كان ليونيل يستمتع كثيرًا.
جلس على كرسي امام سيرافينا، ذراعيه متقاطعتان، وابتسامة مستفزة ترتسم على وجهه وهو يقول بنبرة متكاسلة: "إذن، أيتها القديسة الزائفة، ما رأيكِ؟ هل يجب أن أكون أكثر احترامًا، أم أن هذا المظهر الملائكي مجرد قناع هش سينهار قريبًا؟"
كان الجو مشحونًا، والطلاب بدأوا يتهامسون فيما بينهم، غير مصدقين جرأة الأمير الرابع على التحدث بهذه الطريقة مع الشخص الذي يعتبره الجميع طاهرة ونقية.
لكن ليونيل لم يكن يهتم.
كان بإمكانه رؤية تعابير سيرافينا تتغير بشكل طفيف، عيناها الزرقاوان الباردتان ضاقتا قليلًا، وأصابعها التي كانت مشبكة أمامها قبضت للحظة قبل أن تعود إلى وضعها الطبيعي.
"صراحةً، لا أعرف كيف يمكن لشخص بمستواك أن يكون أميرًا." قالت بنبرة لطيفة، لكن ليونيل كان يقرأ خلف كلماتها بسهولة—كانت غاضبة، غاضبة جدًا.
وهذا زاد من متعته.
"أوه، لا تقلقي، أنا أيضًا لا أعرف." ضحك بخفة، ثم أضاف، "لكن يبدو أن هذا يزعجكِ أكثر مما يزعجني."
كان بإمكانه رؤية وميض من الغضب في عينيها، لكنه لم يدم طويلًا. سيرافينا كانت تعرف كيف تخفي مشاعرها جيدًا، لكن النظام لم يكن بحاجة لرؤية وجهها ليكشف حالتها—
┏━━━━━━━━━━━┓
[تحذير!]
درجة غضب الهدف: 92%
درجة العداء: 95%
حالة الهدف: على وشك فقدان السيطرة.]
┗━━━━━━━━━━━┛
"ممتاز، وصلت إلى الحد الأقصى تقريبًا." تمتم ليونيل لنفسه، متطلعًا لرؤية ما سيحدث.
لكن فجأة، وقبل أن يتمكن من إضافة تعليق آخر، شعر بشيء يرفعه عن الأرض فجأة!
"م—ماذا؟!" اتسعت عيناه، لكنه لم يتمكن من إنهاء جملته لأن يدًا قوية غطت فمه بقوة.
"أُفٍّ، أنت لا تتعلم أبدًا." جاء صوت مألوف من خلفه.
كايل.
بخطوات سريعة، كان كايل يسير مبتعدًا عن ساحة الفوضى، وهو يحمل ليونيل بسهولة كما لو كان مجرد طفل صغير.
"كايل! أنزلني فورًا، أيها الغبي!" حاول ليونيل الصراخ، لكن كايل ضغط أكثر على فمه.
"أوه، لا، لا. لقد رأيت إلى أين كانت تسير الأمور، ولن أسمح لك بتدمير نفسك اليوم." قال كايل ببرود، بينما كان يسير عبر الممرات دون أن يأبه لنظرات الطلاب المذهولين.
جوزيف، الذي كان يراقب بصمت منذ البداية، لم يحرك ساكنًا. فقط تنهد، ثم استدار ليتبعهم بصمت، متأكدًا من أن هذا اليوم لن ينتهي بدون المزيد من الفوضى.
.............
"تبًا لك، كايل! أنزلني حالًا أيها الوغد!"
كان ليونيل يتلوى بغضب في محاولة للتحرر، لكن كايل لم يتأثر على الإطلاق، بل واصل حمله بكل هدوء كما لو أنه لم يكن يحمل إنسانًا بل حقيبة صغيرة.
"هل تعلم كم أنا مستاء الآن؟! أنت أكثر شخص أكرهه في هذه اللحظة، وأقسم أنني سأجعلك تدفع الثمن!"
