32 - التهديد الإمبراطوري... وإنذار الحياة أو الموت!

قرر ليونيل أن يتجاهل تمامًا الحديث الذي يدور حوله. كان يشعر أن كل كلمة تُقال هي مجرد ضوضاء في أذنٍ ثقيلة، كما لو أن لا شيء يهمه في هذا الوقت.

وبكل هدوء، أغلق عينيه، وسمح لجسده بأن ينعطف قليلاً في حضن الإمبراطور كما لو أنه استسلم للنوم. كان يعلم أنه إذا تظاهر بالنوم، فسيتوقف الجميع عن الحديث معه. هذا ما فعله دائمًا، وعاد إليه كعادته.

"إذا كنت نائمًا، فلن تضطر للتفاعل." فكر في نفسه.

لكن في داخله، كانت أفكاره مشوشة. كان يتساءل لماذا لم يتلقَّ أي مهمة من النظام حتى الآن، خاصة بعد أن بدأت الأمور تأخذ منحنى غريبًا.

"ألن يخبرني النظام بمهمتي؟" فكر. "مثلما فعل عندما طُلب مني الذهاب لاستقبال ولي العهد؟"

كانت تلك اللحظة، التي فُرض عليه فيها الحضور واستقبال ولي العهد، لا تزال عالقة في ذهنه بوضوح. وكان يعلم أن هناك شيئًا غير طبيعي بشأن مهماته، كما لو أن هناك قوى خفية تتحكم بها.

لكن، ماذا عن أدريان؟ لماذا لا يُطلب منه الذهاب لملاقاته؟ هل سيكون هناك دور آخر في المستقبل؟

بينما كانت تلك الأسئلة تتلاطم في عقله، بدأ يشعر بشيء غير مريح. كان هناك شيء غامض، شيء لم يكن في مكانه، وكان يكره هذا الشعور. لكنه أجبر نفسه على التفكير أن لا شيء يمكن أن يكون أكثر تعقيدًا من حياته الحالية.

ظل يتظاهر بالنوم، بينما كان كل شيء من حوله يعم بالحديث المستمر عن وصول أخيه الثالث، أدريان.

........... استيقظ ليونيل في سريره على إحساس مزعج… إحساس مألوف للغاية…

عندما فتح عينيه، رأى الإمبراطور يقف بجانب سريره، يحدق به بوجه هادئ لكنه يحمل تصميمًا لا يمكن زعزعته.

"استيقظ، إنه وقت الاستعداد."

أطلق ليونيل صوت تأفف وهو يغطي رأسه بالوسادة: "قلت إنني لن أذهب!"

لكن الإمبراطور لم يكن من النوع الذي يقبل الرفض. في لحظة واحدة، أزال عنه الغطاء وحمله كما لو كان لا يزن شيئًا.

" ضعني! أيها الطاغية! المتسلط! الظالم!!"

تجاهل الإمبراطور احتجاجاته تمامًا وبدأ بتجهيزه بنفسه.

كان الأمر بمثابة معركة!

ليونيل يقاوم بشراسة، يحاول نزع القميص الذي ألبسه إياه، بينما الإمبراطور يعيده لمكانه ببرود.

"لا أريد هذا القميص!"

"إنه رسمي."

"من قال إنني سأرتدي الرسمي؟!"

"أنا."

"... هذا استبداد! سأرفع شكوى!"

"إلى من بالضبط؟"

"إلى لجنة حقوق الأطفال!"

توقف الإمبراطور لحظة وكأنه يقيّم كلامه، ثم ابتسم نصف ابتسامة وهو يرفع أحد حاجبيه: "أنت لست طفلًا، ليو. أنت أمير."

"إذن سأرفع شكوى إلى لجنة حقوق الأمراء!"

"لم أسمع بوجود واحدة."

"سأؤسسها بنفسي!!"

ضحك الإمبراطور بخفة، لكنه واصل مهمته، وألبسه الملابس الرسمية رغم كل محاولاته للمقاومة.

عندما انتهى أخيرًا، كان ليونيل جالسًا على كرسيه ، شعره غير مرتب بعد محاولاته الفاشلة للهرب، لكنه كان يبدو لائقًا على الأقل.

"رائع، تبدو وسيمًا."

"أكرهك."

"أعلم ."

