قبل أن يتمكنوا من العبور، تشكلت هالة ساطعة أمامهم، ونبض الزمكان من حولهم كما لو أنه رفض وجودهم هنا.
من وسط النور، ظهرت امرأة ذات شعر أبيض كالثلج، وعيون ذهبية متوهجة كالشمس. كان لديها أجنحة نقية ممتدة خلفها، ووقفت أمامهم بثبات، ناظرة إليهم بحنان عميق.
"هذا ليس وقتكم بعد."
تحدثت بصوت هادئ، لكنه حمل قوة لا جدال فيها.
قبل أن يتمكن أي منهم من الحديث، اقتربت منهم وعانقتهم جميعًا.
دفء غريب اجتاح ليونيل. لم يكن يعرف من تكون، لكنه شعر وكأن ذراعيها تحملان ثقل مئات السنين من الحنان والحزن معًا.
ليونيل الأصلي لم يحاول التملص، لكنه همس بصوت منخفض: "أنتِ..."
أما ليونيل البالغ، فقد أغلق عينيه وكأن هذا العناق أعاد إليه ذكرى قديمة.
"عودوا."
كان هذا آخر ما قالته، قبل أن ينهار الفضاء من حولهم-
وسقطوا جميعًا في الهاوية.
-السقوط في العدم، في الظلام، في الفراغ.
صرخ ليونيل ، محاولًا التشبث بشيء، لكن لم يكن هناك شيء سوى هواء بارد وهاوية بلا قاع.
ثم-
استيقظ.
شهق، متعرقًا، بينما جسده لا يزال يرتجف من أثر السقوط.
كان في غرفته.
النور الخافت للقمر تسلل عبر النافذة، وصوت عقارب الساعة كان الصوت الوحيد الذي يملأ الصمت الثقيل.
رفع يده المرتجفة ولمس جبينه. هل كان هذا حلمًا؟ رؤية؟ تحذير؟
لكنه لم يستطع التفكير أكثر. ظل صدى كلمات المرأة يتردد في ذهنه-
"هذا ليس وقتكم بعد."
......................
جلس ليونيل على سريره، يلهث وهو يحاول استيعاب ما حدث.
"ذلك المكان... المرأة ذات الأجنحة... ليونيل البالغ... ليونيل الأصلي..."
حاول ترتيب أفكاره، لكنه شعر وكأن رأسه ممتلئ بضجيج غريب. أحداث الرواية... هل ذكرت شيئًا كهذا؟
لكنه لم يجد إجابة.
-تنبيه!
ظهر إشعار النظام فجأة، مشعًا بلون أحمر قانٍ:
❖ تحذير!
تم رصد كيان غير معروف داخل نطاقك. يرجى توخي الحذر.
❖ تحذير إضافي!
الكيان غير مسجل ضمن قواعد البيانات. تحليل الهوية مستحيل.
❖ إجراء مقترح: الهروب / التفاوض بحذر.
شعر ليونيل بقطرات العرق الباردة تنساب على عنقه.
وقبل أن يتمكن حتى من رفع رأسه-
"هذه الغرفة مريحة أكثر مما توقعت."
رنّ صوت هادئ في أرجاء الغرفة.
نظر ليونيل فورًا نحو مصدر الصوت، ووجد نفسه يحدق في رجل يقف بجانب نافذته المفتوحة.
شعره ابيض لامع، طويل قليلًا، يتناثر بشكل أنيق على كتفيه. عينيه حمراء كالجمر، لكن أكثر ما كان يميزه هو رسمه الهلال وسيف على جبهته و ابتسامته الغامضة، التي تحمل خليطًا من الاهتمام واللامبالاة.
"لقد التقينا من قبل، أليس كذلك؟" سأل ليونيل، وهو يضيق عينيه.
"آه... أنت تتذكرني هذه المرة؟"
كان هناك شيء غير طبيعي في صوته. كأنه كان يتحدث معه بأكثر من معنى في نفس الوقت.
لكن ليونيل لم يكن غبيًا. في المرة السابقة، هذا الرجل ظهر ثم اختفى اثناء قتاله في كوابيسه ضد المنظمه... كأن الواقع نفسه لم يكن قادرًا على استيعابه.