"أوه، أجل، بالتأكيد." أجابه كايل بنبرة باردة، غير مبالٍ بوابل الشتائم الذي كان ليونيل يطلقه.
"أنت ممل، غبي، عديم الفائدة، وفوق ذلك تتصرف وكأنك وصي علي! تبا لك وتبا لكل من يعتقد أنني بحاجة لحماية!"
"حسنًا، حسنًا، فهمت. لكنني سأظل أتجاهلك، لذا استمر بالصراخ كما تشاء."
زمجر ليونيل، لكن لم يكن بإمكانه فعل شيء سوى تقبل مصيره حينما دُفع باب الفصل الدراسي بقدمه، ودخل كايل بخطوات واثقة، متجاهلًا النظرات المستغربة للطلاب والمعلم.
ثم، بكل بساطة، ألقى ليونيل على الكرسي كأن الأمر لا يتطلب مجهودًا يُذكر.
"ها نحن ذا، اجلس بهدوء مثل طفل جيد، وليكن لديك بعض الاحترام للدرس." قال كايل بابتسامة مستفزة، وربت على رأس ليونيل كما لو كان طفلًا مشاكسًا.
"أنت—!" ارتجف وجه ليونيل من الغضب، وضرب الطاولة بقوة، "سأقتلك، أقسم أنني سأقتلك يومًا ما!"
"بالطبع، سأكون بانتظار ذلك." أجاب كايل بلا مبالاة، ثم استدار ليخرج، وكأنه قد أنهى مهمته بنجاح.
كان ليونيل على وشك النهوض والمغادرة، لكنه شعر بيد أخرى تضغط على كتفه، وعندما رفع رأسه، وجد المعلم ديريك ينظر إليه بتعبير هادئ.
"الأمير ليونيل، أتمنى أن تكون مستعدًا للدرس الآن."
لكن ليونيل لم يكن مستعدًا لأي شيء سوى تفجير غضبه أكثر.
"مستعد؟ هل تبدو لي كشخص مستعد؟! لا أريد أن أكون هنا، ولا يحق لأي شخص إجباري على حضور هذه المهزلة!"
كان صوته مليئًا بالغضب، وسرعان ما أصبح الفصل بأكمله في حالة صمت مشدوه. لم يكن من المعتاد رؤية أمير يتصرف بهذا الشكل، .
لكن ديريك لم يظهر أي انزعاج، بل تنهد بهدوء وقال: "لكن وجودك هنا هو أمر واقع، وليس لديك خيار سوى الحضور."
"هاه؟!" ضحك ليونيل بسخرية، ثم أدار رأسه إلى الناحية الأخرى، وأسند ذراعه على الطاولة، "حسنًا، شاهدني وأنا أتجاهلك تمامًا."
وفعلها حقًا.
بكل بساطة، أغمض عينيه، واضعًا رأسه على الطاولة كما لو كان في منزله، متجاهلًا الفصل بأكمله.
كان الطلاب يتهامسون بصوت خافت، لكن لم يجرؤ أحد على قول شيء صريح.
أما جوزيف، فقد ظل واقفًا خلفه بصمت، يراقب كل شيء بوجه خالٍ من التعبير.
لم يكن الأمر مفاجئًا له، فقد اعتاد على رؤية هذا النوع من التصرفات من ليونيل.
والآن، لم يكن أمامه سوى انتظار اللحظة التي سيقرر فيها الأمير الصغير إحداث المزيد من الفوضى.
.................
كان الصف هادئًا تمامًا، باستثناء صوت المعلم ديريك وهو يشرح الدرس بنبرة متزنة. معظم الطلاب كانوا منتبهين، بينما كان ليونيل… حسنًا، لم يكن كذلك.
كان رأسه مستندًا على الطاولة، وعيناه نصف مغمضتين، وكأنه على وشك النوم. لكن الحقيقة أنه لم يكن نائمًا، بل كان يعاني من الملل القاتل.
