مرحبـــــا يا أروع متابعين بالدنيا! ✨💖
اليوم خلصت للتو كتابة فصل ليونيل وفيليب، ولسا ما جاري الكتابة!
والخبر الحلو؟
بكـــرة إن شاء الله بيتم تحديث رواية فيليب! 😍🎉
فاستعدوا... لأن اللي جاي مرررة مش طبيعي!
وإذا شفت تفاعل وتعليقات كثيرة اليوم؟
راح أنزل الفصل اللي بعده مباشرة بكرة! يعني عندكم فرصة تعيشون الحدث على دفعتين متتاليتين 🔥💃🏻
بس فيه تحدي بسيط…
أبغى أكثر من 200 تعليق فيها توقعاتكم للي راح يصير بين ليونيل وذئب نيرفاند الجليدي 🐺❄️
مين تتوقعون يسيطر؟
هل في تحالف؟ مواجهة؟ شيء أكبر؟ 😳
أبغى نظرياتكم المجنونة كالعادة، اللي تخليني أضحك وأتوتر بنفس الوقت 😂💔
(يعني ترا أنتم مصدر إلهامي، لا تقصرون!)
أحبكم كثير، وأتمنى تعليقاتكم تنورني كالعادة 💌
وإذا عجبتكم الأحداث، لا تنسوا تنشروا الحماس بين أصدقائكم 🥺❤️
– روزي، اللي قلبها تائه بين مجد ليونيل وظلال الذئب 👑🐺
---
[باحة القصر الإمبراطوري – ساعة الفجر الأولى]
الضباب ينساب بين الأعمدة الرخامية كأنّه روح القصر تتنفس.
العربة الملكية المصمّمة خصيصًا لرحلات طويلة تقف على استعداد، يحيط بها حرّاس مصفّحون وخدم يرتبون الحقائب بعناية فائقة.
الإمبراطور إدوارد كان يرتدي عباءته السوداء المطرّزة بشعار الشمس الخافتة، وذراعيه تحتضنان… ليونيل النائم.
بعد حمّامه الملكي ووجبة حلوى غير معلن عنها، سقط ليونيل في سباتٍ عميق، أنفه يغرق بخفّة في وشاح المعطف الذي لفّه حوله والده.
(أخيرًا... سكون)
---
[داخل العربة الملكية – بعد لحظات من انطلاقها]
جلس إدوارد قرب النافذة، وليونيل ممدد على ركبتيه، ملفوفٌ كما يُلفّ كتاب قديم في قماشٍ ثمين.
رأسه مستقرّ على صدر الإمبراطور، وعيناه مغمضتان بسلامٍ نادر.
إلى جوارهما جلس الأمير اليوت، شقيق ليونيل الأوسط، أكثر هدوءًا ورصانة، يرتدي زيه الأزرق الداكن ويحمل دفترًا في حجره.
نظر إلى والده وقال بصوت خفيض:
"لم أتوقع أن تأخذنا معك، جلالة ابي. ما السبب الحقيقي لزيارتنا إلى أوبيليسك؟"
ردّ إدوارد دون أن يحوّل نظره عن ليونيل:
"أهداف عدّة. تعزيز العلاقة مع القصر الشرقي، مراجعة اتفاقيات التبادل العسكري، والتفاوض حول الجمارك في الموانئ المشتركة..."
سكت لحظة، ثم أضاف بنبرة أبطأ:
"... والأهم: إجراء عملية دقيقة لليونيل."
رفع اليوت حاجبيه:
"عملية؟ صحّية؟ سحرية؟"
لكن إدوارد لم يوضّح. اكتفى بتمرير أصابعه بهدوء على شعر ليونيل المُبعثر وهو يهمس:
"أمر لا يخصّ سواه… وسيُفهم لاحقًا."
---
[داخل عقل ليونيل – مكان مظلم، ضبابي، مائل إلى البنفسجي]
كان نائمًا، لكن روحه لم تهدأ.
وسط العتمة اللينة، ظهرت كرة صغيرة تطفو في الهواء.
لونها رماديّ داكن، تحيط بها هالة خفيفة كالدخان، تنبض ببطء… ثم تكوّنت منها عينان سوداوان باردتان.
"نائم… كالعادة… لكن الظل لا ينام، ليونيل."
كانت الكرة تتحدث، بصوت نوكس المعتاد، لكن هذه المرة بدت... لَعوبًا.
وكأنّها تستمتع بمراقبته دون أن تهاجمه.
"أتعلَم؟ إنهم يأخذونك لإجراء عملية… ولا أحد منهم أخبرك لماذا."
"ألا يبدو هذا… لطيفًا؟ مهددًا؟ محاطًا بالاهتمام المشروط؟"
استدار ليونيل في نومه على صدر والده، حاجباه ينعقدان فجأة.
