صخب الحرب و أجواء الموت و الدم .
أشياء نادرا ما يختبرها المرأ بحياته ، لكن فصل النخبة قد إختبرها على أرض الواقع بتلك الليلة ..
داخل صحراء الألتراس القاحلة ، قاتل أولئك الطلاب الذين بلغوا بالكاد من أجل حياتهم .
وسط ضوضاء الحرب و إصطدام السيوف بالإضافة الى تمزق اللحم و العظام .. شعر جميعهم بالتوتر .
فراي الذي إستلم العشرات بفرده بكل مرة كثيرا ما فكر ..
'هل يمكنني انقاذ الجميع ؟'
لكنه سرعانما اجاب السؤال بنفسه ..
'بالطبع لا '
فكرة البطل الذي ينقذ الجميع لم تكن واقعية البتة .. خصوصا عندما تكون الاحتمالات ضدهم منذ البداية .
كما أنه لم يكن يعتبر نفسه بطلا في المقام الأول .
كل ما أراده فراي وسط بؤرة الكفاح تلك هو أن ينجو على الأقل اولئك القلائل الذي إعترف بهم كأشخاص حقيقيين داخل عالمه الخاص ..
بعدما أصبح محاطا تماما بالاعداء ، لم يستطع رؤية رفاقه مطلقا .. فجل تركيز كان منصبا على تلك الوحوش البشرية التي حاولت قتله ..
لوهلة .. تخيل فراي كثيرا ذلك المشهد عندما يصطدم بأحد جثث رفاقه الممزقين من العدم .. شعر بالغضب من الاعداء الذين لم ينتهوا قط حاجبين رؤيته تماما .
الشيء الوحيد الذي أثبت له أنه لم يكن وحيدا هو انفجارات الهالة التي كان يستشعرها من حوله .
مرت الدقائق بسرعة ، و على نحو غير متوقع و لأول مرة على الاطلاق ، مخاوف فراي لم تتحقق .
رغم تعرضهم للحصار من كل الجهات ، إلا أن فصل النخبة صمد بشكل مذهل ضد الاعداء .
فراي و سنو اللذان مزقا عددا مرعبا من الاعداء يمينا و يسارا بالاضافة الى دايمن و دانزو المتسلحين بدروع شديدة القوة .. يمكن القول أن اربعتهم لم يتعرضوا لأي اصابات على الاطلاق .
لقد تمكنوا بنجاح من صد الجهة الشرقية بالكامل ما جعل الخط الخلفي يتنفس الصعداء و يركز على الاعداء من أمامهم ..
غوست هو الآخر كان يتبرص باستمرار داخل ساحة المعركة مرسلا عددا كبيرا من الألتراس إلى قبورهم .
"هل نحن .. نفوز ؟"
تساءل فراي بعدما تمكن من تنفس الصعداء و فتح مجال لنفسه ..
من بعيد ، تمكن من رؤية عرض الالعاب النارية الذي أقامه فينيكس بالجهة الأخرى من ساحة المعركة ..
لورد الصنلايت لم يتردد قط بحرق أعدائه أحياء حاصلا على نصيب الأسد من القتلى لليوم ، من خلفه تمكن كل فرد من القيام بدوره على أكمل وجه رغم الحصار المفروض عليهم ..
سانسا فاليريون نشرت ظلها ليغطي مساحة كبيرة من حولها مستعملة المجسات السوداء لتمزيق كل من اقترب منها .
بالقرب منها ، شكلت سيرس مونلايت العشرات من الرماح و السيوف الجليدية ، كانت فتاكة جدا من المدى البعيد .. لكن ذلك لم يكن كل شيء .
اميرة عائلة مونلايت تألقت بشدة عندما تشكل درع من الجليد شديد النقاء حول جسدها الرشيق .. الدرع غطى اماكن متفرقة من جسدها ما جعلها تبدو مثل نوع ما من النينجا الجليدية ...
مستعملة زوجين من السيوف .. مزقت سيرس اعداءها من المدى القريب ايضا متمكنة من سد كل نقاط ضعفها ..
درع الاورا الجليدية قد تمكن بطريقة ما من زيادة صلابتها الدفاعية بشكل مهول بالاضافة الى الزيادة الغير محدودة لسرعتها ..