"ما اسمك ؟"
توقفت ابتسامة الرجل للحظة، ثم رفع رأسه قليلًا ونظر إلى ليونيل بنظرة أكثر عمقًا.
"لوسفيرد."
-تنبيه!
ظهر إشعار جديد، هذه المرة أكثر إزعاجًا:
❖ تحذير طارئ!
❖ الكيان "لوسفيرد" غير مسجل في أي قاعدة بيانات معروفة.
❖ التحليل مستحيل. لا توجد معلومات متاحة.
❖ يرجى التصرف بحذر شديد.
أدرك ليونيل شيئًا على الفور.
حتى النظام... لا يعرف من يكون هذا الرجل.
....................
جلس ليونيل في سريره، محاولًا إخفاء توتره، بينما ظل الرجل المسمى "لوسفيرد" واقفًا عند النافذة، يتأمل الغرفة كأنها تخصه.
كان الجو مشحونًا بالصمت، فقط الرياح الباردة تتسلل من النافذة وتحرك الستائر برفق.
"لوسفيرد، إذن؟" تحدث ليونيل أخيرًا، بنبرة هادئة لكنه كان يراقب كل حركة تصدر عن الرجل. "اسم غريب، لكنه يناسب شخصًا غامضًا مثلك."
"أوه؟ هل تعتقد ذلك؟" رفع لوسفيرد حاجبه، ثم ابتسم وهو يضع يده على صدره بانحناءة مسرحية. "أنا مسرور لأنك تجد اسمي مثيرًا للاهتمام."
"دعنا لا نضيع الوقت." قال ليونيل وهو يتنهد، متجاهلًا استعراض الرجل. "لماذا أنت هنا؟ وما الذي تريده مني؟"
"أنا هنا فقط لأنني فضولي." رد لوسفيرد ببساطة، ثم تقدم بخطوات هادئة نحو ليونيل. "أردت رؤية كيف يتصرف فتى غير قادر على المشي لكنه يجلس في حضن الإمبراطور ويتلاعب بالوزراء كما لو كانوا قطع شطرنج."
تضيق عينا ليونيل. إذن، كان يراقب؟
"وهل الفضول وحده يجعلك تزورني شخصيًا؟"
"ربما... وربما لا." أمال لوسفيرد رأسه، وكأنه يستمتع باللعبة. "ليونيل، ألا تعتقد أن العالم مكان ممل؟"
ليونيل لم يرد، فقط واصل النظر إليه.
"القصص دائمًا تتبع مسارات متوقعة." تابع لوسفيرد، وهو يمد يده ليلمس الطاولة المجاورة للسرير، لكن أصابعه مرّت عبرها كأنها مجرد وهم. "لكن أحيانًا... يظهر شيء يكسر التوازن. شيء غير متوقع. شيء..." توقف للحظة، ثم رفع عينيه الحمراء نحو ليونيل مباشرة. "مثلك."
شعر ليونيل بقشعريرة خفيفة.
"أنا؟"
"نعم، أنت." قال لوسفيرد بابتسامة خفيفة، لكنه لم يكمل فكرته، بل اكتفى بالنظر إليه بصمت.
ليونيل لم يكن ساذجًا. هذا الرجل يعرف شيئًا... لكنه لا يريد قول أي شيء مباشرة.
"إذن، هل جئت فقط لتتحدث بالألغاز؟"
"ربما."
"إجاباتك تثير أعصابي."
"أوه، وأنا لم أبدأ حتى." ضحك لوسفيرد بهدوء، ثم تراجع خطوة للوراء. "على أي حال، كان من اللطيف رؤيتك مجددًا. سنلتقي قريبًا، ليونيل."
"انتظر-"
لكن قبل أن يتمكن ليونيل من إكمال جملته، اختفى لوسفيرد كما لو أنه لم يكن هناك من الأساس.
في نفس اللحظة، ظهر إشعار النظام مرة أخرى.
❖ تحذير!
تم رصد اضطراب في الواقع. الكيان "لوسفيرد" غادر النطاق، ولكن لا يزال غير مسجل في أي قاعدة بيانات.
