بعد ليلة طويلة من الغضب والصراخ على النظام، قرر ليونيل أن يتجاهل كل شيء وعاد للنوم، متجاهلًا تمامًا أي مشاكل قد يجلبها له المستقبل.
لكن لسوء حظه، لم يكن العالم ينوي تركه بسلام.
في الصباح الباكر، فُتح الباب دون سابق إنذار، ودخل أدغار الطبيب الشخصي مع بعض المساعدين. كانت وجوههم هادئة، وكأنهم كانوا مستعدين لمواجهة مقاومة شديدة.
"صباح الخير، سموّك." قال أدغار بنبرة هادئة، لكن ليونيل لم يتحرك من سريره، بل دفن وجهه في الوسادة وتجاهلهم تمامًا.
وقف أدغار بجانب السرير، ونظر إليه للحظة قبل أن يتنهد. "حان وقت بدء العلاج الفيزيائي."
لم يأتِ أي رد من ليونيل.
تبادل المساعدون النظرات، ثم حاول أحدهم الاقتراب لوضع يده على كتف ليونيل، لكنه لم يكن قد أكمل حركته حتى رفع ليونيل رأسه فجأة وحدّق فيه بعيون باردة.
"إذا لمستني، سأجعلك تندم على ولادتك." قال بصوت منخفض، لكن التهديد فيه كان واضحًا.
توقف المساعد فورًا وتراجع بخطوات سريعة، بينما رفع أدغار حاجبًا، لكنه لم يُظهر أي خوف.
"لا يمكنك البقاء في السرير للأبد، سموّك." قال الطبيب بنبرة هادئة، كما لو كان يتحدث إلى طفل عنيد.
"يمكنني المحاولة." رد ليونيل بلا مبالاة، ثم استدار إلى الجهة الأخرى من السرير، مغمضًا عينيه وكأنه لم يسمعهم.
كان يعلم أن أدغار لن يستسلم بسهولة، لكنه أيضًا لم يكن ينوي تسهيل الأمر عليهم.
إذا أرادوا إرغامه على العلاج، فليحاولوا.
............
ساد الصمت للحظة بعد تجاهل ليونيل لهم، لكن أدغار لم يكن من النوع الذي يستسلم بسهولة. رفع يده مشيرًا لأحد المساعدين للاقتراب، لكن قبل أن يتمكن أحد من لمسه، رفع ليونيل رأسه فجأة وصرخ بغضب:
"إذا حاولتم إجباري، سأرمي نفسي من النافذة!"
تجمد الجميع في مكانهم، وحدقت أعينهم فيه بصدمة. حتى أدغار، الذي كان معروفًا برباطة جأشه، بدا وكأنه لم يتوقع هذا التهديد تحديدًا.
ألقى ليونيل نظرة سريعة على النافذة القريبة منه، ثم عاد يحدق بهم بتحدٍّ، وكأنه يقول: جرّبوا فقط!
تنهد أدغار، وأغلق عينيه للحظة وكأنه يحاول جمع صبره قبل أن يفتحها مجددًا بنظرة باردة. ثم التفت إلى أحد الفرسان عند الباب وقال بهدوء:
"اذهب وأحضر جلالة الإمبراطور."
اتسعت عينا ليونيل للحظة، لكنه سرعان ما أخفى توتره خلف تعبير بارد.
"… أنت تمزح، صحيح؟"
لكن أدغار لم يرد عليه، فقط عبرت نظرة حادة على وجهه قبل أن يعود للوقوف بثبات في مكانه.
ليـونيل شعر بوخزة قلق.
إذا جاء الإمبراطور بنفسه… فهذا قد يتحول إلى مشكلة حقيقية.
..............
ظل ليونيل جالسًا في سريره، يراقب الفرسان والمساعدين ببرود، لكن داخله كان في حالة تأهب قصوى.
لم يكن يتوقع أن يستدعي أدغار الإمبراطور شخصيًا، لكن يبدو أن الجميع يأخذون العلاج الفيزيائي بجدية أكثر مما ينبغي.
لم يمضِ وقت طويل حتى فتح باب الغرفة ببطء، ودخل الإمبراطور بخطوات ثابتة. كانت هذه ثاني مرة يرى فيها ليونيل والده الجديد منذ أن تجسد هنا.
