"أبناء العاهرة"
كنت أمشي بخطوات سريعة داخل الممرات الفسيحة لهذا المكان اللعين بينما سمعت صوت آدا و هي تحاول اللحاق بي .
أحسست بدقات قلبي التي لم ترد أن تهدأ ، لقد كان هذا مخيفا كالجحيم ..
كيف تمكنت في المقام الأول من الرد بتلك الطريقة ؟ لقد كنت أرتجف دون توقف بعد كل شيء ..
ربما أنا شخص مجنون؟ .
حسنا ... هذا لا يهم بعد الأن..
"فراي ! إنتظر .."
إستدرت لمواجهة أختي .. "نعم مالأمر؟"
"هل أنت بخير ؟ هل آذاك بمكان ما؟"
ضحكت ساخرا .."منذ متى تهتمين بسلامتي آدا ؟ ظننت أنك ستسعدين برؤية هذا .."
عبست آدا
"لست قلقة عليك ، لكن ما حدث هنا قد يؤثر على مكانتنا ، نحن العائلة الرئيسية و هم مجرد فرع لا تنسى هذا .. لذلك أنا بالتأكيد سأجعله يعرف مكانه .."
رأيت الحقد بأعين آدا و أشفقت على فولكان الذي سيصبح خادما لها..
"هاه ... إعفني من هراء العائلة .."
كنت أقف حاليا أمام الغرفة التي تم إعدادها لي ، عندما مددت يدي لإدارة مقبض الباب إستوقفتني آدا .
"ماذا تفعل ؟ ستقام حفلة على شرفك و قد حضرت العائلة بأكملها ... يجب أن تظهر وجهك هناك على الأقل.."
~بفففتتت~
أنا ضحكت .
"حفلة على شرفي؟"
"كفانا نفاقا ... آدا ... أبناء العاهرة لم يظهرو سوى الازدراء و الأن عندما أوشكت على أن أصبح اللورد يريدون أن يصبحو على جانبي الجيد؟"
"هذا هراء ... في المقام الأول لم يزعج أي من الشيوخ نفسه بلقائي ، بل فقط ارسلو فولكان .."
إلتزمت آدا الصمت ... لم تستطع إنكار ما قلته ..
"سأرتاح في غرفتي حتى موعد المجلس ، الى ذلك الحين فاليحتفل الجميع بشرفي أو شرف غيري ، أنا لا أهتم .."
دخلت غرفتي و أغلقت الباب خلفي تاركا أختي هناك وحدها ... ربما كنت أميل إلى مراعاتها أكثر من اللازم مؤخرا ، لكنني تذكرت من جديد ما كان علي فعله بعد تهديد فولكان الاخير... هذه مجرد شخصيات إبتكرتها ... أدوات في أحسن الأحوال ..
ما يهم هو تحقيق هدفي ، هذا هو كل ما يهم .
...
"بارد"
وقفت آدا هناك أمام الباب ، لقد عاد فراي لذلك الإنسان البارد من جديد ، لم تعد تفهمه إطلاقا .
بدا حزينا أحيانا ، غاضبا أحيانا ، باردا معظم الاوقات .
لقد تحسن قليلا في الأيام القليلة الماضية لكنه عاد بسرعة لبروده بعد مقابلته لفولكان . لم تفهم ما كان يحدث معه .
هو بكل تأكيد أفضل بكثير من فراي الشرير القديم ، بعد كل شيء هو لم يؤذي أحدا طوال فترة إقامتها معه ، أصبح ناضجا ...
لكنها لم تكن واثقة ... هل هو تغير ؟ أم أنه الهدوء قبل العاصفة ؟ .
بهذه الأفكار غادرت آدا متجهة نحو الحفلة ... كان الحفاظ على سمعة العائلة أولويتها في الوقت الحالي .
...
إتكأت على الباب .