(لماذا… لا أشعر بالأمان؟)
الكرة اقتربت من رأسه، ثم همست:
"قلبك… ليس كما تظن. وعقلك؟ لن يظل ملكك طويلاً إن استمروا في هذا الطريق."
ثم اختفت.
---
[العربة – في طريقها إلى أوبيليسك – صباح رمادي]
الضباب ما زال يرافق العجلات.
ليونيل تحرّك قليلًا بين ذراعي الإمبراطور…
لكنّه لم يستيقظ بعد.
أمّا إدوارد، فعيناه بقيتا على ابنه، كأنّه ينتظر لحظة فاصلة…
لحظة ستُغير كل شيء.
---
[داخل العربة الإمبراطورية – على الطريق المتجمد المؤدي إلى أوبيليسك]
العجلات تسير على رصفٍ ساحليّ يحيطه الثلج، والهواء محمّل برائحة البحر والبرد المختلط برائحة الخشب المشتعل في المدافئ السحرية الصغيرة داخل المركبة الملكية.
داخل العربة، جلست الهيبة والدفء معًا.
الإمبراطور إدوارد بثيابه السوداء الثقيلة، كان يحمل ليونيل كمن يحمل فتىً هشًّا من الزجاج، ورأس ليونيل ما يزال مستندًا إلى كتف والده بثقل نومٍ عميق.
اليوت، جلس أمامهما، قد وضع ساقًا فوق الأخرى، ودوّن شيئًا في دفتره السحري، ثم رفع بصره قائلاً:
"جلالة والدي… هل سبب العمليه أن السبب معرفتك بأن ليونيل استخدم السحر عندما أدريان أخبرك…؟"
توقّف القلم في يد اليوت عن الحركة، وعيناه تترقّبان جوابًا من شفاه الإمبراطور.
لكن إدوارد لم يُجب.
بل مرّر يده ببطء على شعر ليونيل، ثم أنزلها إلى عنقه، وبدأ بتدليك عضلات كتفه برفقٍ صامت، حركة كانت روتينية حسب توصيات الطبيب إدغار.
"تدليك دائري في الظهر كل ساعتين… لا تنسَ عضلة الكتف العلوية… يجب أن تُفكّ التقلصات قبل أن يُصاب بالتصلّب من جديد."
(هكذا قال إدغار. وكأنه يتحدث عن قطعة لحم عمرها أسبوعان.)
---
ليونيل تحرّك قليلاً، أنفه ينقبض ببطء، وتمتم في نومه بصوتٍ مكتوم:
"توقّف… لستُ قطعة عجين… أغرب عن… ظهري… أيها الفظّ…"
ثم شهق فجأة وقال بنصف وعي:
"أقسم… سأرمي إدغار في حفرة إذا علم بهذا…"
ثم غرق مجددًا في سباته.
---
اليوت انفجر ضاحكًا، وأخرج كرة صغيرة لامعة من جيب سترته.
"آه، هذه لا تُفوت!"
مرر يده فوق سطح الكرة، فتوهجت بلون أزرق ناعم، ثم بدأت تُظهر صورة حية:
ليونيل، وهو نائم فوق صدر الإمبراطور، يتمتم بكلمات التهديد لإدغار، وجبهته تنقبض كقطة تُحمّم بالقوة.
ضحك اليوت بصوت خافت:
"تخيل فقط أن تُرسل هذه إلى أدريان و راين… أو إلى إدغار مباشرة!"
"سنُضطر إلى بناء قصر جديد من شدة العار!"
لكن الإمبراطور لم يضحك.
كان ما يزال يُدلّك ظهر ليونيل بصمت، كأنّه لا يسمع أو لا يرغب في سماع.
---
سأل اليوت مجددًا، بصوت أقل مرحًا:
"هل أخبرك أدريان لأنه كان قلقًا؟ أم لأنه… يخشى ليونيل؟"
لم يرد إدوارد، لكنّ عيناه تحرّكتا أخيرًا، وبدا داخله سؤالٌ لم يُطرح بعد.
(أدريان لا يخاف من أحد… لكنه يخاف على ليونيل.)
ثم قال بهدوء:
"أدريان يعلم أن ليونيل كسر شيئًا… لم يُفترض أن يُكسر."
---
في هذه الأثناء، ليونيل تحرّك مجددًا.
رفع ذراعه النصف نائمة، وضرب بها صدر والده بلا وعي.
"كف عن فركي... ألا يوجد خادمٌ مساجيّ في هذه العربة؟"
ثم غطّ مجددًا في النوم، متنفسًا بعمق.
---
ضحك اليوت أكثر، وحرّك الكرة السحرية لتلتقط مشهدًا آخر.
"هذا سيكون من الكلاسيكيات العائلية. سنضعه في أرشيف الفضائح الإمبراطورية."
