بكل آسى ، و بالبارحة بنفس هذا التوقيت ، بلغتنا فاجعة خبر وفاة كل من والد و والدة الأخ اسامة بحادث ، لمن لا يعرف اسامة فهو اكبر داعم للرواية ، و أحد أفضل قارئيها ، و أخ أكبر و صديق لي قبل كل ذلك ..

أتمنى من الجميع الدعاء لوالديه و له بالصبر بمحنته هذه التي لا يعلم شدتها إلا الله .

اللهم اغفر لهم وارحمهم، وارفع درجتهم، وأعظم أجرهم، وأتمم نورهم، وأفسح لهم في قبورهم، وألحقهم بنبيهم. اللهم أنت ربنا وربهم، خلقتهم ورزقتهم، أحييتهم وكفيتهم، فاغفر لنا ولهم، ولا تحرمنا أجرهم ولا تضلنا بعدهم

نترككم مع الفصل .

المنطقة الشمالية من إمبراطورية البشر ..

مقاطعة أشينا .

كانت تلك هي الحدود العلوية للامبراطورية ، مكان تساقطت به الثلوج بدون توقف طوال السنة ..

بتلك الحدود ، تواجد منزل خشبي قديم عاش به زوجان عجوزان ذات يوم ، و هاهو ذا يتحول لقبر إحتضن احدهما .

ميليسنت ، الساحرة العجوز قد ماتت بعدما هزمت ضد بياتريس ، و سرعانما تم دفنها بهدوء دون أن يعلم الكثير انها كانت حية من الأساس ..

قصتها كانت كئيبة حقا ..

لكن هذا لا يغير من حقيقة أنها الشخص الذي حمى الحدود الشمالية رفقة زوجها الغائب هو الآخر حاليا.

بدون وجودهما ، لم يعد هنالك خط دفاع ضد أحد سادة الكابوس ، الآبيس واتشر .

و هذا ما جعل السير آلون فاليريون يقوم بوضع وحش مشابه لفرسان الكابوس ، من أجل صدهم .

فبداخل حقل الثلوج الجميل ذلك ، حدثت معركة طاحنة جعلت الدماء الفاسدة تنسكب دون توقف ..

فرسان الآبيس ركضوا باعداد كبيرة حاملين سيوفهم الصدئة ، محاولين حماية أنفسهم بواسطة دروعهم البالية ..

لكن دفاعهم قد كان بدون معنى ، أمام مجسات الظلال المظلمة التي عصفت بهم الواحد تلوا الآخر ..

بينما طارت بهدوء أعلاهم ، بعشرات المجسات السوداء الممتدة من خلف ظهرها ..

دمرت سانسا حراس الآبيس دون توقف ممزقة اياهم بلا رحمة ..

مع كل قطرة دم تسقط من أجسادهم ، كانت ابتسامة الأميرة الشيطانية تتوسع أكثر و أكثر ..

مستمتعة بالقتل و الدم ، بينما تضخمت رغبة القتل بداخلها باستمرار .

ظلها كان سريع الانتشار لدرجة أنه غطى ساحة المعركة بأكملها و بسهولة شديدة ، ثم باقل من ثانية .

تحول الى اشواك حادة بدت مثل المعدن الأسود البارد ، مخترقة اجساد فرسان الكابوس جميعا ، مدمرة إياهم بسهولة شديدة ..

"هذا ممل ، الا يفترض أن يكونوا تهديدا من الفئة SS+ ؟"

قالت سانسا بعبوس ، بعدما قتلت كل الآبيس واتشر بسهولة تامة .

لقد استقرت بذلك المكان منذ عدة أيام ، تحارب فرسان الهواية كل يوم ، و قد قتلت منهم الكثير .

لكنهم كانوا ضعفاء جدا ، ما جعلها تسأم من الامر برمته ..

"الآبيس واتشر هم مجموعة كبيرة من الفرسان مجهولي الهوية ، قوتهم تختلف من واحد لآخر و فقط قائدهم من بلغ الفئة SS + "

متواجدا بالخلف ، مرتديا قناعه الأبيض كالعادة ..

قاطع أوليفر خان مفسرا لسانسا حقيقة حراس الآبيس .

"فهمت ، لنبحث عن قائدهم إذا"

قالت سانسا بابتسامة متحمسة ، لكن أوليفر هز رأسه على الفور .