كنت داخل غرفة واسعة بجدران عالية ، أثاث فاخر ... سرير متوسط الحجم ..
كانت مجهزة بكل شيء تقريبا نفس غرفتي السابقة ما عدا حجم السرير .
إتجهت إلى كرسي هزاز لمحته على الجانب و رميت بنفسي عليه .
كنت أتأرجح بهدوء و أنا أنظر إلى السقف ..
'أبناء العاهرة يراقبونني .'
كانت هذه حقيقة مطلقة ، أنا مراقب منذ اللحظة التي وطأت فيها قدمي هذا المكان .
مجلس الشيوخ ، مجموعة من المحركات الصدئة ، منافقون حتى النخاع .
هؤلاء الحمقى يحاولون قمعي قدر الإمكان..
لولا وصية والد فراي لكانو قد قتلو صاحب هذا الجسد منذ وقت طويل.
قيل أنهم إحترمو والد هذا الجسد 'آبراهام ستارلايت' ، لكنني لا أعلم أين هو الإحترام فيما فعلوه .
نعم هم لم يقتلوني ، لكنهم قامو بالأسوء .
لقد أدركت كل شيء عندما مكثت لشهر كامل رفقة آدا .
أولا تم عزل فراي تماما عن أراضي العائلة ، بحيث أن قصره يقع بالجانب الاخر من الإمبراطورية و كأنهم يقومون بنفيه . أو لتسهيل قتله .
ثانيا تم قمع تدريب فراي عن عمد ، شخص بهذه المكانة يفترض أن تتاح له أفضل الموارد التدريبية ليصل الى أبعاد أعلى ، لكن على العكس... تم إبقاءه في الأسفل .
ثالثا هم حاولو قتل فراي بطرق غير مباشرة ، لهذا السبب منحوه تلك المهارة الغبية "الإفتتان" آملين أن يستعملها على أحد بنات العوائل الكبرى و يسبب كارثة تم يتم قتله كانتقام .
أرادوني ميتا لكنهم لا يستطيعون مد يدهم مباشرة ..
هذا جعلني أخرج باستنتاج واحد ، المجلس منقسم .
هناك فئة تريدني ميتا بأي وسيلة كانت ، و الأخرى لا تحبني لكنهم يحترمون وصية آبراهام .
لذلك تحاول الفئة الأولى قتلي بطرق غير مباشرة ..
لنسمي المجموعة الأولى ب "أبناء العاهرة الذين يريدون موتي"
أما الثانية ب "أبناء العاهرة الذين يكرهونني لكنهم لا يريدون موتي"
هل توجد مجموعة ثالثة ؟ لا أعتقد لكنني سأكتشف قريبا .
ربما كانو يأملون أن يقتلني فولكان ثم يتحمل المسؤولية بنفسه و يموت هو الاخر ..
نهضت من الكرسي و إتجهت الى الشرفة ، أحاطت الجبال بنا من كل جانب ما جعله منظرا لا تراه كل يوم ..
خطتي تبدأ هنا ..
هم يريدونني ميتا ، و أنا الأخر سأحقق لهم رغبتهم .
خطتي بسيطة ، أولا سأتخلى عن منصب اللورد ما سيصدم الجميع .
ثم بعدها ، علي أن أبدو كشخص يريد الانتحار .
لقد قمت بخطوتي الأولى بالفعل أمام فولكان عندما اخبرته أن يقتلني ... حاولت أن أبدو مجنونا قدر الإمكان وقتها مدركا لحقيقة أنهم يراقبون .
برؤيتي راغبا بالانتحار سأرمي بورقتي الاخيرة .
"أريد الذهاب في رحلة تدريبية"
الى أين؟
"أراضي الكابوس ... المكان الذي كان يسمى الصين في الماضي "
وحدك؟
"وحدي"
مثالي أليس كذلك ؟ أجعلهم يوصلونني مباشرة إلى مكان وجود أسلوب "عشرة آلاف خطوة من الظل"
فرصة نجاة شخص مثلي في الفئة F هناك معدومة و هذا ما سيعتقدونه ، لكنني أملك بعض الحيل في جعبتي .
