الظل القادم من الكوابيس
كانت لمسات راين المستمرة على شعر ليونيل تهدئه قليلًا، رغم أن عقله لا يزال عالقًا في ذكريات الكابوس الغامض.
لكن اللحظة الهادئة لم تدم طويلًا.
خطوات هادئة تقدمت نحوهم، مما دفع راين إلى رفع نظره. ليونيل، رغم أنه كان مستلقيًا في حضن أخيه، شعر بشيء غير طبيعي… إحساس بارد، وكأن ظلًا مظلمًا زحف إلى عالمه الهادئ.
ثم ظهر الإشعار أمام عينيه.
┏━━━━━━━━━━━┓
[تحذير!]
اسم: أوليفر بلاكستون
اللقب: سيد الظلام الأبدي
التصنيف: شرير رئيسي
الخطر: مرتفع للغاية
تحذير خاص: المضيف واجه هذا الكائن في كوابيسه آلاف المرات. احتمالية التهديد: 99.9%.
┗━━━━━━━━━━━┛
عيناه تجمدتا على الفور.
حتى قبل أن يراه، كان يعرف من هو.
ذلك الاسم… ذلك الوجه… ذلك الصوت البارد الذي كان يهمس في كوابيسه مرارًا وتكرارًا.
"ليونيل كارستين… هل أنت مستعد للموت هذه المرة؟"
صوت ذلك الوحش تردد في عقله كما لو كان حقيقيًا.
ثم رفع رأسه ببطء، وكأنه خائف من أن يكون هذا مجرد كابوس آخر… لكنه لم يكن كذلك.
رأى كايل، لكنه بالكاد لاحظه.
كل تركيزه كان على الرجل الذي وقف بجانبه.
شخص طويل، بملامح حادة كالسكين، وشعر أسود ينساب بسلاسة كأنه ظل حيّ، وعينان بلون الدم المتجلط، تحدقان مباشرة في ليونيل بنظرة باردة، مليئة بشيء لا يستطيع تفسيره.
أوليفر بلاكستون… سيد الظلام الأبدي… الشرير الذي رآه يقتله آلاف المرات في أحلامه.
تصلب جسده.
أصبحت أنفاسه ثقيلة.
لقد كان في الأكاديمية، في وضح النهار، تحت حماية راين، وسط زملائه… ومع ذلك، شعر وكأنه عاد إلى تلك اللحظات المخيفة حيث كان يركض في الظلام، يُطارد حتى الموت.
راين شعر بشيء خاطئ على الفور، نظر إلى ليونيل الذي أصبح وجهه شاحبًا بشكل ملحوظ.
"ليونيل؟"
لكن ليونيل لم يرد.
كل شيء بدا وكأنه يتحرك ببطء، بينما نظرات أوليفر بقيت مثبتة عليه، غير متأثرة، غير متزعزعة، وكأنها ترى شيئًا أعمق مما يمكن أن يدركه الآخرون.
وفي تلك اللحظة، لم يكن هناك سوى فكرة واحدة في عقل ليونيل—
"لماذا… لماذا هو هنا؟"
ظل ليونيل متجمّدًا في مكانه، عينيه لا تفارقان الرجل الذي طارده في كوابيسه لسنوات، كما لو أن عقله يرفض تصديق ما يراه.
لكن صوته لم يخرج، فقط راين هو من تحدث، بنبرة هادئة كما لو أن الوضع طبيعي تمامًا:
"ليونيل، لا داعي للقلق. أوليفر صديقي، لن يؤذيك."
…ماذا؟
لم يكن متأكدًا مما سمعه للتو.
رفع رأسه قليلًا لينظر إلى راين، وجهه يعكس مزيجًا من الارتباك وعدم التصديق. "…ماذا قلت؟"
ابتسم راين، وكأنه يخبره بأمر بسيط. "قلت إن أوليفر صديقي، وكايل هو من عرفنا على بعض."
اتسعت عينا ليونيل أكثر. صدمة صافية انعكست على وجهه، وكأن شخصًا ما قلب عالمه رأسًا على عقب.
"مــاذا؟!"
التفت نحو كايل، الذي اكتفى بالصمت، عاقدًا ذراعيه وكأن الأمر لا يعنيه.
