بعض الناس يؤدي بهم بحثهم عن الكمال و المثالية إلى هلاكٍ و سقوطٍ محتوم!

أولئك الأشخاص الذين وُلِدوا و حياتهم مسطرة و محكومة من قبل أهلهم و مجتمعهم، يولدون مع واجبات و تحديات أكبر من أقرانهم فقط لأن ذويهم و من عاشوا قبلهم كانوا أفضل من اقرانهم، لذلك تستمر تلك الحلقة المفرغة التي لا مفر منها ولا يمكن سوى لمن كُتِبت عليه طريقة العيش هذه ان يسايرها و لكن ستكون هناك دائما فجوة، سيخطأ أحد الأجيال و هل هذا خطأه! و حتى إن حاول مجددا و فشل ما المقصود بهذا؟ هل هذا عقاب او ربما تحدي.. او انه مجرد حظ سيء...

في ذلك الكوخ الخشبي القديم والمتهالك و وسط تلك الغابة الصنوبرية التي بدت و كأنها متاهة من الاشجار حاول دانيال النوم و تلك الافكار و الاسئلة تزور خاطره و تفكيره من حين لآخر، لكن النعاس كان المنتصر الأكبر فهو لم ينم ليومين متتالين بعد أن كان يتلوى من الحمى و غارقا في عرقه المحموم و ذلك الصداع الذي لا يحتمل طوال تلك المدة، لكن و بينما بدى ان عينيه استسلمت للنعاس سمع طرقاً بدا كما لو انه صوت حديد يضرب الاخر مما افزعه و قفز به خارج الكوخ لمعرفة مصدره. بمجرد خروجه من الباب اكتشف المصدر.. لقد كان رجلا عجوزا يطرق على على قطعة من الحديد بمطرقة ببراعة و يدخلها لفرن مشتعل و يخرجها بسرعة مثل أمهر حداد، لقد عرفه دانيال فهذا العجوز هو من انقذه قبل يومين عندما كان ملقى على جانب النهر يتلوى من الألم واحضره لكوخه قبل يومين، حسنا لقد كان يعرفه ولا يعرفه! فمنذ التقاءه لم يلقيا التحية على بعضهما حتى.

"الا يمكنك ان تطرق بهدوء احاول النوم قليلا لو سمحت"

العجوز و هو يستمر في الطرق: "لا يمكنني فهذا ليس بيدي و ايضا انه منتصف النهار، لا يمكنك البقاء نائما على السرير طوال اليوم"

انزعج دانيال من ردة فعل العجوز اللا مبالية، رغم ذلك فإن حديثه معه اعطاه صورة اوضح عنه فهو لم يلحظه جيدا قبلا كونه لم يستطع حتى تمييز النهار من الليل من كثرة الألم، فقد كان رغم كبر سنه الظاهر على ملامحه إلا انه كان يبدو واسع البنية و كتفه كالثور و يده المليئة بالخدوش الممسكة بالمطرقة تطرق على الحديد بثبات و تناغم مثالي كما لو انه الة مصممة لذلك!

"حسنا هل يمكنك ان تخبرني على الأقل أين انا؟!"

"انت في بيتي" بهذا الرد البسيط اجابه العجوز و هو لم يتوقف عن الطرق حتى.

احس دانيال بسخرية العجوز منه و لكنه تمالك اعصابه و استمر في سؤاله: "و بيتك! أين يقع بالضبط؟ هل تستطيع اخباري بهذا؟ "

العجوز: "اجل... انه يقع وسط هذه الغابة التي تراها امامك"

شعر دانيال بالمغص و الاهانة و ما زاد غضبه طرق العجوز المستمر الذي بدا كأنه يطرق على رأسه المليء بالأسئلة التي لم يجد لها جوابا مقنعا و بعد بضع طرقات اخرى فقط انفجر دانيال غضبا في وجه العجوز قائلا: "هل يمكنك ان تتوقف عن طرق هذه القطعة اللعينة الذي لا يسبب سوى الصداع مثل الحديث معك، هذا لا يساعدني و انت لا تساعدني"

توقف الطرق فجأة و رفع العجوز عينيه الشاحبتان و ابتسم و قال: "كيف اساعد شخصا غريبا لا اعرف حتى اسمه؟!، ألا يكفي انني قمت بإيوائه و علاجه بدون مقابل؟!" و عاد للطرق

