43 - أين أختفى من كان يوقظني؟

[جناح الضيوف – صباح اليوم التالي]

استيقظ ليونيل متأخرًا.

كان جسده ثقيلًا، رأسه ينبض بخفة، وشعره مبعثر بطريقة تعكس حربًا أهلية حدثت على وسادته. لعدة ثوانٍ، حدق في السقف بتعب، قبل أن يدرك شيئًا مهمًا جدًا:

" لم يوقظني أحد…"

توسعت عيناه ببطء.

" أين صوت أدريان وهو يتنفس بقربي كأنه أمّي في حياة سابقة؟!"

حاول النهوض بسرعة، لكنها كانت فكرة غبية تمامًا. جسده خانه، توازن معدوم، وركبة يسار أعلنت استقالتها. فبدأ يتهاوى بتمايلٍ بطولي.

" آه —!!" تمسك بأقرب شيء يمكن أن يُسمّى أثاثًا، وكان ذلك الدرج الصغير قرب السرير.

بصعوبة، وبكثير من التذمر والشتائم الهمسية، وقف. نظر إلى المرآة، ثم إلى ملابسه المتعرقة، ثم إلى نفسه في المرآة مجددًا:

" ما هذا؟… هل هاجمتني قطة أثناء النوم ؟"

غيّر ملابسه ببطء، وارتدى شيئًا بسيطًا: قميصًا فضفاضًا وسروالًا شبه ناعم، بالكاد تمكن من غلق أزراره.

خرج من الغرفة ببطء، وهو يتمسك بالحائط كأنه يتعلم المشي مجددًا. مرّ بأحد الخدم وقال بصوت لا يتناسب مع تعبه:

" أين... أين الأمير أدريان؟"

الخادم نظر إليه بارتباك: " لم نره منذ البارحة يا سيدي…"

ليونيل وقف مكانه، يرمش ببطء.

" لم تروه؟ كيف يعني لم تروه؟! ألا يطفو على المكان أينما ذهب؟!"

تابع مشيه بتخبط، يهمهم لنفسه، وجهه شاحب كالعجين غير الناضج. حين كاد يسقط مرة أخرى، امتدت يد قوية وأمسكته بثبات.

" سيدي الصغير، أنت تترنح كحصان صغير خرج من البيضة."

كان المتحدث رجلاً طويل القامة، عريض المنكبين، يلبس درعًا خفيفًا مطعّمًا بشعار الإمبراطورية. كان هذا رئيس فرسان الحراسة المرافقين للأميرين، السير "

غاريث

".

" ماذا تفعل خارج غرفتك وأنت بالكاد واقف ؟" قالها بنبرة شبه مرحة وهو يثبّت ليونيل وكأنه طفل يتعلم ركوب الدراجة.

" أبحث عن أدريان. كان يوقظني دومًا، يحمّلني من السرير ككيس بطاطا مدلل… الآن لا أثر له!"

غاريث عقد حاجبيه، ثم قال: " هو لم يظهر منذ الليل. حسب علمي لم يغادر القصر…"

ليونيل رفع إصبعه ليقول شيئًا عبقريًا، لكن كل ما خرج منه كان: " المخدة بردت بدونه."

"..."

سحب غاريث نفسًا عميقًا، ثم أخبره: "المهرجان سيكون هذا المساء. أنصحك بالراحة حتى ذلك الحين."

لكن ليونيل أصر: " لا. لن أستطيع الوقوف على منصة المهرجان وأنا لا أعرف أين ذهب ذلك المعتوه الذي يشدني من ياقة قميصي كل صباح."

اقترب أحد الخدم من غاريث وهمس له، فأومأ الأخير وقال:

" سمو الامير ليونيل، سأقوم بإرسال بعض الفرسان للتفقد. دعني أساعدك للعودة لغرفتك."

ليونيل تمسك بذراع غاريث وكأنه خشي أن يُترك وحيدًا. وسار بخطوات قصيرة متهالكة.