"مذهلة .."
ما قامت به سيرس إنعكس داخل اعين سانسا التي إنبرهت تماما بالطريقة الاستثنائية التي قاتلت بها سيرس .
"لقد تمكنت من اعطاء مردود مساوي لدروع دايمن و دانزو .. مستعملة قوتها فحسب .."
لن يكون من المبالغة القول أن سيرس مونلايت قد إخترعت طريقة قتال جديدة كليا للمتلاعبين بالموجات ..
لم تستطع سانسا سوى ان تبدي إعجابها بما كانت تراه ، لكن و بدون وعي منها .. نسيت أنها لا تزال داخل ساحة المعركة ..
إهمال جعلها لا تنتبه للبشري المتحول الذي انقض عليها من العدم ..
ذلك الشيء الاشبه بالزومبي راغبا بتذوق دمها قد فتح فمه مبرزا تلك الاسنان القذرة مستهدفا رقبة سانسا .
هذه الأخيرة تراجعت على عجل مدركة انها تأخرت كثيرا للرد ، لذلك لم يكن أمامها خيار سوى رفع يدها محاولة صد الوحش بمرفقها ، و ما هي الا لحظات معدودة قبل أن يغرز البشري المتحول اسنانه عميقا داخل جلدها ممزقا لحمها ما تسبب بتسرب كمٍ مرعب من الدم ..
تألمت سانسا بشدة عندما رأت علامة العض التي سفكت بنصف مرفقها .. تراجعها ذاك إستغله المزيد و المزيد من الاعداء محاصرين اياها ..
*سلاش!!*
صوت صفير الرياح كان بمثابة المنقذ .. فبضربة سريعة سقطت رؤوس المتحولين الذي احاطوا بسانسا ..
"هل أنتِ بخير ؟!!"
ظهرت آدريانا متمسكة برمحها الذي غمرته شفرة من الرياح مبدية وجها مرهقا و قلقا على حال الاميرة ..
هذه الأخيرة نهضت على الفور بعدما أوقفت نزيف يدها بالقوة ..
"لا داعي للقلق "
بحركة من يدها .. إرتفعت مجسات الظل مجددا بشكل أقوى بكثير هذه المرة ..
"سأبيدهم عن بكرة ابيهم "
بغضب .. زحفت المجسات السوداء و كأنها مجموعة من الافاعي العملاقة محولة كل من بداخل نطاقها الى اشلاء .
هجوم كاسح هز أرض المعركة بعنف .. لكنه لم يكن كافيا لقتل كل الاعداء ..
و هنا جاء دورها ..
لم يدرك الالتراس متى او كيف حدث ذلك بالضبط ، فتلك السهام التي اصابت بدقة رؤوسهم قد انهت حياتهم دون أن يدركوا حتى ..
"لا تنسوا أنني هنا ايها الاوغاد "
لارا كروفت ، حفيدة المدير السابق متمركزة بالخلف فوق مكان مرتفع نسبيا اطل على ساحة المعركة بأكملها .. هناك كانت رامية السهام الشابة بافضل حالاتها .
مطلقة السهم تلوى الأخر بمعدل اطلاق مرعب .. تمكنت من قتل العديد من البشر المتحولين .
من جهة أخرى ، تفاجأت سانسا بجرحها يتعالج تلقائيا بفضل ضوء اخضر ظهر من العدم و احاط بجسدها .
بعد التدقيق بمصدر تلك القوة النقية .. رأت سانسا من بعيد مرشحة القديسة ايميليا اتاراكس التي تمركزت خلف كل من لارا و توأم الصنلايت ..
ضوء ايميليا لم يمس سانسا فحسب ، بل اعاد الحيوية لكل فصل النخبة الذين كانوا بالقرب منها ما جعلهم يقاتلون بشكل افضل .
تواجد داون و راغنا بالقرب قد ساعد هو الآخر .
فصل النخبة لم يكن معتادا على القتال كفريق واحد ، لذلك كان تمركزهم سيئا جدا و قد فشل فينيكس بتنظيمهم .
لكن قدراتهم الفردية كانت عالية بما فيه الكفاية لقلب مد المعركة و الانتصار حتى و لو كان خصمهم جيشا هائلا بلغ قوامه بضعة آلاف .. الجودة كانت اهم بكثير من الكمية بهكذا حالات .
