[قصر أورنث – الجناح الملكي المخصّص للضيوف – مساء اليوم التالي]
انفتحت أبواب القصر الداخلي ببطء، ودخل بارون لوكروفت متجاوزًا حرّاس الاستقبال الإمبراطوريين دون أن ينظر إليهم.
كان يرتدي عباءة داكنة ثقيلة، وقناعًا حجريًا مكسور الحافة يغطي نصف وجهه كما لو أنه يحرس هوية ما خلف العين اليسرى.
أصوات خطواته فوق الرخام الصامت كانت هادئة... لكنها تُشبه هديرًا بعيدًا يُنبئ بعاصفة.
---
عند المدخل استقبله إمبراطور أورنث بنفسه.
رغم صلابته، بدت عليه لمحة حذَر. حدّق في بارون مطولًا:
"بارون لوكروفت… غريب أن تظهر."
بارون لم يرد. فقط وقف منتصبًا، ينتظر.
تابع الإمبراطور، هذه المرة بنبرة تفتيش:
"لم نرك منذ عشر سنين. والآن تعود بناءً على استدعاءٍ خارجي؟ من إمبراطورٍ لا ينتمي لأرضنا؟"
بارون نظر إليه للحظة، ثم أشاح بوجهه جانبًا دون أن يجيب.
ثم، بصمتٍ مستفز… تابع سيره داخل الممر، متجاهلًا التحقيق الملكي.
---
[الجناح الداخلي – غرفة ليونيل]
الغرفة دافئة رغم صقيع أورنث.
ليونيل نائم على جانبه، وجهه شاحب وحرارته منخفضة قليلاً بعد عدة جرعات.
الذئب الصغير نائم قرب قدميه، يشخر بخفة مثل كتلة فرو حيّة.
على الأريكة المجاورة جلس الإمبراطور إدوارد، يشعل سيجارة بتنهيدة عميقة…
أول مرة منذ أشهر.
وقف أمام النافذة المفتوحة، ينفث الدخان إلى الخارج وكأن في صدره شيئًا آخر غير الاحتراق.
قرب الموقد، كان اليوت جالسًا يقرأ كتابًا بعنوان "الأعراف الدبلوماسية بين الممالك الست"، لكنه لم يقرأ بقدر ما كان يراقب والده بطرف عينه.
---
دخل بارون لوكروفت الغرفة بهدوء.
لم يرحب به أحد، ولم يطلب أحد منه الدخول.
لكنّه دخل كما لو أن الغرفة ملكه. وكأن جسده يتذكّر الطريق حتى لو أن عقله قد نسيها.
حدّق به إدوارد دون أن يتكلم.
توقف بارون عند الباب، ثم… تكلم بنبرته الهادئة، الواضحة، كأنها لا تُوجَّه لأحد… ومع ذلك تطعن الجميع:
"إدوارد... لما استدعيتني؟"
إدوارد رمقه بنظرة طويلة، ثم قال وهو يعيد السيجارة إلى فمه:
"... اجلس."
"لا أجلس في القلاع التي لا أثق بجدرانها."
"ليست الجدران التي تخون، بارون. بل الناس."
---
لم يعلّق بارون. بقي واقفًا، ثم استدار ببطء وسار نحو السرير حيث يرقد ليونيل.
توقف عنده، انحنى قليلًا، رفع خصلة من شعره الأبيض بلطف ومررها بين أصابعه.
"إذن… هذا هو طفلك الرابع."
اليوت رفع نظره عن الكتاب، متفاجئًا.
إدوارد لم يجب.
بارون ربت على رأس ليونيل برفق غير متوقّع.
ثم نظر إلى الذئب الصغير النائم قربه، وانحنى حتى كاد أن يلامسه:
"... وهذا؟ هل هو حيوان منزلي… أم شيء آخر؟"
---
لم يجب أحد.
فجأة، فتح ليونيل عينيه النصف متعبتين، وغمغم بصوت أجش:
"... من هذا شخص المتأنق؟ ولماذا وجهه نصفه من المتحف؟"
---
بارون ضحك بخفة – ضحكة بالكاد تُسمع لكنها كانت حقيقية.
"استيقظ الأمير أخيرًا."
ليونيل أدار وجهه جهة الإمبراطور:
"... أبي… لماذا الرجل الغريب يربت على رأسي؟ هل نحن في مسرحية أطفال؟"
---
إدوارد سحب سيجارته من فمه ببطء وقال بنبرة ناعسة:
"هذا الرجل يا صغيري... من المحتمل أن يساعد نوباتك."
ليونيل قطّب جبينه، وأدار عينيه نحو بارون.
"... يا إلهي. أهذا طبيب… أم عرّاف من القصص الغبية؟"
---
بارون ابتسم.