وبما أنه ليونيل كارستين، فإن الطريقة الوحيدة للتعامل مع الملل هي—
"سيد ديريك." قاطعه ليونيل فجأة بصوت عالٍ، ما جعل جميع الطلاب يلتفتون إليه على الفور.
رفع ديريك حاجبه، لكنه لم يتوقف عن الكتابة على السبورة. "نعم، الأمير ليونيل؟"
"كنت أفكر…" قال ليونيل بنبرة متكاسلة، وهو يلعب بخصلات شعره، "لماذا نحن هنا حقًا؟ أعني، هل هناك فائدة حقيقية من حضور هذه الدروس؟"
انتشر الصمت في القاعة للحظات، قبل أن يهمس بعض الطلاب فيما بينهم.
"ماذا يقصد بذلك؟"
"إنه يتحدث مرة أخرى…"
"لا عجب أنه مشهور بكونه مشكلة دائمة."
المعلم ديريك لم يظهر أي انزعاج، بل رد بهدوء: "نحن هنا للتعلم، بالطبع."
"هاه، التعلم؟" ضحك ليونيل ببرود، ثم أشار إلى أحد الطلاب الجالسين في الصف الأمامي، "أنت، أيها النبيل الصغير، هل تعتقد أن ما ندرسه هنا سيجعل منك فارسًا قويًا؟"
تلعثم الطالب، ولم يعرف كيف يجيب.
ثم التفت ليونيل إلى طالب آخر، "وأنتِ، آنسة نبيلة، هل تعتقدين أن هذه الدروس ستجعل منك ساحرة عظيمة؟"
احمرت الفتاة خجلًا، لكنها لم تستطع الرد.
ليونيل ابتسم بسخرية وهو يضرب الطاولة، "انظروا إليكم جميعًا، تجلسون هنا وكأنكم تقومون بشيء مهم، بينما في الواقع… أنتم مجرد حفنة من الحمقى يضيعون وقتهم!"
اتسعت أعين بعض الطلاب بصدمة، بينما بدأ البعض الآخر بالهمس بغضب.
"ما الذي يقوله؟!"
"إنه يسخر من الجميع علنًا!"
"يا له من شخص مزعج!"
لكن ليونيل لم يتوقف، بل استدار ليواجه ديريك مباشرة، "وأنت، سيد ديريك، هل تعتقد حقًا أن الشرح بهذه الطريقة المملة سيجعلنا أكثر ذكاءً؟"
أخيرًا، أسقط ديريك الطباشير على الطاولة، وأدار جسده بالكامل نحو ليونيل. كانت تعابيره لا تزال هادئة، لكنه قال بصوت حازم:
"الأمير ليونيل، يبدو أنك بحاجة إلى درس في الاحترام."
ابتسم ليونيل بكسل، "آه، هل هذا يعني أنني سأطرد؟ رائع، كنت أفكر في المغادرة على أي حال."
لكن قبل أن يتمكن المعلم من الرد، كان الطلاب بالفعل قد انفجروا في همسات غاضبة.
"إنه لا يحترم أحدًا!"
"كيف يمكن للأمير الرابع أن يكون بهذه الفظاعة؟"
لكن ليونيل لم يكن يهتم، بل بالعكس، كان يستمتع تمامًا بالفوضى التي تسبب بها.
.............
وسط الهمسات الغاضبة والتوتر الذي بدأ يتصاعد في القاعة، فُتح الباب فجأة، ودخل شخص لم يكن أحد يتوقع ظهوره هنا.
"صباح الخير، أيها السادة."
على الفور، وقف الجميع، وانحنى بعض الطلاب باحترام، بينما اتسعت عيون الآخرين برهبة.
كان راين كارستين، ولي العهد، وأقوى فرد في الجيل الجديد من العائلة الإمبراطورية، يقف عند المدخل بملابسه الرسمية، وعيناه الزرقاوان تلمعان بهدوء.
