"ليس من شأني."

قرر ليونيل تجاهل النافذة التي ظهرت أمامه. أخذ نفسًا عميقًا، ثم استرخى أكثر في حضن الإمبراطور، متجاهلًا كل ما قرأه قبل لحظات. إذا كان البارون ريتشارد مونتغمري يخطط لقتل شخص ما، فذلك ليس من مشاكله.

لكن النظام لم يتركه وشأنه.

[تحذير!]

[تحديث جديد للمهمة: تأثير الظل الخفي]

هدف البارون ريتشارد مونتغمري: الدوقة إليانور كراوفورد

---

[تحليل الشخصية – تفعيل تلقائي]

الاسم: إليانور كراوفورد

العمر: 29 عامًا

اللقب: دوقة كراوفورد، سيدة الحرب الحديدية

المكانة: إحدى أقوى الدوقات في المملكة

الولاء: التاج الإمبراطوري

الحالة النفسية: هادئة، حذرة، حادة الذكاء

سبب الاستهداف: معارضة خطط البارون ريتشارد مونتغمري، وامتلاكها معلومات تهدد مصالحه السرية

---

حاول ليونيل أن يتجاهل الأمر مجددًا، لكنه لم يستطع منع نفسه من التحديق نحو الدوقة.

كانت امرأة طويلة القامة ذات شعر اسود وعينين زرقاوين باردتين. كانت تجلس بكل ثقة، تحمل كأسًا من النبيذ الأحمر بين أصابعها، وكأنها لا تشعر بأي تهديد حولها.

"سيدة الحرب الحديدية، هاه؟"

بحسب ما يتذكره من الرواية، كانت إليانور واحدة من أكثر النبلاء ولاءً للإمبراطورية. كان لها دور محوري في الحفاظ على الاستقرار داخل المملكة، وكانت قوتها العسكرية وحدها كافية لردع أي تمرد.

لكن لماذا يريد البارون التخلص منها الآن؟

التفت ليونيل مجددًا نحو البارون ريتشارد. كان يتحدث مع مجموعة من النبلاء، ملامحه هادئة، وابتسامته المصطنعة لا توحي بأي شيء مريب. لكن الآن بعد أن عرف ليونيل نواياه، أصبح من المستحيل عدم ملاحظة التوتر الخفي في حركاته.

"هل يخطط لتسميمها خلال الحفلة؟"

ضغط شفتيه بضيق. كان يعلم أنه من الأفضل ألا يتدخل، لكن النظام لم يمنحه حتى خيار التجاهل. إذا كان البارون يخطط لاغتيال واحدة من أقوى الشخصيات في المملكة، فهذا يعني أن الأمور ستصبح فوضوية قريبًا.

وهو لم يكن مستعدًا بعد للتعامل مع الفوضى.

..............

جلس ليونيل مسترخيًا في حضن الإمبراطور، محاولًا تجاهل التحذيرات المستمرة من النظام، لكن عقله لم يكن هادئًا أبدًا. كان هناك شيء خاطئ، شيء لا يتطابق مع الإصدار الأول من الرواية كما يتذكرها.

[معلومات إضافية - تحليل الهدف]

الاسم: البارون ريتشارد مونتغمري

العمر: ٣٢ عامًا

الولاء: مشبوه

النوايا: قدم إلى الحفلة لتسميم الدوقة إليانور

الدافع المحتمل: الفوضى

حدّق ليونيل في المعلومات ببرود، ثم انتقلت عيناه نحو الدوقة الجالسة على بعد بضعة طاولات. كانت ترتدي فستانًا قرمزيًا أنيقًا، شعرها الأسود الطويل ينساب على كتفيها، وعيناها الباردتان تمسحان القاعة برزانة.

"الدوقة إليانور... امرأة قوية، قائدة الجبهة الشمالية، وأكثر النبلاء إخلاصًا للإمبراطور."

لكنه تذكر ما حدث في الرواية—موتها المفاجئ خلال الحفلة، والذي أدى إلى فوضى هائلة في المملكة. مع غيابها، تفككت الجبهة الشمالية، واندلعت انتفاضات داخل العاصمة، مستغلّة الفراغ السياسي الذي تركته وراءها.

"موتها كان شرارة الفوضى."

