بينما كان ليونيل جالسًا على العشب، مستمتعًا بنجاحه في التخلص من إليوت، ظهر إشعار صغير أمامه، لكنه لم يكن من النظام هذه المرة.

[كارثة: تنهد.]

تجمد ليونيل للحظة، ثم نظر إلى الكائن الصغير المحاكي الذي كان جالسًا على حجره، يهتز قليلاً وكأنه مستاء.

"هاه؟ ما بك؟"

[كارثة: أنت حقًا لا تتعلم، أليس كذلك؟]

رفع ليونيل حاجبه. "ماذا تعني؟ لقد نجحتُ في التخلص منه، أليس كذلك؟"

[كارثة: أجل، لكن هل تدرك أن أفعالك الآن ستعود بنتائج عكسية عليك لاحقًا؟]

"نتائج عكسية؟ كيف ذلك؟"

[كارثة: إليوت الآن يشعر بالإهانة، وأنت تعلم كيف يتصرف أفراد العائلة الإمبراطورية عندما يشعرون بالإهانة، صحيح؟]

ليونيل عبس للحظة، ثم أدار وجهه بعيدًا. "ليس وكأنني أملك العديد من الخيارات، لم أكن لأسمح له بحملي طوال اليوم!"

[كارثة: كان بإمكانك فقط… ألا تستفزه بتلك الطريقة.]

ليونيل ضحك بسخرية. "وكأنني سأقبل أن يُعاملني كحقيبة يجب حملها في كل مكان!"

كارثة ظل صامتًا للحظة، ثم قال بهدوء.

[كارثة: حسنًا، ولكن… ألا تعتقد أن كل هذا يثبت شيئًا؟]

"ماذا؟"

[كارثة: أنك حقًا "الشرير" في هذه القصة.]

ليونيل تجمد.

أخفض نظره إلى كارثة، الذي كان ينظر إليه بجدية غير معتادة، ثم ابتسم بسخرية.

"أوه؟ إذن، أنت أيضًا ترى الأمر بهذه الطريقة؟"

[كارثة: ليس الأمر أنني أراه هكذا، بل لأن الجميع يراه هكذا.]

"وهل تعتقد أنني أهتم برأي الجميع؟"

كارثة صمت للحظة، ثم قال.

[كارثة: إذن… لماذا أنت غاضب؟]

ليونيل فتح فمه ليرد، لكنه لم يجد شيئًا يقوله.

كارثة ظل يراقبه، ثم أدار وجهه وقال بصوت منخفض.

[كارثة: أعتقد أنك تعرف السبب بالفعل.]

ليونيل ظل صامتًا، ثم أغمض عينيه، متجاهلًا الكلمات التي أثارت شيئًا في داخله لا يريد التفكير فيه.

"انسَ الأمر، لا فائدة من الحديث عن هذا."

ثم مد يده والتقط كارثة، ممسكًا به كما لو كان دمية صغيرة.

"الأهم الآن… كيف سأعود إلى جناحي بدون أن أطلب المساعدة؟"

كارثة لم يرد، فقط حدّق به كما لو كان يقول: أنت أوقعت نفسك في هذا الموقف، حلّه بنفسك.

..........................

تنهد ليونيل بعمق واستلقى على العشب، محدقًا في السماء الصافية. النسيم البارد لفح وجهه بلطف، لكنه لم يكن كافيًا لتهدئة أفكاره المتشابكة.

منذ أن استيقظ في هذا الجسد، كان يشعر بشيء غريب كلما اقترب أحد أفراد العائلة الإمبراطورية منه. في البداية، ظن أنها مجرد مشاعره الخاصة—رفضه لفكرة أن يكون محاطًا بأشخاص قد يتحكمون بمصيره. لكن الأمر لم يكن كذلك تمامًا.

كلما اقتربوا، كان هناك شيء آخر، شيء عميق داخل هذا الجسد.

حزن.

