اهلا و مرحبا بكم و لكل قراء الرواية الاعزاء ..

اليوم اعلن عن بداية تحدي جديد .. تحدي ال 50 يوم ..

بحيث أنه و طيلة ال 50 يوم القادمة ، سينزل 50 فصل .. لذلك هيا بنا إلى جحيم آخر .

-منظور فراي ستارلايت-

"..."

عم الصمت لبعض الوقت .

كان الصوت الصاخب هو سبب تجمعنا سابقا ، صوت ايكزيفير الذي لفظ انفاسه الأخيرة قبل قليل .

ثم ها نحن ذا نقف من حول جثته ساكتين غير قادرين على قول كلمة .

عندما كنت أنظر إلى تلك الجثة المتعفنة التي نالت منها دماء الشياطين ، إستطعت تخيل و لو القليل من العذاب الذي أضطر ايكزيفير للمرور به .

لابد و أنه قد علم بانه سيموت .. غير قادر على فعل أي شيء حيال ذلك .. لربما حاول بلحظاته الاخيرة القيام بشيء يجعل لحياته حتى الآن معنى .

لكن النظرة الحزينة على وجهه .. النظرة التي عكست الندم ، الخوف .. و الحسرة قد أثبتت فشله .

رغم معرفتي بكل ذلك ، إلا أنني لم أشعر بأي شيء .

لم أحزن ، و لم أغضب .. فقط فكرت أن موته كان مثيرا للشفقة ، و على الارجح لقد شاركني الكثير من الحاضرين هذه الافكار .

ما عدا سيلينا التي تحسرت على موته ، الجميع شاهد بصمت.

"يجب أن نبلغ الاستاذ فينيكس .."

سيرس كانت أول من كسر الصمت ، مشيرة لضرورة التصرف .

بعد ذلك ، حدث كل شيء بسرعة .

صنعت سيرس ثابوتا من الجليد الذي حافظ على جثة اكيزيفير من التعفن بينما إفترق الجميع .

الشيء الوحيد الذي تشاركته وجوههم الفارغة كان الخوف ..

خوف من الموت الذي طرق أبوابنا أخيرا.

...

...

"فهمت .."

تلك كانت الكلمة الوحيدة التي خرجت من فم فينيكس بمجرد سماعه لخبر وفاة أحد طلابه .

بنظرة واحدة علمت كم كان غاضبا ، لربما حمّل نفسه المسؤولية بما أنه الشخص الذي أراد منا نهب الجثث ، فلو لم يفعل لما تعرض اكيزيفير للعض بالمقام الأول.

لكن على عكس فينيكس الذي لام نفسه ، لا أحد من الطلاب قد فعل ..

بعد مناقشة خفيفة لم تأخذ سوى بضع دقائق ، قمنا بدفن جثة اكيزيفير هنا بمدينة الألتراس الاجنبية .. فلم تكن هنالك من طريقة لسحب جثته معنا إلى الوطن و لم يتطوع أحد لحملها معه ما جعلنا نتخلص منه بسرعة شديدة لدرجة أن البعض لم يحضروا عملية دفنه حتى ..

لكن و على الرغم من طريقة موته المثيرة للشفقة ، إلا أن موته لم يكن بدون معنى ..

فبسقوط أول الضحايا ادرك الجميع الحقيقة التي أجبرتهم على العودة الى الواقع ، مدركين كم كان الموت قريبا منهم .

مجرد عضة واحدة .. إصابة بسيطة قد يراها الكثيرون تافهة قد كانت كافية لقتلهم ، فما بالك بما تخفيه هذه القارة المظلمة .

...

...

...

بتلك الليلة ، وجدت نفسي اتجول وحيدا سارحا بأفكاري متجنبا الجميع .

كلما مررت عبر تلك المباني المهترئة التي أوت الألتراس كنت اتساءل كيف كانوا يستطيعون العيش بوسط كهذا ؟ يأكلون من لحم بني جنسهم بينما تترامى جثثهم هنا و هناك بدون معنى .. مثل الكلاب .

ثم مجددا أتساءل ..

كيف نجحوا باستدراجنا ؟

النقل الآني لم يكن بالشيء الذي يمكن التلاعب به ، إلا بحالة التلاعب بالبوابة نفسها . و هذا ما يثبت وجود خائن بالمعبد قد تمكن من تحقيق شيء كهذا . ساحر لاكون دقيقا بما أن السحرة هم الوحيدون الذين يستطيعون تشغيلها . ساحر متمكن جدا .