"إذا مات، فأنا من يرث وسادته المخملية، صحيح؟"

غاريث ضحك بخفة، وعلّق: " وإذا عاش، سيجعلك تنام على الأرض لأسبوع كامل."

كرات سحرية كانت لا تزال تنبض حول القصر بطاقة خافتة، تخفي آثار السحر المظلم.

في الأعماق، خلف ثلاث بوابات سحرية وصمت ثقيل، كان أدريان لا يزال مقيدًا بالسلاسل، يراقب البارون وملك الأشواك وهما يتحادثان.

لكنه لم يكن ساكنًا.

بعيناه، كان يرسم تعاويذ ذهنية معقدة، يجهز خطة للهروب.

" تمسّك يا ليونيل… سأخرج قبل أن تضيع وسادتي فعلًا."

غاريث، قائد الفرسان، لم يجد حلًا أكثر من حمل ليونيل بنفسه.

" لا أنت أول أمير أحمله، ولا ستكون الأخير... وإن كنت الأخف وزنًا، بلا فخر."

قالها وهو يرفعه بذراعين راسختين، بينما ليونيل يتذمر بصوت خافت: " لا تعاملني ككيس بطاطا… أنا مريض فقط، ولست طفلًا مبلولًا."

"كيس البطاطا على الأقل لا يتكلم كثيرًا." تمتم غاريث.

عاد به إلى غرفة الضيوف، حيث السرير الكبير الذي تركه ليونيل قبل قليل بصعوبة وبطولة. وضعه بلطف عليه، ثم غطاه بلحاف خفيف وهو يرفع حاجبه الأيسر:

" استرح، سأرسل الفرسان لتفقد كل زاوية في هذا القصر إن لزم الأمر."

أشار بيده، وعلى الفور تحرك الفرسان الذين كانوا ينتظرون في الرواق. أصوات دروعهم تختلط مع وقع أقدامهم الحاسمة.

وقبل أن يغادر، دخل البارون دالبرين بخطوات هادئة وابتسامة مصطنعة.

" آه، سمو الأمير الصغير، هل شعرت بالقلق؟ لا داعي لذلك، الأمير أدريان خرج في وقت باكر لتفقد ترتيبات المهرجان بنفسه. أراد أن يكون كل شيء مثاليًّا لأجلكم."

ليونيل نظر إليه بلا تعبير، شاحب الوجه، عينيه نصف مغلقتين لكنه صاحي، ومد يده قليلًا ناحية غاريث. ثم بصوت مبحوح:

" أكاذيب ..."

ارتبك البارون للحظة.

" سيدي… أنا أؤكد لك—"

لكن ليونيل لم يستمع، بل دفن وجهه في صدر غاريث الذي وقف بجانبه، صامتًا.

كان التصرف مباغتًا، حتى لليونيل نفسه، لكنه لم يتحرك. جسده يتعب، لكنه قلبه لم يتعب من القلق.

" إنه لا يتركني دون أن يخبرني... لم يفعلها من قبل... إنه ليس على ما يرام."

غاريث، بتعبير جامد لأول مرة، وضع يده على رأس ليونيل بلطف:

" سنجد أخاك، أعدك."

ثم نظر إلى البارون، عينيه حادتين كالسيوف: " لكننا لن نرتاح حتى نتحقق من كل شيء، وكل شخص."

البارون ابتسم بتوتر وأومأ: " بالطبع... بالطبع، تفقدوا ما شئتم."

وبينما كانت خطوات البارون تبتعد في الممر، همس غاريث لنفسه:

" تصرفك مريب يا دالبرين… وسمو الأمير لن ينام مطمئنًا قبل أن يعود شقيقه."

--- حلّ المساء، ومعه أتى الخدم ليقوموا بالمهمة المستحيلة: تجهيز ليونيل للمهرجان.

