كان المخيم غارقاً في سكون الليل، والنار المشتعلة تضيء وجوه أفراد العصابة الذين وقفوا يحيطون بفنغ شيو. أحدهم، قائدهم، تحدث بنبرة مغرورة:
"أعطنا المال، أو سنأخذ حياتك... بالرغم من أنك تبدو غير مبالٍ بها."
نظر فنغ إليهم بوجهٍ خالٍ من المشاعر، عينيه مختبئتين تحت ظل القبعة. قال بصوت هادئ وبطيء:
"المال الذي تبحثون عنه ليس هنا."
تقارب أفراد العصابة وهم يضحكون بسخرية، ليجيب أحدهم:
"وهل تتوقع منا أن نصدقك؟"
رفع فنغ يده ببطء، مشيراً إلى الغابة المظلمة خلفهم:
"دفنته على بعد مسافة قصيرة من هنا. تحت شجرة كبيرة على سفح الجبل."
تبادل أفراد العصابة النظرات، ثم تحدث القائد بخبث:
"تريد أن تأخذنا في نزهة؟ حسناً، أرنا الطريق. لكن لا تحاول خداعنا، أو ستندم."
لم يُظهر فنغ أي ردة فعل، واستدار بهدوء ليقودهم إلى داخل الغابة. لكن قبل أن يتحركو قام أحدهم بحمل غصن شجرة و أشعل فيه نيران ليضيء الطريق. كانت خطوات فنغ ثابتة، وصوت الأحذية الثقيلة للعصابة يملأ الصمت حولهم.
بينما كانوا يسيرون، سأل أحد أفراد العصابة قائدهم بصوت منخفض:
"أنت متأكد أنه لا يخطط لشيء؟ قد يكون هذا فخاً."
رد القائد بابتسامة ساخرة:
"حتى لو كان فخاً، نحن سته وهو واحد. لا يمكنه فعل شيء."
ظل فنغ صامتاً، لا يلتفت خلفه ولا يُظهر أي إشارة لتوتر أو قلق. عندما اقتربوا من منطقة مليئة بالأشجار الكثيفة، توقف وأشار بيده إلى شجرة طويلة في وسط الظلام.
"هناك، المال مدفون تحت هذه الشجرة."
اقترب اثنان من أفراد العصابة بسرعة ليفحصا المكان، بينما بقي الآخرون يراقبون فنغ بحذر. لكن القائد رفع يده فجأة، قائلاً:
"ابقوا هنا. لنجعله يحفر بنفسه. إن كان المال حقاً هناك، سنأخذه. وإن لم يكن... ستُدفن مكانه."
ظل فنغ جامداً للحظات.تقدم قائد العصابة بخطوات واثقة نحو فنغ شيو، ثم أردف بابتسامة ساخرة
" أتعلم؟ نحن لا نحب المتشردين في منطقتنا. إما أن تدفع الرسوم، أو ستدفع الثمن غاليا."
تجاهل فنغ شيو كلماته، ورفع رأسه ببطء، لتظهر عيناه اللتان تعكسان برودة غير طبيعية تحت ظل القبعة. في لحظة خاطفة، لوح بيده اليمنى، فهبت ريح قوية أطفأت النار المشتعلة.
شعر أعضاء العصابة بالتوتر، لكن قائدهم ضحك قائلاً: يا له من استعراض صغير دعونا نر ما يمكنك فعله حقا !"
قفز أحد أفراد العصابة نحو فنغ شيو، مستخدمًا تقنية سرعته الخارقة، ظهر أمامه في لحظة. قبل أن يهاجم ضرب فنغ الأرض بقدمه، فانطلقت موجة من الصخور الحادة كالسكاكين نحو المهاجم، ما اضطره للتراجع.
لكن الهجوم لم يتوقف عند هذا الحد. انقض أفراد العصابة واحدًا تلو الآخر على فنغ مستخدمين تقنياتهم الخاصة.
أحدهم أطلق سلسلة نارية من يديه شكلت قوسًا ملتهبا حول فنغ ،وآخر قفز في الهواء مستخدمًا مطرقة ضخمة من الطاقة، وضرب بها الأرض، ليشطرها إلى نصفين تقريبا.
تراجع فنغ للخلف محاولاً صد الهجمات. رفع يده وبدأ بتوجيه تيارات من الماء المتدفق نحو المهاجمين، مما أطفأ النيران وأربكهم للحظات.