ثم أخرج من جيبه قفازًا حريريًا أسود، وارتداه بهدوء وهو يقول:
"أنا بارون لوكروفت، وقد حضرتُ لأن والدك استدعاني… لا لأني أحب القلاع، ولا لأنني أفتقد الألقاب."
نظر إلى ليونيل نظرة فاحصة، كأنه يقرأ شيئًا خلف عينيه.
"لكن ما تحمله في صدرك… ليس مجرد مرض."
---
ارتجف ليونيل دون قصد، بينما همس الذئب الصغير وارتفع واقفًا بخفة قربه، يزمجر دون صوت.
بارون لم يرتبك. فقط أومأ برأسه.
"... سأحتاج إلى بعض الوقت معه. لوحدنا."
---
إدوارد أطفأ سيجارته.
اليوت أغلق كتابه.
ليونيل تمتم:
"... لا تقولوا لي أنني سأخضع لجلسة علاج نفسي، هذه… خيانة."
---
لكنّ الصمت في الغرفة لم يُجب.
فقط صوت قفل الباب السحري، وهو يُغلق ببطء.
---
[الجناح الملكي – غرفة ليونيل – مغلقة بسحر صامت]
سُحبت الستائر، وأضيئت الشموع البنفسجية الخافتة، وبقي الجوّ داخل الغرفة محمّلًا بطاقة خانقة.
جلس ليونيل على سريره، متكئًا على الوسائد، بينما بارون لوكروفت يقف أمامه، يزيل قفازاته ببطء، ثم يخلع معطفه الطويل، ويضعه على المقعد.
"ابدأ بخلع قميصك، أحتاج أن أرى موضع الختم على صدرك."
"... هل هذا جزء من العلاج أم فيلم سيء التصنيف؟"
"اصمت."
قالها بارون بنبرة خالية من المزاح.
---
بتنهيدة طويلة، نزع ليونيل قميصه وملابسه العلوية، وتحوّل إلى كتلةٍ من التوتر والارتباك.
الذئب الصغير قفز إلى ركن الغرفة وكأنّه شعر بأن شيئًا "غير محترم" على وشك الحدوث.
---
اقترب بارون، جثا بجانبه، ومدّ يده الباردة إلى منتصف صدره العاري، حيث وُشم خافت يغطي موضع القلب.
"تنفس ببطء... لا تقاوم المانا داخلك."
بمجرد أن لامست أصابعه الجلد، شهق ليونيل لا إراديًا:
"...هَه...!"
ألم طفيف انتشر من صدره نحو أضلعه، كأن يده تشد شبكة خيوط داخلية غير مرئية.
بارون بدأ يتتبع خطوط المانا بخبرة، أصابعه تسير من موضع القلب إلى جوانب الجذع، ضغطات دقيقة تُطلق خفقات سحرية متتالية.
---
لكن ليونيل... لم يستطع أن يمنع عينيه من التحديق في وجه هذا "الكائن المخيف الهادئ"، تسريحة شعره الاسود، ذلك القناع المكسور، الطريقة التي لا يهتز بها حتى حين يضغط على أعصاب الألم.
(لماذا… يملك يدي طبيب وقلب لصّ قبور؟)
"آه… هذا… ليس لطيفًا."
"ليس من المفترض أن يكون."
---
ثم فجأة، انفتح باب الغرفة بقوة سحرية هادئة... ودخل إدوارد.
وقف للحظة يتأمل المشهد: ليونيل نصف عارٍ، يتأوه، وبارون فوقه يضغط على قلبه.
"... مشهد يُمكن تفسيره بطرق كثيرة."
قالها ببرود، ثم تابع:
"بارون… سنقوم بعملية لليونيل في إمبراطورية أوبيليسك. لكن قبل ذلك، أحتاجك أن تزرع نواة كبح في قلبه الآن."
بارون رفع حاجبه، وأزاح يده عن ليونيل.
"نواة كبح؟ … تريدني أن أُوقف تدفّق ماناه؟"
"نعم. نواة تثبّت التدفق وتمنع انفجارات المانا، حتى نصل للمرحلة الجراحية."
---
ليونيل، الذي لم يكن في مزاج للتفاوض، رفع رأسه، وصرخ بصوت مبحوح:
"مااااذااا؟ هل أنتما جادّان؟! أنا أسمع هذا؟! زرع شيء في قلبي؟ أنتما مجنونان!"
"اهدأ."
"اهدأ؟ أنت تدخن داخل غرفتي بعد شهور من الانقطاع! وذاك الكاهن ذو القناع يعبث بجذعي الصدري! الآن تقول لي نواة؟ هل أنا فرن مانا؟!"
---
بارون بقي صامتًا وهو يخرج كرة صغيرة سوداء من صندوقه، يتوهج داخلها ضوء أزرق متجمّد.
"هذه ستدخل موضع الختم، وتمنع ماناك من التصادم مع المصفوفات السحرية الطبيعية في جسدك. بدونها، أي تحفيز مفاجئ قد... يقتلك."