❖ تنبيه إضافي!
"لوسفيرد" أظهر اهتمامًا بك. يرجى توخي الحذر من أي لقاء مستقبلي.
❖ إجراء مقترح: استعد للأسوأ.
نظر ليونيل إلى الإشعار بملل، ثم مرر يده على وجهه بإحباط.
"رائع... والآن أصبح لدي شخص غامض آخر يراقبني."
..................
نظر ليونيل إلى إشعار النظام بملل قبل أن يتنهد ثم يغطي وجهه بيده.
اللعنه
لم يكن اسم لوسفيرد موجودًا في أي جزء من الرواية التي يتذكرها. لا في الشخصيات الجانبية، ولا في الأعداء الرئيسيين، ولا حتى في الملاحظات الهامشية. إنه ببساطة لم يكن جزءًا من القصة.
"النظام، هل تمزح معي؟"
❖ [لا يمكن الكشف عن بيانات الكيان "لوسفيرد"]
"بالطبع! بالطبع لا يمكنك الكشف عن أي شيء!"
مرر يده على وجهه بإحباط قبل أن يرمق الفراغ بنظرة غاضبة، كأنه يشتم المؤلف نفسه.
"هل هذا نوع جديد من التعذيب؟! لقد حفظت الرواية كاملة، وعرفت كل الأحداث، وها أنت تضع لي شخصًا غير موجود إطلاقًا؟!"
❖ [المضيف يعاني من توتر مرتفع، يُنصح بأخذ قسط من الراحة]
"الراحة؟ هل تمزح معي؟ أعطني إجابة واضحة بدلًا من نصائحك التافهة!"
❖ [لا يمكن تزويدك بمعلومات إضافية]
"تبًا لك! وتبًا للمؤلف أيضًا!"
لو كان بإمكانه الإمساك بالمؤلف الذي كتب هذه الرواية، لكان قد لكمه في وجهه عشرات المرات. ما الذي يجري بحق ؟!
كان كل شيء يسير وفق مجرى الرواية، لكنه الآن يواجه شخصًا غامضًا لا يجب أن يكون موجودًا، وشعورًا داخليًا يخبره أن هذا مجرد بداية لمشاكل أكبر.
ألقى نفسه على السرير مجددًا، محاولًا تهدئة نفسه، لكنه لم يستطع منع تلك الفكرة المزعجة من الظهور في رأسه:
"هل أنا حقًا أفهم القصة التي دخلت إليها... أم أن هناك شيئًا لم أكتشفه بعد؟"
.............
جلس ليونيل على سريره، وهو ينقر بأصابعه على الغطاء بانزعاج. كان يعلم أن هناك شخصًا واحدًا قد يمتلك إجابة، لكن هذا الشخص بالذات كان يكره التحدث بوضوح.
"كارثة، أخرج حالًا."
مرت لحظات من الصمت. لا رد. لا ظلال سوداء تتشكل، ولا صوت ساخر يملأ الغرفة.
رفع ليونيل حاجبه. "تتجاهلني؟ حسنًا، لنرى إلى متى ستتحمل."
أخذ نفسًا عميقًا، ثم ابتسم ببطء وهو يهمس بصوت مرح: "واحد... اثنان... ثلاث-"
"توقف!"
ظهر كارثة أخيرًا أمامه، وجهه متجهم كعادته، لكن عيناه كانتا تضيقان بإنزعاج واضح.
"لماذا تصر دائمًا على مناداتي بأسلوب مزعج؟"
ليونيل تجاهل تذمره وسحب يده بسرعة، ممسكًا بطرف عباءته السوداء الممزقة، ثم بدأ بسحبها وكأنه طفل يلعب بدمية.
"أوه، إذن أنت كنت هنا طوال الوقت؟ لماذا لم تجب؟ هل كنت تتجاهلني؟"
"ليونيل، دع العباءة!"
"لن أفعل. ستجيب على أسئلتي أولًا."
"توقف عن هذا!"
بدأ ليونيل في شد العباءة بعشوائية أكثر، متعمدًا إفساد شكلها.
"أرغ، ، ليونيل!"
وقف كارثة وهو يصفف عباءته بيده بسرعة، قبل أن يحدق بليونيل بضيق.