ليونيل شعر بالغضب أكثر من أي وقت مضى، لكنه كان يعلم أن الأمر انتهى. لا مفر من هذا المصير المحتوم… لقاء أدريان قادم، وعليه أن يواجهه شئنا أم أبينا.

.............

لم يكن هناك جدوى من المقاومة.

رغم ركلاته الضعيفة وشتائمه التي لم تتوقف، حمله الإمبراطور بسهولة وكأنه لا شيء، متجاهلًا تمامًا صراخه الغاضب.

"أنت مستبد! ديكتاتور! طاغية!!!"

"صباح الخير لك أيضًا، ليو." رد الإمبراطور بنبرة هادئة وكأن ابنه لم يكن يحاول تمزيقه بأسنانه.

"أعدني لغرفتي أيها الوغد!"

"لا."

"أكرهك!"

"أنا أحبك أيضًا."

وصلوا إلى قاعة الاستقبال، حيث كانت الأجواء الرسمية تسيطر على المكان. تم تزيين القاعة بعناية، الجنود مصطفون، والخدم في مواقعهم، وكل شيء جاهز لاستقبال الأمير الثالث—أدريان.

دون أدنى اهتمام بمشاعر ليونيل، جلس الإمبراطور على العرش الرئيسي في منتصف القاعة، ثم بكل بساطة، وضع ليونيل في حجره، ممسكًا به كما لو كان طفلًا صغيرًا.

"دعني أجلس على كرسيي المتحرك أيها المعتوه!"

"لا، أنت مرتاح هنا."

"أنا لست مرتاحًا!!"

وقف راين وإليوت خلف العرش، يراقبان المشهد بصمت، وملامحهما تقول بوضوح أنهما اعتادا بالفعل على هذه الفوضى المعتادة.

ليونيل، الذي كان محبوسًا في حضن الإمبراطور، لم يكن قادرًا على فعل شيء سوى التململ والعبوس.

ثم، وسط كل هذا، فتح الباب الرئيسي للقاعة، وأعلن الحارس بصوت عالٍ:

"جلالة الإمبراطور، أصحاب السمو… الأمير الثالث، أدريان، قد وصل!"

توقف كل شيء للحظة، وكأن الزمن تجمد.

شعر ليونيل بانقباض غريب في صدره… لكنه لم يكن منه.

كانت مشاعر ليونيل الأصلي تتسلل إليه ببطء— الغضب، الحقد، الكراهية العميقة التي لم يتمكن من فهمها تمامًا بعد.

ثم… دخل أدريان.

شاب بشعر أسود وعيون ذهبية، مشى بخطوات ثابتة تحمل ثقة غير مبالغ فيها، لكنه بدا كشخص يدرك مكانته جيدًا.

تلاقت نظراتهم للحظة، لكن ليونيل لم يُظهر أي تعبير على وجهه.

بينما في داخله… كان الأمر أشبه بعاصفة تشتعل ببطء.

.................

لاحظ ليونيل كيف أن أدريان، على عكس إليوت وراين وحتى الإمبراطور، لم يحتفظ باتصال العين معه لثانية واحدة.

"هاه؟ هذا مثير للاهتمام… هل هو يتجاهلني؟ هل يشعر بالذنب تجاهي؟ أم أنه فقط لا يهتم بي؟"

لكن قبل أن يتمكن من التفكير في ذلك أكثر، شعر فجأة بنظرات تحرقه من الأعلى.

الإمبراطور، راين، إليوت—كلهم كانوا يحدقون به كما لو أنهم كانوا ينتظرون رد فعله على هذا اللقاء.

"حسنًا… من الأفضل أن أعطيهم شيئًا يستحق الانتظار!"

أخذ نفسًا عميقًا، ثم أطلق العنان لموهبته الأبرز—

الوقاحة المطلقة!

"ما كل هذا الهراء الرسمي؟ لماذا نحتاج إلى كل هذه الأبهة لاستقبال فردٍ من العائلة؟ هل نحن في حفلة تنكرية أم ماذا؟"

ساد الصمت للحظة، قبل أن يضيف بصوت أعلى:

"أوه، صحيح! ربما أدريان يحتاج إلى كل هذه الأضواء حتى لا ينساه أحد!"

تجمد الجو في القاعة.

أدريان لم يُظهر أي تعبير، لكن قبضته المشدودة للحظة لم تغب عن عينَي ليونيل.

