50 - زواج سياسي؟ لا شكرًا، شعري ليس للبيع

[فجر اليوم التالي – بوابة قصر أورنث]

كان الصباح في إمبراطورية أورنث باردًا كأن الشتاء رفض الرحيل، رغم اقتراب اعتدال المواسم. الضباب يكسو الطرق الملكية، والثلوج تلمع على الأرصفة، كأن القارة تنفست ببطء استعدادًا لرحيل ضيوفها الإمبراطوريين.

خرج الإمبراطور إدوارد من جناح الضيوف وهو يحمل ليونيل النائم بين ذراعيه، ملفوفًا ببطانية ثقيلة أشبه بكومة حلوى ملفوفة بعناية زائدة. رأس ليونيل الصغير كان مائلًا إلى كتف والده، وأنفاسه دافئة تتكاثف بهدوء مع الهواء البارد.

"نم جيدًا… ولا تتحرك كثيرًا كي لا يُصاب بالبرد." تمتم إدوارد وهو يشد الغطاء عليه مرة أخرى.

من خلفه، كان اليوت يسير بتنهيدة واضحة، يحمل فاين المتحول إلى جرو صغير بين يديه، ملفوفًا كذلك بوشاح سميك.

"هذه العائلة… كلها تحتاج إلى رعاية خاصة."

نظر إلى ليونيل النائم، عبوس وجهه لا يزال قائمًا، حتى وهو غارق بالأحلام.

"أُقسم أنه يعبس حتى في نومه. هل يملك عضلات مخصصة لذلك؟"

"أجل، عضلة العبوس الملكية."

"رثاء حالنا، نحن أبناء الإمبراطور."

قبل الصعود للعربة، توقف إدوارد أمام الكونت لوكروفت الذي كان يقف بهدوء تحت سقيفة حجرية مرتديًا معطفًا أسود طويلًا، وقناعه يغطي معظم وجهه، باستثناء تلك العيون الحمراء اليَاقوتيّة التي بدت خافتة في الضوء الرمادي.

"لا تقل شيئًا." قال لوكروفت وهو يخفض رأسه قليلًا.

"كنت سأقول: وداعًا فقط." قال الإمبراطور بهدوء.

"الوداع… لم أعد أجيد استخدامه."

"تعلم. ما زال هناك وقت…"

لم يرد لوكروفت. فقط تقدم بخطوة وربّت بخفة على رأس ليونيل النائم، ثم استدار وعاد إلى داخل القصر دون كلمة أخرى.

[داخل العربة الملكية – بعد دقائق]

وُضع ليونيل على المقعد الطويل داخل العربة، بإحاطة من الوسائد، ومخدة حريرية تحت رأسه.

أخذ إدوارد حُقنة دقيقة زرقاء اللون، كما أوصى بها البارون لوكروفت.

"هذا لتثبيت النواة السحرية… كي لا يختنق قلبه بتدفق مانا غير منتظم."

"أنت وذاك الطبيب تحبون المصطلحات المخيفة."

"نحن فقط لا نحب المجازفة… خصوصًا مع من يعاند حتى وهو نائم."

أمسك إدوارد بذراع ليونيل، وكشف طرف كتفه قليلًا، ثم غرز الإبرة بسرعة واحتراف.

"آآآخ… اغرب عن وجهي أيها الطاغية…" تمتم ليونيل في نومه بينما عبس وجهه بحدة.

"...ما زال في حلمه يتشاجر." قال اليوت مبتسمًا وهو يجلس قبالته، يضع فاين النائم على حجره.

"تخيل فقط أن يستيقظ في منتصف الطريق ويبدأ بسَب العجلات."

"أو يقرر إلقاء نفسه من النافذة لأن الحصان لا يعجبه شكله."

ضحك الإمبراطور قليلًا، ثم نظر من النافذة نحو الطريق أمامهم.

"خمس أيام… ثم نصل إلى حدود أوبيليسك."

"ألن تكون الرحلة متعبة؟"

"أجل… لكن إذا مرت بسلام، قد تُفتح لنا أبواب علاج حقيقي لليونيل."