لكن قائد العصابة تقدم بثقة، مستخدما تقنية شبيهة بتمزيق الهواء، حيث انطلقت شفرات غير مرئية تجاه فنغ أصابت ذراعه اليمنى .
ضحك قائد العصابة بصوت عال وقال: "أهذا هو كل ما لديك؟ أين قوتك التي سمعت عنها ؟!"
قال فنغ، بهدوء" لاتستعجل كثيرا "
أطلق موجة قوية من الرياح المدمجة مع شرارات البرق، أزاحت المهاجمين وأجبرتهم على التراجع. اتجهة ناحيت شخصين كانا يقفين مع بعضها البعض. استطاع أصابت أحدهم ليسقط ميتا.
أحدهم صرخ وهو يتراجع: "ما هذا؟ إنه يتحكم بعناصر متعددة!"
لكن القائد لم يبد أي خوف. انطلق نحو فنغ بسرعة هائلة، وقبل أن يتمكن فنغ من تجميع قوته بالكامل شق القائد ذراعه اليمنى بشفرة طاقية حادة تساقط الدم بغزارة، وسقطت ذراع فنغ على الأرض.
تراجع فنغ للحظة ، لكن ما أدهش الجميع هو أن الجرح بدأ يلتئم تدريجيا. الذراع المبتورة تجددت أمام أعينهم خلال لحظات، وكأن شيئًا لم يحدث.
صدم أعضاء العصابة، لكن القائد ضحك قائلاً: " يا لها من خدعة مثيرة. حسنا، دعنا نرى كم مرة يمكننا قتلك !".
وقف فنغ شيو في مواجهة أفراد العصابة دون أن يظهر على ملامحه أي تعبير. كانت عينيه الباردتين تحدقان في قائد العصابة، الذي بدوره ابتسم بسخرية قائلاً:
"يبدو أنك لا تدرك ما تواجهه حسنا، سنريك الآن."
اندفع أحد أفراد العصابة بسرعة خاطفة نحو فنغ مستخدمًا قبضته المغطاة بهالة نارية. تحرك فنغ ببطء محسوب، وأطلق موجة من الرياح الباردة التي أطفأت اللهب في لحظة.
لكن المهاجم لم يتوقف، وجه لكمة مباشرة نحو فنغ الذي اكتفى برفع يده اليسرى لتصطدم قبضته بجدار خفي من الهواء المتكثف.
" لا فائدة من هذا،" قالها فنغ بصوت هادئ وهو يميل رأسه قليلاً.
لم يكن هذا كافيًا لردع العصابة انطلق اثنان آخران من الجانبين، أحدهما يلوح بسيف طاقي والآخر يطلق كرات نارية متتالية. رفع فنغ يده اليمنى، فاندفعت المياه من الأرض لتشكل حاجزا امتص الهجمات قبل أن يتجمد ليصبح جدارًا جليديا.
لكن قائد العصابة لم يكن ساذجا. لوح بيده مشكلا شفرة طاقية حادة، اخترقت الجدار الجليدي بسهولة وقبل أن يدرك فنغ الأمر، اخترقت الشفرة ذراعه اليسرى بالكامل، وقطعتها بضربة واحدة.
لم يبد على فنغ أي تعبير، بل اكتفى بتفحص ذراعه المبتورة وهي تسقط على الأرض. نظر إلى القائد بنظرة باردة، وقال بهدوء
"مهما قطعتها، ستعود. "
تجددت ذراعه أمام أعين الجميع، مما أثار دهشة أفراد العصابة مره اخرى.
قال القائد وهو مبتسم بنشوه" حسنا، دعنى نرى كم مرة يمكنك تجديد نفسك قبل أن اسحقك تماما."
أصدر القائد إشارة بيده، فتقدم بقية أعضاء العصابة. أحاطوا بفنغ من جميع الجهات، مستخدمين تقنياتهم المختلفة.
أحدهم أطلق موجات صاعقة كهربائية، بينما الآخر صنع قبة طاقية فوق فنغ لعزله تماما. تحرك فنغ بثبات دون تسرع بث الرياح من حوله لتشكل درعًا، لكن كثافة الهجمات بدأت تكسر دفاعه شيئا فشيئا.