المعركة تحولت من حرب يائسة حاول فيها فراي و من معه النجاة ، الى ابادة تامة لجانب الألتراس الذي ماتوا الواحد تلوا الآخر .
و بعد 4 ساعات بالضبط.. أربع ساعات أحسوا و كأنها يوم كامل ، إنتهى الأمر اخيرا ..
سمع الجميع صوت نعيق الغربان التي نزلت من السماء تنهش الجثث المتعفنة ..
رائحة الدم ، و الجثث المحروقة .. و العرق و القذارة ..
روائح دغدغت أنوفهم جميعا .. لقد فازوا ، لكن وجوههم لم تظهر أي علامة على السعادة .. أو الشعور بالنصر .
بل فقط مرارة و تعب ...
"هل الجميع بخير ؟"
سأل فينيكس الذي لا يزال يبدو كما كان منذ البداية .. لن يكون من الخطأ القول أنه تولى نصف المعركة بمفرده ما ساهم بنجاة الجميع .
تجمع طلاب النخبة من حوله بحالات متفاوتة ..
سنو كان الشخص الذي تولى مسؤولية الاجابة.
"نحن بخير .. لقد نجونا "
"سعيد بسماع ذلك "
تنفس فينيكس الصعداء ، اللورد الشاب لعائلة صنلايت كان محاربا عظيما بلغ الفئة SS بسن صغير جدا .. لكنه اعتاد القتال بمفرده دوما و لم يملك الكثير من الخبرة ..
يمكن القول انه كان سيئا تماما عندما يتعلق الأمر بالقيادة و العمل الجماعي ، و هذا ما كان واضحا من الطريقة التي فقد بها السيطرة على سير المعركة ..
لحسن الحظ .. القوة الفردية لاقوى طلاب النخبة قد كفت هذه المرة .
"ماذا يجب أن نفعل الآن ؟" سألت سيرس مونلايت..
فينيكس أخذ دقيقة للتفكير و تحليل الوضع قبل أن يقرر بالنهاية .
"بالوقت الحالي سيكون من الأفضل مغادرة هذا المكان قبل قدوم المزيد منهم ، لكن .."
القى فينيكس بنظرة على ساحة المعركة التي عجت بالجثث و الغربان التي كانت الاسعد هذا اليوم بالوليمة الفاخرة التي حضرت لهم .
"أنت تفكر بنهب الجثث اليس كذلك ؟ استاذ فينيكس أين هي آدابك ؟ هيهي "
ضحك ايغون الذي كان يجلس خلف المجموعة يمسح سيفه .. الامير و على غرار فينيكس .. بدا بافضل حال و كأنه لم يتعرض للهجوم قط .
"نهب الجثث ؟"
سأل العديد من الطلاب بوقت واحد بردود افعال متفاوتة ..
بعضها اظهرت الاشمئزاز و التردد .. و البعض الآخر لم يتأثر بالأمر كثيرا ..
لكن بشكل عام ، فكرة العبث بالموتى لم تكن محببة لهم ، هم الذين عاشوا حياتهم بعيدا عن هكذا أجواء مزرية .
"نحن نفتقر للكثير ، بالوقت الحالي الحصول على موارد يحمل الاولية "
طعام ، ملابس .. اسلحة ، أي شيء بوسعه تحسين ظروفهم و لو قليلا قد كان موضع ترحيب و هذا ما فكر به فينيكس ، لكن ايغون هز رأسه على ذلك .
"لا جدوى من ذلك ، لربما لم تلاحظ لكننا قاتلنا حثالة الالتراس قبل قليل .. أدنى اشكال الحياة التي لا تختلف عن الحيوانات بالنسبة لهم .. فقط أي نوع من الاشياء القيمة تظن انك ستجدها معهم ؟"
تكلم إيغون بثقة دون أن ينظر إلى فينيكس حتى ، أعينه بقيت طوال الوقت منصبة على سيفه الذي نظفه تماما من كل بقع الدم .
فينيكس لم يستطع معارضة كلام إيغون ، فقد انتبه بدوره للحالة المزرية لجيش الألتراس ..
بدا و كأنهم قاتلو مجرد أكياس لحم دون أي روح بداخلهم .. فقط كما قال إيغون .. أدنى اشكال الحياة ، و لكن ..