"وما بعد العلاج؟"

"ربما نُصلح سمعته كامير؟" قالها إدوارد بسخرية .

"أوه، هذا مستحيل. إنقاص عبوسه يتطلب سحرًا قديمًا من عصور ما قبل الديناصورات."

"أو ربما قليل من الحلوى…"

نظر كلاهما إلى ليونيل، الذي بدأ يتنفس ببطء أكثر، وملامحه بدأت تهدأ قليلاً.

كان يبدو طفلًا كأي طفلٍ آخر… لو لم يكن يسبّ في نومه:

"كارثة… لا توقظني وإلا… سأعيد تسميتك بـ(حشرة)."

"…على الأقل عقله الباطني نشط."

انطلقت العربة وسط الضباب، بصوت عجلاتها يقطع هدوء الطرق الباردة. خلفهم، أُغلقت بوابة قصر أورنث، وأمامهم، خمسة أيام من السفر، الأحلام الغريبة، وربما… الهدوء النادر.

أو هكذا ظنّوا.

---

[أثناء الرحلة – العربة الإمبراطورية، ]

كان الليل قد أسدل ستاره خارج العربة، والثلوج ما تزال تتساقط بهدوء فوق زجاج النوافذ. العربة تهتز بخفة على الطريق الوعر، والهدوء يلفّها من الداخل، حيث ينام اليوت ويمتد فاين على الأرضية وقد تحوّل إلى كرة فرو صامتة.

ولكن في ذهن ليونيل... لم يكن هناك أي هدوء.

[في الحلم – ساحة رمادية، تتشقق تحت أقدام المانا]

ظهر أمامه فجأة، ذلك المشهد العنيف:

راهبٌ أحمر ، بابتسامة مجنونة، يتقدم عبر الرماد.

ملابسه تشبه أردية القساوسة، لكنها ملطخة بالدماء، وعيناه حمراوان تلمعان كجمرة مشتعلة.

"هاهاها! ما النقاء إلا بذبح كل شيء فاسد!" صاح وهو يدور بعصا سحرية طويلة تتوهج بلون أرجواني كريه.

وأمام هذا الكائن الكارثي، وقف ليونيل… لكن ليس في هيئته الحالية. بل كشخص بالغ. طويل، أنيق، عيناه ثاقبتان، وسيف سحري يتوهج بلهيب فضي.

"أهذا أنا…؟" فكر ليونيل بذهول وهو يحدّق في هيئته المستقبلية، التي بدت… وسيمة إلى درجة أزعجته.

(عظيم… حتى أنا البالغ أكثر وسامة مني الآن. هذا غير عادل.)

راقب القتال بصمت – ليونيل البالغ كان يقاتل ببراعة مدهشة، لكن الراهب الأحمر يضحك بجنون، كأن كل طعنة تُرضيه.

"هل تظن أنك قادر على إيقافي، أيها الشرير الفاشل؟"

"أنا لا أظنك… بل سأُريك."

ردّ ليونيل البالغ وهو يوجّه ضربة سيف مدمّرة فجّرت الأرض تحت الراهب.

ولكن فجأة، تمزق المشهد كلوحة أحرقت من المنتصف، وسقط ليونيل مجددًا...

[الفراغ – ثم كوريا الجنوبية، مستشفى ]

استيقظ داخل مشهد مألوف، مأساوي.

جسد ضعيف، عظام بارزة تحت جلد باهت، أنفاس ثقيلة تمر عبر أنبوب أكسجين، والنافذة تُظهر شتاءً كوريًا باهتًا.

لقد كان هو. في جسده الأصلي. مريض اللوكيميا.

عاجز، ممدد على سرير بلا حرارة… لا عائلة، لا أصدقاء، فقط وحشة باردة وصوت جهاز الرنين.

(لا… لا أريد العودة إلى هنا.)

(منذ تجسدت كـ"ليونيل"… على الرغم من الألم، الختم، الشتم، والجلسات العلاجية… ما زالت حياتي… أفضل من هذا.)