حزن ثقيل، صامت، لكنه حاد كالسكاكين. لم يكن له صوت، لم يكن له ملامح واضحة، لكنه كان هناك، متجذرًا في هذا الجسد.

"ليونيل الأصلي…"

لم يفهمه تمامًا. لم يفهم لماذا شعر بالحزن كلما اقترب الإمبراطور، أو لماذا امتلأ قلبه بالمرارة كلما تحدث إليه إليوت.

لكن إذا كان ليونيل الأصلي يشعر بهذا الحزن، فلماذا…؟

لماذا دفعهم بعيدًا عنه؟

إذا كان وحيدًا إلى هذا الحد، لماذا لم يحاول التمسك بهم؟ لماذا جعل الجميع يكرهه؟

عبس ليونيل، وهو يحاول البحث عن إجابة منطقية، لكنه لم يجد شيئًا سوى المزيد من الأسئلة.

كارثة، الذي كان لا يزال جالسًا بجانبه، حرك أذنيه قليلاً وقال بصوت منخفض.

[كارثة: أفكارك صاخبة جدًا.]

"حسنًا، اعتذر إن كنت أزعجتك." رد ليونيل بتهكم.

كارثة لم يرد مباشرة، لكنه قال بعد لحظة.

[كارثة: ربما لم يكن يريد دفعهم بعيدًا.]

رفع ليونيل حاجبه. "ماذا تعني؟"

[كارثة: ربما كان يحاول… حمايتهم.]

ليونيل سخر. "حمايتهم؟ من ماذا؟"

كارثة لم يرد، لكنه نظر إليه نظرة غامضة قبل أن يلتف على نفسه ويدفن رأسه في ذيله، كأنه لا يريد التحدث أكثر.

ليونيل نظر إليه، ثم تنهد وأعاد نظره إلى السماء.

"حمايتهم، هاه…"

لم يكن متأكدًا مما إذا كان يريد معرفة الإجابة.

...................

ظل ليونيل محدقًا في السماء، غارقًا في أفكاره، إلى أن سمع صوت خطوات تقترب. لم يكلف نفسه عناء الالتفات، لكنه شعر بظل شخص يجلس بجانبه.

"لماذا أنت هنا مجددًا؟" تمتم بكسل، دون أن يحرك رأسه.

إليوت لم يرد فورًا، فقط استرخى على العشب بجانبه، وكأنه لا يرى حاجة إلى تقديم إجابة مباشرة.

نظر ليونيل إليه أخيرًا، متجاهلًا الإحساس الغريب في صدره. منذ متى أصبح هذا الجسد يملك ردود فعل عاطفية تلقائية بالقرب من عائلته؟ هل كان هذا بسبب ليونيل الأصلي؟

"إذا كنتَ هنا فقط للجلوس بهدوء، فاذهب واجلس في أي مكان آخر. وجودك يزعجني."

إليوت أطلق ضحكة قصيرة، لكنه لم يتحرك.

"أنت دائمًا هكذا، أليس كذلك؟ ترفض كل شيء، تدفع الجميع بعيدًا، وكأنك تريد أن تبقى وحدك إلى الأبد."

تجمدت ملامح ليونيل لثانية، قبل أن يسخر، "أوه، كم هذا درامي. هل أتيت إلى هنا لإلقاء خطاب عاطفي؟"

إليوت لم يرد مباشرة، لكنه استلقى على ظهره، يحدق في السماء تمامًا كما كان يفعل ليونيل قبل لحظات.

"أنت لست كما كنت سابقًا."

كلمات بسيطة، لكنها حملت معها الكثير.

"ماذا؟"

إليوت أدار رأسه قليلًا لينظر إليه مباشرة. "أنت مختلف. منذ استيقاظك، تصرفاتك ليست نفسها. حتى طريقة كلامك… وكأنك شخص آخر."

شعر ليونيل بتشنج طفيف في جسده، لكنه أخفى ذلك بسرعة وراء ابتسامة ساخرة. "ربما ضربتُ رأسي بقوة عندما كنتُ في غيبوبة؟"

إليوت لم يضحك، فقط استمر بالتحديق فيه للحظة، قبل أن يعود للنظر إلى السماء.