" أرجوك، سمو الأمير، لا تتحرك كثيرًا !"

قال أحدهم وهو يحاول إقناع ليونيل بإدخال ذراعه في كم المعطف.

" هذا كم... أم زنزانة ؟" تذمر ليونيل وهو يحاول ألا يتعثر في سروال الحفل الذي بالكاد يشعر بأنه يرتديه.

كان الخدم يتحركون حوله كالنحل، يثبتون ياقة القميص، يلمّعون الحذاء، ويمشطون شعره بحذر كأنهم يتعاملون مع قنفذ مستيقظ من سبات.

لكن في خضم هذا كله، ليونيل لم يكن حاضرًا فعلاً.

( هل هذه عقوبة؟ لأنني لم أفتح فمي حين رأيت النظام يحذرني؟ هل النظام… يعاقبني؟)

رفع نظره نحو مرآة الزينة أمامه، وحدق في وجهه الذي بدا شاحبًا بعيون قلقة.

( أدريان لم يختف بهذه الطريقة من قبل… هو من يوقظني، من يسحبني من السرير، من يربط لي الحذاء كأنني دمية ناعسة…)

تنهد، ثم نهض فجأة، متجاهلًا اعتراضات الخدم، وأزاح الستائر الثقيلة ليواجه هواء الليل.

" إلى الجحيم بالمهرجان. سأجد أخي… حتى لو اضطررت لشراء سحر تتبع من هذا النظام البخيل."

[بهو القصر – بعد دقائق]

كان يسير بخطوات متعثرة، يمسك الجدار بيده اليسرى، ويتنفس بثقل.

( أنا بحاجة إلى دعم، نظام... افتح المتجر، وكن لطيفًا، رجاءً.)

ظهر أمامه الوميض الأزرق المعتاد، يتشكل في قائمة شفافة بعنوان: [ متجر الأدوات السحرية المحدود للنظام الغامض وذو النوايا المشبوهة]

(حقًا؟ هذا اسم المتجر؟)

تجاهل الاسم، وبحث سريعًا عن فئة "تتبع سحري"، ووجد العنصر المطلوب:

> تعويذة تتبع سحر مخصصة – تتيح تحديد موقع شخص بناءً على رابط عاطفي أو سحري. السعر: 150 نقطة نظام، أو… خدمة واحدة محرجة علنية.

ليونيل تجمد.

( خدمة محرجة؟ علنية؟ هل تعني… الرقص في الساحة مثلاً؟ قراءة الشعر؟ لبس زي أرنب؟)

ضغط على خيار النقاط، لكنه فوجئ برسالة جديدة:

> رصيدك الحالي: 40 عملة. هل ترغب في النصب على النظام باستخدام مهارات التفاوض؟ [نعم] / [لا]

ابتسم ليونيل بخبث نادر، وضغط: [ نعم ]

كارِثة ظهر وهو يرتدي نظارات شمسية وكأنه على شاطئ، ورفع حاجبه بخفة:

" أوه، الأمير الكسول قرر أخيرًا استخدام مهارة الإقناع؟ من المؤسف أننا لا نقبل البطاطا أو الدراما كوسيلة دفع."

"أنا لا أطلب الكثير، فقط تعويذة تعقب… وسأقوم بإضافة تقييم إيجابي لمتجركم."

"كاذب."

"حسنًا، لن أضيف تقييم سلبي…"

كارِثة تنهد، ثم قلب كتاب النظام:

" سأمنحك خصمًا مؤقتًا لأنك… ببساطة، تبدو يائسًا بطريقة مثيرة للشفقة."

> تم تفعيل التعويذة! الموقع المكتشف: تحت الأرض – منطقة محجوبة سحرية.

انطفأ الوميض، وعادت ليونيل إلى الواقع. فتح عينيه ببطء، وكان لا يزال يمسك بالحائط، لكنه الآن يعرف الاتجاه.