ثم أضاف مبتسمًا:
"على الأقل يبدو سعيدًا، حتى وهو يهدد الجميع."
ردّ إدوارد أخيرًا، وهو ينظر إلى وجه ليونيل النائم:
"إنه لا يشعر بالأمان إلا حينما يهدد."
---
[العربة تتابع سيرها – الخارج بارد، والداخل دافئ، لكن الهدوء هشّ… وكأنّ الجميع ينتظر الصدمة القادمة]
في مكانٍ آخر داخل أعماق وعي ليونيل…
كانت كرة رمادية صغيرة تطفو مجددًا.
نوكس… يراقب، بلا صوت هذه المرة.
لكن ابتسامته كانت أوسع من اللازم.
---
[داخل العربة الإمبراطورية – الطريق إلى إمبراطورية أوبيليسك – قرب الحدود الشمالية]
رذاذ الثلج بدأ يضرب زجاج النوافذ. الهواء البارد يتسرّب خافتًا عبر الفجوات الدقيقة، بينما الحرارة داخل العربة تُشبه حضن موقدٍ قديم، والمقاعد مُبطّنة بفراءٍ ناعم يُقنع أي متمرّد بالنوم.
الإمبراطور إدوارد جلس بهدوء، وكأن لا شيء في الدنيا يشغله سوى قدمَي ليونيل.
كان قد وضع ساق ابنه النائمة على حجره، وبدأ يُدلّك الكاحل بضغطٍ منتظم كما أوصى إدغار… بشراسة علمية تليق بعلاجاتٍ بلا رحمة.
---
اليوت، الذي جلس في المقعد المقابل، أنزل دفتره أخيرًا وسأل:
"أبي… ما الوضع السياسي الحالي في أوبيليسك؟ سمعت أن العرش هناك لم يعد مستقرًا."
أجاب إدوارد بصوته الرصين المعتاد:
"صحيح. منذ ثلاث سنوات، الإمبراطورة الأم هناك بدأت تتراجع عن مهامها السياسية. الأمير الثالث يطالب بالعرش، رغم أنه غير مؤهل. وهناك ضغوط من الممالك الحدودية."
ثم أضاف، وهو يحوّل قدم ليونيل الأخرى إلى حجره:
"زيارتنا الرسمية ليست فقط لغرض الجراحة. نحتاج إلى ترسيخ وجودنا هناك، قبل أن تتحول المنطقة إلى ساحة صراع دبلوماسي مفتوح."
اليوت عقد ذراعيه وبدأ يفكّر.
"أفهم… إذا سقطت أوبيليسك، ستكون الحدود الشرقية مكشوفة أمام السحر الشمالي... وسنخسر قناة النقل البحرية."
أومأ إدوارد بإعجاب:
"بالضبط. ولهذا أنت ترافقني."
---
[في هذه اللحظة – تحرّك شيء ما]
ليونيل حرّك قدمه التي تُدلك بكسل.
ثم رفع رأسه ببطء، كمن خرج من كابوس محشوّ بروائح أعشاب العلاج.
صوته خرج أجشًّا، متعبًا:
"هل يمكن… أن تتوقف عن تحويل جسدي إلى عجينة فطائر؟"
نظر إلى إدوارد بتعب:
"ضعني على الكرسي… لا أحتاج حضانة بشرية دائمة."
ضحك اليوت وقال:
"بل تحتاجها… بل وتصرخ إن لم تحظَ بها."
تجاهله ليونيل كليًا، وقال بإصرار للإمبراطور:
"كرسي. الآن."
---
[بعد لحظات – ليونيل جالس قرب النافذة، رأسه مائل على الزجاج البارد]
كان الثلج يتساقط بهدوء، يغطي الطريق والحقول الموحلة بطبقة ناعمة، نظيفة… بلا صوت.
ليونيل، وهو يحدّق في المدى الأبيض، تنهد.
(الثلج…)
(كم أكرهه.)
(في كوريا، كنت أراه من نافذة المستشفى. يتساقط على الحدائق، على أطفال يركضون ويلهون ويصرخون، بينما أنا مربوطٌ بأنابيب.)
(لم أكن أفهم لِماذا كانوا يضحكون.)
(كنت أظن أن الثلج بارد لدرجة لا تسمح بأي شعور سوى البكاء.)
(وربما لا زلتُ أراه هكذا.)
---
نظر إليه اليوت، ولاحظ كيف انطفأت عيناه فجأة، كأن شرارة الظل اختبأت خلف جفنٍ متعب.
ثم، بابتسامة خبيثة… قرّر أن يعيده إلى الحياة بطريقته الخاصة.
"هل تعلم يا ليونيل؟ أدريان أخبرني أنك بدأت تستخدم سحرك مجددًا."