شخصيًا، كان الإمبراطور مرعبًا أكثر مما يتذكره من الرواية. شعره الأسود الداكن وعيناه الزرقاء الباردة جعلاه يبدو وكأنه لا ينتمي لهذا العالم، وكأن حضوره بحد ذاته يفرض الهيمنة المطلقة.
بمجرد دخوله، انحنى الجميع على الفور، باستثناء ليونيل الذي ظل جالسًا يحدق به بوجه متجهم.
وقف الإمبراطور أمامه، متأملًا إياه للحظة قبل أن يقول بصوت هادئ لكنه يحمل قوة خفية:
"ستخضع للعلاج."
رفع ليونيل حاجبه بسخرية.
"لا."
ساد الصمت للحظة. لم يكن أحد يجرؤ على رفض أمر الإمبراطور بهذه الصراحة، لكن ليونيل لم يكن مهتمًا بالمجاملات الملكية.
الإمبراطور لم يُظهر أي انفعال، لكنه اقترب خطوة أخرى، وصوته انخفض درجة، محملًا بحدة غير مرئية:
"ليونيل، لا تجعلني اكرر كلامي."
حدق ليونيل مباشرة في عيني الإمبراطور الذهبية، ثم قال ببرود:
"يمكنك قتلي إن أردت، لكنني لن أخضع."
في تلك اللحظة، تحرك الإمبراطور.
بسرعة لا تتناسب مع مظهره الهادئ، أمسك ليونيل من كتفه بقوة وثبته على السرير. لم يكن الأمر عنيفًا، لكنه كان يحمل ثقلًا لا يُقاوم، وكأن جبلًا سقط فوقه فجأة.
"أنت—!"
حاول ليونيل التملص، لكن قوة الإمبراطور لم تكن شيئًا يمكن لطفل ضعيف مثله مقاومته.
أشار الإمبراطور إلى أدغار دون أن يحيد بنظره عن ليونيل.
"ابدأوا فورًا."
تقدم أدغار على الفور، ولم يستطع ليونيل سوى الصراخ والمقاومة بينما بدأ المساعدون في العمل.
"أيها الأوغاد اللعينون! كيف تجر—أوه! لا تلمسني، أيها القذر! تبًا لكم جميعًا!"
بينما كان يكافح بكل قوته، سمع ضحكة خفيفة من أحد الزوايا. التفت ليجد كايل، الذي لا يعلم متى دخل، يجلس مستمتعًا بالمشهد وكأنه يشاهد عرضًا مسليًا.
"يا لها من لحظة لا تُقدر بثمن،" تمتم كايل بابتسامة عريضة.
ليونيل، الذي لم يكن لديه يد حرة لضربه، اكتفى بالصراخ أكثر.
"تبًا لك أنت أيضًا، كايل!"
.............
بدأت جلسة العلاج الفيزيائي، ولم يكن الأمر سوى تعذيب خالص بالنسبة لليونيل.
تمدد على سريره بينما كان أدغار ومساعدوه يمسكون بأطرافه الضعيفة، يضغطون على عضلاته المتصلبة ويحركون مفاصله المتجمدة. كان الشعور مزيجًا من الألم الحاد والانزعاج العميق، وكأن أحدهم يحاول إعادة تشكيل جسده بالقوة.
"أيها الأوغاد! هل تحاولون قتلي؟!"
كان جسده ضعيفًا للغاية بسبب الشهور الطويلة التي قضاها راقدًا في الفراش، وكان كل تحريك لعضلة غير مستخدمة منذ مدة طويلة بمثابة إشعال نار تحت جلده.
ضغط أدغار على فخذ ليونيل، ثم بدأ بتحريك ساقه ببطء إلى الأعلى والأسفل، مما جعل ليونيل يصرخ غاضبًا.
"أي نوع من العلاج هذا؟ هذا تعذيب، تبًا لكم جميعًا!"
لم يكن أدغار متأثرًا بصراخه على الإطلاق، بل استمر بهدوء في عمله، مشيرًا إلى أحد المساعدين لتحريك ذراعيه أيضًا.
شعر ليونيل وكأن أحدهم يقوم بفصل جسده عن بعضه، صراخه تزايد مع كل حركة.
"أنت! أيها العجوز اللعين، كيف تسمح ب—آااه! توقفوا! تبًا، هذا مؤلم!"
ألقى الإمبراطور عليه نظرة باردة دون أن يُظهر أي تعاطف.
"اصمت وتحمل."
"اصمت أنت!" صرخ ليونيل، قبل أن يكمل بغضب: "أنا لست بطلاً! أنا لست حتى شريرًا! لماذا أعاني من هذا؟!"