" أدريان… أنا قادم. فقط… دعني أرتاح ثلاث دقائق أولاً."

---

[ممر القصر – مساء مهرجان القمح]

كان ليونيل يسير مترنحًا، يجر جسده كأنه حقيبة سفر تالفة، يده اليمنى مسنودة على الجدار، ورأسه يتأرجح بين الوعي والدوار.

(لو أن هذا الجدار كان يحتوي على خاصية النقل الفوري... كنت ضغطت عليه بجبيني واختفيت من هذه المسرحية.)

وفجأة، خرجت شخصية من ظلّ الزاوية… السيدة ميلينا، زوجة البارون.

كانت ملامحها متوترة، عيناها تمتلئان بخليط غريب من الخوف والتصميم، لكنها حافظت على ابتسامتها المجاملة كما تفعل زوجات النبلاء في المآسي.

" سمو الأمير ليونيل ..." قالت بصوت ناعم، " أحتاج إلى أن أتحدث إليك، الآن، قبل فوات الأوان."

(هل كل شخص في هذا القصر يختار وقت انهياري الجسدي ليكشف لي أسرار حياته؟)

ردّ بتعب وهو لا ينظر إليها: " إذا كان الحديث يشمل خيانة، تعاويذ قديمة، أو شيء فيه كلمة 'بوابة'، فأنا لا أريد سماعه."

لكنها اقتربت أكثر، وأمسكت بذراعه بلطف. " زوجي، دالبرين، خائن. لقد استدعى أحد ملوك الشياطين… ملك الأشواك."

عند سماع الاسم، توقف ليونيل عن المشي.

" جميل... إذًا، كان هذا الشعور اللطيف في معدتي بسبب ملك الشياطين، وليس الإفطار ."

أكملت ميلينا: " أعلم أن هذا سيكلفني حياتي، لكن... أريد تأمين مستقبل ابنتيّ. إذا ساعدتك في فضح الأمر، هل تَعِدني بتبرئتهن؟ لا ذنب لهن."

ليونيل رمقها بنظرة خاوية.

"...إن متّ بسبب هذا، فسوف أزوركِ كشبح وأخيف بناتك كل ليلة."

قالها ثم تابع: " افرغي القصر من الخدم. قولي لهم إن هناك خطرًا سحريًا. بعد ذلك، اجمعي فرسان القرية وعودي. أنا سأحاول… النزول."

" وإلى أين ؟" سألتها بقلق.

" إلى حيث توجد رائحة الأشواك… والغباء الملكي."

---

[سلالم القبو]

بدأ ليونيل بالنزول ببطء، وكل خطوة تبدو كأنها نُحتت في عظامه. قبضته تلتف على المقبض الخشبي للدرج، ووجهه شاحب كالثلج.

( هذا النظام الحقير… بدل أن ينبهني بطريقة لطيفة، اختطف أدريان! أنا متأكد… دالبرين هو السبب. كنت أعلم أن شاربه المنمق يخفي شيئًا شريرًا.)

ظهرت أمامه نافذة من النظام:

> "أحسنت اتخاذ القرار الأخلاقي. تم منحك +5 للكرامة، و-20 للطاقة."

"...أكرهك." تمتم وهو يدوس الخطوة التالية.

فجأة، ضحك النظام بصوت مسموع – ضحكة خفيفة، رنانة، مليئة بالتهكم.

> "نتمنى لك التوفيق."

" لو كنتَ تملك وجهًا، لكنتُ صفعته بالحذاء الآن."

---

[القبو السري – تحت قصر البارون]

كان الجو في القبو ثقيلاً، مزيج من البخور الحارق، ورائحة السحر الفاسد، والدم المجفف. دائرة سحرية متقنة محفورة في الأرض، متوهجة بنور بنفسجي خافت، تحيط بالأمير أدريان، الذي كان مقيّدًا بقيود سحرية من الفئة الثالثة – تلك التي تُصنع خصيصًا لتحييد السحرة من الطبقات العليا.

