كان يجب أن أموت.

أتذكر اللحظة الأخيرة جيدًا-الهواء البارد في رئتي، الألم الذي صار مجرد جزء مني، الأصوات البعيدة لأجهزة المستشفى، والظلام الذي كان يبتلعني ببطء. سرطان الدم أنهكني لسنوات، وجسدي كان هشًا لدرجة أنني بالكاد شعرت بالنهاية حين جاءت. كنت مستعدًا... أو هكذا ظننت.

لكن عندما فتحتُ عينيّ، لم يكن هذا العالم الذي تركته خلفي.

كان السقف مرتفعًا بشكل غريب، مغطى بنقوش ذهبية معقدة لم أرَ مثلها في حياتي. الهواء لم يكن معقمًا، بل مشبعًا برائحة الخشب المحترق والورق القديم. أردت أن أتحرك، لكن صدري كان يختنق وكأن صخرة جاثمة عليه. رفعت يدي بصعوبة... لم تكن يدي.

أنامل نحيلة، جلد شاحب كالموتى، وضعفٌ رهيب في كل حركة. جسد لا يكاد يحتمل ثقله، وذكرى ليست لي... لكنها الآن محفورة في عقلي وكأنها تخصني.

اسمي ليونيل كارستين. أنا الأمير الرابع لإمبراطورية رافينهولد. وأنا مريض، مكروه، ومن المفترض أن أموت قبل أن أبلغ الثامنة عشرة.

ضغطتُ على رأسي، الألم يعتصره مع تدفق الذكريات. ليونيل كان مريضًا منذ ولادته، جسده ضعيف، وعائلته لم تعتبره يومًا أكثر من عبء. عاش في عزلة داخل القصر، لم يحظَ حتى بمعاملة البشر. لم يكن شريرًا بالمعنى التقليدي، لكنه كان الشخصية التي ينظر إليها الجميع باشمئزاز، الشخص الذي لن ينجو.

وأنا الآن محبوس في جسده.

شعرتُ بمرارة ساخرة تغمرني. في حياتي السابقة، كنت مريضًا ميؤوسًا منه، والآن... عدتُ لنفس المصير؟ هل هذه مزحة؟ هل هذه طريقة العالم ليقول لي: "مرحبًا بك مجددًا في الجحيم"؟

لكنني لم أشعر بالغضب. لم أشعر باليأس. على العكس... شعرتُ بالهدوء.

ليونيل قضى حياته في انتظار الموت. لم يقاتل، لم يحاول، ولم يكترث. والآن... أنا هنا. ربما كان يجب أن أرتعب، أن أبحث عن مخرج، أن أصيح طلبًا للمساعدة، لكن بدلًا من ذلك، تركتُ جسدي يغرق في الوسادة ونظرتُ إلى السقف الذهبي.

إذا كان الموت قادمًا على أي حال... فلماذا عليّ فعل أي شيء؟

قبل أن أتمكن من استيعاب المزيد، انفتح الباب بعنف، ودخل شخص كان يحمل صينية فضية بين يديه. بدا وكأنه خادم، لكنه كان شاحب الوجه، وعيناه متسعتان بذهول. للحظة، ظل متجمداً في مكانه، ينظر إلي وكأنه رأى شبحًا.

ثم، وسط الصمت الثقيل، أطلق صرخة مدوية.

"ااااااااه!"

كدتُ أسقط من السرير بسبب المفاجأة. حتى في حياتي السابقة، لم يصرخ أحد عندما رآني، رغم أنني كنتُ أبدو مثل هيكل عظمي يمشي.

ترك الصينية تقع على الأرض، وارتدّ خطوة للخلف، ويده ترتجف وهو يشير إلي. "إنه... إنه مستيقظ! الأمير الرابع... استيقظ!"

ركض خارج الغرفة بسرعة جنونية، صوته يتردد في أرجاء القصر.

حدّقتُ إلى السقف بذهول.

حسنًا... يبدو أنني كنتُ في غيبوبة لفترة طويلة جدًا.

ظللت أحدق نحو الباب المفتوح بينما خطوات الخادم الراكض تتلاشى في أرجاء القصر. لم أكن بحاجة للذكريات الجديدة في رأسي لأدرك أن ردة فعله كانت متوقعة. ليونيل كارستين، الأمير الرابع المريض، كان في غيبوبة استمرت عامين كاملين. وبالنسبة للجميع... كان موته مجرد مسألة وقت.

لكنني الآن هنا، مستيقظ، أتنفس، وأدرك شيئًا بسيطًا للغاية.

لا أحد سيفرح بعودتي.

كان بإمكاني سماع الضجة بالخارج، أصوات خطوات متسارعة وهمسات متوترة. بل حتى سمعت صوت أحدهم يقول بقلق:

"لا بد أن يكون خطأ... لقد كان على حافة الموت!"

