11 - الإمبراطور لا يمنح الحرية بسهولة

ظل ليونيل يضرب بقبضته الصغيرة على صدر الإمبراطور، محاولًا التملص من قبضته الحديدية، لكن بلا جدوى. كلما حاول المقاومة، زاد الإمبراطور من إحكام قبضته عليه وكأنه دمية محشوة لا يُمكنها الهروب.

"أيها المجنون، أنزلني فورًا!"

لكن الإمبراطور لم يبدُ عليه التأثر بكلماته. لم يلقِ عليه حتى نظرة واحدة، بل واصل السير عبر الممرات الطويلة للقصر بخطوات هادئة وثابتة.

شعر ليونيل بالإحباط. المقاومة المباشرة لن تجدي معه، لذا… ماذا عن الاستفزاز؟

رفع رأسه قليلًا ونظر إلى الإمبراطور بمكر.

"هل لديك هوس بي؟ لا، في الواقع، أظن أنك مجرد شخص مهووس بحمل الآخرين. هذا منطقي، لا أحد يستطيع رفضك، لذا تمارس قوتك على طفل مسكين لا حول له ولا قوة، أليس كذلك؟"

توقف الإمبراطور للحظة.

أوه؟ هل أثّر عليه كلامي؟

لكن، قبل أن يشعر ليونيل بالانتصار، استأنف الإمبراطور سيره وكأن شيئًا لم يُقال.

"تجاهلني؟!" زمجر ليونيل بغضب. "أيها الطاغية المتغطرس، هل تعتقد أنني سأستسلم بسهولة؟! إذن، ماذا عن هذا؟"

ثم، وبكل وقاحة، صرخ بأعلى صوته حتى سُمع صداه في أنحاء القصر:

"الإمبراطور مهووس بحمل ابنه الصغير! ألا يوجد أحد لإيقافه؟!"

تجمّد الحراس والخدم في مكانهم. بعضهم تظاهر بعدم السماع، والبعض الآخر كتم ضحكة صغيرة.

أما الإمبراطور؟ فقد تنهد فقط. "أنت مزعج جدًا."

وقبل أن يتمكن ليونيل من الصراخ مجددًا، أخرج الإمبراطور يده الحرة ووضعها على فمه، حاجبًا صوته تمامًا.

"مغغغ—!"

"لا تتعب نفسك، لن أدعك تفلت بسهولة."

استمر الوضع هكذا لدقائق حتى توقف أحدهم في منتصف الممر.

كان مساعد الإمبراطور الشخصي، الذي انحنى باحترام وقال بجدية:

"جلالتك، الاجتماع سيبدأ بعد دقائق قليلة."

شعر ليونيل بسعادة غامرة. وأخيرًا! هذا يعني أنه سيتركني، أليس كذلك؟

نظر الإمبراطور إلى مساعده، ثم إلى ليونيل، الذي أظهر ابتسامة واسعة ومليئة بالانتصار.

لكن، ولخيبة أمله الكبرى، قال الإمبراطور بكل هدوء:

"حسنًا، سنذهب إليه الآن."

"… ماذا؟"

ثم تابع سيره نحو قاعة الاجتماعات، حاملًا ليونيل وكأنه جزء من زيه الملكي.

"ماذااااا؟!!" صرخ ليونيل وهو يحاول ضربه بقبضته الصغيرة. "هل ستأخذني إلى اجتماعك؟! ما دخلي أنا؟! أيها الإمبراطور المجنون!!"

"أنت من أراد الخروج، لذا سترافقني الآن."

"هذا ليس ما قصدته! أيها الظالم المتعجرف، أي نوع من الإمبراطور أنت؟!"

"النوع الذي لا يسمح لابنه العنيد بالهرب من تحت عينيه."

زمجر ليونيل وهو يحاول تملصه مجددًا، لكنه أدرك أنه لا فائدة من ذلك. استسلم للحظة، ثم قرر الانتقام بطريقة أخرى.

أخذ نفسًا عميقًا، ثم قال بصوت عالٍ أمام الجميع:

"أنا ألعن هذه السلالة الحاكمة! اللعنة على الإمبراطورية، وعلى الإمبراطور، وعلى كل فرد في هذه العائلة المجنونة!"

ساد الصمت في الممر. حتى مساعد الإمبراطور نفسه تراجع خطوة إلى الوراء، متجنبًا أي تورط في هذا المشهد.