"لا ، كل ما عليك فعله هو البقاء هنا و حماية الحدود "

"أنت ممل حقا ، خالي أوليفر .. اتريد حبسي هنا يا ترى ؟"

"..."

سانسا نزلت من السماء بهدوء بابتسامتها الخالية من الهموم ، اما أوليفر فظل صامتا .

من الصعب قراءة افكار أو مشاعر اوليفر خان نظرا لارتدائه القناع طوال الوقت ، لكن أعينه قد قالت الكثير .

رغم أنه بدأ يتقبل الأمر ، إلا أنه لم يستطع منع نفسه من إبداء تلك التعابير المختلطة ، كلما حدق بقرون سانسا المظلمة..

بشرتها اصبحت اشد بياضا مما كانت عليه ، و شعرها اصبح ابيضا هو الآخر يميل للرمادي .

مرتدية لذلك الفستان الأسود الذي صنعته من الظل ، بدت شيطانية تماما .

تحول ابنة اخته الوحيدة لشيطان قد كان عسيرا على أوليفر ، الأمر لم يكن سهلا عليه مطلقا .

و سانسا بحواسها المتطورة تلك قد رأت كل ذلك بالفعل .. ما جعل العلاقة بينهما تتوتر كثيرا ..

"إنه الطريقة الوحيدة لإبقائك على قيد الحياة ، هذا هو الشرط الذي اتفقنا عليه "

غير أوليفر الموضوع ، مسلطا الضوء على ضرورة البقاء بالحدود الشمالية ..

أما سانسا ، فهزت أكتافها بلا مبالاة ، مغادرة إلى داخل الكوخ الخشبي الذي سكنت به ميليسنت رفقة ڤيندريك ..

على الرغم من التوتر الناشئ بينهما ، إلا أن سانسا لم تهتم كثيرا .

لقد تغيرت شخصيتها لتصبح شخصا آخر مختلفا عن الاميرة التي عرفها و احبها اوليفر ذات يوم .

لم يكن هنالك الكثير مما يمكن فعله لاثارة مشاعرها المتبلدة ، فحتى لو تم نفيها من الإمبراطورية ..

أوليفر إعتقد بصدق أنها لن تهتم بالأمر مطلقا ، في الحقيقة.

لو حاولت الهرب ، فحتى السير آلون بسرعته المساوية للضوء لن يستطيع منعها ..

أصبحت قوية جدا ، و هذا ما يليق بشيطان .

لقد أراد الإمبراطور الحالي قتلها ، لكن تدخلا مفاجئا من شخص غير متوقع قد ساهم بتغيير رأي الامبراطور الحديدي ..

"من ظن أن سبب نجاتها ، سيكون إيغون من بين كل الناس "

تنهد اوليفر خان بانزعاج ، بينما لحق بسانسا إلى داخل الكوخ ، مستذكرا ما حدث سابقا ..

تحول الأميرة الى شيطان قد كان امرا لا يغتفر ، و اهانة كاملة لعائلة فاليريون .. نسل الإمبراطور الأول الذي ضحى بحياته من أجل انقاذ البشرية .

وجودها بحد ذاته يعتبر وصمة عار ، و هذا ما جعل السير آلون يستل سيفه .

وقتها ، لم يعرف أوليفر خان ما عليه فعله بعدما تجمد غير قادر على الاتيان بأي حركة ..

لكن و على عكسه ، استطاع إيغون الوقوف أمام الامبراطور الحديدي مجادلا إياه حول مصير أخته ..

إيغون فاليريون قد كان أول من إستطاع الهرب من قارة الألتراس ، و الوحيد الذي خرج بدون أي اصابات ..

كان شابا هائلا حقق الكثير من الانجازات بوقت قصير ، و نال على استحسان الإمبراطور الحديدي بسرعة ..

بالتالي ، إستطاع اقناع السير آلون يترك سانسا حية ، بمقابل الاستفادة من قوتها لصالح الامبراطورية ..

فحتى باوضاع كهذه ، إستطاع إيغون فاليريون الاتيان بالخطة الأفضل التي تجلب أكبر قدر من الفائدة ، و هو ما كان بالفعل .

سانسا وافقت على مقترح الامير المشبوه ، لتصبح سلاحا سريا للامبراطورية ، يوجهها الامبراطور الحديديو إيغون كيفما يشاؤون .