لكن ليونيل لم يستطع استيعاب ذلك.
أوليفر بلاكستون… صديق راين؟
هذا لم يكن في الرواية.
لم يكن هناك أي ذكر لعلاقة تجمع راين بأوليفر، لا من قريب ولا من بعيد! لم يكن هناك حتى تلميح لهذا الاحتمال!
شعر بقشعريرة تسري في جسده.
بدأت أنفاسه تصبح غير منتظمة قليلًا، ويداه ترتجفان بشكل لا إرادي. كانت أصابعه تشدّ قبضتها على ملابس راين دون وعي، كأنها تبحث عن شيء يتمسك به وسط هذه الفوضى غير المتوقعة.
هذا خطأ… هذا لم يكن من المفترض أن يحدث…
لم يدرك متى، لكن جسده تحرك من تلقاء نفسه، دفن وجهه في صدر راين، متشبثًا به كما لو كان مصدر الأمان الوحيد في هذا العالم المجنون.
راين، الذي لاحظ حالته، بدأ يربت على ظهره ببطء، ناظرًا إلى أوليفر بنظرة هادئة. ثم ابتسم بلطف وقال، وكأنه يحاول تهدئة الأجواء:
"آه… لا تقلق، أوليفر، ليونيل مجرد فتى خجول."
خجول؟
لو كان ليونيل في حالة عقلية طبيعية، لكان صرخ في وجهه بأنه لا علاقة له بالخجل.
لكن في هذه اللحظة… لم يكن لديه القدرة حتى على الاعتراض.
كل ما شعر به كان ارتجافًا داخليًا، وإحساسًا غامرًا بأن شيئًا ما قد انحرف عن المسار الذي كان من المفترض أن يسير عليه.
…ولم يكن ذلك أبدًا إشارة جيدة.
..............
في لحظة، اختفى الدفء الذي شعر به في حضن راين—وحل محله شعور بالسقوط!
"تبًا لك! أنزلني أيها الوغد!!"
لكن صوته لم يغير شيئًا، بل ازداد الأمر سوءًا عندما رُمي في الهواء مرة أخرى، وكأنه كرة لا وزن لها.
ضحكة خافتة خرجت من أوليفر وهو يلتقطه بسهولة، قبل أن يرميه مجددًا دون تردد.
"خفيف أكثر مما توقعت."
كايل، الذي كان يستمتع بالمشهد، أضاف بسخرية: "إنه كريستالة صغيرة أكثر من كونه أميرًا، أليس كذلك؟"
أما راين، فلم يحرك ساكنًا. فقط وقف هناك، يراقب ما يجري دون أن يبدو عليه أي نية للتدخل. بل إنه أخرج قطعة شوكولا وأخذ يقضمها بهدوء.
"…راين!!! افعل شيئًا، اللعنة!!"
لكن راين اكتفى برفع حاجبه قليلًا، قبل أن يقول بصوت هادئ:
"أوليفر، لا تكسره. ابي سيقتلنا جميعًا إن حدث له شيء."
أوليفر أطلق ضحكة قصيرة، قبل أن يلتقط ليونيل مرة أخيرة ويوقفه في الهواء للحظة، كما لو كان يقرر ماذا يفعل به.
…ثم فجأة، ألقى به مباشرة إلى كايل!
كايل، الذي لم يتوقع ذلك، رفع يديه وأمسك به على مضض، قبل أن ينظر إلى أوليفر بعبوس.
"حقًا؟ هل ترميه لي وكأنه طرد بريد؟"
"كنت أريد معرفة إن كنت سريعًا بما فيه الكفاية." رد أوليفر ببرود.
أما ليونيل، فقد تجمد للحظة في ذراعي كايل، قبل أن يبدأ بالركل والضرب بكل قوته.
"سأقتلكم جميعًا! أقسم أنني سأحرق هذه المملكة بالكامل!!"
لكن صراخه لم يزد الأمور إلا سوءًا—لأن كايل، بدوره، قرر رميه في الهواء من جديد!
وهكذا، استمرت اللعبة.
ليونيل يُرمى من شخص إلى آخر، صراخه يملأ المكان، بينما راين يراقب من بعيد، غير مكترث تمامًا لما يجري.