سيظنون أنهم تخلصو مني أخيرا ، فراي الغبي ذهب إلى موته بنفسه ، لكنهم لن يدركو أنهم سيكونون سبب نجاتي .
خطتي كانت مبنية على توقعات جامجة من طرفي ، نجاحها من عدمه ، سأكتشفه غدا .
أنا لم أستطع النوم في تلك الليلة .
...
و ها نحن ذا .
كنت مجبرا على تحمل الخادمات من حولي اللواتي أصررن على إلباسي .
لا أدري كم مر من الوقت لكنه بالساعات ..
عندما نظرت الى المرآة في النهاية أردت التقيؤ ... كنت أبدو كطفل مدلل بملابس باهضة الثمن .. و مع تسريحة الشعر المنسدل على الجانب بدوت حقا مثل أولئك النبلاء المتعجرفين ..
'إهدأ ... يجب أن أتحمل اليوم فقط ..'
في النهاية التقيت بآدا التي إرتدت فستانا مذهلا باللون الأسود محاولة التنسيق معي و شققنا طريقنا نحو المكان الموعود .
رافقنا العديد من الخدم على طول الطريق ..
و أخيرا بلغنا القاعة الرئيسية التي ستحتضن هذا الحدث ..
أخذت نفسا عميقا عندما نظرت الى حجم الباب الهائل أمامي ... باب يمكنه أن يحتوي فيلا ضخما ..
"هذا هو أقصى حد يمكننا بلوغه سيادتكم ، من هذه النقطة فقط اللورد و مرافقه يمكنهم الدخول ."
إنسحب الخدم و تركنا وحدنا ..
تبادلت إيماءة خفيفة مع آدا و فتحت الباب بعدها ... أضطررت لتمرير بعض الأورا عبر ذراعي لدفع الباب الضخم .
عندما إنفتحت البوابة أدركت أنني تسرعت كثيرا ...
على الفور سقطت علي مئات الاعين ... إذا لم تكن أكثر.
القاعة أمامي كانت هائلة مثل ساحة ملعب ضخم ، محاطة بمدرجات فاخرة ، كل شيء كان مطليا باللون الذهبي و الأبيض .
إلى الامام مباشرة تواجدت منصة علت كل شيء ، فوقها وضع 12 مقعدا .
فوق تلك المقاعد جلس أقوى الأشخاص داخل هذه العائلة .
بمجرد إحساسي بتلك النظرة الباردة التي رمقوني بها إختفى كل الهدوء الذي تظاهرت بامتلاكه و حل محله التوتر .
تقدمت بخطوات مترددة و وقفت في المكان المخصص لي ، وسط كل شيء .
شددت قبضتي و سيطرت على تعابيري .
'هذه ليست مقابلة ، هذه أشبه بالمحاكمة .. محاكمة لي ..'
إنزعجت من الأمر لكنني قررت تمريرها ، أنا أضعف من أن يكون لي صوت ..
رفعت رأسي و حاولت التعرف على الأشخاص أمامي.
كان المكان في حالة فوضى بسبب الهمس المستمر من الجمهور ..
من بين عائلة ستارلايت بأكملها لا أتذكر سوى شخصين ، الأول رجل عجوز و الثاني إمرأة ... كانا الشخصيتان الوحيدتان التي بذلت بعض الجهد في كتابتهم و كان لهم دور بالأحداث .
من بين ال 12 جلس عجوز في الوسط متخذا القيادة بشكل صارخ و كأنه يقول "أنا الرئيس هنا"
'لابد أنه هو ... الأسد الخالد ليونايدس ستارلايت ، عمره من المفترض أن يتجاوز ال150 سنة لكن أنظر إليه..