و البداية بجعلها تحمي الحدود الشمالية مؤقتا .

سانسا تحولت لشيطان ، و إيغون ضمن العرش .

بل حصل على اهتمام السير آلون ..

"لن يكون من الخاطئ القول أن الامبراطورية اصبحت بين يدي إيغون الآن "

محدقا بالسماء ، تساءل أوليفر خان بقلق ..

عن أي مصير ينتظر الامبراطورية بمجرد اعتلاء إيغون للعرش ..

الامير قادر بكل تأكيد ..

لكن دوافعه مجهولة تماما ، ففقط الرب وحده من يعلم بما يوجد داخل عقله ذاك ..

مصير البشر أصبح مجهولا أكثر من أي وقت مضى ، بحرب طاحنة تلوح بالافق ..

فأي شخص الآن يمكنه معرفة أن عاصفة قادمة لا محاولة ..

عاصفة ستغير الكثير داخل الكوكب المسمى بالأرض .

...

...

...

الجانب الآخر من العالم ..

هناك حيث عاش الألتراس ، أرض البشر الآخرين الذين عوملوا كالخونة ..

تلك الأرض قد شهدت احداثا كثيرة مؤخرا ، أحداثا غيرت الكثير بها ..

لعل ابرزها عودة لوردهم الأعلى الذي حسبه الجميع ميتا ..

الشيطان البشري ، دراغوث .

هذا الأخير الذي جن جنونه منذ الهزيمة النكراء ضد ابراهام ستارلايت ، قد بدأ يستعيد رباطة جأشه أخيرا ، بعدما تعرض للتعذيب باستمرار طيلة السنين الأخيرة ..

إستعادة وحش كذاك لافكاره لم تزد سوى من شدة الخطر المقبل على الامبراطورية ..

محاطا بكل من غافيد ليندمان ، و ميرغو ..

تمت اعادة تأهيل اللورد الأعلى للألتراس .

من جهة أخرى ، إرتقى كل من بايلور مونلايت الخائن ، و غفارديول لمنصب اللورد رسميا بعد موت كل من المادام آي و غودفري ..

المادام لقيت حتفها بواسطة رمح مايكار ..

أما غودفري ، فطريقة موته بقيت مجهولة حتى الساعة ..

الألتراس جمعوا قوتهم الحقيقية هذه المرة ، استعدادا للحرب القادمة ..

من بين أشداءهم .

لعل ذلك المحارب دراكسلر هو الاكثر غموضا .

هذا الأخير تجول بلا مبالاة داخل أحد الصحاري ، حاملا سيفه العظيم فوق ظهره مستهدفا احد الجبال التي ظهرت له من بعيد في الافق .

ثم بعد مسيرة طويلة و مملة ، بلغ هدفه أخيرا..

هناك بداخل احد الكهوف الضخمة ، الذي بدا مدخله مثل فم وحش هائل .

وقفت سيدة انيقة ارتدت فستانا أرجوانيا بينما ضمت كلتا يديها ..

"وصلت أخيرا"

تحدثت السيدة بهدوء و ابتسامة مرسومة على وجهها .

لقد كانت بياتريس.

"أعتذاراتي ، لقد عانيت الامرين لايجادك ما جعلني أتأخر كثيرا "

اعتذر دراكسلر محنيا رأسه ، لقد عرف منذ البداية أن بياتريس لن تموت بتلك السهولة .

لكن ايجادها بعد ذلك قد كان مهمة صعبة ..

مسّد دراكسلر شعره البرتقالي ، بينما كشف عن مرفقيه اللذان زينهما باثنين من الاساور الذهبية .

ثم بحرص شديد، قام بازالة كلاهما ليشع جسده بضوء أبيض شديد السطوع ..

ثم ما هي سوى ثواني معدودة ليحدث تحول دراماتيكي لذلك الشاب الغامض ذو الأسنان الذهبية ..

فبشرته اصبحت سوداء خشنة ، بينما تلونت اعينه بالاسود و الأحمر ، مع زوج من القرون السوداء التي امتدت فوق راسه مخترقة شعره البرتقالي ..

"الرتبة 33 ، دراكسلر يقدم تحياته "

بتلك اللحظة ، ظهرت حقيقة دراكسلر الذي كان أحد شياطين المقاعد ال 72 ، صاحب الرتبة 33 و خادم مباشر لبياتريس .