"حسنًا، ماذا تريد؟"
ابتسم ليونيل بانتصار، ثم وضع ذقنه على راحة يده وهو يسأله:
"من هو لوسفيرد؟ ولماذا النظام لا يمتلك أي بيانات عنه؟"
كارثة لم يرد فورًا، بل ظل يحدق به للحظة طويلة قبل أن يتنهد ويجلس على الهواء كما لو كان هناك كرسي غير مرئي.
"لوسفيرد... ليس من المفترض أن يكون هنا."
رفع ليونيل حاجبه. "وهذا يعني؟"
نظر إليه كارثة مباشرة وقال بصوت هادئ لكن يحمل تحذيرًا خفيًا:
"هذا يعني أنك بدأت في لمس شيء لا ينبغي لمسه."
ليونيل ضيق عينيه وهو يشعر بقشعريرة خفيفة تمر عبر عموده الفقري.
"شيء... لا ينبغي لمسه؟ هل تقصد أن هناك أمورًا في هذا العالم ليست جزءًا من الرواية التي أعرفها؟"
كارثة لم يرد، لكنه لم ينكر الأمر أيضًا.
شعر ليونيل بانزعاج أكبر. "كم بالضبط لا أعرفه؟"
كارثة ابتسم بسخرية وقال ببرود:
"أكثر مما تتخيل."
......................
لم يمنح ليونيل كارثة أي فرصة للتهرب، فبمجرد أن لمح مراوغته المعتادة، تحرك بسرعة وأمسك بخديه بقوة!
"تكلم، أيها الظل المتحذلق!"
كارثة تجمد في مكانه للحظة، غير مصدق لما يحدث. ثم حاول التراجع، لكن ليونيل شدّ وجنتيه بإصرار.
"ليونيل... اترك وجهي حالًا."
"لا." شدّ ليونيل أكثر، مما جعل وجه كارثة يبدو وكأنه عجينة يتم تشكيلها.
"أرغ! هذا مؤلم!"
ابتسم ليونيل بسخرية، وهو يسحب خدي كارثة يمينًا ويسارًا، متعمدًا أن يجعله يبدو أحمق قدر الإمكان.
"هل ستتوقف عن المراوغة الآن؟ أم أنك تفضل أن أجرب طرقًا أكثر إبداعًا؟"
كارثة حاول تحرير نفسه، لكن ليونيل لم يكن ينوي الإفراج عنه بهذه السهولة.
"هذا ليس تصرفًا يليق بأمير!"
"وهل أنا أتصرف كأمير أصلًا؟"
كارثة زفر بضيق. "حسنًا! حسنًا! سأجيب، فقط اتركني!"
لكن ليونيل لم يكن مقتنعًا بسهولة. حدق به للحظة، ثم شدّ خديه قليلًا إضافيًا-مجرد انتقام صغير لما فعله به النظام اليوم.
"أرغ! ليونيل!!"
أخيرًا، أطلق ليونيل سراحه، ليبتعد كارثة بسرعة، ممسكًا بخديه بإهانة واضحة.
"هذا أسوأ يوم في حياتي."
ضحك ليونيل، ثم عبر ذراعيه وهو ينظر إليه بترقب. "حسنًا، أنا أستمع."
................
بمجرد أن أطلق كارثة صرخة الامتعاض تلك، تحولت ملامحه إلى ظل أسود باهت، ثم اختفى في الهواء قبل أن يتمكن ليونيل من الإمساك به مجددًا.
حدق ليونيل في الفراغ الذي كان كارثة يشغله قبل لحظات، ثم صرّ على أسنانه بغضب. "أيها الجبان! عد إلى هنا!"
لكن لم يكن هناك أي رد.
"تبا لهذا الحظ اللعين."
أخذ ليونيل نفسًا عميقًا قبل أن يحاول النهوض من السرير. كان جسده لا يزال ضعيفًا، لكنه لم يكن من النوع الذي يستسلم بسهولة. دفع نفسه للأمام، محاولًا الوقوف على قدميه، لكن كما هو متوقع، لم تكن استجابتهما كما يريد.
"لا بأس، خطوة واحدة فقط، ثم...!"
