جلس ليونيل في مقعده، متكئًا على الطاولة بذراع واحدة، بينما عيناه نصف مغمضتين في محاولة واضحة للهروب من الملل. جوزيف كان واقفًا خلفه كعادته، يراقب تحركاته بصمت.

كان المعلم ديريك يتابع شرحه، لكن ليونيل لم يكن منتبهًا أبدًا. لم يكن هناك شيء مثير للاهتمام—حتى ظهر إشعار النظام فجأة أمامه.

┏━━━━━━━━━━━┓ [تحذير!]

تم اكتشاف خطر محتمل في محيطك

الاسم: سيرافينا نوايت

التصنيف: شرير رئيسي

اللقب: القديسة الزائفة

الخطر: مرتفع ┗━━━━━━━━━━━┛

حدق ليونيل في الإشعار للحظات، قبل أن يرفع رأسه ببطء، ناظرًا نحو باب القاعة حيث كانت فتاة ذات شعر أبيض وعيون زرقاء زاهية تدخل الصف بخطوات هادئة.

رأى الطلاب وهم يتهامسون فيما بينهم فور رؤيتها، بينما كان البعض ينظر إليها بإعجاب واضح.

"إنها القديسة سيرافينا!"

"سمعت أنها موهوبة بشكل لا يصدق، حتى أنها حصلت على بركة الكنيسة المقدسة!"

"إنها تبدو كالملاك!"

ليونيل أطلق تنهيدة خفيفة وهو يراقبها تتقدم. مظهرها كان مثاليًا: ابتسامة رقيقة، خطوات متزنة، وهالة نقاء مصطنعة تكاد تخدع حتى أكثر العقول يقظة.

"قديسة زائفة، هاه؟"

رفع حاجبه وهو يراقبها بصمت، ثم قرر تجاهلها تمامًا، وعاد ليسند رأسه على الطاولة وكأن شيئًا لم يحدث.

لكن سيرافينا توقفت فجأة أمامه، مائلة رأسها قليلًا وهي تنظر إليه بابتسامة لطيفة.

"صباح الخير، الأمير ليونيل." تحدثت بصوت هادئ وعذب، كأنها تخاطب طفلًا صغيرًا.

لم يتحرك ليونيل من مكانه، ولم يفتح عينيه حتى. ثم تمتم ببرود: "من أنتِ؟"

ظهر الذهول على بعض الطلاب، بينما تردد صوت ضحكة خافتة من أحد الزوايا. سيرافينا لم يتغير تعبيرها، بل ازدادت ابتسامتها لطفًا.

" أنا سيرافينا نوايت، تشرّفت بلقائك."

فتح ليونيل إحدى عينيه أخيرًا، ناظرًا إليها بنظرة كسولة. "آه، القديسة، صحيح؟"

أومأت برأسها بلطافة. " أجل."

"يا إلهي، كم هذا مبتذل."

قرر ليونيل أنه لم يكن لديه طاقة للتعامل مع شخص مثلها في الوقت الحالي، لذا أدار رأسه مجددًا واستعد للنوم.

لكن سيرافينا لم تتحرك، فقط استمرت بالنظر إليه، وكأنها تنتظر رد فعل مختلف.

"إذن، هل ستظهرين وجهك الحقيقي قريبًا، أيتها القديسة الزائفة؟"

لم يكن لدى ليونيل أي نية للتعامل معها… على الأقل ليس الآن.

......................

نظر ليونيل نحو سيرافينا بكسل، ثم حول بصره إلى جوزيف ومد ذراعه بتثاقل.

"احملني، أريد الخروج من هنا… أشعر بالملل."

حدق به جوزيف للحظة، لكنه لم يحتجّ، فقط انحنى قليلاً استعدادًا لحمله. لكن قبل أن يتمكن من لمسه، تحدثت سيرافينا بصوت هادئ ولطيف:

"الأمير ليونيل، هذا تصرف غير لائق. المعلم يشرح الدرس الآن، ومن غير المحترم مقاطعته بهذه الطريقة."

