استمر ليونيل في محاولاته المتكررة للتملص من قبضة إليوت، لكن جميع جهوده كانت تذهب سدى. كان يشعر بأن كل محاولاته تزيد من غضبه، بينما كان إليوت يواصل السير في الحديقة وكأن شيئًا لم يكن.
"أنت لن تخرج من يدي أبدًا، أليس كذلك؟" قال إليوت بنبرة هادئة، وهو يربت على شعر ليونيل كما لو كان يهدئ طفلًا غاضبًا.
كان ليونيل يصرخ بين أسنانه، يحاول دفعه بعيدًا، لكنه لم ينجح في ذلك. الغضب كان يتصاعد بداخله، خاصة مع ضحك كايل المتواصل الذي كان يلاحقهما في كل خطوة.
بينما كانوا يسيرون في الحديقة، اقترب منهم رجل طويل القامة، ذو مظهر أنيق يليق بنبلاء الإمبراطورية. كان يرتدي ملابس فاخرة تحمل شعار العائلة، وكان يعرفه ليونيل جيدًا من الرواية.
"بارون ريتشارد مونتغمري..." تمتم ليونيل بصوت منخفض، وهو يدفن وجهه في صدر إليوت.
شعر إليوت بحركة غير عادية من جسد شقيقه الأصغر. كان يرتجف بشكل واضح، وكأن هناك شيئًا قد فاجأه بشدة.
"هل أنت بخير؟" سأل إليوت بفضول، لكن ليونيل لم يرد. كان يفضل أن يختبئ ويختفي عن الأنظار أكثر من أن يواجه هذا الرجل.
بينما كان إليوت لا يزال يحمل ليونيل بين ذراعيه، كان بارون ريتشارد يقترب منهما، مبتسمًا كما لو أنه كان يتوقع شيئًا، أو ربما كان يراقب الموقف باهتمام.
وفجأة، ظهرت أمام ليونيل نافذة الحالة مرة أخرى، وهو يشعر بشيء غريب في قلبه، كأن النظام يراقب كل تحركاته.
نافذة الحالة
المهمة: تجنب التفاعل مع بارون ريتشارد مونتغمري.
تصنيف المهمة: غير محدد.
الهدف: البقاء هادئًا وعدم لفت الانتباه.
أغلق ليونيل عينيه لحظة، وهو يشعر بالانزعاج. لم يكن يعرف ما هي الرسالة الغريبة التي أرسلها النظام، لكنه كان يشعر بشيء غريب يحدث. كان يعلم أن هذا الرجل سيؤثر في مجرى الأحداث بشكل أو بآخر، خاصة أن دوره في الرواية لم يكن واضحًا في البداية.
لكن هذه المرة، لم يكن بإمكانه الهروب أو التملص. كان يجب أن يتعامل مع هذه المواقف بشجاعة أكبر... حتى وإن كان يكره كل شيء يتعلق بتلك الرواية.
..............
شعر ليونيل أن أنفاسه تتسارع، لكنه أجبر نفسه على الاسترخاء بينما كان صدره لا يزال مضغوطًا ضد إليوت. لم يكن يعرف السبب الدقيق وراء تحذير النظام، لكنه أدرك أن تجاهله لن يكون خيارًا حكيمًا.
رفع ريتشارد مونتغمري حاجبه بخفة وهو ينظر إليهما، ثم ابتسم ابتسامة هادئة تحمل في طياتها معنى غامضًا. كان بارونًا شابًا، لكن هالته كانت ثقيلة، وكأن وجوده نفسه يفرض السيطرة على المكان.
"يا لها من مفاجأة سارة، الأمير ليونيل."
شد ليونيل قبضته على قميص إليوت دون أن يرفع رأسه، متظاهرًا بأنه لم يسمع. لكنه شعر بيد إليوت ترتخي قليلًا، مما يعني أن شقيقه الأكبر كان على وشك وضعه على الأرض.