أما الإمبراطور؟ فقد توقف للحظة، ثم نظر إلى ليونيل بنظرة غامضة، مما جعل قلب الفتى يتوقف قليلًا.

وبعد لحظة طويلة، ابتسم الإمبراطور ابتسامة باردة وقال بصوت خافت:

"سلالة مجنونة؟ حسنًا، دعني أريك كم نحن مجانين بالفعل."

قبل أن يتمكن ليونيل من فهم ما كان يعنيه، وجد نفسه يُحمل بطريقة أكثر إحكامًا… ثم تسارع خطوات الإمبراطور بشكل غريب.

"انتظر، انتظر، انتظر!! إلى أين نحن ذاهبون؟!"

"ستعرف قريبًا."

"ل-لحظة! لا يمكنك فقط تجاهل شتمي لك!"

"أوه، لم أتجاهله، بل سأجعلك تندم عليه لاحقًا."

شعر ليونيل بقشعريرة تسري في جسده. ربما… ربما قد بالغ قليلًا في استفزازه هذه المرة؟

.............

كان ليونيل يرمش بذهول بينما الإمبراطور يسير بسرعة في الممرات، متجاهلًا كل التقاليد الإمبراطورية الرسمية. حتى مساعد الإمبراطور، الذي كان دائمًا ثابتًا وهادئًا، بدا أنه يعاني وهو يركض للحاق به.

"انتظر، انتظر!" حاول ليونيل التمسك بأي شيء، لكنه كان مثبتًا جيدًا في قبضة الإمبراطور. "ما الذي تحاول فعله؟ هل ستعذبني؟ هل ستعلقني من البرج؟!"

"عقليتك سوداوية أكثر مما توقعت."

"أنا أتعامل مع شخص يختطف الأطفال إلى الاجتماعات الإمبراطورية! هل تعتقد أنني سأكون متفائلًا؟!"

توقف الإمبراطور فجأة أمام باب ضخم منحوت عليه رمز الإمبراطورية. دُفع الباب بهدوء، فكشف عن قاعة الاجتماعات الواسعة التي يجلس فيها عدد من الدوقات والمستشارين والجنرالات.

عندما دخل الإمبراطور حاملًا ليونيل، حل الصمت في القاعة. الجميع جمدوا في أماكنهم، وبعضهم نظر إلى بعضه البعض بتوتر.

لكن ليونيل كان الوحيد الذي كسر الصمت بصراخه:

"لماذااااا أحضرتني إلى هنااا؟!"

أخذ الإمبراطور مقعده في مقدمة الطاولة، ولم يزعج نفسه بوضع ليونيل في كرسي منفصل… بل جلس وهو لا يزال يحمل الصغير في حجره وكأن هذا أمر طبيعي تمامًا.

حدق ليونيل في القاعة، ثم في الرجال الجالسين حول الطاولة. جميعهم كانوا يبدون أقوياء، بوجوه صارمة ونظرات لا تتزعزع.

أوه لا… هذه ليست حفلة شاي، أليس كذلك؟

مسح أحد المستشارين العرق من جبينه وقال بحذر: "جلالتك… هل هذا الأمير ليونيل؟"

"من غيره؟" أجاب الإمبراطور ببرود.

همس أحد الجنرالات لزميله: "لكن… ألم يكن لا يظهر أبدًا في الاجتماعات؟"

رد الآخر بالهمس: "أجل، هذا أول اجتماع يحضره…"

شعر ليونيل بتوتر شديد. لم يكن يتوقع أن يكون أول ظهور له أمام القادة العسكريين والسياسيين للإمبراطورية!

"هل… هل أستطيع المغادرة؟" همس بصوت منخفض.

نظر إليه الإمبراطور بابتسامة خفيفة، لكنه لم يرد.

تبا… أنا عالق هنا.

حاول التظاهر بالهدوء وهو يجلس في حجر الإمبراطور، لكنه شعر بأن الجميع يحدقون به وكأنه نوع نادر من الحيوانات.

"إذن، لنبدأ الاجتماع." قال الإمبراطور أخيرًا، متجاهلًا تمامًا الصدمة الجماعية.

أخذ أحد المستشارين نفسًا عميقًا وبدأ الحديث عن قضايا الدولة، بينما ليونيل كان يحاول استيعاب الموقف.

هذا جنون… هذه العائلة مجنونة بالفعل!

................