"أياً يكن… أنا فقط لا أفهمك."

"حسنًا، لستَ الوحيد." تمتم ليونيل بصوت منخفض.

لم يرد أي منهما بعد ذلك، فقط ظلّا جالسين بصمت، كل منهما غارق في أفكاره الخاصة.

......................

ظل الصمت يلف المكان، ولم يمضِ وقت طويل حتى بدأ تنفس ليونيل يهدأ تدريجيًا. كان من الواضح أنه بدأ يغفو دون أن يدرك ذلك.

إليوت لاحظ ذلك، لكنه لم يتحرك أو يحاول إيقاظه. فقط بقي جالسًا، ينظر إليه بطرف عينه. لم يره ينام بهذه السهولة من قبل. عادةً، كان ليونيل يظل مستيقظًا لساعات، وكأنه يرفض النوم عمدًا.

ولكن فجأة، وبينما كان إليوت يفكر في ذلك، شعر بحركة خفيفة. قبل أن يدرك الأمر، كان ليونيل قد تحرك في نومه… ثم تشبث به.

"…"

إليوت تجمد في مكانه. نظر إلى الأسفل، ليجد ذراعي ليونيل متشبثتين به، وكأنه يبحث عن شيء دافئ ليمسك به أثناء نومه. رأسه كان مستندًا إلى كتفه، وتنفسه المنتظم كان يلامس بشرته.

صُدمة واضحة ارتسمت على وجه إليوت. لم يكن متأكدًا مما يفترض أن يفعله.

"هل… هل هو واعٍ لما يفعله؟"

حاول تحريك يده بلطف، لكن ليونيل تمتم بصوت نائم، وضغط عليه أكثر.

إليوت تجمد مجددًا.

كان هذا هو ليونيل… الشخص الذي لطالما أبقى الجميع على مسافة. الشخص الذي رفض أي تواصل أو اقتراب. ومع ذلك، الآن، كان يتشبث به كما لو أنه شيء مألوف… شيء آمن.

أراد أن يضحك من سخرية الموقف، لكنه في النهاية فقط تنهد.

"… يا لك من متعب، ليونيل."

وبدلاً من دفعه بعيدًا، فقط بقي كما هو، يسمح له بالنوم بهدوء.

.......................

ظل إليوت جالسًا بصمت، يشعر بثقل جسد ليونيل المتشبث به. لم يحاول دفعه بعيدًا، لكنه لم يستطع منع أفكاره من الانجراف.

تذكر أنه قبل أيام فقط، أرسل رسالة إلى شقيقه الأكبر، راين كارستين، يخبره عن التغيير الغريب الذي طرأ على ليونيل بعد استيقاظه من غيبوبته.

"أخي، هناك شيء غير طبيعي بشأن ليونيل. لقد بدأ بالصراخ، والمقاومة، وحتى رفض العلاج… لم يعد كما كان من قبل."

حين كتب ذلك، كان يتوقع أن يتلقى ردًا باردًا أو مشككًا، ولكن المفاجأة أن راين رد عليه بسرعة غير معتادة.

"مستحيل. ليونيل لا يفعل ذلك. سأعود قريبًا لأرى بنفسي."

إليوت لم يكن يتوقع أن يأخذ راين الأمر بهذه الجدية. كان راين مشغولًا للغاية في أكاديمية فاليري الإمبراطورية". ومع ذلك، قرر العودة فورًا، مما يعني أن الأمر كان يثير قلقه بالفعل.

الآن، وبينما كان ينظر إلى ليونيل النائم، شعر إليوت بالحيرة.

"كيف سيتصرف راين عندما يراه بهذا الشكل؟ هل سيشعر بالغضب؟ أم… بالدهشة؟"

كان من المعروف أن راين لم يكن قريبًا من ليونيل، لكنه أيضًا لم يكن يكرهه. بل كان ينظر إليه وكأنه شخص لا يمكن فهمه أو التفاعل معه.