فتح ليونيل إحدى عينيه وحدق بها للحظة، ثم تنهد بملل. "آه… آسف، هل قلتِ شيئًا؟ كنتُ مشغولًا بتجاهلكِ. "

ارتفع حاجب سيرافينا للحظة، لكنها سرعان ما استعادت هدوءها، محافظةً على ابتسامتها الهادئة. "أنا فقط أعتقد أن الطلاب يجب أن يحترموا تعليمهم، فالمعرفة هبة من الله."

"يا إلهي، كم هذا نبيل." تمتم ليونيل بسخرية، ثم أضاف ببرود: "لكنني لست مهتمًا، لذا… جوزيف، تحرك."

أومأ جوزيف بلا تعليق، وانحنى ليحمل ليونيل بسهولة بين ذراعيه.

في هذه اللحظة، شعر ليونيل بنظرات الطلاب تخترقه، مزيج من الدهشة والصدمة وحتى الحسد.

"هل هو جاد…؟!"

"الأمير الرابع… هل يعاني من مشكلة ما؟"

"إنه يتصرف كطفل مدلل…"

تجاهل ليونيل كل الهمسات بينما أراح رأسه على كتف جوزيف، متعمدًا جعل نفسه يبدو أكثر استرخاءً.

قبل أن يعبر الباب، سمع صوت سيرافينا مرة أخرى. "الأمير ليونيل، هل تعتقد أن الهروب من الدروس أمر ممتع؟"

رفع رأسه قليلًا، ناظرًا إليها بعينين نصف مغمضتين. ثم ابتسم ابتسامة كسولة وقال: "لا، لكنه أقل مللًا من البقاء هنا والاستماع إلى المواعظ."

ثم أشار إلى جوزيف بيده. " لنذهب ."

وبدون انتظار أي رد آخر، خرج من القاعة، تاركًا وراءه طلابًا مصدومين، ومعلم لم يجد ما يقوله، و" قديسة " لا تزال تبتسم… لكن عينيها لمعتا للحظة بشيء لا يبدو نقيًا كما تدّعي.

.....................

أثناء حمله، مال ليونيل برأسه إلى جوزيف وقال بكسل: "حسنًا، ضعني على الكرسي المتحرك الآن. لقد انتهت مهمتي هنا."

أومأ جوزيف بلا كلمة، ثم أنزله بلطف إلى الكرسي المتحرك. ليونيل، الذي استلقى بارتياح، لم يستطع إخفاء ابتسامته الراضية.

"حسنًا، بالتأكيد بعد هذه الفوضى سيتم طردي قريبًا. ربما حتى قبل انتهاء اليوم؟ هذا سيكون رائعًا."

لكن قبل أن يستمتع بفكرة نجاح خطته، ظهر إشعار على الشاشة الشفافة أمامه، متوهجًا باللون الأحمر القاتم.

🔺 إشعار النظام 🔺 ⚠️ لقد أغضبت [القديسة الزائفة: سيرافينا نوايت]. ⚠️ معدل العداء تجاهك ارتفع بنسبة 15%. ⚠️ يُنصح بتوخي الحذر!

توقفت ابتسامة ليونيل في مكانها. نظر إلى النافذة ببرود، ثم حول بصره إلى الداخل حيث لا تزال سيرافينا جالسة في مكانها، تبتسم بهدوء وهي تراقبه… لكن تلك الابتسامة بدت له أكثر خطورة مما يجب.

"حسنًا… ربما لم يكن هذا أذكى شيء قمت به اليوم."

..................

قبل أن يتمكن ليونيل من التفكير فيما سيفعله حيال إشعار النظام، شعر بجسده يرتفع فجأة عن الكرسي المتحرك.

"ماذا الآن؟!" تمتم بضيق، قبل أن ينظر للأعلى ويرى من تجرأ على لمسه بهذه الطريقة.