"قد يكون كلامك صحيحا .. لكن اخبرني ، كم عدد الاعداء الذي قاتلناهم هنا ؟"
"لا أعلم ، فقد توليت معظمهم بنفسك .. ربما بضعة الآف ؟"
"بالضبط .. الالاف ، على الاقل اثق أن بعضهم يحمل أشياء ستفيدنا مستقبلا "
لا أحد يعلم كم سيبقون فوق هذه الأرض الاجنبية قبل إيجاد طريق الهروب .. و قد كانوا يعانون من نقص هائل من حيث الموارد ..
"أشياء مفيدة ؟ حتى لو كان هنالك شيء كهذا فقد احرقته بالفعل استاذ فينيكس رفقة جثثهم ، أنت تضيع وقتك هنا " إيغون ابدى معارضته لفينيكس بشكل مباشر .. كما لو أنها ليست المرة الأولى التي يحضيان فيها بنقاش كهذا ..
"اذا ساعة واحدة "
"ماذا ؟"
"سنبحث لساعة واحدة فقط .. بعدها سنتحرك مباشرة"
بما أن المعركة قد انتهت للتو ، لم يكن من الحكمة المخاطرة بالبقاء هناك طويلا .. لذلك اقترح فينيكس أن يبحثوا لساعة واحدة فقط قبل أن يغادروا .
إيغون تنهد بخفة مغمضا عينيه بعدما رأى أن فينيكس لن يتخلى عن الأمر .
"إفعلوا ما تشاؤون "
المجادلة بين فينيكس و ايغون سمعها جميع من في فصل النخبة .. من لا يعرفهما سيظن انهما بنفس المستوى من الطريقة التي تجادلا بها .
لكن المدهش بالأمر هو أن الامير الذي يعتبر فئة B فحسب يستطيع الذهاب الى ذلك الحد دون خوف مع فينيكس الذي تجاوز الفئة SS ..
الامير كان يفرض هيمنته اينما ذهب .. هيمنة تليق بملك حقيقي .
" تقرر الأمر ، أولئك من لا يزالون بحالة تتيح لهم القتال سيتولون عملية النهب معي .. أعلم انكم غير معتادون على هذه الأجواء .. لكن يجب أن تفعلوا ما يلزم للنجاة "
خاطب فينيكس الجميع ، لكن معظمهم لم يرغب بالنظر الى عينيه حتى ..
بالمقام الاول ، و رغم الانتصار الساحق .. إلا أنه لم يكن سهلا .
كانت حالات الطلاب متفاوتة ..
لديك سنو و فراي اللذان لا يزالان يستطيعان القتال بكل حرية ، لكن ماذا عن الآخرين ؟
لقد كانوا منهكين تماما ..
الطريقة التي بالكاد استطاعت بها لارا كروفت حمل قوسها من شدة الضمور الذي اصاب عضلات يديها من كثرة الاطلاق قد شرح الكثير ..
"سأذهب ."
قال فراي بعدما لم يرد البقاء بقرب الامير لوقت اطول .. بالنسبة له كان تفتيش الجثث ارحم .
نفس الشيء لسنو .
"سنساعد ايضا ، ما عدا النقص بالاورا نحن لم نتعرض لاي ضرر يذكر "
تطوعت سيلينا ايضا رفقة الساحر اكزيفير ..
هذا الأخير اتبع كلام سيلينا على الفور .
"سيكون علينا استعادة الفخاخ السحرية التي نشرناها حول ساحة المعركة لذلك يمكننا القيام بالامرين "
أومأ فينيكس موافقا ، قام ايضا بتجنيد كل من غوست و دانزو إضافة الى دايمن لكن هذا الأخير رفض ..
بالتالي ذهب 7 أشخاص من أجل انتشال الجثث تحت انظار الجميع ..
"فقط كيف يستطيعون فعل شيء فظيع كهذا ؟"
تحدث مرشحة القديسة ايميليا بوجه حزين و هي تنظر إلى فراي و من معه الذين بدأوا يفتشون الجثث بأوجه فارغة لم تظهر أي علامة على التأثر بما كانوا يفعلون ..
سيرس التي كانت بالجوار هزت رأسها ..