…وبكل صدق، لم يكن هناك أي نية لإيقاف ذلك قريبًا.
...............
استمرت اللعبة المجنونة، وليونيل يُقذف في الهواء كما لو كان مجرد دمية قماشية.
"توقفوا أيها الحمقى!!" صرخ بأعلى صوته، لكن لم يكن هناك أي نية للتوقف.
كايل ألقى به إلى أوليفر، وأوليفر قذف به مرة أخرى إلى كايل، والاثنان يتبادلان النظرات الممتعة بينما يتجاهلان تمامًا وابل الشتائم الذي كان ليونيل يطلقه بلا توقف.
"أقسم أنني سأجعل حياتكم جحيمًا! سأحرق قصوركم! سأمزق كتبكم! سأغرقكم في ديون لا تنتهي!!!"
لكنه لم يكن قادرًا على فعل شيء سوى الصراخ والتلوي في الهواء كسمكة أُخرجت من الماء.
ثم، وسط يأسه المطلق، صرخ باتجاه جوزيف الوحيد الذي كان لا يزال واقفًا بلا حراك:
"جوزيف! تدخل أيها الأحمق!!"
لكن جوزيف لم يتحرك، فقط راقب بهدوء كما لو أن الأمر لا يعنيه.
غضب ليونيل أكثر، قبل أن يصرخ بقوة:
"سأضاعف راتبك!!!"
في جزء من الثانية، تحرك جوزيف بسرعة لا تصدق، قافزًا في الهواء والتقاط ليونيل بحركة سلسة قبل أن يهبط على قدميه بثبات.
أمسكه جوزيف بإحكام بين ذراعيه، كأنما كان يحمل كنزًا ثمينًا. ليونيل، رغم دواره الشديد، شعر أخيرًا ببعض الأمان وهو ينظر إلى منقذه الذي حافظ على تعبيره الخالي من المشاعر.
لكن لحظته الآمنة لم تدم طويلًا.
في أقل من ثانية، امتدت يد راين فجأة، وسحب ليونيل مباشرة من أحضان جوزيف إلى حضنه مجددًا، وكأن شيئًا لم يحدث.
"جيد، لقد استمتعت بالمشهد، والآن عد إلى مكانك، جوزيف."
حدق ليونيل في راين بصدمة، ثم التفت إلى جوزيف الذي لم يظهر أي مقاومة، فقط انحنى قليلًا وعاد إلى موقعه المعتاد بصمت.
"أيها الخائن…!" همس ليونيل بين أسنانه، قبل أن يغرق في حضن راين الذي بدأ يربت على رأسه مجددًا، كما لو أنه لم يكن للتو في موقف حياة أو موت.
"هدوء الآن، صغيري الهامستر، لقد انتهى وقت اللعب."
لكن ليونيل، الذي كان لا يزال يلهث من الغضب، لم يكن مستعدًا للاستسلام بهذه السهولة…
نهض راين وهو لا يزال يحمل ليونيل بين ذراعيه كما لو كان قطعة أثاث محمولة. ألقى نظرة سريعة على كايل وأوليفر وقال بابتسامة هادئة:
"حسنًا، لقد استمتعت بما يكفي، لكنني سأعود إلى المنزل الآن."
لم ينتظر ردهم، فقط بدأ في التحرك نحو البوابة الرئيسية للأكاديمية، حاملًا معه ليونيل الذي لم يكن لديه خيار سوى التحديق في أوليفر بلاكستون بينما يبتعد عنه ببطء.
"كيف يمكن لشرير رئيسي أن يصبح صديق راين؟"
كان هذا هو السؤال الذي يضرب رأس ليونيل بلا توقف.
لقد قرأ الرواية مئات المرات، لم يكن هناك أي ذكر لصداقة تجمع أوليفر براين! بل على العكس تمامًا، كان أوليفر أحد أكبر التهديدات للإمبراطورية… وواحدًا من أولئك الذين قتلوا ليونيل مرارًا وتكرارًا في أحلامه المليئة بالكوابيس.