كان جالسًا على ركبتيه داخل الدائرة، يتصبب عرقًا من الألم. جسده مقيد بسلاسل مانا شفافة تنبض على إيقاع قلبه. عيناه تحدقان ببرود إلى الرجلين أمامه:

البارون دالبرين… وخلفه يقف كيان لا ينتمي للعالم البشري، بهيئة بشرية جزئيًا، لكنه مغطى بأشواك سوداء تتحرك ببطء كما لو كانت تتنفس. عيونه عميقة كأرضٍ احترقت آلاف المرات… ملك الأشواك.

قال البارون بصوت خافت وهو ينظر إلى الدائرة: " أنت لن تقتله، كما وعدت.."

ردّ ملك الأشواك، صوته جاف كأنه صدى مقبرة:

"أنت لا تفهم… لن أقتله. سأستخدم جسده فقط… كبوابة. لفتح معبر ، في قلب العاصمة."

" لكن... هذا لم يكن ضمن اتفاقنا !" ارتبك البارون، صوته يرتجف قليلاً.

" أوه، بل كان. فقط لم تقرأ الشروط المكتوبة بـ... دمي." ابتسم الكائن وهو يخطو نحو الدائرة.

وقبل أن يلمسها، صرخة مؤلمة قطعت أجواء الغرفة:

"آااااه!!! ساقي!!!"

دحرجة.

سقوط.

ثم " كركعة " خشبية مدوية.

التفت الجميع بسرعة، ووقع نظرهم على جسم بشري ملتف بطريقة كوميدية – ساقه مثنية بزاوية غير قانونية، ووجهه مدفون في بلاط القبو.

ليونيل.

رفع رأسه ببطء وقال: "هاه... وصلت... قبل النهاية… جيد؟"

ظهر نافذة النظام، وكأنها تنتظر لحظة إذلاله لتزهر مثل زهرة شريرة:

> "لقد استخدمت تقنية السقوط السريع من السلالم +2! نقاط الصحة: -30، الكرامة: -100."

" أكرهك ." قالها ليونيل دون أن يرفع عينه.

نظر إليه أدريان من داخل الدائرة… صدمة واضحة في عينيه: " ليونيل… لماذا أنت هنا؟! كان يجب أن تبقى في السرير!"

ردّ ليونيل وهو يحاول رفع نفسه باستخدام ذراعه الوحيدة المتبقية في الخدمة: " آه، نعم، كان يجب. (لكن النظام قرر أن يجعلني بطل رواية درامية… وأنا مجرد رجل كسول كان يريد أكل الكعك والنوم .")

قال ملك الأشواك وهو يراقبه بنظرة تحليلية: " وهذا هو الوريث الآخر؟ يبدو… هشًا."

أجاب ليونيل وهو ينهض بصعوبة: " أنا هش… لكنّي ملعون( بنظام مزعج، ومزود بعدد غير قانوني من النوايا السيئة.")

رفع يده المرتجفة، وظهر أمامه متجر النظام. شاشته تتلألأ بخيارات سحرية.

( النظام، اعطني شيئًا رخيصًا، عنيفًا، وموجه ضد كائنات تشبه سلطة الأشواك.)

> "تم شراء تعويذة تتبع عشوائي. تمت إضافة تأثير جانبي: نزيف داخلي."

"...طبعًا."

ارتعشت الأرض فجأة. الدائرة السحرية بدأت تتوهج أكثر. ملك الأشواك ابتسم.

لكن ليونيل، رغم رجفة جسده، مد يده للأمام – ليس بثقة، بل بعناد.

" أبعد يديك عن أخي… أيها النبات الملعون."

---

[قبو دالبرين – دقائق بعد سقوط ليونيل]

كان الألم يعتصر جسده. ساقه الملتوية أرسلت موجات من العذاب كلما حاول تحريكها. الأرض تدور، معدته تتمرد، وحرارة الجو مع رائحة السحر الآسن – تلك الرائحة المميزة التي كانت دائمًا تسبق انهيارًا سحريًا أو انفجار مانا – جعلته يختنق بغثيان متصاعد.

