لم يكن الصباح لطيفًا على ليونيل.

كان بالكاد قد استغرق في النوم بعد تلك الرؤيا المزعجة، ليُفاجأ بباب غرفته يُفتح بعنف، وصوت خطوات مألوفة تقترب منه.

"صباح الخير، سموّ الأمير." جاء صوت إدغار، الطبيب الملكي، هادئًا كعادته، لكنه كان يحمل نبرة صارمة لا تبشّر بالخير. خلفه، كان هناك مساعدان يحملان معدات العلاج الفيزيائي المعتادة.

تأفف ليونيل، وسحب الغطاء فوق رأسه كما لو أن ذلك سيجعله يختفي من هذا العالم.

"أخرج." صوته كان أجشًّا من النوم، لكنه لم يكن يحمل أي نبرة تفاوض.

إدغار تجاهل أوامره تمامًا، وحرّك يده بإشارة سريعة، فاقترب مساعداه من السرير استعدادًا لبدء الجلسة.

في اللحظة التي مدّ أحدهم يده نحوه، تحرّك ليونيل بسرعة تفاجأ منها الجميع، رغم ضعفه، ورمى الوسادة في وجه الرجل مباشرة.

"لم أقل لك أن تلمسني، أيها الأحمق؟!" صرخ بغضب، وهو يحدق بهم بعينين مشتعلة.

تراجع المساعد مذعورًا، لكنه لم يكن الوحيد الذي استهدفه ليونيل. نظر إلى إدغار، ثم بصق بجانبه بازدراء.

"كم مرة عليّ أن أخبركم؟ لن أفعل أي شيء! لا أحتاج لعلاجكم اللعين!"

إدغار لم يبدُ متفاجئًا، لكنه أطلق تنهيدة ثقيلة وكأن هذا السيناريو كان متوقعًا تمامًا.

"سموّ الأمير، جسدك في حالة سيئة، وإن لم تبدأ العلاج بشكل جاد، ستظل عاجزًا عن الحركة لسنوات. لا يمكنك الاستمرار في عنادك بهذا الشكل."

"وأين المشكلة في ذلك؟ لا أريد السير، لا أريد أي شيء، فقط دعوني وشأني!"

لكن إدغار لم يكن من النوع الذي يستسلم بسهولة. أدار رأسه نحو أحد الفرسان عند الباب، وقال ببرود:

"أبلغوا جلالته."

تجمّد جسد ليونيل، وتجهمت ملامحه فورًا.

"اللعنة..." تمتم بين أسنانه، وهو يدرك تمامًا ما يعنيه ذلك.

إذا جاء الإمبراطور بنفسه، فلن يكون هناك أي مجال للمساومة.

...................

لم يهتم ليونيل.

كان قد اتخذ قراره منذ وقت طويل—لن يتعاون، لن يخضع، ولن يتدخل في أي شيء. هذا العالم ليس عالمه، وهذه القصة ليست قصته.

إذا كان مصيره الموت، فليكن.

تكوّر على نفسه في السرير، متجاهلًا نظرات إدغار والمساعدين وحتى الفرسان عند الباب. لم يحاول حتى إلقاء نظرة عليهم، وكأن وجودهم لم يكن مهمًا بالنسبة له.

لكن اللحظة التي سمع فيها صوت خطوات ثقيلة تتقدم داخل الغرفة، عرف أن الأمور لن تبقى بهذه البساطة.

الإمبراطور قد وصل.

رفع ليونيل رأسه قليلًا، وعيناه التقتا بعيني الرجل الذي من المفترض أنه والده. تلك الهالة المهيبة، النظرة الباردة المسيطرة، والجسد القوي الذي بدا وكأنه قادر على تحطيم أي شيء يعترض طريقه.

ولكن ليونيل لم يشعر بأي خوف.

بل على العكس، ازداد عناده أكثر.

حدّق في الإمبراطور ببرود، قبل أن يلف نفسه بالغطاء مجددًا وكأنه لم يره حتى.