ليونيل حاول الوقوف، لكنه سقط مكانه من الألم.
"أنا أرفض! أعيدوا ملابسي! أغادر هذا المكان وأتظاهر بأنني طفل بشري عادي!"
إدوارد اقترب منه، جلس على حافة السرير، أمسك بذراعه وقال بصوت منخفض:
"أنا لا أطلب إذنك، ليونيل."
ليونيل حدّق به مصدومًا.
"… أنت لا تفهم، لا أريد أن أكون جزءًا من هذه الحياه. لا مؤامرات، لا فوضى، لا قوة مظلمة، لا نواة!"
بارون حمل النواة، وبدأ يُفعّلها.
"وأنت لا تفهم أن هذه الحياه لا ينتظر موافقتك ليقضمك."
---
"لا! اللعنة عليكم!"
صرخ ليونيل، وقام فجأة... فدفعه الألم ليهوي مجددًا، يلهث.
الذئب الصغير بدأ بالزمجرة، فقفز بارون بيده:
"لا تخف… لن أمسّ شيئًا غيره."
---
ثم، بنقرة خفيفة، ضغط النواة على موضع القلب…
واشتعل الضوء الأزرق لحظة…
ثم اختفى.
---
ارتجف جسد ليونيل للحظة، ثم هدأ تدريجيًا، كأن حرائق صامتة في داخله خمدت.
تمدد ممدودًا على السرير، يحدق بالسقف، ووجهه خالٍ من التعابير.
"... أنا أكرهكما."
إدوارد ابتسم، ربت على شعره.
"لا بأس. ستكرهنا أكثر بعد العملية."
[الجناح الملكي – قصر أورنث – بعد دقائق من زرع النواة]
جلس ليونيل منهكًا على السرير، أنفاسه لا تزال مضطربة، بينما وهج النواة التي زُرعت في موضع الختم بدأ يخفت تدريجيًا داخل صدره.
أغمض عينيه، تمتم وهو يقطب:
"... ماذا الآن؟ هل سأتحول إلى مصباح سحري؟ أم سلاح دمار شامل بمؤقت تأخير؟"
بارون، وهو يُنظّم أدواته، قال دون أن ينظر إليه:
"ما زرعته ليس نواة كاملة. بل… تمهيد لنواة أكبر. بعد يوم، ستكون جاهزًا للزرع النهائي بعد 24 ساعة."
---
فتح ليونيل عينيه ببطء، وحدّق فيه بامتعاض:
"... هل قلت بعد يوم؟"
"أجل."
"... عظيم. لدي وقت كافٍ كي أدفنك في حفرة ثلجية قبل ذلك."
---
بينما هو يتهكم، كان إدوارد قد أتى بثيابه المطوية. جلس خلفه على السرير، وبدأ يلبسه بهدوء — كأنه يعيد ترتيب دمية عنيدة لا تملك خيارًا.
رفع ذراعيه دون حماس وهو يتمتم:
"كنت أميرًا… ثم أصبحت مشروعًا طبّيًا متنقلًا… والآن ألبَس مثل طفل."
---
ابتسم إدوارد بخفة، ثم قرّب فمه من أذنه وهمس:
"تذمّرت أقل عندما كنت طفلاً فعليًا."
"كنت فاقد الوعي معظم الوقت من الحمى، لم أسمعك تتفلسف."
---
بينما كان يحاول إغلاق الزر العلوي لقميصه، بدأ ليونيل يوجه وابلًا من الشتائم:
"... وشكرًا خاصًا للطبيب المقنّع! شكله كابوس فني من متحف قديم! هل هذه ذقنك أم غيمة رماد؟ من يجري عمليات بنصف قناع؟ حتى القراصنة يتأنقون أكثر! وإذا نظرت لي هكذا مجددًا سأرميك من النافذة!"
تنهد بارون، وضع أدواته على الطاولة بهدوء، ونظر إلى إدوارد:
"طفلك الرابع، إذًا."
"بكل فخر."
---
وبينما ليونيل يواصل التمرد بالكلمات، اقترب إدوارد… وقرصه على خصره فجأة.
"آه—!! ما هذا؟!!"
شهق ليونيل، التفت يحدق في والده مصدومًا.
"هل... هل قرصتني؟! هل نحن في روضة أطفال إمبراطورية؟!"
إدوارد ضحك بحرارة، بينما عض ليونيل يد أبيه بأسنانه بلا رحمة:
"هذا انتقام! لا تقترب من خصري مجددًا! أنا هش!"
---
الذئب الصغير في الزاوية نظر للمشهد ثم غطى عينيه بمخالبه.