(لم أعد وحيدًا. هناك أخ مجنون، أب مخيف، وذئب مزعج… لكنني لست وحدي.)

صرخ بداخله، و… استيقظ فجأة.

---

[العربة – قبل الفجر]

"هاه… هاه…!" تنفّس بحدة، وهو يفتح عينيه على ضوء مصباح سحري باهت داخل العربة.

"ليونيل؟" جاءه صوت إدوارد الهادئ.

كان يجلس بجانبه، سهرانًا كالعادة، يقرأ بعض التقارير السحرية. لكنه رمى كل شيء فور أن رأى تعرّق ليونيل، وانحناء كتفيه كمن نجا من الغرق.

بلا كلمة، اقترب إدوارد، ورفعه من وسادته بحذر، وضمه بين ذراعيه.

"كابوس؟" سأل بهدوء، وهو يربّت على ظهره.

ليونيل لم يجب… فقط بقي يحدّق به للحظات، ثم دفن وجهه بعنق والده، كما لو كان يبحث عن دفء لا يستطيع التعبير عنه بالكلمات.

(أنا أكرههم… كلهم… لكن لماذا أشعر بالأمان هنا؟)

(هو مخيف، مزعج، متسلط… لكن يضعني دومًا في حضنه عندما أبكي… ولا يسأل الكثير.)

(لماذا… أشعر أنني طفل فعلاً؟)

تنهد إدوارد بخفة، وسحب البطانية السميكة ليغطي ليونيل حتى عنقه، ثم مرّر يده على شعره الأبيض الفوضوي.

"أنت لست ضعيفًا يا ليونيل… فقط تحتاج لوقت لتشفى."

"...أنا لا أبكي." تمتم ليونيل بصوت مبحوح، يكاد لا يُسمع.

"أعرف. أنت فقط… تُبلل عنقي."

"...هذا عرق." قال بصوت متذمر وهو يدفن وجهه أكثر.

ابتسم إدوارد، وقال بخفة:

"حسنًا… ليكن عرقًا."

وبين أنفاس ناعمة، وأصوات العربة تهتز بلطف…

نام ليونيل مجددًا، وهو يفكر:

(ذلك الراهب الأحمر… لم يكن موجودًا في المزاد. لماذا؟)

(هل الأحداث تغيرت؟ أم أنني فقط… كنت مبكرًا؟)

(تبا… لا أريد أن أصبح البطل. فقط… لا أريد أن أكون الضحية أيضاً.)

[إمبراطورية أورنث – في إحدى محطات الطريق، فندق فاخر]

هدأت العربة أخيرًا أمام فندق مرموق مخصص للنبلاء والوفود الدبلوماسية. قرر الإمبراطور إدوارد التوقف لبضع ساعات حتى يستريحوا قبل إكمال الطريق نحو أوبيليسك.

تم تجهيز جناح فخم لهم، تتوسطه صالة طعام خاصة مليئة بأشهى المأكولات وألذّ ما يقدمه المطبخ المحلي.

[الصالة – الطاولة الإمبراطورية]

جلس ليونيل على وسادة سحرية رُفعت خصيصًا كي يتمكن من الوصول للطاولة، يلتهم طبقًا دسمًا من البط بالصلصة العسلية.

الزبدة تتقطر من الخبز الطازج، والجبن المذاب يتمطط من فطيرة صغيرة ساخنة.

كان يمضغ بانسجام ورضا نادر الحدوث على وجهه، بينما يجلس إدوارد أمامه، يراقبه بصمت، يكتفي بكوب من القهوة السوداء.

إدوارد:

"هذا الطبق الرابع… هل تنوي النوم طوال الطريق المتبقي؟"

ليونيل (يمضغ بفم ممتلئ):

"أنا أُعيد طاقتي. هل تفضل أن أضعف أكثر؟"

"الطبيب قال لا تفرط بالدسم."

"والطبيب لا يعرف معنى السعادة."

"..."

