"لا يمكنني الكذب..." تمتم فنغ بصوت منخفض ثم أدار نظره نحو النظام.

"حسنًا، ماذا الآن؟ هل هذا الطفل يمتلك جسد الفوضى المقدس؟!" سأل، وقد بدأ يلحظ علامات الدهشة على ملامحه.

{نعم، هذا ما اكتشفته.} أجاب النظام بصدق، لأنه لو فكر في الكذب لكان قد أدى إلى تعطيل قسم الملوك.

"حسنًا، ما فائدة جسد الفوضى هذا؟!" رد فنغ، وقد بدا على وجهه مزيج من الفضول والشك.

{أولاً، يمنح الشخص القدرة على امتصاص طاقة الفوضى إن كانت موجودة، وإذا كان الشخص ذكيًا وعبقريًا بما يكفي، فإنه سيستطيع إنتاجها من جسده. بعيدًا عن ذلك، صاحب هذا الجسد يمتلك موهبة يمكن القول إنها مطلقة، حيث يمكنه إنشاء كوارث طبيعية وكونية. وبالإضافة إلى كل ذلك، قد يكون قادرًا على امتلاك قوة الفوضى البدائية، وهذه مجرد جزء بسيط من ميزات هذا الجسد، بعيدًا عن قدراته الأساسية.}

كان فنغ شيو يستمع إلى كل هذا كما لو كان يستمع إلى قصة حظ أبطال العالم. "هل تعني أن كل ما ذكرته هو جزء بسيط مما يمتلكه ذلك الطفل؟!" سأل بدهشة.

{نعم.} أجاب النظام ببساطة.

كان فنغ شيو في صمت لعدة ثوانٍ، وهو يحاول هضم ما سمعه. ثم قال أخيرًا: "وتريدني أن أتخذه تلميذًا؟"

{نعم.}

ابتسم فنغ بسخرية، ورفع حاجبيه في استغراب: "لماذا عليّ أن أفعل هذا؟ أو دعني أصيغها بشكل أفضل، لماذا تريد أن أتخذه تلميذًا؟ وما سبب إخبارك لي بكل هذا؟"

حل صمت طويل. لم ينبس النظام بكلمة واحدة. ظل فنغ يراقب المكان من حوله، بينما كانت الأفكار تدور في عقله.

أخيرًا، تكلم فنغ قائلاً: "حسنًا، لا يهم. سواء كان يمتلك الجسد المقدس أو أيًا كان اسمه، لا يهمني. من يدري؟ ربما يكون هذا هو سبب موتي أو شيئًا من هذا القبيل."

استدار فنغ ليغادر المكان، لكن في اللحظة الأخيرة، صرخ النظام فجأة: {توقف، سأخبرك.}

توقف فنغ في مكانه، وحول رأسه للاستماع. أكمل النظام قائلاً بصوت منخفض وعميق:

{في الحقيقة، كنت بشريًا... لكن هذا كان منذ زمن بعيد. عندما كنت بشريًا، كان لدي حبيبة، وكنت أحبها أكثر من أي شخص آخر.

اضطررنا للهرب معًا إلى الهاوية، خوفًا من عائلتنا التي كانت ترغب في قتلنا. وعندما وصلنا إلى الهاوية، قابلنا أحد أقوى التنانين، ولم أكن قادرًا على فعل أي شيء.

لم أستطع الصمود أمامه حتى لثانية واحدة. كنا مجرد دمى في يديه.

أمسك بحبيبتي، ثم رماها في أحد أنهار الهاوية. كان ذلك النهر قادرًا على سجن أي شيء يدخله بسلاسل مصنوعة من البرق، والمشكلة الأكبر أنه لا يمكنك الموت وأنت هناك...

منذ ذلك الوقت، وهي تتعذب في هذا السجن الملعون، ولم أستطع فعل أي شيء لإنقاذها. لكن من بين الأشياء القادرة على فك هذا السجن، كانت إحدى ميزات الجسد المقدس.}

أنهى النظام حديثه بعد أن حكَا تلك الذكريات الأليمة، وتوقف عن الكلام. بعد ثوانٍ من الصمت، تكلم فنغ أخيرًا: "هل لهذا السبب تريدني أن أتخذ ذلك الطفل تلميذًا؟"

{نعم.}

فنغ نظر إلى النظام بنظرة قاسية، وقال بصوت منخفض: "وماذا يجعلني أساعدك؟ ألن يكون من الأفضل لي أن أتجنب هذه المتاعب وأضيع وقتي في شيء آخر؟"

صدم النظام من ردة فعل فنغ. صحيح أن النظام كان يعلم أن فنغ قد تحول إلى شخص عديم المشاعر، لكنه لم يتوقع أن يصل إلى هذه الدرجة من اللامبالاة. أخيرًا، قال النظام بصوت ضعيف:

{حسنًا، سأساعدك على أن تصبح أقوى. سأعلمك كيف تحوّل الأزمات إلى نعم، وكيف تخلص نفسك من لعناتك وتحولها إلى بركة.}

نظر فنغ إلى النظام بعينيه الباردتين، ثم قال بابتسامة باردة: "أنت تساعدني على أن أصبح أقوى؟ أنت الذي لم تستطع حتى الدفاع عن حبيبتك، فكيف ستجعلني أقوى؟"

{م.. معك حق. ليس من حقي التحدث عن هذه الأمور، لكنني كنت من أبناء أقوى العائلات البشرية. معرفتي واسعة، وخبرتي كبيرة، وكل شيء قد يخطر في بالك... رغم أنني، في النهاية، مجرد حثالة.}

قال فنغ بصوتٍ خالي من أي مشاعر:

"لكن ما الذي يضمن لي أنك ستفعل كل هذا؟ وأيضًا، لدي شروط أخرى."

{أولًا، إذا كنا داخل قسم الملوك، فكل عهد أو وعد يتم عقده يجب أن يُنفَّذ، لا محالة، سواء رضيت أم لا. ويمكنك إضافة أي شرط ترغب فيه، المهم أنني أريدك أن تنقذ حبيبتي.}

ابتسم فنغ بسخرية، ثم قال:

"ههه، حسنًا، لماذا علي أن أعدك أساسًا؟ أو لماذا نعقد عهدًا؟ يمكنني الآن فقط أن آخذ هذا الطفل دون أي تعهد."

سكت فنغ للحظة، حتى خيم الصمت على المكان. لم يستطع النظام أن يرد بأي كلمة، فقد كان من الغباء أن يظهر ضعفه أمام شخص مثل فنغ.

أخيرا، نطق فنغ:

"حسنًا، ما رأيك في هذا؟ نقوم بعهد يكون فيه أنت خادمي المطلق، تطيع أوامري بلا تردد، ولكن دون أن أعدك بإنقاذ محبوبتك. قد تعتقد أن هذا لا فائدة منه بالنسبة لك، لكن إنقاذها من عدمه سيتوقف على أدائك. إن كنت جيدًا، سأساعدك."

لم يكن أمام النظام سوى الرضا بهذا العرض، ليس لأنه خيار جيد، بل لأنه الخيار الوحيد المتاح.

{حسنًا، أنا موافق.}

"إذاً، دعنا ننهي قسم الملوك."

بدأت طاقة غريبة تتشكل بينهما، ثم بدأت تتلاشى تدريجيًا، مع كل كلمة كانت تتردد بينهما.

تقدم فنغ شيو بهدوء نحو الطفل الأعمى، وعندما اقترب منه، أراد أن يضفي على صوته أكبر قدر من اللطف.

قال برقة:

"مرحبًا أيها الطفل."

قفز الطفل الأعمى مفزوعًا، وقال بصوت متقطع:

"من أنت؟ وماذا تريد؟"

ابتسم فنغ شيو ابتسامة خفيفة، ثم قال:

"مابك، خائف؟ لا تقلق، أنا فقط رأيت ما حدث واكتشفت أنك بلا أب أو أم."

عجز الطفل عن الكلام بمجرد سماعه لتلك الكلمات، وخفض رأسه بحزن عميق.

تقدم فنغ ببطء، ووضع يده برفق على رأسه، وطبطب عليه قائلًا:

"لا تحزن، يا صغيري."

ثم تقدم خطوة أخرى، وضمه إلى صدره بحنو، ليشعر الطفل بدفء غير مألوف، بينما كانت دموعه تتساقط بغزارة.

كانت تلك أول مرة يشعر فيها بهذا القدر من العطف.

بعد دقائق من البكاء، جلسا على الأرض معًا، وكان فنغ يربت على كتفيه لتهدئته.

"ما اسمك، يا فتى؟"

تردد الطفل في البداية، ثم قال بصوت خفيض:

"ليس لدي اسم..."

ابتسم فنغ ضاحكًا بصوت خفيف، وقال:

"يبدو أنك مميز في كل شيء."

نظر الطفل الأعمى إلى فنغ مستغربًا من كلامه:

"ماذا تعني؟"

رد فنغ بلطف:

"أقصد أنك مميز في كل شيء. أولًا، أنت شخص يتكيف مع الظلام وتعيش فيه بكل حرية. أيضًا، أنت ذكي، شجاع، وفطِن، وأنت الوحيد الذي لا يحتاج لاسم ليكون مميزًا."

كانت دموع الطفل تتساقط من عينيه رغمًا عنه، فهو لم يشعر بهذا النوع من التقدير أبدًا. كان فنغ هو الشخص الوحيد الذي اعتبره مميزًا بدلًا من اللعنة التي كانت تلاحقه.

قال فنغ بصوت خافت لا يكاد يُسمع، وهو يبتسم ابتسامة باردة:

"هل ترغب في الحصول على اسم؟"

احمر وجه زاراثوس خجلاً، ثم أجاب بصوت خافت:

"نعم..."