وفجأة، كما لو أن النظام قرر أن يعمّق رعبه، ظهرت شاشة شفافة أمامه:
┏━━━━━━━━━━━┓
[تحليل الشخصية: أوليفر بلاكستون]
التصنيف: شرير رئيسي
اللقب: سيد الظلام الأبدي
المستوى: غير معروف
القدرات:
سيادة الظلام: القدرة على التحكم الكامل في الظلال والكيانات المظلمة.
عقد اللعنة: يستطيع فرض لعنات طويلة الأمد على خصومه.
إرادة اللانهاية: مقاومة مطلقة لأي نوع من التأثيرات الذهنية.
تحذير! يعتبر تهديدًا كبيرًا للمضيف. لا تتعامل معه بإهمال!
┗━━━━━━━━━━━┛
اختنق ليونيل بلعابه.
"ما هذا بحق ؟!"
لم يستطع أن يمنع نفسه من الارتجاف.
كان يعلم أن أوليفر وحش… لكنه لم يكن مستعدًا لرؤية هذا التصنيف والتحذير المباشر من النظام!
تخيل لو أن هذا الرجل قرر أن يقلب الطاولة في أي لحظة… سيكون الأمر بمثابة حكم إعدام فوري.
شعر بجسده يتصلب لا إراديًا.
راين، الذي لاحظ تصلبه، نظر إليه بتعبير متسائل قبل أن يقول بمرح:
"ماذا هناك؟ هل أنت منزعج لأنني لم أتركك تلعب مع أصدقائي؟"
أراد ليونيل أن يصرخ في وجهه: "هؤلاء ليسوا أصدقاء!! هذا واحد من أسوأ الوحوش في هذه القصة!!"
لكنه لم يتمكن من ذلك.
بدلًا من ذلك، ابتلع جفاف حلقه، ثم دفن رأسه في صدر راين محاولًا إخفاء ارتجافه الطفيف.
شعر راين بفعله هذا، فابتسم قليلًا، ثم التفت إلى أوليفر قائلًا:
"كما ترى، الهامستر الخاص بي خجول بعض الشيء."
خجول؟!!
لو لم يكن ليونيل في موقف حساس، لكان قد انفجر غضبًا من هذا الوصف السخيف.
لكنه لم يكن قادرًا على ذلك.
لأنه، وبكل بساطة… كان أوليفر يحدق به الآن.
بعينين باردتين… كأنما كان يدرسه عن قرب.
ورغم أن تعبيره لم يكن يحمل أي تهديد واضح… إلا أن ليونيل كان متأكدًا تمامًا من شيء واحد:
هذا الرجل ليس هنا فقط من أجل راين. إنه يراقبني أيضًا.
...............
داخل العربة، ظل راين محتفظًا بليونيل في حضنه، يربت على شعره الفضي بلطف، بينما الأخير غارق في أفكاره، غير مدرك حتى لوضعه الحالي.
"أوليفر بلاكستون... صديق راين؟ هذا ليس منطقيًا أبدًا..."
بغض النظر عن مدى محاولته تذكر أحداث الرواية الأصلية، لم يكن هناك أي ذكر لعلاقة صداقة بين ولي العهد وأحد أخطر الأشرار الرئيسيين.
"هل تغيرت القصة بشكل أعمق مما كنت أعتقد؟"
في تلك اللحظة، ظهرت نافذة شفافة فجأة أمام عينيه.
┏━━━━━━━━━━━┓
[نافذة الحالة]
الاسم: ليونيل كارستين
المستوى: 5
الرصيد الحالي: 550 عملة
┗━━━━━━━━━━━┛
رفع حاجبه.
"550 عملة فقط؟ ما هذه المهزلة؟!"
فتح المتجر، لكنه سرعان ما عبس.
"ما هذه الأسعار؟ هل هذا متجر أم عملية سرقة علنية؟"
كان كل شيء مكلفًا بشكل سخيف. حتى أبسط العناصر كانت تبدأ من 1000 عملة!
"مستحيل! كيف من المفترض أن أشتري شيئًا بهذه الأسعار؟!"
توقف للحظة، قبل أن تتشكل فكرة خبيثة في رأسه.
"ماذا لو... احتلت على النظام؟"
بدأ يختبر بعض الأمور، يبحث عن أي ثغرة، أي خطأ يمكن استغلاله.