"سنرى ذلك قريبًا."

كان هذا الصوت عميقًا، قويًا... ومألوفًا. أدركت فورًا لمن يعود حتى قبل أن يدخل الغرفة.

تقدم مجموعة من الأشخاص إلى الداخل، وعلى رأسهم رجل طويل ذو حضور طاغٍ، يرتدي عباءة ملكية سوداء. عيناه الرماديتان الثاقبتان كانت تنظر إليّ بلا تعبير، كما لو كنت قطعة خردة قديمة اكتشف أنها لم تتحطم بعد.

الإمبراطور إدوارد كارستين.

والدي الجديد.

أو بالأحرى، الرجل الذي كان من المفترض أن يكون والدي لكنه بالكاد تذكر وجودي. لم يقل كلمة وهو يحدّق بي، فيما انحنى طبيب عجوز بجانب السرير، فحص نبضي، وقرب أذنه إلى صدري ليستمع إلى دقات قلبي، ثم لمس جبيني بحذر.

أخذ الطبيب خطوة للخلف وقال بصوت متردد: "إنه... مستيقظ فعلاً، جلالتك. ونبضه طبيعي."

لم يتغير تعبير الإمبراطور، لكنه قال ببرود: "إذن، لقد عاد."

عاد؟

كان بإمكاني الشعور بالبرودة في صوته، كما لو كنت شيئًا نسيه في أحد الأركان، والآن وجده مجددًا لكنه لا يعرف ما الذي سيفعله به.

لكنني لم أهتم بذلك. ما كان يهمني أكثر هو ما قاله الطبيب. نبضي طبيعي. جسدي، الذي من المفترض أن يكون هشًا بسبب مرضه المزمن، لا يشعر بالسوء الذي كنت أتوقعه.

ألقيت نظرة على يدي، كانت ضعيفة، لكنني لم أشعر بالوهن الشديد الذي تصفه ذكريات ليونيل. هذا الجسد لم يكن في أفضل حالاته، لكنه أيضًا... لم يكن كما كان من قبل.

رفعت رأسي قليلًا وحدّقت في الإمبراطور مباشرة. كان ذلك شيئًا لم يفعله ليونيل أبدًا، لكنني لم أكن ليونيل.

"لقد نمت لعامين،" قلت بصوتي الذي بدا أضعف مما كنت أريد. "وأخيرًا استيقظت. أليس هذا أمرًا جيدًا؟"

ظل الإمبراطور صامتًا لبرهة، ثم قال ببرود: "سيبدأ علاجك فورًا."

علاج؟

تجمّدت للحظة، ثم أدركت ما يقصده. جسد ليونيل كان ضعيفًا منذ ولادته، والأطباء حاولوا علاجه بكل طريقة ممكنة. لكن بالنسبة لشخص مثلي...

أنا الذي كنت في حياتي السابقة أرفض العلاجات التي تطيل الألم بلا فائدة.

أخفضت نظري إلى يدي مجددًا، أصابعي نحيلة كالعظام، لكنها ما زالت تتحرك، ما زلت أتنفس. هل أريد أن أعيش؟

ليس بهذه الطريقة.

رفعت رأسي مجددًا ونظرت مباشرة إلى الإمبراطور، ثم قلت بهدوء:

"لا حاجة لذلك."

ساد صمت ثقيل في الغرفة. الطبيب تراجع، الخدم بدوا وكأنهم لا يصدقون ما سمعوه، والإمبراطور... لم يتحرك.

لكن الهواء في الغرفة أصبح أثقل.

"ماذا قلت؟" سأل بصوت هادئ جدًا، لكنه كان أشبه بحد شفرة.

"قلتُ إنني لن أتلقى العلاج."

كان بإمكاني رؤية دهشة في أعين الخدم، ربما حتى صدمة، لأن الأمير الرابع لم يكن يومًا من يرفع صوته أو يعترض على شيء. لكنه لم يكن الأمير الرابع من يتحدث الآن.

الإمبراطور لم يبدُ غاضبًا، ولم يرفع صوته، لكنه ألقى نظرة واحدة عليّ كانت كافية لتشعرني بأنني حشرة لا قيمة لها. استدار ليغادر، لكنه توقف عند الباب وقال بصوت بارد:

"سيبدأ العلاج غدًا، سواءً برغبتك... أو بدونها."

ثم خرج، تاركًا خلفه صمتًا ثقيلًا.

شعرتُ بابتسامة خافتة تتسلل إلى شفتي.

أرغموني على العلاج في حياتي السابقة... والآن سيكررون الأمر هنا؟

لكن هناك فرق واحد.

هذه المرة... لن أقبل بذلك ببساطة.

2025/04/18 · 420 مشاهدة · 945 كلمة
روزي
نادي الروايات - 2025