سادت لحظة صمت مشحونة في الغرفة، قبل أن يتحدث الإمبراطور أخيرًا بصوت هادئ لكنه يحمل نبرة لا تحتمل الرفض:

"انهض، ليونيل."

لكن ليونيل لم يتحرك.

"قلت انهض."

لا رد.

عندها خطا الإمبراطور خطوة أخرى للأمام، وعلى الفور شعر ليونيل بظل ضخم يخيّم فوقه. لكنه لم يكن غبيًا، لم يكن ليجعل الأمور بهذه السهولة عليهم.

أخذ نفسًا عميقًا، ثم رفع رأسه أخيرًا، ونظر مباشرة في عيني الإمبراطور، قبل أن يتحدث بصوت جليدٍ قاتم:

"أرفض."

الفرسان عند الباب تشنجوا، حتى إدغار بدا وكأنه لم يكن يتوقع هذا التحدي المباشر.

لكن الإمبراطور؟

لم تتغير تعابيره على الإطلاق.

ليونيل لم يتوقف عند هذا الحد. رفع نفسه قليلًا، وأخذ وضعية جلوس متعبة لكنه أبقى نبرته قوية:

"أنا أمير، صحيح؟ إذن أطالب بحقي القانوني في رفض أي إجراء طبي يُفرض علي بالقوة."

تجمّد الهواء في الغرفة.

كان هذا قانونًا ملكيًا، قانونًا حقيقيًا لا يمكن تجاوزه حتى من قبل الإمبراطور نفسه. الأمر الطبي لا يمكن فرضه على أفراد العائلة المالكة دون موافقتهم، إلا في حالة الخطر على الحياة، وهذا لم يكن وضع ليونيل حاليًا.

كانت هذه خطوة جريئة... وخطيرة.

لأنه إذا رفض الإمبراطور هذا القانون الآن، فسيكون ذلك بمثابة اعتراف صريح بأن القوانين لا قيمة لها أمام سلطته المطلقة.

صمت الإمبراطور للحظات طويلة، قبل أن يخطو خطوة أخرى، هذه المرة حتى أصبح أمام السرير مباشرة.

"إذن هذا هو قرارك؟"

"نعم." أجاب ليونيل ببرود، وعيناه لم ترفّا حتى.

لأول مرة، ظهر على شفتي الإمبراطور شيء يشبه الابتسامة الباردة.

"القانون؟"

ارتجفت الغرفة تحت وطأة صوته، وكأن جدرانها نفسها انحنت تحت قوته.

ثم، في خطوة واحدة، كان بجانب السرير.

"أنت تقول إنك تحتمي بالقانون؟" صوته كان منخفضًا، لكنه يحمل في طياته قوة لا يمكن إنكارها. "يبدو أنك نسيت شيئًا، ليونيل."

ثم مدّ يده، وفي لحظة، كانت قبضته القوية ممسكة بمعصم ليونيل النحيف، قبل أن يثبته بقوة على السرير.

"أنا القانون."

صرخة غاضبة خرجت من ليونيل، ليس بسبب الألم فحسب، بل بسبب الإذلال المطلق.

"تبًا لك! دعني أيها الوغد! سأقتلك يومًا ما!"

لم يهتم الإمبراطور بكلماته، ولم يبدُ عليه أي انزعاج. بدلاً من ذلك، أشار برأسه نحو إدغار

ابدأ."

تحرك إدغار بسرعة، وبدأت الجلسة فورًا.

ليونيل لم يكن عاجزًا عن المقاومة—لكنه كان أضعف من أن يفعل شيئًا أمام الإمبراطور. حاول التلوي والركل وحتى العضّ، لكن ذلك لم يكن إلا كفاحًا يائسًا بلا جدوى.

"ألم أقل لك أني لا أريد هذا؟!" صرخ بغضب، عيناه تشتعلان كالنار.

الإمبراطور لم يرد. اكتفى بالنظر إليه كما لو كان طفلاً عنيدًا، مجرد عقبة أخرى يجب تجاوزها.