في هذه اللحظة، خرج اليوت من الحمام، شعره الأسود القصير يلتصق برقبته، يلبس سترة أرستقراطية بلون الكحلي الملكي، ومعطفًا مبطنًا بالفرو الرمادي.

اقترب وهو ينشف شعره بمنشفة صغيرة.

اليوت:

"أبي، هل تسمح أن آخذ ليو بجولة قصيرة في السوق؟ هناك منطقة قريبة، وقد يحتاج لتغيير جو."

إدوارد نظر إلى ليونيل الذي ما يزال يقاتل قطعة لحم بعناد.

"أهو مستعد للمشي؟"

"سأحمله، كالعادة." قال اليوت وهو يغمز له.

ليونيل ابتلع لقمته ونظر إليه بتذمر.

"كأنني دمية."

"بل دمية شريرة."

"حذارِ… أنا أملك القدرة على عضك."

ضحك اليوت بصوتٍ عالٍ، ثم اقترب وسحب المعطف الدافئ الذي اختاره خصيصًا لليونيل – كان بلون خمري غامق، مطرّز بخيوط ذهبية خفيفة.

ألبسه إياه بعناية، ثم حمله بذراعيه كما لو كان أخًا صغيرًا مدللًا.

[المدينة – سوق أورنث المسائي]

خرجوا إلى الشوارع المليئة بالأضواء الخافتة، والموسيقى الهادئة تنبعث من آلات موسيقية سحرية.

العربات تمر، والأكشاك تفوح برائحة الحلوى، الكستناء المشوية، ونفحات التوابل الشتوية.

مرّوا بجانب عربة تبيع الكعك المحشو بالكريمة، وأخرى تبيع عصير التفاح الساخن.

اليوت أصرّ على شراء كعكة دافئة، ومشروب حلو غني بالقرفة، ثم جلس على أحد الكراسي الحجرية ووضع ليونيل على ركبته، وهو يُطعمه بنفسه.

ليونيل (ينظر إليه):

"...أنت تحب هذا، أليس كذلك؟ أن تعاملني كطفل."

"لأني اشتقت إليك كثيرًا، ليو."

توقف ليونيل لثوانٍ… ثم تنهد.

"حسنًا. لا بأس… فقط هذه المرة."

ابتسم اليوت، ومسح فتات الكعكة عن زاوية فم أخيه، وقال مازحًا:

"يا طفل أبي المدلل، لو رآك أحد من الأعداء هكذا لظن أنك ساحر حلويات ."

"توقف! أو سأستخدم سلطتي الملكية كي أمنعك من أكل الحلويات لعام كامل."

اليوت قهقه بصوتٍ عالٍ، ثم ضحك ليونيل بخفة – ضحكة نادرة، قصيرة، لكنها صادقة.

بينما السماء كانت تمطر ثلجًا ناعمًا فوق المدينة،

كان في قلب السوق طفل يتذمر وطفل آخر يضحك، وذئب صغير في عباءةٍ سحرية يحدّق بكل ما حوله بنفاد صبر.

وللحظة قصيرة، نسي ليونيل أنه "شرير".

نسي أنه يهرب من نظام، وكوابيس، ومهام غامضة…

ونسي حتى الحقن، والجراحة، والراهب الأحمر.

لقد تذوق شيئًا بسيطًا…

طعم الحياة العادية.

[سوق أورنث – الساحة الداخلية للمهرجان الشتوي]

ثلوج خفيفة تتساقط مثل الريش، تعكسها أضواء الفوانيس العائمة التي تزّين الشوارع.

بين أصوات العازفين الجوالين، ورائحة الكعك والقرفة، جلس ليونيل على كرسي خشبي مُريح أمام عربة شوكولاتة ساخنة، يتأمل أكوام الثلج المتكدسة بشيء من اللامبالاة.

كان اليوت قد اشترى له عبوة من الشوكولاتة الفاخرة، وألبسه وشاحًا إضافيًا، ثم قال وهو يضعه على الكرسي:

"ابقَ هنا وكن هادئ. أنا قريب إن احتجت شيئًا. وتمتّع مع صديقك ."