الإمبراطور رفع حاجبه، راين كتم ضحكة، بينما إليوت تنهد وكأنه يتوقع حدوث هذا منذ البداية.

لكن ليونيل لم يتوقف عند ذلك، بل أضاف بابتسامة ساخرة:

"هل تريد مقعدي يا أخي العزيز؟ أقصد، من الواضح أن الجميع يريدون أن أجلس بصمت وأتصرف كدمية حسنة السلوك، فلماذا لا تأخذ مكاني أيضًا؟"

هذه المرة، تحرك أدريان أخيرًا. رفع رأسه ونظر إليه مباشرة، لكن عينيه الذهبية بقيت بلا تعبير.

ثم قال بهدوء: "لا حاجة لي بمقعدك."

ليونيل ضاق عينيه.

"تلك نبرة اللامبالاة… كم هي مزعجة!"

لكن، بما أنه قد بدأ بالفعل، فلم يكن هناك سبب للتوقف الآن.

التفت إلى الإمبراطور وقال بنبرة درامية:

"إذن، بما أن الأمير الثالث العظيم قد عاد، هل سأحصل أخيرًا على إذن بالتقاعد؟ هل يمكنني الذهاب والعيش في جزيرة بعيدة بعيدًا عن كل هذا الهراء؟"

الإمبراطور لم يرد، فقط حدّق به لفترة، قبل أن يربت على رأسه كما لو كان مجرد طفل مشاكس.

"لا، ليو."

"تبا."

هذه المرة، لم يستطع راين كتم ضحكته أكثر، بينما إليوت فرك جبهته وكأنه يشعر بصداع قادم.

أما أدريان؟

حافظ على تعبيره المحايد… لكن ليونيل لم يكن بحاجة إلى النظام ليخبره أن الوضع لم يكن بهذه البساطة.

............

بدأ ليونيل بالتململ في حضن الإمبراطور، محاولًا تغيير وضعيته عدة مرات، قبل أن يتنهد بصوت عالٍ بشكل مبالغ فيه.

"حسنًا، لقد رأيت أدريان، رائع، الآن أعدني إلى سريري، أريد النوم."

الإمبراطور، بدون أي تعبير، قال ببساطة: " لا ."

ليونيل توقف للحظة، ثم أدار رأسه لينظر إليه بعبوس. "ماذا تعني بـ 'لا'؟"

"يعني لا."

"أنا لست بحاجة إلى حضور هذا الاجتماع، أليس كذلك؟"

"بل أنت بحاجة."

ليونيل زفر بضيق، ثم أسند رأسه على صدر الإمبراطور وكأنه قد استسلم. لكنه لم يستسلم حقًا، بل بدأ في تحريك قدمه ببطء وضرب الإمبراطور بها بخفة.

"أعدني إلى سريري."

الإمبراطور لم يرد.

"أعدني إلى سريري."

ما زال لا يوجد رد.

"أعدنـ—"

"اصمت، ليونيل." قال الإمبراطور بلهجة نهائية، لكن ليونيل لم يكن من النوع الذي يعرف متى يستسلم.

رفع رأسه ونظر إلى أدريان مباشرة.

"أخي العزيز، كم هو رائع أنك عدت! هل أنت متأكد أنك لا تريد مقعدي؟ أقسم أنه ليس مريحًا كما يبدو، خصوصًا عندما تكون محشورًا في حضن رجل بالغ."

أدريان لم يرد، فقط نظر إليه للحظة قبل أن يحوّل نظره بعيدًا مجددًا.

ليونيل رفع حاجبه. أوه؟ هل أنت تتجاهلني؟

ابتسم بخبث قبل أن يلتفت إلى راين، ثم إلى إليوت، ثم إلى أي شخص آخر في القاعة.

"هل نحن هنا فقط لنتأمل في وجه أدريان الوسيم؟ إن كان هذا هو الحال، فأنا متأكد أن هناك لوحات فنية يمكن أن تقوم بالمهمة بدلاً منا."

أخيرًا، تحدث أحد المسؤولين الموجودين هناك، بنبرة مشحونة بالاستياء.

"جلالة الإمبراطور، أرجوك، هذا الطفل لا يحترم المجلس. إن لم يكن لديه شيء مفيد ليقوله، فمن الأفضل أن—"

"أن أُطرد؟" قاطعهم ليونيل، ثم رفع رأسه بنظرة مليئة بالبراءة المصطنعة. " أوه، كم هو مؤلم أن يتم رفض وجودي!"