حتى المعلم ديريك بدا متفاجئًا للحظة، لكنه سرعان ما استعاد رباطة جأشه، "الأمير راين، ما الذي—"
لم يمنحه راين الفرصة لإنهاء سؤاله، بل سار مباشرة نحو ليونيل، الذي لا يزال جالسًا على كرسيه، يراقب كل شيء بملل.
"حسنًا، يبدو أنك سببت مشكلة مرة أخرى." قال راين بابتسامة خفيفة وهو يتوقف أمامه.
أطلق ليونيل تنهيدة ثقيلة. "ما الذي تريده الآن؟"
لم يرد راين، بل اقترب بخطوات هادئة، ثم—
"انتظر، لا تجرؤ على لم—!"
لكن قبل أن يتمكن ليونيل من إنهاء جملته، حمله راين بسهولة كما لو كان مجرد كيس صغير من الريش.
"تبًا لك! أنزلني حالًا، أيها المغرور المتعجرف!"
بدأ ليونيل في التملص والركل بعنف، لكن راين لم يتأثر على الإطلاق. حتى عندما بدأ ليونيل في شتمه بكل الكلمات التي يعرفها، لم يُظهر ولي العهد أي تعبير غاضب.
أدار راين رأسه نحو المعلم ديريك، وانحنى اعتذارًا. "أعتذر بالنيابة عن أخي الصغير. إنه في مزاج سيئ اليوم."
المعلم هز رأسه بسرعة، غير قادر على رفض ولي العهد.
ثم، دون أن يكلف نفسه عناء انتظار ردود أفعال الطلاب أو المعلم، استدار راين ببساطة وغادر القاعة، حاملاً ليونيل المتململ على كتفه، بينما استمر الأخير في الصراخ واللعن طوال الطريق.
ظل ليونيل يتلوى بعنف فوق كتف راين، يركله، يضرب ظهره بقبضتيه، وحتى يحاول عضه، لكن بلا فائدة. راين ببساطة لم يكن يهتم، وكأنه يحمل حقيبة ثقيلة بعض الشيء، وليس شقيقه العنيد.
"أيها الوغد المتغطرس! المغرور! هل تعتقد أنك تستطيع حمل الناس كما تشاء؟! أنزلني حالًا وإلا سأ—!"
"إن واصلت التلوي والصراخ، سأرسلك إلى إدغار لجلسة علاج طبيعي طويلة جدًا."
توقف ليونيل فجأة عن المقاومة، جسده تجمد للحظة، قبل أن يتمتم ببطء: "...أنت حقير."
راين لم يرد، لكنه رفع زاوية شفتيه بابتسامة خفيفة، وكأنه استمتع بقدرته على ترويض شقيقه الصغير بهذه السهولة. تابع طريقه عبر ممرات الأكاديمية، غير آبه بنظرات الطلاب والمعلمين الذين كانوا يراقبون المشهد بصدمة أو تسلية.
عندما وصلا إلى الحديقة الخلفية للأكاديمية، حيث كان المكان هادئًا بعيدًا عن الفصول الدراسية، جلس راين على أحد المقاعد الطويلة… واضعًا ليونيل في حضنه وكأنه طفل صغير.
"...ما الذي تفعله؟" تمتم ليونيل ببرود، محاولًا إخفاء إحراجه.
"تأكدت من أنك لن تهرب، وأيضًا… الجو لطيف هنا."
"أنا لست طفلًا لتحملني بهذه الطريقة، أيها المعتوه!"
"حقًا؟ لأن تصرفاتك توحي بالعكس."
قبض ليونيل على قبضته بشدة، لكنه أدرك أن أي مقاومة الآن ستكون بلا جدوى. بدلاً من ذلك، أطلق تنهيدة طويلة، متظاهرًا بالاستسلام، لكنه بدأ يخطط لكيفية الهروب من هذا الموقف.