"أنت بريئة أكثر من اللازم .. ايميليا "
"هل أنا الغريبة هنا !؟" سألت ايميليا مقتنعة تماما بأفكارها .
منذ البداية كانت رافضة لما اقترحه فينيكس ، لكنها لم تستطع حشد الشجاعة من أجل الاعتراض .
"بأوقات كهذه ، يجب أن نفعل كل ما بأيدينا من أجل النجاة ، انظري .. لقد قتلناهم ، مالذي سيغيره إنتشال جثثهم ؟ هم موتى بالفعل "
"لكن .. مالفرق بيننا و بين الحيوانات إذا ؟ "
نظرت ايميليا ناحية الغربان التي استمرت بالنعيق و نهش الجثث ..
"هناك حدود رسمت لنا من قبل الحاكم الاعلى .. حدود لا يجب أن نتعداها ."
تمسكت ايميليا بإيمانها رافضة التنازل بٱي شكل من الاشكال ..
سيرس لم تعرف كيف تتعامل مع الفتاة المؤمنة امامها .. كان هذا النوع من الناس هم الاسوء بهكذا مواقف .. فهي مؤمنة بأن قناعاتها صحيحة تماما و لن تتنازل مهما حدث .. لكن الرد لم يأتي من سيرس .. بل من مكان آخر تماما ..
"فقط مالذي تتعاطونه في الكنسية ؟!"
كان دايمن .. الذي على ما يبدو قد سئم سماع هراء الاخلاقيات ذاك ..
"ماذا ؟"
"إستفيقي ايتها الطفلة اللعينة ، و اقلبي الرقعة قليلا ثم ضعي نفسك مكانهم "
"دايمن .." حاولت سيرس ايقافه .. لكنه استمر بالقوة .
"دعيني اخبرك شيئا .. لو قلبنا الادوار فهم لن يكتفوا بالعبث بجثتك فحسب ، بل اراهنك انهم سيتناوبون على اغتصابك الواحد تلوا الأخر إلى أن يتحطم جسدك الطفولي ذاك إلى قطع !"
النبرة المتعالية لدايمن تركت ايميليا بحالة صدمة لدرجة انها فتحت فمها بمحاولة للرد لكن لم يخرج شيء مطلقا .. لم تستطع سوى الخضوع امامه لما استمر بطعنها بالكلمات .
"أرمي اخلاقياتك الغبية هذه باقرب مزبلة ، فالشيء الوحيد الذي يهم بهذا العالم هو النجاة ! .. فقط لانك بالجانب الفائز لا تزالين تستطيعين نفث هرائك هذا ، أنت و كنيستك بأكملها ما أنتم سوى منافقين! .."
لسبب ما .. بدى دايمن أكبر من المعتاد و هو يصرخ بتلك الطريقة ..
"منا...فقين ؟" قالت ايميليا بصوت خافث بينما صرخ دايمن بصوت عالي ..
"نعم منافقون !!"
بمجرد صراخه بتلك الطريقة عم الصمت لبضع ثواني قبل أن يكسره صوت معين ..
"هيه .. إيهي .. "
سقط فك دايمن عندما بدأت ايميليا تبكي مثل الاطفال ..
بدون سابق إنذار .. هو جعلها تجهش بالبكاء ..
من جهة أخرى التفت الفتيات من حولها محاولين تهدئتها بينما رمقوه جميعهم بنظرات الازدراء و الاشمئزاز طاعنين اياه بأعينهم ..
دايمن كرد فعل بصق على الارض بينما انسحب بعيدا
.
"فقط أي نوع من الداعرين تورطت معهم ؟"
بصق دايمن تلك الكلمات بينما إبتعد ظهره العضلي بعيدا ..
لقد تساءل كثيرا .. كيف نجى حمقى مثلهم حتى الآن ؟
...
...
...
بعيدا عن البلبلة التي وقعت بين دايمن و ايميليا .. جلست الاميرة سانسا بمفردها تحدق بساحة الجثث .. تحديدا أين تواجد فراي ..
هذا الأخير كان يعبث بالجثث الواحدة تلوا الأخرى بوجه فارغ لم يظهر أي تعابير ..
"لا أستطيع قراءته .."
تمتمت سانسا بعدما لم تستطع معرفة مالذي كان يفكر به بالضبط ..
