تقدم أوريان بخطى ثابتة، وعيناه تحدقان في ذلك السيف الذي بدا وكأن الضباب يتنفس من خلاله... كانت هالة غريبة تلتف حوله ، وكأن السيف ذاته يملك روحًا تنتظر صاحبها الحقيقي
كل خطوة يخطوها أوريان، كان الضباب من حول السيف يزداد كثافة، لكنه لم يكن ضبابًا عاديًا... كان ينبض بالطاقة، وكلما اقترب، شعر أن السيف يهمس إليه، يدعوه، يختبره
وعندما وصل إليه، مد يده ببطء، ليلامس المقبض البارد المصنوع من عظمٍ نُحت بدقة، تعانقه نقوش متحركة لا يمكن فهمها بسهولة. وما إن لمسه، حتى اندفعت موجة من الطاقة في جسده، واختفى الضباب حول السيف بالكامل لوهلة، كاشفًا عن اسمه المحفور في شفرة النصل
"نِبَراس الضباب – Veilheart"
حين أمسك به أوريان، شعر وكأنه عثر على جزء مفقود من روحه.
قال الحصان المجنح وهو ينظر إليه بإعجاب:
"لقد اخترت الطريق الأصعب... لكنك اخترت السيف الذي لا يختارك إلا إن كنت أهلًا له."
نظر فنغ شيو نحو أوريان بنظرة ثابتة، ثم قال:
"من الآن، هذه السراديب ستكون لك وحدك… ستمكث فيها حتى تصبح أنت السلاح."
ثم نظر إلى الحصان المجنّح وقال بصوت هادئ لكن حازم:
"إن أنهى أوريان تدريبه في كل السراديب السبعة، تواصل معي ذهنيًا فورًا... لا تتدخل في تدريبه، ولا تعينه بشيء، دعه يعتمد على نفسه تمامًا."
أومأ الحصان المجنح برأسه بإجلال، ثم ابتعد بخفة ليختفي بين أروقة السرداب، بينما بقي أوريان في مكانه ينظر إلى السيف الذي اختاره، والضباب يلتف حوله كأنما يعترف به.
أما فنغ شيو، فقد استدار بهدوء وغادر السرداب دون أن يلتفت، تاركًا أوريان ليبدأ رحلته في مواجهة الذات والتحوّل إلى سلاح فتاك كما أراد له سيد المرايا.
فجأة، وبلا سابق إنذار، ظهر فنغ شيو أمام ذلك التنين العملاق، كأنما شق الزمان والمكان بظهوره.
ارتجف جسد التنين الهائل، وبؤبؤاه العظيما الحجم ارتجّا من الخوف، فقد ظنّ أن نهايته قد حانت، وأن فنغ جاء لينهي حياته بسبب ما فعله سابقًا.
تقدم فنغ نحوه بخطوات ثابتة، هادئة، لكنها كانت تُحدث زلزالًا في قلب الوحش.
وقف أمام وجهه مباشرة، ثم رفع عينيه ونطق بصوت ناعم لكنه مشحون بالسلطة:
"سأسامحك هذه المرة... وبصفتي سيد هذا العالم، آمرك أن تتبع أوريان عندما يعود. ستكون ظله وحاميه."
وقبل أن يستطيع التنين الرد أو حتى التنفس بارتياح، اختفى فنغ فجأة، كما ظهر
ظهر فنغ مرة أخرى داخل سرداب الأسلحة المقدسة، وقد استدعى الحصان المجنح.
قال فنغ وهو يتقدم نحوه:
"ما اسمك؟"
انحنى الحصان المجنح باحترام وأجاب:
"اسمي نيماريس، يا جلالتك."
نظر إليه فنغ بطرف عينه، وقال بهدوء:
"حسنًا... أريد أن أختار سلاحًا."
أجاب نيماريس فورًا:
"أي نوع تريده، مولاي؟"
هز فنغ رأسه بخفة وقال:
"لا أعلم بعد... لم أقرر."
فجأة، انطلق نيماريس من مكانه كوميض البرق، ولم تمضِ سوى لحظات حتى عاد يحمل صندوقًا ضخمًا بلون أسود قرمزي، يشع بهالة غريبة.
قال بصوت مفعم بالثقة:
"جلالتك، هذا هو أفضل سلاح يناسبك الآن. في الحقيقة... هو تقريبًا يحتوي على كل الأسلحة."
رفع فنغ حاجبه باهتمام:
"كيف ذلك؟"
ابتسم نيماريس وأجاب:
"إنه ليس سلاحًا عاديًا... فإنه بمجرد أن تندمج معه يتحول إلى وشم يمتد على ذراعك بشكل معين، وبمجرد فكرة واحدة... يمكنك تشكيله إلى أي سلاح يخطر ببالك سواءً كان سيف او رمح او خنجر مهما كان ماتريده ، بل ويمكنك أن تختار خصائصه أيضًا."
فتح فنغ الصندوق ببطء، وما إن نظر بداخله حتى توقف قليلًا... كان فارغًا تمامًا.
رفع عينيه نحو نيماريس بنظرة متسائلة، فأجابه الأخير بهدوء:
"مولاي، هذا السلاح لا شكل له، ولا مظهر، ولا حتى هالة يمكن ملاحظتها... عليك أن تُسقط شيئًا من طاقتك بداخله فقط عندها سيتفاعل معك ويبدأ الاندماج"
أغمض فنغ عينيه للحظة ثم مدّ كفه نحو الصندوق وأطلق دفعة خفيفة من طاقته داخله
وفجأة بدأ وشم غامض يتشكل ببطء على يده خطوط دقيقة من السواد تتداخل وتتراقص وكأنها كائن حي امتدت من راحة يده صعودًا نحو ذراعه متخذة شكل تنين ملتف عيناه تتوهجان بلون أحمر داكن.