ردّ ليونيل بكسل:
"وما شأنك؟ هل ستكتب تقريرًا ضدي؟"
ضحك اليوت وقال:
"لا، فقط أريد التأكد أنك لن تحرق شعر الإمبراطورة المستقبلية إن ابتسمت لي."
"إن كانت تملك ذوقًا يُعجبك، فصدقني… سأعتبرها مخلوقًا مشبوهًا يستحق الحرق."
ثم أضاف بنبرة أنفية متصنعة:
"أوه، يا أخي، أنا لا أستخدم الظل في القتل… بل في النقد الاجتماعي الحاد."
اليوت انفجر ضاحكًا:
"رائع! سأكتب ذلك كشعارك الرسمي حين تُنفى من القصر."
---
إدوارد، من دون أن يلتفت، علّق:
"إن نُفي… سننفي معه إدغار."
ليونيل عضّ شفته… لكنه ابتسم رغمًا عنه.
---
(لا أعلم لِماذا... لكن هذه العربة… رغم كل شيء، ليست مكانًا سيئًا تمامًا)
(ربما لأنني لم أعد ممدّدًا على سرير، أو مربوطًا بأنابيب، أو أشاهد العالم من خلف زجاجٍ وحدي)
(بل أشارك الجحيم… مع اثنين آخرين)
---
[داخل العربة الإمبراطورية – قبل الوصول إلى حدود أوبيليسك]
الثلوج كانت تتساقط بإيقاع ناعم، كأنّ الطبيعة تحاول تهدئة كل شيء... حتى العقل المتفجر.
ليونيل كان ما يزال جالسًا قرب النافذة، رأسه مستندٌ إلى الزجاج، وعيناه نصف مفتوحتين.
تنهد بعمق، ثم رفع عينيه إلى السماء البيضاء.
(نسيت… نسيت تقريبًا كل أحداث الرواية.)
(كل شيء كان واضحًا… حتى بدأت أرفض المهام.)
(النظام اللعين… ذلك المتطفل! ظلّ يقاطعني كلما حاولت التفكير، ينزلق أمامي بإشعاراته الباردة، يطلب مني أن أركض، أقاتل، أجمع أعشابًا، أو أتحدث إلى طيور ناطقة… أي سخف هذا؟)
(المؤلف أيضًا… أحمق. لم يكن يجب أن يجعل القصة معقّدة إلى هذا الحد.)
ثم أغلق عينيه، كأنه يحاول الإمساك بالخيوط البعيدة في ذاكرته.
(الاميرة… كانت تُدعى… أليثا؟ أم أليشا؟ لا… شيء يبدأ بحرف "أ".)
(وكان هناك مشهد موت… حريق؟ لا. مذبحة؟ ربما… أو كانت مؤامرة سياسية؟!)
"آآخ… رأسي…"
وضع يده على جبينه، وشهق بصوت خافت.
(توقّف. لا فائدة. كأن دماغي محشوّ بالجليد.)
---
[داخل العربة – بعد لحظة من التململ العقلي]
إدوارد نظر إليه بصمت. ثم مدّ يده وسحب رأس ليونيل بلطف من على النافذة، ووضعه على فخذه بهدوء.
غطاه بمعطفه الثقيل، ثم وضع يده على صدره.
"نم. أنت تحتاجه."
لم يُجب ليونيل، لكن جسده ارتخى تدريجيًا… وسرعان ما انزلق في نومٍ بلا قتال.
---
[ساعة لاحقة – عند الحدود الشمالية لإمبراطورية أوبيليسك]
العربة توقفت.
الثلوج تراكمت على الأرض، والجو كان أشبه بحافة العالم. خيام حدودية، أعلام ترفرف، وجنود من الإمبراطوريتين يتبادلون التحية.
باب العربة فُتح ببطء.
إدوارد نزل أولًا… حاملاً ليونيل بين ذراعيه، ملفوفًا بالمعطف الثقيل، رأسه مستقر على كتفه، يغطّ في نوم هادئ كطفل خرج تواً من الحمى.
وراءه مباشرة، نزل اليوت وهو يحاول التوازن على الثلج، وراح يتفقد المكان بعين يقظة.
لكن فجأة…
زمجرة.
من خلف كثبان الثلج، خرجت أزواج من العيون الزرقاء، متوهجة في الضباب.
ذئاب ثلجية.
أربعة منها، بخطوات صامتة، تسللت نحوهم… أنيابها تقطر جليدًا، وأجسادها أشبه بظلال ممزقة وسط العاصفة.
أحد الحراس صرخ:
"ذئاب من التلال! هجوم—!"
لكن قبل أن تكتمل النداء، استلّ اليوت سيفه، حركه بمهارة وأناقة.
"سأهتم بهم، احمِ الأمير."
الفرسان تدافعوا، انتشروا كدائرة تحيط بالعربة.