أدغار تجاهل احتجاجاته، وبدأ بثني قدمه ببطء شديد إلى الأمام والخلف، ثم ضغط على باطنها، مما جعل ليونيل يشعر وكأن عظامه على وشك الانكسار.
"آااااه! اللعنة، كفى! اللعنة عليكم جميعًا!"
ضحكة أخرى سُمعت من الزاوية. كان كايل لا يزال هناك، جالسًا بكل راحة، وكأنه يستمتع بأفضل عرض ترفيهي شاهده في حياته.
"أنت تستحق هذا تمامًا، ليونيل."
حدق ليونيل به بعيون تحترق غضبًا، لكنه لم يكن يستطيع حتى رفع يده لضربه.
"اذهب للجحيم، كايل!"
لكن كايل فقط ابتسم، ورفع كأس الشاي الذي كان يحمله، وكأنه يشرب نخب معاناته.
كان هذا… أسوأ يوم في حياة ليونيل.
.................
بعد انتهاء جلسة العلاج الأولى، شعر ليونيل وكأن جسده قد تمزق بالكامل. كان يتنفس بصعوبة، عرقه يتصبب، وعضلاته تؤلمه كما لو تم دهسه بواسطة قطيع من الأحصنة.
أما أدغار، فظل واقفًا بجانبه بنظرة محايدة، وكأنه لم يكن السبب في هذا العذاب منذ لحظات.
"حالة جسد سمو الأمير سيئة للغاية." قال الطبيب أخيرًا، وهو يزيل القفازات الجلدية من يديه. "سيحتاج على الأقل إلى ستة أشهر ليستعيد قدرته على التحرك بشكل طبيعي، هذا إذا التزم بجلسات يومية مكثفة."
ليونيل، الذي بالكاد كان يستطيع رفع رأسه، حدق به بعينين مليئتين بالغضب. "ستة أشهر؟ هل تمزح معي؟"
"هذه هي المدة المتوقعة في حال تعاونت معنا، سمو الأمير." أضاف أدغار ببرود. "وإلا، فقد تستغرق العملية سنوات، أو ربما لن تستعيد قدرتك على المشي أبدًا."
شعر ليونيل بقشعريرة تسري في جسده. سنوات؟ لا، هذا غير مقبول!
لكن بالطبع، لم يكن ينوي الاعتراف بذلك بصوت عالٍ.
"كما أن من الأفضل أن يخرج سمو الأمير يوميًا إلى الحديقة." تابع أدغار. "التعرض للشمس والحركة الخفيفة ستساعد على تسريع التعافي."
"هاه؟!" انفجر ليونيل غضبًا. "هل تتوقع مني أن أتجول في الحديقة كعجوز مقعد؟! مستحيل!"
ألقى الإمبراطور عليه نظرة صارمة، لكن ليونيل لم يهتم.
"أنا لن أفعل أي شيء!" صاح ليونيل، وهو يحاول النهوض لكنه سقط مجددًا على السرير، غير قادر حتى على رفع نفسه. "لن أتعاون معكم، ولن أتحرك من مكاني! يمكنكم سحبي بالقوة، لكنني لن أفعل أي شيء بإرادتي!"
تنهد أدغار، بينما كان كايل يضحك في الخلف.
.................
بعد لحظات من الصمت المشحون، دخل الخدم حاملين صينية فطور صحية، مليئة بأطعمة مغذية تناسب حالته. كان هناك حساء دافئ، خبز طري، وبعض الفواكه المقطعة بعناية.
لكن ليونيل، الذي كان لا يزال يلهث من الإرهاق، لم يلقِ حتى نظرة واحدة على الطعام. بل أدار رأسه بعناد، كأنه طفل يرفض تناول دوائه.
"خذوا هذا بعيدًا." قال ببرود، صوته لا يزال يحمل آثار الغضب من جلسة العلاج السابقة.
أدغار تجاهل رفضه تمامًا، بينما تنهد الإمبراطور بنفاد صبر. نظر إلى ابنه بعينين باردتين، ثم اقترب منه قبل أن يفعل شيئًا لم يكن أحد يتوقعه—
حمله.
"ماذا تفعل؟!" صاح ليونيل وهو يشعر بجسده يرفع فجأة عن السرير.
لكن الإمبراطور لم يرد، بل جلس على الكرسي القريب من السرير، واضعًا ليونيل في حضنه كما لو كان طفلًا صغيرًا.