قبض ليونيل على طرف معطف الإمبراطور دون وعي. لم يكن يهتم بمصير الدوقة كشخص، لكنه يعرف جيدًا أنه إن لم يتدخل، فسيكون هذا بداية انهيار المملكة، وهذا يعني...

أنه لن يحصل على حياته الهادئة والكسولة كما يريد.

زفر ببطء.

"اللعنة، لم أرد التدخل في أي شيء... ولكن إن ماتت الليلة، فإن الأمور ستخرج عن السيطرة."

بينما كان غارقًا في التفكير، لاحظ حركة عند طاولة الدوقة. خادم بملابس رسمية كان يقترب منها بخطوات هادئة، يحمل صينية فضية عليها كأس نبيذ.

عيني ليونيل اتسعتا.

"إنه الآن!"

دون تفكير، شدّ كم رداء الإمبراطور بقوة وهمس بسرعة، نبرته لم تكن كسولة هذه المرة بل حادة وجادة:

"أوقف ذلك الخادم فورًا!"

التفت إليه الإمبراطور ببطء، حاجبه يرتفع، لكن عينيه التقطتا نظرة ليونيل الجادة. لم يكن هذا مجرد عبث طفل مدلل.

................

رفع الإمبراطور يده بإشارة صغيرة، وفي لحظة، تحرك أحد الفرسان الملكيين بسرعة، قاطعًا طريق الخادم قبل أن يصل إلى طاولة الدوقة إليانور.

"قف." جاء صوت الفارس حازمًا وهو يضع يده على مقبض سيفه.

توقف الخادم في مكانه، عيناه تلمعان بقلق واضح، لكنه حاول الحفاظ على هدوئه. "هل من مشكلة يا سيدي؟ لقد طُلب مني تقديم النبيذ للدوقة."

حدّق ليونيل في المشهد، عيناه تتابعان أدق التفاصيل. كان الخادم يبدو هادئًا، لكن قبضته على الصينية كانت مشدودة قليلًا، وقطرات عرق باردة تجمعت على جبينه.

"مريب..."

تحرك الإمبراطور أخيرًا، صوته العميق يقطع الهمسات التي بدأت تتصاعد في القاعة. "إن كان الأمر كذلك، فلتتذوقه بنفسك أولًا."

شحب وجه الخادم في لحظة، وارتعشت يده. "ماذا؟"

"قلت تذوق النبيذ." أمر الإمبراطور بصوت منخفض لكنه مخيف، وكانت نظرته تحمل تهديدًا واضحًا.

في تلك اللحظة، بدأ الهمس يزداد بين النبلاء، والأنظار كلها تركزت على الخادم، الذي أصبح أشبه بفأر محاصر في زاوية.

حاول التظاهر بالهدوء، لكنه ارتكب خطأً فادحًا—تراجع خطوة صغيرة إلى الخلف.

لم يحتج الإمبراطور سوى إلى إشارة أخرى، وفي لحظة، قُبض على الخادم وسُحبت الصينية من يده. أحد الفرسان أخذ الكأس وشمّه قبل أن يرفع رأسه ويعلن بصوت واضح:

"مسموم."

ساد الصمت القاعة بأكملها للحظات بدت وكأنها دهر، ثم انفجرت الفوضى.

"ماذا؟!" "محاولة اغتيال؟!" "من يقف وراء هذا؟"

أما ليونيل، فكان يتابع المشهد ببرود، بينما ظهر إشعار جديد أمام عينيه.

[تم إكمال المهمة: تأثير الظل الخفي]

المكافأة: مهارة جديدة [الرؤية المتقدمة – مستوى ١]

العقوبة تم تجنبها

"حسنًا... لم أخطط لهذا، لكن على الأقل لن تنهار المملكة الآن."

لكن بينما كان يعتقد أن الأمر قد انتهى، وقعت عيناه على شخص آخر في القاعة، شخص لم يكن من المفترض أن يكون هادئ.. ومع ذلك، كان كذلك.

البـارون ريتشارد مونتغمري.

كانت تعابيره جامدة، لكن نظراته تراقب كل شيء باهتمام حاد. للحظة، التقت عيناه بعيني ليونيل، وكان هناك شيء في نظرته جعله يقشعر.