منذ تحول شعره للأبيض فجأة .. لم تعد تستطيع قراءته كما اعتادت إلا نادرا ..
مالم يخفض دفاعه ، فلن تتمكن من النظر من خلاله مطلقا ...
بات وجوده غامضا تماما الآن ، لكن لسبب ما لم تعد تستطيع ابعاد عينها عنه ..
"إنه يجيد التعامل مع الجثث .." تمتمت سانسا تحت انفها دون وعي قبل أن يأتي رد مفاجئ ..
"أجل ... و كأنه معتاد عليها "
إلتفت سانسا لتجد فتاتا مألوفة تقف بجانبها ..
"كلانا .."
كلانا ستارلايت .. قريبة فراي ، هذه الأخيرة حيت الاميرة بابتسامة ..
"مرحبا .. هل تمانعين لو جلست ؟"
"إطلاقا .."
"شكرا .."
جلست كلانا بجانب سانسا بينما حدق كلاهما بحقل الجثث الذي إجتاحته الغربان ..
"نحن بعيدون عن الديار .."
"أجل"
ضحكت كلانا مسترخية فوق الحجر الصلب الذي إستخدمته ككرسي .
"لو اخبرني شخص ما البارحة أنه سينتهي بي الأمر هنا بهذه الطريقة .. لنعثته بالمجنون "
"إنه لاسوء مصير على الاطلاق .."
كان هنالك معنى ضمني خلف كلمات سانسا ، و قد فهمته كلانا على الفور .
"هذه هي المرة الثانية لك هنا .. أأنت بخير ؟"
سألت كلانا بينما بقيت سانسا تحدق بعيدا بعبوس ..
لم تكن للاميرة أي ذكريات جيدة حول هذا المكان ، رغم أنها لا تملك اي فكرة عن كيف بدت قارة الالتراس بعدما قضت معظم وقتها محتجزة بزنزانة .. لكن هذا لم يغير من حقيقة انها عادت إلى الأرض التي تعذبت فوقها ذات يوم ..
الأمر لم يكن هينا بكل تأكيد على قلب سانسا ..
"لا بأس ، أنا بخير .."
أومأت كلانا ردا على ذلك .
"هل برأيك سننجو هذه المرة ؟"
لقد نجت الاميرة بالمرة الأولى ، ثم ماذا عن الآن ؟
"لا أعلم .. أنا آمل ان نفعل "
عم الصمت لبرهة بعد رد سانسا بينما حدق كلاهما بالجثث مرة أخرى ..
تحديدا نحو شاب معين جر جثة خلفه بعدما وجد بعض الاشياء الجيدة بجيوبها ..
"أعتقد أن بعضنا سينجو .. الاقوياء على الأقل مثلك يا سانسا .. و فراي الواقف هناك .."
إستدارت سانسا بمجرد ذكر إسم فراي بالمحادثة من العدم ..
"أخبريني .. أميرة ، مالذي يعنيه لك ؟"
"ماذا ...؟" سألت سانسا متفاجئة قليلا من الطريقة التي سارت بها المحادثة ..
"أتحدث عن فراي ، كنتِ تنظرين اليه طوال الوقت .."
"ما خطب هذا السؤال فجأة ؟.."
سألت سانسا بينما أمالت كلانا رأسها متكئة على ركبتيها ..
"إعتبريه مجرد فضول ، أنت حرة ما إذا اردتِ الإمتناع عن الاجابة "
عقدت سانسا حواجبها عابسة .. هذا لم يكن لا المكان و لا الوقت المناسب لطرح سؤال كهذا ..
"مالذي يعنيه فراي لي .."
صديق .. تلك أول اجابة جاءت على بالها ..
بعدما تحتم عليها أن تعيش حياتها بأكملها كأميرة تطلع لها الكثير .. كان الجميع من حولها يتقرب منها بنية الاستفادة منها بطريقة أو باخرى محاولين اخفاء نواياهم الحقيقية ..
و كثيرا ما آذاها الأمر بفترة طفولتها .. الأمر تكرر لدرجة أنها طورت قدرة غريبة تتيح لها قراءة الوجوه ..
بذلك الوقت .. فراي كان الوحيد الذي اقترب منها دون اخفاء أي شيء ..