لكن مع عودته الوشيكة… إليوت لم يكن متأكدًا مما سيحدث.

تنهد بهدوء، ثم نظر إلى ليونيل الذي كان نائمًا بعمق، متشبثًا به كما لو أنه لا يريد الاستيقاظ.

"أتساءل… كيف ستكون ردة فعلك عندما ترى راين، ليونيل؟"

........................

شعر إليوت بحركة خفيفة، نظر إلى الأسفل، ليجد أن ليونيل قد ازداد تشبثًا به، وكأنه يبحث عن الدفء. لاحظ كيف كان جسده يرتجف قليلًا بفعل النسيم البارد الذي تسلل بين الأشجار.

تنهد إليوت بصمت، ثم خلع سترته ووضعها بلطف فوق ليونيل، محاولًا تهدئة ارتجافه.

"من كان يظن أنه سيصبح هكذا؟"

أمال رأسه للخلف ونظر إلى السماء، يفكر في التغيير الكبير الذي طرأ على شقيقه الأصغر. منذ أن استيقظ من الغيبوبة قبل شهر، لم يعد ذلك الفتى الكئيب الذي استسلم لمصيره بصمت. لم يعد ذلك الأمير الصامت الذي يكره اقتراب الآخرين منه ولا يبدي رأيه في أي شيء.

الآن، كان مختلفًا تمامًا.

"عنيد… مشاكس… لا يخاف من التعبير عن رأيه… وحتى أنه يصرخ ويشتم النظام الإمبراطوري بأكمله!"

لم يستطع منع ابتسامة صغيرة من التسلل إلى وجهه. كان هذا الجانب الجديد من ليونيل غريبًا، لكنه في نفس الوقت… كان ينبض بالحياة أكثر من أي وقت مضى.

"هذا التغيير ليس سيئًا تمامًا… لكنه يثير الكثير من الأسئلة."

حدق إلى ليونيل مجددًا. هل هذا التغيير حقيقي؟ أم أنه مجرد قناع آخر؟

لم يكن متأكدًا، لكن هناك شيء واحد كان واثقًا منه—

"هذا الفتى… لم يعد ذلك الشخص الذي عرفناه من قبل."

....................

بدأ ليونيل يحرك عينيه ببطء قبل أن يفتحها أخيرًا، استغرق الأمر بضع ثوانٍ ليستوعب أين هو… ولماذا يشعر بالدفء؟

أدار رأسه ليرى إليوت جالسًا بجانبه، مما جعله يدرك فجأة أنه كان متشبثًا به أثناء نومه. تجمد لثانية، ثم ابتعد بسرعة، وعيناه تشتعلان غضبًا وإحراجًا.

"أيها الوغد! لماذا لم تبعدني؟!" صرخ ليونيل، وهو يرمقه بنظرات غاضبة.

إليوت رفع حاجبه ببرود. "لم أرد إيقاظك، كنت تبدو مرتاحًا جدًا."

حدق به ليونيل بصدمة، ثم انفجر شاتمًا، متجاهلًا كليًا حقيقة أنه كان في القصر الإمبراطوري. "تبًا لك! أنا لست طفلًا! أيها المعتوه الكبير، هل تستمتع بإزعاجي؟!"

ضحك إليوت بصوت خافت، ثم قال بنبرة مستفزة: "أوه؟ لكنك كنت متشبثًا بي بشدة لدرجة أنني ظننت أنك لن تتركني أبدًا."

أصبح وجه ليونيل أكثر احمرارًا غضبًا. "أيها الوغد اللعين، سأقتلك!"

لكن قبل أن يتمكن من الانقضاض عليه، تحرك إليوت بسرعة، وأمسك به بمهارة، رافعًا إياه كما لو كان طفلًا صغيرًا.

"حسنًا، حان وقت العودة، لقد قضينا وقتًا كافيًا في الحديقة."