---
جلس بارون أخيرًا على المقعد المقابل للسرير، وخلع قفازه ببطء، نظر إلى إدوارد نظرة طويلة، ثم قال بهدوء، ولكن بصوت يحمل الكثير:
"... أحقًا، استدعيتني فقط من أجل زراعة نواة؟"
إدوارد، وقد عاد لجلسته المعتادة، رد دون أن ينظر إليه:
"ولأشياء أخرى."
"... ما زلت تعتبرني طبيبًا بعد كل هذا؟"
إدوارد التفت إليه، نظراته ثابتة:
"وأعتبرك صديقًا… رغم أنك لا تريد أن تكون كذلك."
بارون ابتسم دون أن تلامس ابتسامته عينيه.
"هل تظن أن نسيان الماضي يتم بزرع نواة؟"
"لا. لكن لا ضرر في أن تبدأ بشيء بسيط."
---
صمتٌ مرّ للحظة، ثم سأله بارون:
"هل لا تزال غاضبًا… بسبب حرب ميرالا الثالثة؟"
تصلّب وجه إدوارد قليلًا، وسحب من جيبه سيجارة جديدة، لكنه لم يشعلها.
"... تلك الحرب لم تقتلني. لكن ما فعلته أنت بعدها… كاد يفعل."
"أنا اخترت بلدي، إدوارد."
"وأنا اخترت ألا أطلق النار عليك رغم أنك سلّمت جيشًا إلى موت مؤكد."
---
"ولهذا استدعيتني الآن؟ كي تُصلح شيئًا؟"
"... بل لأني أعرف أنك وحدك تستطيع إنقاذه."
---
مرت لحظة صمت أخرى، لم يقطعها سوى صوت ليونيل:
"إذا انتهيتم من فصول الدراما العسكرية القديمة، هل يمكنني أن أختنق براحة؟ لأن صدري لا يزال يحترق."
نظر إليه بارون، ثم إلى إدوارد.
"... ابنك يشبهك أكثر مما تظن."
إدوارد ابتسم، شدّ المعطف فوق كتفي ليونيل، وأمسك يده بهدوء:
"وأسوأ مما كنت أتوقع."
---
[الجناح الملكي – بعد انتهاء جلسة الفحص – المساء]
جلس الإمبراطور إدوارد على الأريكة الوثيرة قرب الموقد، بينما لفّ ليونيل بمعطف ثقيل ووضعه في حجره كقطة شتوية مدللة.
كان جسد ليونيل لا يزال يشعر بآثار زرع النواة؛ العضلات متصلّبة، الأنفاس قصيرة، والصدر يشتعل بحرارة خافتة.
"اهدأ قليلاً... سأدلك عضلات ظهرك كي لا تنقبض."
قالها الإمبراطور بصوت خافت، وبدأت أصابعه بخبرة تُمرّ على نقاط التوتر خلف كتفي ليونيل.
ليونيل لم يُظهر امتنانه. بل حدّق في الموقد، ثم سأل بفضولٍ حاد:
"أبي… ما هي حرب ميرالا الثالثة؟"
توقفت أصابع إدوارد للحظة… ثم تنهد.
"كنت أعلم أنك ستسأل."
"أنت قلت شيئًا عنها للكونت... بدا الأمر جديًا."
"كان جديًا، يا ليونيل."
---
في تلك اللحظة، انفتح باب الغرفة فجأة، ودخل اليوت، ممسكًا بصينية صغيرة مغطاة بمنديل مزخرف، تفوح منها رائحة الكاكاو والفانيليا.
"وصلت الحلوى الملكية التي طلبتها، يا والدي."
رفع المنديل… وكشف عن مجموعة من الحلوى الفاخرة: شوكولاتة أورنثية نادرة محشوة بالعسل، ومربى عنب مسحور يلمع بوميض أزرق.
عيون ليونيل على الفور التمعت، فرفع رأسه:
"أعطني واحدة."
اليوت ابتسم ابتسامة شيطانية:
"لا."
"ماااذا؟"
"هذه لأجل رفع معنويات الجنود المصابين، وأنت مجرد مريض مدلل."
---
ليونيل نفخ خدوده بقوة، عبس بشفتيه، وبدأ يتمتم:
"أنا مصاب! أنا ضحية تجربة نواة! والدي سمح لك بالدخول فقط لأنك لم تسرق أرواحًا بعد! أعطني شوكولاتة!"
الذئب الصغير الذي كان متكورًا عند قدمه رفع رأسه بتأهب، وكأن ذكر كلمة "شوكولاتة" أيقظه من سبات غريزي.
إدوارد، دون أن يلتفت، قال بهدوء:
"اليوت، أعطه قطعة. إنه على حافة الانفجار."
"ولكنه لا يستحقها! شتمني بالأمس، وقال إن رأسي يشبه بطيخة شتوية."
"قلت ذلك لأنك وضعت الزيت على شعرك مثل حارس قصر روماني!"
"هذا يُسمّى أناقة!"