كان كايل، يحمل ليونيل وكأنه طفل صغير، تعلو وجهه ابتسامة ساخرة. "إذن، الأمير المدلل يشعر بالملل؟"

عبس ليونيل وحاول التحرر من قبضته، لكن كايل لم يسمح له بذلك، بل شدد من قبضته قليلاً، مما جعل ليونيل يزداد غضبًا.

"ضعني فورًا، أيها الأحمق!" صرخ وهو يضرب كايل على كتفه، لكن الآخر بالكاد تأثر.

ضحك كايل بخفة وقال باستفزاز: "أوه؟ تبدو ضعيفًا جدًا اليوم. هل فقدت وزنك بسبب الكسل؟"

ليونيل توقف عن المقاومة لثانية، فقط لينظر إليه ببرود وقال بسخرية: "لا، فقط لا أريد إفساد يدي بضرب شيء عديم الفائدة."

كايل ابتسم ببرود، بينما كان لا يزال يحمل ليونيل بسهولة. في هذه الأثناء، وقف جوزيف بالقرب منهما، يراقب المشهد بصمت دون أي نية للتدخل.

ليونيل لاحظ ذلك وأطلق تنهيدة. "أوه، رائع! حارسي الشخصي مجرد ديكور؟"

جوزيف لم يرد، فقط رفع حاجبه وكأنه يقول: أنا هنا فقط للمراقبة.

نظر ليونيل مجددًا إلى كايل، ثم أطلق تنهيدة طويلة وقال بكسل: "حسنًا، حسنًا، فزت. هل يمكنك أن تعيدني إلى الكرسي المتحرك الآن؟ أو على الأقل، لا ترميني على الأرض، لأنني كسول جدًا للنهوض."

لكن كايل لم يكن مستعدًا لتركه بسهولة، بل بدأ في هزه قليلًا كما لو كان لعبة، مما جعل ليونيل يشعر بالغثيان.

"تبًا لك، كايل!"

...................

استمر كايل في السير عبر ممرات الأكاديمية، يحمل ليونيل بسهولة وكأنه مجرد كيس من الريش، بينما لم يتوقف عن الاستفزاز.

"يبدو أنك لم تتغير أبدًا، ليونيل. لا تزال ضعيفًا، مدللًا، و—"

"اكمل الجملة، وأعدك بأن أبصق على وجهك!" قاطعه ليونيل بغضب، وهو يحاول التحرر بكل قوته، لكن كايل ضحك فقط وشد قبضته أكثر.

"أوه، إذن لديك طاقة للصراخ، لكن ليس لديك طاقة للمشي؟ عجيب!"

"أنا أكرهك!" تمتم ليونيل بينما كان لا يزال يحاول التخلص منه، لكن كايل كان أكثر عنادًا منه.

بعد دقائق من المشاحنات، وصلوا إلى العيادة، حيث كان إدغار، المعالج الفيزيائي، يقف منتظرًا بوجه خالٍ من التعبيرات.

بمجرد أن رأى ليونيل المكان، تشبث بكايل وكأنه يتعلق بحياته الأخيرة. "أيها الوغد، لماذا أحضرتني إلى هنا؟!"

كايل ابتسم ابتسامة شريرة. " لأنك تحتاج إلى العلاج، صاحب السمو الكسول."

نظر ليونيل نحو إدغار بسرعة، محاولًا العثور على مخرج من هذا الموقف. "انتظر! أخبرني والدي أنه لن يكون هناك علاج فيزيائي في الأكاديمية!"

إدغار لم يبدُ متفاجئًا، فقط نظر إليه وقال ببرود: "كنت نائمًا عندما تم تعديل الخطة، صاحب السمو. في الأكاديمية، قللنا مدة العلاج إلى نصف ساعة فقط."

"نصف ساعة؟! لا، لا، لا، أنا لا أوافق على هذا!" صرخ ليونيل وهو يحاول التراجع، لكن كايل ثبته بإحكام على الكرسي، وضغط على كتفيه لمنعه من الهروب.

إدغار لم يبدُ مكترثًا بصراخه، وبدأ بعمله ببرود كالمعتاد.