"أتركني! لست بحاجة إلى مساعدتك!" بدأ ليونيل يركل ويحاول التملص، لكنه كان بلا حول ولا قوة مقارنة بقوة إليوت.

"توقف عن المقاومة، تعلم أنك لن تفلت."

"سألعن عائلتك بالكامل، أيها الوغد عديم الرحمة!"

"لكننا من نفس العائلة."

"لهذا السبب سأبدأ بك!"

ضحك إليوت على غضب ليونيل، غير مبالٍ بمحاولاته الهائجة للهرب. وبالرغم من كل الصراخ والركل، لم يبدُ أنه متأثر على الإطلاق، وواصل طريقه نحو القصر بكل هدوء.

"آه، ليونيل… أنت ممتع جدًا عندما تغضب."

"أيها الوغد!!!"

.......................

ظل ليونيل يقاوم بجنون، محاولًا التملص من قبضة إليوت الحديدية، لكن جهوده كانت بلا فائدة. وبينما كان الأخير يسير به عبر الممرات الفاخرة، مرّا أمام لوحة زيتية ضخمة كانت معلقة على أحد الجدران.

كانت الصورة لامرأة ذات شعر أبيض نقي وعيون ذهبية متألقة، ترتدي ثوبًا إمبراطوريًا أنيقًا، وهي تنظر إلى الأمام بابتسامة خفيفة.

توقف ليونيل عن المقاومة للحظة، وحدّق في اللوحة، شعر بإحساس غريب في صدره، لكنه لم يستطع تحديد سببه. وبعد بضع ثوانٍ، نظر إلى إليوت وسأله ببراءة غير متوقعة:

"من تكون هذه المرأة؟"

توقف إليوت فجأة، وتصلّب جسده للحظة. ثم نظر إلى ليونيل، وكأن ما سمعه كان مستحيلًا.

"…ماذا؟"

أشار ليونيل إلى اللوحة بإصبعه. "هذه المرأة، من تكون؟"

حدّق به إليوت بصمت، وكأن الكلمات لا تستطيع الخروج من فمه، قبل أن يقول بصوت هادئ لكنه مشحون بالمشاعر:

"إنها الإمبراطورة إيرينا… والدتنا."

اتسعت عينا ليونيل قليلًا، لكنه لم يظهر أي رد فعل حقيقي.

"أمي؟" كرر الكلمة بصوت منخفض، وكأنها شيء غريب عليه. لم يكن يشعر بأي شيء تجاه هذه المرأة، لا ذكريات، لا مشاعر… فقط فراغ غريب.

لكن بينما كان يحاول التفكير أكثر، شعر بألم خفيف في رأسه، وكأنه تحذير من جسده بعدم الحفر في الأمر.

أما إليوت، فظل يحدق به، قبل أن يتحدث بنبرة باردة غير معتادة منه: "هل فقدتَ ذكرياتك أيضًا؟"

ارتبك ليونيل للحظة، لكنه سرعان ما استعاد هدوءه. أمال رأسه جانبًا وقال بسخرية: "لا، لكن لا أتذكرها."

كانت إجابة صادقة، وإن كانت ملتوية.

ظل إليوت يحدق به للحظة، ثم ضاقت عيناه قليلًا، لكنه لم يقل شيئًا، فقط أكمل طريقه وهو يحمل ليونيل، بينما الأخير ما زال يحدق في صورة الإمبراطورة بتعبير معقد.

......................

ظل ليونيل يحدق في صورة الإمبراطورة إيرينا، لكن شيئًا في داخله لم يتحرك، وكأنه كان ينظر إلى لوحة امرأة غريبة لا تمت له بصلة.

أما إليوت، فقد تابع السير بصمت، لكن قبضة يده على ليونيل أصبحت أكثر إحكامًا، وكأن شيئًا ما أزعجه.

"أنت حقًا لا تتذكرها؟" سأل بصوت منخفض، دون أن ينظر إليه.

أغمض ليونيل عينيه للحظة، محاولًا إجبار نفسه على تذكر أي شيء، لكن… لا شيء. لم تكن هناك حتى ومضة خاطفة من الذكريات.