نظرت عيناه إلى فنغ بنظرة خفيفة من تحت حاجبيه، وسأله فنغ بنبرة هادئة، كأن لا شيء في هذا العالم يمكن أن يزعجه:

"إذن، لماذا لا تسمي نفسك بالاسم الذي يعجبك؟"

سكت الطفل لحظة، ثم قال بصوت متردد:

"في الحقيقة، هناك سببان... الأول، كنت أخشى أن يسخر مني الآخرون. أما الثاني، فهو أنني لا أعتقد أنني جيد في اختيار الأسماء."

حل صمت قصير، ثم أكمل الطفل قائلاً:

"هل يمكن أن... تسميني أنت؟"

رفع فنغ حاجبه قليلاً، وظهرت عينيه مثل الهاوية، وتحتها جفونه الميتة.

لحسن الحظ، كان الطفل أعمى، فلم يدرك حقيقة نظراته الباردة.

قال فنغ بعد لحظة من التفكير:

"حسنًا، لا مانع لدي. لكن قبل أن أسمّيك، علينا أن نفعل شيئًا."

سأل الطفل بدهشة:

"ماذا تقصد؟"

بدون سابق إنذار، قام فنغ من مكانه وحمل الطفل بين يديه، ثم قفز بقوة عالية في الهواء.

بدأ فنغ يسيطر على الرياح تحت قدميه، ليطير عالياً في السماء.

لم يكن للطفل أي وقت للتحضير؛ صُدم مما يحدث.

قال فنغ وهو يحلق في الهواء:

"ما رأيك؟ هل تجد ذلك ممتعًا؟"

أجاب الطفل وهو مرتبك، مغمور بمشاعر غير مسبوقة:

"هاهاها... نعم، أشعر بنسيم الرياح الباردة!"

ظل فنغ يطير به فوق المدينة، وكل شيء كان هادئًا، السماء مغطاة بالنجوم.

بعد ساعة من الطيران واللعب في السماء، هبط فنغ به على الأرض بلطف، وأنزله برفق من بين يديه.

قال الطفل بفرحٍ لم يشعر به من قبل:

"لقد كان ذلك ممتعًا! هذا أفضل شيء حدث لي في حياتي!"

ابتسم فنغ وقال:

"هل تريد أن أخبرك بالاسم الذي فكرت فيه؟"

أجاب الطفل بحماس:

"نعم!"

"فكرت في أن أسمّيك 'زاراثوس'، كان اسم أحد الحكماء القدماء."

ظهرت ملامح السعادة على وجه الطفل، وكأنه قد وجد هويته أخيرًا.

قال فنغ بصوت هادئ:

"إذن، ما هي رغبتك؟ هل هناك شيء تود تحقيقه؟"

تجمد الطفل لثوانٍ، ثم بدأت ملامح الحزن تظهر على وجهه، وقال بصوت حزين:

"أريد تحقيق رغبة والدي. كان يريدني أن أصبح شخصًا عظيمًا يساعد الآخرين، وأن أكون جزءًا من طائفة كبيرة.

مع أنني لم أقابله قط، لكنني قرأت ذلك في إحدى مذكراته."

كان الحزن يملأ وجهه، وعيناه مليئتان بالدموع المخفية.

مد فنغ يديه ببطء ومرّرها على رأسه برفق، ثم قال:

"لدي اقتراح لك. ما رأيك أن تصبح تلميذي؟ أنا أرى إمكانيات عالية فيك، وسأعلمك كل ما أستطيع. بعد ذلك، سأساعدك على الانضمام إلى أي طائفة تريدها، وتصبح الأقوى بينهم."

تفاجأ الطفل بكلمات فنغ، ثم قال بصوت ملؤه السعادة:

"حقًا؟..."

انحنى الطفل أمام فنغ وقال بصوت مرتفع:

"شكرًا لك، سيدي! أعدك أنني لن أخيب أملك!"

رفع الطفل رأسه وقال بجدية:

"لكن، سيدي، لدي شرط."

ابتسم فنغ بسخرية خفيفة وقال:

"حسنًا، ما هو؟"

أجاب الطفل بإصرار:

"حتى لو دخلت إلى أي طائفة، ستظل سيدي الوحيد، ولن أقبل بأي بديل عنك."

ضحك فنغ ضحكة طويلة مليئة بالجنون ثم هدأ تدريجيًا وقال:

"هاهاها... حسنًا، هذا طبيعي يا زاراثوس. الآن، بما أن أمامنا فقط عدة أسابيع قبل أن تستقبل الطوائف تلاميذ جدد، سيكون الوقت ضيقًا جدًا، لذا يجب أن تتدرب جيدًا للعام المقبل."

2025/02/03 · 3 مشاهدة · 1486 كلمة
نادي الروايات - 2025