جالس مستقيما كالرمح ، شعره الطويل الكثيف منسدل الى الخلف و لحيته كانت تبدو مثل بدة الأسد. نظراته وحدها كانت كافية لدفني في مكاني ...
هذا هو رئيس مجلس الشيوخ و الأقوى داخل العائلة حاليا ، مستيقظ من الفئة S+ على بعد خطوة من الفئة SS.
أنزلت رأسي و تحملت كمية الازدراء التي سقطت علي .
أكاد أجزم أن الجميع هنا قد كره فراي .
كنت مجبرا على تحمل هذا العبئ لكن لا بأس ... إحتجت الى كل الأسباب لكره هذا العالم أكثر .
عندما شعر ليونايدس أنه رأى ما يكفي رفع يده .
هذه الحركة البسيطة كانت كافية لجعل الجميع يلتزم الصمت معززا هيبته بذلك .
أدار ليونايدس رأسه معيدا إنتباهه إلي قبل أن يفتح فمه و يدوي صوته العميق كالرعد داخل القاعة .
"فراي ستارلايت"
أخذ ثانية قبل أن يواصل
"إبن آبراهام ستارلايت ."
كل كلمة من كلامه كانت تسبب زلزالا لعمودي الفقري ، و كأنه يصرخ بجانب أذني .. لم أكن أدري إذا كان هذا نوعا من المهارات أو ببساطة حضوره فقط ... لكنه لم يكن ينوي أن يصمت بأي وقت قريب ..
"حفيد أخي الأكبر ... إيزان ستارلايت"
"الذي كان بدوره إبن والدنا مؤسس هذه العائلة ، نوفا ستارلايت ."
كان هذا إسما كنت على دراية به ... بعد كل شيء نوفا هو أحد الأشخاص القلائل الذين بلغو الفئة SSS...
أضاءت أعين الأسد الخالد عندما واصل كلامه ، "كل الأسماء التي ذكرتها ما عداك ... كانو لوردات هذه العائلة على مدار ال 300 سنة الماضية ."
"كل واحد منهم رفع هذه العائلة ... بالدم و الدموع و الأهم من ذلك ... بالقوة ."
رأيت قوة مرئية تنبعث باستمرار من جسد ليونايدس بحيث أن هالته غطت القاعة بأكملها ... أخيرا تجمعت تلك الهالة و تشكلت على شكل ثلاثة أجسام ضخمة في الهواء.
كل واحد منها يخص أحد اللوردات السابقين .
برؤية هذا المشهد المذهل للتحكم بالاورا ، إنفجرت القاعة بتصفيق و الهتاف .حتى الشيوخ الذين جلسو بجانبه أظهرو إعجابهم .
نظرت إلى الأعلى و أحسست بهذه القوة ... كان مرعبا.
مجددا ، رفع ليونايدس يده عندما إستحم بما يكفي من التصفيق و المديح .
"أخبرني يا إبن آبراهام ، مقارنة بهذه الوحوش التي رسمتها قبل قليل في الهواء ، ماذا لديك لتقدم؟"
'تحاول أن تحشرني إذا ؟حسنا لنلعب لعبتك'
لا شك في ذلك ... كان ليونايدس في الفريق الأول ، الفريق الذي يريد موت فراي .
تقدمت خطوة إلى الأمام نحو جهاز تضخيم الصوت الذي وضع أمامي .
نظفت حلقي قبل أن أعلن .
"إسمي فراي ستارلايت الأول من إسمه ، شاءت الأقدار أن آتي الى هنا و أمثل أمام سيادتكم ."
"لقد سألتني مالذي أستطيع تقديمه مقارنة بأسلافي ، و جوابي بسيط ... "
"ما لدي لأقدمه ، هو لا شيء ."
قلت كلمتي وتراجعت خطوة إلى الخلف . تاركا القاعة بأكملها في حالة صدمة .