"اممم ، احسنت صنعا "

قالت بياتريس هي الأخرى بينما اشارت لدراكسلر لكي يتبعها .

"هذه الاساور السحرية اخفت حقيقتي بشكل رائع سيدة بياتريس ، لكنها تحد من قوتي كثيرا .. هذا ينقص من فعاليتي داخل ساحة المعركة "

تذمر دراكسلر مشتكيا من الاداة السحرية التي صنعتها بياتريس ، لكن هذه الأخيرة لم تنزعج مطلقا .

"لا بأس ، فلا فائدة ترجى منك داخل ساحة المعركة على أية حال "

"اغغغ"

بسماع الحقيقة المرة ، تنهد دراكسلر ..

"أنت قاسية حقا سيدتي بياتريس "

"إذا كنت تعلم هذا القدر بالفعل ، فلم يكن عليك الحديث عن تحفي السحرية بسوء "

"أنا آسف .."

إعتذر دراكسلر باكتاف متدلية اظهرته مثل الخاسر المهزوم بينما حاول البقاء على الجانب الجيد لبياتريس ، هذه الأخيرة أومأت بابتسامة .

"سيكون عليك العمل كثيرا مستقبلا ما إذا اردت الاعتذار حقا "

"سأبذل جهدي "

قال دراكسلر بوجه فارغ ، كان يعلم أن بياتريس ستجعله يعمل دون توقف على اي حال ، لذلك لم يكن هنالك أي فرق له .

بعدما تعمق كلاهما داخل الكهف المظلم ، بدأ دراكسلر يصبح جديا أكثر و أكثر ..

"هل حقا نجحنا بجذب إهتمامه ؟"

سأل بحذر ، بينما اجابت بياتريس بهدوء .

"أجل ، فلهذا السبب اقمت لعبة الساحرة من الأساس ، لقد نجحنا فهو قد ظهر أمامي بالفعل مرة "

بذكره ، بدأ الحماس يظهر على وجه بياتريس بشكل جلي ..

فقد حصلت على ما أرادته منذ وقت طويل..

"عندما حاولت قتل اولئك الخدم التافهين ، هو ظهر أمامي مانعا اياي ، لاشك أنه كان هو ، فذلك المستوى من التلاعب بالموجات غير ممكن سوى لمن هم بمقامه "

لا تزال بياتريس تتذكر كل لحظة مما حدث عندما حاولت قتل كل من غافيد ليندمان و ميرغو .

عندما اوشكت على فعلها ، تجمد الوقت من حولها بينما انقلب الواقع رأسا على عقب بينما ضغطت عليها قوة جبارة جعلتها تعجز عن الحراك من مكانها .

بسماع ذلك ، أومأ دراكسلر .

"هيلموند بحالة فوضى كاملة حاليا ، فالملك العظيم آغاروث ، بالإضافة إلى المقعد الأول ، القمر الاحمر كريمزون خاملان منذ زمن طويل و قد إبتعدا عن ساحة المعركة"

"أما المقعد الثاني اغاريس ، فهو الآخر مختفي منذ هزيمته ضد الأول من القوى السبع العظمى .. ما يجعل ظل الملك ڤاين أقوى شيطان نشط حاليا بين المقاعد العليا "

توقف دراكسلر للحظة مستجمعا افكاره قبل أن يكمل ..

"لطالما كانت ڤاين شيطانة غريبة منعزلة عن الجميع تتبع اهواءها فحسب ، فهي غير مهتمة بالقيادة مطلقا ، و هذا ما جعل الرتبة الرابعة .. ويسكر ، بالإضافة إلى الخامسة مارڤاس قادة الشياطين العليا أجمعين "

بما أن الثلاثة الاوائل قد ابتعدوا عن القيادة لأسباب مختلفة ، إنقسمت الشياطين العليا لقسمين ..

قسم يتبع الأعلى الرابع ويسكر ، و أولئك هم فصيل السود .. شياطين مثل بياتريس و آستاروث تابعون له ..

أما القسم الثاني ، فقد اتبع الأعلى الخامس مارڤاس ، و هم الفصيل الاحمر .

رغم أنهما من نفس التنظيم ، إلا أن القوتين كثيرا ما تتنازعان فيما بينهما ، و لهما علاقة شائكة جدا .