أول شيء لاحظه هو وجود عنصر رخيص جدًا:
[حبة لوز مغلفة بالشوكولاتة] - 5 عملات
"يا له من غباء... حتى الطعام هنا مبالغ في سعره."
لكن حين حاول شرائها، اكتشف أمرًا غريبًا.
عندما ضغط على خيار الشراء عدة مرات بسرعة، تأخر النظام في الخصم، وكأن هناك فجوة زمنية صغيرة بين كل عملية شراء وأخرى.
في ثانية واحدة، اشترى 10 حبات لوز، ومع ذلك، تم خصم 5 عملات فقط!
تسارعت دقات قلبه.
"لقد وجدتها..."
أعاد التجربة، لكن هذه المرة مع عنصر أغلى قليلاً.
[حجر تعزيز القدرة السحرية - 800 عملة]
ضغط بسرعة قبل أن يسجل النظام العملية بالكامل.
...
وفي لحظة، ظهر الحجر في يده، بينما رصيده لا يزال كما هو!
"نجح الأمر!!!"
كتم ضحكته بصعوبة، بينما راين استمر في التربيت على رأسه، غير مدرك للسرقة المريعة التي كان شقيقه الصغير يرتكبها تحت أنفه.
"النظام، لقد دخلت في حرب ضدي... وهذه مجرد البداية."
لعبة راين المزعجة
داخل العربة الهادئة، كان راين لا يزال يحتفظ بليونيل في حضنه، يربت على شعره بين الحين والآخر وكأنه يهدئ حيوانًا صغيرًا.
لكن ليونيل لم يكن منتبهًا له، فقد كان منشغلًا في نافذة النظام، يحدق في المتجر باهتمام بالغ. الأسعار مرتفعة، ورصيده الحالي 550 عملة فقط، لكن الاحتيال دائمًا حل مثالي لمن يجيدونه.
"حسنًا... لو قمت بالتلاعب بالنظام هنا، وربطت هذا الخيار بذلك الخيار..."
كان على وشك تنفيذ خطته عندما شعر فجأة بألم حاد في خده.
"آه!"
رفع رأسه بسرعة، ليجد راين يحدق به بابتسامة مشبوهة بينما يمسك خده بين أصابعه.
"أنت هادئ أكثر من اللازم."
"وما شأنك؟!" حاول ليونيل دفع يده، لكن راين كان عنيدًا.
"عندما تكون هادئًا، فهذا يعني أنك تخطط لشيء ما."
قبل أن يتمكن ليونيل من الرد، قام راين بسحب خده بلطف، ثم تركه فجأة، مما جعل ليونيل يعبس بغضب.
"توقف عن العبث!"
"لا، أريد رؤية رد فعلك."
وقبل أن يدرك ليونيل ما يحدث، بدأ راين يدغدغه فجأة!
"انتظر... تبًا! راين، توقف أيها الوغد!!"
بدأ ليونيل يتلوى بغضب، يحاول دفع يدي راين، لكن هذا الأخير كان مستمتعًا بمضايقته.
"أوه؟ هل أنت حساس هنا؟"
"أيها المعتوه!! توقف فورًا!!"
لكن راين استمر، حتى بدأ ليونيل يلهث من الغضب والتعب.
بعد لحظات، توقف راين أخيرًا، تاركًا ليونيل مستلقيًا في حضنه، يلهث بوجه محمر من الغضب والقهر.
"أيها الكلب... سأنتقم منك يومًا ما."
راين ضحك بهدوء وربت على رأسه مجددًا.
"سأنتظر ذلك اليوم بفارغ الصبر، صغيري الهامستر."
أغمض ليونيل عينيه بإحباط، لكنه بدأ فورًا بالتخطيط لانتقامه القادم.
..............
بعد أن انتهى راين من لعبته المزعجة، استرخى في مقعده بينما بقي ليونيل جالسًا في حضنه، عبوسه لم يختفِ بعد.
لكن راين لم يكن مهتمًا بمزاجه السيئ، بل قرر فجأة أن يفتح موضوعًا آخر.
"ليون، غدًا سيصل أدريان."
توقف ليونيل عن التململ، لكنه لم يُظهر أي رد فعل واضحة. راين كان يراقبه عن كثب، وكأنه ينتظر منه تعبيرًا عن الغضب، الاستياء، أو حتى الرفض.