ثم التفت إلى الإمبراطور، وابتسم ابتسامة متكلفة.

" إذن، هل يمكنني العودة إلى سريري الآن؟"

بعد أن تلقى الرفض القاطع من الإمبراطور، لم يكن لدى ليونيل أي نية للتوقف عند هذا الحد. بل على العكس، قرر أن يجعل الموقف أكثر إزعاجًا للجميع.

رفع حاجبه ونظر إلى أدريان بابتسامة متكلفة. "أوه، كم هو رائع أنك عدت، أدريان! لكن لدي سؤال مهم… أين كنت طوال هذا الوقت؟ كنت مشغولًا جدًا لدرجة أنك نسيت أن لديك عائلة؟ أم أنك كنت تخطط لإلقاء خطاب درامي عند عودتك؟ شيء مثل… ’لقد عانيتُ كثيرًا، لكنني الآن أقوى وأفضل! احذروا أيها الحثالة، فأنا هنا لأخذ مكاني المستحق!‘"

أدريان لم يرد، لكن تعابيره تصلبت للحظة، بينما راين غطى فمه حتى لا ينفجر ضاحكًا.

إليوت أطلق زفرة طويلة، وكأن صبره بدأ ينفد. "ليونيل، توقف."

لكن ليونيل لم يكن ليستسلم بهذه السهولة. التفت إلى الإمبراطور ورفع يده كما لو أنه في قاعة درس. "جلالة أبي، سؤال! هل قررت بالفعل أي أمير سيكون كبش الفداء القادم؟ لأنني أرغب في ترشيح أدريان لهذه الوظيفة، فقط لأرى كيف سيكون رد فعله."

ساد الصمت للحظة، ثم قال الإمبراطور بصوت هادئ لكنه واضح: "ليونيل، هل تريدني أن أضعك في السجن؟"

ليونيل أمال رأسه، ثم أظهر تعبيرًا بريئًا مصطنعًا. "سجن؟! كيف يمكنك أن تهدد ابنك الوحيد المحبوب بهذا الشكل؟ أنا مجرد طفل صغير مسكين يقول الحقيقة فقط!"

إليوت لم يستطع التحمل أكثر، وانفجر ضاحكًا. حتى بعض الحاضرين أداروا وجوههم لإخفاء ابتساماتهم.

أما أدريان…

لم يكن هناك أي تغيير في ملامحه، لكنه بدا وكأنه يشد على أسنانه بصمت.

ليونيل لاحظ ذلك بالطبع، وزاد من استفزازه خطوة أخرى.

"تعرف، أدريان، لقد كنت أتساءل… هل تكرهني؟ لأنني إن كنت مكانك، لكنت كرهتني منذ زمن طويل!"

أدريان أخيرًا تحرك، نظر إليه مباشرة، وقال بصوت هادئ لكنه ثقيل بالمعاني:

"أنا لا أكرهك."

ليونيل رمش مرتين، ثم ابتسم بمكر. "أوه؟ إذن أنت تحبني؟ كم هذا لطيف! هل عليّ أن أناديك بأخي العزيز من الآن فصاعدًا؟ ربما حتى نشارك سريرًا مثل الإخوة المحبين لبعضهم!"

هذه المرة، كان من الواضح أن أدريان بدأ يفقد هدوءه. قبضته على الطاولة كانت مشدودة، ونظراته أصبحت أعمق، لكنها لم تعكس أي مشاعر واضحة.

الإمبراطور نهض من مقعده، واضعًا يده على رأس ليونيل، وضغط عليها قليلًا، وكأنه يحاول إيقاف تدفق الكلمات السامة التي تخرج منه. "ليونيل، يكفي."

ليونيل تنهد وأشاح بوجهه. "حسنًا، حسنًا، لقد فهمت… لا أحد هنا يقدر حس الفكاهة."

لكن في داخله، كان يستمتع بردود الفعل التي حصل عليها. أدريان لم يكن غير مبالٍ تمامًا… وهذا كان شيئًا يستحق المراقبة.

..............

"همم…؟" فتح عينيه ببطء وحدق في وجه الإمبراطور. "إلى أين نحن ذاهبون؟"

أجابه الإمبراطور بنبرة هادئة وهو يسير خارج القاعة: "إلى قاعة الإفطار. سنقيم إفطارًا عائليًا اليوم."