لكنني لم أستطع التفكير باي اسم على الرغم من أنني كنت الشخص الذي أنشأ هذا العالم بكل ما فيه ، ماذا لو كان الخائن لا يزال بالجوار ؟

"أنا بالظلام بالكامل .."

ولا يبدو أن هذا سيتغير باي وقت قريب .

بعد قضاء عدة ساعات اتجول دون هدف قررت التوقف ، ثم قفزت بسرعة متسلقا مبنى اكبر من غيره أطل على معظم ما يوجد داخل المدينة و أسوارها العالية .

مدينة الألتراس بدت مثل أحد مدن الصحراء القديمة التي كانت موجودة بالماضي ، لكن الفرق أن هذه كانت موحشة جدا .

الشياطين تلتهم قوة الحياة ، الاورا التي تحافظ على الأرض حية ...

هذه المدينة و كل ما جاورها قد ماتت اراضيهم بسبب الشياطين التي وجدها فينيكس و الاخرون تحت الأرض .

على هذا المنوال و لو استمرت الشياطين بالقدوم فستكون مسألة وقت قبل أن ينتهي الأمر بكوكب الأرض إلى حالة شبيهة ب لوندور الذي مات تماما و لم يعد يحمل أي مظهر من مظاهر الحياة .

بتلك اللحظة رفعت رأسي أحدق بالسماء .. مواصلا طرح الاسئلة التي لا إجابة لها ..

" البوابة التي أغلقها كازيس فاليريون.."

من حطمها ؟

من فتح الباب أمام كل تلك الشياطين التي وجدناها ميتة تحت أرضية المدينة ؟

من أجل تحطيم ختم بتلك القوة ، الأمر يتطلب تواجد شيطان من العشر الاعلى على الأقل .

و الشيطان الوحيد الذي فكرت به لم يكن سوى واحد ..

"ويسكر .."

شيطان الرتبة الرابعة الذي قاتل والدي قبل 17 سنة ..

ويسكر شديد القوة ، و استطاع اختراق الختم بالقوة ما سبب له الكثير من الضرر ، لكنه لم يحطمه بل فقط مر من خلاله .

لاحقا خسر ويسكر ضد والدي و المهندس الذي قاتل بجانبه ، لكن هل غادر ويسكر الأرض حقا بعدها ؟

إذا لم يفعل فلربما هو من حطم الختم .. فوحش بمستواه قادر على فعلها .

لكن لو كان هو حقا .. إذا أين ذهب ؟

أين يختبئ؟

الشيطان الذي يملك عين الملك .. العين التي تستطيع رؤية مستقبل الناس كافة .. نفس الكيان الذي وضع يده علي ذات يوم .

لو قرر وحش كهذا العودة و مهاجمة الإمبراطورية ، فلن أستطيع فعل شيء حياله ..

"فراي ستارلايت لن يستطيع هزيمته "

تحدث بصوت خافت ، قبل أن أسحب شيئا معينا من داخل ملابسي ..

قطعة من المعدن الأسود على شكل قناع .

"فراي لن يقدر .. لكن أنت ستفعل "

محدقا بفجوات قناع النايملس الغريب ، تذكرت ما حدث بلوندور .

لاكون صادقا ، كنت افكر بما حدث هناك كل يوم حتى الآن ، لكنني تناسيت الأمر منذ وقوعنا بفخ الألتراس .

رغم ذلك ، جعلني موت اكيزيفير اليوم تلك الافكار تعود إلى رأسي ..

كنت اعلم أنني سأموت ذات يوم .. الجميع سيفعل .

لكن الفرق بيني و بينهم هو أن موتي سيفتح الباب لشيء أعظم لكي يعيش ..

فما أنا سوى مضيف مؤقت لهذا الجسد الذي تمت تهيأته من أجل ملك ما ..

ملك يحمل من القوة ما يكفي لتحقيق كل ما أريد .

لم أكن حزينا بشأن ذلك .. بل تقبلته بالكامل .

تقبلت حقيقة أنه سيتم استبدالي ذات يوم و رمي ارادتي هذه جانبا .

لكن موت اكيزيفير جعلني أدرك شيئا مهما ..

"أنا لا أريد الموت هكذا .."

ميتة مثيرة للشفقة .. موت بدون معنى يجعل الناس يتخلصون من جثتك بنفس اليوم ، ثم ينسونك باليوم الموالي .

إذا كان الموت و الاندثار من هذا العالم هو مصيري ..