ومع كل حركة من إدغار، كان الألم يتفجر في جسد ليونيل كشرارات جحيمية، لكنه لم يكن الوحيد. الغضب، الإحباط، العجز... كلها كانت تحترق داخله مع كل لمسة، مع كل أمر يوجهه هذا الرجل الذي يزعم أنه والده.

"أنت..." تمتم ليونيل بين أنفاسه اللاهثة، وعيناه تمتلئان بالكراهية. "لست... والدي."

للمرة الأولى منذ بداية المشهد، رأى ليونيل شيئًا يلمع في عيني الإمبراطور.

هل كان ذلك؟

لا، لم يكن غضبًا.

لم يكن حتى اهتمامًا.

كان شيئًا آخر... شيء أعمق.

شيء جعل معدة ليونيل تنقبض، كما لو أنه ارتكب خطأً لم يفهمه بعد.

لكن قبل أن يتمكن من التفكير أكثر، انفجر الألم في ساقيه من جديد، ومعه، جاء الظلام.

وسقط ليونيل في العدم، بين يديه المرتجفتين... وبين كلمات لم ينسها أبدًا:

"أنا القانون، يا بني. سواء قبلت بذلك أم لا."

..............

بعد يوم :

استفاق ليونيل على إحساس ثقيل في رأسه. لم يكن الألم كما في السابق، لكنه لا يزال يشعر بالإرهاق، وكأن النوم لم يمنحه أي راحة حقيقية.

قبل أن يتمكن حتى من الجلوس بشكل صحيح، ظهرت نافذة النظام المزعجة أمامه.

---

[إشعار النظام]

تم تفعيل مهمة .

المهمة: تأثير الظل الخفي

الوصف: هناك شيء غير طبيعي بشأن بارون ريتشارد مونتغمري. تجنب أي مواجهة مباشرة معه في الوقت الحالي، وحاول جمع المعلومات عنه بهدوء.

المكافأة: مهارة جديدة غير معروفة.

العقوبة: خطر غير محدد.

---

حدّق ليونيل في النافذة ببرود.

"حسنًا، هذا ليس من شأني."

ثم تجاهلها تمامًا، وأغلقها دون أي اهتمام.

لكنه لم يحصل على لحظة واحدة من السلام، لأن الباب انفتح بصوت قوي، ودخل الإمبراطور.

لم يكن هناك أي حراس أو خدم. كان وحده، يحمل صينية إفطار تحتوي على طعام صحي تمامًا كما في الأيام السابقة.

ليونيل لم يحرك ساكنًا، فقط رمقه بنظرة باردة.

جلس الإمبراطور بجانبه دون أن ينبس بكلمة، ووضع الصينية على الطاولة القريبة، ثم التقط ملعقة، وبدأ في خلط الحساء بهدوء.

"انهض، وتناول طعامك."

كان صوته هادئًا، لكنه يحمل وزن الأوامر التي لا تُرفض.

ليونيل التفت للجهة الأخرى متجاهلاً إياه تمامًا.

"لست جائعًا."

"لم أسألك إن كنت جائعًا."

"ولم أطلب منك أن تحضر لي شيئًا."

لم يرد الإمبراطور، فقط أخذ الملعقة، وغمسها في الحساء، ثم رفعها نحو فم ليونيل.

نظر ليونيل إليه كما لو كان مجنونًا.

"هل تمزح معي؟"

"افتح فمك."

"أبعد هذا الشيء عن وجهي."

ظل الإمبراطور ينظر إليه بنفس الهدوء المخيف.

"ليونيل، لا تضعني في موقف يجبرني على إجبارك."

حدّق ليونيل فيه، ثم قال ببطء:

"تبًا لك، أيها العجوز."

لم يُظهر الإمبراطور أي ردة فعل، لكنه حرّك الملعقة قليلًا كما لو كان ينتظر.