كان ليونيل جالسًا في حجر الإمبراطور، يشعر وكأنه في قلب ساحة معركة… لكنه لم يكن الضحية هذه المرة، بل هو من سيبدأ الهجوم.

إذا كان هذا الإمبراطور العنيد لا يريد إخراجي، فسأجعله يندم على قراره!

نظر حوله بسرعة، ثم رفع رأسه بابتسامة خبيثة. حان وقت الفوضى.

"أمممم…" تنحنح ليونيل، مما جذب انتباه الجميع، ثم قال بصوت بريء: "بالمناسبة، أيها السادة المحترمون، لديّ سؤال مهم جدًا."

نظر الجميع إليه بوجوه متجهمة. أحد الوزراء سأل بحذر: "ما هو سؤالك، سمو الأمير؟"

ابتسم ليونيل ببراءة مزيفة. "كم تبلغ رواتبكم؟"

عمّ الصمت في القاعة. بعض الوزراء تبادلوا النظرات المتوترة، بينما بدا الإمبراطور غير متأثر.

"أعني،" تابع ليونيل بنبرة تأملية، "أنا متأكد من أنكم تتقاضون أموالًا جيدة، أليس كذلك؟ وإلا، لما كنتم تجلسون هنا بملابسكم الفاخرة… لكن هل تساءلتم يومًا عن مدى رضا الشعب عن ذلك؟"

ارتفع توتر الجو في الغرفة فجأة. بعض الوزراء بدأوا بالتململ في مقاعدهم، وأحد المستشارين مسح عرقه بسرعة.

"هذا ليس موضوع الاجتماع، سمو الأمير." قال أحد الدوقات بجفاف.

"أوه، فهمت!" هتف ليونيل، وكأنه توصل إلى اكتشاف مذهل. "إذن أنتم لا تهتمون حقًا برأي الشعب، أليس كذلك؟"

كاد أحد الوزراء يختنق من المفاجأة، بينما سقط قلم أحدهم من يده على الطاولة.

الإمبراطور لم يتدخل، بل راقب بهدوء.

لماذا لا يطردني؟! ألا يجب أن يغضب الآن؟!

حسنًا، فلنرفع مستوى الفوضى إذًا!

أخذ ليونيل نفسًا عميقًا، ثم قال بنبرة هادئة جدًا، لكنها كانت كفيلة بإشعال القاعة:

"بالمناسبة، كنت أسمع بعض الإشاعات الغريبة… يقولون إن بعض المسؤولين هنا يحبون إخفاء بعض الأموال بعيدًا عن عيون الإمبراطور."

بوم!

كأن قنبلة انفجرت في الاجتماع. الوزراء انتفضوا في أماكنهم، وبدأت الهمسات تنتشر في القاعة.

"هذا هراء!" صرخ أحد الوزراء بغضب، بينما آخر بدا وكأنه على وشك الإغماء.

ليونيل وضع يده على ذقنه متظاهرًا بالتفكير. "أممم… لا أقول إن هذا صحيح بالطبع، لكن لو كنت الإمبراطور، لكنت تأكدت من الأمر. من يعلم؟ ربما هناك بعض الجرذان في هذا المكان."

الآن، أصبح الجو مشحونًا جدًا. البعض بدا غاضبًا، والبعض الآخر مذعورًا، لكن ليونيل كان يراقب الإمبراطور بترقب.

هيا، اطردني الآن! قل لي أن أغادر، ألا ترى أنني أثير الفوضى؟!

لكن… بدلًا من ذلك، رأى الإمبراطور يبتسم.

ابتسامة خافتة، لكنها موجودة.

مهلًا… هل هو مستمتع؟!

ثم، وكأن الأمور لم تكن سيئة بما فيه الكفاية، قال الإمبراطور بصوت هادئ لكنه يحمل تهديدًا واضحًا:

"حسنًا… يبدو أن الأمير لديه بعض الفضول حول الاقتصاد والسياسة. لما لا نستغل الفرصة؟ سأطلب تقريرًا مفصلًا عن جميع النفقات والمخصصات المالية لكل وزير هنا."

شحب وجه الوزراء دفعة واحدة.

ليونيل اتسعت عيناه بصدمة. لا، لا، هذا ليس ما خططت له!

لكن الإمبراطور لم يكتفِ بذلك، بل ربت على رأس ليونيل وقال بنبرة ساخرة:

"أحسنت، ليونيل. ربما يجب أن تحضر الاجتماعات دائمًا."