---
في خضم الجدال، قفز الذئب الصغير فجأة نحو الصينية والتهم قطعة شوكولاتة كاملة في غمضة عين، ثم جلس يلعق فمه بجديّة.
ليونيل شهق ضاحكًا:
"ها! حتى الذئب يعرف ما يستحق! تعال يا كرة الفرو، خذ هذه أيضاً!"
أخذ قطعة شوكولاتة وقدمها للذئب، الذي تناولها من يده بلطف وغمغم بصوت أشبه بالزئير الصغير الممتن.
---
إدوارد لم يعلّق، فقط استأنف تدليكه بهدوء وقال:
"ميرالا كانت واحدة من الحروب الأكثر قذارة في القارة. بدأت كحرب حدود... وانتهت بمجزرة مفتوحة. خسرنا آلاف الجنود... بينهم أصدقاء، وضباط كانوا كإخوتي."
نظر إلى النار للحظة، نبرته أصبحت أخفض:
"... وبارون لوكروفت اختار الطرف الآخر."
ليونيل قطّب حاجبيه:
"هل خانك؟"
إدوارد تمهّل قبل الرد:
"أكثر مما يبدو... وأقل مما تتخيله."
---
اليوت جلس أخيرًا على الكرسي المقابل، يتأمل أخاه الذي يتدلل في حجر والده.
"يبدو أن الجرو الصغير صار أقرب لك من إخوتك، يا ليو."
ليونيل، وعيناه نصف مغمضتين، قال بكسل:
"على الأقل لا يُجادلني في الحلوى."
"ولا يشتمك في الاجتماعات الرسمية."
"ولا يحاول أن يقص شعري أثناء نومي."
"مرة واحدة! وكنت طفلاً!"
---
إدوارد ابتسم، ثم مد يده، وقبل أن يلاحظ ليونيل، قرص خصره مرة أخرى.
"آااه! ثانية؟!"
"أنت تبدو أكثر حيوية بعد كل قرصة."
"وهذا يُقلقني جداً."
---
هدأ الجو في الغرفة، وبدأت الثلوج بالخارج تهمي بهدوء على نوافذ القصر.
ليلة طويلة… لكن مليئة بدفء غريب لا يُشبه السحر.
بل يُشبه العائلة… حتى لو كانت عائلة فوضوية تمامًا.
---
[الليل – الجناح المخصص للضيوف – الطابق العلوي من قصر أورنث]
هدأ القصر بعد ضجة اليوم. الثلوج بالخارج همست كما لو أنها تُغنّي أغنية النوم للمدن القديمة.
في غرفة شبه مظلمة، ليو نائم في سريره، ملتفًّا بغطائه، بينما الجرو الصغير ينام فوق صدره، وأصابعه لا تزال تمسك حلوى لم يُكملها.
---
[في الطابق العلوي – جناح الكونت لوكروفت]
باب الحمام المفتوح نصفه كان يطلق بخارًا دافئًا يُعانق زجاج المرآة المغطاة.
وقف الكونت لوكروفت عاري الصدر أمام المرآة المشبعة بالبخار. شعره الأسود المبتل التصق على جبينه، وقطرات الماء تسيل على جلده الشاحب كأنها خطوط دموع أخرى لم يجففها أحد.
رفع عينيه…
فانعكست العيون الياقوتية، اللامعة بالحزن.
ثم أدار ظهره.
على ظهره… بوضوحٍ مؤلم… وُشِمَ رمزٌ قديمٌ مهترئ، مُختومٌ بالنار:
علامة عبيد .
مدّ يده ببطء، ولمس الوشم بأصابعه… ثم ارتجف.
وبكى.
---
في الخارج، جلس إدوارد على الأريكة المقابلة، ينتظر بصمت. لا ضوضاء. لا مرافقة. فقط هو وظله.
بعد دقائق، خرج الكونت من الحمام، وقد ارتدى قميصًا داكنًا، وسروالًا جلديًا، وبدأ يضع القناع المعدني على وجهه من جديد.
لكنه ما إن فتح الباب حتى تجمّد مكانه.
"..."
كان إدوارد جالسًا في الظلال، يُحدّق به.
"كنت أعلم أنك ستأتي."
قالها الكونت ببرود، وأدار وجهه.
"وأنت كنت تأمل ألا آتي."
رد إدوارد دون أن ينهض.
---
سار الكونت نحو السرير بصمت، جلس على طرفه، ثم أخذ نفسًا عميقًا.
"إن جئت فقط لتعيد ما قلته عن الحرب… فليس لدي ما أضيفه. أنا… خُنتك، وانتهى الأمر."
إدوارد لم يتحرك. فقط قال:
"انزع القناع."
"لا."
"لوكروفت…"
"قلت لا."
---
نهض إدوارد بهدوء، وسار نحوه.