ليونيل عبس، ثم رفع يده وضرب الملعقة، فسقطت على الأرض، وتناثر بعض الحساء على السجادة الفاخرة.

ساد الصمت.

أخفض الإمبراطور بصره نحو الملعقة الملقاة، ثم أعاد نظره إلى ليونيل.

"... هل هذا ضروري؟"

ليونيل قهقه بسخرية.

"أنا من يجب أن يسأل هذا! ما الذي تحاول فعله بالضبط؟! تتصرف كما لو أنك أب يهتم بابنه، لكني أعرف الحقيقة. أنت لا تهتم بي، أنا مجرد فشل لعائلتك، صحيح؟"

لم ينكر الإمبراطور ذلك، لكنه لم يؤكده أيضًا.

بدلًا من ذلك، التقط ملعقة جديدة من الصينية، وغمسها مجددًا في الحساء، ثم رفعها أمام ليونيل كما لو أن شيئًا لم يحدث.

"افتح فمك."

كاد ليونيل أن ينفجر غضبًا.

"تبًا لكم جميعًا! العائلة الإمبراطورية كاملة، من جدكم الأول إلى آخر وغد يحمل دمكم! هل تفهمني؟!"

ابتسم الإمبراطور ابتسامة خفيفة بالكاد يمكن ملاحظتها.

"هذا يشملك، يا بني."

تشنج فك ليونيل، ثم بصق بجانبه.

"لا أريد أي علاقة بكم."

"لكن دمك يقول العكس."

"سأموت قبل أن أتناول أي شيء منك."

في لحظة، تحرك الإمبراطور بسرعة مخيفة، وأمسك بذقن ليونيل، مجبرًا إياه على فتح فمه.

"إذا كنت ستتحدث بهذا التهور، فعلى الأقل ليكن لديك القوة لدعم كلماتك."

وقبل أن يتمكن ليونيل من المقاومة، حشر الإمبراطور الملعقة في فمه وأجبره على تناول الحساء.

سعل ليونيل محاولًا إخراجه، لكن الإمبراطور أبقاه في مكانه حتى ابتلعه بالكامل.

"أرأيت؟ لم يكن بهذا السوء."

"سأقتلك يومًا ما، أيها العجوز!"

"يمكنك المحاولة عندما تتمكن من الوقوف أولًا."

وبدون أي تعبير، جهّز الملعقة للملعقة التالية.

ليونيل كان يعلم أنه عالق.

.............

لم يتوقف ليونيل عن المقاومة. كان يحاول دفع يدي الإمبراطور عنه، يتحرك بجسده الضعيف ليهرب، لكن بلا فائدة. كان الإمبراطور أقوى، أسرع، وأكثر صبرًا منه.

"دعني وشأني، أيها العجوز المتسلط!" صرخ ليونيل، محاولًا الابتعاد، لكن فجأة، شعر بجسد الإمبراطور يلتف حوله.

في لحظة، كان قد حُمل بسهولة كما لو كان مجرد طفل صغير، وجلس في حضن الإمبراطور وكأن الأمر طبيعي تمامًا.

تجمد ليونيل لثانية. لم يتوقع هذا أبدًا. نظر للأمام، ثم للأعلى، ليجد الإمبراطور يحدق فيه بنفس البرود المعتاد.

"حقًا؟!" صاح ليونيل، "هل هذا ضروري؟!"

الإمبراطور لم يرد. أمسك الملعقة مجددًا، وغمسها في الحساء، ثم رفعها نحو فم ليونيل.

"افتح فمك."

"اذهب للجحيم!"

لكن الإمبراطور لم يعطه حتى فرصة المقاومة هذه المرة. أمسك ذقنه بإحكام، وأجبره على فتح فمه، ثم دفع الملعقة إلى داخله.

ليونيل سعل، لكنه لم يكن لديه خيار سوى ابتلاع الطعام.

"أنت مجنون! مختل عقليًا!"

"أنت ضعيف جدًا لدرجة أنك لا تستطيع حتى رفض الطعام بنفسك."

