كان العجوز يمشي بخطوات بطيئة لكن ثابتة للخارج، لحق به كل من هيونا و دانيال حيث كان ينتظرهم في الخارج 3 رجال كان كما يبدوا ان الصراخ صادر منهم. تقدم العجوز إليهم، شعر دانيال بالقلق يتسلل إليه حيث همس الى هيونا: "هاي، هل سيكون العجوز بخير؟، يبدون خطيرين"
"اقلق على نفسك أيها الفتى، فجدي أقوى مما يبدو عليه"
نفخ دانيال الهواء من فمه و تأفف و قال: "خسارة كنت أنتظر أن يتم إبراحه ضربا حتى استمتع"
"مهلا!، ماذا قلت؟"
"لا شيء لا شيء، انظري جدك يتحدث معهم"
كان العجوز يكلم احدهم و الارجح قائدهم حيث قال
"ألم أخبركم ألا تأتوا الى الكوخ، هذا سيكشف موقعي ايها الحمقى"
"لا يهمني هذا، الاهم هو انك تعرف كم تأخرت في دفع ثمن سكوتنا، أم ان الشيخوخة اثرت عليك و نسيت"
"لا لم انسى هذا ايها الولد الشقي، بل قررت انكم لن تحصلوا على عملة واحدة بعد الان" ابتسم العجوز ابتسامته المستفزة التي دائما ما تثير أعصاب دانيال و يبدو انها نجحت مع هؤلاء الدخلاء.
"حسنا أيها العجوز يبدو انك لا تملك المال على ما يبدو، لكن لا بأس نحن نتفهم وضعك لذلك سنرضى بتلك الفتاة التي هناك" أشار بيده الى هيونا و عيونه المنحرفة تفحص جسدها.
لم يستطع دانيال و هيونا سماع حديثهما كونهما بعيدين، صمت العجوز و حدق في الأرض، ضحك الرجل و إلتفت إلى صديقيه و يقول: "يبدو انه يفكر في عرضنا"، قبل ان تأتيه لكمة على وجهه دحرجته على الأرض،
" تبا لك، هذا مؤلم، هل تعرف ماذا فعلت الان؟ ستندم اعدك"
"ههه صدقني لا أحد سيندم غيركم هنا، سأجعلك تتمنى لو انك لم تفكر في ذلك حتى"
انطلقت هالة مخيفة من العجوز جعلت دانيال يوجه قلقه على اولئك الرجال الثالثة، لكنهم لم يشعروا بالخوف مطلقا و احاطوا بالعجوز في دائرة.
فجأة اشتعلت يد أحد الخصوم و انطلقت ألسنة اللهب و كرات النار ناحية العجوز، لكن العجوز كان يتملص منها بمهارة و هذا ما جعل الاخر يشارك و يقذف ما يشبه خناجر جليدية من العدم و أما الثالث فظل يراقب فقط و ينتظر شيئا ما.
فتح دانيال فمه لِما يراه،رغم أنه كان معتادا على رؤية انسان يحطم جداراً بيده،و مشاهدة الغوبلن و التنانين و اغرب المخلوقات و لكن لم يسبق انشاهد شيئا مشابها لما يراه امامه الان.
"هذا أشبه بالسحر"
"بل هو سحر أيها الابله، فقط شاهد لتندهش اكثر"
ردت عليه هيونا و هيا تراقب القتال بشغف، لم يرد دانيال عليها بل شاركها المشاهدة من مكانهما.
رغم كل الهجوم الكثيف إلا ان العجوز كان يتفادها و يضحك مما اثار استفزاز خصومه.
"كيف يتجنبها؟ من المفترض ان يحترق هذا العجوز بسحري قبل وقت طويل" قالها صاحب النيران و هو يعض شفته.
ليتفاجىء بأن العجوز اقترب منه بخطوات قليلة لكن سريعة لم يقدر مجاراتها و يركله قاذفا به في الهواء.
"كيف لم تتجنبها؟، من المفترض ان ركلتي ضعيفة هاهاها"
كان العجوز يطلق مختلف الاهانات المستفزة. مما جعل خصومه يفقدون تركيزهم و هذا ما سهل عليه قتاله.