"انزعه، ليس من أجلي… بل من أجلك."
"لن أفعل."
"لأنك تكرهني؟ أم لأنك تكره نفسك؟"
---
لم يرد الكونت.
لكن في اللحظة التالية، مد إدوارد يده بلطف… وسحب القناع جانبًا.
---
فبان الوجه الحقيقي.
علامة قديمة على الخد الأيسر… أثر حرق سحرية.
وشفتين مائلتين بالحزن. عيون حمراء فقدت بريقها منذ سنوات.
الكونت أسرع بإخفاء وجهه بيديه، نظر بعيدًا، واهتز صوته:
"لا تنظر إليّ. لا يحق لك أن تنظر إليّ هكذا بعد كل ما فعلت… لا بعد أن تركتك… وتركت إمبراطوريتك تنهار للحظات."
---
اقترب إدوارد أكثر… وجثا أمامه.
بهدوء… وبصوت خافت، كأنّه يهمس لماضيه:
"سامحتك، يا لوكروفت… منذ زمن."
---
الكونت شهق، كأن جدارًا انكسر داخله.
"... ولكنك... قلت لي حينها أنني خائن."
"كنت غاضبًا… . لكنني فهمت لاحقًا ما الذي دفعك لاتخاذ ذلك القرار."
---
رفع رأسه ببطء، فعاد إدوارد وربت على شعره المبتل بلطف. كأنّه يُزيل عن قلبه شيئًا لم تُزله الحروب ولا الوقت.
"سامحتك على كل شيء… إلا على شيء واحد."
"... ماذا؟"
"هروبك ."
---
انهار الكونت فجأة، وبدأ بالبكاء.
انحنى للأمام، وأسند رأسه إلى كتف إدوارد، وصوته يخرج متقطعًا:
"كنت ضعيفًا… ظننتك ستقتلني إن عدت… ظننت أنني دمرت كل شيء بيننا."
---
إدوارد شدّه إليه… وضمّه بقوة.
لم يقل الكونت شيئًا.
لكنه… أغمض عينيه للمرة الأولى منذ زمن، وشعر بالدفء.
---
[منتصف الليل – جناح ليونيل في قصر أورنث]
كان الهدوء يلف القصر، والثلج بالخارج ينسج نُعاسًا أبيض على النوافذ.
في الداخل، تنهد ليونيل وهو يتقلّب في فراشه، الجرو الصغير يتكوّر قربه، دافئًا كوسادة ذات روح، بينما نيران الموقد ترقص على الجدران.
وفجأة…
[ طَنينٌ خافت… يتصاعد في الهواء. ]
"أوه لا… ليس الآن، بحق —"
ظهر الضوء الأزرق الباهت من لا مكان، قبل أن يتكوّن منه وجه مألوف ببرودته:
كارثة، المساعد الافتراضي للنظام.
كان يطفو فوق السرير، مبتسمًا كالعادة… وهي ابتسامة تفتقر لأي دفء.
"مساء النعاس، أمير التشاؤم. لدينا مهمة جديدة."
---
غمغم ليونيل من تحت الغطاء:
"اذهب إلى الجحيم. ليس الليلة. عندي نواة مزروعة في صدري، وقطة فرو تسرق غطائي."
"مهمتك الآن—"
قاطع كارثة نفسه وهو يدور حول رأس ليونيل:
"—إنقاذ أحد الأبطال الرئيسيين في الرواية."
"من؟"
"لا معلومات متوفرة."
"... أين؟"
"سيتم التحديث عند الوصول."
"... لماذا؟"
"لأنك قبلت الارتباط بالنظام، عبقري."
---
جلس ليونيل على السرير، يفرك عينيه.
"هل تعلم أنك تُدعى كارثة؟ أعني، هذا اسمك الحقيقي؟ من سمّاك؟ مؤلف الرواية أم كاتبها الفاشل صحيح انا من سماك؟"
" أنا تمثيل وظيفي للنظام ذاتها. أنا—"
"أنت كرة غاز سحرية تطفو مثل بالونة عصبية."
---
بدأ كارثة بالدوران حوله، يهمس:
"بالمناسبة، لقد مرّ وقت طويل ولم تُسمِّ مخلوقك المرافق."
حدّق ليونيل في الجرو الصغير، الذي كان يطالع كارثة بتأهب.
"كتلة فرو. لماذا أحتاج لتسميته؟ إنه مجرد—"
فقفز الجرو فجأة… وقضم مؤخرة كارثة!
"آااااه!! نزع جزءًا من بياناتي!"
صاح كارثة وهو يدور حول نفسه، بينما تراجع الجرو منتصرًا، يجلس بجانب ليونيل بذيل يهتز بثقة.
---
ضحك ليونيل بخفة:
"ممتاز. سأمنحك وسام الشجاعة، أيها المفترس الظريف."