"لم أتوقع أن أراك هنا، بارون مونتغمري." رد إليوت بنبرة مهذبة، لكن ليونيل تمكن من تمييز ذلك الحذر الطفيف في صوته.
"كنت في جولة قصيرة في الحدائق، لكن يبدو أنني صادفت مشهدًا نادرًا." ريتشارد نظر مباشرة إلى ليونيل، وكأنه يحاول اختراق دفاعاته. "يبدو أن صاحب السمو الصغير خجول للغاية اليوم."
ضغط ليونيل شفتيه. لم يكن يريد التفاعل، لكن التجاهل التام قد يجذب الانتباه أكثر.
ببطء، رفع رأسه قليلًا، محافظًا على تعابير وجهه محايدة قدر الإمكان. "تحية طيبة، بارون مونتغمري."
كان صوته هادئًا، لكن داخله كان يعج بالفوضى. لماذا يرسل النظام تحذيرًا بشأن هذا الرجل؟ في الرواية الأصلية، لم يكن له تأثير كبير في البداية، لكنه كان أحد الشخصيات التي ظهرت لاحقًا في الفصول المتقدمة، حيث لعب دورًا رئيسيًا في انقلاب داخلي لم تكن تفاصيله واضحة حتى الآن.
ابتسامة ريتشارد لم تتغير. "من الجيد أن نراك بصحة جيدة، صاحب السمو. سمعت الكثير عنك، لكن يبدو أن الواقع أكثر إثارة للاهتمام مما تخيلت."
شعر ليونيل بقشعريرة تمر عبر عموده الفقري. لماذا بدا وكأن هذا الرجل يراقبه؟ ولماذا... شعر بأن كلماته تخفي معنى أعمق؟
قرر عدم الاستمرار في الحديث أكثر من اللازم. كان النظام واضحًا في تحذيره، ولن يخاطر بفتح أي طريق غير معروف.
لكنه لم يكن بحاجة إلى ذلك، لأن ريتشارد كان لديه خططه الخاصة.
"بالمناسبة،" قال البارون وهو يضع يده على صدره بإيماءة أرستقراطية، "لقد تلقيت مؤخرًا دعوة لحضور مأدبة في القصر الملكي. أتساءل إن كنت سأحظى بفرصة التحدث معك مجددًا هناك، صاحب السمو؟"
تشنجت أصابع ليونيل للحظة. مأدبة؟ لم يسمع عن شيء كهذا من قبل. كان يعلم أن أحداث الرواية بدأت تأخذ منحى مختلفًا، لكن هذا...
شعر بنظرة إليوت الثاقبة عليه، وكأن شقيقه يحاول تحليل ردود فعله. لم يكن هناك مفر من هذا الموقف، لكنه كان يعلم شيئًا واحدًا...
هذه المأدبة لن تكون مجرد لقاء عادي.
..............
شعر إليوت بوضوح بارتجاف ليونيل بين ذراعيه، فتصلب جسده على الفور، ونظر بحدة إلى ريتشارد مونتغمري. لم يكن يحب الطريقة التي كان يحدق بها البارون في شقيقه الأصغر، ولم يكن مرتاحًا أبدًا لحضوره غير المتوقع.
"أعتقد أن أخي ليس في مزاج جيد للحديث، بارون مونتغمري." قال إليوت ببرود، وهو يشد قبضته حول ليونيل قليلاً، كأنه يحيطه بدرع غير مرئي. "إذا لم يكن لديك أمر مهم، فمن الأفضل لك أن تتابع جولتك وحدك."
رفع ريتشارد حاجبه للحظة، قبل أن يبتسم ابتسامة صغيرة. "كم أنت حامٍ له، صاحب السمو إليوت. إنه مشهد نادر أن أرى هذا النوع من الإخلاص بين أفراد العائلة المالكة."
لم يتغير تعبير إليوت. كان يعلم أن البارون يحاول استفزازه، لكن هذا لم يكن مهمًا. الأهم الآن هو ليونيل، الذي لم يتوقف عن الارتجاف منذ أن رأى هذا الرجل.