ويسكر كان ذكيا و خبيثا جدا ، كثيرا ما يلجؤ للخطط و التلاعب من وراء الستار ، أما مارڤاس .

فهو الاقدم بين الشياطين العليا ال 72 أجمعين ، و أشبه بجنرال حرب مخضرم يملك من الخبرة الكثير ..

النزاع بين هاتين القوتين قد إحتدم لسنين طويلة ، خصوصا بعد تجاهل الرتب الأعلى لهم تماما تاركين لهم الحرية لفعل ما يشاؤون .

كان الصراع متساويا ، لكن الفصيل الاحمر قد حصل على الأفضلية مؤخرا منذ اختفاء زعيم السود ... ويسكر بشكل مفاجئ .

وهذا ما جعل اتباعه يتبعون خطواته ، إلى أن بلغوا الأرض .

آخر مكان شوهد به ويسكر .

مدركا لذلك ، حدق دراكسلر بظهر بياتريس ، غير قادر على تصديق ما كانوا مقبلين عليه .

"هل اللورد ويسكر موجود بهذا المكان حقا ؟"

سأل دراكسلر ، ثم بدون سابق انذار.. أصبح غير قادر على الكلام بعدما إختفى فمه بشكل مفاجئ .

أما بياتريس ، فقد إستدارت ناحيته حاملةً عصاها السحرية ..

"انت تتحدث كثيرا يا دراكسلر ، يستحسن أن تضبط نفسك قبل أن تنزلق يدي أكثر"

بنبرة التهديد تلك ، أدرك دراكسلر أن اختفاء فمه كان نتيجة لسحر بياتريس .

لذلك لم يكن له من خيار سوى الرضوخ ، مدركا أنه تجاوز الحد .

بدت بياتريس متأكدة مما كانت تفعله ، فقد خططت لوقت طويل من اجل لعبة الساحرة ، و كل ذلك من أجل هدف أسمى واحد .

و هو جذب إنتباه ويسكر .

هذا الأخير لم يكن مختفيا من فراغ ، فبياتريس تعرفه جيدا ..

هذه ليست المرة الأولى التي يفعل بها شيئا كهذا ، فعين الملك لا يقوم بشيء دون معنى .

كل خطواته محسوبة ، و إختفاؤه المفاجئ لا يعني شيئا سوى حقيقة أنه يجهز لشيء ضخم .

لطالما كانت بياتريس مفتونة بالمؤامرات و الألاعيب التي حاكها ويسكر بالخفاء ، فلعبة الساحرة لم تكن سوى تقليد رخيص لما حاكه سيدها الأعلى .

لهذا السبب ، ارادت بياتريس أن تحصل لنفسها على مقعد بالصفوف الأولى ، من أجل رؤية العرض الذي يوشك الأعلى الرابع على تقديمه .

كانت متأكدة من أنه سيكون هائلا .

أما مارڤاس و الفصيل الأحمر ؟

فلم تكن قلقة بشأنهم مطلقا ..

بمجرد إنتهائه ، سيتعامل معه ويسكر بسهولة .

كانت متأكدة من ذلك .

بتلك اللحظة ، لم تهتم بياتريس بشيء سوى لقاءه .

و لهذا السبب جاءت لذلك المكان..

"لقد قادني بنفسه إلى هذا المكان "

حدث الأمر أثناء المعركة الاخيرة ضد طلاب النخبة ..

بذلك الوقت ، شعرت بياتريس بتيار خفي يقودها لمكان ما بعيدا .

و لهذا السبب ، لم تفعل فخها السحري النهائي الذي كان سيفتك بفراي و رفاقه ..

ساحرة مثلها قد وضعت بالفعل احتمال أن يتجاوز فراي دفاعها بعين الاعتبار ، ما جعلها تجهز فخا سحريا يتفعل بشكل تلقائي في حال حدوث ذلك دون الاستعانة بسحرها.

و هذا ما يجعل مضاد السحر الخاص بفراي دون فائدة .

"كنت سأفوز لا محالة ، فلعبة الساحرة قد صممت بهذه الطريقة منذ البداية"

فرص فوز فراي و رفاقه كانت معدومة دون تدخلات خارجية .

من توقع أن ويسكر بنفسه قد تدخل من أجلهم ..