كان راين يربت بلطف على شعر ليونيل الفضي، حركة هادئة ومريحة، لكن ليونيل لم يكن في مزاج للاستمتاع بها. رفع رأسه قليلًا، ناظرًا لأخيه الأكبر بعبوس.
"لماذا أتيت؟" سأله بصوت متململ.
"لأتأكد من أنك لن تسبب فوضى،" أجاب راين ببساطة، ثم أضاف: "وأيضًا… لأن أدريان سيصل غدًا."
توقف ليونيل للحظة، لم يُظهر أي رد فعل واضح، لكن راين لاحظ كيف تجمد جسده لوهلة قبل أن يسترخي مجددًا.
كما هو متوقع، ليونيل كان عنيدًا.
"لن أذهب." قالها مباشرة دون أي تردد.
ابتسم راين قليلًا، ثم سأله بهدوء: "هل لا تزال غاضبًا من أدريان؟"
أدار ليونيل رأسه لينظر إليه باستغراب. "غاضب؟"
كان الأمر غريبًا… لم يشعر بأي كره أو غضب تجاه أدريان، لكنه أيضًا لم يشعر بأي اهتمام خاص للقائه. قبل الحادثة، ربما كان ليونيل يكن له بعض المشاعر السلبية، لكنه الآن… كان الأمر مجرد فراغ.
بدلًا من الإجابة، أغمض عينيه متجاهلًا السؤال تمامًا.
راين، الذي كان يراقب شقيقه بصمت، لم يستطع منع نفسه من التفكير—ليونيل تغير بعد استيقاظه من الغيبوبة. لم يعد ذلك الطفل الذي كان يشتعل غضبًا عند ذكر أدريان.
لكن السؤال الحقيقي كان… كيف سيكون لقاءهما غدًا؟
..............
راين، الذي لاحظ تجاهل ليونيل الواضح لسؤاله، قرر العبث معه قليلًا. ابتسامة ماكرة ارتسمت على شفتيه بينما أخرج كيسًا صغيرًا من الحلويات والمكسرات، ثم لوّح به أمام وجه ليونيل وكأنه يعرض عليه كنزًا ثمينًا.
"بالمناسبة، لقد أحضرت بعض الحلوى والمكسرات من المتجر الملكي." قال بصوت هادئ لكنه ممتلئ بالمكر.
فتح ليونيل إحدى عينيه بنظرة فارغة، لكنه لم يعلق. راين، الذي يعرف شقيقه جيدًا، لم يتوقف عند هذا الحد.
"إنها طازجة جدًا… ومغطاة بطبقة من العسل الفاخر."
توهجت عينا ليونيل للحظة، لكنه عاد سريعًا لإخفاء اهتمامه، مدّ يده بتكاسل وكأنه غير مكترث.
"أعطني واحدة."
راين رفع الحلوى بعيدًا عنه، مبتسمًا بخبث. "همم… لكنك لا تستطيع تناولها بكثرة، صحيح؟ بسبب برنامج إعادة التأهيل الخاص بك؟"
انقبضت ملامح ليونيل للحظة، قبل أن يعبس بوضوح. "أعرف هذا، لست غبيًا."
لكن راين لم يكن ليفوت فرصة كهذه. فتح الكيس ببطء، ثم أخذ قطعة مكسرات مغطاة بالعسل ووضعها في فمه، ممضغًا بصوت مبالغ فيه.
"يا إلهي… الطعم لا يُصدق، نكهة العسل تمتزج مع القرمشة بطريقة مثالية."
حدق به ليونيل كما لو أنه يود قتله في تلك اللحظة. "راين… توقف عن هذا."
"ماذا؟ أنا فقط أستمتع بالقليل من الحلويات." قال راين، قبل أن يتناول قطعة أخرى ببطء متعمد.