"…"

ليونيل أراد الصراخ. خطتي انقلبت ضدي تمامًا!

ليونيل كان قد بدأ يدرك أن الإمبراطور يستمتع بمشاهدته وهو يثير الفوضى، لذا قرر تغيير استراتيجيته. إن لم يكن الإمبراطور سيتضايق منه، فماذا عن المستشارين المتغطرسين الذين يعتقدون أنهم أذكى شخص في القاعة؟

رفع ليونيل رأسه قليلاً، ونظر إلى الوزراء والمستشارين بنظرة متعجرفة قبل أن يقول بصوت يحمل سخرية واضحة:

"بالمناسبة، يا سادة… أعتقد أنني أخطأت في فهم دوركم هنا."

أحد المستشارين رفع حاجبه، وقال بجفاف: "وكيف ذلك، سمو الأمير؟"

ابتسم ليونيل ببراءة زائفة. "ظننت أن المستشارين هنا لديهم عقول عبقرية تساعد الإمبراطور في إدارة الإمبراطورية، لكن يبدو أن وظيفتكم الحقيقية هي الجلوس هنا والتظاهر بأنكم مهمون بينما الإمبراطور يفعل كل شيء!"

ساد الصمت للحظة. ثم، كما توقع ليونيل، انفجر أحد المستشارين غاضبًا.

"كيف تجرؤ على قول شيء كهذا سمو الامير؟!"

ليونيل أمال رأسه للجانب بتصنع البراءة. "هل قلت شيئًا خاطئًا؟ إن كنتم حقًا بهذه الأهمية، فلماذا لا تحلون مشاكل المملكة بدلاً من الجلوس هنا والتذمر من اقتراحاتي؟ أم أن وظيفتكم الحقيقية هي ملء هذه القاعة بالكلمات الفارغة؟"

أحد الوزراء ضرب الطاولة بغضب. "هذا غير مقبول!"

"حقًا؟" أطلق ليونيل ضحكة ساخرة. "إذن أخبروني، ماذا فعلتم الأسبوع الماضي؟ ما القرارات العبقرية التي اتخذتموها؟"

أحد المستشارين تلعثم، ثم قال بثقة زائفة: "لقد ناقشنا الأمور المالية!"

ليونيل أومأ برأسه وكأنه اقتنع، ثم قال بابتسامة بريئة: "أممم… تقصدون تلك الأمور المالية التي اضطر الإمبراطور شخصيًا لطلب تقرير عنها الآن؟"

"…"

الجو في القاعة أصبح مشحونًا، والوجوه الغاضبة زادت. ليونيل استطاع أن يرى كيف بدأت بعض العروق تنبض في جباه المستشارين.

لكن هذا لم يكن كافيًا بعد. قرر توجيه الضربة القاضية.

"أتعلمون؟ ربما الإمبراطور يبقيكم هنا فقط ليشعر بأنه أكثر ذكاءً منكم جميعًا!"

انفجار.

أحد المستشارين نهض غاضبًا. "جلالتك! لا يمكننا قبول مثل هذه الإهانات! هذا الامير يجب أن يُطرد فورًا!"

نعم! وأخيرًا!

ليونيل نظر إلى الإمبراطور بتوقع، لكن بدلاً من أن يأمر بطرده… الإمبراطور اكتفى برفع حاجبه وقال بهدوء:

"أوه؟ لكني أعتقد أن لديه وجهة نظر مثيرة للاهتمام."

ليونيل شعر أن العالم انهار من حوله.

لماذا هذا الإمبراطور يتقبل كل شيء؟ لماذا لا يغضب؟ لماذا لا يرميني خارجًا؟!

لكن الكارثة الحقيقية جاءت عندما قال الإمبراطور ببرود:

"بما أن الأمير مهتم جدًا بطريقة إدارة المملكة، فسنبدأ بإشراكه في الاجتماعات السياسية بدءًا من الغد."

ليونيل اتسعت عيناه بصدمة. "انتظر… ماذا؟!"

لكن الإمبراطور لم يلتفت إليه، بل نظر إلى الوزراء وقال بلهجة حازمة: "أتوقع منكم إعداد تقارير تفصيلية عن جميع قراراتكم الأخيرة، حتى يتمكن الأمير من دراستها."

ليونيل شعر أنه سقط في فخ نصبه لنفسه.