"…"

ليونيل حدق به للحظة، ثم أغلق عينيه مجددًا وتنهد بعمق.

"إفطار عائلي؟ يا لها من كارثة أخرى…"

وضع الإمبراطور ليونيل على كرسيه في قاعة الإفطار، بينما كانت العائلة الإمبراطورية تلتف حول الطاولة بشكل رتيب. كان الجو ثقيلًا، والحوار يتنقل بين أفراد العائلة، ولكن ليونيل كان في عالمه الخاص.

على الرغم من الجلسة الرسمية والمهيبة، رفض ليونيل تناول الطعام على الفور. كان قد قرر مسبقًا أنه لن يتنازل عن مقاومته لطبق الطعام التقليدي الذي أمامه.

"لن أتناول هذا." قال بوقاحة، مشيرًا بيده إلى الطبق أمامه. "أريد طعامًا آخر. شيء يعكس مستوى طعامي، لا هذا الهراء!"

ثم أضاف وهو يلتفت حوله: "ألا تستطيعون تحضير شيء أفضل؟ أم أن ذوقكم لا يتعدى هذا؟"

بينما كان الإمبراطور يراقب بلا تعبير، بدأ ليونيل يشتم الجميع في العائلة الإمبراطورية. على الرغم من محاولاته للحفاظ على وقاره، بدا أن الشتم خرج منه كالمعتاد، وهو يهاجم والدهم، إليوت، راين، وحتى أدريان الذي كان يلتزم الصمت.

لكن شيء غريب لفت انتباه ليونيل. طوال الوقت الذي كان يتكلم فيه ويسب الجميع، كان أدريان يتجنب النظر إليه بشكل ملحوظ. كانت عيناه لا تلتقيان بعينيه، وكان يحاول الابتعاد عن أي تفاعل بصري.

لماذا؟ لماذا يتجنبني؟

زادت حيرته مع كل دقيقة تمر. رغم أن أدريان كان ملكًا في الرواية، وكان دائمًا يتفاعل مع الجميع، لكن هنا كان يتجنب حتى مجرد التواصل البصري مع ليونيل.

"توقف عن التحديق بي، أليس لديك ما تفعله؟" قال ليونيل بشكل مفاجئ، بينما كان لا يزال يراقب أدريان بتساؤل.

أدريان رفع حاجبًا، لكنه أبعد نظره مجددًا، وهذا زاد من حيرة ليونيل.

................

بعد انتهاء الإفطار أخيرًا، حمل الإمبراطور ليونيل ووضعه في سريره كما لو كان طفلًا صغيرًا.

ليونيل، سعيدًا بعودته إلى مكانه المقدس، تمطط في سريره وأغمض عينيه. "أخيرًا، بعض الراحة…"

لكن راحته لم تدم طويلًا.

بعد دقائق فقط، سمع صوت خطوات هادئة تقترب من سريره.

فتح عينيه ببطء… ليجد أدريان واقفًا هناك، يحدق به بصمت.

ليونيل رمش مرتين، ثم أدار رأسه قليلًا. "…هل أنت شبح؟"

أدريان لم يرد، فقط استمر في التحديق.

ليونيل ضاق عينيه. "حسنًا، هذا مزعج. إن كنت تخطط لقتلي، فافعلها بسرعة حتى أتمكن من العودة إلى نومي."

أدريان ظل صامتًا، لكنه جلس على الكرسي بجوار السرير، واستمر في النظر إليه.

ليونيل، غير مرتاح لهذه النظرات، عبس وقال بوقاحة: "هل أنت هنا لتحدق بي حتى الموت؟ إن كنت بحاجة إلى شيء، تكلم."

لكن أدريان لم يرد، فقط استمر في النظر إليه.

لم يكن في نظرته غضب، أو كراهية… لكنه أيضًا لم يكن تعبيرًا لطيفًا.

كانت نظرة لا يستطيع ليونيل تفسيرها بسهولة.

لكن قبل أن يتمكن من التفكير في الأمر أكثر، شعر فجأة بشيء غريب…

جسده بدأ يسخن بشكل غير طبيعي.

"ما… هذا؟"

ثم، بدون سابق إنذار—

"آااااااه!!!"

صرخة ألم حادة شقت الغرفة، صادرة من ليونيل نفسه.