"هذا طبيعي." أجاب إليوت بلهجة جافة. "ليونيل أخي، ولن أسمح لأحد بإزعاجه."
تلك الكلمات، رغم بساطتها، كانت تحمل تحذيرًا ضمنيًا لم يفت على ريتشارد. ظل البارون يراقب إليوت للحظات، ثم حول نظره مجددًا إلى ليونيل، الذي كان لا يزال مدفونًا في صدر شقيقه، متجنبًا أي اتصال بصري.
"أنا آسف إن كنت قد أزعجتك، صاحب السمو الصغير." قال ريتشارد بصوت هادئ، لكن ليونيل لم يرد، مما جعل ابتسامة البارون تتسع قليلاً.
"يبدو أننا سنلتقي قريبًا، سواء شئت أم أبيت." أضاف البارون بخفة، قبل أن ينحني قليلاً بطريقة رسمية، ثم استدار ليغادر.
ظل إليوت يراقبه حتى اختفى من نظره، قبل أن ينظر إلى ليونيل مجددًا. شعر بصدر أخيه يرتفع وينخفض بسرعة، مما يدل على أنه كان يكافح للحفاظ على هدوئه.
"ليونيل؟" ناداه إليوت بصوت أكثر ليونة.
أخذ ليونيل نفسًا عميقًا، لكنه لم يرفع رأسه. "أنا بخير..." تمتم بصوت منخفض، لكن الارتجاف الخفيف الذي لا يزال يسري في جسده كان يخبر إليوت بعكس ذلك.
قرر إليوت ألا يضغط عليه، لكنه لم يكن ينوي ترك الأمر يمر ببساطة أيضًا. شدد من احتضانه لليونيل للحظات، كأنه يخبره بأنه هنا، ثم بدأ بالسير بعيدًا عن المكان، محاولًا إخراج شقيقه من الأجواء المشحونة.
كان يعلم أنه عاجلاً أم آجلاً، سيضطر ليونيل لمواجهة هذا الرجل مرة أخرى. لكن حتى ذلك الحين... لن يدع أحدًا يلمس شقيقه.
..............
ما إن ابتعد البارون ريتشارد، حتى عاد الصوت المزعج ليخترق الأجواء من جديد.
"أوه، كم كان هذا مشهدًا رائعًا!" ضحك كايل بصوت عالٍ، واضعًا يديه على خصره بينما يهز رأسه بأسلوب ساخر. "ألم يكن ذلك لطيفًا؟ الأمير الصغير مختبئ في أحضان أخيه، وكأننا نشاهد قصة مأساوية!"
كان ليونيل لا يزال متوترًا، وارتجافه لم يتوقف تمامًا. لم يكن لديه الطاقة للرد على كايل الآن. كان كل ما يريده هو مغادرة هذا المكان.
"إليوت..." تمتم بصوت ضعيف، بينما رفع رأسه أخيرًا لينظر إلى شقيقه الأكبر.
نظر إليه إليوت بتركيز، مستعدًا لتنفيذ أي شيء يطلبه.
"أعدني إلى غرفتي... أشعر بألم في معدتي."
على الفور، تغير تعبير إليوت إلى الجدية. دون تردد، رفع ليونيل بين ذراعيه كما لو كان طفلًا، متجاهلًا تمامًا وجود كايل، الذي كان لا يزال يضحك بجانبهما.
"حقًا؟ هل ستتجاهلني بهذه السهولة؟" قال كايل وهو يضع يده على صدره وكأنه مصدوم. "كم أنت قاسٍ، إليوت!"
لكن الأخير لم يكلف نفسه حتى عناء الرد. التفت مبتعدًا وهو يحمل ليونيل بين ذراعيه، متجهًا مباشرة نحو القصر.
وفي تلك اللحظة، ظهرت نافذة النظام أمام ليونيل، مما جعله يغمض عينيه بتعب.
