تخيل أن تُقَيد بهدف طوال حياتك و تُكرس نفسك له، ثم بعد ذلك يتم ببساطة أخذه بكل سهولة من شخص لم يهتم له أصلا!

الكل كان في صدمة و ذهول بعد معرفة ان المختار من الأكاديمية ليس دانيال. بل ليس حتى عضوا فيها! انتشر خبر "صاحب الختم الغير المتوقع" كالنار في الهشيم و بالمقابل تزامن مع انتشار خبر "نكسة عائلة ايزنبورغ". بينما حاولت اكاديمية التاج المقدس معرفة كيف حدث هذا و فكرت في إجراء اختبارات قبل إرسال الفتاة الى ازميريا لمعرفة مدى جاهزيتها و لكن المدير رفض اي من هذا و قال:" لا يمكننا التشكيك في اختام وقرارات 'هينغ لو'، بل علينا ارسالها بأسرع وقت لأننا تأخرنا بالفعل و المعنيون في ازميريا ينتظرون".

قامت الأكاديمية بالطقوس و نقلت الفتاة و عادت الامور لتسير كالمعتاد... حسنا تقريبا! لأن الكل قد كسر فكرة الرقم واحد في الأكاديمية و تم نسيان دانيال و تقزيمه بل و حتى الغضب منه و لومه ولكن الاسوء هو ما فعله دانيال بنفسه هو!!

كان قد مرت 3 أشهر تقريبا على تلك الحادثة، و الكل لاحظ مدى انكسار دانيال و تأثره بتلك النكسة، فلم يستطع تجاوزها كما كان يظهر عليه. كان يمضي اغلب الحصص في النوم و باقي الوقت في مكان منعزل و يتجنب قتال الوحوش و خصومه في النزالات. الكل قد شعر باليأس منه حتى عائلته قد فكرت في التبرأ منه و نزع لقبه الذي أهانه حسب رأيهم... الكل ما عدا شخصا واحدا و هو المدير!

كان المدير دائما ما يطلب من البروفيسور مانويل دعمه و الاهتمام به و لكن لا جدوى فهو لا يبدي اي تقدم يذكر بل حالته تسوؤء.

مع رنين جرس انتهاء الحصة رأى البروفيسور قيام دانيال السريع من مقعده بعد نومه الجميل و خرج مسرعا من القاعة. لم يستطع مانويل سوى التنهد و الشعور بخيبة امل و تمتم قائلا: "أعتذر ايها المدير، و لكن دانيال حالة ميؤوس منها"

غادر دانيال بسرعة و رغم انه لم يغفل عن نظرات استغراب زملائه و الاساتذة له، لكنه لم يهتم و ذهب لركن منعزل في احدى بنايات الأكاديمية.

اعتقد الكل ان دانيال قد غرق في اليأس و لوم الذات بسبب عدم تعامله و تقبله لنكسته، و لكن هو كان يعرف أكثر من غيره انه لم يهتم أساسا لهذا الحدث، و سبب كل ما يحدث هو ببساطة شيء حدث له قبل اسابيع كان يخفيه عن الكل!

لقد ظهر ختم على ظهر يده!

اجل حتى ظهر ختم تاسع و كان يعرف أكثر من غيره أنه حقيقي كون شغل حياته بدراسته و لكن لم يستطع التصديق، لانه لم يسبق ان كان هو هناك ختم تاسع في تاريخ الكاي!

شعر دانيال ان القدر كان يعلمه درسا و هو انه قد أخذ منه هدفه و لكن اكرمه بهدف أعلى و أسمى. كان سيدخل التاريخ، و رغم هذا لم يخبر اي شخص ولا حتى عائلته، فقد ادرك بعد الحادثة الاولى ان الكل تخلى عنه في اولى تعثراته لهذا لم يرد ان يشارك احدا سعيه هذا بل اراد رؤية الندم و الاعتذارات بعد رؤية نصره. و لهذا امضى أغلب وقته في البحث عن مكان الطقوس المخصص للنقل و درس كيفية صناعة تعاويذ الانتقال و لهذا كان ينام في الفصل لسهره المتأخر في البحث عن سبيل تحقيق هدفه.

و فعلا. أتقن دانيال التعاويذ و عرف مكان الطقوس، لقد كانت خلف باب سري في مكتب المدير. اتت اللحظة الحاسمة و تسلل دانيال ليلا الى المبنى الرئيسي للاكادمية و كان سهلا لشخص مثله فهو "دانيال ايزنبورغ" في النهاية.

دخل دانيال الى مكتب المدير و لاحظ ان الباب السري مفتوح اصلا! لم يشغل نفسه في التفكير بل دخل بسرعة. كان يتوسط الغرفة تمثالا "هينغ لو" و على جدرانه رسومات و نقوش. نظر دانيال للتمثال لبرهة ثم قال: "انت كنت السبب في كل هذا ايها الاصلع الغبي"

رسم دانيال خطوط التعويذة وسط الغرقة ثم أظهر الختم على ذراعه و بدأ بقول التعاويذ الذي كان من المفروض بعد انتهاءه ان تظهر نار حمراء في وسط الغرفة ليعبر خلالها الى ازميريا. انتهى من قراءة التعاويذ... لكن لم يحدث شيء!

احمر وجه دانيال غضبا و انفجر بالصراخ و انفعالاته لم تُصَدق و لم يجد من يلقي اللوم عليه سوى تمثال هينغ لو!

"هل انت جاد؟ هل هذا هو كل شيء؟ هل أبدو لك نكتة أو مسخرة؟!، كرست حياتي من أجل الحصول على أختامك الغبية و من أجل المشاركة في حروبك السخيفة. لم أستطع ان اخبر احدا اني لا أريد هذا و لكن استمريت في فعله و في الاخير هذا ما احصله عليه"

بعدها لاحظ دانيال أن الختم على يده بدأ بالتوهج ثم ظهرت نار زرقاء في كل الغرفة، أصيب دانيال بالرعب و حاول الخروج دون أن يحاول فهم ما يجري، و لكن تلك النار بدت كما لو انها تلاحقه!

لم يستطع دانيال الهروب و احاطت به و كل ما كان يستطيع فعله قول كلام عبثي: "ارجوك انا اعتذر منك ايها التمثال على إهانتك ارجوك لا تقتلني، انا اسف أنا اسف انا اس..." بعدها ظهر كما لو ان النار الزرقاء ابتعلته.

~~~~~~~~~~~~

دانيال يكمل سرد قصته للعجوز: "ثم بعد ذلك استيقظت لأجد نفسي في ازميريا على ما يبدو و..."

توقف العجوز عن الطرق مما جعل دانيال يسكت و يستغرب!، ثم نظر الى دانيال و هو يرفع حاجبه: "ايها الفتى لا أريد تكذيبك.. و لكن انت لست في ازميريا! انت في زافيلاند"

شعر دانيال ان سمعه قد تضرر بفعل طرق العجوز المستمر و قال:

"عفوا لكن يبدو اني لم اسمعك جيدا، كرر ما قلت"

"لقد سمعتني انت لست في ازميريا ولا يوجد شيء اسمه كاي هنا أو ملك الشياطين أو أي شيء من الترهات التي قلتها"

"الحياة جميلة حقا... "

2024/01/24 · 38 مشاهدة · 876 كلمة
نادي الروايات - 2025