كنت أريد أن أطرد، لا أن أصبح جزءًا من هذا الجنون!

قبل أن يتمكن ليونيل من الصراخ احتجاجًا، شعر بيد الإمبراطور القوية تغطي فمه، مما جعله يحدق به بغضب بينما همس الإمبراطور له بنبرة هادئة ولكن محذرة:

"ابقَ هادئًا، أو سأضعك في جلسة علاج طبيعي لثلاث ساعات متواصلة."

تجمد ليونيل في مكانه. هذه ليست مزحة، الإمبراطور كان جادًا تمامًا، وشعر أن مجرد التفكير في الألم جعله يهدأ فورًا.

رفع الإمبراطور نظره إلى الوزراء وقال ببرود: "لنبدأ الاجتماع."

حاول ليونيل التحرك في حضنه، لكن الإمبراطور ثبته بسهولة وكأنه طفل مشاغب.

بدأ أحد المستشارين بتقديم التقرير الأول:

"أولاً، قضية التمرد في المقاطعة الشمالية، يبدو أن المرتزقة أصبحوا أكثر جرأة، وبدأوا بمهاجمة القوافل التجارية بشكل مباشر."

رفع الإمبراطور حاجبه. "وهل تم إرسال تعزيزات؟"

أجاب أحد الجنرالات: "تم إرسال قوات إضافية، ولكن هناك تقارير تفيد بأن شخصًا ذا نفوذ يدعم المتمردين من داخل المملكة."

ليونيل كان على وشك الضحك.

بصفته قارئ الرواية، كان يعلم أن هذا التمرد ليس إلا البداية، وإذا لم يتم التعامل معه الآن، فسيصبح مشكلة ضخمة لاحقًا. المشكلة الوحيدة؟ ليونيل لم يكن ينوي التدخل أبدًا، هذه ليست مشكلته!

لكن الإمبراطور لاحظ نظراته، وسأله فجأة: "ما رأيك، ليونيل؟"

اتسعت عينا ليونيل بصدمة. "ماذا؟!"

الوزراء أيضًا بدوا مصدومين. لماذا يسأل الإمبراطور طفلًا عن السياسة؟!

أخذ ليونيل نفسًا عميقًا، ثم قرر الرد بسخرية: "حسنًا، يمكنك دائمًا قطع رأس كل من يشتبه في دعمه للتمرد. سيحل ذلك المشكلة."

ساد الصمت لثوانٍ، قبل أن يتحدث أحد الوزراء بحذر: "أم… جلالتك، لا يمكننا قتل الجميع دون دليل."

ليونيل أدار عينيه. "أوه، صحيح، صحيح، أنتم تحبون اتباع القوانين المملة."

أحد الوزراء ضرب الطاولة بغضب. "هذه القوانين تحمي استقرار المملكة، سموك!"

ليونيل ابتسم بخبث. "آه، حسنًا، استمروا في اجتماعاتكم إذًا، ولكن لا تتفاجؤوا إذا استيقظتم يومًا ووجدتم نصف المملكة في حالة فوضى."

الوزراء شعروا بإهانة شديدة، لكن الإمبراطور كان مستمتعًا.

"ماذا بعد؟" سأل بهدوء.

تحدث وزير المالية: "الموضوع الثاني، هناك أزمة اقتصادية في بعض المدن، الضرائب الحالية مرتفعة جدًا، والتجار بدأوا في مغادرة المملكة بحثًا عن أسواق أقل ضرائب."

ليونيل كاد أن ينفجر ضاحكًا.

"حسنًا، من العبقري الذي قرر زيادة الضرائب؟!"

أحد المستشارين تلعثم: "لقد كانت خطة لتعويض العجز في الميزانية…"

"هاه، خطة؟" قهقه ليونيل بسخرية. "يبدو أنكم عباقرة في تحويل المشاكل الصغيرة إلى كوارث ضخمة!"

أحد الوزراء كاد ينفجر غضبًا، لكن الإمبراطور كان يبدو… مستمتعًا أكثر.

"ماذا تقترح إذًا؟"

ليونيل نظر إلى الوزراء، ثم قال بلا مبالاة: "خفّضوا الضرائب قليلاً، دَعوا التجار يشعرون بالأمان. إذا استمروا في مغادرة المملكة، فحتى الضرائب المرتفعة لن تفيدكم، لأن لن يكون هناك أحد ليدفعها."