رائحة أدريان. كانت مانته تتسرب عبر أرجاء القبو… مألوفة، لكنها في هذه اللحظة كانت فاسدة… مضطربة… مختلّة.

" تبًا …" تمتم وهو يضغط على جبينه المرتجف، " رائحته… كأن جسده يتمزق من الداخل."

تسلل صوت متكلف ناعم خلفه، كان صوت البارون دالبرين، يقترب بخطى واثقة: " لا تتحرك، صاحب السمو. لا داعي للألم… سنشرح لك كل شيء حين تنام."

ليونيل بصق على الأرض، ابتسم بمرارة وهو يتمسك بالأرض بيد واحدة، ثم فجأة… مدّ يده الأخرى والتقط سيفًا قديمًا كان مسنودًا إلى برميل مائل قرب الجدار.

رفعه بصعوبة، بالكاد يثبت السيف أمامه، يده ترتجف، جبينه يتصبب عرقًا، لكنه نظر للبارون بابتسامة ساخرة وقال:

" اقترب أكثر يا دالبرين… سأسميك وجبة استثنائية (للنظام.)"

توقّف البارون، نظراته الحذرة لم تخفِ امتعاضه، ثم قال وهو يضحك: " أنت لا تستطيع حتى الوقوف."

أجابه ليونيل بتنهيدة وهو يحاول أن يسند نفسه على الحائط: " نعم… لكن لدي سيف. ودراما. وأنا أمير. على الأقل أعطني فرصة مشهد بطولي واحد."

من داخل الدائرة السحرية، صاح أدريان، صوته محموم: " ليونيل!! لا تكن غبيًا! اهرب! لا يمكنك مواجهتهم!"

لكن ليونيل لم يتحرك، بل نظر إليه وقال بابتسامة : "هربت مرة. لم يساعدني بشيء. هذه المرة سأبقى… على الأقل أستطيع تأخيرهم."

"سيقتلونك!!" صرخ أدريان، وقيده يهتز من محاولاته كسر السحر.

" هذا محتمل. لكنني سأشتمهم قبلها، على الأقل."

---

ملك الأشواك راقب المشهد بصمت، رأسه المائل يكاد يعبر عن فضوله، ثم قال للبارون: "اسمح له. أريد أن أرى… إن كانت هذه الإرادة البشرية التي يخبروننا عنها، موجودة فعلًا."

البارون تردد، لكن ببطء، عاد خطوة للخلف.

أما ليونيل… فتنفس ببطء، رفع السيف بيده المرتجفة.

(" هيا يا نظام… لا تخذلني الآن… أعطني أي شيء… أي شيء غير الغثيان والموت.")

> [نظامك استجاب: تأثير "عزم الكسالى" تم تفعيله – دفاع +10 عند الجلوس أو الاتكاء، إرادة +15 عند الجدل العقيم، هجوم +5 عند التهديد بسيف دون تدريب.]

"...ما هذا؟ هل هذه مزحة؟"

---

لكن رغم ذلك، ثبت السيف، نظر إلى ملك الأشواك، ثم للبارون، وقال بصوت منخفض لكنه ثابت:

"لن تلمسوه."

عيناه كانت ترتجفان… لكنهما كانتا مليئتين بالجنون الصادق.

[قبو دالبرين – بعد دقائق من التهديد الغبي بالسيف]

كان ليونيل لا يزال واقفًا… بالكاد. ساقه الملتوية تؤلمه كأن شياطين صغيرة ترقص بداخل عظامه، ويده التي تمسك بالسيف ترتجف كما لو أنها لم تمسك شيئًا أثقل من ملعقة منذ ولادته.