كان وقحا و مزعجا .. لكنه لم يحاول استغلالها على الأقل ما جعلها تعتبره صديقها الوحيد .. لكن الأمر تطور كثيرا منذ دخولهم المعبد .
إنقاذها مرارا و تكرارا .. عندما أظلم كل شيء من حولها و لم يعد يصلها شيء بعد الآن.. كان هناك من أجلها ..
بمرحلة ما ، أصبح وجوده مساويا لوجود اوليفر خان الذي كان حليفها الوحيد حتى الآن ..
لذلك .. مالذي يكونه فراي بالنسبة لها بالضبط ؟ ..
تساءلت سانسا و هي تستعيد ذكرياتها مع الشاب الذي لطالما بدا مكتئبا و كأن كل هموم الدنيا مرمية فوق أكتافه ..
*سانسا فاليريون*
*نقاط المودة الحالية : 70 .. 71 .. 72 .. 73 .. 74
... 75 *
"شخص لا أستطيع تحمل خسارته .."
كان هذا هو الجواب الذي تمكنت سانسا من الخروج به ... و على ما يبدو لم يكن ما توقعت كلانا سماعه و هذا ما ظهر من ردة فعلها المتفاجئة ..
"جديا .. لماذا تسألين مثل هذا السؤال "
تكلمت سانسا بعدما اخذت بنظرة مطولة أخيرا على وجه كلانا ما جعلها تقرأ مشاعرها الحقيقية دون وعي منها ..
لكن النتيجة جعلت اعينها تتوسع تدريجيا متفاجئة ..
"كلانا .. أنت .."
كانت على وشك قول شيء ما .. لكنها توقفت عندما هزت صرخة مرعبة المكان ما جعل الغربان تطير بعيدا ..
إلتف الجميع على الفور باحثين عن مصدر الصراخ ليجدوا الساحر اكزيفير آدمز يتخبط ارضا و شيء ما متشبث به ..
"هذا .."
"بشري متحول ؟!"
اكزيفر الذي ظن أن جميع الاعداء موتى بالفعل قد تمت مباغتته من قبل أحد المتحولين الذي كان لا يزال حيا .
غارزا اسنانه الحادة عميقا داخل صدر الساحر الشاب .. تخبط هذا الاخير بألم غير قادر حتى على حشد قوته ..
*سلاش !!*
بسرعة مجنونة .. قطع فراي الذي كان بالقرب رأس المتحول بضربة واحدة مخلصا اكزيفر من معاناته .. لكن اصابة الساحر الشاب لم تكن بمزحة ..
المتحول حفر عميقا لدرجة انه نهش لحم اكزيفر ناشرا العفن الاسود الغريب داخل صدره .
تألم اكزيفر بشدة بينما احاط به الجميع و على رأسهم ايميليا التي عالجته على الفور ..
"غبي .. هل أنزل دفاعه لمجرد إعتقاده بأنهم موتى ؟"
تذمر دايمن فاليريون و هو ينظر إلى الجميع و هم يتجمعون حول اكزيفر الذي عالجته ايميليا ..
"إنهم عديموا الخبرة .." جاء رد مفاجئ جعل دايمن يستدير على الفور .. ليجد غوست خلفه لا يزال ينبش الجثث غير آبه لما كان يحدث خلف ظهره .
دايمن رفع حاجبا .. فهو لم يعتقد قط أن هنالك شخصا موجودا خلفه لولا أن غوست اختار الكلام ..
على ما يبدو ، القاتل الصامت ظن كلمات دايمن موجهة له..
"عديموا الخبرة .. عند الحديث عن الخبرة فلا أظن أن هنالك من هو أعلى من مغتال قذر مثلك .. غوست اومبرا "
"..."
ضحك دايمن بينما التزم غوست الصمت ..
"اخبرني .. اومبرا ، مالذي تعتقده ؟ أنظر اليهم .. من برأيك سينجو ؟ و من سيموت ؟"
لم يجب غوست على الفور ، بل انتهى اولا من نهب كل الجثث من حوله منفذا عمله بشكل مثالي .
مر غوست بجانب دايمن تاليا إلى أن اصبحا كتفا لكتف .. بتلك اللحظة ، فتح المغتال فمه ..