"تبًا لكما!" صرخ ليونيل وهو يشعر بالألم يسري في جسده مع بدء الجلسة، بينما كان يوجه شتائم لا نهائية لكايل، الذي كان يقف مستمتعًا بالمشهد.

"هذا انتقام، أليس كذلك؟!"

"لا، هذه مجرد محبة أخوية."

"سحقًا لمحبتك الوهمية!"

....................

بمجرد أن بدأ إدغار بتحريك ذراعي ليونيل، انطلقت أولى الصرخات:

"توقف! توقف أيها السادي! هل تحاول قتلي؟!"

إدغار لم يرد، فقط واصل عمله ببرود، ممسكًا بذراع ليونيل وثانيًا إياها بلطف… أو على الأقل، هذا ما بدا عليه الأمر بالنسبة له. أما ليونيل، فكان الأمر أشبه بمحاولة كسر عظامه عمدًا.

"تبا لك! هل هذه طريقتك في العلاج؟ أنا متأكد أن هناك قوانين ضد التعذيب!"

كايل، الذي كان مستندًا إلى الجدار مستمتعًا بالمشهد، ضحك بصوت خافت. "إذا كنت تستطيع الصراخ، فهذا يعني أنك بخير."

"أيها الوغد، اغلق فمك!"

إدغار تجاهل الصراخ واستمر في تحريك المفاصل المتصلبة، متجاهلًا قبضات ليونيل التي كانت تحاول ضربه بلا فائدة. بعد دقائق، بدأ في تمديد ساقيه.

"لا، لا، ليس هذا! أي مكان إلا قدمي! توقف أيها الشيطان!"

"ابقَ ثابتًا، صاحب السمو. " قال إدغار بهدوء وهو يضغط برفق على عضلات ساقه.

لكن ليونيل لم يستطع الاحتمال أكثر. "رفقًا بي! لست حصان سباق!"

"أنت أضعف من أن تكون حصانًا."

"سحقًا لكما! أنتما تتآمران ضدي!"

كايل وضع يده على فمه في محاولة لإخفاء ضحكته، بينما واصل إدغار العلاج وكأن ليونيل لم يكن يصرخ كالمجنون.

"انتهينا تقريبًا، صاحب السمو."

"تقريبًا؟ تقريبًا؟! أشعر أنني مررت بحرب كاملة!"

إدغار تجاهل اعتراضه وبدأ المرحلة الأخيرة، تدليك العضلات لتخفيف التوتر. لكن ليونيل كان منهكًا لدرجة أنه بالكاد استطاع التذمر، فقط همس:

"سأنتقم… سأنتقم منكما يومًا ما…"

كايل ابتسم ساخرًا. "سنرى، أيها المدلل."

.....................

بمجرد أن انتهى إدغار من تدليك عضلاته، كان ليونيل قد وصل إلى أقصى حدود تحمله. انطلق صوته في أرجاء الغرفة وهو يصرخ:

"توقفوا أيها الأوغاد! أنتما تتعمدان تعذيبي، أليس كذلك؟!"

إدغار، ببرود شديد، بدأ في تنظيف يديه دون أن يرد. أما كايل، فقد كان مستندًا إلى الجدار بذراعين متقاطعتين، وابتسامة ساخرة على وجهه.

"لماذا تصرخ هكذا؟ لقد قللنا مدة العلاج من أجلك."

"من أجلي؟!" نظر ليونيل إليه وكأنه رأى كائنًا من خارج هذا العالم. " أي نوع من الكذب الوقح هذا؟ هذا كان تعذيبًا علنيًا!"

ثم التفت بسرعة إلى جوزيف، الذي كان واقفًا خارج العيادة يراقب بصمت. مد ليونيل ذراعيه إليه كطفل يشكو من تنمر إخوته.

"جوزيف! أيها الفارس! أيها التابع! أيها الشخص الذي يفترض أن يحميني! لماذا لم تتدخل؟!"