"أرغب في كسر عنقك الآن!"

"بعد أن تنهي طعامك، ربما."

استمر الأمر على هذا الحال، ليونيل يقاوم بشراسة، والإمبراطور يطعمه وكأنه يطعم طفلًا عنيدًا.

كانت يد الإمبراطور تمسكه بإحكام، لم يستطع الهروب، لم يستطع حتى الالتفاف بعيدًا.

"هذا انتهاك واضح لحقوقي كإنسان!"

"أنت أمير، ليس لديك حقوق كهذه."

"سأحرق القصر بأكمله يومًا ما!"

"بشرط أن تتمكن من المشي أولًا."

ظل ليونيل يطلق الشتائم، لكن الإمبراطور ظل هادئًا كالجدار، يستمر في إجباره على تناول الطعام، ملعقة تلو الأخرى.

وأخيرًا، عندما انتهى الطبق تمامًا، تنفس الإمبراطور بارتياح ووضع الملعقة جانبًا.

"انظر، لم يكن بذلك السوء."

ليونيل كان يلهث، عيناه تشتعلان بالغضب.

"أتمنى لو أن السم كان في ذلك الحساء."

الإمبراطور نهض من مكانه، ووضع ليونيل على السرير مجددًا.

"استرح. لديك جلسة علاج لاحقًا."

"أتمنى أن يُسحق رأسك تحت أقدام حصان بري!"

"وأنا أيضًا أتمنى أن تتوقف عن التصرف كطفل مدلل."

لم يعطِ الإمبراطور ليونيل فرصة أخرى للرد، فقط التقط الصينية وغادر الغرفة، تاركًا خلفه أميرًا غاضبًا، محاصرًا في جسد ضعيف، وكراهية متزايدة لكل شيء حوله.

...............

جلس ليونيل في سريره، يحدق بالسقف بعيون شاردة. لم يكن هذا جسده، لكنه كان يشعر بكل شيء كما لو كان كذلك. الألم، الغضب، الضعف… وحتى المشاعر التي لم تكن له.

أحيانًا، كان الأمر أشبه بأن جسد ليونيل الأصلي يستعيد السيطرة للحظات، يفرض مشاعره القديمة دون إذن.

لم يكن يعلم سبب كره ليونيل الأصلي لعائلته، لكن المشاعر كانت حقيقية—خوف، استياء، مرارة.

عندما دخل الإمبراطور، شعر ليونيل بجسده يتصلب دون إرادته. عندما ظهر البارون ريتشارد، سيطر عليه ارتجاف لم يستطع التحكم به. حتى عندما لمس إليوت رأسه، كان هناك إحساس غريب… وكأنه لم يعتد على أن يكون قريبًا من أحد.

"ما الذي حدث لك، أيها الطفل؟" تمتم ليونيل لنفسه، وهو يضغط على قبضته فوق الغطاء.

كان يعرف أساسيات القصة—ليونيل كان شريرًا، أميرًا منبوذًا، شخصًا هامشيًا بالكاد ذُكر في الرواية. لكنه لم يكن يعرف التفاصيل… لم يكن يعرف لماذا أصبح كذلك، لماذا كان مكروهًا، ولماذا انتهى به الأمر ميتًا في الرواية الأصلية.

"اللعنة…" شتم ليونيل وهو يمرر يده في شعره.

هل كان عليه البحث عن إجابات؟ أم أن الأفضل تجاهل كل شيء والمضي قدمًا؟

لكن المشكلة لم تكن فقط في الماضي… المشكلة أن جسده كان يرفض السماح له بتجاهل الأمر. المشاعر كانت تتسلل إليه، تتحكم في ردود أفعاله، تجعله يتصرف وكأنه جزء من هذا العالم بالفعل.

وفي داخله، بدأ سؤالٌ يتردد دون إجابة:

هل كان لا يزال ليونيل كارستين الحالي… أم أن ليونيل الأصلي لم يختفِ تمامًا؟

...............