قبض ليونيل يديه، وجهه صار أكثر عبوسًا. راين كان يستفزه عمدًا، وهو يعلم جيدًا مدى ضعف ليونيل أمام الحلويات، خاصة عندما لا يُسمح له إلا بكمية محدودة جدًا بسبب جدول إعادة تأهيله الغذائي الصارم.
"أعطني واحدة أو سأ—" توقف ليونيل عن التهديد عندما رأى راين يضع قطعة أخرى في فمه بلا مبالاة.
"أوه، آسف، كنت ستقول شيئًا؟"
"... سأحطم وجهك."
ضحك راين بصوت خفيف، قبل أن يخرج قطعة صغيرة جدًا من الحلوى ويضعها في يد ليونيل، بالكاد بحجم نصف ظفر.
"هاك، هذه تناسب حصتك اليومية، صحيح؟"
نظر ليونيل إلى القطعة الصغيرة في راحة يده، ثم رفع عينيه ببطء لينظر إلى راين وكأنه يريد إشعال النار فيه.
"راين…"
لكن راين فقط استمر في المضغ ببراءة، متجاهلًا نظرات شقيقه القاتلة.
ليونيل ضغط على القطعة الصغيرة بأصابعه، قبل أن يضعها في فمه بملل.
"... أنت حقير."
"وأنت أخي الصغير المدلل."
تبادل الاثنان نظرات قصيرة، قبل أن يميل ليونيل للخلف مجددًا ويغمض عينيه بتعب.
كان يعلم أنه لن يفوز ضد راين في هذا النوع من المعارك، لذا قرر فقط حفظ طاقته ليوم الغد… عندما يصل أدريان.
لم يكن راين مستعدًا لإنهاء لعبه بعد. نظر إلى ليونيل، الذي كان مستلقيًا في حضنه، ثم مدّ يده وقرص خده بلطافة، ساحِبًا إياه قليلاً.
"همم… خدودك طرية فعلًا."
فتح ليونيل عينيه نصف فتحة، ونظر إلى راين ببرود. "كف عن هذا."
لكن راين لم يكن ليطيعه بسهولة. بدأ يشدّ خدوده برفق، ثم تركها ليعود ويسحبها مجددًا، وكأنه يختبر مرونتها.
"أتعلم، عندما تنتفخ خدودك وأنت تمضغ، تبدو تمامًا مثل هامستر صغير."
توقف ليونيل عن التنفس لثانية، ثم ضاقت عيناه بغضب. "هل قلت… هامستر؟"
"نعم، تمامًا مثل الهامستر." ابتسم راين، ثم أخذ قطعة من المكسرات ووضعها في فم ليونيل مباشرة قبل أن يتمكن من الاحتجاج.
ليونيل تجمّد للحظة، قبل أن يعضّ المكسرات ببطء، بينما راين يراقبه بابتسامة ظافرة.
"انظر، تمامًا كما توقعت! خدودك انتفخت قليلاً، كأنك تخبئ الطعام فيها."
لو لم يكن ليونيل مشغولًا بالمضغ، لكان قد ألقى بنفسه من على المقعد. لكنه فقط مضغ المكسرات بسرعة وابتلعها، ثم حدّق براين ببرود قاتل.
"أنا لستُ هامستر، يا راين."
لكن راين، وكأنه لم يسمع شيئًا، مدّ يده مرة أخرى وأطعم ليونيل قطعة أخرى، ثم قرص خدّه بلطافة مجددًا.
"بالطبع، بالطبع… لكنك ما زلتَ تبدو مثله."
أخذ ليونيل نفسًا عميقًا، ثم زفر ببطء. "إن لم تتوقف، أقسم أنني سأذهب للأكاديمية غدًا وأسبب فضيحة تجعل الإمبراطورية كلها تتحدث عنها!"
"همم…" تظاهر راين بالتفكير، ثم ابتسم مجددًا. "حسنًا، لكن قبل أن أتوقف، خذ هذه الأخيرة."