أحد أفراد العصابة استغل الفرصة وضرب ساق فنغ اليمنى بقوة هائلة، مما أدى إلى بترها. سقط فنغ على الأرض، لكن نظراته بقيت جامدة.
لم يظهر أي ألم أو تردد. تجددت ساقه بسرعة، ونهض دون أن ينبس ببنت شفة.
في تلك اللحظة، قفز القائد بنفسه، مستخدما تقنية تجمع الطاقة في شكل رمح ، ثم وجه ضربة مباشرة إلى صدر فنغ اصطدم الرمح بجسده بقوة، وانفجر المكان حولهما.
عندما هدأت العاصفة، كان فنغ على الأرض، الدماء تغطي جسده، لكنه ما زال يتحرك بهدوء. قال القائد بابتسامة مميتة "أنت أشبه بشبح بلا ألم و خوف. لكن حتى الأشباح يمكن سحقها."
تراجع فنغ عدة خطوات وعاد جسده كما كان،صرخ قائدهم " هاجموه معاً لنمنحه درساً لا ينسى."
اندفع ثلاثة منهم في الوقت ذاته، كل واحد منهم يهاجم من زاوية مختلفة.
الأول كان يحمل سيفاً لامعاً مغطى بهالة حمراء، وانطلق مباشرة نحو صدر فنغ بينما الثاني قفز من الجانب الأيسر مشهراً رمحاً طويلاً، والثالث من الخلف مستعداً لضربة قاضية بمطرقة ضخمة.
لم يتحرك فنغ للحظة وعيناه كانتا تراقبان كل شيء بلا أدنى تردد.
بمجرد أن اقتربوا منه جميعاً في نفس اللحظة، ولد دوامة من الرياح تحت قدميه في لحظة اندفعت الرياح بقوة، وحملت جسده عالياً في الهواء، مما جعله يطير لأعلى بسرعة مذهلة، متفادياً جميع الضربات التي كانت ستنهي حياته في ثانيه.
حين قفز فنغ في الهواء باستخدام الرياح، فقد المهاجمون الثلاثة توازنهم للحظة أثناء اندفاعهم السريع.
الأول، الذي كان يحمل سيفاً متوهجاً بالهالة الحمراء حاول توجيه ضربة قوية نحو المكان الذي كان يقف فيه فنغ، لكنه أخطأ هدفه بسبب حركة فنغ السريعة في الهواء في تلك اللحظة انحرف صاحب السيف نحو المهاجم الثاني الذي كان يحمل الرمح حاول حامل الرمح صد الضربة، لكن السيف اخترق كتفه ويدفعه بقوة للوراء.
بدافع الألم وردة الفعل العشوائية اندفع حامل الرمح بجسده إلى الأمام ليغرز رمحه في صدر المهاجم الثالث، الذي كان يرفع كان يعتقد أن فنغ مطرقته ليضرب الأرض حيث كان يعتقد ان فنغ سيهبط فيها لكن للأسف كان صاحب سيف هو من عليها.
إصابته المطرقه في مؤخرة رأسه لتجعله ينهار على الفور بدون أي حركة.
سقط الثلاثة معاً على الأرض، أجسادهم متشابكة وأسلحتهم مغروسة في بعضهم البعض. أصبح المكان هادئاً فجأة، لا يُسمع سوى صوت الرياح التي هدأت مع هبوط فنغ برفق على الأرض.
وقف ينظر إليهم بلا أدنى انفعال، وكأن ما حدث أمامه لم يكن سوى أمر عادي. تمتم بهدوء " الطمع والغباء... أفضل أسلحة الأعداء لتدمير أنفسهم."
حمل فنغ السيف الذي سقط من أحد القتلى، ومرر إصبعيه السبابة والوسطى عبره ببطء. كلما لامس السيف، كانت الطاقة السوداء تتدفق عبر أطراف أصابعه، ثم تنتشر في نصل السيف، مما يجعله يضج بالطاقة المظلمة التي تغطيه بالكامل.
رفع السيف عاليًا في الهواء، والطاقات السوداء تتسرب منه، تغلفه كشبكة مظلمة تتدفق بلا توقف. ثم لوح به بقوة، لتنطلق تلك الطاقة السوداء على شكل شعاع واحد متوهج، بسرعة هائلة نحو قائد العصابة والرجل المتبقي.