نظر إلى الجرو، تأمّله لثوانٍ… ثم تنهد.
"... حسنًا. أنت تستحق اسمًا. لننتهِ من هذا."
"كارثة منتصف الليل… وكتلة الفرو بحاجة إلى شهادة ميلاد!"
---
أمال رأسه إلى الجانب وهو يفكر:
(اسم يعكس جلافته… ووجهه البريء الخادع… وقدرته على التهام مساعدات رقمية مزعجة…)
"... ما رأيك بـراجنار؟"
هز الجرو ذيله مرة واحدة.
"لا؟ حسنًا… توفو؟"
نظر إليه الجرو نظرة إهانة شخصية.
"أوه، فهمت. ماذا عن… فاين؟"
رفع الجرو أذنيه، وأطلق صوتًا صغيرًا.
"فاين… هاه؟ يناسبك."
---
صرّ كارثة أسنانه الرقمية:
"هل هذا ضروري؟ تسمية الكلاب؟ أليست لدينا مهمة أهم؟"
ليونيل رفع حاجبه وقال بسخرية:
"نعم. إنقاذ بطل رئيسي لا نعرف هويته أو مكانه أو حتى لماذا ننقذه. مهمة مدروسة جدًا."
---
تمتم وهو ينظر إلى الجرو الذي استلقى على قدميه:
(على الأقل، هذا الكلب أكثر فائدة منك يا كارثة.)
---
وبينما تلاشت صورة النظام، وارتخت أهداب ليونيل مجددًا إلى النعاس، تساءل في داخله:
(من يكون ذلك البطل الذي عليّ إنقاذه؟… ولماذا الآن؟)
لكن عقله المنهك لم يسعفه للإجابات، فقط كان يشعر…
بأن هذه المهمة، رغم غموضها،
قد تغيّر كل شيء.
---
[بعد دقائق من اختيار الاسم – جناح ليونيل – منتصف الليل]
الهدوء بدأ يعود إلى الغرفة، وفاين (الجرو الثلجي الصغير) تكوّر عند قدميّ ليونيل، مطلقًا زفرة شبعٍ واسترخاء.
ليونيل نفسه كان على وشك أن يستسلم للنوم حين…
[ ووه – وميض أزرق جديد يظهر في الهواء. ]
"...لا."
قالها ليونيل بصوت ميت المشاعر وهو يضع الوسادة على وجهه.
"لا أريد مفاجآت زرقاء تطفو مجددًا فوق رأسي."
لكن كارثة… كان هناك، يطفو كعادته.
لكن هذه المرّة، شكله بدا مختلفًا قليلًا.
أهدابه الرقمية منخفضة. شفتيه ترتجفان.
وصوت غريب... مكتوم… صدر عنه:
"هـ… هـو حصل على اسم…"
ليونيل سحب الوسادة جانبًا ونظر له بعبوس:
"كارثة…"
"اسم لطيف! دافئ! يحمل نغمة البطولات أو الغموض! أما أنا؟! كارثة؟! هل تُدرك ماذا يعني ذلك؟!"
"نعم. لأنك كارثة حقيقية. لا تحتاج اسمًا لطيفًا مثل سكر الباندا."
---
كارثة بدأ يطفو ببطء إلى الزاوية… ثم أطلق صوت بكاء خافت.
"لم تشتق لي حتى… كنت أراقبك في كل مهماتك… حفظت عدد المرات التي تنهدت فيها اليوم (١٨ مرة بالمناسبة)… ثم تعطي كرة فرو غبية اسمًا قبل أن تسألني كيف حالي؟!"
"..."
"حتى أنني صنعت لك تحديثًا صوتيًا للنوم ولم تستخدمه!!"
---
ليونيل أغمض عينيه، تمتم ببطء:
(هل هذا المساعد الرقمي… يغار؟)
("كارثة... الغيور الرسمي من كرة الفرو!")
فتح عينيه مجددًا، نظر إلى كارثة الذي بدأ يذوب حزنه في الهواء كفقاعات باردة.
تنهد بعمق… ثم جلس.
"تعال هنا يا… كارثة."
كارثة طفا نحوه بحذر.
فرفع ليونيل ذراعيه… واحتضنه.
"هششش… لا تبكِ، أيها النظام الغبي."
كارثة ارتعش في حضنه، صوته لا يزال مبحوحًا:
"أنت… حضنتني؟!"
"نعم، وندمت فورًا. لكن اسمع… إن بقيت تبكي أكثر من عشر ثوانٍ إضافية، فسأُفعّل بروتوكول الصمت الأبدي."
"هل… هل هو تحديث؟"
"بل هو ركلة."
"آه."
---
ارتجف كارثة ضاحكًا وهو يمسح دموعه الرقمية:
"شكرًا يا ليونيل… أشعر بتحسُّن. سأنسحب الآن كي لا أزعج فاين! حبيبك الصغير!"