فكر دانيال في هذا جيدا و لم يجد ردا مقبولا فقد كانت حُجة العجوز مقنعة لذلك قال دانيال: "حسنا سأخبرك بكل شيء.. "

~~~~~~~~

"بعد عاصفة الابعاد التي اجتاحت الارض قبل قرون مسببة شقوقا بينها و بين احدى الابعاد المسماة " ازميريا " استطاعت من خلالها كائنات سماوية و سحرية العبور للارض كالتنانين و الغيلان و العفاريت و غيرهم مما كانوا يعتبرون خرافات و قصص ما قبل النوم قبل وقت وجيز من تلك الحادثة، و لكن كان أسوء تلك المخلوقات هيا الشياطين التي كانت تحت حكم ملكهم و عاشو فسادا وصالوا رعبا على" ازميريا "منذ وجودهم عليها.

منذ بدء العاصفة تمت تصنيف تلك المخلوقات و الكائنات حسب قوتها و كان البشر يقعون اسفل هرم القوة هذا، و السبب كان واضحا و هو افتقارهم لشيء اسمه " الكاي ".

الكاي: هي نوع من الطاقة الداخلية التي تولد مع الكائن الحي و نوعها و سعتها تكون محدودة مسبقاً منذ ولادته و بالتالي القوة التي يمكن للكائن الوصول اليها قد حُدد سقف مداها.

و لكن رغم ذلك استطاع بعض البشر امتلاك الكاي و قاموا بتطويرها و توريثها للاجيال التالية و مع مرور الوقت اصبحت شيئا معقولا رؤية انسان يحمل طاقة كاي كافية لقتل تنين سماوي، و قد تزامن هذا التحول في سلم القوى بزيادة قوة و جبروت ملك الشياطين في " ازميريا ".

لم يكن امام سكانها إلا طلب العون من الارض و قد استجاب سكان الارض خوفا من ان يقود الجشع المستمر بالشياطين الى الارض، و فعلا ارسلت الأرض اقوى انسان كان لديها و هو * هينغ لو * و بقيادته لجيوش ازميريا المكونة من مختلف المخلوقات و بعد حرب شرسة طاحنة تمت هزيمة ملك الشياطين و دحر سيطرته المطلقة، احتفلت المخلوقات سواءا في ازميريا او الارض بنصر هينغ لو العظيم، و لكن رغم ذلك كانت قوة الملك اكبر من ان يتم قتله فقد كان يظهر كل 30 سنة اشارات على ظهوره مجددا و كطريقة للاحتراز و كمكافئة ايضا قامت ازميريا بإنشاء 8 اكاديميات لتدريب محاربي الكاي على الارض و نقل خبرتهم إليهم و هيا:

[اكاديمية ناب التنين: الصين و ما جاورها]

[اكاديمية عرين الاسد: افريقيا]

[اكاديمية عين الصقر: الشرق الاوسط]

[اكاديمية زهرة اللوتس البيضاء: اليابان]

[اكاديمية الرمح الفضي: جنوب اوروبا]

[اكاديمية الصقيع الاسود: روسيا]

[اكاديمية غابة القمر: امريكا الجنوبية]

[اكاديمية التاج المقدس: اوروبا و امريكا الشمالية]

كان لكل اسم مغزى معين و مقصده الخاص فمثلا اكاديمية الصقيع الأسود اطلق عليها هذا الاسم لأن البطل روسيا القومي و مؤسس الأكاديمية" ادلوف بولت " كان يستخدم الصقيع الاسود الذي تعلمه من الايلف (الجن) في قتالاته.

و في كل 30 سنة مع بوازغ ظهور ملك الشياطين كان يتم اختيار محارب من كل مدرسة ليتم نقلهم الى ازميريا لمنع حدوث الفاجعة... "

كانت هذه جزءا من محاظرة مانويل جاكسون في اكاديمية التاج المقدس في لندن الذي كان من حين لاخر يلقي بنظره للمقعد الخلفي في زاوية الفصل حيث يقبع طالب نائم يمكن للمرء سماع صوت شخيره الخافت... اجل لقد كان هذا الطالب هو دانيال!

2024/01/24 · 68 مشاهدة · 980 كلمة
نادي الروايات - 2025