"إذا لم يكن هو من دس السم بنفسه، فهو على الأقل متورط بطريقة ما."

لم يكن هذا سوى بداية اللعبة.

...........

كان الإمبراطور يحدق في ليونيل مباشرة، وعيناه الزرقاء تلمعان بحدة تحت ضوء الثريات. جو القاعة بأكملها تجمد بعد سؤاله البسيط، لكن المحمّل بالسلطة:

"لِمَ صرخت فجأة وأمرت بإيقاف الخادم؟"

ليونيل، الذي كان لا يزال مسترخيًا في حضنه، فكر للحظة قبل أن يبتسم بثقة ويرد بكذبة سخيفة دون تفكير:

"لأنني رأيت ذبابة تحوم فوق الكأس، أبي! كيف يمكن أن أترك الدوقة تشرب شيئًا ملوثًا؟!"

ساد صمت عميق.

صمت طويل جدًا.

كان ليونيل قد توقع ضحكًا، أو على الأقل همسات ساخرة من النبلاء، لكنه لم يتوقع أن يصدم الجميع لدرجة أنهم أصبحوا تماثيل بشرية.

حتى الإمبراطور نفسه، الذي نادرًا ما يظهر أي تعبيرات واضحة، رفع حاجبه قليلًا وكأن ما سمعه للتو كان خارج حدود المنطق.

أما الدوقة، فقد فتحت فمها قليلاً قبل أن تغلقه، غير قادرة على استيعاب التبرير السخيف.

النبلاء تبادلوا النظرات، وكأنهم لم يكونوا متأكدين مما إذا كان يجب عليهم تصديق ما قاله الأمير الرابع أم لا.

ثم، بصوت منخفض ولكنه واضح، تمتم الأمير الثاني إليوت وهو يحدق بليونيل:

"...ذبابة؟"

أومأ ليونيل بحماس مصطنع، محاولًا الحفاظ على ثقته. "نعم! كانت تطير في دوائر بشكل مشبوه للغاية! لا يمكنني أن أسمح لذبابة قذرة بإفساد سمعة العائلة الإمبراطورية، صحيح؟"

صمت آخر.

ليونيل بدأ يلاحظ أن الجميع إما يحدق فيه كأنه كائن فضائي، أو يكتم ضحكته بالقوة.

أخيرًا، الإمبراطور نفسه مرر يده على وجهه، وكأنه يعاني من صداع مفاجئ. ثم نظر إلى ليونيل بنظرة مرهقة، وقال بصوت هادئ لكنه محمّل بالتحذير:

"ليونيل."

"نعم، أبي؟"

"أغلِق فمك قبل أن أفقد أعصابي."

ليونيل أغلق فمه فورًا.

وبينما كان الإمبراطور يشير للفرسان ليأخذوا الخادم للتحقيق، سمع ليونيل كايل يهمس بسخرية بجانبه:

"ذبابة؟ حقًا؟ حتى الحمقى يمكنهم اختراع كذبة أفضل."

ليونيل عبس بشدة ودفن وجهه في حضن الإمبراطور، محاولًا التظاهر بأن ما حدث قبل قليل لم يكن حقيقيًا.

....................

شعر ليونيل بجسده يزداد ثقلًا، جفناه أصبحا ثقيلين، وذهنه غارق في الضباب. لم يكن يدرك حتى أن الإمبراطور قد حمله، ولم يكن يملك الطاقة للاعتراض.

وسط صمت القاعة، خطا الإمبراطور خارجها وهو يحمل ليونيل في ذراعيه، متجهًا إلى جناح الأمير الرابع. بعض النبلاء تبادلوا نظرات مذهولة، لكن لم يجرؤ أحد على قول شيء. حتى الأمير كايل وإليوت بقيا صامتين، وكأنهما شعرا أن أي تعليق في هذه اللحظة لن يكون مناسبًا.

حين وصل الإمبراطور إلى الغرفة، جلس على حافة السرير ووضع ليونيل بهدوء، لكنه فوجئ عندما تمسّك الأمير الصغير بسترته لثانية قبل أن يتركها ببطء. كان نصف نائم، لم يكن واعيًا تمامًا لما يفعله.