لكن قدميه خانتاه، وبدأ جسده يترنح بلا سيطرة.
"اللعنة، اللعن-!"
قبل أن يسقط تمامًا، فُتح باب الغرفة على مصراعيه، وتقاطعت نظراته مع الإمبراطور إدوارد الذي كان قد عاد للتو.
في اللحظة التالية، وجد ليونيل نفسه في الهواء للحظة قصيرة، قبل أن يُحتجز بقوة بين ذراعي الإمبراطور.
حاول ليونيل التملص، لكنه كان بلا فائدة. الإمبراطور إدوارد لم يعطه أي مجال للهروب، فقط حمله بسهولة كما لو كان مجرد طفل صغير.
"لماذا تحاول الوقوف بمفردك؟" سأل الإمبراطور بنبرة هادئة لكنها تحمل نوعًا من التأنيب، بينما كان ينظر إلى ليونيل المتمسك بملابسه بوجه متجهم.
ليونيل عبس وهو يشيح بوجهه بعيدًا. "ليس من شأنك."
"...لماذا تحملني وكأنني دمية؟" تمتم ليونيل بامتعاض، وهو يحاول التملص بلا جدوى.
الإمبراطور تجاهله تمامًا، فقط أغلق الباب خلفه وسار به نحو الأريكة.
"لقد كنتَ نائمًا في جناحي، هل كنتَ تعتقد أنني لن ألاحظ متى تستيقظ؟" قال بصوت هادئ لكنه حازم.
ليونيل عبس، محاولًا إبعاد يديه عنه. "حسنًا، هذا لا يعني أنك تستطيع حملي هكذا! ضعني!"
"لا."
"ما مشكلتك؟!"
جلس الإمبراطور على الأريكة، وبدلًا من تركه، وضع ليونيل في حضنه كما لو كان طفلاً صغيرًا.
تجمد ليونيل. للحظة، لم يستوعب ما حدث للتو.
ثم انفجر أخيرًا. "متى أصبحتَ أبًا دبقًا؟!"
الإمبراطور لم يُجب، فقط استرخى قليلًا، وعيناه تتأملان وجه ليونيل المتجهم.
"أنت تستمتع بهذا، أليس كذلك؟"
"بالطبع."
أغمض ليونيل عينيه، وأطلق تنهيدة طويلة. "لماذا أشعر وكأنني الخاسر في كل هذا؟"
شعر ليونيل بارتجافة خفيفة في عموده الفقري عندما لمح تلك الابتسامة الخطيرة على وجه الإمبراطور. كانت نادرة، لكنها لم تكن مطمئنة أبدًا.
"إذن، تحب استفزاز الآخرين، صحيح؟"
قبل أن يتمكن ليونيل من الرد أو حتى التملص، شعر بيد الإمبراطور تضغط على خديه، مشدودة كما فعل هو سابقًا مع كارثة.
"أرغ! ماذا تفعل؟!"
رفع الإمبراطور حاجبًا ببرود، بينما بدأ في شد خدي ليونيل يمينًا ويسارًا. "فقط أردّ لك الجميل. يبدو أن هذا أسلوبك المفضل في التعامل مع الآخرين، أليس كذلك؟"
"هذا إساءة استخدام للسلطة!"
"أنا الإمبراطور. لا يوجد شيء اسمه إساءة استخدام للسلطة بالنسبة لي."
حاول ليونيل تحرير نفسه، لكنه كان عالقًا تمامًا بين ذراعي الإمبراطور القوية.
"توقف، توقف! هذا ليس عدلًا!"
"أوه؟ وهل كان من العدل ما فعلته بالوزير ريكاردو اليوم؟"
ارتجف ليونيل في مكانه، لكنه سرعان ما تحولت ملامحه إلى تعبير استياء. "هذا مختلف! لقد استحق ذلك!"
الإمبراطور ضحك بخفة، ثم فاجأه أكثر عندما بدأ يعبث بشعره، يفسده ببطء بينما يضع خده على رأسه وكأنه طفل صغير.
"توقف! أنت تدمر تسريحتي!"
"حسنًا، الآن عرفت شعور الآخرين عندما تعبث بهم."