[ إشعار النظام ]
تم تفعيل مهمة جديدة.
المهمة: تأثير الظل الخفي
الوصف: هناك شيء غير طبيعي بشأن بارون ريتشارد مونتغمري. تجنب أي مواجهة مباشرة معه في الوقت الحالي، وحاول جمع المعلومات عنه بهدوء.
المكافأة: مهارة جديدة غير معروفة.
العقوبة: خطر غير محدد.
فتح ليونيل عينيه ببطء، بينما تنهد بعمق. لم يكن بحاجة إلى النظام ليخبره أن هذا الرجل يمثل مشكلة... لكن حقيقة أنه كان يرسل تحذيرًا بهذا الشكل جعلت القلق يزداد في داخله.
لم يكن أمامه سوى خيار واحد-عليه معرفة الحقيقة قبل أن يكون الوقت قد فات.
..............
بينما كان إليوت يسير بثبات، حاملاً ليونيل بين ذراعيه، ظهرت نافذة جديدة أمام عينيه المتعبة.
[ نافذة الحالة ]
تم تعيين موعد بدء المهمة: بعد يومين، خلال الحفل الملكي.
ملاحظة: لا يُسمح بإلغاء المهمة. استعد جيدًا.
"حفل ملكي؟" تمتم ليونيل داخل عقله، لكنه لم يكن قادرًا على التفكير كثيرًا. الإرهاق كان ينهش جسده، وعيناه بدأتا تثقلان بشكل لا إرادي.
قبل أن يدرك، كان العالم من حوله يتلاشى تدريجيًا. الدفء الذي شعر به من إليوت، والحركة الرتيبة أثناء حمله، جعلت النوم يتسلل إليه ببطء. لم يقاوم، فقط استسلم للنعاس.
لكن بالطبع، لم يكن كايل ليسمح للموقف بالمرور دون تعليق ساخر.
"هاه؟ هل نام بالفعل؟ يا إلهي، كم هو ضعيف." ضحك كايل بخفة، وهو يقترب منهما. "ألا يبدو كالأمير المدلل بين ذراعي شقيقه المحبوب؟ أراهن أنه يحلم الآن بأنه أقوى شخص في العالم."
لكن قبل أن يتمكن من إضافة المزيد من السخرية، وجه إليه إليوت نظرة باردة، كانت كافية لإيقافه.
"اصمت، كايل."
رغم بساطة الكلمات، إلا أن نبرة إليوت كانت حادة بما يكفي لتجعل كايل يتراجع قليلاً.
رفع يديه مستسلمًا وقال: "حسنًا، حسنًا، سأكون هادئًا. لا حاجة لقتلي بنظراتك فقط."
وبدون كلمة أخرى، واصل إليوت طريقه نحو القصر، حاملاً ليونيل النائم، بينما كانت الأفكار تتدفق في ذهنه-عن البارون، وعن الحفل الملكي القادم، وعن المهمة الغامضة التي لم يكن ليونيل مستعدًا لها بعد.
...........
لم يكن النوم مريحًا.
كان الظلام يحيط به، ثقيلًا، كئيبًا، كأنه يضغط على صدره، يمنعه من التنفس. ثم، دون سابق إنذار، انشقت العتمة، واندفع ليونيل إلى عالم آخر.
كان يقف وسط العاصمة محترقة.
الأبنية تحولت إلى أطلال، الجدران ملطخة بالدماء، والجثث متناثرة في كل زاوية. في السماء، لم يكن هناك شمس، بل قمر قرمزي ضخم، ينظر إليهم جميعًا كعين شيطانية تتلذذ بالفوضى.
صوت ما كان يهمس في الأفق... بكاء... أنين... ضحك مشوّه.
وفي وسط هذه الجثث والنيران، رآه.
ليونيل البالغ.
لكن هذا الرجل لم يكن شخصًا يعرفه. كان وحشًا.