ليونيل (متذمرًا):

"أي صديق؟ أنا لا أملك أصدقاء. لديّ دائرة كراهية واسعة فقط."

لكن قبل أن ينهي اعتراضه... سمع صوتًا مرحًا خلفه:

"ليوووو! لم أكن أصدق أنه أنت حقًا!"

استدار ببطء وهو يشتم داخليًا.

(اللـعـنـة… هو.)

كان ديمتري كراون يقف أمامه، بشعره الاسود ، وعيناه بلون العسل الدافئ، يرتدي معطفًا أزرق أنيقًا بخطوط فضية، يحمل كيسًا ممتلئًا بالحلوى المتلألئة.

ديمتري كراون – "مطرقة الغضب" وأحد أبطال الرواية.

شخصية محبوبة، متهورة قليلاً، لكنه مخلص وطيب القلب.

في الرواية، كان من أوائل من أصبحوا أصدقاء البطل…

أما هنا، فليونيل لا يراه سوى كائن لزج مزعج… ومصدر ثابت للحلوى المجانية.

ديمتري جلس بجانبه دون دعوة.

"أنا سعيد لأننا التقينا مجددًا! لم أرك منذ حادثة الأكاديمية . هل أنت هنا مع والدك؟"

ليونيل (ببرود):

"لا، أنا هنا لأنني قررت أن أصبح بائع بطاطا متجول."

"..."

"نعم، مع ذئب يتنكر كجرو وماضي مأساوي وسر مظلم... أحاول نسيانه بالحلوى."

ديمتري ضحك بخفة وظن أن ليونيل يمزح كعادته، ثم أخرج من جيبه علبة صغيرة مملوءة بحلوى صفراء ناعمة الشكل.

"خذ، هذه حلوى جديدة جلبتها من متجر مميز! صنعت من زهور جبلية سحرية!"

ليونيل حدّق بالعلبة، ثم بها، ثم قال بجدية:

"حسنًا… هذا يُحسّن وضعك قليلًا."

أخذها والتهم واحدة فورًا، ثم أغمض عينيه بنشوة.

"...سأتظاهر أني لا أكرهك لخمس دقائق."

"صفقة ممتازة!" قال ديمتري بحماسة.

[خلفهم – اليوت يراقب المشهد من بعيد، مبتسمًا وهو يحتسي عصيره الدافئ.]

اليوت (يفكر):

(لأول مرة لا يتذمر من أحد غيري... معجزة الشتاء.)

"هل جئت وحدك؟" سأل ليونيل وهو يمضغ.

"أنا هنا مع والدي. لديه اجتماع مع بعض رجال السياسة، وسمح لي بالتجول قليلاً."

"..."

"وأنت؟"

"أنا في مهمة دبلوماسية سرية، لكنها ستفشل بسبب شخص لزج يُغرقني بالحلوى."

ديمتري ضحك، ثم اقترب فجأة وفتح كيسًا آخر.

"هل تذوقت حلوى البرقوق الملكي؟"

"أنت تُغويني بطعام لا أستطيع مقاومته… هذا تهديد صريح لصحتي العقلية."

[وفي أحد الزوايا – فاين، الذئب الصغير، كان يراقب ديمتري وهو ينقل الحلوى لليونيل ويزمجر بخفوت.]

(هَذا المتطفل… إنه يحاول شراء سيدي بالسكر!)

اقترب، ووثب في حضن ليونيل، الذي تلقاه بتنهيدة:

"هل تغار، كُرة الفرو؟ هذا فقط مصدر للسكّر المجاني، لا تقلق."

جلس الثلاثة لبعض الوقت، والجو من حولهم دافئ رغم برودة الطقس.

أضواء السوق، نكهة الشتاء، ونقاش عشوائي بين شرير سابق، وبطل متهور، وذئب غيور.