الإمبراطور تأمل وجه ابنه للحظة، ثم تنهد بصمت قبل أن ينهض ويغادر، تاركًا الغرفة تغرق في الظلام والهدوء.

لكن لم يدم هذا الهدوء طويلًا.

في الحلم، كان العالم يحترق.

ليونيل وقف وسط ساحة المعركة، لكنه لم يكن ليونيل الصغير. كان بالغًا، جسده مغطى بالندوب القديمة والجديدة، درعه محطّم، وسيفه ينزف طاقة مظلمة.

أمام عينيه، وقف سبعة أشخاص—ليسوا أشرارًا، بل الأبطال السبعة أنفسهم.

١- "ألكسندر داركويل" - سيف الإمبراطورية المقدس

كان رجلًا ضخمًا، عضلاته بارزة تحت درع ذهبي، وسيفه الهائل يلمع بهالة مقدسة. كان يتقدم بخطوات ثقيلة، كل ضربة من سيفه تُمزق الأرض.

٢- "سيلفيا مورنينغستار" - ساحرة الضوء السماوي

وقفت في الخلف، عصاها المشعّة تطلق تعاويذ نورانية تخترق الظلام المحيط بليونيل، تعاويذها تحرق حتى الهواء نفسه.

٣- "راينر فالكيري" - درع العدالة غير القابل للكسر

محارب بدرع فضي، لم يكن الأسرع، لكنه لم يتراجع خطوة. درعه كان كجدار لا يُخترق، وكلما حاول ليونيل الهجوم، كان راينر يوقفه دون عناء.

٤- "إيزابيل فلوريس" - راقصة الظلال

كانت الأسرع بينهم، تتحرك كوميض خاطف، خنجرها يلمع قبل أن يُغرس في جسد ليونيل مرارًا. كلما حاول الإمساك بها، كانت تختفي كأنها شبح.

٥- "ديمتري كراون" - مطرقة الغضب

حمل مطرقة ضخمة، تحطّم الأرض مع كل ضربة. قوته وحدها كانت كافية لزعزعة توازن ليونيل وإجباره على التراجع.

٦- "إلين نوفا" - صوت القدر

كانت تقرأ تعاويذها بصوت هادئ، لكن كل كلمة نطقتها زادت من ضعف ليونيل. وكأن كلماتها كانت تخترق روحه مباشرة.

٧- "فيكتور بلاكروز" - ملك الرماة

كان بعيدًا، لكن كل سهم أطلقه كان يستهدف نقطة ضعف، كل طلقة كانت دقيقة، لا خطأ فيها.

ليونيل كان يخسر.

رغم قوته، رغم كل ما اكتسبه، كان جسده ينهار. الدم غطى عينيه، أنفاسه متقطعة، وسيفه أصبح أثقل من أن يحمله.

لكنه لم يستسلم.

اندفع بجنون، طاقة سوداء تحيط بجسده، مهاجمًا بلا هوادة.

طعنة.

خنجر في ظهره.

ضربة مطرقة على صدره.

سهم يخترق ساقه.

سيف مقدس يمزق جسده.

ليونيل سقط على ركبتيه.

أبطاله السبعة وقفوا فوقه، بعضهم يلهث، والبعض الآخر ينظر إليه بعينين باردتين.

ألكسندر رفع سيفه عاليًا، مستعدًا لإنهاء الأمر، لكن ليونيل لم يغلق عينيه.

ابتسم.

"أترون؟ حتى الآن، حتى وأنا على وشك الموت، لا يمكنكم قتلي بسهولة."

ثم نزل السيف.

وفي العالم الحقيقي، استيقظ ليونيل وهو يلهث.

الألم لم يكن مجرد وهم. كان جسده كله يرتعش، وكأنه عاش تلك المعركة حقًا. كان يشعر بكل جرح، كل كدمة، كل قطرة دم فقدها في الحلم.

جلس على السرير، يحدّق في يديه المرتجفتين.

ثم همس بصوت منخفض:

"لماذا كنتُ أقاتل الأبطال السبعة...؟"

..............

جلس ليونيل على السرير، أنفاسه لا تزال مضطربة، وقطرات العرق البارد تنساب على جبينه. لم يكن هذا حلمًا عاديًا. لقد شعر بالألم، بالقوة التي تتلاشى من جسده، بالدم الذي ينزف منه كأنه حقيقي. هذه لم تكن مجرد كوابيس، بل ذكريات… أو ربما لمحات من مستقبل لا يجب أن يكون موجودًا.