لكن بدلاً من ذلك، رفع ليونيل حاجبه وسأل ببرود:
"كيف يبدو؟"
صمت راين للحظة قبل أن يضحك. "أنت لا تتذكره؟"
ليونيل أمال رأسه قليلًا، محاولًا البحث في ذكرياته، لكنه لم يجد أي صورة واضحة لهذا الأخ المزعوم.
"لا."
الآن كان دور راين ليحدق به بصمت. بعد ثوانٍ، رفع يده وربت على رأس ليونيل ببطء كما لو كان يواسيه.
"هذا محزن للغاية، حتى أنك محوته من ذاكرتك؟"
عبس ليونيل، دافعًا يد راين بعيدًا. "أنا فقط لا أتذكر مظهره، لا تبالغ."
راين ابتسم بخبث. "هل تريد أن أخبرك عنه؟"
ليونيل لم يكن مهتمًا في البداية، لكنه قرر أن يعرف من هو هذا الأخ الثالث الذي لم يكن له وجود واضح في ذكرياته.
"حسنًا، كيف يبدو؟"
راين فكر للحظة قبل أن يجيب: "شعره أسود وعيونه ذهبية… طويل، هادئ لكنه مزعج بطريقة مختلفة عني."
"هذا ليس وصفًا مفيدًا." تمتم ليونيل ببرود.
راين ضحك. "ستراه غدًا بنفسك، عندها أخبرني إن كنت تتذكره أم لا."
ليونيل لم يرد، فقط أسند رأسه على كتف راين وهو يحدق بصمت في نافذة العربة. هناك شيء ما بشأن هذا الأخ الثالث لم يكن
.................
عندما فتح راين الباب ودخل إلى مكتب الإمبراطور، كان الأخير يجلس خلف مكتبه الفخم، عينيه الذهبيتين تراقبان الداخلين باهتمام. بجانبه، جلس إليوت، الأمير الثاني، يحتسي الشاي بهدوء وكأنه لم يكن معنيًا بما يجري.
لكن بمجرد أن وقع نظر الإمبراطور على ليونيل في حضن راين، تغير تعبيره. نهض فورًا من مكانه وسار نحو ابنه الأصغر بخطوات ثابتة، قبل أن يمد يديه…
"أبي، لا تكن عاطفيًا فجأة—"
لكنه تجاهل اعتراض راين تمامًا وسحب ليونيل من بين ذراعيه بسهولة، ممسكًا به كما لو كان أثمن كنز لديه.
"...هاه؟" تجمد ليونيل للحظة، غير قادر على استيعاب الموقف.
"أيها الغبي، لا تحمل أخاك هكذا وكأنه شيء يمكن رميه." قال الإمبراطور بنبرة تحمل مزيجًا من اللوم ، وهو يحدق براين بنظرة حادة.
ضحك إليوت بخفّة عند رؤية الموقف النادر. "لم أتوقع أن أرى اليوم الذي يُسرق فيه شخص من بين يدي ولي العهد."
عبس راين، لكنه لم يجرؤ على الاعتراض علانية. "كان بخير معي."
لكن الإمبراطور لم يهتم برده، بل بدلًا من ذلك، جلس على الأريكة وهو لا يزال يحتضن ليونيل بحذر وكأنه شيء قابل للكسر.
ليونيل، الذي كان مستعدًا لصب جام غضبه على راين قبل لحظات، وجد نفسه فجأة بين ذراعي الإمبراطور، غير متأكد مما ينبغي أن يشعر به حيال هذا.
"...لماذا تحملني؟" تجرأ على السؤال.
"لأنك صغير، وضعيف، ولا أثق بهم." قال الإمبراطور بلهجة قاطعة، وهو يرسل نظرة تحذيرية إلى راين وإليوت.
"لم نفعل له شيئًا." احتج راين، بينما أضاف إليوت بابتسامة هادئة: "تقنيًا، كان في رعاية راين، وليس أنا."
لكن الإمبراطور لم يهتم بردودهما. بدلًا من ذلك، بدأ يمسح على شعر ليونيل برفق، مما جعل هذا الأخير يشعر بإحراج غريب.
"... هل يمكن أن تعيدني إلى الأرض؟"
"لا." كانت الإجابة قاطعة.