لكن إدوارد… لم يتوقف.
حمل ليونيل بهدوء، وسار بين الثلوج كما لو أن لا شيء يحدث خلفه.
كل خطوة له كانت محسوبة، ثقيلة، لا تترك مجالًا للارتباك.
(إنهم لن يجرؤوا على الاقتراب… ليس ما دمتُ أحمله.)
---
[الخيمة الملكية – دقائق لاحقة]
إدوارد دخل الخيمة المعدّة مسبقًا، وضع ليونيل على فراشٍ حريري مفروش بطبقات من الصوف، ثم ألقى نظرة سريعة على جسده النائم.
(لم يستيقظ حتى أثناء الصراخ.)
(إما أنه يثق بي… أو أن جسده بات مرهقًا أكثر من المعتاد.)
ثم جلس إلى جانبه، يخلع قفازه ببطء، عينيه تراقب فتحة الخيمة التي تركها مفتوحة جزئيًا.
في الخارج… كانت المعركة لا تزال مستمرة.
لكنها لم تطل.
اليوت، بسيفه المبلل بالجليد، دخل بعد دقائق، وقطرات من العرق تتجمّع على جبينه.
"انتهى."
ثم أضاف وهو ينفض الثلج عن كتفه:
"إحدى الذئاب كادت تصل إلى جانب العربة… لكنها تراجعت. لم ترد الاقتراب من جلالتك ابي."
ضحك، ثم نظر إلى ليونيل وقال:
"نام طوال الهجوم، أليس كذلك؟ كم هذا… تقليدي."
---
إدوارد لم يجب.
كان يراقب الثلوج تتساقط أمام باب الخيمة المفتوح…
وعيناه، كأنّها تستعد لأيام قادمة… لا يشبهها فيها شيء.
---
[الخيمة الملكية – منتصف الليل]
الهدوء خيّم على المخيم.
صوت الرياح الباردة يتسلل بين أطراف الخيام كوشوشةٍ قديمة، ورائحة العشب المثلج مختلطة بالرماد النائم في مواقد مطفأة.
داخل الخيمة، كان كل شيء ساكنًا… إلا ليونيل.
فتح عينيه ببطء، وتنهّد.
(لماذا… أشعر وكأن رأسي مُعلّق؟)
رفع يده إلى جبينه، ثم جلس ببطء وهو يئن:
"اللعنة… أشعر وكأن ثورًا سحريًا رقص فوقي."
تلفّت حوله، وحاول الوقوف… لكن ساقيه خذلتاه.
"أوه لا… مرحبًا مجددًا، زحف العار."
---
[داخل الخيمة – دقائق لاحقة]
بجهدٍ أشبه بالحرب النفسية، بدأ ليونيل يزحف نحو فتحة الخيمة، يجرّ جسده وكأنه يعود من معركة لم يشارك فيها أصلًا.
لكنّ شيئًا لفت انتباهه.
انعكاسٌ صغير على سطح معدني موضوع قرب الباب.
كانت هناك.
فراشات الشفق – "لييانا".
كأن الضوء نفسه قرّر أن يتحوّل إلى كائنات، تطير بنعومة، تتوهج بألوان البنفسج والعنبر والذهب.
(…هذا غير ممكن. هذه الفراشات لا تظهر في هذه المناطق.)
(ولا تظهر أمام… أمثالي.)
---
[خارج الخيمة – على حافة الثلج الليلي]
ليونيل دفع باب الخيمة بيده، وزحف خارجًا، حاجباه منعقدان والعرق يبرد فوق جبينه.
ما إن لامس جلده أولى بقع الثلج حتى شهق بصوت خافت.
"تبًا… جليدٌ صلب كالخيانة."
(لماذا خرجت؟ لماذا أنا حتى…؟)
لكنّه نظر مجددًا.
الفراشات.
كانت تحوم هناك… تدور حوله ببطءٍ كما لو أنها تعرفه.
أحدها اقتربت.
مدّ إصبعه، وتردّد… ثم لمسها.
---
ومض ضوء ذهبيّ ناعم.
اختفت الفراشة فورًا… لكن أثرها بَقي.
خط رفيع من الضوء الذهبي امتدّ من أطراف أصابعه، كأنّ شيئًا ما استيقظ في جلده.
ثم… بدأت الفراشات تتجمع على يديه، واحدة تلو الأخرى، وكأنها تستجيب لنداء لا يسمعه إلا هو.
---
(ما الذي يحدث؟)
(هذه الكائنات لا تظهر إلا أمام الاشخاص المختارة… أو أولئك الذين كادوا يموتون.)
(…وهل أنا أحدهما؟)
---
الفراشات بدأت تطير بهدوء، تبتعد قليلاً.
ليونيل نظر إليها، ثم إلى الثلج… ثم زحف خلفها.