"لا." أجاب ببساطة، ثم أضاف بنبرة ساخرة: "لكن لا تقلق، حتى لو تذكرتها، لا أعتقد أنني سأكون سعيدًا بذلك."

توقّف إليوت فجأة، ثم نظر إليه بنظرة حادة. "لماذا تقول ذلك؟"

رفع ليونيل حاجبه بسخرية. "منذ أن استيقظت، كل ما أعرفه هو أن عائلتي تركتني في هذه الغرفة لسنوات دون أن تهتم لحالي. إذن، لماذا قد أشعر بأي شيء تجاه امرأة لم تتواجد أبدًا في حياتي؟"

لم يقل إليوت شيئًا، لكن تعابيره تغيرت للحظة، وكأن كلمات ليونيل أصابته في نقطة حساسة.

ثم تنهد ببطء، وقال بهدوء غير معهود: "لو كانت هنا، لما سمحت بذلك."

كاد ليونيل أن يضحك، لكنه توقف. كانت هناك نبرة غريبة في صوت إليوت، نبرة حزن لم يعتد سماعها منه.

"إذن… ماتت؟"

أومأ إليوت بصمت.

كان من المفترض أن يشعر ليونيل بشيء… لكن، لم يكن هناك أي شيء. لا حزن، لا أسف، لا حتى فضول.

ظل ينظر إلى صورة الإمبراطورة للحظات أخرى، قبل أن يغمض عينيه، ويسند رأسه إلى كتف إليوت.

"حسنًا… لا يهمني ذلك." قالها بصوت خافت، وكأن الحديث عن والدته لم يعد يستحق عناء التفكير فيه.

أما إليوت، فقد ظل صامتًا، لكنه شدّ قبضته حول ليونيل أكثر، وكأنه خشي أن يضيع منه شيء آخر.

...................

كان ليونيل لا يزال يفكر في صورة الإمبراطورة عندما وجد نفسه يُسحب فجأة إلى قاعة الطعام الكبيرة.

رفع رأسه ونظر حوله، ليجد الطاولة الطويلة المزينة بأشهى الأطباق، وأمامه مباشرة… الإمبراطور يجلس هناك، بملامح هادئة كالعادة.

"لماذا أحضرتني هنا؟" سأل ليونيل وهو يعبس، محاولًا سحب نفسه من قبضة إليوت، لكن الأخير تجاهله تمامًا.

"لأنك تحتاج إلى تناول الطعام مثل البشر، لا أن تبقى محبوسًا في غرفتك." قال إليوت، وهو يسحب الكرسي ويدفع ليونيل ليجلس عليه.

كاد ليونيل أن يرد بسخرية، لكنه تجمد عندما التقى نظره بنظرة الإمبراطور.

"اجلس وأكل." أمر بصوت هادئ، لكنه حمل نبرة لا تقبل الرفض.

تردد ليونيل للحظة، لكنه في النهاية جلس، متذمرًا في داخله. "تبا، حتى هنا لا أملك خيارًا."

بدأ الخدم في تقديم الأطباق، وكانت روائح الطعام الفاخر تنتشر في المكان. لكن ليونيل لم يمد يده إلى الطعام، بل ظل يحدق في الإمبراطور بريبة.

"لماذا تتناول العشاء معنا؟" سأله فجأة، وهو يضيق عينيه.

رفع الإمبراطور حاجبًا، ثم قال ببساطة: "لأنني أتناول العشاء كل يوم."

"هذا ليس ما قصدته!" قال ليونيل بضيق. "ألم يكن من المفترض أن تكون مشغولًا بحكم الإمبراطورية أو أي شيء آخر؟ لماذا أنت هنا؟"

إليوت، الذي كان يأكل بهدوء، كتم ضحكته بينما نظر الإمبراطور مباشرة إلى ليونيل.