"أنت ترفض تناول الطعام بمفردك، إذن سأطعمك بنفسي." قال بصوت هادئ، لكنه يحمل نبرة لا جدال فيها.
تجمد ليونيل لثانية، قبل أن ينفجر غضبًا. "دعني وشأني، أيها العجوز اللعين!" بدأ يركل ويتملص، لكن جسده الضعيف لم يسعفه.
بيد واحدة، ثبّته الإمبراطور مكانه، بينما التقط باليد الأخرى ملعقة من الحساء.
"افتح فمك."
"اذهب إلى الجحيم!"
حاول ليونيل التملص مجددًا، لكن الإمبراطور دفع الملعقة نحو شفتيه دون أي اهتمام بمقاومته. بعد ثوانٍ من الصراع، انتهى الأمر بالحساء وهو ينسكب على ذقن ليونيل.
"تبًا لك، أيها العجوز المتعجرف!"
بجانبهم، كان كايل قد انفجر ضاحكًا، بينما حتى أدغار بدا وكأنه يحاول إخفاء ابتسامة صغيرة.
"أي نوع من الاباء أنت؟! هل هذه هي الطريقة التي تعامل بها ابنك؟!"
الإمبراطور لم يرد، بل مسح زاوية فم ليونيل بمنديل، ثم أخذ ملعقة أخرى.
"أنت لا تريد الأكل؟ إذن لن تغادر حضني حتى تنهي طبقك بالكامل."
كانت هذه اللحظة التي فقد فيها ليونيل صوابه تمامًا.
"لعنة على العائلة الإمبراطورية كاملة!" صرخ، شتمًا كل فرد في شجرة العائلة، من الجد الأول إلى الإمبراطور الحالي، ولم ينسَ حتى نفسه في هذه السلسلة من الشتائم.
لكن الإمبراطور ظل هادئًا، يتعامل مع نوبة الغضب وكأنها ليست سوى نزوة طفل مدلل.
"حسنًا، استمر في الصراخ كما تشاء. لن أتوقف حتى تأكل."
وهكذا، استمرت المعركة غير المتكافئة—إمبراطور بارد وصارم، مقابل أمير غاضب يصرخ دون فائدة.
...................
لم يكن لدى ليونيل أي فرصة. مهما حاول التملص، كان الإمبراطور أكثر حزمًا.
"أنا لن آكل! أتركني أيها العجوز القاسي!" صرخ وهو يحاول إبعاد الملعقة، لكن الإمبراطور، دون أن يبالي، استمر في دفع الطعام نحو فمه.
"افتح فمك."
"مستحيل!"
لكن معدته كان لها رأي آخر، حيث أصدرت صوتًا خفيفًا من الجوع، مما جعل كايل ينفجر ضاحكًا.
"يبدو أن جسدك لا يشاركك الرأي، أيها الأمير الصغير." قال كايل بابتسامة مستفزة.
احمر وجه ليونيل غضبًا، لكنه قبل أن يتمكن من إطلاق سيل جديد من الشتائم، ضغط الإمبراطور على فكّه برفق لكنه بحزم، مما أجبره على فتح فمه قليلًا.
وبسرعة، وضع الملعقة داخله.
ليونيل تجمد. كانت النكهة ساخنة، لكنها ليست سيئة… لا! هذا ليس المهم الآن!
حاول بصق الطعام، لكن الإمبراطور، بتعبير هادئ تمامًا، غطى فمه بيده.
"ابتلعه."
"ممممف!!"
لم يكن لديه خيار. بلع الطعام بوجه متجهم، وعيناه تشتعلان بالغضب.
لكن الإمبراطور لم يمنحه فرصة للاحتجاج، بل جهّز الملعقة التالية.
"حسنًا، الملعقة التالية."
"هل تمزح معي؟! يكفي هذا!"
لكن الإمبراطور لم يستمع. ومع كل مقاومة من ليونيل، كان الطعام يختفي تدريجيًا من الطبق.
كايل كان يستمتع بالمشهد إلى أقصى حد، في حين أن أدغار وقف بصمت، معتادًا على تصرفات الإمبراطور الصارمة.
بعد عدة دقائق من المعركة، كان الطبق فارغًا تمامًا.
ليونيل، الذي كان يلهث من الغضب، نظر إلى الإمبراطور بعيون تشتعل كرهًا.