وجهه متسخ بالدماء، عيناه قاتمتان بلا حياة، ودرعه الأسود ممزق ومتشقق، كما لو أنه قاتل حتى انهارت روحه معه. في يده، كان يحمل سيفًا أسود ذو شفرة متعرجة، يقطر دمًا كما لو أنه شرب أرواح ضحاياه.
لم يكن وحده.
أمام ليونيل، وقفت ثلاثة كوابيس تتجسد في أجساد بشرية.
أوليفر بلاكستون - سيد الظلام الأبدي
لم يكن جسدًا، بل ظلًا، رجلًا يلبس عباءة سوداء تتماوج كما لو كانت مصنوعة من الفراغ ذاته. من تحت غطاء رأسه، تألقت عينان حادتان، كل منهما عبارة عن حفرة مظلمة تسحب النور إليها.
"هل تشعر بذلك، ليونيل؟" تحدث صوته، لكنه لم يصدر من فمه بل من كل مكان حوله. "رائحة اللحم المحترق، صرخات من ماتوا باسمك؟"
أشار إلى الجثث حولهم-كان معظمهم من الفرسان الذين يقسمون الولاء للعائلة الإمبراطورية.
"لقد قتلتهم جميعًا، يا أميرنا العزيز."
ماركيز ديمتري فالنتينو - آسر الأرواح المتوحش
رجل ذو معطف أحمر يقطر دمًا، وعينان ذهبيتان تشعان بجنون. كان يمسك بسلسلة طويلة، وفي نهايتها، رؤوس بشرية لا تزال عيونها تتحرك، تتوسل، تبكي بصمت.
"كم هذا مؤسف." قال بابتسامة جافة، وهو يرفع رأس طفل صغير كان لا يزال يتنفس. "كنت أتمنى أن تستمتع أكثر. ألم يعجبك صوتهم عندما مزقت حناجرهم؟"
ليونيل البالغ لم يرد. لم ينكر ذلك.
سيرافينا نوايت - الخائنة الملعونة
شعر فضي طويل، عيون زرقاء باردة بلا أي أثر للإنسانية. كانت ترتدي ثوبًا أبيض ملوثًا ببقع حمراء، ويديها ملطختان بسائل أسود غريب.
اقتربت منه ببطء، وضعت يدها على وجهه، ولمساته كانت باردة كالجليد.
"أنت تعرف الحقيقة، أليس كذلك، ليونيل؟" همست في أذنه، بصوت ناعم لكنه مشبع بالسخرية. "أنت لست بطلاً. لم تكن يومًا كذلك. أنت مجرد أداة... وأنت تعرف لمن."
في تلك اللحظة، تحرك ليونيل البالغ.
رفع سيفه، ولمع ضوء أزرق في عينيه. لم يكن هناك خوف، ولا غضب، فقط قرار نهائي.
"كل واحد منكم..." تمتم، صوته أجش، متعب، لكن ثابت.
"مجرد خطأ يجب تصحيحه."
ثم بدأ الجحيم الحقيقي.
السيف تمزق عبر صدر ديمتري، لكن الرجل لم يصرخ، بل ضحك، وسقطت الدماء من فمه كما لو أنه كان ينتظر ذلك.
أوليفر بلاكستون ابتسم، وفي اللحظة التي انغرس فيها السيف في قلبه، تحول إلى ظل، وظهر خلف ليونيل، يهمس في أذنه كلمات لم يفهمها، لكنها جعلت دمه يتجمد.
أما سيرافينا، فقد انفجرت إلى مئات النسخ منها، كل نسخة كانت تبتسم بنفس الطريقة، تهمس بنفس الكلمات، تصرخ بنفس الألم.
ليونيل لم يتوقف.
لم يستطع التوقف.
استمر في القتال حتى فقد العد، حتى لم يعد يعرف من يقتل، حتى أصبح كل شيء ضبابًا من الدماء والرماد والصرخات.
وفي النهاية...
وجد نفسه يقف وسط بحر من الجثث، وسيفه لا يزال يقطر دمًا أسود.