"هل وجودي يزعجك؟" سأل بنبرة هادئة، لكن ليونيل شعر على الفور بخطر غير مرئي خلف كلماته.

لكنه لم يكن من النوع الذي يتراجع بسهولة، فرفع ذقنه بتحدٍ وقال: "بالطبع يزعجني! هل لديك فكرة عن عدد المرات التي يتم فيها جري إلى أماكن لا أريد الذهاب إليها؟"

إليوت لم يستطع كتم ضحكته هذه المرة، بينما نظر الإمبراطور إلى ليونيل للحظات قبل أن يقول ببرود:

"إذن، هل تفضل أن يتم جرك إلى غرفة التعذيب بدلًا من هنا؟"

ليونيل تجمد في مكانه. "….هاه؟"

رغم أن نبرة الإمبراطور كانت هادئة، إلا أن تهديده كان واضحًا.

نظر ليونيل إلى إليوت طلبًا للمساعدة، لكن الأخير فقط واصل تناول طعامه وكأنه لم يسمع شيئًا.

"…تبًا، هذا ليس عدلًا." تمتم ليونيل، قبل أن يمد يده أخيرًا إلى الطعام. لم يكن لديه أي نية ليكتشف ما إذا كان الإمبراطور جادًا أم لا بشأن تهديده.

.....................

نظر ليونيل إلى طبقه بملامح متجهمة. كانت وجبته مليئة بالخضار المطهوة على البخار، وقطع اللحم المشوي الخالي من أي دهون، مع حساء خفيف بالكاد يحمل نكهة.

رفع شوكته ببطء، ثم نظر إلى طبق إليوت المليء باللحم المتبل، والصلصات الغنية، والخبز الطازج.

ثم نظر إلى طبق الإمبراطور، الذي لم يكن مختلفًا كثيرًا، لكنه لا يزال يبدو أكثر شهية من طبقه الممل.

رمش بعينيه، ثم قال ببرود: "ماذا ما هذا؟"

رفع الإمبراطور حاجبه، بينما ظل إليوت يأكل بهدوء.

"إنه طعام صحي." أجابه الإمبراطور ببساطة.

"أعلم أنه طعام صحي! لكن لماذا عليّ أن آكله وحدي؟! لماذا يحصل الجميع على طعام لائق بينما أُعطى هذه الوجبة البائسة؟!"

إليوت كتم ضحكته، بينما نظر الإمبراطور إليه ببرود وقال: "لأنك بحاجة إلى التعافي."

ليونيل ضرب الطاولة بقبضته. "كفى! سئمت من تناول طعام الأرانب هذا! أريد طعام البشر! لحم مشوي، خبز، حلويات! هل تطلب مني أن أقضي بقية حياتي أتناول هذه القمامة طعام البشر، من فضلك اعطني ؟!"

ظل الإمبراطور ينظر إليه بلا تعبير للحظات، قبل أن يقول بهدوء: "هل تريد أن تموت مجددًا؟"

تجمد ليونيل. "….ماذا؟"

"إن لم تتبع نظامًا غذائيًا صحيًا، فقد ينهار جسدك مجددًا. لذا، لديك خياران: إما أن تأكل بصمت، أو أطلب من الخدم إطعامك بالقوة."

ليونيل حدق في الإمبراطور بصدمة. "هل تهددني الآن"

"أنا فقط أوضح الحقائق."

حدق ليونيل في الإمبراطور للحظات، قبل أن ينظر إلى إليوت، الذي كان قد انتهى من وجبته ويشرب الشاي الآن وكأنه يستمتع بالمشهد.

أخذ ليونيل نفسًا عميقًا، ثم أمسك بشوكته، وطعن قطعة الخضار وكأنه ينتقم منها. "تبًا، هذا ظلم واضح."

بدأ بالأكل، لكنه تمتم بين أسنانه: "هذا لا يعني أنني استسلمت! سأجد طريقة للحصول على طعام البشر يومًا ما!"

2025/04/20 · 218 مشاهدة · 2768 كلمة
روزي
نادي الروايات - 2025