جوزيف رمش ببطء قبل أن يجيب بلا مبالاة: "لأن هذا جزء من علاجك، صاحب السمو."

"علاج؟ هذا ليس علاجًا، هذا إبادة منظمة لأطرافي!"

ضحك كايل وهو يقترب من السرير، ثم ربت على رأس ليونيل بطريقة مستفزة. "لا بأس، صغيري ليون. ستشكرنا لاحقًا عندما تستطيع المشي مجددًا."

أبعد ليونيل يده بعنف وهو يصرخ: "تبًا لك! وتبًا لهذا العلاج! وتبًا لهذا العالم بأسره!"

إدغار، الذي كان يجمع معداته، قال بنبرة هادئة كعادته: "موعدنا في اليوم القادم، صاحب السمو."

"إلى الجحيم بالحصة القادمة!"

نظر إليه إدغار للحظة، ثم خرج بكل بساطة، تاركًا ليونيل يشتعل غضبًا بينما كايل يضحك عليه.

"جوزيف! خذني من هنا فورًا قبل أن أفقد عقلي!"

بدون اعتراض، حمله جوزيف ووضعه في الكرسي المتحرك، ثم بدأ في دفعه للخارج بينما كان ليونيل يواصل شتم كايل وإدغار بلا توقف.

..................

بعد أن خرج من العيادة وهو يطلق شتائمه يمينًا ويسارًا، طلب ليونيل من جوزيف أن يأخذه إلى الحديقة.

"أنا بحاجة إلى بعض الهواء النقي… قبل أن أختنق من هذا المكان اللعين."

جوزيف، كعادته، لم يُظهر أي اعتراض، بل دفع الكرسي المتحرك بهدوء عبر الممرات حتى وصلا إلى الحديقة الخلفية. كان الجو لطيفًا، مع نسيم خفيف يبعثر أوراق الأشجار.

"اتركني هنا." تمتم ليونيل وهو يغلق عينيه، غير مهتم بأي شيء آخر.

وقف جوزيف خلفه بصمت، يراقبه وهو يغرق في النوم سريعًا.

الكابوس يبدأ

عندما فتح ليونيل عينيه مرة أخرى، لم يكن في الحديقة.

كان يقف في وسط ساحة معركة مشتعلة، الهواء مشبع برائحة الدم والرماد، وأصوات السيوف المتشابكة تصدح في كل مكان. وفي قلب المعركة، استطاع رؤية رجل يرتدي عباءة سوداء، يقاتل بشراسة ضد فتاة ذات شعر أبيض وعيون زرقاء متوهجة—سيرافينا نوايت.

" هذا …" تراجع ليونيل خطوة للوراء، وهو يحدق في المشهد.

كان ليونيل البالغ ، كان يقاتل كوحش. حركاته كانت وحشية، مليئة بالغضب واليأس. أما سيرافينا، فقد كانت تبتسم بثقة، كما لو أنها تستمتع بتلاعبها به.

"يا إلهي… هل هذه هي نهايتي؟" تمتم ليونيل.

وقبل أن يتمكن من معرفة كيف سينتهي القتال، شعر فجأة بشيء يسحبه للخلف.

الأرض تحت قدميه انهارت، ووجد نفسه يسقط في هوة لا نهاية لها. صرخ وهو يحاول التشبث بأي شيء، لكن لم يكن هناك سوى الفراغ.

ثم…

..............

وسط الفراغ الأبيض اللامحدود، وقف ليونيل مذهولًا. كان كل شيء صامتًا بشكل مزعج، كأن العالم قد فقد كل أصواته… إلا أن هناك شيئًا لم يكن طبيعيًا.

أمام ليونيل، كان هناك طفل صغير، لا يتجاوز العاشرة من عمره، ذو شعر أبيض مبعثر وعينين زرقاوين باهتتين. كان يقف هناك، صامتًا، ينظر نحوه بحزن لا يمكن وصفه ليونيل الاصلي .

" أنت …" فتح ليونيل فمه، لكنه لم يعرف ماذا يقول.