قائد العصابة، الذي كان في حالة تأهب، لاحظ الهجوم في اللحظة الأخيرة، فقفز جانبًا بتكتيك سريع، مبتعدًا عن الشعاع المميت الذي مر بجواره بفارق شعر.
لكن الرجل المتبقي لم يكن محظوظًا. لم يكن قادرًا على التحرك في الوقت المناسب، وفي لحظة واحدة، اخترقت الطاقات السوداء جسده، لتشق جسمه إلى نصفين دون أن يترك له أي فرصة للنجاة، حيث تفرقت الأشلاء في الهواء.
وقف فنغ هادئًا، يراقب ببرود ما حدث، في حين أن الطاقة السوداء لا تزال تنساب من يديه.
نظر فنغ إلى الطاقة السوداء التي تتدفق من بين أصابعه وتمتم بصوت منخفض، أشبه بمن يكلم نفسه:
"كان لون طاقتي أزرقًا...؟ هل السبب هو افتراسي لجسد أوريان، أم بسبب تلك المجسات؟"
بينما كان فنغ غارقًا في أفكاره، انطلق قائد العصابة بسرعة، ممسكًا سيفه بكلتا يديه خلف ظهره، مستعدًا لتوجيه ضربة قاتلة.
في اللحظات الأخيرة، استعاد فنغ تركيزه، واستدار بسرعة نحو القائد. بصوت ميت لا يحمل أي أثر للمشاعر، تمتم:
"عين ساكورا الراقصة... المستوى الأول."
فورًا، انطلقت طاقة سوداء من عينه اليمنى على شكل دائرة واسعة. بالنسبة لفنغ، بدا وكأن الزمن قد تشوه بالكامل. كل شيء من حوله أصبح بطيئًا لدرجة الجمود، كأنه يعيش في لحظة أبدية متوقفة.
ثم فعل الخاصية الثانية لقدراته، ليرى المشهد من زاوية مختلفة تمامًا. رغم أن قائد العصابة كان أمامه، استطاع فنغ رؤية ظهره كما لو كان واقفًا خلفه. رأى القائد ممسكًا بسيفه في وضعية الهجوم، وكأنه يخطط لإنهاء كل شيء بضربة واحدة. ابتسم فنغ بهدوء، وكأن كل شيء يسير وفق ما يريده.
في اللحظة التالية، أوقف فنغ قدرته ليعود الزمن إلى طبيعته. رفع أصابعه الوسطى والإبهام ومررها بخفة، وصدر منه صوت طرطقه و أدى إلى خروج يد صخريه خلف قائد العصابة. امتدت اليد سريعًا، وانتزعت السيف من يديه بقوة.
توقف القائد لحظة، مدهوشا بما حدث. استدار بسرعة ليرى من الذي فعل ذلك، لكن هذه اللحظة كانت خطأه الأخير.
استغل فنغ الفرصة وتقدم بخفة وسرعة. قبل أن يدرك القائد ما يجري، غرس فنغ سيفه في ظهره بقوة، ليخترق جسده ويخرج النصل من صدره، منهياً المعركة بضربة قاتلة.
تراجع فنغ خطوة إلى الوراء، تاركًا الجسد يسقط على الأرض، وراقب برود كيف انطفأت الحياة من عيني القائد، وكأنه يشاهد حدثًا يوميًا لا أهمية له.
بينما كان فنغ يقف وسط ساحة المعركة، أدرك أن هناك شخصًا آخر لا يزال على قيد الحياة. لاحظ هذا الشخص أن فنغ بدأ يبدو متعبًا، فقرر أن يهاجمه بسرعة.
هجم عليه ذلك الرجل بالسيف بتلوحيه جانبيه،امال فنغ جسده جانبيا بحيث مر سيف دون أن يلمسه.
في لحظة، أطلقت يداه سلسلة من الضربات المتتالية نحو صدر خصمه. كانت كل ضربة تلامس نقطة معينة، وكانت العظام تحتها تتكسر واحدة تلو الأخرى. ثم لوح بقدمه اليمنى بشكل دائري بكل قوته نحو رقبة خصمه، مما أدى إلى تدحرجه على الأرض. كان صوت العظام يتردد مع كل تكسر.
لم يتيح فنغ للخصم فرصة للرد، فقد قفز نحو خصمه وسقط عليه، ثم أطلق شفرات حادة من الهواء على شكل X، مما أدى إلى موته على الفور