"الموت لا يفرق بين أحد .. دايمن فاليريون ، سواءا إمتلكوا الخبرة مثلنا .. أو لم يفعلوا مثلهم .. لا أحد يعرف ما قد تؤول اليه الأمور "
بوجه مظلم .. تجاوز غوست نظيره بينما رمى آخر كلماته ..
"و لكن .. إذا أصاب حدسي ، فعدد الناجين هنا لن يتجاوز عدد اصابع اليد الواحدة .."
بمجرد سماع ذلك ... ضحك دايمن فاليريون بصوت عالي بعدما شعر بتلك القشعريرة تصيبه دون وعي من كلام غوست ..
"ياله من مصير مشؤوم تريد لعننا به .. غوست اومبرا .."
بين نعيق الغربان ... و أنين ايكزيفير المتألم ..
إنتهت الساعة التي حددها فينيكس ما عنى أن المجموعة ستتحرك مجددا .. محاولين النجاة داخل قارة الاعداء الذي تربصوا بهم على الدوام ..
...
...
...
- حفلة الشاي -
وسط الحديقة البديعة ، متكئة على طاولتها بيد واحدة حدقت بياتريس برقعة الشطرنج بابتسامة ..
"إنتهت الجولة الأولى"
بمجرد إنهائها لكلامها ، أتبعه الرجل الخمسيني امامها على الفور..
"بخسارتك "
إرتشف الرجل الغريب الذي أرتدى قبعة طويلة من كوبه بينما إستمتع بطعم انواع الشاي المختلفة التي قدمتها بياتريس بحفلتها .
هذه الأخيرة ابتسمت بهدوء ..
"هل تعتبرها خسارة حقا ؟ لقد حققت ما أردته بعد كل شيء"
كرد فعل ، فتح الرجل الخمسيني عينيه الحادتين ..
"بدأت الجولة الثانية بالفعل اذا ؟"
أومأت بياتريس بابتسامة لطيفة .
"هذا صحيح "
"باه .. فقط كم تريدين من هذه اللعبة السخيفة أن تستمر ؟ "
"إلى أطول وقت ممكن .. أنت تعرف كم المكان هنا ممل "
بدت بياتريس مستمتعة حقا ، و كأنها طفلة في السادسة من عمرها قد إكتشفت لعبة جديدة ستسليها لوقت طويل حقا .
"غافيد ليندمان لن يكون سعيدا بهذا كما تعلمين .."
بمجرد ذكر اسم ليندمان .. هزت بياتريس كتفيها ..
"من يهتم لما يريده ذلك الرجل المتغطرس ؟ هو لن يكون بالقرب بأي وقت قريب "
بعد خطفهم لاهم جواهر الإمبراطورية ، توقع الألتراس رد فعل عنيف من جانب البشر ..
لذلك يمكن القول أن معظم قوات الألتراس تتمركز إستعدادا لبدأ الحرب التي ستشنها الإمبراطورية أخيرا عليهم .. في تكرار للحرب التي حدثت قبل 17 سنة .
لكن هذه المرة ، كان الألتراس هم من إستدرجوا
الإمبراطورية لا العكس ..
على أي حال .. و الشكر لتلك الحرب التي توشك على الاندلاع ..
أصبحت بياتريس حرة تماما لتلعب مع فراي و رفاقه كيفما ارادت ..
راقبت الساحرة اولئك المراهقين باهتمام شديد و بحرص ..
رأت كيف تكونت العلاقات بينهم شيئا فشيئا ، الصداقة ، الاحترام ، الحب ، الكراهية ، العداوة ..
كان فصل النخبة ارضا خصبة لكل انواع الاحداث التي إستمتعت الساحرة الذهبية كثيرا بمشاهدتهم ..
إنعكست أعين الساحرة على فراي و من معه من مكان اقرب بكثير مما كانوا يظنون بينما تضخمت ابتسامتها ..
"حان وقت الجولة الثانية "
...
...
...
نهاية الفصل .
كل وسائل التي تستطيع دعمي بها موجودة بخانة الدعم ..
أو يمكنك ترك تعليق لو اردت لتشجيع قصة فراي على الاستمرار.
يذهب الناس و يأتي اخرون ، لكن منظور الشرير تبقى قائمة دوما .
اراكم بالفصل القادم