"منذ أن استيقظت في هذا الجسد وأنا أرى الكوابيس…" تمتم بصوت منخفض، صوته بالكاد مسموع حتى لنفسه.

ثم بدأت أفكاره تتعمق.

"متى بدأ ليونيل الأصلي بمشاهدة الكوابيس؟"

هل كانت منذ صغره؟ أم أنها ظهرت فجأة بعد نقطة معينة؟

ثم تذكر.

عمر الثامنة.

وفقًا لما يعرفه عن الرواية، فإن ليونيل لم يكن مجرد طفل ضعيف ومنبوذ، بل قام بشيء في ذلك العمر… لكن الرواية لم تذكر التفاصيل. بالكاد كان مذكورًا أصلًا! المؤلف لم يعطه سوى بضعة أسطر، مجرد كونه الأمير الرابع الضعيف الذي سيموت لاحقًا، ولم يتعمق في شخصيته أو تاريخه.

وهذا ما جعله يشتعل غضبًا.

"أيها المؤلف اللعين!"

صرخ فجأة، وضرب الوسادة بكل قوته، كأنها السبب في كل مشاكله.

"ألم تستطع كتابة المزيد عن حياتي في الرواية؟! مجرد سطور تافهة، لا شيء عن كوابيسي، لا شيء عن طفولتي، لا شيء عن أي شيء مهم! كيف من المفترض أن أعرف ما حدث ليونيل الأصلي؟!"

ثم ألقى الوسادة بعيدًا، قبل أن ينهار ظهره على السرير، يحدّق بالسقف المظلم.

"حتى لو حاولت تجاهل كل شيء وعدم التدخل… فإن هذا العالم لن يتركني وشأني."

ظل مستلقيًا هناك، فوضى الأفكار تدور في رأسه. هناك شيء مفقود، شيء مهم، لكنه لا يستطيع رؤيته بوضوح بعد.

لكن هناك شيء واحد كان متأكدًا منه تمامًا:

لن يظل ساكنًا بعد الآن.

وضع ليونيل يده على رأسه، محاولةً يائسة لوقف الصداع الذي بدأ ينبض في جمجمته كأنه مطرقة تضرب عظامه من الداخل. حاول استرجاع أي ذكرى مهمة، أي خيط قد يوصله إلى حقيقة ما حدث لليونيل الأصلي… لكنه لم يحصل إلا على ألم حاد في رأسه.

"تبا لك، أيها المؤلف اللعين!"

شتم مجددًا، غضبه يتصاعد مع كل ثانية.

"ما مشكلتك معي؟! لماذا لا أستطيع تذكر أي شيء مهم؟! هل تعمدت إخفاء كل شيء عن شخصيتي حتى لا أفهم أي شيء عن حياتي؟! هل كنت تكتب هذه الرواية أثناء شربك للخمر؟!"

جلس على السرير، قلبه ينبض بعنف، وبدأ يشعر بضيق شديد في هذه الغرفة الكئيبة. الجو الثقيل، الجدران الرمادية، الإضاءة الخافتة… كل شيء فيها جعله يختنق أكثر.

أغمض عينيه، محاولًا استجماع أفكاره.

كيف كانت حياة ليونيل الأصلي؟ كيف كان يشعر؟

بدأ كل شيء عندما كان في الثامنة.

في ذلك العمر، قرر تجاهل كل شيء.

عائلته… أصدقاؤه… العالم كله…

تصرف كأنه لم يكن موجودًا، كأنه مجرد شبح يعيش في القصر بدون هدف. استسلم لمرضه، لضعفه، لكونه لا يستطيع حتى الإمساك بسيف أو استخدام السحر مثل إخوته.

"لكن لماذا؟"

لم يكن ذلك منطقيًا تمامًا. لا أحد يستسلم هكذا بدون سبب. لابد أن هناك شيئًا حدث، شيئًا جعله يقرر الانسحاب من العالم بهذه الطريقة.

لكن الرواية لم تذكر أي شيء.