"لمَ لا؟ إن كنّا قد وصلنا إلى مرحلة الزحف وراء الحشرات المضيئة، فلنكمل العرض."
لكن المفاجأة لم تكن في الضوء.
بل فيما حدث بعدها.
---
حين التفّت الفراشات حوله مجددًا، تحولت دائرة الضوء إلى دوّامة هوائية ناعمة، و… رفعته.
جسده، الذي بالكاد زحف قبل لحظات، ارتفع عن الأرض.
قدماه تركتا أثرًا صغيرًا في الثلج… ثم انفصلا عنه.
عائمًا.
---
"…"
"أنا لا أزحف خلف الفراشات… هي فقط قررت اختطافي!"
ليونيل لم يصرخ.
لم يتذمر.
فقط، نظر حوله ببطء، ثم إلى جسده المعلّق، ثم قال بصوت منخفض:
"...هل هذا... اختطاف؟ سحر؟ أم حلمٌ سخيف آخر من ذلك النظام؟"
---
لكنه لم يُقاوم.
فالفراشات بدأت تسير به في الهواء، ببطءٍ شديد… نحو الغابة المغطاة بالثلوج.
وهو، ولأول مرة منذ أيام، بقي صامتًا.
---
[سماء جبل "الظلال الشمالية" – ارتفاع شاهق – منتصف الليل]
كان الجو باردًا حتى العظام.
الغيوم الرمادية تنفّست تحت أقدام الفراشات اللامعة، وهي تُحلّق ببطء حاملة فتى غاضبًا… يرتجف، لا من الخوف، بل من الغضب.
ليونيل كان معلقًا بين السماء والجليد، تحمله فراشات الشفق "لييانا" كأنّه تذكار نادر، أو قطعة غريبة التقطوها بالخطأ.
(أنا أطير… وهذا سيء.)
(أنا أطير بسبب حشرات… وهذا أسوأ.)
(وأنا لا أملك أي نوع من السيطرة… وهذا أسوأ من السيء.)
ظلّ يحدّق في اللاشيء أمامه، ثم همس بصوت رتيب:
"لا زلتُ لا أصدق… أنني تبعت فراشات لامعة، زاحفًا مثل دودة مصابة بالروماتيزم."
---
[قمة الجبل – دقائق لاحقة]
فجأة… توقفت الفراشات.
بدأت تدور فوق قمة جبلٍ جليدي مغطى ببلورات زرقاء وسهام من الثلج المتجمد.
ليونيل رفع حاجبه.
"لا تخبريني… أننا هنا فقط لالتقاط مشهد سينمائي."
لكن لم يكن هناك ردّ.
فقط… خفّ وزن جسده فجأة.
ثم…
رموه.
ببساطة.
رموه من فوهة الجبل، إلى هاوية لا قاع لها في النظر.
---
"آآآااااااه——ــااااه!!!"
ثم صرخ فجأة:
"لِمَ الرمي؟! ما هذا النوع من النقل؟! هل أنتنّ سحرة أم سلالات وقحة من النمل الطائر؟!"
"مَن يرمي الناس من الجبال؟! توقفي أيتها الحشرة اللامعة!"
---
[أسفل الجبل – الغابة الجليدية المخفية – لحظة الارتطام الناعم]
سقط ليونيل… لكن لم يُقتل.
أوراق ثلجية عريضة ومضغوطة كوّنت له وسادة طبيعية. جسده ارتدّ مرتين ثم استقر.
فتح عينيه، مسدّدًا نظرة قاتلة نحو السماء.
"كنت سأتقبل الهبوط البطيء… كنّا نستطيع التعاون…"
(لكن لا. المؤلف الأحمق جعل الفراشات تُلقي الناس من الجبال. أي منطق روائي هذا؟!)
---
[الغابة الجليدية المخفية – بعد لحظات]
نهض ليونيل ببطء، مستندًا على يديه، ثم بدأ ينظر حوله.
شجر أبيض مائل إلى الأزرق.
بلورات جليدية طويلة تنمو من الأرض كما لو أنها أشواك زجاجية.
ضوء الشفق يتسلّل من بين الأغصان كوميض سحري، يتراقص بصمت.
كل شيء كان… ساحرًا.
"..."
(لا أنكر… المنظر مبهر.)
(لكنني لا أثق بأي شيء جميل في هذا العالم. خصوصًا بعد أن يُرمى عليك من ارتفاع ألف متر.)
تنهد.
ثم وقف بصعوبة.
---
[مخيم الخيمة الملكية – نفس الوقت]
كان ايريك قد دخل للتفقد… ليجد السرير فارغًا.
"…سيدي؟"
ما لبث أن صرخ للحراس، ثم خرج.
بعد دقائق، استيقظ الإمبراطور على صوت الطرق.