بدأ جسده يهتز، وشيء غريب بدأ يظهر على جلده… زهور حمراء!

كانت تلك الزهور تنمو من داخله، وكأنها تحاول تمزيقه من الداخل إلى الخارج.

تلوى ليونيل في سريره، أنفاسه متقطعة، ووجهه شاحب بشكل مخيف.

أدريان، الذي كان يراقب بصمت طوال الوقت، وقف فجأة، وجهه أخيرًا يُظهر تعبيرًا صادمًا!

"ليونيل…؟!"

لكن ليونيل لم يستطع الرد. الألم كان لا يُحتمل، ودموع لا إرادية تجمعت في عينيه بينما كانت الزهور تزداد انتشارًا على جسده.

ما الذي يحدث له؟!

.....................

"آااااااااه!!!"

صوت صراخ ليونيل ملأ الغرفة، جسده يتلوى بعنف فوق السرير، يده تمسك بالملاءات وكأنه يحاول التمسك بشيء يمنعه من الانهيار. كان الألم لا يُحتمل، وكأن شيئًا داخل جسده يحاول الخروج بالقوة!

لكن هذا لم يكن الجزء الأكثر رعبًا—

على جلده، حيث كان يُفترض أن تظهر الفراشات الذهبية المعتادة، ظهرت بدلاً منها زهور قرمزية تتفتح ببطء وكأنها تزدهر من جسده مباشرة.

هذا… ليس طبيعيًا.

أدريان، الذي كان يراقب في البداية بصدمة، تحرك أخيرًا بسرعة. لم يهتم كثيرًا بكونه قد تجنب ليونيل طوال الوقت—الآن، الأولوية كانت لإنقاذه.

اقترب من السرير، صوته حاد وهو يصرخ: "راين! إليوت! الطبيب الملكي! والدي—تعالوا حالًا!"

لم تمضِ سوى لحظات حتى فتح الباب بقوة، ودخل الإمبراطور أولًا، عيناه الذهبية توسعتا فور رؤية الحالة أمامه.

إليوت تبعه، لكن بمجرد أن رأى الزهور القرمزية، تجمد للحظة، بينما راين بقي صامتًا كعادته، لكن وجهه كان قاتمًا.

أما الطبيب الملكي، فعندما رأى جسد ليونيل، شهق بصدمة، وتمتم بصوت مرتجف: "كيف…؟ لماذا الزهور القرمزية…؟"

الإمبراطور لم يكن بحاجة إلى سؤال الطبيب ليعرف أن هذا لم يكن طبيعيًا. لم يكن هذا مجرد مرض ليونيل المعتاد، كان هناك شيء مختلف هذه المرة.

اقترب بسرعة وجلس عند السرير، يده امتدت إلى جبين ليونيل، لكن بمجرد أن لمس بشرته، شعر بحرارة غير طبيعية!

" ليونيل !" ناداه بصوت صارم لكنه محمّل بالقلق.

لكن ليونيل بالكاد كان قادرًا على إبقاء عينيه مفتوحتين. أنفاسه كانت ضعيفة، وتوسعت حدقتاه وكأنه لم يكن قادرًا على التركيز على شيء محدد.

"هذا… مختلف عن نوباته السابقة."

كان الإمبراطور قد اعتاد رؤية ليونيل يعاني بسبب مرضه، لكنه كان يعرف أن الفراشات الذهبية تظهر عادة عندها… فلماذا الآن ظهرت زهور قرمزية؟

هل هذا تطور طبيعي للمرض؟ أم أن هناك شيئًا آخر يحدث داخل جسد ابنه؟

إليوت، الذي كان يقف بجانب الطبيب، قال بنبرة متوترة: "لماذا تغيرت الأعراض؟ هل هناك تفسير لهذا؟"

الطبيب هز رأسه، ملامحه مضطربة. "لا… لا أعلم. هذا… لم يحدث من قبل!"

أدريان، الذي بقي يراقب بصمت حتى الآن، أخيرًا اقترب من السرير، عينيه مثبتة على ليونيل.

" إنها لا تبدو كعلامة جيدة ." تمتم بصوت منخفض.

الإمبراطور لم يرد عليه، لكنه أدار رأسه إلى الطبيب وأمره بصرامة: "عالجه الآن."