أغمض ليونيل عينيه، ثم تمتم بسخرية مريرة:

"أنا متأكد من شيء واحد… ذلك المؤلف يملك ضغينة ضدي."

فتح عينيه، ضاحكًا بسخرية رغم توتره.

"لا، بل هو مجرد سادي يستمتع بتعذيبي."

استمر الصداع في خفقان رأس ليونيل، وكأن شخصًا ما يحفر داخله بمطرقة. الهواء في الغرفة أصبح ثقيلاً، والمكان كله بدأ يضيق عليه أكثر فأكثر.

"لا يمكنني البقاء هنا…"

تحرك ببطء، ثم مد يده وأمسك بالجرس الموضوع بجانب سريره، وقرعه بقوة.

لم يمر الكثير من الوقت قبل أن يُفتح الباب بعد طرق خفيف. دخل أحد الخدم، وانحنى باحترام.

"صاحب السمو، هل تحتاج إلى شيء؟"

ليونيل لم يضيع الوقت، تحدث مباشرة:

"أحضر الكرسي المتحرك وساعدني على الخروج إلى الحديقة."

رفع الخادم رأسه للحظة، وكأنه لم يكن متأكدًا مما سمعه، لكنه لم يعترض. انحنى مجددًا وقال:

"كما تأمر، سمو الأمير."

ثم غادر بسرعة.

تنفس ليونيل بعمق، محاولًا تهدئة شعوره الغريب بالضيق. ربما لو خرج قليلًا، لو تنفس الهواء النقي بدلًا من هذا الجو الكئيب، لشعر بتحسن.

لكن عندما عاد الخادم بعد دقائق… لم يكن وحده.

كانت معه هالة قوية، حضور لا يمكن تجاهله.

دخل الإمبراطور.

جسده الطويل، مشيته الواثقة، ونظرته الباردة جعلت قلب ليونيل يقفز للحظة من المفاجأة. لم يكن يتوقع هذا أبدًا.

شعر وكأن الهواء تجمد في رئتيه.

نظر إلى الخادم الذي انحنى باحترام، وكأنه لم يفعل شيئًا خاطئًا، ثم نظر إلى الإمبراطور الذي وقف أمامه، متفحصًا إياه بعينين باردتين.

وأخيرًا، فتح الإمبراطور شفتيه وتحدث بصوته العميق والهادئ:

"إلى أين تعتقد أنك ذاهب، ليونيل؟"

تنهد ليونيل بعمق، ثم قال بصوت متعب:

"أريد الخروج إلى الحديقة، أشعر بالاختناق."

راقبه الإمبراطور للحظات بصمت، ثم بدون أي كلمة، اقترب منه فجأة وانحنى ليحمله.

"ماذا تف—!؟"

لم يمهله الإمبراطور وقتًا للاعتراض، رفعه بسهولة وكأنه لا يزن شيئًا.

"أَنزِلني أيها اللعين!!" صرخ ليونيل وهو يتلوى محاولًا التملص.

لكن لا فائدة.

"تبًا لك! ضعني على الكرسي المتحرك أيها الطاغية!"

وكأن صراخه لم يكن سوى نسمات هواء عابرة، استمر الإمبراطور في حمله بثبات، غير متأثر بمحاولاته المستميتة للهرب.

"هل تسمعني؟! أنا لست طفلًا، أَنزِلني حالًا!"

عندما لم يجد أي استجابة، قرر ليونيل استخدام آخر سلاح لديه—الاستفزاز.

نظر إلى الإمبراطور بحدة، ثم قال بسخرية:

"هل أنت مهووس بحملي أم ماذا؟"

توقف الإمبراطور للحظة.

"… "

لم يتغير تعبيره، لكنه ألقى نظرة خاطفة على ليونيل قبل أن يتحرك مجددًا، متجاهلًا كلماته تمامًا.

عبس ليونيل.

"اللعنة… حتى هذا لم ينجح؟!"

نظر حوله بغضب، ثم استسلم أخيرًا، وترك رأسه يسقط على صدر الإمبراطور، مغمغمًا لنفسه:

"هذا ظلم… متى أصبح الإمبراطور بنفسه مربية أطفال؟"

2025/04/19 · 189 مشاهدة · 2482 كلمة
روزي
نادي الروايات - 2025