كان ليونيل يعلم في داخله أن ديمتري يومًا ما سيكون خصمًا له في الرواية…

لكنه الآن؟

كان فقط ذلك الصبي الساذج الذي يجلب له حلوى بأشكال غريبة…

وهذا وحده يكفي ليجعله يحتمل وجوده لبضع ساعات أخرى.

(فقط لا تتوقف عن الحلوى، مفهوم؟)

---

[فندق إمبراطورية أورنث – المساء]

الريح الباردة تهبّ بلطف من الشرفات الحجرية، تتلاعب بظل الستائر الطويلة.

خرج ليونيل برفقة اليوت من السوق، محمولًا كالعادة، يشبه كيسًا من السكر المكعّب، متدثّرًا بطبقات من المعاطف.

فاين يلتفّ حول كاحل اليوت، يتبعه بخطوات صغيرة وهو ينفخ أنفه بشموخ.

ديمتري وقف عند بوابة الفندق، يلوّح بيده كأنه يودّع صديق طفولة.

"سأرسل لك المزيد من الحلوى لاحقًا! و... ابقَ دافئًا، حسناً؟"

ليونيل ببرود وهو يسند رأسه على كتف اليوت:

"لا ترسل شوكولاتة بالبندق، لديّ معايير يا لزج."

ديمتري ضحك، ثم غادر وهو يصفر بلحنٍ ، أما ليونيل فتنهد تنهيدة تعب، تميل إلى الكآبة.

اليوت: "بقي يومان فقط ونصل إلى أوبيليسك."

ليونيل بنبرة متذمرة:

"رائع، مزيد من التمثيل، والكذب، والسياسيين السمجين الذين سيحاولون ابتلاعنا كقطع شطرنج."

اليوت: "أوه، كنت أعتقد أنك ستكون ممتنًا."

"ممتن؟ أنا مجرد غزال مريض يُجر عبر القارات ليُذبح على موائد المؤتمرات."

[أمام الفندق – العربة الفاخرة بانتظارهم]

الخدم يفتحون الباب الفضي للعربة الإمبراطورية.

الإمبراطور إدوارد يجلس بداخلها، بملامحه الحادة، يقرأ تقريرًا بختم ذهبي.

نظراته تنتقل فورًا إلى ليونيل المحمول بين ذراعي اليوت.

إدوارد: "تأخرتما."

اليوت بهدوء:

"كان السوق مزدحمًا... وطفلك المدلل قرر أنه بحاجة لثلاثة أنواع من الحلوى."

ليونيل: "خمسة. لا تقلّل من ذوقي المتنوّع."

اليوت رفع حاجبه، ثم وضع ليونيل برفق على الكرسي المخصص له، وغلفه بمعطف دافئ، وأضاف فوقه وشاحًا إضافيًا كأنه لعبة ثمينة لا تحتمل الهواء.

فاين قفز واستقر في حضن ليونيل، وبدأ يلعق كفه كما لو أنه متوتر من الجو السياسي القادم.

[داخل العربة – على الطريق نحو أوبيليسك]

المشهد ساكن، والنقاش هادئ… حتى بدأ الإمبراطور الحديث.

إدوارد بصوت جاد:

"أوبيليسك ليست كأي إمبراطورية. ولي العهد هناك محارب بارع… لكنه في صراع مع شقيقته، الأميرة، على وراثة العرش."

اليوت يستمع بانتباه:

"هل هم في حالة نزاع داخلي؟"

إدوارد: "إنه تنافس مغلف بالابتسامات… كلاهما ذكي. المشكلة أن الملكة تدفع ابنتها للأمام، وتحاول عرضها كخيار زواج سياسي..."

ثم التفت إلى اليوت فجأة:

"...والخيار أمامك، إن رغبت."

اليوت فتح فمه قليلاً من الصدمة، بينما ليونيل ارتفعت حاجبه بدهشة باردة.

ليونيل :

"زواج؟! هل عليّ أن أبدأ بتحضير ثوب الزفاف؟"

اليوت تجاهل سخريته، وبعثر شعر ليونيل بيده.

اليوت: "هل تستطيع ربط شعرك؟ هذا خط دفاع شخصي قاتل!"