ساد الصمت للحظة، ثم تحدث وزير المالية بحذر: "هذه… في الواقع، قد تكون فكرة منطقية."

ليونيل شعر بشعور غريب. هل… هل اتفق معه أحدهم؟!

لكن هذا لم يدم طويلًا، فقد جاء الموضوع الأخير في الاجتماع:

"أخيرًا، مسألة عودة ولي العهد."

ليونيل تجمد في مكانه، وشعر بجسد الإمبراطور يصبح أكثر برودة.

"لحظة… ولي العهد؟"

نظر ليونيل إلى الوزراء، ثم إلى الإمبراطور، قبل أن يهمس لنفسه: "هذا… لا يبدو جيدًا أبداً."

شعر ليونيل بقشعريرة باردة تسري في عموده الفقري عندما سمع الوزير يعلن عن الموضوع التالي.

"أخيرًا، مسألة عودة ولي العهد."

تجمد ليونيل في مكانه، بينما لاحظ أن الجو في القاعة أصبح أكثر توترًا. حتى الوزراء الذين كانوا يحتدون في النقاشات قبل لحظات أصبحوا أكثر تحفظًا، وكأنهم يسيرون على قشور البيض.

لكن أكثر ما أقلقه… كان الإمبراطور نفسه.

لم يكن هناك أي تغيير واضح على ملامحه، ولكن ليونيل شعر أن الجو من حوله أصبح أثقل، وأن البرودة الغامضة التي تحيط به ازدادت قوة.

"ولي العهد؟" همس ليونيل لنفسه، محاولًا تذكر المعلومات من الرواية.

كان هناك ذكر موجز لولي العهد في الإصدار الأول، لكنه لم يكن شخصية محورية. ومع ذلك، تذكر بعض التفاصيل عنه… تفاصيل لم تكن مطمئنة على الإطلاق.

الأمير الأول، راين كارستين.

ولي العهد، الابن المثالي، العبقري الذي لا يُشق له غبار.

كان راين هو الابن البكر للإمبراطور، وريث العرش الشرعي، والشخص الذي يتطلع إليه الجميع باعتباره المستقبل المشرق للإمبراطورية.

تخرج من أكاديمية فاليري الإمبراطورية، أرقى وأصعب أكاديمية عسكرية وسياسية في القارة، حيث يتم تدريب القادة والمخططين الاستراتيجيين للمستقبل. كان في القمة دائمًا، متفوقًا في كل شيء—الاستراتيجية، القتال، الفنون، وحتى الآداب.

كان مثالًا حيًا لـ"الكمال"، وقد كان الجميع يتوقعون منه أن يكون الإمبراطور التالي بلا أي شك.

لكن… لماذا عاد فجأة الآن؟

في الرواية الأصلية، كان من المفترض أن يبقى في إحدى المقاطعات الحدودية لفترة أطول، فلماذا تم تقديم عودته؟

شعر ليونيل بصداع، ليس فقط بسبب التفكير العميق، ولكن أيضًا بسبب إدراكه لحقيقة أخرى مقلقة.

"هذا الرجل…" بلع ريقه. "لن يكون سعيدًا برؤيتي أبداً."

كان هناك شيء واحد مؤكد عن راين كارستين—كان يعتبر العائلة الإمبراطورية مسؤولية ضخمة، وأي عضو ضعيف أو عديم الفائدة فيها… لا مكان له.

وبالنسبة لشخص مثل ليونيل، الذي كان الإمبراطور نفسه يحمله إلى كل مكان وكأنه دمية صغيرة…؟

"أنا في ورطة."

..............

بعد لحظات من الصمت المشحون، تكلم الإمبراطور أخيرًا، بصوته العميق والهادئ الذي جعل الجميع يركزون انتباههم فورًا.

"سيتم تنظيم حفلة استقبال رسمية لولي العهد بعد ثلاثة أيام من وصوله. أتوقع منكم جميعًا أن تكونوا على أهبة الاستعداد."

انحنى الوزراء بإجلال، وردوا بصوت واحد: "كما تأمر، جلالتك."

كان الجو في القاعة ثقيلًا، وكأن الجميع قد شعروا بضغط غير مرئي. كان هذا مفهومًا، فعودة ولي العهد ليست بالأمر العادي—إنها قد تعني تغييرات كبرى في السلطة والتوازن داخل القصر.

لكن في وسط هذا التوتر… كان هناك شخص واحد لم يكن يبالي على الإطلاق.