الطفل لم يرد، فقط حدق به للحظة، ثم استدار وبدأ في الركض بعيدًا.

"ه-هيا، انتظر!" صرخ ليونيل، ثم بدأ بالجري خلفه، لكنه شعر بشيء غريب—لم يكن جسده يستجيب كما ينبغي. كانت خطواته بطيئة، كما لو أن الأرض تسحبه للأسفل، بينما كان الطفل يبتعد عنه أكثر فأكثر.

"توقف، أريد التحدث معك!"

لكن الطفل لم يتوقف.

كان يجري عبر الفراغ الأبيض، كما لو أنه يعرف وجهته، بينما كان ليونيل يلاحقه بيأس. قلبه ينبض بسرعة، ليس بسبب الإرهاق، بل بسبب الشعور الغريب الذي بدأ يسيطر عليه.

لماذا يشعر أنه لا يجب أن يفقد أثر هذا الطفل؟

................

توقف الطفل أخيرًا عند حافة هاوية مظلمة لا يرى لها قاع. كان واقفًا هناك، ينظر نحو الفراغ، ثم استدار ببطء لينظر إلى ليونيل بابتسامة غامضة.

شعر ليونيل بقشعريرة تسري في جسده. لم تكن تلك الابتسامة بريئة كما تبدو.

تحركت شفاه الطفل، لكن لم يكن هناك صوت.

"ماذا؟ لم أسمعك!" صرخ ليونيل، محاولًا الاقتراب.

الطفل فقط كرر ما قاله، دون أن يصدر أي صوت، ثم… مد يده ودفع ليونيل بقوة!

"ماذا تفعل؟!"

شعر ليونيل بجسده يهوي في الظلام، صرخ محاولًا التمسك بأي شيء، لكن لم يكن هناك شيء سوى الفراغ. كانت الرياح تصفع وجهه بقوة، بينما العالم كله يتلاشى من حوله.

آخر شيء رآه كان صورة الطفل، لا يزال واقفًا عند الحافة، ينظر إليه بابتسامته الغامضة.

ثم—

فتح عينيه على صوت هدير عميق…

كان محاطًا بحرارة خانقة، جسده يؤلمه كما لو كان قد اصطدم بشيء صلب. رفع رأسه ببطء، فقط ليدرك أين هو—

عرين التنين.

فتح ليونيل عينيه ببطء، شعر بألم في جسده كما لو أنه سقط من ارتفاع شاهق—وهذا ما حدث بالفعل. لكن قبل أن يتمكن من فهم ما يجري، أدرك أن الأرض تحته كانت… تتحرك؟

نظر حوله بسرعة، واتسعت عيناه عندما رأى نفسه مستلقيًا فوق ظهر تنين أسود ضخم، جلده مثل دروع معدنية حالكة، وعيناه تتوهجان بلون ذهبي مخيف. بدا وكأنه ملك في وسط بحر من التنانين التي كانت تحدق به بصمت.

"…أوه، هذا ليس جيدًا." تمتم ليونيل وهو يحدق في المئات، لا، ربما الآلاف من التنانين التي كانت تحيط به، تقف على الصخور والأعمدة البركانية، بعضها يطير فوقه بعيون مشتعلة.

زمجر التنين الأسود بصوت منخفض، اهتز المكان كله وكأن زلزالًا قد ضرب العرين. شعر ليونيل بالقشعريرة تسري في جسده، لكنه تماسك بسرعة.

"حسنًا، حسنًا، أعلم أني اقتحمت منطقتك دون إذن، لكن صدقني، لم أختر هذا المكان بنفسي!" رفع يديه بتوتر.

لم يكن هناك رد. فقط أنفاس التنانين العميقة التي تملأ الهواء بحرارة خانقة.

نظر ليونيل حوله، بحثًا عن مخرج، لكن كل ما رآه هو عرين ضخم من الصخور البركانية، أنهار من الحمم تتدفق بين التلال، وأجنحة ضخمة تتحرك في الأفق.

