان يفجر رأس مايكا محولا اياه لعجينة دموية امام انظار امه التي ماتت هي الأخرى بنفس الوقت ..
ببطء .. اسقط فراي جسد مايكا الميت امامه ، بينما عم الصمت المكان .. فكل ما كان مسموعا هو صوت انين آدا المكتوم ..
فراي استدار ببطء ناحية اخته ، بينما اعتلى وجهه تعبير فارغ ..
"انا لا اصدق .. انني بدأت اعتاد على هذا .."
قال فراي .. بصوت شبه آلي عديم المشاعر ..
بعدما تكالبت عليه الصدمات و اليأس عدة مرات .. وجد فراي نفسه هادئا أمام كارمن الميتة .
لقد آلمه الامر نعم .. لكنه تحول بمجرد ندبة أخرى وضعت فوق عدد كبير من الندوب ..
بهذه المرحلة .. لم يعرف فراي ما الفرق حتى ...
هو حدق بآدا ، و آدا بالمثل حدقت به ..
لم يعرف ما يقول ، ولا ما يفعل ..
كان الوضع خانقا بشكل مروع له .. خانق لدرجة انه لم يعرف ما يجب ان تكون عليه حركته القادمة ..
وجه فراي تحول للفراغ .. ثم الاسى .. ثم الحزن ..
و أخيرا ، الصدمة ..
ببطء ، توسعت اعين فراي ، و فتح فمه بينما ضربت قدمه الأرض .. تزامنا مع صوت نايملس الذي حذره على الفور مما كان قادما ..
فراي إختفى بسرعة الضوء ، ليظهر امام آدا ممسكا بها و حاميا اياها بجسده..
هو عانقها بقوة ، ما جعلها بحيرة من امرها ..
لكن ما حدث تاليا .. كان الجحيم بحد ذاته ..
*بوووووووم !!!!!*
بلمح البصر ، تحول كل شيء للابيض .. و سمع كلاهما صوت انفجار مروع مسح كل شيء من حولهما ..
في ذلك اليوم .. و في تلك اللحظة ..
تم محو المعبد بهجوم واحد كاسح .. استهدف فراي الذي تواجد باعماقه ..
ذلك الهجوم كان بمثابة اعلان بداية المعركة .
...
...
...
لدعم الكاتب ماديا :
PayPal : mohamedmazino134@gmail.com
الديسكورد بالدعم.