أخذ قطعة أخرى من المكسرات ووضعها في فم ليونيل بسرعة قبل أن يتمكن من المقاومة.
كان ليونيل على وشك الصراخ، لكنه توقف فجأة عندما بدأ طعم المكسرات الحلو يذوب في فمه. نظر إلى راين بريبة، الذي كان لا يزال يبتسم بمكر.
"لقد كانت مغطاة بعسل أكثر من المعتاد، صحيح؟"
عبس ليونيل لكنه لم يعلّق. كان يعلم أن راين يستغل نقطة ضعفه.
"أنتَ مزعج."
"وأنتَ أخي المدلل، الهامستر الصغير."
"راين!!!"
........
قرر ليونيل النوم
كان النوم يجرّه ببطء إلى أعماق اللاوعي، لكن لم يكن هناك دفء أو راحة في ذلك العالم الذي سقط فيه.
عندما فتح ليونيل عينيه، وجد نفسه واقفًا وسط فراغ شاسع. لا أرض، لا سماء، فقط ظلام يمتد بلا نهاية.
لكن لم يكن وحده.
البوابة في الأعماق
كان الفراغ يمتد بلا نهاية، لكنه لم يكن فارغًا تمامًا هذه المرة.
ليونيل الأصلي كان هناك، واقفًا بصمت كعادته، لكنه لم يتحدث على الفور. فقط أشار بيده إلى ليونيل، ثم استدار وبدأ في الجري.
"هاه؟"
لم يفهم ليونيل ما يحدث، لكنه شعر بشيء داخله يدفعه للحاق به.
ركض خلفه، قدماه لا تصدران أي صوت فوق هذا الفراغ الغامض. كان الصبي أمامه يركض بخفة، كأنما يعرف وجهته جيدًا.
بعد لحظات، وصلا إلى شيء لم يكن يفترض أن يكون هنا—بوابة عملاقة، منحوتة من حجر أسود، تحيط بها رموز غامضة متوهجة.
كانت البوابة مغلقة… حتى بدأ الحجر بالاهتزاز ببطء، وانفتح الباب بصوت كئيب.
ما كان خلف البوابة لم يكن مجرد ظلام… بل كان أعماق الأرض.
عالم تحت الأرض، حيث أضواء المجوهرات النادرة تلمع من بين الصخور، والهواء يحمل طاقة غريبة.
لكن أكثر ما لفت انتباه ليونيل هو المخلوق الذي كان هناك.
مخلوق أسطوري ضخم، أجنحته تطوى حوله، وعيناه المتوهجتان تحدقان فيهم بصمت. تحت جسده كانت هناك جبال من المجوهرات المتناثرة، وكأنها عرش من الكنوز.
ليونيل شعر بأنفاسه تُحبس للحظة. لم يكن يعرف هذا المكان، لكنه شعر بشعور غريب تجاهه… وكأنه مألوف بطريقة ما.
التفت إلى ليونيل الأصلي ليسأله عن ذلك، لكن—
الفراغ انهار فجأة.
اختفى كل شيء.
وبلحظة، فتح ليونيل عينيه بسرعة، أنفاسه غير منتظمة، قلبه ينبض بعنف.
لكن قبل أن يتمكن من استيعاب ما حدث، شعر بيد تربت على ظهره بلطف.
"لقد كان مجرد كابوس."
كان صوت راين الهادئ، وكأنه كان يطمئنه حتى دون أن يسأله.
أدرك ليونيل أنه لا يزال في حضن راين، وذاك الأخير كان يربت على شعره أيضًا، كما لو كان يحاول تهدئته.
ليونيل لم يرد، فقط أغلق عينيه مجددًا، مستشعرًا الإحساس المألوف للدفء.
لكن تفكيره كان لا يزال عالقًا في ذلك المشهد.
من كان ذلك المخلوق؟ ولماذا شعر وكأنه قد رآه من قبل؟