لكن لم يكن هناك أحد غيره.
لا أعداء.
لا حلفاء.
كان وحده.
وفي تلك اللحظة، فهم شيئًا مرعبًا.
هذا لم يكن حلمًا.
لقد كان المستقبل.
...
استيقظ ليونيل فجأة، جسده يرتجف، أنفاسه متقطعة.
كانت غرفته مظلمة، لكن الشعور لم يختفِ.
لقد كان لا يزال يسمع الصرخات.
لا يزال يشم رائحة الدم.
"ما هذا بحق ؟" همس، صوته ضعيف بالكاد يسمع.
لكنه عرف شيئًا واحدًا...
هذه الرواية لم تكن كما يتذكرها.
.............
جلس ليونيل في سريره، واضعًا يده على رأسه، يحاول تهدئة أنفاسه المضطربة. الحلم لا يزال حيًا في ذاكرته، الدماء، الجثث، الصرخات... والأهم من ذلك، ليونيل البالغ الذي كان يقتل بلا تردد.
"تبا... ما هذا بحق ؟" تمتم، وهو يضغط على صدغه بأصابعه.
كان عليه التفكير، ترتيب أفكاره، لكنه كلما حاول التركيز، ازداد ارتباكه أكثر.
سبعة إصدارات... وستة فقط قرأها.
تذكر أن الرواية التي تجسد فيها كانت واحدة من تلك السلاسل الطويلة المعقدة. سبعة أجزاء، لكن المشكلة؟
لقد قرأ ستة فقط!
لم يكن قد قرأ الجزء الأخير، لأن القدر اللعين لم يمنحه الفرصة. كان قد مات قبل أن يصدر الجزء السابع، والآن، وجد نفسه محاصرًا داخل عالم لم يكمله الكاتب بعد.
"هذا ليس عدلًا..." تمتم بغضب، قبضته ترتجف.
لم تكن المشكلة فقط أنه لا يعرف النهاية، بل إن المعلومات التي لديه عن شخصية ليونيل داخل القصة محدودة بشكل مزعج!
الأمير الرابع... والشرير المنسي.
ليونيل لم يكن حتى من الشخصيات الرئيسية، لكنه لم يكن شخصية جانبية تمامًا أيضًا. كان الأمير الرابع، الابن المنبوذ، الذي تم تصنيفه كـ"شرير" .
في الأجزاء الأولى، كان مجرد عقبة أمام الأبطال، عقبة يمكن تجاوزها بسهولة. الجميع كان يعرف نهايته، حتى قبل أن تبدأ القصة بجدية-الإعدام أو التضحية.
لكن المشكلة؟
لم يكن هناك أي تفاصيل!
حتى مع كونه "الشرير"، لم يكن هناك تفسير واضح لدوافعه، لم يكن هناك أي عمق لشخصيته، فقط مجرد عنوان:
"الأمير الرابع، الشرير الفاشل."
ومع ذلك، في الحلم...
كان ليونيل يقاتل حتى آخر نفس.
"اللعنة..." غمغم، يضغط على أسنانه.
أي نوع من الكابوس السخيف هذا؟
وماذا كان الكاتب اللعين يفكر عندما صنع هذا العالم بهذه الطريقة المريعة؟
بدأ وجه ليونيل يتحول للون الأحمر من الغضب، ثم لم يستطع تمالك نفسه أكثر، وصرخ بأعلى صوته:
"ذلك الكاتب اللعين! أيها الأحمق! السافل! عديم الرحمة! أهذا ما ظننته ممتعًا؟ أن ترميني في عالم لا أعرف حتى كيف سينتهي؟!"
لو كان الكاتب أمامه الآن، لأمسك به من عنقه وهزّه بكل قوته حتى يعترف بالحقيقة.
أي نوع من النهاية وضعها لهذا العالم؟
ما الذي حدث في الجزء السابع؟
هل ليونيل البالغ في الحلم كان هو نفسه؟ أم كان شخصًا آخر؟
لم يكن لديه أي إجابات.