بهدوء، فتح فنغ عينيه وهو يراقب تحوّل جسده، وتمتم:
"هممم... أشعر بشيء يتحرك داخلي."
انحنى نيماريس قليلًا وقال بإعجاب:
"لقد بدأ الارتباط يا جلالتك... من الآن، هذا السلاح جزء من روحك."
قال فنغ وهو يلتفت مغادرًا:
"حسنًا... شكرًا لك يا نيماريس. الآن عليّ الذهاب. بالمناسبة، كم من الوقت سيستغرق أوريان تقريبًا؟"
انحنى نيماريس قليلاً احترامًا، ثم أجاب بصوت ثابت:
"لا تقلق، مولاي. في هذا المكان، قد تمر ملايين السنين، لكن في العالم الخارجي، لن تكون سوى أشهر قليلة.
ومع موهبة أوريان، أقدّر أنه سينهي تدريبه في بضعة أسابيع من منظور العالم الخارجي... أي ما يعادل آلاف السنين هنا."
أومأ فنغ بصمت، لكن داخله كان يعلم أن أوريان لن يعود كما كان...
لقد رأى بنفسه ما ينتظره في السرديب الأخيرة كانت عبارة عن ^%@^@^^*$
في تلك السراديب، لو تجرأ أحد على التدريب لعدة أيام فقط... فإن لن يكون بشيء و لا يُمكن تسميته سوى: ^@%€%@.
ابتسم فنغ بهدوء وقال في نفسه:
"إن نجا من ذلك السرداب..."
قاطع نيماريس شرود فنغ بصوته العميق:
"مولاي، أخشى أن أوريان، حينما تكتمل قوته ويغادر عالم المرايا...قد يريد تمرد ضدك"
رد بصوت بارد كهاويةٍ بلا قرار:
"وما اقتراحك؟"
انحنى نيماريس قليلًا وقال:
"اقترح أن نُلقي عليه ختمًا ابديً يمنعه من التمرد، مهما بلغت قوته أو تغيرت نواياه. وإن كنت مستعجلًا للمغادرة، فلا تقلق، سأقوم أنا بكل شيء. فقط، امنحني قطرة من دمك النقي، وسأتولى إتمام العقد... ليصبح ولاءه لك، غير قابل للكسر."
من دون تردد، عضّ فنغ إصبعه، ومد يده نحو نيماريس.
"افعلها."
أخذ نيماريس الدم الذي كان مقدس بنسبة له بكل رهبة، اختفى فنغ من المكان
ظهر فنغ عند الكوخ مجددا. طرق الباب بلطف، فلم تمر لحظة حتى فُتح الباب بعنف واندفع نحوه زاراثوس، كأن قلبه استيقظ من سبات.
"أبتاه!" صرخ وهو يعانقه بشوقٍ غامر، عيناه تلمعان بفرحٍ حقيقي،
"لقد أصبحت أستطيع رؤية الأشكال من طاقتهم، بفضل القدرة التي منحتني إياها! صحيح أني لا أرى ملامحهم... فقط كأنهم هالات من الطاقة، لكن كان ذلك شعورًا رائعًا، شعرتُ كأنني... أعيش."
جلس الاثنان بعد لحظات من الدفء أمام طاولة خشبية داخل الكوخ، وبدأت نار المدفأة ترقص على وقع حديثهما. كان فنغ يُحدّق في زاراثوس .
" ابتاه اريد ان اخبرك بشي.."
" ماهو " رد فنغ بصوته الهادي.
" كل من رايته اليوم يا ابتاه كنت أرى مشاعره نواياه شكل طاقته لكن انت...."
" مذا هناك اكمل ؟؟"
اكمل زاراثوس " انت لااستطيع رؤية مشاعرك ابدا ولا نواياك وحتى طاقتك غير ضاهر ولااستطيع معرفتها كنت عبارة عن شكل بشري ذو أقدام و يدين و راس لكن كنت ارا كلك اسود"
أجاب فنغ ببساطة " انه فقط بسبب الفرق الكبير بيننا في القوة"
لم يكن بريد فنغ أن يخبر زاراثوس بالحقيقة أن فنغ يعتبر ميتا لامشاعر ولا اي شي.
"زاراثوس... قريبًا، سيأتي أخوك الأكبر إلى هنا."
توقف زاراثوس عن تناول شرابه، وحدّق في عيني والده بشغف:
"أخي؟!"
"نعم... إنه تلميذي، وأثق أنه سيكون رفيقك."
قفز زاراثوس من الفرحة، يدور حول الطاولة بحماس الطفل الذي طالما انتظر من يملأ وحدته.
"أبتاه... ما اسمه؟ ما اسم أخي الأكبر؟"
نظر إلى اللهب المشتعل في الموقد.
"اسمه... أوريان."
بعد تلك اللحظات الدافئة، خيّم الصمت على الكوخ، ولم يبقَ سوى صوت الحطب المشتعل وهو يتكسر بهدوء في الموقد.
تثاءب زاراثوس وهو يتكئ على كتف فنغ، ثم قال بنبرة ناعسة:
"أبتاه... هل سيأتي غدًا؟"
ربت فنغ على رأسه بلطف وهمس:
"سيأتي حين يكون الوقت مناسبًا... الآن، عليك أن ترتاح."
أومأ زاراثوس برأسه، وتوجه إلى فراشه الصغير في الزاوية، بينما بقي فنغ لحظة يتأمل نار الموقد، وكأن أفكاره غارقة في ما هو قادم.
وأخيرًا، نهض بهدوء واتجه إلى فراشه، ومع انطفاء آخر شرارة من النار، غرق الكوخ في سكون الليل... وقد خلد الاثنان إلى نومٍ عميق.