سلام عليكم ورحمة الله وبركاته اسف على تأخير بسبب انه كان عندي امتحانات و ان شاء الله لن اغيب مرة اخرى
________
بدأت أنفاس لينا تتسارع، وركبتيها تخونانها شيئًا فشيئًا.
وضعت يدها على الحائط لتتوازن، لكن الحائط لم يكن كافيًا ليمنع جسدها من الانهيار.
شعرت بأن الأرض تميد تحت قدميها، وأن الغرفة بأكملها تدور.
تشين، الذي كان يقف خلفها بقلق، أسرع نحوها محاولًا الإمساك بها قبل أن تسقط. سألها بلهفة وهو يضع يده على كتفها:
"لينا… ما بكِ؟ ما الذي حدث؟"
لم تستطع الرد فورًا، كانت شفتاها ترتجفان وعيناها تحدّقان في الأحذية كأنها لا ترى شيئًا سواها.
بعد لحظات، أشارت بأصبع مرتجف نحوها وقالت:
"أحذيته… أحذية فنغ… أحذية الخارج فقط هي هنا… لا أثر لأحذية المنزل…"
حدّق تشين في المكان الذي تشير إليه، ثم عاد بنظره إليها متسائلًا، لكن قبل أن ينبس بكلمة، تابعت لينا وقد بدأت تنهار:
"هذا يعني أنه دخل المنزل… ولم يخبرنا… ولم يشعر به أحد…"
ثم صمتت لحظة قبل أن تضرب صدرها براحتها مرة… ثم مرة أخرى… وهمست بنبرة اختلطت فيها الدموع بالذنب:
"رآني… رآني وأنا… وأنا… معك…"
أخفض تشين نظره، وتراجع خطوة إلى الوراء دون أن ينبس ببنت شفة.
الكلمات كانت ثقيلة عليه، لا يعرف بماذا يجيب، ولا كيف يُهدّئ عاصفتها.
أما لينا، فنهضت ببطء، وكأنها تسير وسط أنقاض روحها، وتوجهت نحو الباب الخارجي بخطوات مترددة.
يدها امتدت إلى المقبض، لكنها توقفت، جسدها كله يرتجف، قلبها يكاد ينفجر من الخوف.
همست بصوت بالكاد يُسمع:
"فنغ… إلى أين أخذتها…؟
كانت الصدمة قد سلبت من لينا توازنها، بينما ظل شين واقفًا في مكانه يراقبها بصمت، يتردد بين التقدم نحوها أو تركها لتهدأ بنفسها.
في تلك اللحظة، التفت نحو صديقة لينا التي كانت لا تزال في المنزل، نظراته الحادة تحمل شيئًا من الرجاء والتوجيه.
قال بصوت هادئ لكن حازم:
"من الأفضل أن تغادري الآن… الوضع لا يحتمل وجود أحد غيرنا."
ترددت للحظة، لكنها أدركت جدية الموقف، فأومأت برأسها بصمت، واتجهت نحو الباب وغادرت، تاركة خلفها جوًا مشحونًا وثقيلًا.
وما إن أُغلق الباب خلفها، حتى التفت شين ليجد لينا قد وقفت مجددًا، وعيناها تلمعان بنارٍ مختلطة من الذعر، الألم، والخذلان.
لم يكن أمامه سوى أن يهمس باسمها:
"لينا…"
لكنها لم تنتظر، انطلقت نحوه فجأة بعنف لم يتوقعه. دفعت صدره بكلتا يديها، صرخت، دموعها تنهمر بحرارة، كلماتها ترتجف من فرط الألم:
"لماذا لم تمنعني؟ لماذا تركتني أغرق؟ أنت من بدأ! أنت من كان يجب أن يبتعد!"
حاول أن يمسك بيدها، أن يهدئها، لكنها سحبت نفسها بقوة، وصفعته على وجهه دون أن تفكر.
لم تكن الضربة قوية، لكنها حملت ثقل كل ما بداخلها.
شهقت وهي تنظر إليه، وكأنها ترى فيه انعكاسًا لخيانتها:
"بسببي… …"
انهارت مجددًا على الأرض، تمسك شعرها وتنتحب، بينما ظل شين واقفًا أمامها عاجزًا، لا يعرف ماذا يفعل، ولا كيف يكفر عن لحظة واحدة، غيّرت مجرى كل شيء
انطلقت لينا مباشرة وبسرعة نحو المطبخ و خطواته تتعثر وحدة بواحدة تبعها تشين وهو قلق عليها.
بمجرد أن وصلت لأماكن الصحون و الأطباق وكل المواد ، أمسك شين بكتفها وأراد تهدئتها لكن فجأة التفت بقوة وغرست فيه سكين في كتفه.
الصدمة...هي فقط من يصف شعور شين كان هذا اخر شيئ يتوقعه.
نزعت لينا سكين بقوة لتنطلق صرخات شين في كل مكان.