وهذا ما جعله يريد تحطيم رأسه في الحائط.
...............
ما زالت أنفاس ليونيل غير مستقرة، والغضب يتصاعد في صدره كبركان يكاد ينفجر. كان بحاجة إلى إجابات، إلى أي شيء يمكن أن يزيل هذا الشعور القاتل بالعجز.
وبلا تردد، رفع يده أمامه وتمتم بحدة:
"استدعاء نافذة الحالة!"
في اللحظة التالية، ظهرت أمامه النافذة الشفافة، تتوهج بضوء خافت في الغرفة المظلمة.
---
[الاسم]: ليونيل كريستين
[اللقب]: الأمير الرابع - الشرير الفاشل
[العمر]: 13 سنوات
[التصنيف]: عابر + شرير
[المستوى]: 5
[الحالة الجسدية]: ضعيف - يحتاج إلى علاج مكثف
[الحالة النفسية]: غاضب - مشوش
[الإحصائيات]:
القوة: 3/100
السرعة: 2/100
الذكاء: 90/100
التحمل: 4/100
السيطرة السحرية: 0/100
---
[المهارات]:
؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟ (مقفل)
؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟ (مقفل)
؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟ (مقفل)
-------
نظر ليونيل إلى الشاشة بملامح معقدة، ثم انفجر قائلاً:
"تصنيف شرير؟! أيها الكاتب اللعين، هل كنت تشرب شيئًا عندما كتبت هذا الهراء؟!"
كيف يكون شريرًا وهو بالكاد يملك القدرة على الوقوف دون أن ينهار؟ ناهيك عن أنه لم يفعل أي شيء شرير حتى الآن!
ضغط على صدغه بأصابعه محاولًا تهدئة نفسه. كان بحاجة إلى فهم موقفه الحالي قبل أن يفكر في أي شيء آخر.
إذا كانت الرواية الأصلية تتكون من سبعة أجزاء، وكان قد قرأ ستة فقط قبل أن يموت، فهذا يعني أن الجزء الأخير يحمل أسرارًا لم يكن يعرفها.
"اللعنة..." تمتم لنفسه.
[التنبيهات]:
استمرار العلاج الفيزيائي ضروري لتحسين الحالة الجسدية.
الطاقة السحرية غير قابلة للاستخدام.
إتمام المهمات قد يؤدي إلى كشف المزيد من المعلومات.
تم تحديث قاعدة البيانات... معلومات إضافية متاحة. هل ترغب في عرضها؟
نظر ليونيل إلى النافذة، وشيء ما بداخله ازداد غليانًا.
"تصنيف: عابر + شرير؟!"
أي نوع من الهراء هذا؟ هو لم يكن حتى مهتمًا باللعب وفق سيناريو الرواية، فكيف لا يزال هذا النظام يصنفه كشرير؟ هو لا يريد أن يكون بطلًا، لكنه بالتأكيد ليس الشرير اللعين هنا!
ثم انتقل نظره إلى آخر سطر في التنبيهات، عينيه تضيقان.
"معلومات إضافية متاحة؟"
أخذ نفسًا عميقًا، قبل أن يقول ببطء:
"اعرض المعلومات الجديدة."
النافذة اهتزت للحظة، وكأنها كانت تحاول معالجة الأمر، قبل أن تظهر سطور جديدة من المعلومات أمامه-
لكن عندما قرأها، شحب وجهه.
---
[معلومات إضافية - قاعدة بيانات الرواية]
متبقي على الكارثة الأولى: سنة و11 شهرًا و20 يومًا
---
قبض ليونيل على قبضته، وشعر بقشعريرة تسري في جسده.
ماذا لو كانت كل توقعاته خاطئة؟ ماذا لو أن ليونيل الأصلي لم يكن مجرد شرير عابر؟
بدأت الأسئلة تتزاحم في رأسه، لكنه لم يجد أي إجابة.