فأريد الموت بالطريقة التي أريد على الأقل ..

سواءا هنا ضد الالتراس .. أو بأي مكان آخر ..

"أنا سيد مصير نفسي .."

لم يكن من المناسب أن اقول هذا ، منذ أن أصبحت مجرد دمية يسيرها أزرق العينين كما يريد .

لكن هذه المرة ، أردت حقا تجاوز توقعاته و تحطيمها .

المستقبل الذي هيأه لي أولئك بالاعلى ... مصير محتم لم أستطع الهرب منه قط.

أردت محاولة كسره بطريقة ما .

تحقيق ذلك ، ثم الموت بطريقة مناسبة .

لا يوجد شيء كلي القدرة بهذا العالم ، و لا حتى أغاروث .. ملك الشياطين العظيم بنفسه ..

لذلك هدفي هذا الذي قد يبدو مستحيلا للوهلة الأولى ، لم يكن مستحيلا تماما ..

"أظن أن هذا يكفي للوقت الراهن "

دون أنتبه ، أمضيت عدة ساعات على هذه الحال أتأمل السماء مفكرا بكل صغيرة و كبيرة ..

غارقًا في عزلتي ... فكنت كالنجم المنعزل ، في فضاء الوجود .

...

...

...

عندما تحركت من مكاني ، كان الوقت فجرا بالفعل ..

ضوء الشمس و الهواء البارد الذي لسع صدري مرارا و تكرارا قد أعلن عن مرور اليوم الأول داخل مدينة الألتراس المهجورة .

و أولى الليالي بدون زميلنا الميت ، اكيزيفير آدمز .

كنت أنوي العودة إلى المكان الذي أقام به باقي طلاب النخبة ، المبنى الاداري الذي تركت الجثث أسفله .

لكنني توقفت عندما سمعت صوت صراخ أحدهم يصدر من ناحية السور القريب مني .

لربما هو الفضول الذي جعلني أقترب من مصدر الصوت محاولا إكتشاف ما كان يجري .

و بفضل حواسي المعززة لم يكن من الصعب فعل ذلك .

إتضح في النهاية أن مصدر الصراخ و كما كان متوقعا قد صدر من سكارايت صنلايت التي إنفجرت بوجه فينيكس العابس أمامها ..

"لماذا تحاول إبعادنا بهذه الطريقة ؟! هل موتنا هو ما تبتغيه ؟ أن ترى جثثنا مرمية هناك بدلا من ايكزيفير ؟!"

واصلت سكارايت الصراخ بوجه فينيكس بينما قام أخوها ايفان بمحاولة ثنيها .

فينيكس لم يبدي أي رد فعل ، بل فقط حدق بها بهدوء و أعينه النارية تضيء ..

"لم تكن تلك نيتي ، لكنني أنوي التحرك بمفردي إبتداءا من الغد لكي أبحث عن بوابة الهروب .. لا أستطيع أخذكم معي برحلة خطرة كهذه "

كانت هذه المرة الأولى التي اسمع فيها عما أراد فينيكس القيام به .. على ما يبدو هو يريد التحرك وحيدا و تركنا هنا حيث المكان آمن نسبيا .

هذا يعني انه يريد تحمل معظم الخطر بمفرده ، لكن سكارايت لم تفهم الأمر بهذه الطريقة . و هذا ما أثبته ردها .

"تريد التخلي عن الجميع و الهرب بمفردك إذا .. هذا مناسب لك حقا أيها اللورد المعجزة ."

"سكار .. أنا لن أتخلى عن أي منكم "

مد فينيكس يده لها محاولا تهدئتها ، لكنها سرعانما صفعت يده بعيدا .

"لا تلمسني !!"

رد فعلها المتفجر جعلني اتساءل حقا كيف تمكن فينيكس الذي يستطيع محوها بضربة واحدة أن يحافظ على هدوءه ذاك ..

"اذهب بعيدا ! أنت الذي سلبتنا كل شيء .. مستقبلنا ، عائلتنا و والدنا ... ياليتك تموت بهذه الأرض الملعونة رفقة الجميع !"

أنهت سكارايت كلامها اللاذع لتغادر بعد ذلك بغضب بينما تبعها ايفان صنلايت الذي انحنى بخجل لفينيكس قبل أن يلحق بأخته ..

تنهد فينيكس تنهيدة طويلة و هو يرى عائلته تذهب بعيدا .. بعدما إختفى كلاهما تماما إستدار ناحية زاوية بعيدة بابتسامة متكلفة .