بحالة كهذه ، لم يكن أمام بياتريس خيار سوى الرضوخ .

ثم بتلك اللحظة..

أدركت الساحرة انهم قد تعمقوا كثيرا داخل الكهف ، و قد اشتد عليهم الظلام كثيرا ..

ظلام ثقيل لم يكن عاديا على الإطلاق .

يقال أن من بلغ مراحل متقدمة جدا من الفئة SSS يملكون قوة هائلة لدرجة أن من في الفئة SS+ و ما دون ذلك يعجزون عن الشعور بها حتى ..

و هذا ما جعل كلا من بياتريس و دراكسلر ، يقفان مرتبكين أمام ذلك الظلام العظيم الذي زحف فوق جلودهم ..

فببطء ، تجمع الظلام فوق بعضه البعض ، بينما اتخذ هيأة ظل عملاق ارتمى على الجدار أمامهما ..

لقد كان ظلا شيطانيا ، بعين حمراء مشؤومة إنفتحت دون سابق انذار محدقة بهم .

تلك العين لم ترى أشكالهم المادية فحسب ..

بل تعمقت لدرجة رؤية كل شيء بداخلهم .. ماضيهم ، و حاضرهم ، و مستقبلهم ..

جاعلةً مصيرهم بين يديه ..

"عين الملك "

قالت بياتريس بذهول ، أما دراكسلر .

فقد ركع على الفور ضاربا رأسه بالأرض ، بينما إنحنت بياتريس على الفور ، و ابتسامة واسعة عكست الاثارة على محياها .

أرادوا تحيته ، و تعظيمه ، لكن حضوره لوحده جعلهما غير قادرين على الكلام.

لم يستطيعوا الشعور بقوته ، لكن وجوده فرض ضغطا هائلا.

بصوته الحلو ، الذي لطالما وسوس به لكل المخلوقات جاذبا إياها نحو مآربه .

تحدث الأعلى الرابع ..

"بياتريس ، فضولك سيقتلك ذات يوم . "

مستجمعة كل قواها ، تمكنت بياتريس من الرد على سيدها .

"إذا كان الموت هو الثمن الذي يجب أن أدفعه ، لأشهد على التحفة الفنية التي رسمتها بهذا المكان ، فمرحبا بالموت إذا !"

"متحدثة حلوة كعادتك "

واصلت العين الحمراء التحديق بهم ، بينما تحدث ويسكر من خلف ستار الظل .

"لعبتك الصغيرة تلك قد كانت ممتعة لعيني ، لذلك تقدمي و قولي ما يجول بخلدك ، سأسمح بذلك ."

بمجرد سماع كلمات ويسكر الأخيرة ، اضاءت أعين بياتريس ما جعلها تقفز للامام من شدة الإثارة دون وعي منها .

"كلماتك هذه أكثر مما أستحق ! "

قالت بياتريس ذلك بسرعة شديدة ، لكن الظل بالجدار بقي صامتا ، ما جعلها تستوعب أن كلماتها الفارغة تلك لا تعني شيئا .

لذلك و على الفور ، اخرجت السؤال الذي أرادت طرحه دوما .

"إعذر وقاحتي ، لكن لماذا تتكبد عناء التلاعب بجنس وضيع مثل البشر ؟"

سؤالها كان بمحله ..

بالماضي البعيد ، تواجدت حضارة قوية جدا شديدة التنظيم ، بمحاربين شديدي البأس لدرجة جعلهم الشياطين عاجزين عن اختراقهم .

بتعدادهم الذي بلغ المليارين .. كانوا جميعا محاربين اشداء شديدي البأس .

بذلك الوقت ، إختفى ويسكر بشكل غامض و تسلل بين صفوف تلك الحضارة .

ثم من خلف الستار ، تلاعب ، و تآمر ، و خطط الشيطان جاعلا اياهم ينقلبون على بعضهم البعض ببضع سنوات و ينقسمون إلى قسمين متنازعين على أمور تافهة معميين عن الحقيقة ، ليبدأوا بذلك حربا طاحنة سُفكت بها الدماء دون توقف .

تلك الحضارة المتماسكة التي فرضت نفسها ذات يوم ، قد تحولت بين ليلة و ضحاها إلى بحر من الجثث ..

فببضع كلمات معسولة منه ، و بعض المؤامرات التي حاكها بالخفاء . دمر ويسكر كل ذلك ..