شعر ليونيل برغبة في الصراخ. "لا أصدق أنك تستغل ضعف جسدي ضدي! أي نوع من الآباء أنت؟!"
"أوه، أنا أب مستمتع جدًا."
حدق ليونيل به بصدمة. هذه المرة، كان هو الضحية لأول مرة في حياته.
"تبا لك..." تمتم ليونيل، وهو يستسلم أخيرًا، مدركًا أن محاولاته للهروب لن تجدي نفعًا.
أطلق الإمبراطور ضحكة هادئة وهو يواصل العبث به. "الآن فقط؟"
...............
استمر الإمبراطور في العبث بشعر ليونيل، بينما يعبس الأخير ويحاول التملص بكل الطرق الممكنة. لكن الإمبراطور لم يكتفِ بذلك، بل بدأ يضغط خدي ليونيل معًا ليصنع تعبيرًا غريبًا على وجهه.
"هممم... أنت تشبه الهامستر الغاضب عندما تنتفخ وجنتاك هكذا."
اتسعت عينا ليونيل بصدمة. "ماذا؟! أنا لست هامستر!"
ضحك الإمبراطور بخفة بينما استمر في عصر وجنتيه. "لكن أنظر إليك، وجنتاك ممتلئتان، وعندما تغضب تبدو وكأنك تخزن الطعام داخلهما."
بدأ وجه ليونيل يحمر من الغضب والإحراج، وبدأ يتلوى محاولًا الإفلات من قبضة الإمبراطور الحديدية.
"أتركني أيها الطاغية! أنت تستغل سلطتك كإمبراطور ضد طفل بريء!"
"طفل بريء؟" رفع الإمبراطور حاجبًا، ثم عبث بشعر ليونيل أكثر. "ألم تكن أنت من استفز الوزراء اليوم، وأحرج الوفد الدبلوماسي، وكاد يتسبب بأزمة دبلوماسية؟"
حاول ليونيل أن يرد، لكنه لم يجد أي حجة منطقية. "هذا مختلف! كان ذلك من أجل مصلحة الإمبراطورية!"
"آه، إذن عندما تفعل ذلك يكون لمصلحة الإمبراطورية، لكن عندما أفعل ذلك يكون استغلالًا للسلطة؟"
زمجر ليونيل وهو يضرب صدر الإمبراطور بقبضته الصغيرة، لكنها كانت ضعيفة جدًا بحيث لم تؤثر عليه أبدًا.
"توقف عن العبث بي! لست لعبة!"
لكن الإمبراطور فقط ابتسم وربّت على رأسه برقة، قبل أن يرفع حاجبًا بمكر. "حسنًا، سأتركك... لكن فقط إن قلت 'أنا الهامستر الغاضب' بصوت عالٍ."
تجمد ليونيل في مكانه، يحدق في الإمبراطور بصدمة، بينما الأخير ينظر إليه بترقب مستمتع.
"أنت... لست جادًا، صحيح؟"
"أنا جاد جدًا."
استشاط ليونيل غضبًا، وبدأ يضرب الإمبراطور بقبضتيه الصغيرة كطفل غاضب. "تبا لك! لست هامستر! ولن أقولها حتى لو سجنتني في برج!"
ضحك الإمبراطور بحرارة، ثم ضمه إليه أكثر، كأنما يستمتع بردة فعله أكثر من أي شيء آخر.
"حسنًا، حسنًا، سأدعك وشأنك... مؤقتًا."
"مؤقتًا؟!"
شعر ليونيل بالخطر، لكنه لم يكن لديه الوقت للاعتراض قبل أن يسحبه الإمبراطور ويضعه على السرير، ثم يربت على رأسه برفق كما لو كان قطة صغيرة.
"حان وقت النوم، أيها الهامستر الصغير."
شعر ليونيل برغبة في الصراخ، لكنه لم يعد يملك الطاقة للجدال أكثر. لذا، فقط حدّق بالإمبراطور بحقد، قبل أن يلف جسده ببطانية ويقرر تجاهله تمامًا.
الإمبراطور فقط ابتسم، راضيًا عن انتصاره الأول على ابنه المشاكس.