"الى متى تنوي الاختباء هناك ؟ "

"كما هو متوقع منك ."

خرجت من مخبئي فور تأكدي من إكتشافه لي ، حواس مستيقظ الفئة SS لم تكن مزحة ..

"آسف على التطفل .. "

"انا أكثر أسفا على المنظر البائس الذي جعلتك تراه "

قفز فينيكس متسلقا السور بضربة واحدة ، بينما تبعته أنا الآخر..

"لم أعتقد يوما أنني سأرى عائلة صنلايت الفخورة يتقاتلون فيما بينهم "

"لا يوجد شيء مثالي بهذه الحياة يا فراي ستارلايت .. عائلتنا ليس بالمثالية ، في الواقع لو سألتني فسأقول أنها معيبة "

عائلة الصنلايت حاليا هي الاقوى بين كل العوائل بما أنها تملك لوحدها 3 مقاتلين من الفئة SS و اعلى ..

سماع فينيكس يقول أنها معيبة لم يكن واقعيا ، لكنني كنت أدري أن هنالك الكثير يحدث خلف الستار .

"الأمر يتعلق باللورد القادم ؟"

أومأ فينيكس .

"هذا صحيح "

واقفين جنبا إلى جنب ، ننظر إلى الاراضي المقفرة المحيطة بنا من الاعلى..

روى لي فينيكس بعض الحقائق عن عائلته ..

"عائلة الصنلايت فريدة من نوعها بعض الشيء عندما يتعلق الأمر بوراثة لقب اللورد .."

مد فينيكس يده لتتكون شعلة قرمزية حولها ، ثم بدأ يتلاعب بها كيفما يشاء .

"بدأ الأمر عندما كنت الوحيد الذي تمكن من تحمل اسلوب لورد العائلة الحالي .. الشعلة الابدية ، بل أتقنتها بشكل كامل و هذا ما لم ينجح ايريس نفسه بتحقيقه .."

أومأت متفهما اياه ، و هذه كانت معلومة أعرفها بالفعل .

اسلوب الشعلة الابدية خطير جدا ، و فقط لورد العائلة ايريس من استطاع استعماله ، لكن حتى هو لم يتقنه بالكامل و قد ترك له عدة اعراض جانبية ابرزها لحيته التي تحترق على الدوام و عجزه عن الشعور بالبرد و الحر .

لكن على عكسه ، فينيكس قد أتقن الاسلوب بشكل مثالي بنسبة 100% و هذا ما بعد إنجازا غير مسبوق ..

"اللورد هو لقب لا يحمله سوى الاقوى داخل عائلتنا ، و ذلك هو عمي ايريس صنلايت .. لكن و على عكسه هو الذي يملك من القوة الكثير ، فأبناؤه لم يكونوا بتلك القوة أو الموهبة .. "

لم يرزق ايريس سوى بمولدين توأم .. ايفان ، و سكارايت .

كلاهما يملك موهبة جيدة بالمعايير الطبيعية .. لكن خصمهم لم يكن عاديا ..

"في النهاية .. إنتهى الأمر بإيريس لإختياري كي اكون وريثه ، متجاهلا أبناءه تماما "

أمام نجم العبقري المسمى فينيكس ، نيران ايفان و سكارايت كانت خافتة جدا .. بل لا وجود لها .

"أفترض أن هذا جعل كلاهما يكرهني إلى حد ما "

إبتسم فينيكس بمرارة ما جعلني أدرك أنه لم يحتقرهما مطلقا ، في الواقع .. هو حاول حمايتهما بكل ما يستطيع من قوة ..

"إذا أردت رأيي ، أظنك أنسب منهم بكل تأكيد .. لست مضطرا لحمايتهم فأنت لا تدين لأحد بذلك "

محاولة حماية و إنقاذ الجميع لم تكن بالفكرة الواقعية بتاتا ، يمكنه المحاولة ، لكنه سيفشل بالنهاية مهما بلغت قوته و الدليل هو موت اكيزيفير سابقا ..

"أفهم ما تحاول قوله .. فراي ، لكنني لا أستطيع منع نفسي من الشعور بقدر من المسؤولية تجاههم .. إذا لم أستطع إنقاذ هذا العدد على الأقل ، فكيف سأقود عائلة بأكملها في المستقبل ؟"

هذه هي طريقة تفكير فينيكس إذا .. شعرت و كأنني بدأت أفهمه بشكل أفضل ، لكنني لم أستطع موافقته الرأي .