ومع ذلك، حدّق في البارون دالبرين كما لو أنه فارس أسطوري… وليس أميرًا مريضًا بنقطة صحة واحدة وعناد مفرط.

تمتم ليونيل في داخله وهو يفتح قائمة نظامه المهترئة:

> [ الحالة الصحية: 13/100] [النقاط المتبقية: 13]

[هل ترغب باستخدام كل نقاط الصحة المتبقية لزيادة مؤقتة في السرعة والقوة؟] [تحذير: هذا قد يؤدي إلى انهيار داخلي كامل وشعور دائم بالغباء الوجودي.]

ليونيل ضغط على: [ نعم، أيها الحثالة .]

فورًا، تدفق شيء ما في عروقه… غضب؟ طاقة؟ ألم مضاعف؟ لم يعرف، لكنه صاح:

" أآآآخ! هذا ليس تعزيزا! هذا تعذيب بالمقلوب!"

لكنّه تحرك.

بسرعة لا تشبهه، انطلق بجسده المنهك، السيف مرفوع كفرشاة تنظيف، وعيناه تصرخان "إذا متُّ، فليكن عرضًا كبيرًا!"

البارون بالكاد رفع حاجبه، لكنه تفاجأ بسرعة الهجوم. في لحظة، اقترب منه ليونيل وهو يصيح كأحد المهووسين:

" هذه من أجل سريري المزعج في القصر!!"

طعن السيف…

اخترق جنب البارون، دم دافئ تناثر، وصرخة مفاجئة هزّت القبو.

ملك الأشواك ضحك بصوت خافت، جلس على صخرة سحرية، وبدأ يصفق كأنه في مسرح:

" جميل… ممتع… لم أتخيل أن البشر ممتعون هكذا عندما يكونون أغبياء."

أدريان صرخ: " ليونيل!! تراجع!!"

لكن قبل أن يتراجع أو حتى يتنفس… ركلة.

جاءت قاسية، مدمرة، من البارون الغاضب مباشرة إلى صدر ليونيل.

جسد الأمير طار، اصطدم بجدار القبو، وانهار ككومة بطانيات فاخرة.

صوت تحطم شيء داخله سُمع بوضوح.

سعل ليونيل، لعق طعم الدم، وتمتم وهو بالكاد يرفع رأسه:

" حسنًا… تقييمي لهذا القتال؟ صفر من عشرة. لا أنصح به."

ركض أدريان نحو حدود الدائرة السحرية، جسده يهتز غضبًا، عروقه تنتفخ، وصرخ:

" دالبرين… سأقتلك ببطء."

لكن البارون كان ينزف أيضًا، يضغط على جرحه، نظر لملك الأشواك وقال:

"استخدمه الآن… قبل أن ينهار."

ملك الأشواك ابتسم، ثم اقترب من ليونيل وهو ممدد كطائر مسحوق، وانحنى فوقه:

" كنت ممتعًا. أعجبني صراخك. هل تمانع لو أخذت قلبك؟"

ليونيل تمتم، وهو يرفع إصبعه المرتجف:

" فقط… لا تلمس وجهي. لقد عانيت كثيرًا ليبدو بهذا الشكل…"

ثم فقد وعيه.

غضب .

كان كل ما يراه أدريان.

لون أحمر، نيران، ووجه أخيه مضرج بالدماء وملامحه الهادئة مشوهة بالألم.

وقف داخل الدائرة السحرية وهو يشد أنفاسه بصوت ثقيل، القيد الذي يقيّد ماناه بدأ يتشقق، والدائرة من الفئة الثالثة التي لم تكن تُكسر إلا عبر طقوس طويلة... بدأت بالاهتزاز.

ملك الأشواك كان يتقدم نحو ليونيل، أنيابه تلمع، يده ممتدة.

لكن صوت أدريان اخترق السكون:

" ابتعد عنه."

ملك الأشواك لم يلتفت، تمتم فقط:

" انظر من يتحدث، الأسير في قيده. لا تقلق، سأجعلك تشاهد."