كان ليونيل قد قرر بالفعل أنه لن يتعاون. لن يستمع لأحد، ولن يسمح لأي شخص بإجباره على شيء. لكن يبدو أن أحدًا لم يكترث لرغباته.

فتح باب الغرفة، ودخل الإمبراطور بخطوات واثقة، وخلفه تبعه إدغار، الذي كان يحمل أدوات العلاج الفيزيائي المعتادة.

بمجرد أن رآهم، اشتعلت في ليونيل رغبة قوية في المقاومة. جسده كان يؤلمه بالفعل من الجلسات السابقة، ولم يكن مستعدًا لتحمل المزيد.

"لا تقتربوا مني!" صرخ، متراجعًا قدر استطاعته على السرير، وكأن مجرد وجودهم كان تهديدًا بحد ذاته.

لكن الإمبراطور لم يعطه الفرصة للهرب.

بهدوء مرعب، تقدم نحوه وأمسكه بسهولة، مثبتًا جسده الصغير بأسلوب لا يسمح بأي تملص. لم يكن الأمر مجرد قوة، بل مهارة مكتسبة من سنوات من السيطرة على الآخرين.

"ليونيل، كلما قاومت، كلما زاد الأمر سوءًا عليك." كان صوته حازمًا، لا يحمل أي تردد.

"اذهب إلى الجحيم!" شتم ليونيل بعناد، محاولًا أن يحرر نفسه بأي شكل، لكن الإمبراطور لم يتحرك قيد أنملة.

نظر إدغار إلى المشهد بتنهد، قبل أن يشمر عن أكمامه. "سنبدأ الآن، جلالة الإمبراطور، أمسكه جيدًا."

"لا تلمسني، أيها الطبيب اللعين!" صرخ ليونيل، وعيناه تشتعلان بالغضب. بدأ في ركل قدميه، محاولة للهرب، لكن قبضات الإمبراطور كانت كالصخر، لا تترك له أي مجال للحركة.

وبدأت الجلسة.

الألم كان كالنار تسري في جسده، وكأن عضلاته تتمزق مع كل حركة يقوم بها إدغار. حاول ليونيل المقاومة، حاول الصراخ، حاول الشتم، لكنه لم ينجح إلا في إزعاج الجميع حوله.

"توقفوا... توقفوا أيها الأوغاد!"

لكن لم يتوقف أحد.

وفي لحظة ما، حينما زادت حدة الألم، وبدأ جسده بالارتعاش دون سيطرة، وجد نفسه يتشبث بالإمبراطور.

لم يكن قرارًا واعيًا، لم يكن شيئًا فعله بإرادته.

لكن ذراعيه التفّت حول الإمبراطور بقوة، ودفن وجهه في صدره، وهو يرتجف من شدة الألم. أنفاسه كانت متقطعة، ويداه الصغيرتان قبضتا على ملابس الإمبراطور كما لو كانا طوق نجاة.

كان يشعر بمدى سخافة الموقف، لكنه لم يستطع منع نفسه. الألم كان أكبر من عناده، وجسده كان يتصرف وفقًا لغريزته فقط.

الإمبراطور لم يتحرك، ولم يُظهر أي رد فعل فوري. لكن، بعد لحظات قليلة، شعر ليونيل بيد كبيرة تستقر على رأسه، وكأنها تحاول تهدئته.

"أكمل العلاج." قال الإمبراطور، لكن صوته كان أكثر هدوءًا من المعتاد.

إدغار لم يعلق، لكنه تابع عمله، في حين بقي ليونيل متشبثًا بالرجل الذي كان يكرهه بشدة قبل دقائق فقط.

لكن الآن، لم يكن هناك وقت للكراهية.

كان عليه فقط أن يتحمل… حتى ينتهي هذا العذاب.

...........

كان الألم لا يزال يتردد في جسد ليونيل، والموجات الحارقة في عضلاته تجعله يشعر وكأن جسده ممزق من الداخل. جلس في مكانه، أنفاسه لا تزال غير منتظمة، لكنه رفض أن يرفع رأسه عن صدر الإمبراطور، متشبثًا به كما لو أنه الدرع الوحيد الذي يحميه من هذا العذاب المستمر.