فتح الستار الخفيف للخيمة.
"ماذا يحدث؟"
قال ايريك:
"الأمير ليونيل … اختفى."
---
[خارج الخيمة – لحظة الطوارئ]
خرج الإمبراطور، يضع معطفه على عجل، وعيناه تلمعان بحدة نادرة.
خلفه جاء اليوت مهرولًا، نصف مستيقظ، نصف غاضب:
"هل هو جاد؟! خرج؟ كيف؟ إنه بالكاد يستطيع المشي—"
صرخ الإمبراطور للحراس:
"ابحثوا في كل اتجاه. اتبعوا أي أثر مانا، أي شعلة، أي تغيير بالطقس!"
لكن السماء… لم تكن متعاونة.
---
[فجأة – عاصفة جليدية تتجمّع عند الأفق]
بدأ الهواء يزمجر.
السحب تجمعت كأنها غضب نائم قد استُفزّ.
ثلوج بدأت تتساقط بعنف… رياح قوية دفعت الجنود إلى الوراء.
اليوت صرخ:
"إنها عاصفة مانا… ليست طبيعية!"
ردّ ايريك:
"المانا تتحرك بشكل غير مستقر منذ مساء الأمس!"
الإمبراطور رفع يده، وظهرت هالة ذهبية حول معطفه:
"أوقفوا التحرك. لن نخسر رجالًا آخرين."
---
[الغابة الجليدية – في الوقت نفسه]
ليونيل، وسط الغابة، لم يسمع شيئًا مما جرى.
لكنه توقف.
فراشة وحيدة هبطت مجددًا على كتفه.
أدار رأسه.
ثم همس:
"...إلى أين الآن؟"
"حياة هادئة؟ لا بدّ أنك تمزح يا كون!"
---
[وسط الغابة الجليدية المخفية – فجر رمادي]
الثلج بدأ يهدأ.
السماء فوق ليونيل لم تكن سوداء تمامًا، بل مائلة إلى الرمادي الزهري، كأنّ الفجر تردّد في الصعود بعد أن رأى حالته.
ليونيل جلس على صخرة مغطاة بطبقة جليدية خفيفة.
عظامه تصرخ من البرد، ويداه ترتجفان ببطء.
تنهد.
ثم مسح وجهه بيده، كمن يحاول طرد التعب من جلده.
(ما هذا…؟)
(بذلت مجهودًا غير معقول فقط كي أُرمى من قمة جبل إلى غابة تتوهج مثل حفلة رأس سنة.)
(أين الحياة الهادئة التي خططت لها؟ أين السكون؟)
(منذ أن فتحتُ عيني في هذا العالم، وأنا أهرب من حدثٍ إلى آخر… من كارثةٍ إلى جلسة علاج… من دوارٍ إلى ذئاب… والآن، تُحملني فراشات كأني رسالة وتُسقطني في ثلاجة من الجليد.)
هزّ رأسه ببطء.
(لقد قررت سابقًا. حياة بسيطة، لا قتال، لا خطط، لا مواجهة أبطال أو شرير نهائي.)
(فقط طعام جيد، بطانية، وعصير فواكه بارد.)
ثم زفر بصوت مرتفع.
(لكن يبدو أن الحياة قررت أن تردّ عليّ بلطمة.)
---
أسند ظهره إلى جذع شجرة زجاجي المظهر، ونظر إلى الأعلى.
(الكوابيس... لم تعد تزورني مؤخرًا.)
(تلك الكوابيس التي كنت أُقتل فيها بطرق مبتكرة: مرة بالسيف، مرة بنيران البطلة، مرة بطعنة من الشرير الرئيسي، ومرة حتى... بدعس حصان في ساحة المعركة!)
(كانت توقظني كل يوم… تجعلني أعدّ الأيام حتى أموت.)
(لكن مؤخرًا؟ لا شيء.)
(هدوءٌ مرعب.)
---
ارتفع حاجبه.
(…لكن ما زال هناك شيء يزعجني.)
(لماذا؟ لماذا أنا "الشرير الثانوي"؟)
(في الرواية… لم أكن ذلك الشرير التقليدي. لم أقتل أحدًا، لم أخن أحدًا. كنت فقط شخصية ثانوية… ساخط، غريب الأطوار، نعم، لكن غير دموي.)
(فلماذا هذا التصنيف؟)
(الشرير الثانوي… المرتبط بنقطة تحوّل في الرواية… الذي يُستخدم كمحفز لأحداث أكبر… ثم يُنسى.)
---
ضحك ساخرًا، رغم الألم في صدره.
"يا للسخرية… أنا لا أعرف حتى مَن البطل الحقيقي هنا."
---
ثم، بعد لحظة صمت، أبعد تلك الأفكار بقوة كما لو كان ينفضها عن رأسه.