"لا يوجد شخص بهذا العالم قد يقدر على تحقيق شيء كهذا .. فينيكس "

"أعلم ، لكنني سأحاول بطريقتي الخاصة .. و شيء آخر .. "

إلتف فينيكس ناحيتي بابتسامة .

"والدك كان ليقدر على تحقيق ذلك ، و بسهولة أيضا "

لأول مرة منذ بدأ هذه المحادثة ، تغيرت تعابير وجهي دون وعي مني بمجرد ذكر والدي ..

"أبراهام ستارلايت سبق له و إخترق أراضي الالتراس بمفرده و واجه كل من فيها ثم عاد حيا ! ، بذلك الوقت لم أكن سوى مجرد طفل بمقتبل العمر ، اذكر أنني شعرت و كأن نارا من نوع ما قد إحترقت بصدري و أنا أفكر به و كيف فعلها .."

تحدث فينيكس بحماس .. هو يتحول إلى شخص مختلف بمجرد ذكر إسم والدي بالموضوع ..و لكن ..

"ليس من الجيد أن تقارن نفسك بوالدي .. فينيكس"

تكلمت بواقعية ، والدي قد بلغ الفئة SSS متسلحا بقدرات النظام و معرفته التي إمتدت لحياتين ..

كان إستثنائيا ، و هذا ما جعل نجمه يسطع لهذه الدرجة ..

"أجد أنه من الصعب إنكار كلامك .. خصوصا عندما تكون إبنه "

تحدث فينيكس بابتسامته التي أثبتت أنه لن يتأثر بكلامي ..

قضينا الكثير من الوقت بعدها نتحدث حول والدي قبل أن نتبادل بعض الأراء حول الوضع الراهن .. و أخيرا بعدما لم يعد هنالك ما يمكن الحديث عنه ، ذهب كل واحد منا بطريقه و عدت إلى المبنى المركزي حيث يتواجد بقية الطلاب .

بذلك اليوم ، أحسست و كأنني بدأت أفهم فينيكس أكثر قليلا .

...

...

...

مر يوم على موت اكيزيفير ..

موته جعل الجميع يدخلون بحالة من الحذر المفرط خوفا من أن يكونوا التاليين بالطابور ..

من بينهم ، جلست سانسا معظم الوقت بمفردها .

كانت بقية الفتيات يقصدنها من وقت لآخر ، و لم تقم الاميرة برفضهم مطلقا .

لكنها وجدت نفسها تفضل البقاء وحيدة بعيدا عن الآخرين ..

'أتساءل منذ متى أصبحت هكذا ؟'

تساءلت الاميرة مستغربة من حالها .. لطالما كانت الوحدة سجنا لها يذكرها بوضعها كأميرة دون أي علاقات حقيقية .

لكن بطريقة ما ، أصبحت الوحدة تشعرها بالراحة مؤخرا و كأنها لم تكن سبب حزنها ذات يوم .

جالسة بغرفتها المؤقتة التي أخذتها لنفسها داخل المبنى المركزي للمدينة المهجورة .. قضت سانسا معظم وقتها تفكر بمختلف الاشياء .

فعلت ذلك إلى أن قاطعها صوت طرق الباب المفاجئ .. كان صوت النقر خفيفا ما أوحى لها أن الطارقة فتاة ..

"نعم ؟"

أجابت سانسا باختصار ليتحدث الطارق .

"انها انا .. أقصد أدريانا ، أحضرت بعض الطعام "

تحدثت أدريانا بشكل اخرق خلف الباب الذي فتحته سانسا ..

"لم يكن عليك تكبد عناء إحضاره إلي ، أخبرتك أنني لست بحاجة اليه "

تكلمت سانسا بجدية لكن سرعانما تخلت عن موقفها لما رأت أدريانا تنكمش امامها .. تصرف الفتاة الخجولة جعلها تتنهد مستسلمة .

"أدخلي "

"امم "

دخلت آدريانا الغرفة التي كانت فارغة تماما بسرير واحد فقط و كرسي ..

جلس كلاهما فوق السرير ليعم الهدوء لبعض الوقت بينما تناولت سانسا طعامها القليل الذي كان عبارة عن بعض الخبز و البطاطا المهروسة بصمت ..

من جهة أخرى ، بدت أدريانا و كأنها تحاول اخراج شيء ما بصدرها ..

"هل هنالك ما تودين قوله لي ؟"

قررت سانسا تشجيع أدريانا التي إحمرت قليلا قبل ان تومئ ثم تنحني على الفور بسرعة كبيرة ..