فجأة و بينما هو يقفز يلمح سلاسل حديدية تلتف على قدمه و تمسك بها. ضحك قائدهم الذي كان يمسك بطرف السلاسل الاخر و قال بكل غرور
"هاهاها ما رأيك الان؟ هذه تعوذيتي [سلاسل الإخضاع] انها تمتص المانا و تضعف كل ما يلمسها"
ثم استدار إلى صاحبيه اللذان كانا مرهقين من ضربات العجوز لهما و صرخ في وجهه
"ايها الأحمقان، ما فائدة التعاويذ إذا لم تستخدماها، هل علي القيام بكل شيء"
نهض الشابان و قد تغيرت هالتهما إلى ما ينذر بالخطر الشديد،عندها قال أحدهم بصوت مخيف
[أعمدة الصقيع]
لتتشكل أعمدة ثلجيو عملاقة صارت تلاحق العجوز الذي نزع عن قدمه السلاسل بحركة خفيفة. لم يتأخر صديقهم الثالث لينطق تعويذته بدوره
[حلبة الجحيم]
لتنطلق ألسنة من اللهب لتصطدم بالارض مؤدية إلى اشتعالها. كان دانيال يبلع ريقه من هذا المنظر المهيب!
من جانب، بدأ العجوز في حركة متناغمة و سريعة محاولا تفادي تلك الهجمات بمهارة لا تصدق. العجوز في مواجهة الحديد و النار و الجليد!
لاحظ دانيال ان العجوز بدأ يتعب و عرف انه تأثير تلك السلاسل الحديدية.
"إنه مذهل! لكن لا أظن انه سيصدم طويلا إذا استمر الوضع، ألا يجب ان نتدخل؟!" ظهر الخوف جليا على دانيال و هو يوجه سؤاله لهيونا.
هيونا ظلت صامتة و تراقب فقط مما جعل دانيال يظن انه أكثر من الثرثرة و يجب ان يسكت.
بينما تواصلت المعركة، بادر صاحب السلاسل بكل مهارته و تمكن من ربط العجوز بها بإحكام.
كانت كإشارة لصاحبيه ان يستدعول لإطلاق هجومهم الاخير.
أحكمت السلاسل بكل قوتها على العجوز حتى لا يتحرك و اقتربت أعمدة الجليد و ألسنة اللهب نحوه، لا مفر له الآن.
في تلك اللحظة بالذات لاحظ دانيال ان العجوز يبتسم، قال في نفسه مستغربا:
"يبتسم؟! في وقت مثل هذا؟، انه فعلا غريب"
صرخ العجوز و قد لاحظ استغراب دانيال:
"أيها الفتى، قلت انك وصلت لقمة الجبل و سقطت؟، اذا كل ما عليك هو الابتسما و الصعود من جديد فقط"
ثم نطقت شفتاه بكلمات تبعتها هالة مرعبة
[المصير المتقلب]
مباشرة انبثق وهج أبيض ساطع في كل الاتجاهات، كان الضوء ساطعا لدرجة ان دانيال اغمض عينيه لحمايتهما ثم ساد الصمت، بعد ثواني من زوال الوهج و عودة بصره جاءت الصدمة و فتح دانيال فمه بكل اتساع.
كان الدخلاء الثلاثة مستلقين على الارض و متشبعين بدمائهم و كدماتهم.
و أما العجوز؟... فقد كان واقفا شامخا يبتسم ابتسامته المعهودة كدليل على نصره.
"ارحلوا قبل ان اقتلكم" قالها العجوز بدون مبالاة.
حمل الثلاثة اجسادهم بصعوبة و هم يزحفون بعيدا.
عاد العجوز الى حيث يقف هيونا و دانيال. كان لا يزال فم دانيال مفتوح قبل ان ينظر الى العجوز و عيونه تلمع مثل الطفل و قال:
"أيها العجوز، علمني القتال هكذا ارجوك"
"أظنني سأندم على انقاذك أيها الفتى، مهلا! انا نادم بالفعل"