لكن أدريان لم ينتظر.

شدّ جسده دفعة واحدة… وانفجرت الدائرة.

رموزها احترقت وانمحت، والقيد على يده تحطم بصوتٍ مرعب. و… في رمشة عين…

ركلة نارية ضربت وجه ملك الأشواك مباشرة!

صوت ارتطام عنيف تبعه تطاير شظايا من الظلام، سقط فيها ملك الأشواك على الأرض مزمجرًا.

أدريان لم ينتظر. ركض نحو ليونيل، رفعه بحذر واحتضنه، صوته يرتجف:

"أنا آسف… جئت متأخر."

همسة بالكاد خرجت من فم ليونيل وهو فاقد للوعي:

"لك رائحة عرق…"

ابتسم أدريان، ثم وضعه جانبًا بلطف، واستدار ببطء.

ملك الأشواك نهض، مسح الدم من فمه، نظر نحو أدريان:

" أوه… ساحر من المرتبة الأولى، غاضب؟ هذا سيكون ممتعًا."

وانطلق القتال.

اندفعت سكاكين من الأشواك السوداء، مزقت الهواء، لكن أدريان لوّح بيده وظهر درع مانا شفاف صدها.

" أنت من ذلك النوع القديم، صحيح؟ فخور بقرونه وأشواكه وتقاليده؟"

قال أدريان وهو يشحن ماناه.

" وأنت من النوع الحديث، المتغطرس والدرامي." قال ملك الأشواك وهو يرسل رمحًا مكوّنًا من العظام السوداء.

لكنه لم يصب.

لأن أدريان لم يكن هناك.

" وراءك ."

لكمة مانا مباشرة لظهر ملك الأشواك، دفعته للأمام، لكن لم يسقط.

ملك الأشواك غرس يده بالأرض، فتحت قنوات من الأشواك والظلال تحت أقدام أدريان، حاولت شل حركته.

لكن أدريان قفز في الهواء، وبحركة ساحقة، صرخ:

"انفجار !"

مانا بيضاء نقية انفجرت من راحته، دمرت الأشواك، وزعزعت الأرض.

ملك الأشواك صاح، قفز بعيدًا، وبدأ يفتح فكيه، يكوّن هجمة سحرية ضخمة محملة بصرخات .

لكن أدريان كان أسرع.

ركض على الجدران كأن الجاذبية لا تعنيه، ثم قفز وسط تلك الطاقة السوداء.

" لا تفتح فمك أكثر من اللازم!"

وركله ثانية في وجهه.

تحطم فم ملك الأشواك جزئيًا، وقذفته الركلة إلى عمود حجري.

تناثرت الأشواك.

انهارت طاقة الطقوس.

البوابة التي كانت تُبنى في الخلف بدأت ترتج وتنهار.

وقف أدريان، جسده ملطخ بالدم والتراب، يتنفس بصعوبة، ثم أطلق تحذيرًا:

" إن لم تختف فورًا… لن تبقى لك أشواك تُعلق بها جثتك."

ملك الأشواك زأر، لكن أدريان حطم الأرض بكفّه، وأطلق سلسلة انفجارات مانا بيضاء.

فجأة، اختفى ملك الأشواك في دوامة من الظلال، تاركًا وراءه صرخة شيطانية:

" سأعود… أيها الحقير البشري …!"

أدريان عاد إلى ليونيل، احتضنه مجددًا.

"كان يجب أن أوقظك هذا الصباح بنفسي… آسف، أخي."

لكن ليونيل لم يجب، فقط تنهد بعمق… وتمتم وهو بين الحلم والواقع:

" إذا متُّ الآن… فأخبرهم أنني كنت الوسيم في العائلة…"

ابتسم أدريان….

2025/07/31 · 39 مشاهدة · 3098 كلمة
روزي
نادي الروايات - 2025