تنهد ليونيل، مدركًا أن محاولاته للمقاومة غير مجدية. لم يكن يتوقع أن والده، الإمبراطور القوي والمرعب، سيكون بهذا التحيز نحوه.
"حسنًا، والآن…" قال راين وهو يجلس أمامهما، واضعًا ساقًا فوق الأخرى، "بما أننا اجتمعنا جميعًا، هل يمكننا معرفة سبب هذا الاجتماع العائلي المفاجئ؟"
لكن ليونيل لم يكن متحمسًا لمعرفة السبب… لأن غريزته كانت تخبره أن الأمر لن يكون بهذه البساطة.
............
جلس الإمبراطور وهو لا يزال يحتفظ بليونيل في حضنه، يربت على شعره وكأنه يهدئ طفلًا مشاكسًا. كان راين وإليوت يجلسان على الجانب الآخر من المكتب، يتبادلان النظرات بينما ينتظران لحظة الانفجار الحتمية.
أخيرًا، تنهد إليوت وقال بنبرة هادئة: "سبب اجتماعنا اليوم بسيط… أدريان سيعود غدًا."
توقفت يد الإمبراطور عن التربيت للحظة، وأصبح المكان أكثر هدوءًا. الجميع حوّل أنظاره إلى ليونيل، مترقبين ردة فعله.
لكن ليونيل لم يقل شيئًا.
بدا هادئًا، وجهه بلا تعبير واضح، عينيه الفضيتين تحدقان في لا شيء. ظاهريًا، لم يكن هناك أي ردة فعل تُذكر، وكأنه لم يسمع شيئًا مهمًا.
لكن في داخله، كان الأمر مختلفًا تمامًا.
الغضب…
مشاعر ليونيل الأصلي، التي ظن أنه تخلص منها، انفجرت فجأة كحمم بركانية. شعور ثقيل، حارق، وكأن هناك يدًا خفية تعتصر قلبه.
حتى دون أي ذكريات واضحة، جسده نفسه تذكر.
أدريان… هذا الاسم وحده كان كافيًا لإشعال نار الغضب في أعماقه.
"ليونيل؟" جاء صوت الإمبراطور الهادئ. "أنت لم تقل شيئًا."
أخيرًا، بعد لحظة صمت طويلة، تحركت شفاه ليونيل ببطء.
"لا أريد الذهاب."
بدا صوته هادئًا، لكنه كان حازمًا. لم يكن يريد رؤية ذلك الشخص. لم يكن يريد أن يكون في نفس المكان معه.
لكن، كما هو متوقع، لم يكن هذا رأيًا يؤخذ بعين الاعتبار.
"ستذهب." قال الإمبراطور ببساطة، نبرته تحمل رفضًا قاطعًا لأي نقاش.
توهجت عينا ليونيل بالحدة، وعضّ على شفتيه في إحباط. كان يعلم مسبقًا أن قراره لا يهم، لكنه لم يستطع منع نفسه من المحاولة.
"... تبا لكم جميعًا."
ثم، وكأن السدّ انكسر، بدأ وابل الشتائم ينهمر بلا توقف.
"أنت ديكتاتور متسلط!" صاح في وجه الإمبراطور. "وأنت أيها المتغطرس، لماذا تتصرف وكأنك الشخص العاقل هنا؟!" التفت إلى راين، قبل أن يحوّل أنظاره إلى إليوت. "وأنت… لا أعلم لماذا أنت هنا حتى، لكنني أكرهك بالفعل!"
إليوت، الذي كان يحتسي الشاي بهدوء، رفع حاجبه وقال: "أوه، شكرًا، يا له من ترحيب دافئ."
لكن ليونيل لم يهتم.
"أنا لا أريد الذهاب! أنتم تجبرونني دائمًا على فعل أشياء لا أريدها! ألا يمكنكم تركي وشأني؟!"
الإمبراطور استمع إلى ثورته بصمت، ثم قال بهدوء شديد:
"لا."
"... أيها الطاغية." تمتم ليونيل، مستسلمًا أخيرًا لمصيره.
لكن رغم استسلامه الظاهري، لم يكن ينوي جعل هذا الاجتماع العائلي يمر بسلاسة.