(كفى. لا وقت للفلسفة الآن.)
(أنا هنا. في مكان غريب، جميل… مريب… ومخيف قليلًا.)
---
[المنظر أمامه]
أشجار من الكريستال، أوراق شفافة تتوهج من الداخل كما لو أن النور يتنفس، والثلج يسطع كأنه مرآة سماوية.
كل شيء هادئ… أكثر من اللازم.
حتى الهواء، لم يكن يحمل صوت الطيور أو الحيوانات. فقط صوت نفسه.
---
ليونيل أمال رأسه، وحدّق إلى ما بعد الأشجار.
ثم تمتم:
"هذا المكان… ليس عاديًا."
(لو كنتُ المؤلف، لأخفيت هنا شيئًا مهمًا.)
(وأنا… رغم كل شيء… لستُ مجرد متفرج بعد الآن.)
---
[داخل الغابة الجليدية المخفية – عمق المنحدر الثلجي]
زحف ليونيل بصمت.
بل بصوت تنفّس متقطع، وشتائم خافتة، وشتائم أخرى غير خافتة على الإطلاق.
"كاحلي… ظهري… وكرامتي. كلهم يدفعون الثمن."
(كل ما فعلته هو الزحف خلف مجموعة من الفراشات… وهذا عقابي؟)
لكنه توقف فجأة.
عيناه اتسعتا.
أمامه، بين جذوع ضخمة متجمدة، رأى شيئًا لم يكن ليتوقعه:
عُش.
أو ما يشبه العش… إن كان طوله بحجم كوخ، ومصنوع من عظام سوداء وريشات جليدية، ومحاط بهالة سحرية زرقاء خافتة.
وفي داخله… كنوز.
قلادات بلورية، خواتم يتوهج كل منها بلون مانا مختلف، صولجانات، وأوعية من الذهب الفاتح والعقيق.
---
(…أجل. هذا فخ.)
(لكن أحيانًا، الفخاخ تستحق المخاطرة.)
(كما فعلت بعرين التنين هايبر ولم يُقتل. . وأنا؟ لم أَسرق بعد. فقط… أستعير.)
---
دون تردد، مد يده، وسحب واحدة من القلادات.
لكن ما إن لمسها، حتى شعر بحرقة في صدره.
شهق… وتقيأ دمًا على الثلج.
"أوه، ممتاز. حتى السرقة تتطلب نظامًا مناعيًا."
---
فتح بوابة صغيرة سحرية ظهرت في الهواء. كانت ترتجف كما لو أنها لا تتحمل فتحها.
خزانته الشخصية… المخزن السحري الذي يستخدمه للحالات الخاصة.
(لا بأس… مجوهرات أولًا، فوضى لاحقًا.)
بدأ يسحب القطع واحدة تلو الأخرى، ويقذفها داخل الخزانة. أصوات ارتطام الذهب كانت أشبه بموسيقى حرب.
---
لكن عندما وصل إلى قطعة خامسة… توقف كل شيء.
صوت زمجرة… ليس من الأرض، بل من الهواء نفسه.
ثم ارتجف الثلج تحت جسده.
ورأى أمامه شيئًا يتحرك.
---
[أمام ليونيل – على حافة العرين]
وحش نيرفاند – الذئب المجلد ذو الألف سن
ذئب ضخم، لونه كثلج مظلم، تحيط به هالة ثلجية مشبعة بمانا مظلمة.
عيناه كشقين من السماء وقت الغروب… ناريّتان، لكن بلا دفء.
زمجر بصوت جهوري:
"أيها المتطفل… كيف دخلت؟"
---
ليونيل، الذي بالكاد كان قد انتهى من التقيؤ، لم يرفع رأسه.
بل تابع بحثه في الركن الآخر من العش.
"هل عندك شيء نافع؟ مراهم؟ منشطات؟ سكاكر مانا؟"
الوحش هدأ، لكن صوته كان أكثر ثقلًا:
"هل… تتجاهلني؟!"
رد ليونيل بفتور:
"لا. فقط أُولِي الأولوية للأشياء المفيدة. وأنت لست منها حالياً."
اقترب الذئب، ثم جثا فوق ليونيل، ظلّه العملاق يغمره.
"ألا… تخاف مني؟"
---
ليونيل، من دون أن ينظر، قال وهو يمد يده نحو قارورة مريبة الشكل:
"لا."
ثم التفت أخيرًا، ونظر إليه، بوجه شاحب وتعب لا يُخفى:
"ابتعد… يا كرت الفرو."
---
عمّ صمت ثقيل.
الذئب نيرفاند… لم يتحرك.
لكنه حدّق في ليونيل… طويلًا.
نظرة مزيج بين صدمة، وغضب، وارتباك كائن قديم… لم يُهان منذ ألف عام.