ثم، فجأة، انخفض رأس التنين الأسود الضخم، واقترب منه حتى أصبح وجهه أمام ليونيل مباشرة.

"...لماذا تشبهه؟" خرج صوت التنين مثل الرعد، عميقًا، قويًا، ومليئًا بالشك.

تجمد ليونيل في مكانه.

من الذي يتحدث عنه؟

................

قبل أن يتمكن ليونيل من الرد على سؤال التنين، ظهر ضوء خافت خلفه. لم يكن ضوءًا ساطعًا أو مشعًا، بل كان أقرب إلى ظل يتجسد ببطء. التنانين من حوله أصدرت زئيرًا منخفضًا، وكأنها تستشعر وجود شيء غير مألوف.

عندما التفت ليونيل ليرى مصدر هذا الشعور الغريب، اتسعت عيناه بصدمة.

هناك، وسط العرين، وقف شخص بدا مألوفًا بشكل مزعج—نسخة أكبر منه.

ليونيل البالغ، بشعره الفضي المتناثر وعيناه الحادتان، نظر إليه بابتسامة خفيفة قبل أن يقترب بخطوات هادئة. لم يكن هناك أثر للضعف في جسده، بدا وكأنه محارب متمرس، شخص رأى أشياء كثيرة وعاش أكثر مما يجب.

بلا كلمة، انحنى ليونيل البالغ وحمل ليونيل الصغير بين ذراعيه، كما لو كان يحمل شيئًا ثمينًا للغاية.

"لا تؤذوه." قال بصوت هادئ لكنه حمل نبرة أمر لا يمكن عصيانه.

التنين الأسود حدق في ليونيل البالغ، عينيه الذهبية تضيئان بحدة.

" هو ..." تردد قليلًا ثم أكمل: "ليس هو."

" أعرف ." أجابه ليونيل البالغ ببساطة، بينما كان يربت على ظهر ليونيل الصغير بحنان غريب.

ليونيل الصغير لم يستطع فعل شيء سوى التحديق بصمت في النسخة الأكبر منه. كيف يمكن أن يكون هذا حقيقيًا؟ كيف يمكن أن يرى نفسه بهذه الطريقة؟

لكن عقله لم يستطع معالجة الأمر، وكل ما فعله هو أن يتشبث بملابس ليونيل البالغ بقوة، كما لو أنه كان يخشى أن يختفي في أي لحظة.

"...أنت لست حقيقيًا." تمتم ليونيل أخيرًا.

ليونيل البالغ ابتسم قليلاً، لكن هذه المرة، لم يكن في عينيه أثر للسخرية المعتادة.

"ربما، لكن هذا لا يهم الآن."

التنين الأسود أطلق زفيرًا ساخنًا، وكأنه مستاء من هذا اللقاء الغريب.

"إذن، ماذا ستفعل الآن، ليونيل؟"

ليونيل البالغ نظر إلى التنين، ثم إلى النسخة الصغيرة منه التي كانت تتشبث به.

"...سأفعل ما لم أستطع فعله من قبل."

ثم، بدأ الضوء يتلاشى، وبدأ العرين يهتز…

...........

انا جديده في نادي روايات وقرات تعليقك المكتوب على روايتي وحبيت ارد عليك لكن ما اعرفت كيف

فرديت عليك بنهاية الفصل

وللتوضيح، أنا أكتب الفصل بنفسي من البداية للنهاية، وبعدين أرسله للشات يساعدني فقط في تصحيح الأخطاء الإملائية واللغوية، ويحط علامات الترقيم بشكل سليم... هذا ما يعني أبدًا إن الرواية مكتوبة بالذكاء الاصطناعي، ولا إنه هو اللي يكتب عني

つ﹏<。 بس كنت أستخدمه كأداة للمساعدة مثل أي كاتب يستخدم المدقق الإملائي!

2025/04/26 · 173 مشاهدة · 2745 كلمة
روزي
نادي الروايات - 2025