ليونيل، الذي كان لا يزال جالسًا في حجر الإمبراطور، تأمل الوزراء المتوترين، ثم ابتسم ابتسامة ماكرة.

"حفلة استقبال؟ يالها من فكرة عظيمة! بعد كل شيء، من الأفضل لنا جميعًا أن نحصل على فرصة لرؤية مدى 'كمال' ولي العهد الموقر عن قرب، أليس كذلك؟"

نظر إليه أحد الوزراء بشك، محاولًا تجاهل سخريته الواضحة. "بالطبع، إنه حدث هام للغاية، و—"

لكن ليونيل قاطعه على الفور، واضعًا يده على ذقنه بتفكير زائف. "لكن، هل من العدل حقًا إقامة حفلة بهذه الفخامة؟ بعد كل شيء، ولي العهد هو شخص عملي، أليس كذلك؟ ألن يكون من الأفضل استقباله بمناورات عسكرية أو اجتماع سياسي عوضًا عن إضاعة الوقت في الرقص والطعام الفاخر؟"

نظر الوزراء إلى بعضهم البعض، غير متأكدين مما إذا كان يسخر أم يتكلم بجدية.

لكن ليونيل لم يتوقف هنا. استدار نحو أحد الوزراء المسؤولين عن الحفلات الملكية، وابتسم ببراءة مفتعلة.

"أوه، صحيح! سمعت أن حفلاتك تميل دائمًا إلى أن تكون 'مبتكرة' بشكل خاص. ألم تكن أنت من قرر في إحدى المناسبات وضع نافورة شوكولاتة عملاقة في وسط القاعة؟ هل ستفعل شيئًا مماثلًا هذه المرة؟ ربما نافورة ذهبية ترش العطور الملكية؟"

احمر وجه الوزير على الفور، وبدا أنه يحاول جاهدًا الحفاظ على هدوئه. "هذا كان قرارًا تم اتخاذه بناءً على طلب النبلاء، وليس فكرتي شخصيًا!"

"آه، بالطبع، بالطبع…" هز ليونيل رأسه وكأنه يصدقه تمامًا، قبل أن يهمس بصوت كافٍ ليسمعه الجميع: "لكنني سمعت أن النافورة تعطلت ورشت الشوكولاتة على فستان الدوقة آنذاك… يا لها من مأساة!"

كان بإمكانه رؤية أحد الوزراء يضغط على جبهته، والآخر يكتم ضحكته بصعوبة.

لكن ليونيل لم ينهِ بعد، بل استدار نحو وزير المالية هذه المرة. "بالمناسبة، حفلة بهذا الحجم ستكلف بلا شك ثروة ضخمة… أتساءل، هل الميزانية العامة ستتأثر؟ أم سنأخذ من الضرائب؟ أوه، لا تقلق، أنا متأكد أن الشعب سيحب أن يدفع أكثر فقط ليحصل ولي العهد على ليلة لا تُنسى!"

الوزير كاد يختنق بريقه، وبدا أن العرق يتصبب من جبينه وهو يحاول جاهدًا تجاهل السخرية الواضحة في كلمات ليونيل.

كان الوزراء يتبادلون النظرات الآن، وبينما لم يتجرأ أحدهم على نطق كلمة واحدة، كان بإمكان ليونيل الشعور بالسخط المكتوم يملأ الجو.

تمامًا كما خطط.

"هيا، فقط قولوا ذلك… اطلبوا من الإمبراطور طردي من الاجتماع!"

ولكن للأسف، قبل أن يتمكن أي منهم من اتخاذ هذه الخطوة، شعر بيد ثقيلة توضع على فمه مرة أخرى.

"كفى."

كان صوت الإمبراطور هادئًا، لكنه مليء بالتحذير.

تجمد ليونيل، ثم استدار لينظر إلى الإمبراطور، الذي كان يحدق به بنظرة لم يستطع تفسيرها.

كان هناك شيء ما في تلك النظرة… لم يكن غاضبًا تمامًا، لكنه لم يكن مسرورًا أيضًا.

شعر ليونيل بقشعريرة تسري في جسده، وقرر أخيرًا التراجع قليلًا… على الأقل حتى يجد فرصة أفضل لاستفزاز الجميع مرة أخرى.

2025/04/19 · 190 مشاهدة · 2900 كلمة
روزي
نادي الروايات - 2025