"أنا آسفة !"

إعتذرت ادريانا بينما نظرت سانسا ناحيتها بعبوس .

"على ماذا ؟"

"كل شيء .. لقد كنت لطيفة معي طوال الوقت رغم انك أميرة .. اما انا فمجرد عامية ..

رغم معاملتك اياي بلطف حتى الآن ، إلا أنني جحدت بكل ذلك و عاملتك و كأنك نوع من .. الوحوش "

سكتت ادريانا لثانية بينما واصلت سانسا التحديق بها ..

"كصديقة لك ، لم يفترض بي أن أتصرف بهذه الطريقة لا أستطيع إجبارك على قبول صداقتي مرة أخرى .. لكن على الأقل أردت الاعتذار عما بدر مني ، أنا حقا حقا آسفة .. على كل شيء "

الطريقة التي ترنح بها جسد ادريانا أظهر أنها قد إستجمعت الكثير من الشجاعة بالفعل لتدلي باعتذارها ..

كانت هذه المرة الأولى التي تتحدث فيها بهذا القدر ..

سانسا اخذت بضعة دقائق تحدق بادريانا ما جعل هذه الأخيرة تجفل لا اراديا ..

لكن سرعانما كسرت الأميرة الصمت المزعج ..

"اتعلمين يا آدريانا ، أنت مميزة "

"ماذا ؟"

"وجهك "

أمسكت سانسا بوجه ادريانا بينما حدقت بها بتلك الاعين السوداء الكبيرة .

"لربما لا تعلمين ، لكنني أستطيع قراءة الوجوه .. عدد الذين يستطيعون الاختباء من قدرتي هذه يعدون على الاصابع "

من أجل النجاح بمنع سانسا من قراءة المشاعر الحقيقية ، يتطلب الأمر هدوءا و ضبط نفس منقطعي النظير و وجه بوكر لا يمكن قراءته مطلقا .

قلائل الذين يملكون كل ما سبق .. فراي بالكاد اكتسب تلك القدرة بعد كل دورات الحياة و الموت التي خاضها .

"لكنك مميزة يا أدريانا ، فرغم انك لست سوى فتاة ساذجة و خجولة ، إلا أنني لا أستطيع قراءة شيء من وجهك "

تحدثت سانسا بينما ابعدت يديها من على وجه ادريانا .

"رغم ذلك ، تصرفاتك دوما ما تكون كافية للكشف عن كل شيء حولك .. أنت بسيطة جدا و أظن أن هذا ما أحببته فيك بالمقام الأول"

أدريانا كانت مثل الكتاب المفتوح التي يمكن التنبؤ به بسهولة ، حتى بعدم مقدرتها على قراءة وجهها .. إلا أنها استطاعت فهم تلك الفتاة الخجولة بسهولة ..

على عكس كل طلاب النخبة الآخرين ذوي الخلفيات القوية .. آدريانا قد أتت من عائلة عادية دون أي وزن أو إسم .. موهبتها كانت الشيء الوحيد الذي جعل شخصا مثلها يبلغ ما بلغته .

كانت ساذجة جدا ، و لعل هذا ما جعل سانسا تفضلها عن الآخرين ..

"لا داعي للاعتذار أدريانا ، لم تقومي بأي شيء خاطئ .. بل بالعكس ، لقد أنقذتي حياتي .. يفترض بي أن أكون من يشكرك "

إبتسمت الأميرة بينما لوحت آدريانا بيديها بشكل محموم .

"إطلاقا ! لم أفعل أي شيء يذكر "

أنكرت ادريانا على الفور متراجعة لتسقط نظاراتها بدون وعي ، سانسا إلتقطت النظارة على الفور لتعيدها فوق اعين ادريانا بينما ضحك كلاهما .

لربما بعض الاشياء لا يمكن اصلاحها ، لكن علاقة الفتاتين قد تم إصلاحها بالوقت الراهن بعدما قضى كلاهما الليل بأكمله يتحدثان مع بعضهما البعض .

بهذه الطريقة .. مضت الليلة الثانية ..

...

...

...

عدد فصول التحدي : 1من 50 .

لمن يريد الدعم :

بايبال : mohamedmazino134@gmail.com

الديسكورد بالدعم.

ولا ، لم يصل أي دعم لمن يتساءل عن الامر ، هذه الفصول تنزل تلقائيا من أجل التحدي فحسب .

2024/12/13 · 357 مشاهدة · 3169 كلمة
Touch Me
نادي الروايات - 2024