ليونيل صوت جاف:

"شعري هو تاجي، بعكسك الذي يبدو كقائد فرقة موسيقية متقاعد."

فاين أصدر صوتًا خافتًا كما لو أنه يضحك… أو يسعل.

لحظة صمت – ثم قهقهة خفيفة من الإمبراطور

إدوارد نظر إليهما بتسلية واضحة، وكأن المزاح بين ولديه يمنحه لحظة نادرة من السلام.

مدّ يده وسحب وشاحًا إضافيًا ووضعه حول عنق ليونيل بحذر، ثم ضغط بخفة على صدره ليتأكد أن حرارته لا تزال مستقرة.

ليونيل متذمرًا:

"إن حاول أحد آخر الزواج منّي، سأستدعي نوكس شخصيًا."

اليوت ساخرًا:

"لا أحد يريد الزواج من طفل متكئ على جرو."

فاين أطلق زمجرة احتجاج، بينما ليونيل شدّ الوشاح بقوة:

"على الأقل أنا لا أُجبر على التظاهر بالأدب أمام أميرة لأجل المصلحة العليا."

إدوارد متنهّدًا:

"أقسم إنني من بدأ الحرب... لكنكم أنتما من تجعلان السلام مستحيلًا."

[خارج العربة – الثلج ما يزال يهطل بهدوء]

الطريق إلى أوبيليسك لا يزال طويلاً… لكن العربة مليئة بأحاديث مُربكة، وسخرية متبادلة، وقلب صغير يحاول أن يفهم دوره في رواية لم يعد يعرف هل يريد تغييرها… أم فقط أن يبقى حيًا حتى النهاية.

[بوابة إمبراطورية أوبيليسك – صباح الوصول]

توقفت العربات الإمبراطورية عند الساحة الخارجية للقصر، حيث انتظرت وفود الاستقبال بكل وقار.

كان في مقدمتهم الإمبراطور داريوس فون كراون، يقف كجبلٍ من الجليد، وإلى جانبه ولده ولي العهد كايل، والأميرة إيرينا، ترتدي عباءة بنفسجية مزركشة بخيوط فضية.

انفتح باب العربة الرئيسية. خرج إدوارد كريستين أولاً، يتبعه اليوت حاملاً ليونيل النائم نصفه والمستيقظ نصفه الآخر.

"أهذه أوبيليسك؟" تمطّى ليونيل، وهو يدفن وجهه في ياقة معطفه. "ألم يكن من الأفضل إيصالي إلى سريري مباشرة؟"

اليوت تجاهل تعليقه تمامًا، بينما اقترب الإمبراطور داريوس ليصافح إدوارد.

"أهلاً بك في بلادنا، يا إمبراطور كريستين."

"أتمنى ألا تكون هذه الزيارة قد سببت لك عناءً كبيرًا، داريوس."

كايل انحنى برأسه احترامًا. الأميرة إيرينا نظرت إلى ليونيل، ثم التفتت نحو اليوت بابتسامة غامضة.

"طفل لطيف."

"لا تنخدعي"، قال اليوت، "هو كائن صغير يوزع التذمر مجانًا."

"ما زلت هنا!" قال ليونيل. "وما زلت أسمعكم. ومشكلتي معكم أنكم دائمًا تصرّون على معاملتي كحقيبة."

إدوارد أدار وجهه إلى داريوس. "أين الجناح المخصص لنا؟ يبدو أن أحدنا بحاجة إلى فراش قبل أن يبدأ في سبّ العائلة المستضيفة."

"الجهة الشرقية، الجناح الملكي."

انطلقت الخدم لترشد الوفد الإمبراطوري، بينما كان ليونيل يرمق الثلج بعين نصف مفتوحة.

"أكره كل شيء أبيض. إلا الكريمة. الكريمة مقبولة."

"وصول غير مرحّب به (بالنسبة لليونيل فقط)"

2025/08/06 · 47 مشاهدة · 2644 كلمة
روزي
نادي الروايات - 2025