أمر الإمبراطور إدغار بالمغادرة، والذي لم يبدِ أي اعتراض، واكتفى بانحناءة قصيرة قبل أن يخرج من الغرفة.

لم تمضِ سوى لحظات حتى دخل الخدم، يحملون صندوقًا فاخرًا من المخمل الأسود، فتحوه ليكشفوا عن بدلة رسمية مُخاطة من أفخم الأقمشة، بأزرار ذهبية ونقوش ملكية تعكس مكانة من سيرتديها.

"حان وقت الاستعداد، سمو الأمير." انحنى أحد الخدم بخضوع، بينما تقدم الآخرون لمساعدة ليونيل على ارتدائها.

لكن ليونيل، بدلاً من التعاون، تشبث بالإمبراطور أكثر، يدفن وجهه في صدره ويرفض التحرك.

"لا أريد حضور الحفلة." تمتم بصوت خافت، لكنه كان يحمل وضوحًا عنيدًا.

نظر الإمبراطور إلى الخدم للحظة، ثم لوّح بيده بإشارة واضحة. "اخرجوا."

ترددوا قليلاً، لكنهم لم يجرؤوا على مخالفة أوامره. سرعان ما اختفت آثارهم من الغرفة، تاركين البدلة على الطاولة، بينما بقي ليونيل متشبثًا به كما لو أنه جزء منه.

ظل الإمبراطور صامتًا للحظة، قبل أن يتحدث بصوت هادئ لكنه يحمل نبرة غير قابلة للنقاش.

"ليونيل، الحفلة الملكية ليست خيارًا. عليك الحضور."

لم يتحرك ليونيل. لم يهتم حتى بما يقوله.

تنهد الإمبراطور، ثم مد يده والتقط البدلة من الطاولة. "إذا كنت ستبقى متشبثًا بي هكذا، فلا بأس... سأساعدك بنفسي."

رفع ليونيل رأسه أخيرًا، ينظر إلى الإمبراطور وكأن هذا كان آخر شيء توقعه.

"أنت... ماذا؟"

"لا تتحرك كثيرًا." قال الإمبراطور بهدوء، وبدأ بفك أزرار ثوب النوم الذي كان يرتديه ليونيل.

شعر ليونيل بصدمة خفيفة تجتاحه، لكنه كان متعبًا جدًا لمقاومة الأمر. ترك الإمبراطور يساعده في ارتداء القميص الأبيض الأنيق، قبل أن يضع عليه السترة المخملية الداكنة، ويغلق أزرارها بعناية، وكأنه يفعل شيئًا مألوفًا لديه تمامًا.

"لا أحتاج ربطة عنق." تمتم ليونيل عندما رأى الإمبراطور يلتقطها.

"إنها جزء من البدلة."

"إنها مزعجة."

توقف الإمبراطور للحظة، ثم جلس على طرف السرير، ووضع الربطة جانبًا. "حسنًا، لن تحتاجها هذه المرة."

ليونيل لم يعلق، لكنه كان مذهولًا قليلًا. لم يكن هذا هو نوع الاستجابة التي توقعها من هذا الرجل.

"والآن، هل ستذهب إلى الحفلة بإرادتك، أم عليّ حملك إلى هناك؟"

ليونيل نظر إليه بوجه فارغ للحظة، قبل أن يزفر بيأس.

"أنت لا تمزح، أليس كذلك؟"

"أبدًا."

أغمض ليونيل عينيه للحظة، ثم تمتم: "تبا لك."

ضحك الإمبراطور بخفة، وهي نغمة نادرة لم يكن ليونيل يتوقع أن يسمعها منه.

"اعتبرها أمراً ملكيًا، أيها الأمير ."

2025/04/19 · 212 مشاهدة · 2724 كلمة
روزي
نادي الروايات - 2025