لكنها لم تكتفي بذلك بل غرست سكينها مرة أخرى واخرى واخرى.. في كل مكان في جسمه كانت تطعنه في وجهه في بطنه في كل مكان.....
بعد أن انتهت لينا من فعلتها، استنزفها الإنهاك، فقد كانت تنهال بالطعنات بجنون على جسد تشين، حتى لم تعد تميز كم مرة طعنته.
كانت أنفاسها تتسارع، وجسدها يرتعش، وهي لا تزال جاثية فوقه، تمسك السكين بيد مرتجفة مغطاة بالدماء.
نظراتها كانت زائغة، غارقة في دوامة من الصدمة والندم والذهول.
وفجأة، وبينما هي على تلك الحالة، ظهرت أمامها… نسخة مطابقة لها تمامًا.
كانت تقف عند مدخل المطبخ، تحدق بها بصمت، بشعر منكوش ووجه يكسوه الحزن والذهول.
نسخة تشبهها حد التطابق، كأنها مرآة خرجت من مكانٍ ما لتقف أمامها، لتقول ما لم تقدر هي على قوله، أو لتُريها ما لم ترد أن تراه.
فجأة تحولت نظرات لينا إلى شيء أكثر حدة، نظرات يغمرها الحزن والغضب والخذلان، فيما كانت الدموع تنساب من عينيها بصمت لا يحتمل.
حدّقت في الشبيهة الواقفة أمامها، ثم شهقت بشدة، وكأن شيئًا ما انكسر داخلها، وقالت بصوت متهدج:
"أنتِ... أنتِ السبب في كل هذا... لو لم تكوني موجودة... لو لم تكوني..."
قالت كلماتها تلك وهي تشير إلى شبيهتها، لا تعرف إن كانت تهاجم ذاتها، أم ظلالها، أم وهمًا خرج من أعماق عقلها المنهار.
لكن الشبيهة لم تُظهر أي تعاطف، بل اكتفت بابتسامة مائلة، مليئة بالسخرية والخبث، وقالت بهدوء بارد:
"وما دخلي بكِ؟ أنا لم أفعل شيئًا... أنتِ من اخترتِ... أنتِ من انكسر... أنا فقط ملتزمة بالوعد لاأكثر."
صمت ثقيل خيّم على المكان، كأن الهواء توقف، وكأن الزمن تجمد عند تلك اللحظة التي انكشفت فيها ذات لينا أمام نفسها.
كانت الشبيهة التي ظهرت أمام لينا ليست خيالاً... لم تكن وهمًا ولا تجليًا من عقلها الممزق، بل كانت الحقيقة التي خبأتها عن العالم – توأمها.
توأمها التي تشاركها كل شيء:
الشكل، الصوت، النظرات، وحتى الألم. لكنها كانت ظلًّا… ظلاً اتفقتا على ألا يراه أحد.
في الماضي، اتخذت الأختان قرارًا جريئًا وغريبًا.
لسبب غامض، قررتا أن تعيش واحدة فقط في النور… في العلن.
بينما تختفي الأخرى في الظل، لا وجود لها إلا خلف الجدران، في الزوايا، وفي كل لحظة لا يراها أحد.
لكن الاتفاق لم يكن كاملاً من طرفٍ واحد، بل كان مشروطًا:
التي تعيش في الظل تُلبى طلباتها، تنال ما تشتهيه عبر الأخت الظاهرة.
كانت تلك حياة مزدوجة… لا أحد يعرف سرها، حتى فنغ لم يكن يعلم ولا اي شخص بأن لينا لم تكن واحدة
ومن بين الطلبات التي فرضتها شقيقة لينا، التي كانت تعيش في الظل، أن تكون هي من تمارس الحب مع شين.
وبذلك، فإن المرأة التي رآها فنغ مع شين لم تكن لينا الحقيقية.
أما ما سمعه فنغ من أن ينغ ليست ابنته البيولوجية، فلم يكن سوى خطأ في الفهم. في الواقع، ينغ هي ابنته من صلبه.
لكن شين، الذي كان على علاقة بشقيقة لينا، لم يكن على علم بوجود شقيقتين، فظن أن من كان معها هي لينا نفسها.
وعندما أنجبت لينا الصغيرة ينغ، اعتقد شين أنها ابنته هو، وليس ابنة فنغ.
كل هذه الملابسات كانت نتيجة الخداع والتمثيل المحكم من قبل شقيقة لينا
تقدّمت شقيقة لينا ببطء نحوها، خطواتها الواثقة تقطع الصمت الثقيل في الغرفة.
كانت الأرضية تئن تحت قدميها، والهواء مشبع برائحة الدم والندم.
وصلت أمام لينا المنهارة، وانحنت قليلًا حتى قابلت عينيها.
قالت بنبرة منخفضة تحمل مزيجًا من العتاب والتهكّم:
"لماذا؟ لماذا قتلته يا لينا؟… أنت تعلمين جيدًا أنك السبب الحقيقي في كل هذا."
كان اسم شقيقة لينا هو ليورا.