"أتمنى أن تختنق بطعامك في يوم ما!"
الإمبراطور، غير متأثر تمامًا، مسح فم ليونيل بمنديل آخر، ثم وضعه بهدوء على السرير.
"أحسنت. سنكرر هذا في كل وجبة إذا رفضت تناول طعامك."
ليونيل اتسعت عيناه بالرعب. "ماذا؟!"
.............
بعد أن انتهى الإمبراطور من إرغام ليونيل على تناول الطعام، لم يمنحه حتى فرصة للاعتراض قبل أن يرفعه بسهولة ويضعه على الكرسي المتحرك.
"انتظر… ماذا تفعل؟!"
نظر الإمبراطور إليه ببرود. "إنه وقتك لتتعرض للشمس."
"أنا لا أحتاج الشمس، أحتاج أن تتركني وشأني!"
لكن الإمبراطور لم يعطه فرصة أخرى، بل أشار إلى الفرسان الذين تحركوا على الفور، ممسكين بمقابض الكرسي المتحرك ودفعوه خارج الغرفة.
"تبًا لكم جميعًا! لا تلمسوني، أيها الحمقى!"
بدأ ليونيل يركل بعصبية، محاولًا إيقافهم بأي وسيلة، لكن جسده الضعيف لم يسمح له سوى بتحريك قدميه قليلًا دون أي تأثير حقيقي.
"سأحرق هذه القلعة بالكامل! سأجد طريقة لجعلكم تدفعون الثمن!"
كايل، الذي كان يسير بجانبهم، ضحك قائلًا: "أنا متأكد أنك ستفعل ذلك، لكن بعد أن تنهي جلستك في الحديقة."
ليونيل كان على وشك الصراخ مجددًا عندما عبروا الممرات ووصلوا إلى الحديقة. كان النسيم ناعمًا وأشعة الشمس دافئة، لكنها لم تكن كافية لتهدئته.
"أعيدوني إلى الداخل! لا أريد الجلوس هنا!"
لكن لا أحد استجاب له.
ثم فجأة، ظهرت أمامه شاشة شفافة:
—------------------------------------
[نظام اللاعب]
المهمة الأولى: جاري التنفيذ…
تبقّت 9 جلسات علاج للحصول على المكافأة.
—------------------------------------
ليونيل جمد في مكانه، عيناه تشتعلان غضبًا وهو يقرأ الرسالة.
ثم انفجر صوته في الحديقة: "النظام اللعين!! هل تعتقد أني أريد مكافأتك؟! اغرب عن وجهي!"
لكن بالطبع، لم يحصل على أي رد.
ظل ليونيل يحدق في شاشة النظام، أنفاسه تتسارع مع ازدياد غضبه. كان على وشك الصراخ مجددًا عندما ظهرت أمامه نافذة أخرى، وكأن النظام يستمتع باستفزازه.
—------------------------------------
[نظام اللاعب]
تحذير: إهمال العلاج الفيزيائي سيؤدي إلى تدهور الحالة الصحية، مما قد يؤثر على قدرتك على البقاء على قيد الحياة في المستقبل.
تلميح: المقاومة غير مجدية. يُنصح بإكمال المهمة للحصول على المكافأة.
—------------------------------------
ليونيل جمد في مكانه للحظة، ثم انفجر غضبه مجددًا.
"اللعنة عليك! أي تلميح هذا؟! تبًا لك ولمن برمجك!"
لكن بالطبع، لم يختفِ النص، بل بقي معلقًا أمامه وكأنه يسخر منه.
كايل، الذي كان يراقبه عن كثب، رفع حاجبه بتسلية. "هل تتشاجر مع الهواء الآن؟"
ليونيل استدار إليه وصرخ: "أخرس، كايل! أنت آخر شخص أحتاج إليه الآن!"
ضحك كايل، بينما أدغار اكتفى بتعديل نظاراته وقال بهدوء: "سموّك، الصراخ لن يغير شيئًا. جلسة العلاج التالية ستكون غدًا، لذلك يُفضل أن تعتاد على الأمر."
"غدًا؟! هل تمزح معي؟!"
وقبل أن يستطيع الاحتجاج أكثر، ظهرت أمامه رسالة أخرى من النظام:
—------------------------------------
[نظام اللاعب]
المهمة الجانبية متاحة!
[مهمة جانبية: تقبّل العلاج]
استمر في جلسات العلاج الفيزيائي دون مقاومة لمدة 3 أيام متتالية.