"أخرج قبل أن أجد لك اسمًا أسوأ من كارثة."
"مثل؟"
"تسونامي. أو 'المناديل السحرية'."
---
كارثة تنهد، ثم اختفى مع صوت تلاشي طفيف.
[الصمت يعود… من جديد.]
---
عاد ليونيل إلى وضع النوم، عيناه تحدّقان بالسقف، يفكر:
(كنت أريد العيش بسلام، أن لا أتدخل… أن أترك الرواية تنتهي كما كُتبت.)
(لكن…)
(الملل قاتل. و... ذلك البطل الذي سأُنقذه… من يكون؟ من الأبطال الأربعة؟ أم شخصية جديدة؟)
---
مدّ يده نحو الجرو "فاين" وربّت على رأسه برفق.
ثم… أخيرًا… أغمض عينيه.
(مجرد نظرة… مجرد تدخّل صغير لن يغير كل شيء… أليس كذلك؟)
[داخل جناح الضيوف – قصر أورنث – قبل الفجر]
كان السكون يُخيّم على القصر، لا أصوات سوى أنفاسٍ نائمة ودفء الموقد الخافت.
على الوسادة، فتح فاين—الذئب المجلّد، سيد العواء الشمالي، الجارح الثلجي، والرهيب سابقًا—عينيه بتثاقل.
(آه… الحلوى.)
---
حدّق بجانب الوسادة، حيث فتات حلوى من مساء الماضي لا تزال عالقة على طرف فم ليونيل.
اقترب منه قليلاً… واستنشق.
(أحم… لم أكن أحب الحلوى. كنت أراها تافهة… بلا معنى… تضعف الأسنان. والآن؟ لا أقاومها.)
---
تنهّد فاين وهو يمدّ مخالبه بلطف، ثم انكمش من جديد قرب جسد سيده النائم.
(أنا مَن طلب منه أن أكون مرافقه… أنا مَن أصرّ على أن أتبعه… لكن شيئًا ما تغير.)
(بدأت… أتأثر بماناه. لا أقصد فقط سحره، بل… طريقته في العيش، في التذمر، في الكسل… منذ متى لم أتدرّب؟)
---
اهتز أذنه عند سماع صوت حركة.
رفع رأسه.
ليونيل بدأ يستيقظ.
أخرج زفرة ناعمة، وتمتم:
"فااااين… استيقظ. تحرّك، سائق الفرو."
"..." (أنا ذئب جليدي أسطوري يا قليل الهيبة.)
"كبر. لا أستطيع السير، أريد الذهاب قبل أن يستيقظ أحد."
---
ومع زفرة طويلة، انتفض جسد فاين، وتحوّل بوميضٍ ناعم إلى حجمه الأكبر—ذئب قوي فارع، فروه يلمع كقطع الثلج تحت ضوء القمر.
ليونيل أشار إليه بإصبعه بتعب:
"احملني، لقد تعبت من نفسي."
"..." (يا للكرامة.)
---
بكفاءة اعتادها، أنزل فاين جسده وترك ليونيل يتمسك بعنقه، ثم صعد به برفق حتى جلس على ظهره.
تمتم ليونيل:
"بوابة… البوابة…"
رفع يده بصعوبة، ورسم دائرة في الهواء، نبضت بأضواء خافتة من المانا الذهبية.
فتح أمامهم مدخلٌ دوّار، بوابة سحرية تؤدي إلى أطراف العاصمة الإمبراطورية.
---
قبل عبورهم، التفت فاين قليلاً، ناظرًا إلى الغرفة خلفهم.
(إدوارد… مخيف. عيناه وحدهما كفيلة بجعل الذئاب تفر. لا أعلم لماذا يتبعني شعور أنني في خطر كلما رآني بجانب ليونيل.)
(لكنه… والده.)
---
"فاين، تحرّك."
همس ليونيل بصوته الخافت، لكنه أمر، كعادته.
أومأ الذئب العملاق، ثم خطا داخـل البوابة بخفة.
---
[المكان التالي – أطراف العاصمة الإمبراطورية – قبل شروق الشمس]
مع وميض خفيف، خرج فاين وليونيل من البوابة، فاختفى أثر الضوء خلفهم.
كان الهواء أكثر دفئًا بقليل، والمدينة لا تزال نائمة، تهمس بأسطحها الخشبية، ولا أحد في الأرجاء.
تمتم ليونيل، وهو يضع رأسه على عنق الذئب:
"لا تقلق، لن نبقى طويلاً… أريد فقط أن أستطلع شيئًا…"
(البطل الرئيسي الذي سأُنقذه… ربما أستطيع إيجاده هنا…)
ثم أغمض عينيه… وصمت.
وفاين؟
تنهد مرةً أخيرة.
(إنني أتغير… وأظن أنني لم أعد أمانع.)