بالحرب التي تسبب بها ، مات مليار شخص جراءها .

ثم عندما إنتصر أحد الجانبين ، ظهر ويسكر من العدم بأشد لحظاتهم سعادةً سالبا منهم الأمل محولا إياه ليأس مطلق .

كان ساديا أحب تعذيب النفوس المسكينة من حوله، فاللحظة التي ظنوا فيها انهم فازوا ما جعل سعادتهم تبلغ أقصى مراحلها ، ظهر هو أمامهم ، ليقتل المليار الآخر بنفسه بمجزرة حفرت أحداثها بالتاريخ المظلم لهذا العالم .

ويسكر إكتسب سمعته المظلمة من أشياء كهذه ، لكن البشر لم يكونوا مثل تلك الحضارة .

هم أضعف بكثير ، فعلى عكس الحضارة التي إمتلكت محاربين اشداء بما يكفي لصد نخبة الشياطين..

ويسكر بمفرده يستطيع قتل كل البشر فوق الأرض بأقل من يوم واحد .

إلا أنه لم يفعل ، لذلك لم تستطع بياتريس سوى أن تتساءل .

لماذا ؟

لماذا يتكبد الشيطان الأعلى الرابع ، و أحد أقوى الكيانات بهذا العالم عناء الاختباء و التلاعب من خلف الستار ؟

هذا هو السؤال الذي أرادت بياتريس إجابة له ..

"أنت ذكية ، بياتريس .. لكن رؤيتك ضيقة جدا"

بين أعين بياتريس الشيطانية الارجوانية ، و تلك العين الحمراء الخاصة بويسكر ..

الفرق كان كبيرا جدا ، بحيث أن بياتريس لم ترى سوى ما يوجد بالسطح .. جاهلة بما تواجد بالأعماق .

"هنالك ما هو أكثر بكثير مما تراه العين المجردة ، و في النهاية ، ما أنت سوى بيدق باللعبة ، بالإضافة إلى كل نفس بشرية تقف فوق هذه الرقعة المسماة بالأرض "

اللعبة مستمرة منذ وقت طويل بالفعل ، و من يظهر يده أولا سيكون الخاسر ..

سواءا صاحب عين الملك ، أو صاحب الاعين الزرقاء الذي لعب بالجانب الآخر .

أو لربما ..

شخص آخر .. لاعب غير مدعوا ؟

"الكثير من الاعين تركز على هذا المكان ، فحتى الملك بنفسه أبدى إهتمامه ."

"!!!"

بسماع آخر ما قاله ويسكر ، لم تستطع بياتريس سوى إبداء الدهشة ..

كيف لا تفعل ، عندما تسمع أن ملك الشياطين آغاروث بكل جبروته و قوته يراقبهم ..

هنا فوق الأرض ، بهذه الزاوية التافهة من الكون الشاسع .

"لطالما كنتِ قطعة جيدة يا بياتريس ، لذلك إستمري باللعب على طريقتك لكن لا تحاولي كسر قوقعتك "

بعد كل شيء ، ما الفائدة من قطعة تحاول مغادرة لوحة اللعب و بلوغ اللاعب نفسه ؟

"النهاية تقترب ، المآمرات ستظهر ، و الخطط ستُفضح ، و الأسرار ستُكشف ، و معنى الرعب هذا العالم سيعلم ."

قائلا كلماته الأخيرة ، إختفى الظل ببطء تاركا بياتريس حائرة ..

"لم يتبقى الكثير من الوقت "

كوكب الأرض كان على وشك دخول مرحلة مصيرية من تاريخه الطويل .

مرحلة قد تجلب النهاية ، لقصة شائكة تشابكت بها خيوط القدر . ملتفة حول رقاب ساكنيها ..

من بينهم جميعا ..

وقف فراي ستارلايت بمركز كل تلك الخيوط محدقا بالسماء ، بعدما نال منه التعب و عصفت به الأحداث ..

الوقت المتبقي على نهاية المهمة : يوم واحد .

...

...

...

للدعم المادي:

Paypal:mohamedmazino134@gmail.com

للدعم المعنوي:

التعليق و دخول الديسكورد الموجود بخانة الدعم.

2025/02/05 · 855 مشاهدة · 3440 كلمة
Touch Me
نادي الروايات - 2025