المكافأة: زيادة طفيفة في القدرة الجسدية + نقاط صحة إضافية.
هل تقبل المهمة؟
[نعم] [لا]
—------------------------------------
ليونيل حدّق في الشاشة للحظات، ثم همس ببطء، مغمغمًا بين أسنانه: "هذا… ليس عدلًا."
....................
نظر ليونيل إلى الشاشة أمامه ببرود، ثم دون تفكير، مدّ إصبعه نحو زر "لا" وضغط عليه بقوة، وكأنه يصفع النظام نفسه.
—------------------------------------
[تم رفض المهمة الجانبية.]
تحذير: رفض المهام المفيدة قد يؤثر على بقائك في المستقبل.
—------------------------------------
"تبًا لك ولمستقبلي!" تمتم ليونيل بغضب، ثم أغلق النافذة بيده، وكأن ذلك سيجعلها تختفي من عقله أيضًا.
لن يستمع لهذا النظام اللعين. لن يخضع لهذا العبث. لم يكن عليه أن يكون هنا منذ البداية، فلماذا يتوجب عليه اتباع سيناريو لم يكن حتى جزءًا منه؟
إنه مجرد شخصية جانبية بالكاد كانت تُذكر، لكن بفضل الكاتب الأحمق، تم تصنيفه كـ"شرير" لمجرد كونه من العائلة الإمبراطورية ولمجرد أن الأبطال احتاجوا إلى شخص يكرهونه في البداية!
قبض على قبضتيه بقوة.
"لا، هذا ليس مكاني. عليّ أن أجد طريقة للهروب من هنا."
لم يكن مضطرًا للانجرار وراء الأحداث، لم يكن عليه القتال أو أن يصبح جزءًا من القصة. بمجرد أن يتمكن من استعادة قوته ولو قليلًا، سيهرب من هذا المكان ويختفي.
لكن المشكلة الوحيدة…
كانت كيف سيفعل ذلك بجسدٍ ضعيف لا يستطيع حتى السير دون مساعدة.
...............
كان ليونيل غارقًا في أفكاره، يحدق في الفراغ بشرود، يفكر في طريقة للخروج من هذا المكان، حين شعر فجأة بيدين تلتفان حوله وترفعانه عن الكرسي المتحرك.
"ماذا؟!"
رمش بعنف، مستوعبًا أن إليوت هو من حمله دون سابق إنذار.
"أنزلني أيها الأحمق!" صرخ ليونيل، محاولًا التملص، لكن قبضتي إليوت كانتا محكمتين كالفولاذ.
"توقف عن الصراخ، ستلفت الانتباه بلا داعٍ." قال إليوت بنبرة هادئة، لكنه لم يُظهر أي نية لإعادته إلى الكرسي.
على الجانب الآخر، كان كايل يقف مستندًا إلى شجرة، يشاهد المشهد بابتسامة واسعة وكأنه يشاهد عرضًا ترفيهيًا.
"هذا أفضل مشهد رأيته اليوم." علّق كايل بمرح، بينما كان ليونيل يرفس في الهواء محاولًا تحرير نفسه.
أما إدغار، الطبيب الذي كان مسؤولًا عن جلسات علاجه الفيزيائي، فقد قرر أن هذا ليس وقته للتدخل، فاكتفى بتعديل نظارته وتنهد قبل أن يغادر، متجاهلًا الفوضى التي كانت تتصاعد خلفه.
"إليوت، قلتُ لك أن تتركني!" هتف ليونيل بغضب، بينما كان يحاول عضّ يد شقيقه الأكبر، لكن الأخير تجنّب هجومه بسهولة.
"لا أعتقد أنني سأفعل." رد إليوت ببرود، ثم بدأ بالسير في أنحاء الحديقة، متجاهلًا كل محاولات ليونيل للتحرر.
كلما حاول ليونيل المقاومة، أحكم إليوت قبضته أكثر، وكأنه يحمل كيسًا صغيرًا من الريش بدلًا من أخيه الصغير.
"هذا غير قانوني! هذه إساءة معاملة لأمير! سأرفع شكوى!"
"لمن؟"
"للكاتب اللعين الذي كتب هذه القصة الغبية!"
قهقه كايل ضاحكًا، بينما واصل إليوت التجول في الحديقة بهدوء، وكأن شقيقه الأصغر لم يكن يتلوى بين ذراعيه كقط صغير غاضب.