استدار فنغ بهدوء نحو الحصان المجنّح، وكان الغبار لا يزال يتساقط من السماء إثر ضربة إصبعه، ثم قال بصوته الهادئ العميق:

"هل هناك أسلحة... أو أي تقنيات مميزة في هذا المكان؟"

انحنى الحصان أكثر احترامًا وقال بنبرة ملؤها الولاء:

"نعم، يا جلالتك… في أعماق هذا العالم، في منطقة تُدعى سراديب الانعكاس السبعة، هناك تقنيات وأسلحة لم يُمسّها أحد منذ خلق عالم المرايا. بعضها وُضع هنا خصيصًا لك، وبعضها… جُلب من عوالم انهارت واختُزلت في هذه المرآة الأبدية."

تأمل فنغ تلك الكلمات، وعيناه لمعتا بفضول خافت، قبل أن يرد ببساطة:

"دلّني عليها... قد يحين الوقت لتجهيز المسرح."

هزّ الحصان المجنّح رأسه موافقًا، ثم فتح جناحيه الضخمين، ومن بين ريشه انطلقت شظايا ضوء شكلت خريطة معقّدة تتغيّر باستمرار، كأنها تنبض بالحياة.

"اتبعني يا جلالتك… وسأقودك إلى مفاتيح هذا العالم."

قال فنغ بهدوء، وعيناه لا تزالان تراقبان الخريطة المتغيّرة:

"لا داعي لهذا."

ثم فرقع بأصابعه بخفة، في لحظة، اختفى الضوء، وتلاشى المكان، ووجد فنغ وأوريان والحصان المجنح أنفسهم يقفون أمام بوابة عملاقة سوداء، تتداخل فيها المرايا مع رموز غريبة تشعّ بطاقات قديمة.

البوابة بدت وكأنها تنبض كقلبٍ نائم منذ آلاف السنين، ويحيط بها سبعة تماثيل لفرسان بلا وجوه، كل منهم يمسك بسلاح مختلف – رمح، سيف، قوس، مطرقة، منجل، سلاسل، ودرع.

قال فنغ بنبرة لا تخلو من الهيبة:

"هذه... سراديب الانعكاس السبعة."

شعر أوريان برعشة تمر في جسده رغم قوته، أما الحصان المجنح فخفض رأسه احتراما.

رفع يده نحو البوابة، وتوهجت إحدى المرايا في وسطها، كأنها استجابت لندائه وحده، وبدأت البوابة تفتح ببطء، يصاحبه هدير يوقظ كل شيء كان ساكنًا منذ الأزل.

دخل الثلاثة عبر البوابة، لتبتلعهم أضواء المرايا وتلفظهم في قلب مكتبة ضخمة لامتناهية، تلامس رفوفها السماء وتغرق أعماقها في الضباب. كل كتاب فيها كان يشع بطاقة قديمة، كأن المعرفة نفسها حُبست هنا منذ خلق الوجود.

"أوريان..."

نطق فنغ بصوت منخفض لكنه حمل ثقلاً كفيلًا بإسكات العواصف.

ارتعش أوريان من وقع اسمه، وكأن كل كبريائه القديم تلاشى في لحظة.

أراد الرد، أن يقول شيئًا، أي شيء...

لكن الكلمات خذلته.

لأول مرة، لم يكن لديه ما يقوله.

اقترب فنغ ببطء، صوته الآن أكثر وضوحًا:

"منذ الآن... عليك أن تتعلم كل هذا، حرفًا بحرف، حتى تصل إلى المستوى المثالي. لن أقبل بأقل من الكمال."

"لكن قبل ذلك..."

قال فنغ وهو يشير بيده نحو بوابة من البوابات سبعة.

"اختر سلاحك. ليس بناءً على ما يعجبك... بل بناءً على ما سيتقبلك."

كان المكان الذي وصلوا إليه مختلفًا عن كل ما سبق… أرض مقفرة، يغمرها الضباب، وتنبعث منها طاقة مهيبة تجعل الهواء نفسه يرتجف.

في كل زاوية، ترقد أسلحة مغروسة في الأرض، بعضها يشع بضوء خافت، وبعضها يكتنز ظلامًا كثيفًا، كأنها تنام منذ آلاف السنين في انتظار من يستحقها.

مقبرة الأسلحة المقدسة... حيث لا يُختبر الجسد، بل تُختبر الروح.

تقدم الحصان المجنح بخطوات واثقة، ثم التفت نحو أوريان بنظرة جادة:

"أوريان... اختر بعناية.كل سلاح هنا لا يختار إلا من يستحقه. وإذا خرج أيٌ منها إلى العالم الخارجي… فإن العالم كله سيتقاتل لأجله."

2025/04/18 · 8 مشاهدة · 465 كلمة
نادي الروايات - 2025