الطبيب لم يحتج إلى المزيد من الكلمات. هرع بسرعة إلى عمله، بينما بقي البقية يراقبون ليونيل الذي ما زال يتلوى بألم، الزهور القرمزية تستمر في التفتح على جلده، وكأنها تحمل سرًا لم يُكشف بعد.

.................

"أوقفوا هذا… حالًا!"

كان صوت الإمبراطور أشبه بزئير وحش غاضب، مما جعل الأطباء والطبيب الملكي يقفون في حالة من الذعر المطلق. لم يكن هناك مجال للخطأ—ولم يكن هناك وقت!

ليونيل، الذي كان يتلوى فوق السرير، لم يعد يستجيب لمن حوله. صراخه لم يتوقف، وصدره كان يعلو ويهبط بعنف كما لو كان جسده يحترق من الداخل. لكن الشيء الأكثر رعبًا هو الزهور القرمزية التي استمرت في التفتح فوق جلده، وكأنها نبتت من دمه نفسه!

كان هذا خارج نطاق أي شيء واجهه الأطباء من قبل—ولهذا، لم يكن هناك وقت للتردد!

رفع الإمبراطور رأسه وحدّق في الطبيب الملكي بعينيه الذهبية المتوهجة، ثم أشار إلى الحراس: "استدعوا جميع السحرة الملكيين وجميع الأطباء في القصر! فورًا!"

"ن-نعم، جلالة الإمبراطور!" انطلق الحراس على الفور، ولم يستغرق الأمر سوى دقائق قبل أن تملأ الغرفة أصوات الأقدام المتسارعة.

دخل السحرة الملكيون واحدًا تلو الآخر، بينما تدفق الأطباء بسرعة، كل واحد منهم يحمل أدواته وسحره، وجميعهم ينظرون إلى المشهد بصدمة ظاهرة.

لكن قبل أن يتمكن أي منهم من الكلام، دوى صوت الإمبراطور في القاعة مجددًا—

"إن لم توقفوا هذا فورًا… فسأقطع رؤوسكم جميعًا!"

كانت كلماته باردة، لكنها حملت تهديدًا حقيقيًا جعل الجميع يبتلعون ريقهم. لم يكن هذا مجرد غضب إمبراطوري—كان تهديدًا حقيقيًا.

"ليونيل لن يموت! هل تفهمون؟ افعلوا أي شيء… لكن أوقفوا هذا فورًا!"

ردود الفعل المتباينة... والخوف الحقيقي!

راين كان واقفًا بجانب الحائط، يضغط على قبضته بقوة، ووجهه بدا شاحبًا على غير العادة. كان يعلم أن مرض ليونيل دائمًا ما كان خطيرًا، لكن هذا… كان شيئًا آخر.

"هذا ليس طبيعيًا…"

"ما الذي يحدث ؟"

أما اليوت ، فظل ساكنًا كعادته، لكن هذه المرة، لم يكن ذلك بسبب لا مبالاته المعتادة. كان يحدق في الزهور القرمزية التي تفتحت فوق جسد ليونيل، عينيه تضيقان كما لو كان يحاول فهم الأمر.

"لماذا أشعر بأن هذه الزهور… ليست مجرد أعراض مرض؟"

"هذه ليست مجرد لعنة… هناك شيء آخر هنا!"

أما أدريان، فقد وقف عند طرف السرير، عينيه الذهبية لم تفارق وجه ليونيل الذي بدا وكأنه يتألم بشكل لا يُطاق. للحظة، بدا أن تعابيره كانت محايدة كعادته، لكنه لم يكن قادرًا على إخفاء القلق في عينيه.

ثم، ببطء، رفع يده ووضعها فوق إحدى الزهور القرمزية.

"إن كان هذا مرضًا، فلماذا… أشعر وكأن هذه الزهور ليست عدائية؟"

لكن قبل أن يتمكن من التفكير أكثر، شهق فجأة—

"هاه؟!"

تحركت الزهور القرمزية ببطء، كما لو أنها استجابت للمسة أدريان.

"ما هذا…؟!"

لكن لم يكن هناك وقت للتفكير—لأن ليونيل، الذي كان فاقدًا للوعي تمامًا، فتح فمه فجأة وأطلق صرخة لم تكن بشرية على الإطلاق!

2025/07/05 · 24 مشاهدة · 2993 كلمة
روزي
نادي الروايات - 2025